عرض مشاركة واحدة
قديم 04-16-2011, 04:26 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


الحــرب النفسيــة في النظام الدولي الجديــد

و إتجاهات التحصين في المنطقــة العربيــة والأســلامية


مقدمة :


يعيش الإنسان في عديد من الدول والمجتمعات البشرية في عصرنا الحالي أزمة وجود، أو محنة استقرار أساسها الصراع الدائر بين الأقوياء من جهة، وأقوياء آخرين من جهة أخرى، وبين الأقوياء أو بعضهم من جانب والضعفاء و بعضهم من جانب آخر، وكذلك بين الضعفاء وأمثالهم، صراع دائم يفضي إلى محن وأزمات مستمرة اختلف المختصون في علم النفس والاجتماع بشان طبيعتها وأسباب حدوثها وأبعادها البنائية وبدايات الحدوث، أو ما يسمى بالجذور التاريخية لها، ويعود هذا الخلاف إلى تعدد المناهج التي تتناول مثل هذه الأمور، وكذلك إلى التعقيد الموجود في النفس البشرية، وهي خلافات تعكس التناقض العميق لرؤى الأزمات والدلالات والمعاني ذات الصلة بالتعامل معها، أو التحرر منها ومضامين هذا التحرر.

(2)

وبالعودة إلى منطقتنا العربية والإسلامية ومعطيات الصراع، نتلمس أن الأزمات التي نتجت عنه والتي ستنتج لاحقا، عزاها غالبية السياسيين والباحثين إلى الاقتحام الغربي لها - أي المنطقة - وما تبعه من سيطرة على مقدراتها بأشكال وآليات تتجدد بين الحين والآخر(1). ويدعم هذا الرأي الكفاح المستمر لشعوبها بهدف تحقيق الاستقلال، ومقاومة ذلك الاقتحام بكافة أشكاله الثقافية والحضارية والاقتصادية والسياسية، ويدعمه أيضا اندفاع شرائح واسعة من مواطنيها ورغبتهم بالتعليم وإقبالهم عليه لتسليح أنفسهم بوسائل المقاومة ومفردات الثقة بالنفس لتفادي أية آثار محتملة لذلك الاقتحام، واستعدادهم للجهاد طويلا ضد المستعمر أو المقتحم وطرده

خارجها مهما بلغ الثمن كما حصل للعديد من الدول العربية والإسلامية عبر سني نضال أبنائها الطويلة حتى تحقق لهم ما أرادوا بجهودهم المتواصلة.

ومع هذا ينظر القلة إلى مجمل الموضوع نظرة مختلفة مردها إلى القدر الذي جاء بالمقتحمين في ظروف تفوقهم الحضاري، وهي النظرة التي لم تلق دعما علميا كافيا يساعد على ديمومة الاعتراف بها، في الوقت الذي أبقى فيه البعض الآخر الباب مفتوحا أمام المزيد من البحث والتقصي بغية الوصول إلى الأسباب والدوافع التي شجعت قسم من سكان هذا العالم على الغزو والاقتحام وجعلت القسم الآخر فريسة سهلة له، في زمن باتت وسائل تأثير هذا الغزو الفنية منها مثل العسكر، والإعلام مملوكة في معظمها للغزاة غير المنصفين، وبات فيه المعرّضون للغزو غير قادرين على منعها بالوسائل التقليدية، حتى ضاقت أمامهم فرص الدفاع إلا ما يتعلق منها بفاعلية الإيمان بالشرائع السماوية التي يتمسكون بها، والفكر المنطقي الذي يحملونه، ومعطيات التحصين لأنفسهم وتقليل فعل التأثير على حياتهم، وبمقدار العلم الذي يحصلون، لدرء خطر التأثير على قدراتهم خاصة بعد أن أصبح الغزو في عالم اليوم فكريا والمعركة نفسية سلاحها الإعلام وأدواتها كل وسائله المسموعة والمقروءة والمرئية(2).


(( النظام العالمي الجديد )))

1) النظام العالمي الجديد اصطلاح في السياسة بدأ استخدامه بشكل واسع نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن العشرين المنصرم، وبالتحديد مع ظروف تفكّك الاتحاد السوفيتي، حيث اقترن بالعولمة ليعبر عن انتقال عمليات السلع ورؤوس الأموال وتقنيات الإنتاج والأشخاص والمعلومات بين المجتمعات البشرية بحرية ودون قيود. لكنه ومن الناحية العملية يعبر عن اتجاه للهيمنة على مقدرات العالم من طرف واحد (أمريكا) أو ما يسمى بالقطب الواحد.

وهو بوجه العموم مصطلح ظهر على الصعيد الأكاديمي أول مرة بداية الستينات عندما استعمله المحامي الأمريكي المتقاعد كرنفينك كلارك، المستشار الفاعل لعدد من وزراء الخارجية في البيت الأبيض في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، لكنه ورغم الظهور المذكور لم يُدرج تعبيرا عاما في الفكر السياسي إلا بعد ثلاثين سنة على وجه التقريب، وكان أول من استخدمه بمعناه الحالي أواخر الثمانينات غورباتشوف 1989، وبوش 1990، والأمم المتحدة 1991(3). وباختصار يمكن القول أنه مصطلح لا يحمل في طياته أي جديد سوى محاولة الأمريكان لاستغلال انهيار الاتحاد السوفيتي في تعديل ميزان الصراع بينهم وبينه، وكذلك استثمار التخلخل الحاصل في الوضع الدولي آنذاك لإضافة المزيد من معايير القوة في كفة ميزانهم للصراع مع قوى أخرى ما بعد الاتحاد السوفيتي. هذا من وجهة النظر السياسية، أما من وجهة النظر النفسية السياسية فإنه (النظام العالمي الجديد) واقع لم يكن جديدا بتوجهاته وأهدافه، لأنه استمرار لذات الجهود في السيطرة وإدارة الصراع، والجديد فيه يتعلق فقط بالوسائل والأدوات التي اخترعتها أو استثمرت اختراعها أمريكيا لإيجاد قناعات خاصة وتحوير أخرى لصالح توجهاتها الستراتيجية في المجتمعات المستهدفة، وكان لها السبق في هذا المجال لعدة أسباب من بينها :

آ- التطور التقني الكبير للمجتمع الأمريكي في كافة المجالات، وخاصة في وسائل الاتصال ونقل المعلومات.

ب- الاقتصاد الأمريكي المتفوق من حيث القوة والقدرة على المنافسة مع اقتصاديات العالم الشرقي والغربي على حد سواء.

ج- قدرة الردع الأمريكية المتفوقة في مجال أسلحة التدمير الشامل وكذلك في بعض مجالات الأسلحة التقليدية.

2) وتأسيسا على هذا التفوق سارعت أمريكا لاستخدامه كوسيلة ضغط على الحكومات، والشعوب الأخرى بعد أن بات أكثر من نصف العالم في قبضتها نتيجة لحاجة البعض إلى استثماراتها ومساعداتها لدعم اقتصاده، والبعض إلى تواجدها العسكري لتعزيز أمنه واستقراره، والبعض الآخر لمواقفها السياسية لتأكيد شرعيته، وآخرون إلى تقنياتها المتطورة لدعم تطوره واستمرار بقائه (4).

3) إن زيادة الحاجة للأقوى من قبل الأقل قوة وإمكانية فرضها واقع لمضاعفة فعل انتقال السلع والتقنية والمعلومات والثقافة والأفكار الذي سيؤدي حتما إلى أن تكون الحـدود والسيادة الوطنية في كثير من المجتمعات غير الرصينة مجرد رموز للماضي، ويبدو معها فعل التأثير على المجتمع المستهدف خارج قدرة المجتمعات غير الحصينة للحيلولة دون حدوثه، ويبدو معها النظام القيمي والأنماط الثقافية والنظم السياسية عرضة لاحتمالات التغيير، الأمر الذي لا يبقي أمام المجتمعات العربية و الإسلامية المستهدفة وسيلة أمثل للدفاع سوى التحصين النفسي(5) ضد أدوات التأثير التي يمتلكها النظام العالمي الجديد، والتي تكاد أن تكون موجودة في كل بيت ومدرسة ومصنع مهما حاول المعنيون منع دخولها بأساليبهم المباشرة أو غير المباشرة.


....يتبع







رد مع اقتباس