الموضوع: مدينة الناصرة
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-19-2013, 01:14 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي مدينة الناصرة


مدينة الناصرة


فترةما قبل التاريخ
كانت منطقةالناصرةمأهولة بالسكان منذ فترةما قبل التاريخ.الحفرياتالتي جرت في المغارةالواقعة على سفوح جبل القفزةكشفت النقاب عن أغراض غنية من فترة ما قبل التاريخ، مثل الهياكل البشرية والأدوات الخزفية وعظام حيوانات منقرضة. كما كانتالمغارةمسكنا للإنسان القديم ومدفنا.

اكتشافاتمن فترة ما قبل التاريخ

يبدأ الاستيطان البشري في الناصرةمن فترة ما قبل التاريخ.منطقةالهلال الخصيب(سوريا، فلسطين، لبنان، الأردن والعراق) كانت إحدىالمناطق المطلوبةللاستيطانمنقبل الإنسان القديم بفضل مقوماتها الجغرافية التي لبت احتياجاته الأساسية:الحماية والأمن والطعام والمياه.
كما قامت الناصرةبتوفير هذه الاحتياجات: الطوبوغرافيا، وادٍ محاط بالجبال، وفرت الأمن والحماية. الطعام متوفر من القسائم الصغيرة في الوادي والجبال. العين،التي أطلق عليها لاحقا اسم"عين العذراء" وفرت المياه العذبة وعشرات المغر في المنطقة،المتميزة بأرضها الجيرية الطرية كانت أماكن مبيت.وبسبب كثرة المغر فيها سميت الناصرة "أم المغر" وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم بقوله تعالى: "وجعلنا ابن مريم و أمه آية و آويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين"، سورة المؤمنون 50.
الحفرياتالتي جرت في مغارةالقفزة،الواقعة على سفوح جبل القفزة،أظهرت أكتشافات غنية من فترة ما قبل التاريخ. وأول من انتبهوا لوجود هذه البقايا كان الرهبانالفرنسيسكانالذين قاموا بإبلاغ القنصلالفرنسيفي القدس حول ذلك، فأوعز بتمويل الحفرياتالتي بدأت في العام 1933 برئاسة ر نافيل وم. شتكليس. وشرع في سلسلة جديدةمنالحفرياتفي عام 1965 وتواصلت بصورة متقطعة حتى عام 1979 برئاسة ب. فندرمرش.
نجد في المغارةمواقع لإشعال النار وأجزاء من أدوات خزفية قديمة وطبقات من الرماد وعظام حيوانات انقرضت وعظام إنسان. هذه الاكتشافاتقادت الباحثين إلى الاستنتاج بأن المغارة استخدمت كمسكن للصيادين والرعاة فضلا عن كونها مدفنا. من بين الاكتشافات: عظام لعشرين إنسانا، حيث كان هناك 13 عامودا فقريا كاملا لستة أشخاص كبار وسبعةأولاد،خمسة منهم دفنوا بصورة منظمة بقنوات غير عميقة في أرضيةالمغارة.أحد الموتى كان مطروحا في غرفة صغيرة بينما كانت يداه مثنيتين وشابة مطروحة على جانبها الأيسر بينما كانت قدماها مثنيتين والى رأسها طفلة كان رأسها ملقى على صدر المرأة.كما تمَّ العثور على شخص كبير وعلى شاب صغير السن كما يبدونطحهم أيل فلقوا مصرعهمودفنوا في قبر مشترك مع قرون الأيل الذي تسبب بمقتلهم.
أحد المواضيع التي اختلف فيها الباحثون هو عمر هذه الهياكل العظمية البشرية في مغارةالقفزة.هناك من يعتقدون أنها تعود إلى نهايةالفترة الموستيرية،أي قبل حوالي 30.000 عام وهناك من يعتقد أنها من فترة أقدم أي 85.000 إلى 100.000 عام.
عداهذه المكتشفاتمن فترة ما قبل التاريخأظهرت الحفرياتالأولية في المكانأيضا كنيسةصغيرة تنسب لقدسية جبل القفزة في التقاليدالمسيحية.


فترة روما (37 قبل الميلاد– 324 ميلادي)فترةروما (37 قبل الميلاد– 324 ميلادي)

شهدت هذه الفترةأحد أهم الأحداث التي حصلت في المدينة والذي جعلها من أقدس المدن في العالم كله للعالم المسيحي:البشارة.في قريةصغيرة اسمهاالناصرة،لم تكن لها أي أهمية،سكنتمريموالدة يسوع.ذاتيومنزلالملاكجبرائيلعلى مريمالعذراء وبشرها أنها ستحمل المسيح في رحمها.ومع ان يسوع لم يولد في الناصرة، فقد عاد مع مريم ويوسف إليها حيث نشأ وترعرع وتتلمذ حتى بلغ سن الـ 30.بالإضافة إلى ذلك،فالناصرةقريةمريم،هيأهم مكانلتبجيل الأمالمقدسة.ابتداء من هذه الفترةوحتى أيامنا تحولت الناصرةإلى مدينة يؤمها الحجاج المسيحيونالذين يأتون لرؤية مدينة العائلة المقدسة.



خلفية لفترة
الإمبراطوريةالرومانية



محل الإمبراطورية اليونانية التي انتهى عهدها حلت الإمبراطورية الرومانية التي كان مركزها في روما واستولت على مساحات شاسعة من الأراضي في أوروبا وآسيا وأفريقيا والشرق الأوسط. احتفظ الرومان بالكثير من تقاليد الإدارة والثقافة اليونانية التي كانت سائدة قبل مجيئهم، إلا أنهم أضافوا تقاليد جديدة عليها. مراكز السلطة والتجارة والثقافة تمركزت في المدن الرومانية، مع العلم أنه تم إنشاء غالبية المدن الرومانية حسب مبادئ متشابهة سواء في ايطاليا أو اسبانيا أو شمال إفريقيا. كانت في كلّ المدن مبانٍ عامة ومعابد وحمامات ومسارح وأسواق. اهتم الحكم المركزي بتوفير الغذاء وتمت التعاملات التجارية بصورة نشطة في البحار والأنهار والطرق التي كانت خاضعة للسلطات الرومانية. وكانت اليونانية والرومانية لغة المثقفين. وقف على رأس الدولة قيصر، غير أن الإمبراطورية حكمت من قبل جهاز كامل من الحكام والموظفين والقضاة. وساد كلّ المناطق قانون واحد. وكان بوسع الشخص الانتقال من أقصى الإمبراطورية إلى أقصاها فيعثر على نفس المؤسسات والهندسة المعمارية والفنون واللغة والعملة المشتركة ونفس الرؤية في الحياة.
تسمى فترة ولادة يسوع في تاريخ شعب إسرائيل فترة الهيكل الثاني. وهي تتميز بمنح اليهود درجة من الاستقلال مع الإشارة إلى أنهم عاشوا في البلاد تحت حكم الإمبراطورية الرومانية وفي ازدهار روحاني وإبداعي ثقافي. إبان ولادة يسوع خضعت البلاد لحكم هورودس الذي كان ينفذ أوامر الرومان رغم ليس رومانيا . وبعده انتقل الرومان للحكم المباشر بواسطة مفوضين رومان، وفي فترة ولادة يسوع كان بيلاطس البنطي المفوض الروماني والذي أمر بتنفيذ حكم الإعدام فيه.





الناصرة
قرية يسوع



إبانحكمالإمبراطوريةالرومانيةللمنطقةكانتالناصرةقرية صغيرة عاش فيها يوسفالنجار ومريم ام يسوع. وحسبماجاءفيالعهد الجديدفقد نزل الملاكجبرائيلعلى مريم العذراء في الناصرةوبشرها بأنها سوف تحمل ابنالربفي رحمها من الروحالقدس.بعدالولادة، التي تمت في بيت لحم عادت العائلةإلى الناصرةالتي نشأ وترعرع فيها يسوعحتى أيام الشباب.في الناصرةالنائية والمعزولة بين الجبال فكريسوع بسيرة شعبه وبالله. كان مرج بن عامرالذي يقع عند سفوح الناصرةأحد أكثر ميادين القتال والحروبات في تاريخ الشعوب في المنطقة.ولا شك أن تاريخالمنطقة الذي شهد الكثير من الحروب الدامية والحالة البائسة لأبناء شعبه الخاضع لحكمأجنبي بلورا رؤيايسوع وفلسفته.وللإجمال، فإن الناصرة،مدينةيسوع،هيالمدينةالتي يستطيعالمؤمن المسيحيأن يتعرف فيها على جذور العائلة المقدسة،وعلى المناظر الطبيعية التي واكبتها خلال حياتها.

الناصرةبعديسوع
في سن ال 30 تقريبا غادر يسوع الناصرة وبدأ يتنقل بين البلدات المختلفة لشرح رسالته أمام الناس، إلى أن صلب. ابتداء من القرنين الثاني والثالث بدأت المسيحية تتطور وتنتشر في أرجاء الإمبراطورية الرومانية لكنها كانت لا تزال ديانة الأقلية التي تعرضت للملاحقة. بدأ القليل من الحجاج المسيحيين يزرون قرية يسوع، التي حافظت على طابعها القديم. إبان التمرد ضد الحكم الروماني (في عام 67 ميلادي) قام الجيش الروماني بتدمير القرية، لكن بعد ذلك انتعشت منطقة الجليل. وخلال عودة الحياة إليها عاد الناس ليسكنوا في الناصرة من جديد. ولا نعرف ماذا كان مصير المسيحيين الأوائل من اتباع يسوع، لكن كما يبدو فإنهم انتشروا في أنحاء البلاد.


البيزنطيون ( 324 – 634)البيزنطيون( 324 – 634)


في الفترة البيزنطية صارت الناصرة مدينة مقدسة بالنسبة للعالم المسيحي وأقيمت فيها كنيسة للمرة الأولى، هي كنيسة البشارة البيزنطية، التي ما زالت بقايا منها في كنيسة البشارة الحديثة حتى اليوم. استفاد أهلها من وفود الحجاج المسيحيين إليها. وإذا كانوا قد رحبوا بالحجاج المسيحيين واستقبلوهم بحفاوة وأطلعوهم على المواقع الهامة للمسيحيين مثل الكنيس الذي كان يسوع يصلي فيه، إلا أنهم بقوا معادين للمسيحية ورفضوا إقامة كنيسة في المدينة حتى لم يبقَ أمامهم مفر. وقد انتهى الوجود اليهودي في الناصرة عند نهاية هذه الحقبة من الزمن.

نبذة حول الفترةالبيزنطية
ابتداء من نهاية القرن الثالث بدأت الإمبراطورية الرومانية تواجه صعوبات عديدة، من أسبابها غزو البربر للإمبراطورية. وعندما أدرك القيصر الأخير ديوكلتيانوس أن الإمبراطور لم يعد يستطيع السيطرة على جميع أنحاء الإمبراطورية قام بتقسيمها إلى قسمين: شرقي وغربي. وقد ورث الإمبراطورية الشرقية قسطنطين الذي نقل مقره من روما إلى بيزنطة (مدينة استنبول اليوم)، والتي سميت لاحقا على اسم الإمبراطور "قسطنطينيو بوليس". وبينما أخذ القسم الغربي ينهار فإن القسم الشرقي من الإمبراطورية الرومانية، بيزنطة، واصل في الازدهار وحافظ على تقاليد السلطة من الماضي. في عام 324 أعلن الإمبراطور الروماني قسطنطين عن المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية، وابتداء من هذه الفترة بدأت المسيحية في الانتشار السريع في أوروبا. وهكذا نشأت المسيحية الشرقية، الأرثوذكسية، التي تختلف عن المسيحية الكاثوليكية التابعة للحبر الأعظم في روما.

الناصرةتصبح مدينةمقدسة للمسيحيةوإقامة كنيسةالبشارةالبيزنطية
كانت بلادنا ضمن أراضي الإمبراطورية البيزنطية. وقامت هيلينة والدة قسطنطين التي كانت مؤمنة ورعة بالعديد من الزيارات إلى المنطقة وكرست بعض المواقع الهامة للمسيحية حتى اليوم، مثل كنيسة القيامة في القدس. صارت الناصرة في هذه الفترة مكانا مقدسا للمؤمنين المسيحيين. في عام 356 وافق قسطنطين على إقامة كنائس في الجليل، لكن ذلك قوبل بمعارضة شديدة للغاية من يهود الناصرة ولم يتمكن يوسف الطبراني من تنفيذ مهمته، حيث أبدى اليهود عدوانيتهم للمسيحية ورفضوا إعطاءها موطئ قدم. أقيمت الكنيسة الأولى في الناصرة عام 427 ميلادي بواسطة أسقف (صاحب وظيفة في الكنيسة المسيحية) القدس، كونون، كما نرى حتى اليوم على أرضية الفسيفساء في الكنيسة المجاورة للمغارة المقدسة. وهناك بقايا أخرى من كنيسة البشارة البيزنطية يمكن مشاهدتها في الكنيسة الحديثة.
حسب شهادات حجاج مسيحيين يتبيَّن أنه حتى في نهاية القرن السادس كانت في الناصرة جالية يهودية ذات مكانة راسخة. وعلى الرغم من نظرة اليهود المعادية للمسيحية فقد استقبلوهم واصطحبوهم في جولات للتعرف على معالم المدينة المسيحية وخاصة الكنيس الذي كان يسوع يصلي فيه.

نهاية الناصرةبصبغتها اليهودية
في عام 614 قام الفرس بغزو بلادنا فكان اليهود من حلفائهم المخلصين ضد المسيحيين.يهودطبريا،جبالالجليلوالناصرةساعدوا الفرس في حربهم ضد الحكمالبيزنطيوساهموا في هدمالكنائس.كانت هذه إحدى الحملات الشرسة في القتل والتدمير ضد مسيحيي البلاد.بعد خمسة عشرعامًاانقلبت الأمور رأسا على عقب فعاد البيزنطيون لاحتلال البلاد من جديد.وقد انتقم المسيحيونمن يهودالناصرةوالجليلوكما يبدو ففي عام 630 تمَّ إنهاء الوجود اليهوديفي الناصرةوقد قتل سكانها أو لاذوا بالفرار.


الفترة العربية (634 – 1099)الفترةالعربية(634 – 1099)





انطوت فترة الحكم العربي للمنطقة في المنطقة على ولادة دين جديد هو الدين الإسلامي. سرعان ما هيمن خلفاء الرسول محمد (ص) على كلّ مناطق الشرق، وعلى الرغم من المعاملة الحسنة التي أبدوها تجاه الدينين التوحيديين الآخرين المسيحي واليهودي. فقد طرد البيزنطيون من بلادنا وتم إهمال المواقع المقدسة للمسيحية. على هذه الخلفية نلمس التدهور الحاصل في الناصرة والدمار الكبير الذي حلّ بكنائسها وخصوصًا بكنيسة البشارة البيزنطية في عهد الحكم العربي.

نبذة عامة عن هذه الفترة
في عام 632 ميلادي توفي النبي محمد مؤسس الديانة الإسلامية. وبعد وفاته لم يتوقف النفوذ الإسلامي بل تعاظم وتوسع. بفضل الحكام الذين جاءوا بعده، أقيمت دولة عربية كبيرة سيطرت على كافة أراضي الشرق ووسعت رقعتها لتشمل أيضا مناطق في أوروبا. يمكن تقسيم فترة الحكم العربي إلى ثلاث فترات رئيسية: فترة الحكم الأموي. كان مقر الخلفاء الأمويين دمشق وحكموا المنطقة بين عامي 634 – 750. ومن ثم جاء حكم العباسيين الذين نقلوا مركز الحكم إلى بغداد وحكموا المنطقة بين عامي 750 – 969. واختتم الحكم العربي بالفاطميين الذين حكموا المنطقة حتى الحملات الصليبية في عام 1099.
أطلق على الحكام الذين جاءوا بعد محمد (ص) "خلفاء" حيث خلفوا النبي وكانوا القادة العسكريين والسياسيين للدولة الإسلامية، وأطلق عليهم لقب "الراشدين". وقد ساهم الخلفاء الراشدون في رص صفوف المسلمين ووطدوا الديانة الإسلامية وقوانينها وانصرفوا إلى الفتوحات، حيث فتحوا مناطق مترامية الأطراف في الشرق بما فيها بلادنا وأقاموا إمبراطورية كبيرة. الخليفة الأول، أبو بكر الصديق، أتم احتلال شبه الجزيرة العربية. واعتبر الخليفة الثاني عمر بن الخطاب أهم القادة المسلمين لكثرة الفتوحات التي حققها. فقد احتل أجزاء من الدولة البيزنطية – سوريا، الأردن وفلسطين، وقضى على المملكة الفارسية التي ضمت في حينه العراق أيضا. وقد تميزت هذه الفترة بالاستقرار الأمني والازدهار الاقتصادي. فقد أعاد الحكام المسلمون بناء المدن الساحلية والطرق في فلسطين. وعززوا مكانة القدس وجعلوها ثالث أقدس المدن للمسلمين وبنوا فيها مسجد الصخرة والمسجد الأقصى. عام 712 أقاموا مدينة الرملة وجعلوها عاصمة قضاء فلسطين وهو واحد من ثلاثة أقضية في البلاد. وتميزت معاملة المسلمين للمسيحيين بالتسامح فحظي المسيحيون بمكانة خاصة وسموا "أهل الذمة" مما أتاح لهم عيش حياتهم المستقلة حسب تعاليم دينهم طالما دفعوا الضرائب للمسلمين.

تدهور مكانةالناصرة تحت الحكمالعربي

على الرغم من المعاملة التي اتسمت بالتسامح واللين تجاه المسيحيين فقد تغير التوجُّه من خليفة لآخر. وكان في الناصرة في تلك الفترة مركزان رئيسيان للمواقع المقدسة: المكان الذي تقع فيه اليوم كنيسة القديس يوسف، والمكان الذي تقع فيه كنيسة البشارة. كانت كنيسة البشارة البيزنطية الأغنى والأفخم. ويبدو أنه على الأقل في الجزء الأول من أيام الحكم العربي اضطر المسيحيون لدفع مبالغ كبيرة للحكم العربي الإسلامي من أجل المحافظة على كنيسة البشارة. لكن، مع مرور السنين، أهمل الموقع وتدهورت مكانة الناصرة إلى درجة أنه في أواخر الحكم العربي كادت الكنيستان حيث منع بناء وترميم الكنائس. يعلل إهمال المواقع المقدسة في الناصرة بالمصاعب التي افتعلها الحكم المركزي العربي، وبسبب العداء الثقافي لدى السكان اليهود والعرب في الجليل تجاه المسيحيين الذين نظروا إليهم كجسم غريب في المنطقة.



الفترة الصليبية (1099 – 1260)بعد العرب عاد إلى المنطقة الحكام المسيحيون على هيئة الصليبيين. وكان الصليبيون مقاتلين أتوا من بلاد غرب أوروبا موفدين من الحبر الأعظم والكنيسة. وكانوا يهدفون إلى تحرير الأماكن المسيحية المقدسة في بلادنا. وقد احتلوا البلاد وأقاموا فيها مملكة مسيحية محلية. وعادت الناصرة خلال هذه الفترة إلى الازدهار وتحولت من قرية بسيطة إلى مدينة صغيرة. من أجل تلبية احتياجات العبادة لأعداد كبيرة من الحجاج المسيحيين الذين قدموا إلى المدينة بنيت كنيسة البشارة الصليبية الفخمة وهو المشروع الذي ساهم فيه فنانون فرنسيون كثيرون. وانتقلت السيطرة من المسيحيين الأرثوذكس إلى الكاثوليك الذين حددوا أن يكون فيها مقر المطران. في هذه الفترة أقيمت كنيسة القديس جبرائيل على مقربة من "عين العذراء".

نبذة حول الفترةالصليبية
في عام 1095 ألقى قداسة الحبر الأعظم أوربانوس الثاني في مدينة كلرمون في فرنسا خطبة تطرق فيها إلى الأتراك والكفار المسلمين الذين قاموا بغزو البلاد المقدسة ودعا النبلاء إلى الخروج وتحرير القدس والسكان المسيحيين في الشرق من أيديهم. كان هذا النداء بداية الحملات الصليبية التي احتل مسيحيو أوروبا خلالها فلسطين وسيطروا عليها طوال 160 عامًا إلى أن عاد العرب إلى المنطقة. وأقيمت في الشرق الأوسط عدة ممالك صليبية صغيرة منها مملكة القدس ومملكة الجليل التي كانت الناصرة تنتمي إليها. وقد أديرت هذه الممالك مثل الممالك الإقطاعية في أوروبا: كان فيها محاربون، رجال دين، مدنيون وفلاحون من سكان المكان. الفلاحون الأوروبيون لم يحضروا إلى بلادنا وبالتالي فقد صرفت شؤون السلطة من قبل أقلية مسيحية مقاتلة.

الناصرةفي الفترةالصليبية:الترميم والازدهار
في عام 1001 تمَّ احتلال الجليل من قبلالصليبيينوأقيمتفيه إمارةالجليلبرئاسةالأميرتنكادر، وقد حدثت في هذه الفترةتغييراتهامةفيحياةالناصرة.ادخلتنكاردإلى المدينة عددا من الكهنة ومنح كنيسةالبشارة تبرعات كبيرة من الأموال.وكان من المتعارف عليه في عهد الصليبيينأنه وبسبب قدسية الناصرة يُحظر إخضاعها لحكمعلماني عادي، غير أن هذا الاتفاق لم يطبق بحذافيره بسبب الخلافات بين الدير على جبل طابور ورؤساء الكنيسة الصليبية في القدس حول مكانة الناصرة. رهبان الكنيسة على جبل طابور طالبوا بضم المدينة إلى ديرهم. واعتمدوا في ذلك على تقاليد بيزنطية تقول إن المسؤول عن الدير والذي يحمل درجة أسقف يستفيد أيضا من مدخولات مدينة الناصرة، لأنه لم يكن فيها أسقف في الفترة البيزنطية. وفي المقابل طالب رؤساء الكنيسة في القدس بإقامة أسقفية جديدة في المدينة. وطالما استمرت الخلافات استمرت سيطرة أمراء الجليل العلمانيين على المدينة. وتجسدت هذه الهيمنة بدفن الأمير إيغ من سانت أومر بكنيسة البشارة.
في عام 1108 تمت تسوية الخلاف من قبلالملك بولدوين الأول الذيقررأنيقيم في المدينة أسقفية كاثوليكيةجديدةورفعمكانةالناصرةإلى مدينة لوائية(Civitas). الأسقفعلى دير جبل طابورتلقى تعويضا هو عبارة عن نصف مدخولات "لواء الناصرة" الذي وضع تحت سلطةالأسقفالجديدفيالناصرة،حيث تكون اللواء من المدينةنفسها بكافة كنائسها،وعشرقرىمنالمنطقةمابينصفوريةوكفركنا. ومن ضمنماأعطيللأسقفكروم عديدة في المنطقة استعملت في تصنيع النبيذ لمراسم العبادة وللتجارة. تحولت كنيسةالبشارةإلى كتدرائية للأسقف أما الكهنة والرهبان الأرثوذكسفحرموا من المكان.وحل محلهم كهنة كاثوليكفرنسيون.وقد أقام الرهبانوالكهنة الكاثوليكحول الكتدرائية وأقامواحولها حيًّاكنسيًّا. وانضمإليهمسكان علمانيون، من بينهم أشخاص عملوا في إدارة ضيعات المطران.مع مرور السنين توسع هذا الحي إلى الشرقباتجاه "عين العذراء"وبنيتهناك كنيسةالملاكجبرائيل.تجمع اليونانيون الأرثوذكسوالمسيحيونالشرقيون("السوريون")حول مبنىالكنيسالقديم الذي تحول في نهايةالفترةالبيزنطيةإلى كنيسة.

جرت العادة على أن يحتفلوا سنويا بعيد العذراء في تاريخ 15 آب بمشاركة أعداد كبيرة من المؤمنين الذين أموا المدينة. وعدا السكان والكهنة المحليين شارك في المسيرة الدينية والصلوات أيضا رؤساء الكنيسة والمملكة الصليبية يرافقهم رجال البلاط والعديد من النبلاء. والحجاج الذين قدموا إلى البلاد حاولوا التعريج عل المدينة خلال رحلتهم وتحديدا في هذه الفترة. الحركة المتزايدة للحجاج حققت للناصرة واردات مالية وتبرعات من الدول الأوروبية. زيارة المدينة خلفت انطباعا كبيرا في نظر الحجاج.فيما يلي الأقوال الواردة على لسان أحد الحجاج،وهو شخص ألمانياسمهيوهان من فيرسبورغ،وقد زار الناصرةقرابة عام 1160:
هذه المدينة البعيدة حوالي عشرة اميال عن طبريا هي عاصمة الجليل ومدينة المخلص كان فيها سر الإنسانية وفيها نشأ وتتلمذ وبالتالي فيسمى "الناصري". اسم الناصرة (كما يلفظ باللاتينية) يعني إكليلا من الورد أو حديقة من الشجيرات: وليس هذا التفسير منزوع السبب والمعنى حيث فيها كانت نشأة أكليل الورد الذي أسهم في خلاص العالم. وهذا الإكليل هو مريم العذراء التي بشرها الملاك جبرائيل في الناصرة نفسها بأنها سوف تحمل في رحمها أفضل وأرقى الأبناء... ونجد في الناصرة العين التي كان يسوع يسحب منها المياه في طفولته عندما كان يساعد أمه.

بناءكنيسةالبشارةالصليبية
كانت كنيسةالبشارةأهم مشاريع البناءالتي نفذها الصليبيونفي الناصرةإذ استثمروا فيها كافة مواردهم الاقتصادية وقوتهم الإنتاجية. كنيسةالبشارةالبيزنطيةالقديمةالتي عانت من الإهمال وكانت بحاجة للترميمالأساسي، لم تلبِّ احتياجات العبادة لدى المؤمنين والحجاج. في النصف الثاني من القرن الثاني عشر بدأ الصليبيون بإقامةكنيسةبشارةجديدة فوق المغارةالمقدسة.كانتهذه كثدرائية صليبيةبأسلوبرومانسكي،وهو المشروع الذي عمل فيه فنانون من فرنساالشرقية ومن ولاية بروفانس.. بالإضافة إلىلوازم العبادة وضعت في الكثدرائية مكتبة غنية بقي منها الكتالوج. وقد ضمت المكتبة بالأساس كتبا مقدسة وصلاةومؤلفات لاهوتية خاصة بالكنيسةالكاثوليكية.بعض الكتب زخرفت ضمن ورشات التزيين لكنيسةالقيامة في القدس،التي كانتفي الفترةالصليبيةمركزًا لفنون زخرفة الكتب.صارت كنيسةالبشارةالجديدةالمركز الكنسي للصليبيين في منطقةالجليلكلها. الحجاجالذينزاروا الكنيسةوصفوهابلغة شاعريةفنيةجميلةوأعربواعنإعجابهمبفخامتها. في عام 1908عثرفيالناصرة علىخمستحفمزخرفةفيها أوصاف منحياة الرسل حسب الأناجيلومصادر أقدم. فيالزخارفنشاهدبطرس،يعقوب،توماومتىمعالإشارةإلىأنهابقيتبصورةمدهشة. يمكنمشاهدتها اليومفيالقسم الجنوبيمن كنيسةالبشارة غير بعيد عن مغارةالبشارة.

الحياة في الناصرةفي الفترةالصليبية
على الرغممن مشاريع البناءالفخمة والكبرى والأعداد الكبيرة من الحجاجالذين زاروا المدينةبقيت الناصرةمدينةصغيرة لم يكن من حولها سور يحميها. التحصين الوحيد تمحور بالكثدرائية الجديدة التي كانتفي الواقعكنيسةمحصنة. لم يكن من بين سكانها نبلاء. المدنيون من رعايا الأسقف انتظموا في جماعة صليبية. وأقيمت بالأساس محكمة للبرجوازيين كانت تنطبق صلاحياتها التحكيمية على كافة العلمانيين الذين سكنوا في المدينة والقرى التابعة للأسقف. حسب المتبع في مملكة الصليبيين ألزم الأسقف بتزويد الجيش الصليبي بمائةوخمسين جندياممايدلعلىأنالمدينةبقيت صغيرةنسبيا،وبالتالي كان الأساقفة يتغيبون عن المدينة في غالبية أيام السنة سواء كان ذلك للمكوث في طبريا لعاصمة إمارة الجليل في حينه، أو للقيام بمهامّ معينة في بلاط الملوك. وعند تغيُّب الأساقفة يشغل مهامهم البريورpriorفيكنيسةالبشارةالذي يتمّ تعيينه من قبل هيئة الكهنة في الكتدرائية.

نهايةالناصرةالصليبية
ابتداء من عام 1183 بدأت مكانة المملكةالصليبيةتتقلقل في ظل زيادة ممارسة الضغط عليها من القائد المسلم صلاح الدين.في هذه السنة قام صلاح الدين بغزو الجليل واقترب جيشهمن الناصرة.فخاف سكانالمدينةمن الجيش المقترب منهم وهربوا للاحتماء في كنيسةالبشارةالمحصنة.وبسبب الضغط الشديد من قبل الهاربين على أبواب الكنيسة فإن الكثيرين قد دهسوا تحت أقدام زملائهم. وصارت الناصرة المركز السياسي لمملكة الجليل، وصارت صفورية مقرالجيشالصليبيمع اقتراب أي غزوإسلامي.في عام 1184 عقد الملك بولدوين الرابع اجتماعا لأفراد البلاط في الناصرةوبسبب المرض الذي ألمّ به أعلن عن نقل أملاكه وكنوزه إلى نسيبه غاي المليسنياني.في ربيع 1187 عقد غاي الذي كان في هذه الفترة ملكا على القدس،اجتماعا لأفراد بلاطه في الناصرةلبحث الخطوات التي يجب اتخاذها ضد خصمه أميرالجليل ريمون من الطربلسي.وتم التوصل خلال الاجتماع إلى تسوية لكن الخصومة بينهما لم تنتهِ، والدليل على ذلك هو انقسام الجيشالصليبيفي معركة حطين.
في حزيران 1187 شن صلاح الدين هجوما آخر على الجليلوكان في المقابلالجيش الصليبي في الناصرة.وانتهت المعركة التي لم يكن فيها للصليبيين أي أمل،بالقضاء على الجيش وبقتل إعداد كبيرة من أهاليالناصرة.بعدسقوطالصليبيين في معركة حطينسقطت الناصرةفي يدي صلاح الدين بدون مقاومة.وقد تمكن رجال الدين من أن يطمروا تحت التراب أعمدة الكثدرائية التي كان بناؤها على وشك الانتهاء.
بفضل أهميةيسوعومكانته في التقاليدالأسلامية أمر صلاح الدين بعدم المس بالأماكن المقدسة للمسيحيين في المدينة لكن الكهنة والرهبانالكاثوليكطردوامنها. وكان الطرد قصير الأجلففيالعام 1192 وقعتاتفاقيةسلامبين صلاحالدينوريتشاردقلبالأسدأتاحتعودةالكهنة الكاثوليكإلى الناصرة، وفي وقت لاحق سمحالسلطان الملك العادلخليفة صلاح الدينباستئناف وصول الحجاجإلى المدينة.
في عام 1229 أعيدت الناصرةللصليبيينمن خلال اتفاق السلامبين الإمبراطور فريدريك الثاني الذي كان أيضا ملكا على "القدسالصليبية"،وبين سلطانمصر الملك الكامل.وتم الاتفاق على أن تبقى المدينة بدون سلاح وأن لا يكون للصليبيينجيش فيها.هذا الشرط منع عودة الصليبيينإلى المدينةباستثناء الكهنة.أيضا الأساقفة الذين صاروا من جديد سادة الناصرةوجبوا المدخولات منها لم يعودوا إليها بل بقوا في عكا.كان سكانها الرئيسيين المسيحيونالشرقيون،الذين اعتبرت كنيستهم الكنيسالذي كان يصلي فيهيسوع.
وللإجمال فإن أهميةالناصرةإبانالفترة الثانية لحكمالصليبيين في المدينة كانتسفر الحجاج المسيحيين إليها.وبدأ السفر إلى الناصرة يتخذ شكلا طقوسيًّا:شملت صلوات ومنحت المؤمنين المشاركين فيها العفو عن خطاياهم.مسيرة الحج بدأت من كنيسةالبشارة،ومرت من أمام الكنيس،وواصلت إلى كنيسةالملاكجبرائيلو"عين العذراء"وانتهت في جبل القفزة.كمافي القرنالـ 12حاول الحجاجالوصول إلى عيدالعذراءفي 15 آب والمشاركة في المراسم التقليدية.


الفترة المملوكية (1260 – 1516)الفترةالمملوكية(1260 – 1516)


في هذه الفترةفقدت الناصرة أهميتها وتحولت إلى قرية فقيرة مأهولة بالمسلمين فقط.وتم تدمير كنيسةالبشارةفي عام 1263 بأمر من السلطانالمملوكيبيبرس.وأيضا باقيالمواقعالمقدسة للمسيحييندمرتمن قبلسكان المدينة المسلمينوضعفت حركة الحجاجالمسيحيينإليها.

نبذة عن الفترةالمملوكية
كان المماليك جنودا عبيدا ظهروا لأول مرة عندما شاركوا في جيوش الخلفاء العباسيين. ومع مرور السنوات ازداد نفوذ المماليك وقوتهم وأقاموا دولة كبيرة خاصة بهم مركزها في مصر. في عام 1260 تولىالحكمالقائدالمملوكيبيبرس وبدأ بسلسلة من الاحتلالات.فاحتلت فلسطين تدريجيا من أيدي الصليبيين، وفي عام 1263 احتل الناصرة وجبلطابور.مع سقوط عكافي عام 1291 انتهى حكم الصليبيين في بلادنا وصارت المنطقةكلها جزءًا من إمبراطوريةالمماليك.

الناصرةفي الفترةالمملوكية
تمثلت سياسة الحكمالمملوكيتجاه فلسطين بمنع النمو الاقتصادي، وخشي المماليكمن قيام المسيحيينبغزوات أخرى وبالتالي لجأوا إلى سياسة الهدموالتدمير.فالقلاع في المدن ذات الموانئ هدمت تمامًا وألقيت حجارتها في بهدف شل الحركة في الميناء ولمنع التعرض للغزو البحري. نتيجة لذلك، تدهورت الأوضاع الاقتصادية: لم تكن الحاجيات الأساسية في متناول يد الكثيرين وكانت القوة الشرائية قليلة. كان اليهودوالمسيحيونأقلية عرقية تحت رعاية المسلمين وقد تعرضوا للملاحقة والإذلال من قبلالحكمالمملوكي.وقد تدهورت الأوضاع مع تعيين كلّ حاكم مملوكي جديد في المنطقةلأنه أراد أن يثبت للسلطاننجاعته من خلال تشديد الضرائب على السكانالمحليين.
عندمااحتل السلطان المملوكي بيبرس الناصرة عام 1263 قام بتدمير كنيسة البشارة تمامًا وترك الأنقاض شهادة على هذا العار الذي ألحقه بالمسيحيين. وتم إيقاف حركة الحجاج طوال ثماني سنوات متواصلة. في العام 1271 سُمح للحجاج بالعودة لزيارة الناصرة والصلاة في المغارة المقدسة التي بقيت بين أنقاض الكثدرائية الصليبية. مع سقوط عكا في 1291 وانتهاء حكم الصليبيين انتهى عهد الناصرة الصليبية فجفت الحياة في المدينة وتحولت إلى قرية فقيرة. وقد هجرها السكانالمسيحيون، وبدلامنهمأقامت في المكان أعدادمتزايدة من المسلمين. وقامالمسلمونبتدمير المواقع المقدسةمماقضى على أهمية الناصرة وأضعف زيارة المسيحيين إليها.
في الحفرياتالتيجرت مؤخرًافي منطقةالعين،تمَّ كشف النقاب عن الكثير من بقاياالفترةالمملوكية:قطع من الأواني الفخارية، أساور زجاجية للنساء وقطع نقدية برونزية.تدل هذه الاكتشافاتعلى أن المدينةكانتفعالة،وربما كان الرفاه النسبي قد توفر فيها حتى.











رد مع اقتباس