عرض مشاركة واحدة
قديم 11-09-2010, 12:15 AM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي




الصراع مع إسرائيل صراع فريد من نوعه، فوجود هذا الكيان الصهيوني في قلب الأمة العربية والإسلامية، بالإضافة إلى نهجه الاستيطاني والإرهابي، جعل من طبيعة الصراع التنوع والاختلاف، فهو ليس صراعا يمكن حسمه في جولة واحدة من حرب طالت أو قصرت، بل هو صراع تتنوع فيه الأدوات والوسائل التي تحقق هدف طرفي الصراع، وهذا الصراع يمكن أن يكون على شكل حروب نظامية بين جيوش دولتين أو أكثر، كما حدث في حروب أعوام 1956 و1967 و1973، ويمكن أن يكون بين جيش الاحتلال والتنظيمات المسلحة المقاومة، ومن هنا جاءت الحرب الأخيرة على لبنان في يوليو 2006. فمنذ أن انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000م، وهى تشعر بالمذلة والمهانة من أن حزبا سياسيا يحمل السلاح دفاعا عن أرضه استطاع أن يقف وجها لوجه أمام جيش يقول عن نفسه أنه "جيش لا يقهر"، واستطاع أن يسبب صداعا دائما في رأس كل من يتولى الحكم في إسرائيل. ومنذ الانسحاب الإسرائيلي من لبنان ازدادت القوة المعنوية والتسليحية لحزب الله، في ذات الوقت الذي ازداد فيه القلق من تنامي هذه القوة لدى الصهاينة وقادة إسرائيل، غير أن هذا القلق كان يتم ترجمته في عقول حكام إسرائيل بأنه يمكن القضاء عليه بوسيلة واحدة هي "القوة"، فهذه هي الوسيلة الوحيدة التي يفهمها هؤلاء القادة، فمنذ أن بدأ التفكير في زرع هذا الكيان لم يكن في جعبتهم سوى "القوة" لتحقيق أغراضهم، مستعينين بقوى الاستعمار السابقة والحالية، والتي كثيرا ما نجحت في تحقيق أهدافهم من خلال استخدامهم لهذه القوة، لكن هذه المرة اختلف الأمر.. ولم يستطع قادة إسرائيل أن يديروا معركة القوة، أو أن يحققوا أهدافهم. لقد دخلت إسرائيل الحرب على لبنان وهى تعتقد أنها منتصرة لا محالة، فليس هناك مقارنة تذكر بين آلة الحرب الإسرائيلية وتسليح حزب الله، والذي ظنوا أنه مهما يبلغ من قوة فلن يستطيع الصمود أمام جبروت الآلة الإسرائيلية. ورغم أن هذا العدوان كان مبيتا له من قبل، ولكنهم كانوا ينتظرون فقط التوقيت المناسب لدفع آلتهم الحربية للقضاء على حزب الله والمقاومة في جنوب لبنان، لكن حزب الله فاجئهم بالفعل، فكان لابد من رد الفعل، وهذا جزء من نجاح حزب الله، فصاحب المبادرة دائما هو المنتصر، ومن يقوم برد الفعل غالبا ما يكون أداؤه أقل من المتوقع، وهذا ما كانت إسرائيل تستخدمه دائما في صراعها مع العرب، فكانت تضعهم دائما في موقف رد الفعل والدفاع المستمر، ولكن هذه المرة جعلها حزب الله في موقف رد الفعل، الذي تخيلت أنه رغم ذلك تستطيع تحقيق النصر بسهولة، وهو ما جعلها تشن حربها فقط بعد يومين من اختطاف الأسيرين الإسرائيليين. ودارت رحى الحرب لمدة ثلاثة وثلاثين يوما، في حرب كانت إسرائيل تعتقد أنها لن تتجاوز عدة أيام، وكان كل يوم يمر على هذه الحرب يكبد إسرائيل مزيد من الإخفاقات والفشل والخسائر على كل مستويات الحرب. فكيف خسرت إسرائيل الحرب على لبنان؟ وهل كانت الخسارة بالفعل أكبر مما توقعت؟ هذا ما سنرصده في هذا الكتاب عبر نواحيه المتعددة، ليس على المستوى الحربي فقط، ولكن على جميع المستويات الأخرى: الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والسياسية والإعلامية. غير أننا نود أن نلفت نظر القارئ، أن هذا الكتاب لا يبحث في الجوانب المختلفة للحرب، ولا يرصد كل ما حدث فيها، فلسنا هنا في مجال بحث الجرائم الإسرائيلية التي ارتكبتها في الحرب، فهذا معلوم للكافة، وما ترتكبه من جرائم ومذابح على مدار تاريخها يحتاج إلى كتاب مفصل – ندعو الله أن يعينني أن أتمه – كما أنه في هذه الحرب تحديدا كان واضحا للعيان. وما يهمني في هذا السياق، وفي هذه اللحظة التاريخية، هو رصد النصر الاستراتيجي الذي حققه حزب الله، وتبيان كيف كانت الهزيمة الإسرائيلية، وربما كان من الأهمية رصد حجم الدمار الذي أصاب لبنان وبنيته التحتية وعدد شهدائه، لكنى رأيت أن ذلك نوع من جلد الذات، فليس من المعقول أن نكون في لحظة انتصار طال انتظارها، ونتحدث عن هزيمتنا وخسائرنا التي ألمت بنا، وليس هذا تقليلا من حجم ما خسرناه من أرواح الشهداء، ولا تقليلا من حجم الدمار الذي أصاب لبنان، ولكنى رأيت أن علينا إبراز النصر الذي تحقق، وإيضاح كيف حدث، وعلينا أن نرى كيف انكشف أمامنا العدو مهزوما في كافة النواحي. كما أننا لن نتحدث في هذا الكتاب عن المواقف الأمريكية والغربية الداعمة لإسرائيل، فهذا أيضا مما أصبح معلوما من السياسة بالضرورة، ولن نستهلك الوقت في شرحه، بل الواجب أن يستثمر الوقت في محاربته. لقد انتصرت الأمة العربية والإسلامية، نصرا عزيزا غاليا، في حربها الأخيرة مع إسرائيل، ويحق لكل عربي مسلم أن ينسب هذا النصر لنفسه طالما كان مؤيدا للمقاومة وداعما لها، كما قال السيد حسن نصر الله في خطابه عقب النصر، ولذا كان واجبا علينا إبراز هذا النصر، والاعتزاز به، والفخر بنتائجه، وتوضيح كيفيته لكل من ينتمي إلى هذه الأمة.







رد مع اقتباس