حكاية أسير مقدسي: الجد والأحفاد في السجن

[العجوري الاصيل]

حكاية أسير مقدسي: الجد والأحفاد في السجن


لم يستطع الأسير المحرر محمود دعاجنة أن يقلب الصفحة الأخيرة من صفحات كتاب سنوات أسره التي قاربت الـ 21 عامًا، ولم يستطع أن يغلق الكتاب رغم تحرره، وذلك لأن حفيديه محمود وأيمن يعيشان ذات تجربته ولم يتحررا بعد، وهما من أهم الأشخاص الذين تحتويهم تلك الصفحة.

محمود الجد ومحمود الحفيد وشقيقه أيمن كانوا رفاق درب داخل السجن...اجتمع ثلاثتهم في صورة مصغرة عن عائلة كبيرة خارجه مدة عام كامل، وتظهر تلك الصورة العديد من الأوجه لظلم السجان وظلمة السجن.

مشاعر الفرح شابتها مشاعر الألم لفراق أحباب كثر، منهم أحياء داخل السجن ومنهم من غادر الحياة، يتصدرهم والده ووالدته وحمواه وأعمامه وغيرهم.

لكن حياة الأسير دعاجنه خارج السجن مستمرة أيضاً بفضل وجود أبناء وبنات وأحفاد، وهم عائلته الكبيرة (3 أبناء و8 بنات و55 حفيداً)، وبالعودة إلى ما قبل الأسر فقد كانت ابنته الكبرى أمل 22 عامًا متزوجة ونجلاه ناصر وسالم متزوجين ولهم 3 أبناء، وكان أصغر أبنائه "عبدالله" لم يتجاوز الـ 4 سنوات.

وأوضح الأسير المحرر دعاجنة أن جميع أبنائه وبناته تزوجوا خلال وجوده في الأسر، مؤكداً أنه كان يفرح كثيراً لزواج أي من أبنائه، لكن الحزن كان يفرض نفسه لحرمانه من المشاركة في الحفل والمباركة،إلا أن رفاقه داخل السجن كانوا يقدمون له التهاني والتبريكات ويحتفلون معه في أيام زفافهم، لعلهم يخففون من آلامه وحسرته.

في غرف السجن لقاء الأحفاد ومعانقتهم

وعن حفيديه قال دعاجنة أن تاريخ الحركة الأسيرة يشهد لأول مرة اجتماع جد وحفيد داخل السجن، حيث وصف اللقاء الأول بينه وبين حفيده محمود وقال :"عندما دخل حفيدي محمود إلى السجن عرفته وعرفني، لكن أيمن لم أعرفه لأني لا أذكره في صغره، وكان وجودهما معي في نفس الغرفة بصيص الأمل للمستقبل".

وأضاف:"ثم أصبحنا نطالب بنقل شقيقه أيمن لنفس السجن،واستمرت المطالبة بنقله لنفس السجن عدة شهور، ثم قطعنا الأمل ولكن ممثل السجن "بشار الخطيب" بذل جهوده من أجل تحقيق رغبتنا وبالفعل تمكن من ذلك، وعندما جاء أيمن للسجن، قام الأسرى باستبدالي بآخر وقدموه له أنه جده، ولكنه قال له " أنت لست جدي" فأنا أعرفه بالصورة حينها خرجت فجرى نحوي وقبل ساقي،وعانقنا بعضنا البعض فأول مرة يحضني وعمره 19 عامًا، وحكم أيمن 35 شهرًا وشقيقه محمود ، وبقي مدة عام ونصف من حكمهما ."

وقال دعاجنة:" قبل موعد الإفراج عني،لم أستطع وداعهما...ليلتها عانقاني بشدة وناما بجانبي ."

لحظات إفراج غير متوقعة

وأعرب الأسير المحرر دعاجنة عن فرحته بالإفراج غير المتوقع عنه، شاكرا الرئيس الفلسطيني على جهوده في هذه الصفقة، وقال:" علمت بأني وأربعة من أسرى القدس سيتم الإفراج عنا بالدفعة الثالثة عبر شاشة الفضائية الفلسطينية، وحينها عمت الفرحة غرف سجن جلبوع".

وأوضح:" أن إدارة السجون نقلتهم قبل يوم الإفراج إلى سجن عوفر، وتعمدت إهانتهم بطريقة التفتيش والمماطلة في كافة الإجراءات، حتى تم الإفراج عنه عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل."

شروط الإفراج

وعن شروط الإفراج أوضح المحرر دعاجنه أن إدارة السجون والمخابرات أجبرت جميع الأسرى المفرج عنهم التوقيع على شروط وتعهدات، وتمثلت لأسرى القدس بعدم المشاركة بأي نشاط أو تظاهرات، ومنعهم من السفر ودخول الضفة الغربية لمدة عام، والتوقيع شهريًا في المسكوبية، وفي حال مخالفة أي شرط سيتم اعتقالهم مجدّدا لاستكمال أحكامهم.



وعن أسرى الداخل الفلسطيني قال دعاجنة:" لقد وقع الرئيس الفلسطيني على الإفراج عن 104 أسرى اعتقلوا قبل أوسلو، وبإذن الله سيتم الإفراج عن جميع أسرى الداخل في الموعد المحدد 28-3-2014."

وعن استثناء العشرات من الأسرى الذين اعتقلوا قبل أوسلو على مدار السنوات الماضية يقول دعاجنة بحسرة وألم:" لقد قصر المفاوض بالإفراج عنا ضمن عمليات السلام، كما تم استثنائنا من عدة صفقات "شاليط ليست أولها وصفقات حسن النوايا"، لكننا نفرح بالإفراج عن أي أسير ، مشدّدا على ضرورة عدم استخدام الأسير"كورقة مساومة وضغط من قبل الإحتلال على المفاوض الفلسطيني."

وخلال لقائنا مع الأسير المحرر دعاجنة تذكر رفيق دربه وابن قضيته شهيد الحركة الأسيرة جمعة موسى كيال، الذي ارتقى شهيدًا في سجون الاحتلال قبل 5 أعوام، بعد قضائه 15 عامًا بالأسر، حيث استشهد في مستشفى سجن الرملة، واصفًا المستشفى "بحقل التجارب"، لافتا أنه قام بالتوجه إلى منزله بمخيم شعفاط فور الإفراج عنه، كما كانت زوجة الشهيد "أم اسماعيل" في استقبال رفيق زوجها فور الإفراج عنه.

فراق الوالدة

ورغم اكتساء رأس الجد دعاجنة بالشعر الأبيض إلا أن دموعه كانت تسبق كلماته عند حديثه عن والدته التي فقدها مؤخرًا، وقال:" كنت أتمنى أن تكون والدتي أول شخص أقابله حين يتم الإفراج عني، ولكن قضاء الله وقدره سبق ذلك، فقد توفيت قبل 7 أشهر بتاريخ 19 – 5 – 2013.
وأَضاف:" قبل اعتقالي كنت سأرافقها إلى البيت الحرام لأداء فريضة الحج، لكن الحكم "المؤبد" جعلني أقنعها بأداء العمرة والحج لوحدها، لافتا أنها كانت تزوره كل عام أو عامين لأنها تحمل هوية "الضفة الغربية" وبحاجة إلى تصريح خاص للزيارة. وتذكر المحرر دعاجنة الزيارة الأخيرة لوالدتها "زيارة خاصة" حيث نقلت بسيارة الأسعاف إلى السجن، وذلك قبل شهرين من وفاتها.



سنوات الأسر... وإبداعات الأسرى

وتحدث المحرر دعاجنة عن موهبة الكتابة التي نمت لديه وتطورت خلال سنوات اعتقاله، وقال:"خلال سنوات الإعتقال آثرت الكتابة للتعبير عن معاناة الأسرى، باعتباري كوني شاهد عيان عليها، فكتبت عن الحركة الأسيرة وإدارة السجون والإضرابات والعيادة.

ونوه أنه ألف كتاب" أحياء في غياهب السجون"، وعملت عائلته بتجميعه ورقة ورقة على مدار ثمان سنوات متواصلة.

وأوضح أنه قام بتـأليف كتاب آخر (تاريخ فلسطين والمستوطنين والضفة الغربية والمخيمات والنكبة والنكسة)، سيقوم بطباعته ونشره قريبًا.
ولفت أبو ناصر أنه أنهى الصف السادس الإبتدائي" المترك " قبل إعتقاله ، ثم أكمل تعليمه في السجن وحصل على شهادة التوجيهي وتعلم اللغة العبرية.

واعتقل الأسير المحرر بتاريخ 15 – 3 – 1993 أثناء سفره الى الأردن، ووجهت له تهمة قتل امرأة يهودية وتشكيل خلية، وبعد التحقيق والتعذيب حكم على المجموعة الشهيد أبو إسماعيل ورمضان يعقوب ومحمد عفانه، بعد إدانتهم بقتل إسرائيلية وتنظيم خلية، وصدر حكما بحق كل واحد فيهم مؤبدًا و20 عامًا)، علما أن دعاجنة عانى من عدة أمراض أثناء اعتقاله، وهي الكلى والقلب والأزمة الصدرية."

[Palboy]

هذا هو الشعب الفلسطيني الكبير يسلم راية النضال الى الصغير
ان هذه هي الثورة الفلسطينية التى وجدت لتبقى و تنتصر