بسم الله الرحمن الرحيم
بلقيس ملكة سبأ
بلقيس اسم اشتهرت به ملكة سبئية كانت معاصرةً للنبي سليمان عليه السلام الذي يرجح أنه عاش في القرن العاشر قبل الميلاد( 935-970م ق.م(. غير أن المصادر العربية لا تورد اشتقاقاً مقنعاً لهذا الاسم، ويدخله بعضهم مثل ابن دريد ضمن الأسماء الحميرية التي لا نقف لها على اشتقاق؛ لأن لغتها قد بعدت وقدم العهد بمن كان يعرفها. ويتفرد في ذلك نشوان بن سعيد الحميري الذي حاول أن يقدم اشتقاقاً للاسم فقال في معجمه(شمس العلوم) : "وبلقيس اسمان جعلا اسماً واحداً مثل حضرموت وبعلبك؛ وذلك أن بلقيس لَمَّا ملكت الملك بعد أبيها الهدهاد قال بعض حمير لبعض: ما سيرة هذه الملكة من سيرة أبيها ؟ فقالوا : بلقيس. أي بالقياس فسميت بلقيس ".
ورغم بعض المحاولات، فإن المصادر الأجنبية لم تفلح أيضاً في تقديم تفسير مفيد للاسم، ولعل أشهر تلك المحاولات ما جاء به (روش roesch ) في مقالٍ نشره عام( 1880م/ 1297هـ) وهو أن بلقيس كلمةٌ يونانية تعني جارية (pallakis )، ربما كان لها علاقة بالكلمة العربية (pilaeges ( وبالمعنى نفسه. على أن مثل هذا التفسير يُوحي بأن صاحبة الاسم كانت امرأةً ضعيفةً وتابعة، وهو أمرٌ لا يتفق مع أوصاف تلك الملكة عند الإخباريين؛ فقد ذكر ابن هشام في روايته لكتاب( التيجان) لوهب بن منبه أنه لَمَّا حضرت أباها الوفاة جمع وجوه مملكته وأهل المشورة، وكان من جملة ما قاله له لِيُسَوِّغ استخلاف بلقيس عليهم: " إني رأيتُ الرجالَ، وعَجَمْتُ أهلَ الفضل وسبرتهم، وشهدتُ من أدركتُ من ملوكها فلا والذي أحلفُ به ما رأيت مثلَ بلقيسَ رأياً وعلماً وحلماً ".
أو ما ذكره على لسان (هدهد مارب)
وهو يصف الملكة لهدهد سليمان بقوله: ::
" ملكتنا امرأةٌ لم يرَ الناسُ مثلها في حسنها
وفضلها وحسن تدبيرها وكثرة جنودها والخير الذي أعطيته في بلدها ".