الموضوع: فتاوي اسلامية
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-14-2012, 04:38 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ابن الكرامة
عضو برونزي
إحصائية العضو






 

ابن الكرامة غير متواجد حالياً

 


افتراضي


البيع بالتقسيط قبل تملك السلعة

السؤال لقد لوحظ أن بعض الشركات يأتي إليها الشخص وهو بحاجة إلى شراء أثاث أو سيارة أو منزل أو غير ذلك ــ وهي غير مملوكة لدى الشركة ــ فتقوم الشركة بشراء هذه الحاجة ثم بيعها على هذا الشخص بالتقسيط مع أخذ الفوائد عليها. . أو تكلفه بشرائها ثم تقوم الشركة بتسديد المبلغ حسب الفواتير وتأخذ على هذا الشخص فائدة. . فما الحكم في ذلك؟


الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد.
فمن المعلوم أن من استقرض مئة ألف ريال (100000) ليوفيها على أقساط مع زيادة 8% لكل قسط، وتزيد هذه النسبة كلما امتد الأجل أو لا تزيد، أن هذا من الربا ربا النسيئة والفضل.
وأنه يزداد قبحاً إذا كان كلما امتد الأجل ازدادت النسبة وهذا من ربا الجاهلية الذي قال الله فيه: (ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون).
ومن المعلوم أن التحيل على هذه المعاملة تحيل على محارم الله ومكر وخداع لمن يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور.
ومن المعلوم أن التحيل على محارم الله لا يقلبها حلالاً بمجرد صورة ظاهرها الحلال ومقصودها الحرام. ومن المعلوم أن التحيل على محارم الله لا يزيدها إلا قبحاً لأن المتحيل عليها يقع في محذورين:
المحذور الأول: الخداع والمكر والتلاعب بأحكام الله عز وجل.
المحذور الثاني: مفسدة ذلك المحرم الذي تحيل إلى الوصول إليه لأنها قد تحققت بتلك الحيلة.
ومن المعلوم أن تحيل على محارم الله تعالى وقوع فيما ارتكبه اليهود فيكون المتحيل مشابهاً لهم في ذلك وهذا جاء في الحديث: (لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل). رواه ابن بطة في ابطال الحيل ص 24، وانظر الإرواء 1535.
ومن المعلوم للمتأمل المتجرد عن الهوى أن من قال لشخص يريد سيارة: اذهب إلى المعرض وتخير السيارة التي تريد وأنا أشتريها من المعرض ثم أبيعها عليك مؤجلة بأقساط.
أو قال لشخص يريد أرضاً: اذهب إلى المخطط وتخير الأرض التي تريد، وأنا أشتريها من المخطط ثم أبيعها عليك مؤجلة بأقساط.
أو قال لشخص يريد أن يعمر عمارة، ويحتاج إلى حديد: اذهب إلى المتجر الفلاني وتخير الحديد الذي يعجبك، وأنا أشتريه ثم أبيعه عليك مؤجلاً بأقساط.
أو قال لشخص يريد أن يعمر عمارة ويحتاج إلى أسمنت: اذهب إلى المتجر الفلاني وتخير الأسمنت الذي تريد وأنا أشتريه ثم أبيعه عليك مؤجلاً بأقساط.
أقول: من المعلوم للمتأمل المنصف المتجرد عن هوى النفس أن التعامل على هذا الوجه من التحيل على الربا، وذلك لأن التاجر الذي اشترى السلعة لم يقصد شراءها، ولم يكن ذلك يدور في فكره، ولم يكن اشتراها لطالبها من أجل الإحسان المحض إليه، وإنما اشتراها من أجل الزيادة التي يحصل عليها منه في مقابلة التأجيل، ولهذا كلما امتد الأجل كثرت الزيادة، فهو في الحقيقة كقول القائل: أقرضك ثمن هذه الأشياء بزيادة ربوية مقابل التأجيل، ولكنه أدخل بينهما سلعة كما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن رجل باع من رجل حريرة بمائة ثم اشتراها بخمسين؟، فقال دراهم بدراهم متفاضلة دخلت بينهما حريرة.
قال ابن القيم رحمه الله 5/103 من تهذيب السنن: (وهذا الربا تحريمه تابع لمعناه وحقيقته، فلا يزول بتبدل الاسم بصورة البيع) أ.هـ.
وأنت لو قارنت مسألة العينة بهذه المسألة لوجدت هذه المسألة أقرب إلى التحيل على الربا من مسألة العينة في بعض صورها، فإن العينة كما قال الفقهاء: أن يبيع سلعة على شخص بثمن مؤجل ثم يشتريها منه نقداً بأقل مع أن البائع قد لا ينوى حين بيعها أن يشتريها ومع ذلك يحرم عليه.
ولا يبرر هذه المعاملة قول البائع المتحيل: أنا لا أجبره على أخذ السلعة التي اشتريتها له.
وذلك لأنه من المعلوم أن المشتري لم يطلبها إلا لحاجته إليها، وأنه لن يرجع عن شرائه.
ولم نسمع أن أحداً من الناس الذين يشترون هذه السلع على هذا الوجه رجع عن شرائه؛ لأن التاجر المتحيل قد احتاط لنفسه، وهو يعلم أن المشتري لن يرجع، اللهم إلا أن يجد في السلعة عيباً أو نقصاً في المواصفات.
فإن قيل إذا كانت هذه المعاملة من التحيل على الربا؛ فهل من طريق تحصل به مصلحة هذه المعاملة بدون تحيل على الربا؟.
فالجواب: أن الله تعالى بحكمته ورحمته لم يغلق عن عبادة أبواب المصالح، فإنه إذا حرم عليهم شيئاً من أجل ضرره فتح لهم أبواباً تشتمل على المصالح بدون ضرر.
والطريق للسلامة من هذه المعاملة أن تكون السلع موجودة عند التاجر، فيبيعها على المشترين بثمن مؤجل ولو بزيادة على الثمن الحالّ، ولا أظن التاجر الكبير يعجزه أن يشتري السلع التي يري إقبال الناس عليها كثيراً ليبيعها إياهم بالثمن الذي يختاره، فيحصل له ما يريد من الربح مع السلامة من التحيل على الربا، وربما يحصل له الثوب في الآخرة إذا قصد بذلك التيسير على العاجزين عن الثمن الحال، فقد قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى) رواه البخاري.
وما ذكره السائل من كون الشركة تكلف المشترى بشراء السلعة التي يريدها، فإن كانت تريد أن يكون وكيلاً عنها في ذلك فهذه هي المسألة التي تكلمنا عنها، وإن كانت تريد أن يشتريها لنفسه فهذا قرض جر نفعاً، ولا إشكال في أنه ربا صريح.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين







رد مع اقتباس