عرض مشاركة واحدة
قديم 05-14-2013, 12:16 AM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي



في عهد المماليك كانت الديار الفلسطينية تنتظم في ثلاث وحدات إدارية وأحدثها تعرف ب ( نيابة) وهذه النيابات هي نيابة صفد ضمت المناطق الشمالية من البلاد ( الجليل الأعلى) مع بعض قرى سوريا ولبنان ونيابة القدس ضمت الأجزاء الوسطى من البلاد * ونيابة غزة في الجنوب والساحل الفلسطيني من شمال يافا حتى جنوب غزة. وكانت هذه النيابات تقسم إلى أقضية * فكانت بلدتنا ضمن قرى قضاء الرملة التابع لنيابة غزة المذكورة.
عندما اجتاحت جيوش الفرنجة الشرق العربي واستولت على مدينة القدس حيث قامت فيها المملكة اللاتينية * تكثف الوجود الصليبي في منطقة الساحل الفلسطيني حيث تقع الموانئ التي تربط البلاد بالمقاطعات الأوروبية وكانت مدينة يافا تلعب الدور الرئيسي في ذلك الحين* فهي اقرب الموانئ إلى مدينة القدس حيث توجد الأماكن المقدسة التي يحج إليها المسيحيون كل عام. ونتيجة لذلك تعرضت هذه المنطقة إلى ما يقرب من التفريغ الكامل من السكان المسلمين اصحاب البلاد. وعندما بدأ المسلمون في تحقيق الانتصار النهائي على الصليبيين وتطهير البلاد من وجودهم الذي استمر فترة تقارب ألمائتي عام* وكانت بداية ذلك الانتصار النهائي في عهد الملك الظاهر بيبرس فبدأت في عهده حملة لاعمار البلاد وإعادة السكان المسلمين إلى قراهم * فقام رحمه الله بحملة اعمار واسعة في المنطقة * حيث بنا جسر جنداس على مجرى الوادي الكبير جنوب القرية وأعاد اعمار بلدة رأس العين الواقعة شمال شرق البلدة * وقام بتوزيع الأراضي على قادة الجيش الفرسان كإقطاعيات * فكان ان سكن القرية مجموعة من هؤلاء. وما زالت إحدى اكبر عائلات البلدة تحتفظ حتى يومنا هذا باسم عائلة ظاهر * نسبة إلى القائد الفذ * الذي حقق انتصارات باهرة على أعداء الإسلام من مغول وصليبيين . والذي كان بحق احد أعظم القادة المسلمين الذين طبعوا البلاد بطابعهم الخاص* وكان لهم بذلك أعظم الأثر في تاريخ هذه البلاد.
استمرت البلدة في النمو والاتساع منذ ذلك الحين * فقد اجتذبت المزيد من السكان الذين كانوا يتوافدون على البلدة من مختلف الأنحاء البلاد فهي تتمتع بموقع ممتاز * قريبه من المدن الرئيسة في المنطقة . وأراضيها من أخصب الأراضي وأجودها *صالحة لمختلف المزروعات من أشجار وحبوب وخضراوات . وفدت إلى البلدة مجموعات من الخليل ونحف ودير دبوان ورفيليا وحمامة ودير طريف وحوران ومن المناطق الجبلية القريبة( ربما من مهجري قرية ملبس). كما استقر فيها مجموعة من المصريين الذين تخلفوا في البلاد بعد انسحاب حملة إبراهيم باشا منها حوالي سنة 1840 م. وقد عاش الجميع فيها حياة آمنة مطمئنة وامتزجوا فيها امتزاج الماء باللبن ينعمون فيها من خير وفير.
ومن الجدير بالملاحظة في هذا المجال ان البلدة كانت على الدوام من أكثر القرى جذبا للسكان* ولم تحدث هجرة معاكسة منها إلى مناطق أخرى* ولم يحدث ان غادرها احد سوى أفراد قلائل لا يزيد عددهم عن أصابع اليد الواحدة ولأسباب شخصية بحتة * فقد كانت على الدوام آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان* أهلها يميلون إلى البساطة والطيبة * متحدون في كل المناسبات * متكاتفون في السراء والضراء * بعيدون عن التشاحن والبغضاء.
وهذا الاستقرار الذي نعمت به القرية أدى إلى ازدهارها فساعد وأدى إلى ازدهار الزراعة كما ساعد في قيام حركة تجارية نشطة * فكانت على الدوام من أغنى القرى الفلسطينية وأكثرها ازدهارا.
كان العثمانيون يولون فلسطين عناية خاصة وذلك تقديرا لقدسيتها وللمكانة الخاصة التي تحتلها في قلوب المسلمين في مختلف أنحاء الامبراطوريه فأكثروا فيها من بناء المساجد والزوايا والتكايا لتقديم المساعدات للفقراء وحجاج الأماكن المقدسة والمنقطعين إلى العبادة من العلماء والمتصوفين . وفي عام 1552 م أقامت روكسيلانا زوجة السلطان سليمان القانوني تكية خاصكي سلطان وتدعى أيضا العمارة العامرة في موقع قريب من باب العامود في مدينة القدس وكانت هذه التكية تضم مطبخا وفرنا وخمسين حجرة وخانا واسعا أوقفته على أبناء السبيل وتعتبر هذه التكية من أهم المؤسسات الخيرية التي اهتم الخلفاء العثمانيون بإنشائها في الأراضي المقدسة حيث كانت تقدم معونات للفقراء والمحتاجين* كما كانت تنفق على بعض الزوايا كزاوية الهنود . وقد أوقفت على هذه التكية أوقاف كثيرة جدا حتى تتمكن من الاستمرار في تقديم المساعدات على أكمل وجه وتنتشر هذه الأوقاف في سناجق القدس وغزة ونابلس وطرابلس وغيرها * ومن هذه الأوقاف قرية اليهودية* وقرية بيت دجن وقرية رنطية (رنبيه) وقرية قاقون وقرية يازور وجنداس وخربثا وعنابة وقرية سبطارة وبير ماعين الكنيسة( ناحية الرملة) وكفر عانة وبيت اكسا وقرية لد بالإضافة إلى حصص في قرى بيت لحم وبيت جالا وقرية الجيب و أوقاف أخرى في طرابلس الشام وغيرها ومزارع في أنحاء مختلفة . وكان يتم اختيار المتولي على الوقف ( المسئول ) عن تحصيل واردات الوقف وصرفها في نواحي الخير المختلفة * من علية القوم من عناصر تركية او محلية بموجب فرمان سلطاني وآخر من تولى هذا الوقف هم آل درويش من قرية المالحة.
في عام 1596 م كانت البلدة قرية في ناحية الرملة لواء غزة عدد سكانها 693 نسمة وكانت تؤدي ضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والفاكهة والسمسم وعناصر أخرى من المستغلات كالماعز والنحل * في أواخر القرن التاسع عشر كان عدد سكانها يتراوح بين 800-1000 وكانت بيوتها من الطوب ومحاطة بأشجار النخيل * وكان سكانها يتزودون بالمياه من بركة قريبة.
ذكر الرحالة الشامي البكري الصديقي في كتابه ( الرحلة إلى جبل لبنان) والذي جال فيه المنطقة في أواسط القرن الثامن عشر زيارته للقرية فقال: (ونزلنا وانعطفنا إلى زيارة سيدنا يهوذا انعطافا وبتنا بقريته المأنونسه في دعوة الصديق الشيخ إبراهيم الخليلي القاسمي) .
أما اسعد بن مصطفى اللقيمي المتوفى عام 1764 م فقد ذكر في سوانح الانس : ( بعد سبطاره مررنا على قرية بها مقام يهوذا بعيدة عن طريق الجادة 3 ساعات تماما * فرمنا الوصول إلى تلك الأعتاب والاستمداد من مدده المستطاب فعاقني عدم الرفيق وخوف قطاع الطرق فقرات ما تيسر.
من هاتين الإشارتين للرحالة البكري الصديقي واسعد اللقيمي والتي تمت كلتاهما في منتصف القرن الثامن عشر تعطينا فكرة عن الأوضاع السائدة في تلك الفترة * فالأمن غير مستتب وقطاع الطرق يزرعون الخوف في المنطقة وان القرية كانت منعزلة عن الطريق العام الذي يصل بين يافا والقدس حيث يظهر ان الطريق المستعملة آنذاك كانت طريق يافا بيت دجن السافرية الرملة ومنها إلى القدس.
ذكرت سالنامة ولاية سورية لسنة 1871م بأنها تتبع لناحية اللد ويبلغ عدد سكانها حوالي 1230 نسمة يشغلون 246 خانة بينما أشارت الوثائق الشرعية وسجلات الأراضي إلى أنها تتبع لمركز قضاء يافا وقد مر بها الرحالتان كوندر وكنشنر سنة 1882 م وذكرا أنها قرية كبيرة محاطة بأشجار النخيل وقدرا عدد سكانها ما بين 800-1000 نسمة







رد مع اقتباس