الموضوع: سلمة - يافا
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-14-2013, 01:03 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


بعض عادات أهالي سلمة

(عاداتهم في الاجتماع)

لقد أكد لنا الآباء والأجداد بأنه كان لأهالي سلمة منذ أن تكونت ديوان واحد يلتقون فيه جميعاً، وكأنهم عائلة واحدة يقوم على خدمتهم فيه ناطور البلد فيحضر لهم القهوة العربية (السادة) ويسقيهم جميعاً من بكرج واحد ومن فنجان أو فناجين واحدة وينظم الدور بينهم في إكرام الضيف ويخرجون (بضم الياء) في شهر رمضان المبارك، فيحمل كل واحد ما تيسر له من طعام إلى ديوان البلدة فيأكلون مع بعضهم بعضاً في أخوة ومحبة، ويأكل معهم الغريب، ويشارك فقيرهم ميسورهم في طعامه، وبعد أن ينتهوا من أكلهم يقوم ناطور البلدة بتوزيع ما تبقى من طعام على الفقراء والأرامل والأيتام، وهكذا يتشارك الجميع ولا يبقى بينهم جائع، وقد بقي هذا الديوان يجمع أهالي بلدة سلمة ويؤمه الجميع حتى مطلع القرن العشرين وقد تحول في عام 1920م إلى مدرسة لتعليم أبناء البلدة، ثم بيع واستغل ثمنه في بناء مدرسة حديثة، أقيمت على قطعة أرض واسعة لتتمكن من استيعاب كافة أبناء البلدة وهي المدرسة الحالية التي بقيت حتى عام 1948م وأقام من اشترى الديوان القديم (حافظ محمد عثمان) مكانه أربعة مخازن أصبح المخزن الأول صالون حلاقة أشغله (نجم معوض أبو نجم) وأصبح المخزن الثاني ملحمة أشغلها (محمود زغلول) وافتتح في المخزنين الآخرين بقالة أشغلها الأخوان (موسى وابراهيم مفتاح) وكان يتم في هذا الديوان مناقشة كافة أمور أهالي البلدة فهو الندوة التي تجمعهم، يطارحون فيها مشاكلهم، ويتناقشون في وضع الحلول الملائمة لها، في ديمقراطية بدائية بريئة بحيث لا تبقى بينهم خلافات على الإطلاق.



(عاداتهم في الأفراح)

لقد كانوا يتعاونون في إقامة أفراحهم بشكل يجعل حياتهم كلها فرح وسرور، ويطبعها بطابع البهجة فيبدأ من يريد إقامة الفرح والتي غالباً ما تكون في ليالي الصيف المقمرة وبعد أن يكونوا قد حصدوا مزروعاتهم ودرسوها وخزنوها في الأماكن المعدة لهذه الغاية بإقامة السامر الذي يكون في الساحات العامة والميادين التي يكثر وجودها في البلدة، فيتقاطر أهالي البلدة للمشاركة في هذا السامر ويتبارون في الحداء الذي يعبر عن سرورهم وفرحهم ومشاركتهم لصاحب الفرح ويشربون الشاي القهوة التي يديرها عليهم صاحب الفرح بكرم عربي أصيل، ويدوم هذا السامر من أسبوع إلى أسبوعين على هذا الحال، ويشارك الأهل والأقارب والأصدقاء في إحضار السكر والشاي والقهوة والدخان فلا يشعر صاحب الفرح بعبء شراء هذه الأشياء الضرورية بل أحياناً كثيرة يفضل عنده كميات كبيرة تزيد عن حاجة الفرح فيختزنها عنده للحاجة، وفي يوم الزفاف يقوم أحد أصدقائه أو أقاربه بدعوته للاغتسال في داره ثم يركبونه حصاناً أو فرساً تلتف حوله النساء يزغردن ويغنين ويرقصن، والرجال والشباب من أمامه في حلقات يدبكون ويهزجون فيحيلون دنياهم إلى أفراح تنسيهم متاعب العمل وكأنهم في جنات النعيم حتى المساء، حيث يكون صاحب الفرح قد هيأ لهم جميعاً مأدبة طعام مناسبة، يكون الجميع قد شاركوه في تقديم موادها من دقيق وأرز وبعض الذبائح، كما يعاونه الكثير من الأقارب والأصدقاء في إنضاج الطعام الذي يقدم في المناسف والصواني التي يكونون قد حملوها له بالأرز والدقيق الذي يقدمونه له كعون اعتادوا تقديمه لبعضهم البعض في هذه المناسبات.
وكثيراً ما كان يحمل الطعام إلى فناء مسجد البلدة للتبرك في بيت الله وبالقرب من ضريح سيدنا سلمة الذي له في نفوسهم جميعاً التقديس والاحترام وبعد تناول الطعام يجلس العريس فيتبارى القوم في تقديم النقوط (النقود) له كمعونة أيضاً يستعين بها على مصاريف الفرح ومهر العروس وتجهيزها، وظلت هذه العادة سارية فترة من الزمن إلى أن بدأت تخف وتزول تدريجياً في المدة الأخيرة، وذلك لتحسن ظروف الناس المعيشية وعدم الحاجة إلى هذا النوع من التعاون، وبدأت العادات الجديدة التي توافق ارتفاع مستوى المعيشة تحل محل هذه العادات القديمة.



(عاداتهم في إحياء المواسم والأعياد)

وقد كانت لهم عادات جميلة في إحياء الأعياد يحرصون على اتباعها وتوارثها جيلاً عن جيل، فقد كانوا يقومون بزيارة القبور بعد تأدية صلاة العيد، ويقرؤون الفاتحة وما يتيسر من آيات الذكر الحكيم على الأموات، ثم يعودون إلى بيوتهم، فيتبادلون زيارة بعضهم بعضاً في جماعات وزيارة أرحامهم ومعايدة أزواجهم وأولادهم، ويمكثون لديهم فترة من الزمن وكانوا يقدمون لزوارهم المأكولات والحلوى والشاي والقهوة ويحرص الزوار بدورهم على تناول شيء من هذه المأكولات من كل بيت يقومون بزيارته حتى تتم الممالحة والعشرة (بكسر العين وسكون الشين) فيما بينهم.. وهكذا كانوا يقضون نهارهم في زيارة بعضهم بعضاً، وبالطبع يحرص الطرف الآخر على رد الزيارة، فتتعمق المودة بينهم، وتتوثق روابط الألفة والمودة، وتزول في ذلك اليوم الضغائن والأحقاد إن وجدت حيث يتعانقون ويتبادلون جميعاً السلام والقبل في ذلك اليوم وهم على غاية ما يكون من البهجة والحبور.



أما في المواسم والأعياد الدينية فقد كانوا يحرصون على إحياء عيد المولد النبوي الشريف، وكذلك عيد رأس السنة الهجرية فيشترون الحلوى ويقومون بإهدائها إلى بعضهم بعضا لا سيما لأرحامهم، أما المواسم السنوية فيقومون بإحيائها بالاشتراك مع أهالي القرى المجاورة كموسم النبي صالح في الرملة وموسم النبي موسى بالقرب من القدس عليهما السلام، فيشاركون في حلقات الدبكة وإحياء هذه المواسم التي أنشأها صلاح الدين الأيوبي وشجع على إقامتها بعد الحروب الصليبية للمحافظة على عروبة القدس وإيقاع الهيبة في نفوس الأعداء، وتذكيرهم بأن للبلاد أهلها الذين يهبون للمحافظة عليها والدفاع عنها، كما كانوا يشاركون في موسم النبي روبين وهو مكان يبعد حوالي (20) عشرين كيلو متراً إلى الجنوب من مدينة يافا، حيث ينتقل أهالي مدينة يافا ومدن وقرى المنطقة فيقضون شهراً كاملاً أو أكثر على رمال تلك البقعة الجميلة من الشاطئ في أواخر صيف كل عام وقبل بداية الخريف التي تأذن بقرب حلول الأمطار فيقيمون لهم بيوتاً من الخيام والبطانيات وأحياناً من الحصر، وهكذا فقد كانت حياة أهالي سلمة خاصة وأهالي فلسطين عامة تمضي كلها وسط أجواء البهجة والسرور وكأنهم في أعياد مستمرة حتى بدأ العدو الصهيوني يسفر عن نواياه العدوانية في ابتلاع فلسطين وإقامة دولة له على أنقاض أهلها وسكانها الأصليين وكانت بداية الصدام الحقيقي عام 1936م بالإضراب الشهير الذي استمر (6) أشهر كاملة وفتح عيون أهل فلسطين على ما كان ينتظرهم.







رد مع اقتباس