عرض مشاركة واحدة
قديم 04-19-2011, 09:42 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


المتاهات
للشاعر الأسباني أنطونيو ماشادو


(1)
في السماءِ
ثمة سرب من الطيورِ السوداءِ الناعبة
ترفرف بأجنحتها،
وتحط على أغصانِ شجرةِ الحورِ العارية
الغربانُ الحزينةُ
تظل صامتة
مثل نغمات كئيبة
نكتبها في شتاءٍ حزين.

السماءُ الزرقاءُ، والنهرُ، وأغصانُ
شجرةِ الحورِ النحاسيةِ اللونِ،
وشجرةُ اللوزِ المبيضّةِ فوق التلِّ
آه يا ثلجًا مزهرًا، ويا فراشةً فوق الشجرة!
مع رائحةِ الفولِ
تجري الريحُ سكرى
في الحقول.

(3)
البرقُ
يسعى مثل حيةٍ بيضاء في السحاب،
الصغيرُ عيناه خائفتان
- لأن الغرفة مظلمة –
وجبينُ أمّه يتجعّد من الحزنِ
فيا شرفة أغلقت في وجه العواصفِ
إن الريحَ والأمطارَ
تنقر النوافذَ الزجاجيةَ دون توقف.

(4)
قوسُ القزح والشرفات
أوتارُ قيثارةِ الشمسِ السبعةُ
تهتز في الأحلام

يدق الصبي طبلته
سبع مراتٍ – المطرُ ينقر على النوافذ –
ويغرد الطائرُ فوق الأشجار
واللقلقُ غلى الأبراج
في الميدان
المطرُ
يمسحُ غبارَ الشجر
- من يا ترى أحضر العذارى
الباسمات إلى الميدان
من شقّ – يا للحمد – السحابَ
الدامعَ
من رفع النخلةَ الذهبية َ،
من رفع السماء؟

(5)
ذاهبًا بين ركامِ الصخرِ والترابِ
يلتهم القطارُ سكته
وتعكس النوافذُ الأضواءَ
ووجوهَ المسافرين
كأنها نقشٌ
يظهر شيئًا فشيئًا على الزجاج...
ترى من يدرك قلبَ الزمان؟

(6)
من وضع – هناك بين الصخورِ الرماديةِ –
أزهار الجولق هذه
ليصنع النحلُ منها عسلَ الأحلامِ،
ومن وضع زهرات إكليلِ الجبلِ الزرقاء؟
ومن رسم الجبالَ
بلونِ البنفسجِ
والسماءَ بلونِ الزعفران؟
والنحلَ، وبيت المتعبد، وصهوةَ النهرِ،
وصوتَ الماءِ الدائمِ تحت صخرِ الجُلمودِ،
ولونَ الهُرطُمان الأخضر الليموني
من أعطى كلَّ ذلك، ومن أعطى
الأرضَ البيضاءَ والوردية
تلك التي حول جذع شجرةِ اللوز!

(7)
في الصمتِ
ترتعش أوتارُ قيثارةِ فيتاغورس
ويرتعش قوسُ القزحِ في ضوءِ الشمس
الضوءِ الداخلِ الخارجِ من المجسام.
رمادُ نيران هيراكليتوس
تملأ عينيّ
فيصبح العالمُ ساعتها
شفافيًا، وفارغًا،...
وأعمى.

(8)
نادوني من حدودِ الحلم
كان صوتًا رقيقًا،
كان صوتَ حبيبتي
"قل لي هل تأتي معي لنرى الروحَ؟"
أنزل الصوتُ السكينة َ على قلبي.
قلتُ: "معك أينما تريدين"
ثم مشيتُ في الحلمِ
عبر ممرٍّ بعيدٍ،
أتحسس نعومةَ ثوبها الرقيقِ
وارتعاشات يدها الدافئة.

(9)
البيتُ الذي أحببتُ
البيتُ الذي
فيه عشنا ذات يوم
الآن أطلالٌ من الخشبِ
يأكله النملُ
فوق ركام من البقايا.

يغدق القمرُ بخيوط من نور
ينشر الفضة، في الأحلامِ، على النوافذ
أما أنا
فأمشي
حزينا
في المتاهات...







رد مع اقتباس