الغيمة غير المطيعة
كانت غيمة صغيرة في السماء تتسكع طوال النهار وتلعب، ولا تطيع والدتها، وكانت أمها تصرخ قائلة: -لقد طفح الكيل! تخرجين صباحاً بيضاء نظيفة، وتعودين مساء سوداء تماماً. لا أعرف أين تذهبين، ولا مع من تلعبين! سأمرض بسببك! ولا تكف الغيمة عن اللعب، ولا تصغي لأية كلمة طيبة، تجتمع مع غيمات صغيرات وتُلحق الأذى بالطيور والناس، وقد حيّرت أعمالهن السيئة غيوم الأفق الأخرى، وما عادت الغيوم تعرف كيف تعاملهن. ونستطيع أن نقول إن غيمتنا كانت دائماً في مقدمة كل خصام، وكل عملٍ طائش. لقد تمادت كثيراً مع الغيمات الصغيرات وكانت انتصاراتها تُفرحها. وذات حين لم تُحسن الغيمة الصغيرة تقدير قوتها فاشتبكت مع غيمة أخرى في خصومة. اندفعت إلى العراك بحمية لكن الغيمة الأخرى كانت تتقن فن فهزمت غيمتنا بضربات سريعة وحركات متقنة. شرعت غيمتنا تبكي حزينة، ونحن نعلم أن الغيمة حين تبكي تتحول، كلها، إلى دموع وفقاً لبعض قوانين الطبيعة. هطلت على الأرض واختفت في أحد الحقول. بدأت أمّها تبحث عنها وهي تسأل: -آخ، أين أنتِ يا غُييمتي العزيزة؟ بحثت عنها وراء الجبال والتلال، لكنها لم تعثر على أثرٍ لها، وقفت فوق أحد الحقول متعبة، كانت حزينة جداً فبدأت تبكي.. وسقطت هي أيضاً إلى الأرض. حين أشرقت الشمس رأت كل شيء وقالت: -صحيح أن هذه الغيمة الصغيرة غير مطيعة وسيئة، لكن أمّها حزينة عليها جداً. سأساعدها. وقفت الشمس فوق المكان الذي سقطت عليه الأم. والشمس تستطيع أن تحوّل الماء إلى غيم. سطعت الشمس فوق ذلك المكان ساعتين أو ثلاث ساعات مرسلة أشعتها القوية نحو الأرض فنهضت الأم وصعدت نحو السماء. قالت الشمس: -سأذهب الآن إلى حيث تختفي تلك المشاغبة! وذهبت وسطعت فوق المكان نهضت الغيمة الصغيرة من الأرض رشيقة قوية وذهبت كي تبحث عن أمها. صارت تنادي في كل مكان: -أمي، أمي وقفت في أماكن كثيرة، وسارت طويلاً ولم تجد أمها. وكانت تسأل الغيمات عنها... أنتم جميعاً تتمنون أن تجد أمها. أنا أعرف ذلك. وقد حدث ذلك. فبعد يومين، وعند الأفق، التقت الأم وابنتها. أسرعت كلٌّ منهما نحو الأخرى وتعانقتا. وكان فرحهما كبيراً. ومنذ ذلك الحين (ويجب أن أقول ذلك) صارت تلك الغيمة الصغيرة مطيعة جداً.