عرض مشاركة واحدة
قديم 06-26-2012, 01:38 AM رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


28-

الأسيرة سعاد غزال

ينكب والدا الأسيرة سعاد غزال على رسائلها التي أرسلتها للأسرة من وراء القضبان، ويأخذان في التهامها واحدة تلو الأخرى، في محاولة للاقتراب أكثر وأكثر من ابنتهما التي اعتقلت فتاة صغيرةwww.ajoortoday.com/، في الخامسة عشرة، وكبرت هناك بعيداً عنهما حتى شارفت على العشرين.

ولحرمانهما من زيارة ابنتهما البكر، www.ajoortoday.com/التي غابت عنهما في الفترة التي هي أحوج ما تكون للحضور في حياتهما، كما هما للحضور في حياتها،www.ajoortoday.com/ فإن والدي سعاد يشعران بلهفة دائمة للاقتراب منها، ومعرفة كل شيء عنها، وهو ما لا يتوفر لهما سوى عبر هذه الرسائل.

"دائماً أتسائل في نفسي كيف نشأت،www.ajoortoday.com/ وكيف كبرت، وكيف أصبحت، ماذا يدور في مخيلتها، ماذا تفكر"، قال الوالد معلم المدرسة في قريته سبسطية، الذي عاش كما زوجته، كل لحظة في السنوات الخمس الماضية، في حالة قلق دائم على الابنة التي حملت لقب أصغرwww.ajoortoday.com/ أسيرة في سجون الاحتلال، قبل أن تنمو وتكبر في الغياب.

لكن الرسائل تحمل للوالدين والأسرة بعضاًwww.ajoortoday.com/ مما يبرد لهيب القلب، فيلجأ الجميع إليها كلما استبد بهم الشوق إلى الابنة والشقيقة الغائبة بعيداً..

وتقول والدتها أم هيثم: "رسائل سعاد تحمل لنا كل شيء عنها، تبين لها كم كبرت هذه الطفلة وكم كبر عقلها، ودائماً أسال والدها:www.ajoortoday.com/ هل ستصبح ابنتنا كاتبة كبيرة عندما تخرج من السجن؟"

وسعاد نفسها تدرك أنها كبرت أكثر مما يجب بعيداً عن أسرتها، فتكب إلى والدتها ذات ليلة طويلة: "أمي، هل تعلمين؟ www.ajoortoday.com/لقد بدأت اشرب القهوة منذ ثلاثة شهور. يبدو أنني كبرت دون أن أعلم؟".

وتكتب لشقيقها هيثم الأصغر منها بعام واحد، والذي لم يتح لها زيارتها منذ ثلاثة أعوام: "أخي الغالي، رغم الظلام الدامس في كهف غربتي، أبعث إليك كلماتي هذه شعاع نور يخترق كل الحواجز والسدود www.ajoortoday.com/والدخان والدمار الذي حال بين لقاء الأكف وشوق العيون..".

وتظهر رسائل سعاد شوقها العارم للحياة، الذي بدا على الورق كشوق زهرة لضوء الصباح، فتصف لوالدتها في إحدى الرسائل تساقط المطر عليها وعلى زميلاتها الأسيرات بينما هن في فسحتهن الصباحية،www.ajoortoday.com/ فتقول: "اليوم كان الجو بارداً جداً في السجن، وقد خرجنا إلى الفورة الصباحية في تمام الثامنة، وتساقط المطر علينا، فأخذنا نتمشى تحت قطراته يغمرنا الفرح..".

وفي الأيام الأخيرة التي داعب فيها حلم عودة سعاد من الأسر مخيلة الوالدين، بدا لهذه الرسائل طعماً آخر يخفف وطأة الغياب بعد كل ماwww.ajoortoday.com/ أصاب الأسرة من إحباط ويأس.

وأسرة سعادة، شأنها في ذلك شأن أسرة كل أسير وأسيرة، أملت أن تكون ابنتها بين المطلق سراحهم يوم 6 تموز، خصوصاً وأنها أمضت في السجن أكثر من ثلثي فترة حكمها البالغة ستة أعوام ونصف العام، فجاءت الإفراجات لتخلف في نفسها خيبة وإحباطاً أكبر من ذي قبل.

"كنت أغالب شكوك نفسي وأقول: يجب أن تكون سعاد بينهم، فهي اعتقلت طفلة، وأمضت حوالي خمسة أعوام في السجنwww.ajoortoday.com/ وهذا يكفي، فتوجهت إلى مكتب للانترنت، وانتظرت ثلاث ساعات أمام جهاز الحاسوب، تابعت خلالها الأسماء التي نشرت على دفعات متتالية، ولشدة لهفتي لم أكن أقرأ الاسم كاملاً، بل اكتفي بالبحث عن حرف السين، وعندما أدرك أن ما في ذهني كان وهماً، عدت إلى البيت وكلي خيبة وإحباط"، قال والدها.

أما والدة سعاد فكان إحباطها أشد، وتقول: "ما أصابني أقسى من الإحباط أنه مرض".

وكانت سعاد اعتقلت في الثالث عشر من كانون أول عام 98 بتهمة طعن امرأة يهودية على مدخل المستوطنة المقامة على أراضي القرية، وأصابتها بجروح طفيفة.

ويقول والدها بأن سعاد كانت غاضبةwww.ajoortoday.com/ في ذلك اليوم على قيام قوات الاحتلال بقتل شابين في قلقيلية بدم بارد، وفي الصباح توجهت كعادتها للمدرسة لكنها واصلت السير حتى بلغ المستوطنة وحاولت طعن سيدة يهودية، وقد اعتقلها حراس المستوطنة ونكلوا بها قبل أن يسلموها إلى الجيش.

وقد أملت أسرة سعاد أن يطبق على ابنتهم القانون الإسرائيلي www.ajoortoday.com/الذي لا يحكم بالسجن على الأطفال دون الثامنة عشرة، لكن السلطات أحالتها إلى القضاء العسكري الذي وجه لها حكماً شديداً لا يتناسب وسنها والظروف التي دفعتها لمهاجمة السيدة في المستوطنة.

ولصغر سنها عند اعتقالها "خمسة عشر عاماً" www.ajoortoday.com/فقد عاشت أسرة سعاد في قلق دائم عليها، ما جعلها تواظب على زيارتها في كل مرة يتاح لها ذلك.

وقالت والدتها: "كنا نزورها مرة كل أسبوعين، ونتحدث إليها، ونوجهها في كل شأن من شؤونها رغم إحساسنا بنضجها وعدم حاجتها للتوجيه، وكذلك الأمر كان www.ajoortoday.com/رئيس جمعة أنصار السجين المرحوم أحمد حبيب الله يزورها ويرسل لها المحامين لزيارتها، لكن منذ عامين لم نتمكن من زيارتها ولم يعد أحد يزروها بعد وفاة حبيب الله".

وتشعر أسرة سعاد أنها كبرت كثيراً خلال www.ajoortoday.com/العامين الأخيرين التي لم تتمكن خلالها من زيارتها.

وقالت والدتها: "عندما شاهدناها في المحكمة في شهر كانون أول الماضي لم أعرفها للوهلة الأولى فقد تغيرت ملامحها وبدت إنسانة أخرى أكبر وأنضج".

وكان محامي سعاد استأنف على حكمها مطالباً بإطلاق سراحها بعد أن أنهت ثلثي فترة الحكم، وهو ما رفضته المحكمة.

وتقول والدتها: "كأنهم يقصدونwww.ajoortoday.com/ إطالة أمد بقائها في السجن لغاية في نفسهم، لكن الحمد الله فالنتيجة تأتي عل عكس ما يريدون فابنتي تكبر وتنضج وراء القضبان، على نحو يفوق التوقعات".







رد مع اقتباس