في محاولة لإحباط مخطط جيش الاحتلال الإسرائيلي القاضي بمصادرة 140 ألف دونم (140 مليون متر مربع) من أراضي البحر الميت، بدأت السلطة الفلسطينية تحركات قضائية وشعبية ودبلوماسية وتدرس إمكانية التوجه بشكوى للأمم المتحدة.
وقال محمد إلياس رئيس وحدة الجدار والاستيطان بوزارة الدولة للسلطة الفلسطينية إن إسرائيل لم تتوقف عن استهداف الأراضي الفلسطينية والاستيلاء عليها.
وأكد للجزيرة نت أن المخطط بمنزلة خطوة استباقية من إسرائيل لتفريغ التوجه الفلسطيني للإعلان عن استقلال الدولة في سبتمبر/أيلول المقبل.
وأضاف أن السلطة الفلسطينية تنظر ببالغ الخطورة للمخطط، وعليه تسعى لإحباطه على المستوى القضائي والشعبي والدبلوماسي ودراسة إمكانية التوجه بشكوى للأمم المتحدة.
وشدد على أن المناطق الفلسطينية تشهد موجة شرسة من قبل الاحتلال الذي يحاول السيطرة على أكبر مساحة من الأرض لتوظيفها للاستيطان، وفي المقابل استصدار إخطارات هدم غير مسبوقة بحق المنازل الفلسطينية وتحديدا بقرى الغور.
ولفت إلى أن إسرائيل تسعى للسيطرة على مقدرات الفلسطينيين بالبحر الميت والغور، ووضع اليد على أكبر مساحة من الأرض بالضفة الغربية بغية خصخصتها وبيعها بالمزاد العلني لشركات استيطانية.
تحرك قانوني
وتقدم المحامي الموكل من السلطة الفلسطينية غياث ناصر بطلب كي يكشف الجيش الإسرائيلي عن مخططه، ويعتزم تحضير مذكرة قانونية لعرضها على المحافل الدولية.
كما طلب المحامي نشر هذا المخطط في كل من الصحيفة الرسمية الإسرائيلية -مثلما يحتم القانون الإسرائيلي- وصحيفة فلسطينية ليتسنى للجمهور الاطلاع عليه.
من جهتها رفضت سلطات الاحتلال طلب المحامي وواصلت تكتمها على تفاصيل المخطط، وأمهلت الفلسطينيين ستين يوما لتقديم اعتراضاتهم، وعليه سيتوجه ناصر للمحكمة العليا الإسرائيلية لاستصدار أمر احترازي يلزم الجيش بالكشف عن المخطط.
مصادرة وأطماع
وكان الحاكم العسكري قد قام في "بيت إيل" بتقديم 12 طلبا للإدارة المدنية التابعة لسلطة جيش الاحتلال لتسجيل الأراضي على طول 40 كلم من البحر الميت بالجانب الفلسطيني وتحويلها لملكية دولة إسرائيل.
وتتبع ملكية هذه الأراضي لسكان 12 قرية فلسطينية، وتصنف المنطقة المستهدفة بـ"سي" حيث تخضع لسيطرة جيش الاحتلال.
وسوغت سلطات الاحتلال خطواتها بأن الأراضي المحاذية للبحر الميت جفت منذ العام 1946، وعليه فإنها ليست بملكية خاصة للفلسطينيين، بل ملك لـ"دولة إسرائيل"، دون توفير مستندات ووثائق بذلك.
وتتجه أطماع الاحتلال لتسجيل الأراضي التي تغمرها المياه بذريعة إمكانية جفافها بالسنوات المقبلة.
يذكر أن إسرائيل حاولت في العام 2009 تحويل هذه الأراضي لملكيتها، لكنها عدلت عن ذلك وجمدت مخططها عقب الضغوط الدولية.
تسجيل خاطف
وقال المحامي غياث ناصر إن جيش الاحتلال ألقى بإخطارات المصادرة على الأراضي المستهدفة التي يمنع مالكيها الفلسطينيين من دخولها، وكذلك علق منشورا بهذا الخصوص على لوحة الإعلانات بمكتب الإدارة المدنية.
وأكد أن هذا الإجراء يتنافى حتى مع القانون الإسرائيلي، وعليه قدمت اعتراضا باسم القرى الفلسطينية المحتلة على طلبات التسجيل، فهذا الإجراء يتعارض والقانون الدولي، إذ لا يوجد للمحتل أي صلاحية بالتصرف بملكية أراضي المدنيين.
ولفت المحامي إلى أن محاولات تسجيل الأراضي بصورة خاطفة تهدف لبناء قاعدة قانونية لمصادرة الأراضي وللحيلولة دون مطالبة السلطة الفلسطينية لاسترجاعها بأي تسوية سياسية بالمستقبل.
تساؤلات
ويطرح هذا الإجراء الكثير من التساؤلات بشأن المشاريع التي يخطط لها الاحتلال، ويرجح ناصر أنه يقضي لتكثيف الاستيطان الإسرائيلي بالمنطقة واستقدام المستثمرين اليهود لفرض أمر واقع بالغور، لتكون المنطقة جزءا لا يتجزأ من حدود إسرائيل.
وتهدف سلطات الاحتلال من هذا الإجراء إلى الحصول على مستندات وتسجيل رسمي للأراضي وتحويلها لملكية إسرائيل لتكون محمية في المستقبل من شكاوى أي طرف يدعي ملكيتها.
واعتمدت إسرائيل على الأوامر العسكرية لمصادرة الأراضي، حيث حولت 18% من مساحة الضفة الغربية لمناطق للتدريبات العسكرية، وصادرت 600 ألف دونم صنفت على أنها خزينة أردنية، و500 ألف دونم أملاك غائبين، و900 ألف دونم ملكية خاصة للفلسطينيين.