عرض مشاركة واحدة
قديم 05-16-2011, 01:07 PM رقم المشاركة : 75
معلومات العضو
أمان
عضو ملكي
 
الصورة الرمزية أمان
إحصائية العضو






 

أمان غير متواجد حالياً

 


افتراضي



* ماهي العبر والدروس التي تستخلصونها من هذه الحرب بعد أن اندملت الجروح بفعل السنين. لقد أفاض الناس في الحديث مؤخراً بأن حرب عام 1967 كانت حربكم . في حين أن حرب عام 1973 لم تكن تعنيكم .





- سوف أجيبكم على سؤالكم على دفعتين.
أولاً: سوف أحملكم على الدهشة والحيرة، ولكنني قلت ذلك مرات عديدة: ان هذا النزاع الدامي المميت الشرس الضاري سوف يبقى في نظري (حرباً مزعومة) ولا شيء غير ذلك، لم أقاتل في أية لحظة ضمن شروط حرب حقيقية ، ولم أشعر في أي وقت بوجود هذه الحرب، إنني كما تعلم لم أعلن الحرب ابداً على إسرائيل ولم (أحاربها) أبداً بالمعنى الصحيح لهذه العبارة، فلم أزد على أنني كنت أرد كل اعتداءات أعدائنا، كما كنت أفعل منذ عام 1956 أي منذ حوالي عشرين عاماً.

إن السلام في بلادنا غير موجود. ولم ير النور إطلاقاً . فقد فرضت علينا الهدنة حقاً في عام 1948 بعد إنشاء دولة إسرائيل. ولكن ما هي الهدنة؟ انها ليست السلام. وهي لم تكن السلام أبداً. ما أكثر ما أستهتر بالهدنة. وخرقها في أغلب الأحيان، أولئك الذين يقيمون في مواجهتنا . إن تعداد ذلك سيكون من الصعب اجراؤه!
لم يتحقق السلام أبداً. وكما تبدو الأحداث اليوم، فإن السلام ما زال بعيد المنال!، حتى بعد مقررات قمة الرباط في تشرين الأول (أكتوبر) من عام 1974 وبعدما أجرته الأمم المتحدة مؤخراً من التصويت المتكرر، لا بد من إيجاد حل عادل، وإلا فلن يكون هنالك سلام .
نعم في حزيران 1967 ارتكبنا أخطاءاً وخسرنا حرباً فرضت علينا واستخلصنا منها العبر والدروس التي تجلت على الأقل بعد مضي بضعة أشهر على حرب حزيران عام 1967 ، خلال العدوان الإسرائيلي في الحادي والعشرين من آذار (مارس) 1968، على الشونة والكرامة، في الضفة الشرقية لنهر الأردن. كان ردنا الانتقامي الخاطف على القوات الاسرائيلية قد أحال ما أسمته إسرائيل (بالعملية البوليسية البسيطة) إلى إشتباك عسكري تام نجمت عنه خسائر فادحة مني بها المعتدون وكانوا لا يتوقعونها ومع ذلك كانوا يفوقوننا في العدد والطائرات ووسائل نقل الجنود وهو ماكنا لا نملكه، لقد عرفنا كيف نستخلص توقعها من حلفائنا . وعرفنا أننا إذا لم نعتمد على أحد، قاتلنا قتالاً أفضل، وهذا مما لا يتطرق إليه الشك، ولو اتكلنا على المساعدة فلسوف لن تأتي على العموم أبداً! وانني في مركز يتيح لي أن أعرف ذلك جيداً.

أكرر القول بأننا ارتكبنا أخطاءاً منذ ثماني سنوات، وفي رأيي أن أول هذه الأخطاء هو أننا لم ننظم قواعد ومناهج عملياتنا العسكرية تبعاً لإمكانياتنا الخاصة، فمنذ سنين كانوا يحدثوننا عن القيادة العربية الموحدة، وعن القائد العام لسائر الجيوش العربية، وعن معونة شعوبنا الشقيقة الخ... وقد اعتمدنا على ذلك ، وهو أمر طبيعي . وما كان ينبغي علينا أن نفعل، فلو لم نعتمد على هذه المعونة الخارجية المحتملة، لكانت (حربي) مع إسرائيل قد اتخذت مجرى آخر تماماً. مافي ذلك أدنى شك. عندما ينتظر الغطاء الجوي الذي كنت أنتظره، فإنه لا بد لي من أن أقاتل بالأسلوب الذي انتهجته في القتال، ولو عرف رجالنا منذ البداية أنه لا يمكنهم تلقي أية معونة، لا من مصر، ولا من سورية، ولا من العراق، لكانت اختلفت استراتيجيتنا عما كانت عليه، ولبقيت القدس في حوزتنا حتى اليوم، لأنه طوال الأيام القليلة لهذه الحرب الخاطفة، كنا دوماً نراعي احلال المصلحة العربية في المكان الأول، واضعين مصلحتنا الخاصة في المحل الثاني من الأهمية . وهكذا كنت افهم معنى التضامن، إلا أن الجميع ويا للسف لم يتقيد بنفس القاعدة التي انتهجتها.
لم تأت المساندة الخارجية ، وتلاشت بتوالي الساعات والأيام المعونة المطلوبة التي وعدنا بها . فاضطررنا أن نتصرف بأسلوب الحركات التلقائية وأن نبتدع الحلول البديلة في اللحظة الأخيرة . كنا إلى حد ما نرتجل ارتجالاً، في حين أن اشتباكاً عسكرياً في هذه الأهمية لا يعالج بالارتجال.
في اليوم الثالث ، عندما اضطررنا أن نتحقق من أن أحداً سوف لن يخف لمساعدتنا، كان الوقت قد فات، كانت إمكاناتنا أقل بكثير مما كنا نستهلك من أسلحة ومعدات . وكانت المقايسة بين القوات غير متوازنة إطلاقاً . فمنعنا هذا العائق منعاً باتاً من افشال وإيقاف تقدم العدو واحباط خططه، كان في مواجهتنا جيش مدرب خير تدريب، موحد ومسلح بالعزم والتصميم، لا يعتمد سوى على نفسه، ولا يتكل على مساعدة أحد، أما هنا ، فقد كنا نعول على التضامن العربي وعلى المعونة التي وعدنا بها منذ أشهر والتي كنت أنتظرها بلا طائل ! ولعل الذي كان أشق على النفس وأقسى، هو ليس الساعات ولا الأيام التي تلت الهزيمة ، وغنما الأشهر التي كانت تمضي، الأشهر التي كانت تثقل كاهلي، وتحمل إلي العناء والاعياء سواء من الناحية المادية أو الجسمية، كان لابد لي من المقاومة والصمود، كنت أشعر بأن أعصابي على وشك الانهيار والانفجار. وكنت أحس بأن صحتي قد تمكر بي في أية لحظة وتتلاشى مقاومتها . وهذا ما كان لا ينبغي أن يحدث. كان علي أن أبقى صلباً متيناً لأواصل قيادة بلادي حسبما كان شعبي يتوقع مني، ومثلما كنت أرجو وأتمنى . فسافرت كثيراً خلال هذه الأشهر التي تلت العدوان الإسرائيلي ، ودافعت بإيمان وقوة عن قضية شعبي.







رد مع اقتباس