عرض مشاركة واحدة
قديم 08-07-2011, 02:35 AM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


حواري
مصطلح مرتبط بأعمال المنظّر الروسي ميخائيل باختين Mikhail Bakhtin التي تدور حول اللغة والكلام (انظر أجناس الكلام) والوعي والأنواع الأدبية والرواية، والمصطلح حواري الذي يعني صفة التفاعل والاستجابة المتبادلة يقابل مصطلح أحادي الصوت أو مونولوجيMonological * Monologique، ويعتبر باختين في نظريته الخاصة بفلسفة اللغة أن المنطوقات (الملفوظات) الفعلية حوارية بمعنى أنها غائصة في سياق من الحوار أي أنها تستجيب لملفوظات سابقة لمشارك في الحديث، كما تحاول أن تستخلص استجابة معينة من سامع محدد. ولا يقف الأمر عند ذلك فهذا الحوار هو الذي يحدد وجود الشخصية، فلا وجود لشخصية جاهزة سابقة على العمليات اللغوية الاجتماعية مع الآخرين. وقبل أن تستطيع تلك الشخصية استخدام الكلمات في التعبير الذاتي الداخلي لا بد لها من أن تكون قد نمت اللغة خلال الحوار مع الآخرين. ولا يستعمل باختين مصطلح الحوار بالمعنى المعتاد أي تجاذب أطراف الحديث بين شخصين أو أكثر. بل يبرز مسألة كيف تكون تلك الحوارات ممكنة. ويرجع ذلك الإمكان إلى أن اللغة نشاط بين ذوات أي نشاط اجتماعي وهي تسبق الذاتية من الناحية المنطقية، وليست محايدة قط أو خارج علاقات الاتصال أو خالية من مطامح الآخرين فهي حوارية. ويترتب على ذلك إحاطة الفردية المستقلة بالتساؤل، فالأنا التي تتكلم، تتكلم في نفس الوقت تعددا من اللغات مستمدة من أصول وسياقات اجتماعية متعددة. فكل أنا هي نحن. ويخصص باختين لهذه الحقيقة قيمة كبرى، فعند مناقشة النوع الأدبي أو الروايةعلى الأخص يناقش مسألة تعدد الأصوات ( البوليفونية Polyphony * Polyphonie ) مقابل واحدية الصوت ( مونولوجيزم Monologism * Monologisme ) أو اختزال الأصوات المتعددة من حيث الإمكان (أو الشخصيات) في صوت مفرد متسلط. ويرى باختين أن الرواية مؤهلة بتقنياتها لأن تمثل لغات غير لغة المؤلف وخاصة بتقنية الخطاب غير المباشر الحر (تقديم أفكار وملفوظات شخصية ما من وجهة نظر تلك الشخصية بالجمع بين سمات نحوية وغير نحوية لكلام الشخصية المباشر وسمات من تقرير الراوي غير المباشر وبذلك يسمح هذا الخطاب للسرد بضمير الغائب أن يستغل وجهة نظر المتكلم (Free indirect style * Style indirect libre) ولكن النص الحواري يظل استثناء وإمكانا تجريبيا حيث يفكر الروائي معتمدا على تعدد في وجهة النظر والوعي والصوت. ومن الأصول التاريخية لهذه الحوارية يقدم باختين المحاورات السقراطية، وبطلها سقراط يرتدي القناع الشعبي لأبله متحير ولكنه حكيم في أعلى مراتب الحكمة، وصورته هي صورة ملتبسة لجهل حكيم يمدح ذاته في المحاورة على أساس أنه يحكم الجميع لأنه يعرف أنه لا يعرف شيئا. بالإضافة إلى أن المحاورات تبرز صورا كارنيفالية في علاقة سقراط بزوجته زانتيب Xanthipp ، فالبطل ينقلب إلى مهرج مضحك، كما تبرز نسقا مركبا من الأساليب واللهجات هي نماذج محاكاة هزلية من لغات وأساليب (كإرهاص بنوع متعدد الأساليب هو الرواية). وقد نشأت الأهجية المينبيةMenippean Satire* Satire Menippée من اضمحلال المحاورة السقراطية، وهي تبعا لروح الكرنفال حرة في الحط من قدر الأشياء وقلب الجوانب الرفيعة للعالم رأسا على عقب. وكذلك الحال مع وجهات النظر إلى العالم، وهي حرية صادمة وأكثر خشونة وحدة من المحاورة السقراطية. وبالإضافة إلى ذلك هناك في تلك الأهجية روح البحث والتساؤل والاستقصاء مع خيال طوباوي.

إن الخاصية الكرنفالية في الأنواع الأدبية أي قلب التراتبات الاجتماعية والحقائق الجاهزة بواسطة أصوات وطاقات كانت مقموعة عادة ولكنها تبرز مطالبة بمكانة حوارية متساوية، هي خاصية تعدد الأصوات حيث يكتسب كل صوت مركزه الخاص المستقل لغويا وفكريا ويدخل مع الأصوات الأخرى ومع صوت المؤلف في علاقة حوارية، ليست متصفة بالخضوع أو التشيؤ. وهنا نصل إلى أن العمل الأدبي (وخصوصا الروائي) متعدد الدلالات وليس وحدة عضوية في مركزها إرادة المؤلف. ومن ناحية أخرى فإن المؤلف في النص الحواري الروائي يكتسب معنى جديدا وإن لم يصل إلى موت المؤلف. فالشخصيات عند دوستويفسكي النموذج البارز عند باختين للحوارية مكتفية بذاتها وليست مفعولا به للخيارات والخطط المتاحة أمام المؤلف الضمني بل هي متساوية الحقوق معه.






</I>







رد مع اقتباس