عرض مشاركة واحدة
قديم 04-16-2011, 06:59 PM رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


وهو بذكائه يخصص جزءا من دخله ـ الذى يصل الى البلايين سنويا ـ يتبرع به فى مشروعات باسمه للفقراء والأيتام وأطفال الشوارع والأرامل ولتشغيل العاطلين ومساعدة المستشفيات والجمعيات الخيرية ودورالتأهيل المهنى ورعاية المعوقين وبناء مساكن ايواء عاجلة للمشردين . ثم يخصص وقتا للقاء بهم يسمع لهم ويتباسط معهم تحت عدسات الكاميرا وخطابات النفاق والتهليل له، خصوصا وهو يتبرع بمليون هنا وبمليون هناك فى لقاءات دورية ، يظهر فيها راعيا للمحتاجين والضعاف من شعبه ؟

8ـ وهو لا يلجأ للقسوة في التعامل مع المعارضة ، بل يستعمل معها خيار العصا والجزرة، ولا يستعمل العصا إلا فى الضروريات القصوى، ويفضل استمالة بعض المعارضين بالأموال والمناصب وتحييدهم ثم تحويلهم لأتباع له بدلاً من ان يكونوا ضمن المعارضين له . وبدلا من انفاق المال فى بناء المزيد من السجون واستيراد آلات التعذيب وتجنيد مئات الوف إضافية لخدمة الأمن وتكريس العنف مما يزيد فى الإحن والأحقاد ـ يرى توفير ذلك المال فى التحبب للمعارضة واسكاتهم وشراء بعضهم طبقا لمبدأ ( المؤلفة قلوبهم ). فالمال الذى ينفقه فى استعمال العنف ضد خصومه أكثر من المال الذى ينفقه فى استرضائهم ، علاوة على أن العنف عاقبته سيئة بينما سياسة اللين مع الحزم هى الرابحة .

9ـ وفي تعامله مع الجماهير من الأغلبية الصامتة ، يحاول رفع مستواهم الاقتصادى ، ولا يقترب أبدا من المساس بحاجاتهم الأساسية التى يقوم بها أود الحياة ، فهم يركزون فى حياتهم على مجرد البقاء على الحياة دون مطامع أو مطامح فى الوصول للمشاركة فى السلطة أو المزاحمة فى الثروة. كل أحلامهم فى لقمة عيش والسّتر وتزويج الابناء والبنات و سقف يناموت تحته .

لا يكفى ضمان حياة كريمة معقولة بل يعمل المستبد الذكى على أستمالتهم بالمنح ، ويوسع لهم في هامش حرية التعبير في اجهزة الاعلام ليعلو صوتهم البدائي الخانع الخاضع الموالى له .وبالطبع فعندما تتاح للفرد العادى غير المثقف فرصة الظهور والحديث فى أجهزة الاعلام فسيعرض مشكلة خاصة به أو بقريته أو الحى الذى يعيش فيه ، ويخلط الشكوى بالتملق للمستبد ، وعندما تقوم أجهزة المستبد بحل المشكلة ينهال المدح والثناء و التصفيق للحاكم ، ليكون هذا عامل توازن يضيف إلى رصيد المستبد ضد صوت المعارضة الحقيقية .

وفي النهاية يكسب المستبد الذكي أغلبية الشعب بحيث لو أضطر لأجراء انتخابات نزيهة ستكون تلك الأغلبية في صفه، وتكون المعارضة أقلية ، فيصبح المستبد حاكما شرعيا لأن الديمقراطية هي حكم الأغلبية ..

10
ـ هذا هو المستبد عالي الذكاء ..
يملك القوة المسلحة ، ولكن لا يستغلها في ضرب الشعب . بل مجرد سوط معلق على الحائط للتخويف .ويملك الثروة متحكماً فيها ، ولكن لا يبخل بها عن خصومه والجماهير، وفي نفس الوقت لا يمد الحبل على غاربه لأتباعه في الفساد والأستحواذ. يملك سلطة القضاء ولكن يوجهها لنشر العدل بين الناس. يملك الاعلام ولكن يوسع فيه مجالا للأغلبية الصامتة كى تعبرعن نفسها بتلقائية يستفيد هو منها. يملك مجلس النواب فيفسح فيه لمعارضة تنصح ولا تنطح ، ويعطيها حرية مطلقة فى كشف الفساد الادارى لمصلحة التنمية، ويجعل للمعارضة سقفا فى النقد لا يصل اليه شخصيا ولكن يتناول من هم دونه ، فالتضحية بأذنابه مفيد له.

وبهذه المرونة يعطى الشعب قدرا من التغيير وعدم الملل .

11 : وهناك مستبد متوسط الذكاء ، أقل في موضوع المنح ، وأكثر في دائرة المنع .. وهذا المستبد متوسط الذكاء لو استمر في الحكم طويلاً سيكون مرشحاً لأن يتحرك إلى الدرك الأسفل من الأستبداد ، أي يكون مستبداً غبياً .

أخيرا : وقاكم الله جل وعلا من شر ما خلق : المستبد الغبى .!!

المستبد الغبي هو في الأغلب حاكم عسكري . وبحكم نشاته العسكرية فهو :

1ـ لا يعرف سوى القاء الأوامر وفرض تنفيذها ، مع الطاعة المطلقة بلا معارضة ، فالمعارضة تمرد على سلطانه وإعلان حرب عليه.

2ـ وليس العدو هو المعارضة فقط ، بل أيضاً اهل المعارض وجيرانه واصدقائه ومعارفه، فالعقاب هنا يعم ليشملهم جميعا ، والعدوالمعارض لو هرب فلا بد من تتبعه والقضاء عليه فى الداخل أو الخارج ، وأهله رهن الأعتقال والتعذيب إلى أن يسلم نفسه.

3ـ لا يعرف سوى القوة طريقاً واحداً للتفاهم.وتكون كل القوات المسلحة فى حماية شخص واحد هو المستبد لأنه تقمص شخص الوطن.

4ـ ويعتبر المعارضة عداءاً له ،ولأنه يتقمص شخصية الوطن فهو يعتبر المعارضة له خيانة له أي للوطن .

5ـ ولأنه ـ نظرياً ـ الذي يتولى الدفاع عن الوطن بالقوات المسلحة فإنه يتهيأ له ان أي معارضة لأوامره خيانة للوطن تستحق أن يسحقها بجيشه.

6ـ أى يستخدم جيشه لقهر القوة الحية في الشعب ، وبدلا من أن يكون الجيش لحماية الشعب يتحول إلى حماية الوطن ـ اى شخص المستبد العسكري .

7ـ ويتم فرز الشعب على أساس الولاء للوطن أي المستبد ، ليكونوا بين إثنين فقط: إما مؤيد وطني مخلص متفان في عبادة المستبد،أوعدو خائن معارض للمستبد . ولا مكان للتوسط .

8ـ لذا فالغالبية الصامتة لا بد من تسييسها لصالح المستبد ضد خصومه أو من يتوهمهم خصومه . هذه الأغلبية الصامتة لا بد أن تنطق بل لا بد أن تهتف بولائها للمستبد ، وإلا أصبحت في عداد الأعداء .

9ـ والمنح والمنع غاية في البساطة ، فالمنح للاتباع والمنع للأغيار ، وأهل الثقة هم اهل الأعتبار ، وأهل الخبرة متهمون مشبوهون إذ لم يقدموا كل فروض الطاعة والولاء .

10ـ وكل الجرائم وكل مجالات الفساد مباحة ومتاحة طالما لأهل الثقة. أما إذا كنت محايداً ومعارضاً فمهما بلغ صلاحك فإن الأضطهاد مصيرك ومآلك.

11 ـ اذن نحن امام ظلم عام يستوي فيه المعارض والساكت ، ونحن امام استبداد لا يقتصر قهره على منع المشاركة السياسية بل يتجاوز إلى مصادرة حرية الرأي والقول .

12 ـ بل يقع فى الخطيئة العظمى ، وهى التدخل في الحياة الدينية وعلاقته الفرد بربه. أي لا يقتصر تحكمه على الدنيا بل يتعدى إلى الآخرة، ولا يقتصر ظلمه على ظلم الناس بل يتدخل في ملكوت الله جل وعلا ودينه ليظلم رب الناس . وإذا كان رب العزة قد جعل الناس احراراً في الإيمان والكفر فإن المستبد الغبي يصادر هذه الحرية ليرغم الناس على إتباع الدين الذي يرتضيه المستبد والمذهب الذي يستريح إليه المستبد .وإذا كان رب العزة قد جعل للدين يوماً هو يوم الدين أو يوم الحساب ليحاسبهم يوم القيامة على عقائدهم وأعمالهم في الدنيا ، فإن المستبد الغبي يقيم هذه القيامة في الدنيا ، ويقيم لهم محاكم التفتيش، ويصنع جحيماً لمن يخالفه في الرأي ، ، ويمارس في اجسادهم اقسى انواع التعذيب ..

13ـ هل يوجد هناك أسوأ استبدادا من الحاكم العسكرى ؟

نعم ، الحاكم الذى يحكم بالدين مغتصبا سلطة الله جل وعلا. الحاكم العسكرى يصل به غباؤه فى النهاية الى مصادرة الحرية الدينية وفرض مذهبه الدينى على الآخرين واضطهاد المختلفين عنه فى الدين والمذهب بلا داعى سوى الغباء .أما الذى يحكم فى دولة دينية فهو (يبدأ ) بالتحكم فى الدين جاعلا نفسه الحاكم بأمره فى الدنيا والآخرة ، وبينما يتعامل الحاكم العسكرى مع خصومه فى الدين بالسجن والمصادرة فإن الحاكم باسم الدين يقتلهم مباشرة ، ثم يحكم عليهم بالخلود فى النار.!! ومن خلال التحكم فى الدين يمارس سلطته السياسية حيث لا مجال لمناقشته فى السياسة أوغيرها لأن مناقشته كفر يستوجب القتل وليس مجرد السجن.

14 ـ هذا المستبد الغبي ( العسكرى والدينى )هو اتعس المستبدين لأن طغيانه الذي يتجاوز الحد يحوّل حياته هو إلى جحيم غير مرئي ، تظل فيه أشباح ضحاياه تطارده في اليقظة والمنام ، وكلما تكاثر ظلمه ازداد رعبه ، وكلما ازداد رعبه ازداد ظلمه ،ويظل في دائرة لا نهائية من الرعب والظلم إلى أن يستيقظ منها عند فراش الموت، فتحقّ عليه اللعنة ..







رد مع اقتباس