يا طـالـب المـجــد فـي عجــور مــورده =عـــذب مـعـيــن يـروّي غــلــة فـيـنـــــا=شــــم الأنــــــوف أبــاة دام عـــزهــــــم =هـــم الأوائــل إن نــادى مـنــاديــــــنــــا=تـفـوح يـا بـاقـة الأزهـــار فـي وطـنــي =فــوح الأريـــج ونـفـح الطيــب يغـريـنـا كلمة الإدارة


مبارك .........مبارك لعجور ومنتديات عجور       »     عجور التاريخ و الحضارة - الحلقة الثانية       »     سجل الوفيات لعجور ١٣٢٠هـ -١٣٣٠هـ ١٩٠٢م - ١٩١١م       »     عجور التاريخ و الحضارة       »     ميزانية قرية عجور - 1939       »     عجور - وقوعات الزواج 1915م       »     عهد عشائر عجور بالحفاظ على اراضي عجور المشاع و عدم بيعها لل       »     اول أحصاء(حصر نفوس) موثق لسكان عجور1878م       »     أراضي عجور المشاع - حصري       »     اسماء من عجور مطلوبون للضريبة 1       »     ضريبة الانتداب البريطاني "3"       »     عجور - لجنة 18 ( اللجنة القومية لعجور)       »     أراضي عجور الحكر       »     عجور التاريخ و الحضارة-الحلقة الثالثة       »     علم النفس الاجتماعي       »     ملوك المملكة الاردنية الهاشمية       »     موسوعة صور القدس- زهرة المدائن       »     دليل الجامعات العربية و العالمية       »     روائع الشعر العالمي       »     موسوعة الاصول و القبائل العربية كاملة       »    

آخر 25 مشاركات
ملف عن الحج وما يتعلق به (الكاتـب : نور الهدى - آخر مشاركة : قلم حزين - )           »          كبرت بنتــي / قصة مؤثرة (الكاتـب : أمان - آخر مشاركة : قلم حزين - )           »          مبارك .........مبارك لعجور ومنتديات عجور (الكاتـب : م .نبيل زبن - آخر مشاركة : نور الهدى - )           »          عجور التاريخ و الحضارة - الحلقة الثانية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          سجل الوفيات لعجور ١٣٢٠هـ -١٣٣٠هـ ١٩٠٢م - ١٩١١م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور التاريخ و الحضارة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ميزانية قرية عجور - 1939 (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور - وقوعات الزواج 1915م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عهد عشائر عجور بالحفاظ على اراضي عجور المشاع و عدم بيعها لل (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          اول أحصاء(حصر نفوس) موثق لسكان عجور1878م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          أراضي عجور المشاع - حصري (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          اسماء من عجور مطلوبون للضريبة 1 (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ضريبة الانتداب البريطاني "3" (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور - لجنة 18 ( اللجنة القومية لعجور) (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          أراضي عجور الحكر (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور التاريخ و الحضارة-الحلقة الثالثة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          كيف و متى تحدثين طفلك عن التحرش ؟ (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          قصص اطفال للبنوتات الحلوين (الكاتـب : اميرة عجور - آخر مشاركة : م .نبيل زبن - )           »          علم النفس الاجتماعي (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ملوك المملكة الاردنية الهاشمية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          موسوعة صور القدس- زهرة المدائن (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          دليل الجامعات العربية و العالمية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          روائع الشعر العالمي (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          موسوعة الاصول و القبائل العربية كاملة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ضيف اليوم بصراحة (الكاتـب : Big heart - آخر مشاركة : ajoor - )


العودة   منتديات عجور - بيت كل العرب > قسم ابناء منتدى عجور > ملتقى عجور للموسوعات
ملتقى عجور للموسوعات موسوعات عالمية في منتديات عجور
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث



إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-25-2012, 04:55 AM رقم المشاركة : 61
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


44- الفنان اكسم طلاع

الفنان التشكيلي الفلسطيني السوري "أكسم طلاّع" المولود في قرية "شكوم" في "الجولان" المحتل عام 1963، سليل أسرة عشقت الفنون الجميلة الموسيقية والتشكيلية، وعاشت في متنها كهواة سابحين في بحورها الجمالية، عبر ترجمات حسيّة وانفعالية ذاتية حيناً، ومحمولة بالأنا الجمعية المجتمعية حيناً آخر. السابحة في تجليات ذاكرة المكان السورية الطبيعية والحلم الفلسطيني بالعودة، فتراب الأرض التي عاش في رحابها طفلاً هي دفتره الأول والأخير، والمخاض السردي لمداعباته اليدوية الأولى، والشهداء في رمزيتهم المتوارين في تجريديات مركباته الخطيّة والتشكيلية. هم محطته الثانية المتقدمة في مناحي وعيه بالأماكن والأشياء والشخوص، وأول من دفعه لإتقان مهارات الخط العربي في سياقاته التقليدية، ونقلته من واحة الهواية إلى الحرفة المهنية.

عايش والداه رحاب سهول مدينة طبريا الغناء، الذين خبروا مسيرة الآلام الفلسطينية والسورية في هجراتها القهرية المتعددة. الأولى عقب نكبة فلسطين الكبرى عام 1948 كلاجئين مُشردين، والثانية في يوميات النزوح عقب حرب حزيران 1967. فكانوا على موعد مع خيام البؤس والتشرد، وظاهرة المخيمات صانعة الرجال، المعجونة بالماسي ودماء الشهداء والفقراء، ليستقر به المطاف في مدينة دمشق، متعلماً في مدارسها وحاملاً في ضلوعه مواهب عديدة، وذكريات دفينة حول جماليات الطبيعة السورية المكحلة بأشعة الشمس الذهبية، وملامح الخيرات الوفيرة في مخيلة طفل سابح في مواسم الحصاد وغلال الأرض الطيبة. التي صبغته طفلاً برحيقها البصري، وأدخلته خيام النزوح وهو في سن مٌبكرة، إلى مجرة الأحزان المشبعة بقصص الألم والتشرد والمرارة، لتنتقل أحاسيس فطرية متمردة في مضامين لوحاته وتقنياته. منسقة في ذاكرته كتهويمات صور وظلال لأحلام سعيدة قليلة وأحزان مؤلمة كثيرة.
فكانت جميع ذكرياته الظاهرة والمتخفية في لوحاته، تجسد هذا التناغم البصري لسجلاته الشخصية الحافلة بالمشاهد الصوفية، المشبعة بحزن اللون وحرية انسيابه وتداعياته، كمحرضات أساسية في تجلياته الفنية. ولتكتمل دورة ابتكاره من حيث لا يدري، أو يدري بنقل الخط العربي من باب الهواية إلى موجبات الضرورة الحياتية المهنية. ومواكبة طبيعية لخطوطه المكتوبة على قماش اليافطات وصور الشهداء الذين قضوا منارات في معركة الوجود مع الكيان الصهيوني، أولئك المُشيعين إلى مقابر الشهداء في المخيمات الفلسطينية واليرموك خصوصاً، من فدائيين عابرين حدود الوطن في فلسطين المغتصبة والجولان السليب، جعلت منه الخطاط الأكثر كتابة وبراعة في ابتكار أنماط خطوط وتقنيات كتابة تدون تلك المآثر.
إتقانه المشهود في كتابة جميع أنواع الخطوط العربية المتداولة. مكنته من العمل كمهني متخصص في الصحافة السورية المكتوبة، كخطاط ورسام ومصمم غرافيكي لأغلفة وكتب ومطبوعات متنوعة. هو عضو في اتحادي الفنانين التشكيليين والصحفيين السوريين، شارك في المعارض السنوية للفنانين الصحفيين بدمشق من عام 2000 لغاية 2007، ومهرجان "دمشق" للثقافة والتراث 2005، والمعارض الجماعية في "تدمر" عام 2009، ملتقى "القدس" الدولي بدمشق 2009، ملتقى "الشارقة" وورشة عمل 2010، خريف "فري هاند" في "دمشق" عام 2010، الفنون الإسلامية في "بكين" عام 2010، "طهران" الدولي عام 2010، تجارب حروفية "دمشق" عام 2010، السنوي لوزارة الثقافة السورية عدة دورات. حصل على شهادة تقدير من "بينالي الشارقة" عام 2008، وشهادة تقدير ملتقى "الدالية" الدولي 2008 أيضاً، وجائزة "البردة" 2011 في "أبو ظبي".
جودته في كتابة الخطوط العربية، وموهبته المفتوحة على التعلم المستدام والجلد والمثابرة، والمعايشة الثقافية لأقرانه وزملائه في أماكن عمله المتعددة، والتفاعل الفني التشكيلي مع أخوته وزوجته، وخاله الفنان الفلسطيني"محمد الوهيبي" الأكثر تميزاً في ميدانه. وتشجيعهم جعله أكثر انفتاحاً وتألقاً في ميادين حروفية الأرابيسك، أي "التشكيل الحروفي". مغادراً بطبيعة الحال سربي الخط العربي التقليدي من ناحية، واللوحة الفنية التشكيلية التصويرية النمطية من ناحية ثانية، ليستنبط لذاته الفنية طريقاً فنياً ثالثاً، يجمع فيه خاصية الرسم والتلوين وجودة الكتابة في لوحة بانورامية جامعة، عنوانها التجريد ورومانسية الفكرة، وصوفية البحث البصري ما بين مؤتلفات الخط واللون والحركية ومداعبة التقنيات للمساحات المرصوفة.

يُفرغ في سطوح خاماته المتنوعة، شحناته وأحاسيسه ومطالعاته القرائية المستعارة من متن الكتب والنصوص البصرية، متعددة الخصائص والسمات، يجمعها في بوتقة صنائع مبتكرة، تستدعي العزف البصري كخلاصة تصويرية، راقصة على أنغام التجلي الذهني وصوفيته، وسردية كتابة تولي الحرف العربي بكل زخرفه وأناقته الشكلية ومدلوله الرمزية الأهمية القصوى. ولتشكل خلفياته التجريدية لملونات صوفية بطبيعتها الحسيّة، المنفتحة على جميع التجليات الصوّرية لفنان امتلك ناصية نصه التشكيلي، وطوّع أدواته وأحباره بشكل متمايز وغير مسبوق في ميدانه. مؤسساً لذاته الفنية خصوصية تأليف وتفرد رصف شكلي ولوني، وكتابة سردية سابحة في حدائق الأسطورة الحسيّة لمكونات عناصرها ومفرداتها الموصوفة داخل أسوار كل لوحة من لوحاته.
اللوحة لدية محكومة ببنية تشكيلية هندسية رصينة، عمارتها الوصفية ترنو بلوغ جمالية متوازنة الحروف، ومتداخلة الملونات وتدريجاته في لحمة شكلية متناسقة، كل جملة متواضعة في مكانها الصحيح في أروقة بنيانه النصي، ومُحاطة بهالة لونية آسرة كخلفيات متجانسة. يُشكل خط الثلث في تجلياته السحرية المجال الحيوي لتأليف معالم الصورة المرئية وإحالاتها الرمزية، محكوم بإضافات حركية تُقربه من مساحة الجدة والجودة غير المسبوقة في الصياغة، والحبكة التقنية المغموسة بأدوات الرسم والكتابة، والمتداعية بأناقة يده الماهرة التي تُحسن وظيفتها الجمالية المسرودة فوق سطوح الخامة. ولتشكل الخطوط المتوالية رصفاً في أبعاد ومساحات كل لوحة من لوحاته بحسبة هندسية وتقنية مناسبة، محققة لخصائص الفن العربي الإسلامي، وزخارفه الحيوانية والنباتية والهندسي على وجه التخصيص. لتصنع من انتشارها المدروس في ثنايا اللوحات حكاية صوفية من نوع فني جديد.
لوحاته مصحوبة بمسحة جرافيكية متناغمة ما بين كتلة الخطوط والأحرف العربية والمساحات المتوالدة في وسط ومقدمة اللوحات، والمتوازية مع نظيرتها المتداعية في خلفيات اللوحة، في ملونات أحادية متدرجة تفضي بك كمتلق إلى عالم أسطوري مشبع بالأحاجي والألغاز. وتارة أُخرى يجوب بك في مناهل ابتكاره لتُعمل بصرك وبصيرتك تأملاً وتحليلاً ومتعة في فهم معاني النص المكتوب، وتجد نفسك على حين غرة مأخوذاً بسحر الحالة التشكيلية، وجودة هندسة عمارته الوصفية، والحاضنة لأحرفه الملونة التي تجعل لحسبة الخلفيات الملونة، وعراكها الشكلي المتفاعل من النصوص لحمة جغرافية واحدة لعالم صوفي.
ملتزمة إيقاعات الحروف ومقاييس النقطة، وتوازن المقامات الشكلية المرصوفة داخل الخلفيات الملونة. ترسم معالم وحدتها العضوية الشكلية، تقابلاً وتوازياً ومشروعية التأليف والحركة اللولبية المتداخلة فوق السطوح، مفردات وعناصر شكلية مؤتلفة، وتقنيات لونية منتقاة بعناية، مُقصية الاتجاهات التعبيرية الواقعية، ولا مكان فيها لرموز الطبيعة والإنسان في أوصافها الشكلية التقليدية المعروفة. بل وجود الإنسان فيها رمزي، ويدخل في مجاز الوصف، جاثم أمام اللوحة وليس في داخلها، تشده الخطوط والملونات إلى أسرار لعبته الشكلية فراسة وتأملاً وبحثاً عن مقولة ما، ومحاولة طموحة لكشف ما يكتنفها من غموض، وما يطوقها من إحالات رمزية وتورية، وتدفعه للبحث الطوعي في ثنايا الأحرف والكلمات المسطرة.

لوحاته جميعها محكومة بحركية مرئية، تفسح المجال لرقص الحرف فوق منصة مسرحها الوصفي، قاعدتها الأساسية متكئة على تكرار الأحرف بأنساق جمالية متوازية حيناً، ومتداخلة حيناً آخر، وتسبح في طيات مؤثراتها اللونية المكشوفة على دائرة الألوان الخمسة الرئيسة، والألوان الأساسية، لاسيما الأصفر الذهبي في تواشيحه المحلقة في واحة الجمال المتحرك بصوفية الأزرق وتجليات الحرف واللون. وهي أشبه بقصص قائمة بأبعادها الشكلية وبرودة وحرارة ملوناتها المتداعية فوق مسرحها اللوني التجريدي في الكتل الرئيسة والخلفيات، وبرشاقة يده المرنة في التوليف التقني لمداد الحرف والكلمات، في حركة سردية محسوبة ومتواترة القسمات. وكأنك تسبر أمواج رؤاه الجمالية ومقولته الفنية، وتقودك طائعاً إلى مناطق لعبته ومسارح أسراره، ومشابك قدراته الذاتية كخطاط مميز ورسام وملون مميز أيضاً.
ــــــــــــــــــــــــ







رد مع اقتباس
قديم 02-25-2012, 04:57 AM رقم المشاركة : 62
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


45- الفنان عبد الوهاب حرب(ابو حرب)


الفنان التشكيلي الفلسطيني " عبد الوهاب محمد حسن حرب - أبو حرب" من مواليد مدينة رفح الفلسطينية يوم 25/11/1956. تلقى مراحل دراسته الابتدائية والإعدادية في المدارس التابعة لوكالة الغوث الدولية "الأونروا" برفح، وتابع دراسته الثانوية في مدرسة بئر السبع، وحصل على شهادة الثانوية الفرع الأدبي عام 1974. ظروفه الحياتية وميوله التربوية المهنية دفعته لمتابعة الدراسة في معهد إعداد المعلمين بغزة، متخرجاً وحاصلاً على شهادة دبلوم تربية فنية عام 1977، مكنه ذلك من مزاولة مهنة تدريس مواد التربية الفنية.

سنحت له فرصة العمل في المملكة العربية السعودية في ميادين التدريس بالفترة الواقعة ما بين 1980- 1994، ومن ثم العودة إلى قطاع غزة والعمل كمدرس للتربية الفنية في مدرسة بئر السبع الثانوية ما بين 1995- 2005. ضرورات العمل فرضت عليه شروط الدراسة المعمقة لتأهيله أكاديمياً وتربوياً في كلية التربية الفنية بجامعة الأقصى متخرجاً، وحاصلاً على شهادة بكالوريوس بدرجة امتياز عام 1999. ثم تابع تحصيله العلمي التكميلي في ميادين التربية الفنية والتخرج، بعد نيله شهادة الدبلوم التربوي وفق المناهج المصرية عام 2000، ليستكمل مسارات بحثه العالي، والحصول على شهادة ماجستير علوم تربوية "مناهج وأصول تدريس" من جامعة عين شمس المصرية عام 2007.
وفي ذات الوقت كان شغله الشاغل محاولة تطوير قدراته في ميادين الفنون التشكيلية، مُبتكراً حلولا أكاديمية، لتحسين كفاياته الشخصية والعلمية من خلال دراسة فنون الرسم والتصميم وفق برامج دراسية محكمة من خلال انتسابه لجامعة العالم الأمريكية ما بين أعوام 2004 - 2007، وحصوله على شهادتي الماجستير والدكتوراه. عمل أيضاً كمشرف تربوي اختصاصي في جامعة الأقصى ثم محاضراً، وحالياً يشغل منصب رئيساً لقسم التربية الفنية فيها.



أخذته التربية الفنية في مفاتنها ومساربها المفتوحة على فكرة التواصل مع الآخرين، عبر تنويعات العمل المهني والأكاديمي، واكتساب الخبرات في حقلي الفنون والتربية. وجعلت منه هاوياً في ميادين الفنون التشكيلية، وحرفياً في مزاولة طرق وأصول تدريس المناهج المتصلة بالتربية الفنية. وأنتجت هذه العلاقة ما بين الذات المبتكرة، والأنا الجمعية الممثلة بشرائح المحيط الاجتماعي، ومجالات الاجتهاد والعطاء الدائم والزاخر حالة مميزة من التفاعل، والساعية لخلق أجواء مناسبة لتربية مستدامة وموجه نحو الحياة. وإخراجها في قوالب مهنية غير مفصولة عن معين مواهبه الدارسة والمصقولة في ميادين التربية والفنون، وقائمة على التفاعل المهني مع مركباته التربوية المتعددة، والمتجلية بفرق عمل متوازنة " ورشات " على تأهيل وتدريب معلمي التربية الفنية في قطاع غزة المقاوم. وكان انتسابه لكلية التربية الفنية بجامعة الأقصى بالقطاع، وصولاً إلى ما هو عليه الآن، إلا دلالة حسيّة ومشهودة في يوميات اشتغاله المهني.
دخل عالمه الفني التشكيلي من بوابة التربية الفنية المفتوحة على الفنون التطبيقيةً، ولا يجد الفنان أي حرج من تناول مواضيعه الفنية بتقنيات متعددة، ومستعارة من طاقات الخامات البيئية المتوافرة، والقابلة للتطويع الفني والتشكيل، والتي تُحقق له المتعة والفائدة والهدف الفني المنشود. وقد أكسبته مراحل دارساته الأكاديمية التربوية والفنية - كما سبق أشرنا - بخبرات مهنية متنوعة، وساهمت قدراته الذاتية والمواتية على صناعة التكيف مع مواضيعه وخاماته، وكأنه موهبة خبرت صنعتها في عين مُبصرة، ويد ماهرة متحركة ما بين مدارات الفنون التشكيلية والتطبيقية. ويمكن للمتلقي تلمس مواضيعه التعبيرية الموزعة ما بين تقنيات الحرق على الخشب، واللوحة التصويرية الملونة، والملصق الإعلاني في دثاره السياسي.
لوحاته المرسومة على توليفات الصفائح الخشبية تبرز مهاراته في التعامل التقني مع أدوات الكي والحرق، وجعل العمل الفني يبدو في حلة شكلية صوريّة متحركة، موصولة بقضايا الوطن والأرض والموروث الشعبي، وبالإنسان الفلسطيني الملتصق بأرضه وأماكنه المقدسة وذكرياته. تستقوي بالتراث الشعبي والزخارف الهندسية والنباتية والمكحلة بحكايات الجدود والمقاومة. وتبرز القدس المدينة المقدسة في كثير من لوحاته. يصوغها الفنان رسماً وتوليفة تقنية في بساطة شكلية، تقربنا خطوة من الفن الشعبي الفلسطيني، من حيث تناول العناصر والمفردات وحسبة التوازن الشكلي، والبؤر المنظورة والتوزيع داخل أروقة بيانه البصري.
بالنسبة لأعماله التصويرية الملونة، نجدها متناغمة أيضاً مع مسارات رؤيته الفنية المتبعة بلوحات الحرق على الخشب، وتنحى ذات الرؤى والآليات الشكلية القائمة على توازن الهياكل المرصوفة من خطوط ومساحات ملونة، مسكونة بالتبسيط المساحي للفكرة المطروقة، والمحاطة بهالة من الخطوط والتوليفات التقنية حفرية التناغم الشكلي، وكأنها مشغولة بفراشي عريضة وسكاكين الرسم تارة، ومشابك أمشاط شعر تارة، وتداعيات اللون المتحرر من النمطية المدرسية والمعشب بعفوية وفطرية مقصودة والمبالغة الشكلية في كثير من الأحيان.
أما بالنسبة لتجاربه الفنية المرصوفة على سطوح الخامات الورقية المعدة للملصقات السياسية الإعلانية، هي بدورها ملتزمة في خيارها الشكلي ومواصفاتها التعبيرية المسكونة بهاجس البساطة والتبسيط، ولا تختلف في لحمتها التشكيلية عما سبقها من توليفات تقنية وملامح تعبيرية. بعضها مشغول بتقنيات البخ والنفث اللوني، المرصعة بتوليفات تقنية لتداعيات المفرغات الهندسية، كمحددات لمعالم السطوح والنصوص، وتبني عالمها التركيبي ومسحتها التعبيرية المسطحة في متواليات تجريدية. وبعضها الآخر مُقارب لفسحة التصوير الانطباعي والرمزي والتعبيرية المفتوحة على تداخل النصوص.
الأرض الفلسطينية والمخيم، والإنسان الفلسطيني وتراثه الشعبي هي المفردة الرمزية الأكثر تواجداً في أعماله، والتي تدور حولها جميع متواليات السرد والنصوص. منها المبتدى، وإليها المآل في توصيف واقع حال الفنان، وطريقته في التفاعل مع يومياته وذكرياته، وترجمة أحاسيسه الداخلية ونقلها إلى مفردات خطية، وملونات وتعدد صنائع وتقنيات منثورة فوق تفاصيل السطوح. لتواجه قدرها التشكيلي في تقاسيم حافلة بالعفوية، ومصداقية الحالة النفسية لفنان كان وما زال يدور في حوارية التربية والفنون، والعمل على توصيل رسالة إنسانية الرؤى في مرصوف محتواها الانفعالي في فوضى التشكيل وتداخله، والمعبرة بشكل ما أو بآخر عن ذات قلقة وراصدة لمعاناة شعب مقاوم، واقع تحت نير الاغتصاب الصهيوني وله حقوق وارض مستلبة يسعى لاستعادتها، تجد في الفنون التشكيلية والتطبيقية مسارات بصرية مناسبة لتشكيل حالة تربوية كفاحية عن طريق الفنون.






رد مع اقتباس
قديم 02-25-2012, 04:59 AM رقم المشاركة : 63
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


46- الفنانة رانية عقل
الفنانة التشكيلية الفلسطينية "رانية صبحي عقل" المولودة في بلدة كفر قرع بجنوب مدينة حيفا الفلسطينية، يوم الخامس والعشرين من شهر تموز من العام 1976. دفعتها مواهبها الفطرية في طفولة مبكرة لتعلم أصول الرسم والتلوين والنحت بوسائط الدراسة الخاصة، وتتلمذت على يد عدد من الفنانين التشكيليين الفلسطينيين أمثال "أحمد بويرات، فريد أبو شقرة" وسواهم.

مكنها ذلك من العمل كمرشدة في لفنون رياض الأطفال. ثم تسنى لها الانتساب لمعهد عررة للفنون التشكيلية ما بين 1999-2001، مُستكملة دوراتها الخاصة في ميادين رعاية فنون الطفولة وأصحاب الاحتياجات الخاصة في بلدتها. هي عضو في رابطة الفنانين التشكيلين العرب "إبداع". ومُشاركة في العديد من المعارض الجماعية في الوسط العربي في قرى الجليل وحيفا، وفي عدد من الدول الأوربية، وفي جعبة تجربتها الشخصية نحو ثلاثة معارض فردية، ولها تجربة حديثة ومميزة في مهرجان فاس للفنون التشكيلية بالمملكة المغربية من العام الحالي 2011.
تنتمي أعمالها الفنية إلى عالم الطفولة الحالمة، والتبسيط الشكلي للرموز والمفردات التي تستحضرها من معين ذاكرتها الشخصية الحافظة، والمتكئة على مداولات تنقلها البصري ما بين المآثر التاريخية والموروث الفلسطيني. والمتوالد من الأسطورة والحكاية (الخرافيات)، والمعجونة بشيء من الرمزية والبداهة الشعبية، المتغنية بشكل ما أو بآخر بذاكرة المكان الفلسطيني التراثية بتنوعاته الخصبة، المفتوحة على حرية الإنسان والكائنات الحية والطبيعة، في صور شكلية وتضمينات نصية، تدخل في سياق السهل والمألوف الشكلي، والتي لا يحتاج المتلقي فيها إلى صعوبة في قراءة مضامين نصوصها البصرية.
أعمالها الفنية موزعة ما بين تقنيات التصوير الملون ذات رؤى تراثية، محمولة بلغة السرد المحكية، مُتماهية مع مسرود النص البصري التشكيلي. تختصر أحلام الطفولة في مدارات الزمن الفلسطيني المتواصل. وبين تقنيات التشكيل البصري النحتي من طين وصلصال معالج ومدخن في قوالب فخار. تقربك من تقاسيم الجسد الإنساني الذي تُمثله اليد كمفتاح دلالي ورمزي لمفاهيم الوحدة والأخوة والتجمع والقوة، فيها مقاربة من قصة الشيخ الجليل وأبنائه وعصيهم المتفردة والمتوحدة، ومنسجمة مع أبيات شعرية سبكت في هذا الخصوص، باعتبارها مظهر رمزي لتناص بصري، وتضمين لمجاز القول المنشود.
وبين اشتغالها في مجالات النحت الرخامي المباشر، والذي يروز قدراتها الذاتية كأنثى، وطريقة تعاملها مع أحجارها وكتلها رسماً وصقلاً وتهذيباً، وما تجتهد من أساليب التعامل الحرفي والمهنية الفائقة مع أدوات القطع والقص والتسوية والتنعيم والطرق وما شابه من تقنيات اشتغالها النحتي. وما لديها من قدرات بحث ممكنة لتطويع السطوح والتجاويف، والكتل وتوليفات الصور والمرئيات والتعبيرات الحسيّة والرمزية، الموصولة بحسبة شكلية متناغمة مع الموروث الفلسطيني في متواليات أزمنته الغابرة بالحاضرة.
كما نجد في توليفات أعمالها التركيبية، مسحة من الفنون التطبيقية المتداولة لدى الأسر والعائلات الفلسطينية الريفية، من مشغولات القش، ودباغة الجلود، وأسلاك وصفائح معدنية وسواها من الصنائع المحلية الفلسطينية التراثية. تدرجها في متن لوحاتها نوعاً من تذكرة وسلوان واقتصاد منزلي، موصولة بجماليات الماضي الفلسطيني. ودلالة رمزية على تعاون الأسر واجتماعها في حضرة الأرض، وما يمر فيها من أحاديث وتجليات عمل وتكافل.
تلوذ بالحداثة التعبيرية المتدثرة بكسوة فطرية، تعبيرية مفتوحة على فضاء التجريد، وتناغم في حركتها الشكلية، في سياق ألعاب ودمى متحركة لكائنات حيّة وطيور وفضاء متسع لخيال ظل، ورقص العناصر والمفردات التشكيلية المتواضعة في حيز الكتلة والفراغ، والعبث الرمزي مع ذكريات طفولة مارقة في وجدان الفنانة في لحظة تأمل وتجلي. تكوينات إنسانيه الطابع والمدلول، إنسانها متوار خفية في ظلال النصوص، مُعبر عنه بوسائط السرد البصري، واستعارة لغة المجاز الشكلي المستعارة من حيوية طائر السنونو وحركة طيرانه وأسرابه ومكانته في ذاكرة الزمن المتغير، كمهاجر نشط ما بين متغيرات الطقس.
السنونو ذلك الطائر المُحير في شكله، وغرابة طباعه وهجراته الشتوية والصيفية المتكررة مع دورات الفصول. وما يحمل في ذاكرة الناس من حكايات وأقوال ومآثر عاطفية دالة على مفاهيم الغربة والاغتراب والعودة الفطرية والطبيعية إلى أماكن الجدود، والتي تأخذ هذه السلسلة من الحكايات البصرية مساحة واسعة في لوحاتها التعبيرية والتركيبية، متعددة التقنيات. تصوغها في ملامح سرد بصري انسيابية الصياغة وسهلة التداول الشكلي لتقنياتها، المتدثرة بقصص طائر السنونو المرتحل في فضاء الحرية.

مشاهد مُستعارة من تذكرة عابرة لقصص منثورة في متن الكتب وذكريات الطفولة الحالمة، المتمسكة بحق العودة للديار. وفيها رمزية جليّة تدل على حال الشعب العربي الفلسطيني المشرد، الذي اجبره العدو المغتصب الصهيوني إلى الرحيل المؤقت خارج الجغرافية الفلسطينية، وكأنهم. أسراب من طيور السنونو العائدين في لحظة العودة المنتظرة ولو بعد حين. وما تخيرها للسنونو إلا دلالة رمزية واضحة القسمات، تشدنا إلى مفاهيم الوطن والمواطنة، وتقاسيم الأمل الموعود، في التحرير وعودة أصحاب الأرض الفلسطينية، أولئك المشردين في بقاع الدنيا إلى بيوتهم مهما طال الغياب. عودة للأرض الفلسطينية الكاملة التي لا عودة عنها، باقية في ضمير الوعي الفكري للشعب العربي الفلسطيني، المتوالدة عبر الأجيال الفلسطينية المتعاقبة.






رد مع اقتباس
قديم 02-25-2012, 05:02 AM رقم المشاركة : 64
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


47- الفنان محمد نصر الله
الفنان التشكيلي الفلسطيني الأردني "محمد نصر الله" المولود في مدينة عمان عام 1963، من أصول فلسطينية عاشت حياة التشرد واللجوء، وبنت مجدها الثقافي في صور إنسانية وجمالية متعددة. عاش طفولته متيماً بالرسم والتلوين والبحث عن فضاء حريته الفردية التي تُمكنه من تقديم ذاته كرسام ومصور حالم بمستقبل شخصي زاهر، مُحمل بالأحلام الوردية الزاخرة التي تقربه خطوة من واحة الوطن الفلسطيني المستلب الذي يمثل جوهر حريته المنشودة في حبكة حريتها وتحررها كذات جماعية. شغله الفن في عموم مراحل تعلمه المدرسي، ودخل في مجاهله وأغواره وتفاصيله الجمالية والتقنية في سن مبكرة.

فكانت مدينة عمان موئلاً مناسباً لصقل مواهبه ومده بالخبرات الأكاديمية اللازمة. في البداية تابع دراسته الأكاديمية معهد الفنون الجميلة، مستكملاً مدارات بحثه في المركز الثقافي الإسباني، الذي منحه شهادة دبلوم تخصص في ميادين الرسم والتصوير. أقام عدة معارض فردية وأكثر من مئة مشاركة جماعية داخل الأردن وخارجه في الوطن العربي وأوروبا، وهو عضو نشط في رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين.
معارضه ولوحاته تحمل في ثنايا تسمياتها هذا الفيض الجمالي والمعاني الدلالية الممجدة للإنسان والأرض والطبيعة عموماً. تشدك كمتلقي إلى واحة أسراره وخلفيات رؤاه الذاتية وأفكاره. وكأنك في استعراض مسرحي درامي لأبطال نصوصه ومفرداته التشكيلية، المتوالدة من عالم الأدب والرومانسية والصوفية الروحانية، وغنائية اللون، وتجليات الصورة الموصولة برجل حالم ومتفائل وشاعر تقني ما زال يعيش حلمه الشخصي، مندمجاً مع واقعه اليومي المعاش بلغة سرد بصري شفافة قلّ نظيرها.
كانت وما زالت لوحاته محتفظة ببريقها الوصفي، وبأساليب رحلته الماجنة في فضاء الخط واللون والمساحات، وتواتر العلاقات الشكلية والتوليفات الجمالية لمضامين رموزه التي تحمل مدادها السردي المقصودة في حبكتها التقنية والموضوعية، والتي يسعى من خلال مجموع معارضه الفردية والجماعية روز واختبار مواهبه وقدراته الأكاديمية المكتسبة. وكان أميناً ومنحازاً لذاته المبتكرة وتفرد خصوصية تجاربه. مُقدماً عشرات اللوحات التصويرية المتغنية في مدادها الوصفي، بالإنسان كجوهر، والطبيعة كمظهر، والحرية كمساق سرد روحاني لمجاز قوله الفني التشكيلي. حرية مفتوحة على المحاكاة الرمزية للطبيعة والإنسان، باعتبارهما المكون البصري الأساسي في عموم لوحاته، وبمثابة ذاكرته البصرية النفوذ إلى قضايا الإنسان وهمومه وتجلياته عموماً والفلسطيني خصوصاً.
وكان التجديد سمة ملازمة لتجلياته البحثية والممزوجة بثقافة معرفية عديدة محلية وأعجمية، متناسلة من متن الكتب الفلسفية والأدبية، لتختمر في معامل اختباره الذاتي ومخيلته الولود الجامعة. في سياق لحمة تصويرية جامعة، لتخرج مزق متوالدة أيضاً فوق سطوح خاماته. ولتنسج معالم حداثتها بصور وتداعيات تقنية متعددة الخصائص والجماليات. ولتوصله إلى بر أحلامه، وتلامس واحة مخزونه وتمكنه ومقدرته على فهم وتطويع طاقات الخامات والمواد التقنية المستعملة، خدمة لمجاز وصفه ومعانقة لقيمه الإنسانية والجمالية، والممزوجة بشيء من الصوفية والروحانية وغنائية اللون ومساراته الشكلية المتحررة، والراقصة في فضاء الفكرة وخلفيات المضامين التي تدور في فلكها.
والمتتبع لمسيرة تحولاته وخبراته، يجده دائم التنوع في الشكل والمضمون، وكثير العزف على مسارات البحث التقني في تجلياته التصويرية المتنوعة أيضاً. متنقلاً ما بين حدائق الواقعية المحدثة، والرومانسية، والرمزية والغنائية اللونية متوصلاً إلى مدارات تعبيرية مفتوحة على فضاء متسع للحرية السردية التجريدية، كمحاولة بصرية منه للإجابة على أسئلة ذاتية تدور في مخيلته وحدسه وأحاسيسه كفنان حالم ومتبصر بما يجري حوله من مظاهر وجود طبيعة وإنسان، والرد تشكيلياً على أسئلته المفتوحة لمدارات الأمل والوجود والحياة.
وتجوب لوحاته في غمار مقاماته الصوفية، المشبعة بغنائية اللون ورتابة المساحات والخطوط الحاضنة. وتبني مجدها السريالي وتجريدها الغنائي حكاية تشكيلية لا تنتهي في حدود معرض هنا أو هناك. لها بداية ولا تعرف مداها السردي. سريالية وتجريدية غنائية متدثرة بعباءة الرمز والإحالات التشكيلية والرومانسية، وقائمة على أسس "الموسقة التقنية" لتوزع العناصر والمفردات ورقص الخطوط والملونات داخل لحمة التكوين وفضاء اللوحات. معنية على الدوام بالتناغم الشكلي ومحددات التحامه بالمضمون. ومحتوى مُشبع بالتضمين والتورية والمجاز البصري للمرسل التشكيلي عبر تنويعات التجلي في ذاكرة المكان العربية، جوهرها الباطن والخفي فلسطين المغتصبة دائمة الحضور في خلفيات نصوصه، كمداد رمزي ومجاز شكلي مشهود في كثير من لوحاته.
تقنياته وتخير عجينته اللون وأدواته متحررة أيضاً من قيود الرتابة، يوظف ما امتلك فيها من موهبة خبيرة ومدربة في ميدانه، ويطوعها لتسبح في أتون تجلياته التصورية، يُمسك بمفاتيح العائلة اللونية الجامعة والمتجلية في الألوان الخمسة الرئيسة: ( الأحمر، الأصفر، الأزرق، الأبيض، الأسود)، ويُدخلها مجرة معاركها التصويرية المنثورة على سطوح الخامات المستعملة، تدريجات لونية لا متناهية، تفسح المجال للخطوط والمساحات والأفكار. تستمطرها جميعاً في لحظة تجلي، مُشكلة عالماً تشكيلياً حافلاً بالخصوصية والتميز، والتفرد الشكلي والتقني والجمالي.

فلسطين ونضال شعبها حاضرة في جميع لوحاته الواقعية والرمزية والرومانسية منها والتعبيرية والسريالية والتجريدية، تجدها واضحة التقاسيم والوجوه والمفردات المتوالدة من ذاكرة مدينة منسية هنا، أو مخيم لجوء هناك، وحافلة بجماليات القرى وحركة النسوة والفلاحين والمقاومين. الإنسان جوهرها والأرض مدادها الشكلي. وروحانية الوصف والتجلي سمتها الخاصة والمميزة لفنان مميز أيضاً، آثر أن يكون علماً مميزاً في ميدانه.
ـــــــــــــــــــــــ







رد مع اقتباس
قديم 02-25-2012, 05:04 AM رقم المشاركة : 65
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


48- الفنان امين السيد

الفنان التشكيلي الفلسطيني السوري " أمين السيد" من مواليد دمشق عام 1963، أصوله الفلسطينية تعود إلى قرى قضاء مدينة صفد في جليل فلسطين الأعلى، محيطة الأسري والمجتمعي الفني ساعده على تخير مساراته الحياتية. درس فن التصوير على نفسه، مُثبتاً حضوره الفني في معارض اتحاد الفنانين التشكيلين الفلسطينيين في سورية، ليكتسب عضويته فيه عقب مشاركاته الفنية في معارض عديدة، وكان معرض الكرامة الفلسطيني عام 1980، نقطة البداية وتوالت بعدها مشاركاته في العديد من المعارض الفنية الجماعية الفلسطينية والسورية والدولية. ونال عن مشاركته في بينالي فن العالم الإسلامي المعاصر بالعاصمة الإيرانية طهران عام 2000 الجائزة الخاصة للجنة التحكيم.

حبه لفنون المسرح والسينما والتلفزيون، وشغفه بالمتممات الجمالية التي يلعبها الديكور والمناظر الخلفية، وتنويعات ملابس الممثلين المثيرة في تلك المجالات، جعله يدخل في متاهة هذا الفن الرحب والواسع من بوابة الفن التشكيلي، ليتمم تجلياته البصرية وبشكل عملي ومهني واحترافي. مُكتسباً الخبرة وأصول الصنعة والمهارات الأساسية، مُفسحاً لموهبته ودربته شق طريقها في ميادين تصميم المناظر والديكورات وأزياء الممثلين في المسرح والسينما والتلفزيون السوري على وجه الخصوص، كنقطة انطلاق للدخول المهني الموفق في معابر دول عربية وأعجمية. وتبوء مكاناً جيداً في مساحة هذا الفن الجميل، وتمكنه من الحصول على جائزة أفضل مصمم ملابس في مهرجان القاهرة الثالث 1997 عن مسلسل " الثريا"، وجائزة أفضل مصمم ملابس في مهرجان القاهرة الخامس 1999 عن مسلسل " سفر". وبصماته الفنية نجدها في أكثر من فلم ومسرحية ومسلسل، مثل: " صلاح الدين الأيوبي، صقر قريش، ربيع قرطبة، عذراء الجبل، التغريبة الفلسطينية، خالد بن الوليد، الحصرم الشامي، أهل الراية، صراع على الرمال، شام شريف، المتبقي، غويا".
لوحاته الفنية التشكيلية تميل في شكلانيتها الوصفية إلى عالم الميديا البصرية والمسرح خصوصاً، وتحمل في أحشائها بعضاً من سرديته الحكائية في وصف مضامينها، وتلاحم مكونات عناصرها ومفرداته الشكلية المرصوفة في متن اللوحات. مفردات كثيفة ومتداخلة وأشبه بمعارك لونية على سطوح الخامة، تأخذ نسيجها اللوني وإيقاعاتها المتناسقة من دائرة الألوان الرئيسة، وتشكل كل لوحة من لوحاته قبيلة شكلية، وغابة من الألوان والأشكال، وتُشعرك للتو أنك أمام مشهد سينمائي أو مسرحي أو تلفزيوني تاريخي، من خلال موحيات تجاربه الذاتية والمعبرة بشكل ما أو بآخر عن رمزيته وحكايته المتأتية من واقع فلسطيني مُعاش.
القدس المدينة العربية الفلسطينية المقدسة، تدخل في سجال عراكه البحثي وسجله البصري. ينسج من ثنايا أوابدها التاريخية المسيحية والإسلامية، بعضاً من زخرفة بيانه التشكيلي المستمدة من واحة المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وبيوتها القديمة، تأخذ صبغة لونية شفافة واضحة المعالم والتفاصيل، وإن نحى الفنان فيها إلى صوفية المؤثرات السردية في المآذن وتخير الملونات الزاهية، والمطلة على حالة رمزية من يوميات هذه المدينة الخالدة والصامدة بوجه العدوان والاغتصاب الصهيوني.
بينما نجد لثلاثية لوحاته الموصولة بمعركة حطين والمعنية بنبش ركام المداد التاريخي لحقبة إسلامية عابرة، تُفصح عن حقائقها بلغة الفن التشكيلي، ممجدة ومتغنية بالخط واللون لذلك الانتصار الماجد من خلال تسجيلات انطباعية بملامس تجريدية واضحة القسمات، وتقحمنا فيها بصورة رمزية إلى القائد المسلم صلاح الدين، الذي حررها ذات يوم من سطوة غزو الفرنجة الصليبي. جاعلاً من حركة ريشته المرنة فوق السطوح ترسم مسيرة لون وتوضع مساحات، وتجعل من أشكاله وخطوطه وملوناته أشبه بفراشات ملونة متراقصة داخل واحة مشهدها البصري، وتترجم التوافق اللوني والانسجام في جميع تجلياته وجزئياته.
لوحاته رمزية في مضامينها وتعبيرية انطباعية، تجريدية في سردية الشكل واحتضان الرموز والمضامين، وتسعى لإبراز القيم والعلاقات الشكلية المتناسقة للصور المتخيلة. مُغرقة في غنائيتها اللونية المتجانسة مع ذات الفنان الشخصية وروحة المتحررة من قيود الوصفي التقليدي، والنمطية الأكاديمية المتبعة في صياغة وتقديم اللوحات التاريخية، وتجدها في بعض الأحيان تأخذ صبغة التنوع الشكلي والمرور على مدارس وتيارات معاصرة في سياق حداثة تعبيرية جامعة. يبتكر الفنان من خلالها لذاته مساحة توليف ورؤى شكلية، ولغة سرد متمايزة في عالمه التشكيلي، وتقربه على الدوام من مساحة اشتغاله في ميادين تصميم الأزياء وضرورات اللون التي تأخذ منه كل مأخذ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ






رد مع اقتباس
قديم 02-25-2012, 05:06 AM رقم المشاركة : 66
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


49- حسن حوراني (1974 - 2003)

ولد الفنان التشكيلي حسن حوراني في مدينة الخليل بفلسطين عام 1974، وفيها تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي، والتحق عام 1993 بكلية الفنون الجميلة في بغداد عاصمة العراق -وتخرج منها عام 1997.





عاد إلى فلسطين بعد تخرجه وعمل مدرساً لمادة الفنون الجميلة في كلية مجتمع المرأة في مدينة رام الله التي يطلق عليها اسم (الطيرة) وبقي فيها بين عامي 1997 و1999، والتحق في صيف العام الأخير بدارة الفنون الصيفية في العاصمة الأردنية عمان، ثم عاد ليعمل كمنسق معارض وباحث في مركز الواسطي للفنون في القدس بين عامي 1999 و2000 واشترك في مسابقة (الفنان الشاب) التي نظمتها (مؤسسة عبد المحسن القطان) في فلسطين عام 2000 ونال الجائزة الثانية عن عمله الإنشائي (منا وفينا)، وحصل على منحة تفرغ من مؤسسة القطان، وسافر إلى نيويورك عام 2001 وعمل فيها في مجالات الفن التشكيلي والإنشائي، واشتغل على إعداد كتاب للأطفال.




وفي الخامس والعشرين من تموز عام 2003 عاد من نيويورك إلى فلسطين لمراجعة كتابه وإعداده للطباعة، لكن ذلك لم يتحقق لأن الفنان الشاب توفي بعد غرقه مع ابن شقيقته الفنان سامر أبو عجمية في شاطئ مدينة يافا يوم السادس من شهر آب عام 2003، أي بعد أقل من أسبوعين من عودته إلى مسقط رأسه.
لقد كان يحلم بزيارة بحر يافا، ولكن سلطات الاحتلال حرمته هذه الفرصة، وعندما أتيح له ذلك، غرق فيه!!



وكان ملفتاً أن الصحافة الغربية في بريطانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا واليونان وماليزيا والفلبين .. أفردت حيزاً للكتابة عن حياة وموت الفنان الفلسطيني حسن حوراني الذي رحل وهو في التاسعة والعشرين من عمره؛ فنشرت (الغارديان) البريطانية مقالة مطولة عنه، ووضعت على غلاف الملحق رسماً للفنان الراحل بريشة فنان الصحيفة (تين) ظهر فيها الراحل على شاطئ بحر وقدماه في الماء، كما احتلت صور لوحاته ورسوماته أغلفة وصفحات الصحافة في البلدان الأخرى.
والفنان الراحل أنجز خلال حياته القصيرة عشرات الأعمال والمشاريع الفنية في مجال الرسم والتركيب في الفراغ والفيديو، وأقام معارض فردية وشارك في معارض مع آخرين في: القدس ورام الله والخليل وبغداد وعمان والقاهرة ونيويورك والاسكندرية والشارقة وقطر وكوريا الجنوبية وبنغلادش..
وقد عرضت أعماله - عام 2000 - في مبنى الأمم المتحدة وكذلك في متحف (ويليامز برغ للفن والتاريخ) في نيويورك - عام 2002- ونفذ - بالتزامن مع ذلك المعرض - مشروعاً بعنوان (يوم واحد .. وليل واحد).



أما الكتاب الذي اشتغل عليه واختار له العنوان البسيط (حسن في كل مكان) فقد رأى النور بعد رحيل صاحبه، ويعود الفضل لمؤسسة القطان التي كلفت الشاعر والأديب (أحمد دحبور) بتحرير نصوصه، والفنان (شريف واكد) بإخراجه واستديو الفا بتنفيذ طباعته وتجليده.
ويقع الكتاب في مائة صفحة من القطع الكبير، ويتضمن 36 لوحة فنية و36 نصاً أدبياً، أي أن الكتاب عبارة عن لوحات رسمها حسن ولون جزءاً منها بصبر وحرفية عالية، بالإضافة إلى نصوص أدبية.



وتظهر رسوماته طاقة فنية عالية ممتزجة مع جدة أفكار وموهبة فذة، وهي سمات وسمت إنتاجه الغزير لأن (الوقت عنده كان فرشاة والمكان سماء جامحة). لقد رسم حسن حوراني وكتب في فلسطين ليصل إلى السودان والمغرب والرياض، وكل مدينة وقرية ومخيم، ليتصفح الناس أحلامه وأفكاره عن الحياة التي لم تمهله طويلاً -كما يقول شقيقه الفنان خالد الحوراني ويضيف: إن جهود حسن وتعبه وشغله على نفسه وفنه لم يذهب أدراج الرياح .. إن حسن في كل مكان، من اليمن والمنامة وحتى تطوان.







والفنان خالد الحوراني يشير هنا إلى فوز كتاب حسن الموسوم (حسن في كل مكان) بجائزة (أفضل عشرة كتب للأطفال) التي تم اختيارها من بين مئة كتاب على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2009.
رحل حسن حوراني، لكن روحه ظلت تمتطي دراجته السحرية، وتطير فيه أسطح المنازل في الوطن العربي ومدن العالم ، بحثاً عن بانوراما من العالم الذي ما زال يمنع الفلسطينيين من حرية السفر والطيران في سماء فلسطين






رد مع اقتباس
قديم 02-25-2012, 05:07 AM رقم المشاركة : 67
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


50- الفنانة فيرا تماري


الفنانة التشكيلية الفلسطينية "فيرا تمارى" من مواليد مدينة القدس عام 1945، تلقت تعليمها الأكاديمي في ميادين الفنون الجميلة التشكيلية والتطبيقية في بداية رحلتها الفنية والنضالية بوسائط الفن، في كلية الفنون الجميلة للبنات بمدينة بيروت اللبنانية ما بين أعوام 1962-1966، واستكملت مناهل صقل مواهبها المنحازة لفن الخزف في مدينة فلورنسا الإيطالية ما بين 1972-1973، فضلاً عن خضوعها لدورات مكثفة في بريطانيا واليابان.

تابعت مسيرة بحثها الأكاديمية العليا بجامعة أكسفورد البريطانية، متخرجة من قسم الدراسات والفنون الإسلامية، وحصولها على ماجستير فلسفة الفن والعمارة الإسلامية عام 1984. تعيش الآن في مدينة رام الله، وتُدير محترفاً خاصاً بفنون الخزف في منطقة البيرة بفلسطين، وتشغل موقع أستاذة لمواد تاريخ الفن والعمارة الإسلامية بجامعة بير زيت الفلسطينية. أقامت مجموعة من المعارض الشخصية في مدينتي القدس ورام الله ما بين 1974-1981، ولها مشاركات عديدة في المعارض الجماعية داخل فلسطين وخارجها، سواء أكانت في الوطن العربي والدول الأعجمية، شاركت بتأليف كتاب "البيت الفلسطيني" الذي صدر عن منشورات المتحف البريطاني في لندن.
لقد زاولت جميع الأعمال الفنية التعبيرية من رسم وتصوير وسواها من تقنيات العصر المعلوماتية من غرافيك دزاين والتركيبية والمتحركة المرئية والسمعية، مُنحازة لخيارها التقني والأكاديمي المتجلي بفن الخزف وتقنياته المتعددة. تُعد الفنانة "تمارى" -إن لم نقل الوحيدة في ميدانها "فن الخزف" في مجتمعنا الفلسطيني- بل هي الأبرز والأكثر جودة ومهارة من حيث إتقان الصنعة، وممارسة فنيات الحرفة التقنية منذ تشكيل الخامة الأولية من طين وصلصال وتدوير على الدولاب، وقولبة وتدخين في أفران خاصة بالخزف، ووضع ملوناته شديدة الخصوصية، وصولاً إلى مقاماته النظرية والثقافية والفكرية وما يحتوي من جماليات ونفعيات شكل وتوظيف محتوى، وتقديمه كولائم بصرية مقاومة في سياقه التشكيلي الفني الجمالي والإنساني بعيداً عن الحرفة التقليدية الخالصة.
لقد أخرجت فن الخزف من دائرة الحرفة المهنية النمطية انتقالاً مُحبباً إلى ميدان الفن التشكيلي، ومن دائرة النفعية الجمالية، إلى بوتقة الوعي الحسي والثوري والنضالي والإنساني الملتزم بالقضية الفلسطينية. وغدا فنها تعبير عن القرية والريف والمدن الفلسطينية العامرة بالحياة، وبالإنسان الفلسطيني المكافح من أجل وجوده الحر الكريم على تراب وطنه، ضمنتها بوسائط سرد بصري مادي ورمزي وبتعبيرية وصفية تليق بمقام القضية ونضال الشعب الفلسطيني، والمساهمة في ولادة فن خزفي متحرك في فضاء القضية بفاعلية وآثر، والتدثر بملامح تعبيرية إنسانية الوقع والصدى والتأثير في النفوس والأعين والعقول المبصرة.
فنونها الخزفية، هي فنون مقاومة بحدود أشكالها التعبيرية، وطاقته الطين التقنية ومقدرتها التشكيل والتوصيل. فن خارج من أنفاس الأرض والتربة الفلسطينية، صلصال مقاوم وملتزم في مكوناته، وتشكيلاته الفنية ورمزية الوصفية والدلالية بالقضية الفلسطينية من أوسع أبواب التعبير. وأمست الخزفيات في حضرة محترفها ويديها المبتكرتين وذاكرتها البصرية الجامعة والحافظة، والموصولة بتجليات الوطن والأرض الفلسطينية، هي السمة الغالبة والأكثر تميزاً ووجوداً في عموم أعمالها الفنية التشكيلية، وهي بمثابة أسلحة ثقافية وفكرية وجمالية توظفها في مقارعة العدو الصهيوني.
خزفيات متناسلة من خضار الأرض الفلسطينية وتربتها الندية الطهور، المحملة بالتاريخ الحضاري الدالة على جميع مكونات الوجود الإنساني للشعب الفلسطيني فوق أرضه منذ غابر الأزمان، ودحض مادي وعلمي للرواية الصهيونية وأساطيرها العدوانية، وحتى اللحظة الحياتية المعاشة في وقتنا الحاضر. فن يتحدى فلول الاغتصاب الصهيونية العابرة فوق أرضنا والآيلة إلى زوال، بما تحمله مضامين الخزفيات من معاني ورموز متوارية خلف تفاصيلها الشكلية ونصوصها البصرية المسرودة هنا وهناك. يتجلى فيها أنفاس كفاحية وروح إنسانية متفاعلة مع شجون الطبيعة الفلسطينية، ومآثرها التاريخية وأوابدها وبيوتها وأماكن العبادة فيها المسيحية والإسلامية، والعامرة بناسها الطيبين الذين ليس لهم خيار إلا الصمود والتمسك بالأرض وبخيار المقاومة بأشكاله النضالية المتاحة.
فن الخزف بالنسبة إليها هو بمثابة رسالة ثقافية وتحريضية ومنشور شخصي تُعبر من خلاله على كينونتها، ومكانتها كفلسطينية ملتزمة بيانها السردي بوسائط الفن، وموقفها من ساحة الصراع العربي الصهيوني، ودورها كفنانة تمتلك أسلحة قتالية من نوع جديد، ومن هذا المنطلق يأخذ الخزف لديها مشروعيته الفنية التشكيلية، كجزء لا يتجزأ من الفنون الجميلة التشكيلية، وليس باعتباره فناً تطبيقياً وحسب، وما الصلصال المفخور والمدخن لديها مشغول وفق قوالب فكرية وجمالية مصاحبة لمقاماته الوصفية، المنحازة لمناطق وعيها النضالي والإنساني بالقضية الفلسطينية كواحدة من جنوده المقاومين.
في بداية الرحلة كانت الأعمال ذات طبيعة مهنية، متصلة في سياقها النفعي والجمالي، ثم ما لبثت أن لبستها القضية الفلسطينية وامتلكت حواسها ومناطق وعيها فيها، وكان للإنسان الفلسطيني المهموم والمتعب في وجوهه التعبيرية المكفهرة والقلقة، والمتناسبة ومراحل الحزن والأسى والحنين وفقدان الوطن عقب نكبة فلسطين الكبرى عام 1948، متسعاً لواحة تعبير، باعتبارها لازمة وصفية مواكبة لمرحلة اللجوء والنزوح، ويوميات الحزن الفلسطيني المقيم.
ولكنها بعد بزوغ الثورة الفلسطينية المعاصرة عام 1965، والمتجاوزة أيضاً لهزيمة الأنظمة العربية في حرب حزيران عام 1967، كرد عملي عن الهزيمة وإزالة أثار العدوان. أصبح المشهد البصري التشكيلي في أعمالها أكثر قرباً من واحة المقاومة وما يحتله المخيم والفدائي من موقع نضالي متقدم في مواجهة آلة العدوان الصهيوني، والتغني بالتراث الشعبي الفلسطيني وذكريات الأهل والأحبة، المحمولة بتجليات الأسطورة وترجمات الواقع المحفوف بالأمل والتحرير والعودة.

وتجلت المدائن الفلسطينية ومدينة القدس كبيت المقدس بأكنافها المترامية الأطراف، بمثابة المجال الحيوي لتوصيف فكرتها التعبيرية، عبر لوحات خزفية جدارية، محكومة بتداعيات الأمل الساكن في القلوب والنفوس والعيون والعقول، وترجمة حسيّة عاطفية وانفعالية من قبل الفنانة التي ترى الحقائق بعين فنانة أكثر تفاؤلاً وإشراقاً، وفي مكونات شكلية ومعالجات تقنية أكثر بساطة شكلية في محددات محتواها الرمزي والجمالي، وبما تحفل من ملونات وأصبغه خاصة عاكسة للطبيعة الفلسطينية، وحاملة لخاصية الطين والملونات المدخنة في ثنايا مفردات عناصرها الموصوفة.
ــــــــــــــــــــــــــــ






رد مع اقتباس
قديم 02-25-2012, 05:09 AM رقم المشاركة : 68
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


51- الفنان محمد فضل


الفنان التشكيلي الفلسطيني "محمد فضل" من مواليد بلدة كفر يا سيف في جليل فلسطين المغتصبة عام 1977. هو واحد من عائلة فلسطينية كبيرة مكونة من ثمانية أفراد قادتهم لقمة العيش إلى مدينة حيفا عام 1982، فأمست جغرافية حيفا الطبيعية موئلاً ممتعاً لطفولته ويفاعته وشبابه التي أمدته طبيعتها الفلسطينية الغناء الجبلية والساحلية بجماليات رؤى، وبمحاسن صور والتمتع بذاكرة لونية حاشدة بالمبتكرات. وكانت جسر العبور لموهبته الفطرية المُشبعة بمتواليات المشاهد والمكونات والجماليات منذ صغره وحتى أيامه الحالية المعاشة، والتي تعمل على تدوين ترجمات حسيّة شكلية وتقنية وجمالية على سطوح الخامات المُستعملة والمتاحة للرسم والتلوين.

أنهى دراسته الثانوية في مدرسة ثانوية المتنبي، متابعاً دراسته في ميادين بعيدة عن الفن، ثم سيرته ظروفه المعيشية للعمل مع والده في أعمال البناء. وأسعفته موهبته الفطرية المحافظة على مسافة ما مع ذاته المُبتكرة، والتوفيق ما بين قوت يومه ومواهبه من خلال البحث عن حلول بديلة لمزاولة الفن بطرق تقنية وأساليب خاصة، وبقيت مطالعاته اليومية وخبراته في معاينة الطبيعة، وتلمس مفاتن مكونات محيطه البيئي هي مداده البصري، باعتبارها المعلم الأول لمساقات دراساته الذاتية، مُتعلماً على نفسه، ومتخذاً لذاته المُبتكرة مكاناً طيباً في العروض الفنية التشكيلية بمكان إقامته، ومكنه ذلك التألق الفني التشكيلي للحصول على عضوية بيت الفنان التشكيليين في مدينة حيفا، وهو لم يبلغ بعد سن الثامنة عشرة من عمره.
مسيرته الفنية التشكيلية حافلة بالمغامرات التصويرية التجريبية والتقاسيم الشكلية، المتناسلة من جماليات الطبيعة وحكايات الجدّات والأهالي عن القصص الخرافية والأساطير، والموروث الشعبي في أجمل تجلياته، باعتبارها سلسلة تصويرية متكاملة بالخط واللون والفكرة التصويرية التعبيرية المحلقة بفضاء التخييل، والذاكرة الغنية برمزيتها التصويرية ودلالاتها الموحية، والمتساوقة مع روحية قصص كليلة ودمنة، ولكن بدثار شكلي ومحتوى موضوعي يميل إلى البساطة والتبسيط الشكلي للمكونات والرموز والشخوص والأماكن.
هو بحق رسام الحكايات الشعبية والمقولات العفوية، يُدونها بحس تقني تجريدي لا يشابهه فيها أحد. رسوم ولوحات تجريبية معبرة عن الذاكرة الشعبية الفلسطينية التراثية، وموصولة بالسذاجة الشكلية المحكومة بعلاقات شكلية متوازنة خطاً ولوناً وأشكالاً، وزخرفة هندسية ونباتية وحيوانية، وما تحوي جعبتها التصويرية من ذلك الخلط الفريد لحكايات ورؤى ذاتية بكل ما فيها من مبتكرات، ومتواليات شكلية وحسبة لونية متناثرة فوق سطوح الخامات المستعملة.
مناهل ابتكاره المكرسة في عروضه الفنية كمعارض شخصية، مجموعة في خمسة مراحل وعناوين رئيسة. كانت بدايتها تعود للعام 2005، حينما احتضنت "مؤسسة عبد المحسن القطان" في مدينة رام الله أولى جولاته التجريبية خارج حدود مدينته حيفا. فكانت ولائمه البصرية تحمل في مضامينها وعناوينها، خلفيات رمزية مُقاربة للوضع الفلسطيني المعقد والمحفوف بالمخاطر وبالاغتصاب الصهيوني المقيم. صاغه صراعاً بصرياً من نوع ثقافي وشكلي مُغاير.
فالمجموعة الأولى من لوحاته تحمل اسم "هولاكو 2004" المنفذة بالملونات الزيتية، وتنتمي إلى ذاكرة المحسوس الشعبي في مكوناتها الشكلية ومحتواها الموضوعي، كتعبير عن مظالم هولاكو في طيات التاريخ القديم، وما مثله من مظالم وتدمير للمكونات الحضارية العربية الإسلامية التي حدثت في غزواته الماجنة والحاقدة والمتخلفة أيضاً، وكأن الفنان يُحاول لفت الأنظار إلى حقيقة ما جرى ويجري في فلسطين من مجازر صهيونية لا تقل قسوة وإيلاما عن مجازر هولاكو، بصيغ فنية تشكيلية شفافة وغير مباشرة.
أما مجموعته الثانية من لوحاته، والتي حملت عنوان "الوز 2005"، وهي لوحات زيتية أيضاً، كرسها لجماليات الحياة من خلال إحالاتها الرمزية والشكلية لذلك الكائن الجميل في شكله وملوناته وألفته، وهي بمثابة إسقاطات رمزية لحال الشعب الفلسطيني الوديع الذي ابتلي بالاغتصاب الصهيوني البغيض. بينما مجموعته الثالثة تحمل عنوان "سماء مربعة 2006" تأخذ سياقاتها من أشكال المربع وتواجده في رسومه وملوناته كقطع شكلي هندسي محبب لديهن يسعى من خلاله لاحتضان مفردات عناصره الشكلية، المنسجمة مع تجليات الذاكرة العربية والفلسفة الإسلامية، وبوحها الصوفي، وتجريدياتها الهندسية والمنفذة بتقنيات التصوير الزيتي.
أما مجموعته الرابعة "قائدون في الغابة 2007" والمنفذة بملونات مائية من نوع أكرليك مشغولة بشفافيته ومقدرته على شغل المساحات البينية، وربط العلاقات الهندسية والحسيّة المتوارية ما بين المكونات الشكلية وطبقات اللون وزهوه وبريقه في عين المتلقي وبصيرته. والتي تقودنا إلى حكايات الطفولة وقصص الأهل عن الغابات وأسرارها وما يجول في ذاكرتها من حكايات. تربط في مضامينها وجواهرها تلك العلاقات الحميمة ما بين الإنسان والغابة وما تحتضن من كائنات حيّة ورمزية تفاعل وتكامل في أنماط الحياة.
أما مجموعته الخامسة الموسومة باسم "لعبة المفاتيح 2007" والمنفذة بملونات الأكرليك أيضاً، هي اختمار لرؤى فنية وبحث بصري في جميع مواصفاته التقنية والشكلية ومحتوي دلالاته الموضوعية، وتتويج لتجاربه البحثية، والتي تلخص مراحل نضجه الفني، ومقدرته على امتلاك السليقة الوصفية لرصف مركباته ومشتتاته اللونية، ورموزه وأشكاله المستعارة من واقع الحياة اليومية ومن كنوز التراث الشعبي الفلسطيني المتناقل عبر الأجيال. وموصولة برمزية الصراع العربي الصهيوني، وأحلام الفلسطينيين اللاجئين والمهجرين من بيوتهم التي غادروها مُكرهين والذين ما زالوا ممسكين بمفاتيح منازلهم بالرغم من طول البعد والغياب.
لوحاته جميعها، غير متكلفة في بيان سردها البصري، وهي خارجة بالتأكيد عن سطوة التعبيرات المدرسية الأكاديمية الغربية، متحررة من القيود والنمطية الشكلية، وسابحة في فضاء شكلي مُتسع على الحرية، حرية مفتوحة على ذاكرة المكان الشعبي الفلسطيني بكل أسراره وقصصه وأساطيره، مُتغنية باللون المتسع لجميع مشتقات الدائرة اللونية الرئيسة، والمتناغمة مع إيقاعات الطبيعة الفلسطينية بكل ما فيها من جماليات بحر ونهر وجبل وسهل وخضرة وكائنات حيّة وناس طيبين.
رسومه ولوحاته التصويرية تعتمد على البساطة الشكلية والتحوير الهندسي المسطح للشخوص والكائنات التي يوظفها في حضرة السطوح، وبلاغة السرد البصري وجموحه الشكلي المفعم بالملونات والعناصر الشكلية، المؤتلفة في أحضان مساحاته المنشودة، والمتآلفة حدة لونية وإيقاعات تناسق شكلي وجماليات تدرج لوني، وجودة تداخل للمساحات الخالية من البؤر المنظورة ثلاثية الأبعاد، والاكتفاء ببعدي الطول والعرض، ومحكومة بحساسية التوهم البصري في خداعه الشكلي الملون الذي يفضي إلى ذلك الكم الهائل من الأشكال المتآلفة في داخل أسوار لوحاته. وكأن مضامينه ومكوناته تعيش أعراساً لونية لذات لإنسانية عاشقة للون والمساحة، وجامعة لجماليات الطبيعة والكائنات الحيّة والإنسان في حكايات مفتوحة على التأمل والقراءات البصرية المتعددة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ






رد مع اقتباس
قديم 02-25-2012, 05:11 AM رقم المشاركة : 69
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


52- الفنان فتحي صالح

الفنان التشكيلي الفلسطيني "فتحي صالح" المولود في منطقة البطيحة السورية عام 1966، تعود أصول أهله وذويه الفلسطينية إلى مدينة طبريا في شمال فلسطين. برزت ملامح تشكله الفني في مراحل تعليمه الأساسي والإعدادي، وبعد نيله الشهادة الثانوية انتسب إلى قسم التربية الفنية في معهد إعداد المدرسين بدمشق. متخرجاً بشهادة دبلوم تأهيل تربوي إعدادي لتدريس مواد الفنون عام 1985، عمل بعدها مدرساً في المرحلتين الإعدادية والثانوية في مدارس ريف دمشق الحكومية وما زال.

تسلم إدارة صالة الشهيد "ناجي العلي" بدمشق ما بين 2003-2008، عمل في مجال الإخراج الفني الصحفي، وميادين الكتابة الفنية والأدبية في صحف سورية ومجلات فلسطينية عديدة، وله مجموعات رسوم توضيحية حول قصائد الشاعر "طلعت سقيرق"، ومجموعة تداعيات حول فنانين تشكيلين وتعبيرين وكتّاب أحبهم ورسم لهم لوحات على شكل إهداء شخصي. وله محاولات عديدة في تأليف مخطوطات وكتب ذات صلة بالفنون التشكيلية والأدب، ما زالت تنتظر النور ومطوية في أدراجه لضرورات الرعاية والتمويل. هو عضو في اتحادي الكتاب والصحفيين والفنانين التشكيليين الفلسطينيين بفرع سوريا، مُشارك في معارض الاتحاد العام للفنانين التشكيلين الفلسطينيين في سورية منذ العام 1986، وله أكثر من معرض فردي.
رسومه ولوحاته هي نتاج تجارب شخصية خاض غمارها من بوابة التربية الفنية ودراستها أكاديميا، كمرحلة مهمة في حياته الشخصية، وعامل مساعد كان له أكبر الأثر في تكوين ملامح شخصيته الفنية، وخصوصيته وتفرده في أسلوبه وميدانه. ساهمت مراحل الدراسة التخصصية في صقل مواهبه الفطرية عن طريق الدربة والخبرة ومزيد من التعلم المدرسي، وفتح نوافذ عريضة لتعلمه الذاتي وإطلالته الشخصية على تجارب الفنانين الآخرين التشكيلية، ومد جسور التواصل والعلاقات والصداقة في الساحة الفلسطينية والسورية والعربية والعالمية، وأدمن متاهات النضال الطلابي والنقابي، وأعطته دفعة قوية كخطوة متقدمة إلى الأمام لتخير مساراته الفكرية ومدراته الفنية التشكيلية، وتحديد نمط أسلوبه الفني وتقنياته.

بدأ مسيرة فنه وإنتاجه وفق الاتجاهات الواقعية بالفن، بحكم دراسته الأكاديمية والتربوية، ثم انتقل للواقعية التعبيرية التي أعطته مداداً واسعاً لتفريغ ما يجول في نفسه من ترجمات حسيّة وانفعالية، ومقدرة على التقاط المواقف السردية لمعين ابتكاره، وانتهى به المطاف إلى مزاوجة شكلية ومدرسية جامعة ما بين الاتجاهات التعبيرية والتعبيرية السريالية، المتدثرة بشيء من الرمزية، وتتناغم مع سيرته الذاتية كباحث مجتهد في ثنايا الفن والكتابة الثقافية والأدبية والتربوية، ولتجد لها مُستقراً بصرياً ملائماً، ومكانة ما بين أقرانه من الفنانين التشكيليين الفلسطينيين الشباب.
يعتمد الفنان "فتحي" في بناء لوحاته التصويرية ورسومه التخطيطية التي هي من نوع موتيف صحفي، على مجموعة من التالفات الشكلية المتسقة العناصر والمفردات المنثورة داخل حيز التكوينات، جوهرها الشكلي الإنسان، كمفردة أساسية وجوهرية في عموم لوحاته، يستحضرها من معالم نص بصري هنا وحكاية سردية هناك. ويجمع فيها أشتات حلمه الذاتي ورؤاه الشخصية للأمور والشخوص والمواقف، وتكون في كثير من الأحوال منقوصة الملامح والمكونات بشكل شكلي مقصود، لتترك لعين المتلقي وبصيرته العنان لالتقاط بعضاً من التفسيرات المجازية للغاز حبكته السردية، وإيقاظ مسحة تفاعلية ما بين بصره وبصيرته لنبش ركام رمزيته وسرياليته المحملة برؤى وأفكار.
خطوطه واضحة المعالم والتفاصيل، تحتضن مساحات ملونة تشغيل حيز الكتل البشرية المرسومة داخل أسوار اللوحات، تبوح برمزية المعنى المتسع على التأويل الحسن، وشكلية تضم مدادها الوصفي من خلال توضع العناصر والمفردات، وتناغم جماليات الصورة المأمولة المتوقعة والمرسومة في ذهن المبتكر والفنان، من كونها ترجمان ذاته الشخصية ومرآة عاكسة لمناطق حدسه وانفعالاته الحسيّة المتوارية في ثنايا النصوص.
تجود بإنسانيتها الشكلية التي تُخفي في طياتها بعض القول المباح، معنية بعادات سلوكية أتقنها الفنان في تعامله مع أصدقائه المقربين، الذين أحبهم وأحبوه، وكانت لهم مكانة خاصة في نفسه، وهي مُكرسة في مبتكراته المشهودة والمهداة بعناوينها وشخوصها. وأشبه بعربون مودة وصداقة وتآخي مُقيم وتذكارات امتنان وتقدير، وهي حالة تعبيرية إنسانية لافتة تُقرب المسافات ما بين الفنون والفنانين من مختلف المدارس والميادين ومشارب الابتكار.
تجد للفنان مصطفى الحلاج مكانة مميزة في لوحاته، ولفنانين آخرين أمثال "عبد المعطي أبو زيد، محمد الوهيبي، سليمان العلي، غازي عانا، حاتم علي، بسام كوسا، وسواهم كمساحة ود، فضلاً عن كتاب وشعراء وباحثين أمثال" أحمد دحبور، خالد أبو خالد، طلعت سقيرق، فراس السواح، شوقي بغدادي"وآخرين ممن شملتهم فسحة التقدير والإهداء.
فلسطين حاضرة بأعماله من خلال تخير شخوصه، وأبطاله القادمين من واحة المخيم، ومدارات الثقافة الفلسطينية المرتحلة مع عذابات اللاجئين والنازحين الفلسطينيين أينما تواجدوا. رايته الوحيدة العلم الفلسطيني كعربون انتمائه السياسي المنحازة لفلسطين في ملوناته المعروفة، كدلالة رمزية على ضرورات الوحدة الوطنية والتوحيد تحت ظلالها، وما الشخوص المتناثرين في خلفيات بعض لوحاته الذين يُظهرهم في عمق خلفياتها بلا ملامح واقعية، هي دلاله رمزية أيضاً على اندماج الشعب الفلسطيني في لحمة إنسانية تكاملية جامعة، تنتفي فيها الطبقات وتمايز المدن والقرى والمخيمات.

هذا الأمر الوصفي والتحليلي في لوحاته ورسومه التخطيطية، لا يُنقص من حيوية الفنان وتقويم تجربته من إشارات القول النقدي في لوحاته والتي نجد فيها متسعاً ومسحة شكلية مُستعارة من عين الكاميرا التصويرية الضوئية، ولكن بحسبة تقنية ومحتوى موضوعي تشكيلية. تجدها في مناطق بؤرها المنظورة ثلاثية الأبعاد، أي الإيهام التصويري لأبعاد المسافات المرئية، المتناغمة مع توزع العناصر والمفردات والشخوص من طول وعرض وعمق بؤري، وتداخل خطوط وملونات، تشابه إلى حد ما عين الكاميرا التجسيمية. وفيها ترجمات متجانسة وروح النص البصري وطريقة الفنان وأسلوبه في وصف وتصوير مقاماته السردية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ






رد مع اقتباس
قديم 02-25-2012, 05:13 AM رقم المشاركة : 70
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


53- الفنانة سلوى الصوالحي


الفنانة التشكيلية الفلسطينية الخزافة "سلوى إبراهيم الصوالحي" من مواليد مدينة رفح بفلسطين عام 1973، برزت مواهبها الفنية في ميادين الرسم والتلوين في سن مبكرة، وكان لفوزها بواحدة من جوائز مسابقة مدارس قطاع غزة عن الانتفاضة الفلسطينية المعروفة باسم ثورة أطفال الحجارة عام 1987 أكبر الأثر في توجهها الذاتي لدراسة الفنون الجميلة التشكيلية، والتبحر في ميادينها، ودفعها في بداية الرحلة للالتحاق ببرنامج الفنون الجميلة بجمعية الشبان المسيحية سعياً لصقل موهبتها الفطرية بالدربة والتعلم الأكاديمي والمهني.

ثم تابعت دراستها الجامعية بكلية الفنون الجميلة بجامعة النجاح الوطنية بمدينة نابلس عام 1996 ، ثم حصلت على دبلوم للتأهيل التربوي في كلية التربية الفنية من جامعة الأقصى بقطاع غزة عام 1998، ومتابعة دراستها في ميادين فنون الخزف الفني التشكيلي في كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان المصرية حاصلة على شهادة ماجستير في مجال الخزف. هذا التنوع المُكتسب من خلال يوميات دراساتها مُتعددة الخبرات الأكاديمية والمهنية والتربوية، والاشتغال الفني، أوصلها لاستنباط حلول بصرية مواتية لمعين أفكارها ورؤاها الجمالية، وابتكار أساليب معاصرة وتقنيات خاصة في الرسوالشرفاء داخلمات وتوالف بيئية، وعجائن طينية فخارية وخزفية.

وما مشاركتها في معارض جماعية داخل غزة وخارجها، لاسيما المعرض المقام عام 2004 تحت عنوان " حوار ما بين الجرة والرصاص" وسواه من معارض، ومعرضها الفردي عام 2010 تحت عنوان " أحلام من خيوط " يُعد باقة ابتكار جامعة ورافعة إيجابية لفنون التشكيل المصور المسطح والمجسم، المتمثل في فن الخزف التشكيلي الفلسطيني كإضافة مُعاصرة في هذا الميدان. عملت في حقل التدريس وما زالت مدرسة مُحاضرة في كلية الفنون الجميلة بجامعة الأقصى، وهي عضو في أكثر من جمعية من جمعيات الفنون التشكيلية في فلسطين.

لقد كان تخيرها لفنون التشكيل الخزفي، مقصوداً وليس محكوماً بتجربة عابرة، لأنها في طبيعتها الوجودية كمواطنة فلسطينية مُنحازة لتربتها، ولأرضها المعجونة بصفحات التاريخ الإنساني المجيد، وبعروبتها التي تحمل في أحشائها جميل الصور وجدلية الانتماء وأبجدية الصراع العربي الصهيوني، وما يعني فن الرسم والتصوير والخزف ومحاكاة الطين الفلسطيني النقي الممزوج بعذابات الفلسطينيين ومعاناتهم، وما تبرز من عوالم قص ومحاكاة ودلالات رمزية ومعاني فلسفية وجمالية مستفيضة لدى الفنانة "سلوى". أخرجتها من سياقات الصنعة والمهن اليدوية الشعبية وعفويته، إلى الدخول المقصود في مساحة الابتكار ومدارات الفنون التشكيلية، متناغمة مع جمالية الفكرة وحقائق الهدف المنشود، المؤدي في نهاية المطاف إلى سرد الحكاية الفلسطينية بواسطة الفن، مُتناسلة من ذاكرة المكان الفلسطيني وتربته وحفرياته التاريخية المجبولة بمتواليات السنين، بكل ما فيه من آيات الصمود والكبرياء والأبعاد الحضارية التي مرت فوق تراب الوطن الفلسطيني وعايشتها تربتها من غزاة عابرون ومارقون.

متمسكة بأعمالها بحقيقة وجودها على تلك الأرض الفلسطينية التي تستحق الحياة، وما تحمل رمال غزة وتربتها وطبيعتها وناسها الأباة المقاومين من تقاسيم الصمود والبقاء، تصدح صباح مساء بذلك الصمود الأسطوري المطوق بمظالم الحصار الصهيوني والعربي والعالمي. تنهل من معانيه رمزية المقاومة في أبعادها الحضارية والتاريخية، وتُشير بما لا يقطعه الشك بأن فلسطين بكامل جغرافيتها التاريخية هي عربية كانت، وستبقى عربية بدثارها المسيحي والإسلامي، وإنسانيتها المفتوحة على كل المناضلين والشرفاء داخل الأمة العربية والإسلامية والعالمية. وأعمالها التركيبية الشيئية والتصويرية والخزفيةعلى تاريخريخي وشعبي وحضاري لسرد بصري، يفيض بالبساطة الشكلية والوضوح المعنوي وخلفياته وتضميناته الدالة على ديمومة التحدي وخوض معركة البقاء مع العدو الصهيوني البغيض.

أعمالها الخزفية تأخذ شكل الأواني الفلسطينية التقليدية المعروفة من مشربيات فخارية متعددة الصنائع، لكنها موصولة بمناخ ابتكار متجدد ومتكامل وموصولة مع مجموع تجاربها الفنية السابقة في ميادين الرسم والتصوير الملون والتربية الفنية، تقودها من صنيعتها العفوية التقليدية إلى سباكة تقنية فيها حرفية، وجماليات متوالدة من معين الأشكال الهندسية العربية الكنعانية وسواها، متضمنة فوق جدران السطوح الخارجية للفخاريات، مراعية قواعد الرصف والصف الهندسي المتوالي والمتجاور والمتقابل والمتداخل، ومتوازنة مع حسبتها التقنية ومراعاتها لقوانين التدخين الخزفي، المراعية لدرجات حرارة محددة داخل أفران الصناعة التقنية الاحترافية. محمولة برمزية العناصر وإحالاتها النصية الدالة على تاريخ شعب عربي فلسطيني أدمن وجوده على أرضه.

قطعها الفخارية صغيرة الحجم نسبياً، ملونة بصباغات خزفية متعددة، موصولة بمراحل تشكلها الفني ومسحتها الرمزية الجمالية، من تخير النموذج الأولي ورؤيتها الشكلية على الورق، ثم متابعة محاكاتها بواسطة الطين النقي (الغضار) خالي الشوائب، وعجنها وتشكيلها الفني المتناسب ورؤيتها على الورق، وإدخالها في أفران خاصة بالخزف لتدخينها وحرقها في أكثر من مرحلة تقنية، ووضع ما يلزمها لعمليات لصباغة الملونات (الغليز)، وصولاً إلى مرحلة اختمار فكرتها المبتكرة كخزفيات جاهزة للعرض الفني والنفعية الوظيفية الجمالية.


لقد ساعدها تحرر غزة هاشم من جنود الاغتصاب الصهيوني من انجاز أفكارها ومشاريعها الخزفية، وإبرازها في صورة عرض فني تشكيلي لائق في قطاع غزة. لقناعتها الشخصية أن فن الخزف أكبر تعبير عن صمود الأرض الفلسطينية وشعبها، وما تحتل تربتها من مكانة رمزية وتقديس في الوجدان العربي المسيحي والإسلامي، تلك القدسية المتجلية بإبداعات الله جلّ وتعالى في بدائع خلقه، الخالق الواحد الأحد المالك الصمد، في عموم مخلوقاته وتكريمه الإنسان الذي خلق من صلصال مميز الخاصية، باعتباره أجمل خزفية مخلوقة بيد مبدع خالق عظيم الله جلّ مكانته وشأنه.
زخارفها المستخدمة في توليفات سطوحها الخزفية، مُستعارة من واحة التراث الشعبي الفلسطيني، ومن الصنائع والفنون اليدوية التطبيقية المتنوعة، يتصدرها بطبيعة الحال المطرزات الفلسطينية التي تأخذ بناصية الحرف الخطي ومسماريته وأبجديته، وبإيقاعات الحركة الشكلية للمكونات الهندسية والنباتية والحيوانية المتآلفة في أحضان سطوح قطعها الخزفية. وخاصية الملونات المتناسلة من واحة الطبيعة الفلسطينية في ترابها وحقولها وإزهارها وبحرها وصفاء زرقة سمائها، وموجباتها الشكلية وما تحمل من تضمينات رمزية لها علاقة مباشرة بثورة الأرض والشعب. وتذكرة عبور إلى مساحة فن له خصوصيته كمادة ورمز متوارية في التشكيل والبقاء والتوصيل.






رد مع اقتباس
إضافة رد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:40 PM بتوقيت عمان

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
[ Crystal ® MmS & SmS - 3.6 By L I V R Z ]
mess by mess ©2009