قوانين الحركة لنيوتن
في القرن السابع عشر الميلادي، اقترح عالم الرياضيات الإنجليزي السير إسحق نيوتن ثلاثة قوانين للحركة، وقد مكَّنت هذه القوانين العلماء من وصف مجموعة كبيرة من الحركات. وفي الحقيقة كان العلماء العرب قد سبقوه في الإشارة إلى واحد من هذه القوانين الثلاثة. انظر: العلوم عند العرب والمسلمين (الفيزياء).
القانون الأول. ونصه: "كل جسم يبقى على حالته، من حيث السكون أو الحركة بسرعة منتظمة في خط مستقيم، ما لم تؤثرِّ عليه قوة تُغير من حالته". وهذا يعني أن الجسم الساكن سوف يظل ساكنًا ما لم تؤثر عليه قوة تحرِّكه. ويُطلق على قانون نيوتن الأول مبدأ القصور الذاتي. والقصور الذاتي خاصية المادة التي تعبر عن استمرارية الحركة إذا كان الجسم متحركًا، أو استمرارية السكون، إن كان ساكنًا. والقوى التي تُغيِّر حركة الجسم يجب عليها أن تتغلّب أولاً على القصور الذاتي له. وكلما كانت كتلة الجسم كبيرة، كان من الصعوبة بمكان تحريك الجسم أو تغيير سرعته. ويُفيد القصور الذاتي في قياس صعوبة تحريك الأجسام. انظر: القصور الذاتي.
القانون الثاني. ونصه: "يتناسب التسارع المتولد في الجسم مع القوة المحدثة له، ويكون في اتجاهها". وهو بذلك يصف كيفية تغيير الجسم لحركته عند تأثير قوة عليه. ويعتمد مقدار تغيير الحركة على مقدار القوة المؤثرة، وكتلة الجسم. فإذا زادت الكتلة، قلّ مقدار تغيير حركة الجسم، والعكس صحيح وذلك عند التأثير بقوة معينة على الجسم. ولذا ففي حالة تأثير القوة نفسها على جسمين، فإن تغيير حركة الجسم الأقل وزنًا يكون أكثر. وينص قانون نيوتن الثاني أيضًا على أن تأثير قوّة معينة يكون دائمًا في اتجاهها؛ فإذا دُفع جسم صوب الغرب، مثلاً، فإنه يتحرّك في هذا الاتجاه وليس الاتجاه المضاد. ويُكتب قانون نيوتن الثاني على النحو التالي:
ق = ك ت
حيث (ق) هي القوة المؤثرة، و(ك) الكتلة، و (ت) التسارع. ويستخدم العلماء هذه العلاقة لوصف حركة جميع أنواع الأجسام.
وتبعَا لقانون نيوتن الثاني، تتسبب القوى في إحداث تغييرات في حركة الأجسام. لنفترض أنّ شخصًا أطلق رصاصة من ماسورة بندقيّة في اتجاه أفقي، فحسب قانون نيوتن الأول، فإن الرّصاصة تستمر في الحركة في خط مستقيم للأبد ما لم تؤثّر عليها قوىً، ولكن جاذبية الأرض تؤثرِّ على الرصاصة وتسقطها نحو الأرض. يحدث هذا السُّقوط لأن قوة الجاذبية تجذب الرصاصة إلى أسفل، في اتجاه عموديّ على اتجاه الحركة.
إذا أطلقت الرصاصة أفقيًا من ارتفاع 4*9م فوق سطح الأرض، فإن الرصاصة سوف تتسارع بوساطة الجاذبية، وتصطدم بالأرض بعد ثانية واحدة وهو الزمن الذي يستغرقه جسم ساقط من الارتفاع نفسه سقوطا حُرّا نحو الأرض. وبسبب الجاذبية، حُدِّد للبنادق والمدافع مدى مُعيَّن لإصابة الهدف، كما يجب أن تُطلق الرصاصات في اتجاه أعلى قليلاً لزيادة المدى ولتعويض مسافة السقوط.
القانون الثالث. ينص على أنه "لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه". فَعَلى سبيل المثال، عندما تتسرب الغازات من محرك الصاروخ أثناء الإقلاع، فإن الصاروخ يُدفَع إلى أعلى. تتسبب حركة الغازات المندفعة إلى أسفل في توليد ردِّ فعل يدفع الصاروخ إلى أعلى. ويمكِّن رد الفعل الصاروخ من التغلب على مقاومة الهواء، والصعود إلى الفضاء. وتوجد أمثلة أخرى كثيرة على قانون نيوتن الثالث. فعند انطلاق رصاصة من بندقيّة، يكون إطلاق الرّصاصة هو الفعل، وارتداد البندقيّة إلى الوراء هو ردّ الفعل، وينشأ كلاهما عن تمدُّد الغاز نتيجة تفجُّر البارود. كذلك دوران مرَشَّات العُشب في اتجاه رذاذ الماء في الاتجاه المضاد.
أحيانًا يكون من الصعوبة بمكان التعرف على ردّ الفعل. فعندما تقذف كرة نحو حائط، ثم ترتدّ الكرة، فإننا لا نرى الحائط يتحرك في الاتجاه المضادّ. ولكن هناك حركة صغيرة للمساحة التي ضُرِبَت من الحائط. وإذا ارتدّت الكرة من الأرض، فإن الكرة الأرضية تتحرّك في الاتجاه الآخر، ولكن لأن كتلة الأرض كبيرة للغاية، فإن هذه الحركة تكون ضئيلة جدًا ولا نستطيع أن نميزها.
تعديلات أُدخلت على قوانين نيوتن. اقْتُرِحَتْ تعديلات في قوانين نيوتن، وبصفة خاصة في القانون الثاني، بوساطة الفيزيائي الألماني المولد ألبرت أينشتاين في بداية القرن الحاليّ. فمثلاً، توصل أينشتاين إلى أن كتلة الجسم يمكن أن تتغير مع تَغَيُّر سرعته بناء على نظريته النظرية النسبية الخاصة. ولكن هذا التأثير يكون ذا أهمية فقط عند السرعات القريبة من سرعة الضوء، وهي 299*792كم/الثانية.