يا طـالـب المـجــد فـي عجــور مــورده =عـــذب مـعـيــن يـروّي غــلــة فـيـنـــــا=شــــم الأنــــــوف أبــاة دام عـــزهــــــم =هـــم الأوائــل إن نــادى مـنــاديــــــنــــا=تـفـوح يـا بـاقـة الأزهـــار فـي وطـنــي =فــوح الأريـــج ونـفـح الطيــب يغـريـنـا كلمة الإدارة


مبارك .........مبارك لعجور ومنتديات عجور       »     عجور التاريخ و الحضارة - الحلقة الثانية       »     سجل الوفيات لعجور ١٣٢٠هـ -١٣٣٠هـ ١٩٠٢م - ١٩١١م       »     عجور التاريخ و الحضارة       »     ميزانية قرية عجور - 1939       »     عجور - وقوعات الزواج 1915م       »     عهد عشائر عجور بالحفاظ على اراضي عجور المشاع و عدم بيعها لل       »     اول أحصاء(حصر نفوس) موثق لسكان عجور1878م       »     أراضي عجور المشاع - حصري       »     اسماء من عجور مطلوبون للضريبة 1       »     ضريبة الانتداب البريطاني "3"       »     عجور - لجنة 18 ( اللجنة القومية لعجور)       »     أراضي عجور الحكر       »     عجور التاريخ و الحضارة-الحلقة الثالثة       »     علم النفس الاجتماعي       »     ملوك المملكة الاردنية الهاشمية       »     موسوعة صور القدس- زهرة المدائن       »     دليل الجامعات العربية و العالمية       »     روائع الشعر العالمي       »     موسوعة الاصول و القبائل العربية كاملة       »    

آخر 25 مشاركات
ملف عن الحج وما يتعلق به (الكاتـب : نور الهدى - آخر مشاركة : قلم حزين - )           »          كبرت بنتــي / قصة مؤثرة (الكاتـب : أمان - آخر مشاركة : قلم حزين - )           »          مبارك .........مبارك لعجور ومنتديات عجور (الكاتـب : م .نبيل زبن - آخر مشاركة : نور الهدى - )           »          عجور التاريخ و الحضارة - الحلقة الثانية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          سجل الوفيات لعجور ١٣٢٠هـ -١٣٣٠هـ ١٩٠٢م - ١٩١١م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور التاريخ و الحضارة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ميزانية قرية عجور - 1939 (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور - وقوعات الزواج 1915م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عهد عشائر عجور بالحفاظ على اراضي عجور المشاع و عدم بيعها لل (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          اول أحصاء(حصر نفوس) موثق لسكان عجور1878م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          أراضي عجور المشاع - حصري (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          اسماء من عجور مطلوبون للضريبة 1 (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ضريبة الانتداب البريطاني "3" (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور - لجنة 18 ( اللجنة القومية لعجور) (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          أراضي عجور الحكر (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور التاريخ و الحضارة-الحلقة الثالثة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          كيف و متى تحدثين طفلك عن التحرش ؟ (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          قصص اطفال للبنوتات الحلوين (الكاتـب : اميرة عجور - آخر مشاركة : م .نبيل زبن - )           »          علم النفس الاجتماعي (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ملوك المملكة الاردنية الهاشمية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          موسوعة صور القدس- زهرة المدائن (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          دليل الجامعات العربية و العالمية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          روائع الشعر العالمي (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          موسوعة الاصول و القبائل العربية كاملة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ضيف اليوم بصراحة (الكاتـب : Big heart - آخر مشاركة : ajoor - )





إضافة رد
قديم 05-17-2013, 05:01 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي مدينة قلقيلية


قلقيلية
التاريخ والحضارة

***
تقع مدينة قلقيلية في الجزء الشمالي- الغربي للضفة الغربية، غرب مدينة نابلس، وجنوب مدينة طولكرم، على خط العرض 32.02 شمالا، وخط الطول 35.01 شرقا، وتتميز قلقيلية بموقعها الجغرافي الهام لنشأتها على ارض سهلية هي جزء من ارض السهل الساحلي لفلسطين فوق طرفه الشرقي، القريب من أقدام سلسلة جبال نابلس. فهي نقطة انقطاع طبيعية بين السهل غربا والجبل شرقا، وفي نقطة متوسطة بين التجمعات السكانية والحضرية الممتدة على طوال الساحل الفلسطيني، وعلى بعد 14 كيلومترا من الساحل الفلسطيني على البحر الأبيض المتوسط، ومن الشمال والجنوب تحيط بها بعض السهول والأودية الجافة التي تفيض بالمياه في فصل الشتاء
وتبعد قلقيلية عن مدينة نابلس مسافة 33 كم غربا، وعن طولكرم مسافة 30 كم جنوبا، وغير بعيد عنها الى جهة الغرب تمتد رمال السهل الساحلي الذهبية اللون، التي تعانق شطئآن البحر الأبيض المتوسط وأمواجه المتراقصة. وقد وصفها الشاعر الأديب المرحوم سيف الدين زيد الكيلاني في قصيدته "الحنين الى الوطن" عام 1945م حين كان مديرا لمدرسة قلقيلية الأميرية في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين، حيث وصف ذلك السهل الجميل بقوله:
ورمال كالتبر تنساب نشوى *** من عناق الأمواج والشطئآن
وكانت قلقيلية قديماً محطة مرور للقوافل التجارية، وحلقة وصل هامة لطرق كثيرة تربطها بمدن فلسطين. وتبعد قلقيلية عن ساحل البحر المتوسط بحوالي 14 كم بخط مستقيم إلى جهة الشرق، وترتفع عن سطح البحر نحو 40 مترا في المنطقة السهلية الغربية، وتبدأ بالارتفاع التدريجي الى جهة الشرق لتصل الى 120 مترا في اعلى منطقة فيها وهي منطقة صوفين.
لقد جعل هذا الموقع من مدينة قلقيلية أن تصبح نقطة التقاء بين مدن فلسطين "شمالها بجنوبها وشرقها بغربها" حيث وصلت صفد وعكا، وحيفا، وطولكرم شمالا، وبئر السبع والمجدل وغزة جنوبا، وربطت نابلس وما والاها شرقا بيافا وقراها غربا. وتقع قلقيلية على بعد 75 كيلومترا الى جهة الشمال الغربي لمدينة القدس، كما تقع على الكيلو "82" لسكة الحديد الموصل بين الشام ومصر. وهذا الموقع امتازت به قلقيلية قديما حيث كانت محطة ومعبرا للقوافل التجارية التي كانت تحط الرحال عند ينابيعها وتحت ظلال أشجارها الوارفة.
وقد ورد في الموسوعة الفلسطينية ان قلقيلية مدينة كنعانية الاصل وهي احدى الجلجالات الكثيرة التي ورد ذكرها في العهد القديم (والجلجال لفظ كنعاني اطلق على الحجارة المستديرة التي يكثر وجودها في فلسطين، وخصوصا في مناطقها الشرقية، ثم اطلق على كل شيء مستدير وعلى كل منطقة او مدينة مدورة)
. ومن المحتمل ان تكون قلقيلية هي الجلجال المذكور في قائمة الملوك العموريين والكنعانيين وغيرهم.
ويذكر المؤرخ "يوسيفيوس" ان اسم قلقيلية الحالي يحتمل ان يكون قد اشتق من اسم قلعة رومانية كانت تعرف باسم (كالكاليا Calecailea)، وهي القرية التي ذكرت في العهد القديم باسم "جلجاليا"، وهي واحدة من الجلجالات الكنعانية التي اقيمت بفلسطين[4]. اما في المصادر الإفرنجية فذكرت باسم Calcelie - كلكيليا وهو نفس اللفظ المتداول على السنة أبنائها هذه الأيام مع تحريف بسيط.
اما ما ذهب اليه بعض المحدثين من غير المؤرخين الى ان اسم قلقيلية مشتق من "القَيْلَة"، وهي الموضع او المكان الذي تحط عنده الرحال، بغية الراحة من التعب، والتقيُّل في ظلال الأشجار، والتزود بالماء، فهذا راي ضعيف ولا يستند الى معطيات وحقائق تاريخية، ويعتقد ان الصدفة هي التي جمعت بين اسم قلقيلية ذي الجذور التاريخية، وموقعها الحالي الغني بالمياه والأشجار، والذي جعل منها محطَّا للرحال، وموضعا للقيلولة.
ويذكر الشيخ محمد صالح الخطيب في كتيبه الموسوم: "قلقيلية حتى عام 1942م" ان لقلقيلية تاريخ عمران قديم وتاريخ عمران حديث، والقديم لا يعرف تاريخه بالضبط، ومما يدل على عمران قلقيلية القديم الآثار الرومانية والإسلامية التي كانت موجودة فيها. فمن الآثار الدالة على تاريخ قلقيلية الروماني بئر الماء القديمة، وبجانبها حوضان كبيران للماء منحوتان من الصخر وكانا يستخدمان لسقاية المواشي، وقد اندثرت هذه الآثار بعد بناء المركز الصحي في المدينة. كما كان يوجد في قلقيلية قبور رومانية منحوتة من الحجر، وكان يأتي إلى قلقيلية في عهد الحكومة التركية بعض المنقبين عن الآثار، الذين كانوا يحفرون القبور ويخرجون منها قوارير وصلبانا رومانية وبعض الحلي الذهبية
أما الدليل على عمران قلقيلية الإسلامي، الذي كان قبل عمرانها الحالي منذ عام 1220ﻫ (1805م)، هو وجود جامع قديم في القرية عبارة عن "إيوانين" كبيرين كانا يحتلان القسم الجنوبي- الشرقي من الجامع العمري (نسبة الى عمر بن الخطاب) الموجود حاليا في قلقيلية، حيث تم هدمهما عام 1955م، بسبب انحدارهما عن مستوى الشارع بعدة درجات، ويعتقد ان عمران قلقيلية الإسلامي كان بتاريخ الفتح العمري. ودليل آخر على عمرانها القديم، بروز أسماء علماء أفاضل مسلمين خرجوا من قلقيلية ارتبط اسمهم بها، سنأتي على ذكرهم لاحقاً.
وقد ثبت إن الذين سكنوا قلقيلية في فترة العمران الإسلامي قد جاؤوا مع الفتح العمري، ثم خربت وهجرها أهلها، وكان آخر عمرانها وخلوها من السكان عام 900 هجري
إن قلقيلية كانت عامرة قديما حتى عام 900ﻫ، وذلك بدليل خروج آخر رجل منها وهو الشيخ شمس الدين محمد القلقيلي، ووفاته في القدس الشريف عام 852ﻫ (1448م). ولم يذكر لقلقيلية عمران بعد عام 900ﻫ. وقد ثبت عمران قلقيلية الحديث عام 1220ﻫ (1805م)، أي أن قلقيلية بقيت غير آهلة بالسكان اكثر من 320 عام. ولا يعرف سبب خراب قلقيلية وهجران اهلها لها. وقد يعود سبب ذلك الى تفشي احد الأمراض الفتاكة فيها في ذلك الوقت (حيث اعتاد اهالي فلسطين ان يهجر اهل البلدة بلدتهم اذا حل بها مرض فتاك خوفا من ان يتعرضوا للهلاك مثل مرض الطاعون)، او ربما كان ذلك بسبب انعدام الأمان وكثرة اللصوص وقطاعي الطرق ابان الحكم التركي، فكان اللجوء الى المناطق العالية (الجبلية) والتحصّن فيها يوفر للناس الأمان، ويحميهم من خطر التعرض للسرقة، كما ان الأماكن العالية تسمح للناس مراقبة كل المناطق السهلية المكشوفة، وترصُّد حركة المارين، والحذر من أي خطر قادم. ولهذا يحتمل ان يكون سكان قلقيلية او بعضهم قد صعدوا إلى "خربة صوفين" وأقاموا فيها للأسباب الآنفة الذكر، حيث كانت خربة صوفين تعلو رأس جبل ومحصنة تحصينا جيدا.
وبقيت قلقيلية غير آهلة بالسكان، تستمد مكانتها من كونها محطة استراحة وقيلولة لقوافل التجارة وقوافل الحجيج الوافدة من بلاد الشام ومصر، والذي أعطى قلقيلية هذه المكانة آبار النبع التي كان تحط بجوارها تلك القوافل للاستسقاء والراحة.
خربة صوفين:
تقع صوفين في ظاهر قلقيلية الشرقي على تلة مشرفة على السهول الغربية القريبة منها. وكانت صوفين قرية صغيرة مأهولة بالسكان قبل تدميرها عام 1813م والقضاء عليها كقرية قائمة بذاتها. وكانت فيها قلعة قديمة حصينة، وهي تعتبر إحدى قرى بني صعب في العهد العثماني.
وصوفين اليوم ضمن المخطط الهيكلي لبلدية قلقيلية وأمتد إليها العمران الحديث عام 1991م. فأقيمت البنايات ومعسكرات الجيش وحتى الاستراحات والمنتزهات. ترتفع صوفين عن سطح البحر ما يقارب 130 متراً كان هواؤها عليلاً منعشاً يطيب السكن فيها. وقد كانت صوفين حتى أوائل القرن التاسع عشر بلدة قائمة بذاتها تقيم فيها كثير من العائلات التي شكلت الإطار السكاني لقلقيلية بعد دمارها وخرابها على يد الأتراك.
وقد بنيت صوفين على التلة المرتفعة شرقي قلقيلية شأنها في ذلك شأن الكثير من القرى الفلسطينية التي أقيمت في العهد العثماني على رؤوس الجبال والتلال، لاعتبارات عديدة، أولها الرغبة في الاستفادة من حصانة الجبل، والتحصّن فيه من بطش الولاة العثمانيين، الذين كانوا يبتزون السكان ويفرضون أصنافا من الضرائب غير مقررة من الباب العالي.
وفضلا عن ذلك فان الأماكن العالية تعتبر أكثر أماناً، ويسهل الدفاع عنها ضد غزوات التجمعات المحلية المجاورة، وكذلك فان وقوع القرية في المرتفعات يعرضها إلى درجة اقل خطورة لمياه الفيضانات.
ومن الاعتبارات الأخرى لإقامة القرى على رؤوس الجبال والتلال هو السيطرة والإشراف على الحقول والبساتين، ففي الاماكن العالية يصبح من السهل مراقبة المزروعات وحمايتها من السرقات. ومن السهل تفهم هذا الاعتبار اذا لاحظنا سيادة فترات الفوضى وعدم توفر الأمان، وخاصة في العهد العثماني، كما ان سنوات المجاعة والمحل في ذلك العهد جعلت من الاعتداء على ممتلكات الغير امراً طبيعيا يمارسه الجياع دونما اعتبار لحقوق الملكية.
وهناك عامل نفسي آخر لا يمكن إنكاره، ومؤدّاه ان الإنسان بطبيعته ميال للبحث عن الاماكن العالية المشرفة على كل ما يحيط به، انطلاقا من احساسه بالرغبة في التفوق والسيطرة.
وبسبب فقدان الأمن والسلام والخوف من الغزاة مع عدم وجود سلطة مركزية قوية، جعلت من الضروري اقامة القلاع وتحصينها بشكل جيد امرا لا بد منه، خاصة في المناطق التي كانت تقع على طريق مرور القوافل والجند الأتراك.
خراب صوفين ورحيل أهلها عنها:
يبدأ عمران قلقيلية الحديث من تاريخ النزول الاول لأهالي خربة صوفين اليها عام 1220ﻫ (1805م). ففي ذلك العام حطت قافلة الحجيج المعروفة بـ"المحمل الشامي" رحالها عند بئر النبع في قلقيلية وكانت اذ ذاك خرابا غير آهلة بالسكان، تستمد مكانتها كمحطة استراحة وقيلولة لقوافل التجارة والحج من آبار النبع المتوفرة والموقع المتوسط على الطريق بين الشام ومصر. وكانت قافلة الحجيج تاتي من الشام ومعها جنود اتراك. وكالعادة كان قائد القافلة باشا عثمانيا. فارسل وفودا الى القرى المجاورة يطلب منها زادا وجملا يستعين به على حمل لوازم الحجيج والجند. ووصل رسول الباشا الى صوفين حاملا رسالة قائد القافلة يطلب فيها جملا للقافلة، ولسوء الطالع كان امام القرية وهو الوحيد الذي يعرف القراءة والكتابة غائبا عن القرية. وصدف ان كان في تلك الساعة رجلا من غير أهل القرية، كان يحل ضيفا عند بعض أهلها، وكان يعرف القراءة والكتابة، فكلَّفه اهل صوفين بقراءة ما في الرسالة.. وعرف مضمونها وكتب الرّد على الرسالة وكان "سمعنا وعصينا.." وحمل الرسول الرَّد الى قائد القافلة المرابطة في قلقيلية اسفل صوفين، ولم يخبر صاحبنا عبد الله كاتب الرد اهل القرية الا في مساء ذلك اليوم ... فانكروا عليه فعلته، وعزموا على استدراك الأمر صباحاً واتفقوا على ان يذهب وفد منهم لمقابلة الباشا، ويقدموا له الطاعة والولاء والجمل الذي طلب، وفي الصباح عرف أهل صوفين أن الأمر قد فاتهم حيث وجدوا القافلة قد ارتحلت وغادرت قلقيلية ليلاً.
ووصل أمر عصيان صوفين الى الوالي العثماني، فأمر الباشا بمعاقبة أهالي صوفين بعد عودته من الحج. وفي طريق العودة نزلت القافلة مرة أخرى في قلقيلية، وبدون مقدمات سلط الجند مدفعهم وأخذوا يدكون القرية فهدمت بيوت كثيرة، ولم يتوقف القصف حتى رفع أهالي صوفين الرايات البيضاء. ونزل وفد من اهلها لمقابلة الباشا، حيث شرحوا له حقيقة الامر وما كان من أمر الرسالة، وأن الأمر لم يكن عصياناً وخروجاً عن أمر السلطان.
ونتيجة لهذا القصف أضطر الكثير من أهالي صوفين ممن هدمت بيوتهم إلى النزول لقلقيلية والاستقرار فيها عند بئر المياه، وكانت هذه الحادثة هي النزول الأول لأهالي صوفين الى قلقيلية.
اما النزول الثاني لأهالي خربة صوفين الى قلقيلية فيعود الى عام 1228ﻫ (1813م) عندما بعث والي الشام الى نائبه إبراهيم باشا لجمع الضرائب المطلوبة من بلاد نابلس والقدس، فاخذ هذا الباشا يستعمل الشدة والعنف في جمع الأموال مما اضطر "ابي عودة الجيوسي" شيخ منطقة بني صعب للعصيان والاحتماء والتحصّن في قلعة صوفين المنيعة حصونها. بعد أن ثار على إبراهيم باشا نائب والي الشام والذي تسلط في فرض الضرائب وعمل على جمعها بالقوة والطغيان.
قام ابراهيم باشا بملاحقة ابي عودة الجيوسي وحاصر صوفين طويلا الا انه لم يتمكن من اقتحامها والتغلب على مقاومة المتحصنين فيها، مما اضطره لطلب المساعدة من والي صيدا سليمان باشا، الذي قام بدوره بتجهيز حملة عسكرية بقيادة احد ضباطه المدعو "شمدين آغا". وتمكن هذا الكردي من اقتحام قلعة صوفين ودخولها بعد ان دمر معظم مبانيها، وقتل الكثير من اهلها المتحصنين فيها. ولم يكتف بذلك بل عمل على اتمام هدم ما تبقى من البيوت وأمر أهلها بالخروج منها، ولم يكن من خيار آخر امام اهل صوفين الا النزول الى قلقيلية، لقربها من اراضيهم ولتوفر المياه فيها. وكان ذلك نزول أهالي صوفين الثاني إلى قلقيلية، بعد خرابها والقضاء عليها كقرية قائمة بذاتها، حيث أصبحت صوفين بعد هذا التاريخ أطلالاً، ولم يتبق منها إلا بيوت مهدمة وبعض القبور الشاهدة على أمجاد صوفين وعمرانها. واما ابي عودة الجيوسي فقد اسره المهاجمون ثم اطلقوا سراحه مقابل فدية مالية

وحتى عقود قريبة كان في صوفين ما يقرب من 30 بئراً شتوياً، وبعض القبور التي لا يعرف أصحابها، عدا قبر واحد ظل حتى حرب عام 1967م وكان يحمل اسم صاحبه: الشيخ صالح بن خير الدين صبري. وكانت صوفين تحتوي على نقوش في الصخور ومغارات وكهوف، وكان يوجد فيها بعض المساحات المرصوفة بالفسيفساء ومدافن محفورة في الصخور.
ويعتقد ان أهالي "خربة صوفين" كانوا أول من سكنوا قلقيلية، وهم النواة الأولى لسكانها. لكن الأستاذ محمد عبده رحمه الله يشير في مؤلف (الجوهرة النقية في انساب العشائر القلقيلية) ان آل عطية، وأصلهم من قرية "ابرير" من أعمال غزة، هم من أقدم العائلات التي سكنت قلقيلية (وكانت توجد باسمهم بركة عطية وسدرة عطية، ومكانهما جنوب شرق فرن فتوح، ولعل قرية رأس عطية سميت باسم جدهم عطية). كما ان آل حمدان والهرشيه وهم من آل قراقع، وبعض العائلات المصرية كانوا يقطنون قلقيلية قبل نزول أهل صوفين اليها بسنوات قليلة
وبعد العمران الثاني لقلقيلية، اخذ الناس يفدون اليها من المناطق المجاورة، بسبب عوامل الجذب الطبيعي التي كانت تتمتع بها قلقيلية، والمتمثلة في خصوبة أراضيها الساحلية، والتي لا تحتاج إلى جهد كبير لإصلاحها وزراعتها مثل الأراضي الجبلية الوعرة. كما كانت قلقيلية محطة ومعبرا للقوافل التجارية التي كانت تحط الرحال عند بئرها الرومية للاستسقاء والراحة تحت ظلال أشجارها الوارفة.
لقد ساعد موقع قلقيلية الجغرافي أن تصبح نقطة التقاء بين مدن فلسطين شمالها بجنوبها، وشرقها بغربها. كما ان نزول اهالي صوفين الى قلقيلية بعد دمار قريتهم، كان عاملا مهما في جذب الناس اليها، ذلك ان الناس يستأنسون عادة بالاماكن المأهولة، ويشد بعضهم إزر بعض، في ظل غياب الامن والامان ابان الحكم التركي، وانتشار اعمال السرقة بشكل واسع، بسبب الفقر المدقع الذي كانت تعاني منه شريحة واسعة من المجتمع الفلسطيني في ذلك الوقت. شجعت هذه العوامل مجتمعة على انتقال العديد من العائلات من المناطق المجاورة للإقامة في قلقيلية.
وكانت عائلات نزال وشريم وداود عائلة واحدة، وجدهم الاكبر هو رجل اسمه داود، وهو من أصل حجازي، وكان قد قدم من الحجاز إلى قرية الدوايمة في منطقة الخليل مع الفتح العمري، وانتقل بعد ذلك للاقامة في باقة الحطب، التي كانت آنذاك قرية من أعمال نابلس. وقد تفرعت عائلة داود في باقة الحطب الى ثلاثة افرع بالأسماء المذكورة، وأعقب نزال الأبناء مصطفى وياسين وحمدان وحمد، ومنهم انحدرت عائلة نزال الموجودة الآن. وأعقب شريم نصر والمدلل، ونزل ابناؤهم علي بن نصر، وعوينات بن المدلل. اما داود فقد اعقب ولدان هما سليمان واحمد، ونزل أحفاده الى قلقيلية، ومنهم انحدرت عائلة داود الموجودة الآن في قلقيلية. أما عائلة زهران فتنسب إلى رجل اسمه زهران من باقة الحطب، وكان يمت بصلة القرابة إلى داود من ناحية الأم، وقد نزل أحفاده إلى قلقيلية، ومنهم انحدرت عائلة زهران الموجودة حاليا في قلقيلية، وتتبع ديوان "آل داود".
ويذكر الأستاذ محمد عبده في كتابه "الدرة النقية في انساب العشائر القلقيلية" ان هذه العائلات انتقلت من باقة الحطب إلى خربة صوفين وأقامت فيها قرابة السبعين عاما قبل نزولهم الى قلقيلية عام 1222ﻫ (1807م).
أما عائلة زيد فقد قدم جدها الأكبر من معان في الأردن واسمه زيد بن احمد المعاني، وهو من عائلة كريشان الموجودة حاليا في معان، وأقام في باقة الحطب، واعقب اصويلح واسماعيل والسمان، ونزل أحفاده مع بقية العشائر الى قلقيلية عام 1222ﻫ (1807م). ومن ابناء زيد كان رجل اسمه الشيخ محمد الباقاني، اشتهر هذا الرجل بالعلم، وسكن نابلس، وانحدرت منه عائلة صلاح الموجودة الان في نابلس.
ويذكر المرحوم الشيخ محمد صالح الخطيب أن آل جباره من العرب اليمانية وانحدرت العائلة من رجل واحد اسمه مصطفى ابو اجبارة نزل باقة الحطب، وقد اعقب هذا الرجل ثلاثة اولاد وهم: كايد وحسن ويوسف. ونزل أحفادهم في نفس العام الذي نزلت فيه بقية عشائر قلقيلية، ومنهم انحدرت عائلة ابو جبارة الموجودة حاليا في قلقيلية.
أما آل الشنطي فأصلهم من شنيط في مصر، وقبلها من العراق نزلوا قرية صوفين عام 1130ﻫ هم وعائلة صبري، وبعد تدمير صوفين رحل قسم منهم الى الجيّة نواحي غزة، ونزل قسم أخر في قلقيلية
وجدَّا عائلة الشنطي هما يحيى ومحمد الشنطي، اما جدُّ عائلة صبري التي نزلت صوفين فهو الشيخ خير الدين صبري الذي قدم من بيت أمرَّ من نواحي الخليل وأقام في قرية صوفين، ونزل الى قلقيلية حفيده الشيخ حسن صبري، الذي انحدرت منه عائلة صبري الموجودة الآن في قلقيلية. اما الخطيب فهو لقب اطلقه على نفسه الشيخ صالح وهو احد ابناء الشيخ حسن صبري، عندما تولى امامة المسجد العمري (المسجد القديم)، وكان يلقي فيه خطب يوم الجمعة، وأصبح هذا اللقب اسما لعائلته ولذريته من بعده.
ويعود أصل عائلة صبري الى قبيلة بنو تميم في العراق، الذين جاؤوا إلى فلسطين كمحاربين ضمن قوَّات القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي.
أما عائلة الصوص، فهم في الأصل من صلب عائلة فريج في بلدة كفر قاسم- وهي من المناطق العربية المحتلة عام 1948م، وتقع بالقرب من رأس العين الى الجنوب من قلقيلية. قدم والد جدهم يوسف وهو محمود مصطفى الصوص الى قلقيلية في اواسط القرن التاسع عشر، وأقام فيها وتزوج من ابنة عمه صالح عبد الرحيم فريج. وأنجب عددا من الأبناء كان اصغرهم يوسف وهو جدّ عائلة الصوص الحالية. واما اخوة يوسف فقد أُخذوا الى الخدمة العسكرية الاجبارية ابان الحكم التركي ولم يعودوا. وانجب يوسف عددا من الابناء وهم: زهير واحمد ومحمد وسهيل الذي يقيم في المانيا منذ عام 1968م. واسم الصوص لقب أطلق على عثمان، وهو الجدّ الثاني لمحمود الصوص، وأصبح اسم الشهرة له، والتصق هذا اللقب فيما بعد بالعائلة من ذرية عثمان، وأصبحت تعرف بهذا الاسم. لكن عائلة الصوص من فرع عثمان في كفر قاسم أعادوا بعد حرب عام 1948م اسم العائلة الأصلي وهو فريج، وسجّلوا رسميا بهذا الاسم، رغم انهم لا يزالون يعرفون باسم عائلة الصوص. وتنتسب عائلة الصوص في قلقيلية إلى حامولة آل شريم، وهي من الحمايل الرئيسية الأربعة في قلقيلية- شريم، نزال، داود، وزيد.
وأما الأخ الثاني لـ عثمان فهو إبراهيم فريج، وقد أطلق عليه لقب "نوّارة"، وهو الاسم الذي تعرف به عائلة نوّارة الموجودة حاليا في قلقيلية، وجدها الذي قدم من كَفْر قاسم إلى قلقيلية هو محمد إبراهيم نوّارة. وتنتسب هذه العائلة إلى ديوان محمد سعيد اليونس. اما الأخ الثالث لـ "عثمان " فهو عبد الرحيم فريج، الذي حضر ابنه صالح إلى قلقيلية، ومن ذريته كانت عائلة فريج الموجودة حاليا في قلقيلية، وتنتسب إلى ديون آل داوود (الجنوبي).
وتعيش في قلقيلية الكثير من العائلات المصرية، التي قدمت إلى فلسطين مع حملة إبراهيم باشا على بلاد الشام، ويقال بأنهم هربوا من مصر إلى فلسطين بسبب الضرائب الباهظة التي كان يفرضها إبراهيم باشا على الفلاحين المصريين. وهناك قول آخر بأنهم جاءوا إلى فلسطين طلبا للرزق، واقاموا في قلقيلية او في المناطق المحيطة بها من فلسطين المحتلة عام 1948م. كما يُعتقد ان بعضهم عمل في الخدمة العسكرية الإجبارية في القوات التركية، واستقر به المقام في فلسطين.
وقد أطلق اهالي قلقيلية على العائلات المصرية لقب "الشرفا" أي الشرفاء، ولهم ديوان يقع في ظاهر قلقيلية الغربي، حيث يوجد اكبر تجمع للعائلات المصرية. وكانوا قبل ذلك يتبعون ديوان آل شريم، لكن بسبب ازدياد أعدادهم آثروا الانفصال في ديوان مستقل خاص بهم، يعرف بـ "ديوان الشرفا". كما انفصلت عائلة "موافي" عن ديوان حسين نزال، وديوان زياد اليونس، وانشأوا ديوانا خاصا بهم، في ظاهر قلقيلية الشرقي الجنوبي. اما بقية العائلات المصرية فتنتسب إلى باقي حمايل قلقيلية وهي زيد، وداود، ونزال.
لقد نمت قلقيلية خلال فترة الانتداب البريطاني من الناحيتين السكانية والعمرانية، فزاد عدد سكانها من 2803 نسمة عام 1922م الى 5850 نسمة عام 1945م. ويعزى نموها السكاني الى عاملان اساسيان، هما: الزيادة الطبيعية للسكان المستقرين فيها، والزيادة السكانية الناجمة عن هجرة العائلات الريفية اليها من القرة المجاورة. وقد امتدت رقعة قلقيلية في اتجاهات الغرب والشمال والجنوب. وكانت أراضي قلقيلية الزراعية تمتد غربا مسافة سبعة كيلومترات وراء خط الهدنة في المنطقة المحتلة من فلسطين، حتى تصل الى قرى مسكة وكفر سابا اليهودية وبيار عدس، وتتوغل في السهل الساحلي جنوبا نحو عشرة كيلومترات، وتضم جلجولية إلى ان تصل الى راس العين. اما شمالا فتمتد الى خربة حانوتا والطيرة والطيبة في الأراضي المحتلة على بعد سبعة كيلومترات من قلقيلية.
وقد ذكر المؤرخ المقدسي عارف العارف ان مساحة اراضي قلقيلية كانت تقدر بـ "ستون" الف دونم
بينما أشار الشيخ محمد صالح الخطيب في كتابه قلقيلية حتى عام 1942م الى ان مساحة الاراضي التي يملكها اهالي قلقيلية حتى عام 1942م كانت نحو ثمانية وثلاثون ألف دونم، منها ثمانية وعشرين الف دونم سهلا وجبلا كانت مساحة اراضي قلقيلية، وعشرة ألاف دونم امتلكها اهالي قلقيلية من اراضي القرى المجاورة.
في حين ذكرت موسوعة بلادنا فلسطين ان مساحة الاراضي التي امتلكها اهالي قلقيلية حتى تاريخ 1/4/1945م كانت حوالي 27*915 دونم

لكن السيد وليد السبع يؤكد بناءً على مصادر موثوقة ان مجموع مساحة الأراضي التي كان يتملكها أهالي قلقيلية حتى عشية حرب عام 1948م، وصلت الى نحو خمسة وأربعين ألف دونم، فقد كانوا يملكون اراضي في جلجولية ونصف اراضي بيار عدس، وربع اراضي كفر سابا، واصبحت املاكها تمتد من الطيرة والطيبة شمالاً الى نهر العوجا جنوبا. وقال بان منشأ الاختلاف في تقدير مساحة الأراضي التي كانت لأهالي قلقيلية قبل عام 1948م، يعود لسببين، أولهما: الخلط بين مفهوم مساحة أراضي قلقيلية كوحدة جغرافية ممتدة، وبين مساحة الأراضي التي كان يمتلكها أهالي قلقيلية. والسبب الثاني: يعود الى تعدد الدوائر التي كانت تسجل فيها الأراضي (الطابو). فالأراضي التي كان يمتلكها أهالي قلقيلية في منطقة جلجولية، بيار عدس، راس العين، اللُّد، المزيرعة .. وغيرها، كانت تسجل في قائمقامية يافا، بينما الأراضي التي كانوا يمتلكونها في منطقة مسكة تبصر الطيرة وكفر سابا، والطيبة، وقلنسوة، فكانت تسجل في قائمقامية نتانيا. اما أراضي قلقيلية كوحدة جغرافية واحدة، فكانت تسجل في قائمقامية طولكرم.
وكانت أراضي قلقيلية تُزرع بمختلف انواع الحمضيات، وأشجار الفاكهة - كالتفاح والمشمش والتين والعنب والبطيخ وقصب السكر والموز. كما كانت تزرع مساحة كبيرة من الأراضي قمحا وشعيرا وسمسما وذرة. وكانت تمتاز أراضي قلقيلية الزراعية بارتفاع مستوى إنتاجيتها لخصب تربتها وتوفر مياه الآبار فيها، واحتراف أهاليها للزراعة. ونتيجة اتفاقية "رودُس" الموقعة عام 1949م، ومرور خط الهدنة من الجهة الغربية، تم فصل قلقيلية البلد عن اراضيها الزراعية الغربية، وبذلك فقدت قلقيلية أخصب أراضيها الزراعية، لا سيما الأراضي السهلية الخصبة المزروعة بأشجار البرتقال في غربها الشمالي والجنوبي (من الطيرة والطيبة شمالاً إلى رأس العين وكفر قاسم جنوباً). ولم يبق بحوزة أهالي قلقيلية التي غدت تمثل أقصى امتداد عمراني للأرض العربية غير المحتلة نحو الغرب سوى سبعة دونمات من أراضي السهل الساحلي، مزروعة برتقالا وليمونا وبئرا ارتوازية واحدة "بئر عبد السلام"، وألفان دونم من الأراضي المتموجة فوق اقدام المرتفعات (لا هي بالسهل ولا هي بالجبل، بل هي مزيج منهما)، وثلاثة آلاف دونم ارض جبلية جرداء قاسية
وقد أقامت إسرائيل على أراضي قلقيلية المسلوبة عدة مستعمرات منها "نير الياهو"، "نيڤي يمين"، ومستعمرة "إيالEyal "، التي أقيمت في ظاهر قلقيلية الشمالي عام 1949م.
ومن الجدير بالذكر ان أهالي قلقيلية رغم كل الإغراءات اليهودية، وما كانو يعانونه من فقر المدقع في ظل الاحتلال البريطاني لفلسطين لم يبيعوا لليهود شبرا واحدا من اراضيهم، وكانوا اذا سمعوا بان شخصا له ارضاً مجاورة لأراضي قلقيلية يعتزم بيعها لليهود، يقومون في الحال بشرائها، خوفا من ان يبعها لليهود ويتخذونها موطئ قدم لهم في قلقيلية، وهذا موضع فخر واعتزاز شديدين لأهالي قلقيلية، الذين صانوا أرضها، ولم يفرِّطوا بشبرٍ واحدٍ منها، وماتوا دفاعا عنها، وسقطت سِلماً بأيدي اليهود، بموجب اتفاقيات "رودس" المجحفة عام 1949م، ولم تسقط نتيجة انهزامهم في الحرب
وقد سمحت إسرائيل بعد حرب عام 1948م لأهالي قلقيلية بمزاولة أعمالهم في أراضيهم الواقعة وراء خط الهدنة، ومنحت التصاريح لأصحاب تلك الأراضي، واستمر الحال كذلك لمدة ستة أشهر. وحدث بعدها ان تقدم أهالي قلقيلية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي بطلبات للحصول على تصاريح لدخول اراضيهم، فأخبروهم بان الموظف الذي يعطي التصاريح واسمه شلومو مريض، وعلى أصحاب الأراضي الانتظار حتى يشفى شلومو من مرضه. فقالو لهم، الا يوجد غير شلومو ليعطينا التصاريح؟ فاجابهم اليهود بانه لا يوجد غيره، لان التصاريح هي من اختصاص شلومو فقط، ولا يمكن لاحد غيره ان يصدرها! وبعد مرور أسبوع عادوا مرة ثانية، ويحذوهم الامل الكبير أن يكون شلومو قد تعافى من مرضه، فيعطيهم التصاريح، فقيل لهم".. ان شلومو قد مات!، وما دام شلومو قد مات فلا تصاريح بعد اليوم. وعندما يعود شلومو سوف نخبركم بذلك!". ولم يعد بعدها إصدار أية تصاريح لأصحاب الأراضي الواقعة خلف خط الهدنة
شاءت الأقدار لقلقيلية ان "تنتكب" في تلك الفترة، وان تدفع ثمن الهزيمة وثمن الاتفاقات التي انبثقت عنها .وكان نصيبها من ظلم العالم، ممثلا بهيئة الأمم المتحدة، للفلسطينيين مدمرا، ومن القهر والهزيمة التي الحقتها قوات الحركة الصهيونية بالجيوش العربية مأساويا. فقرار التقسيم عام 1947، والتوسع الإسرائيلي اللاحق في منطقة المثلث عام 1948 واتفاقات رودُس عام 1949م جرّدت قلقيلية من أكثر من 90% من مساحة أراضيها السهلية مصدر رزقها الرئيسي ولم تحتل قلقيلية، كما حدث مع القرى العربية المجاورة لقلقيلية – مثل الطيبة وقلنسوة والطيرة ومسكة وكفر سابا وجلجولي، وكفر قاسم – التي كانت قد سقطت نهائيا بيد اليهود بسبب اتفاقية رودُس. وتحولت قلقيلية الى محطة أساسية لاستقبال اللاجئين من أبناء كفر سابا، عرب ابو كشك، مسكة، بيار عدس، الشيخ مونس، الطيرة. وبقيت حتى عام 1967م، بلدة حدودية ضمن المناطق العربية التي سميت لاحقا بالضفة الغربية للأردن، فصلها عن إسرائيل خط سكة الحديد الواصل بين تركيا وسوريا وفلسطين ومصر، الذي كان يمر وسط بساتينها وبمحاذاة بيوتها السكنية. وأصبحت أراضيها الواقعة غرب السكة والمتداخلة مع أراضي كفار سابا وجلجولية ورأس العين والطيرة ورعنانا ورمات غان أراضٍ محتلة وصارت جزءاً من أرض دولة اسرائيل
عند التوقيع على اتفاقية رودس لم يتبقى لأهالي قلقيلية من أراضيهم التي بلغت مساحتها في عهد الانتداب ستون الف دونم، سوى ثمانية آلاف دونم، منها خمسة الاف في الجبل وثلاثة آلآف في السهل، وبئرا ارتوازية واحدة
أمام هذا الواقع المؤلم، وفقدان قلقيلية لأخصب أراضيها كان على قلقيلية ان تواجه واقعها المؤلم الجديد بعد حرب عام 1948م نتيجة انكماش أراضيها الزراعية، وزيادة عدد سكانها منذ أوائل الخمسينات بسبب الهجرة إليها من المناطق المحتلة القريبة منها.
ورغم العمل بالأرض الا ان ذلك لم يحل مشكلة الفقر المدقع التي ألمَّت بأهالي قلقيلية بسبب مصادرة أراضيها الزراعية الخصبة، وكانت الحياة تزداد ضنكا، ومرت اشهر وسنين لم يجد فيها الناس ما يأكلونه، فأكلوا خبز الذرة البيضاء "الكراديش" لغلاء سعر القمح، حيث وصل سعر رطل القمح الواحد الى خمسة وثلاثون قرشا أردنيا، في ذلك الوقت، أي ما يعادل أكثر من 35 دينارا اردنيا هذا اليوم! كما أكلوا التمر الذي كانت ترسله العرق بالأطنان، كمساعدة منها للفلسطينيين. وقد سمِّي عام 48 بسنة التمر، حيث ترك الفلسطينيون أراضيهم المزروعة بالحنطة تحت التهديد بالقتل من قبل العصابات اليهودية. وفي ذلك الوقت اتجهت أنظار الشباب الى العمل، وخاصة في الضفة الشرقية، حيث عملوا كمدرسين وفي سلك الشرطة والجيش وفي التجارة، وسافروا بعضهم الى الكويت بعد اكتشاف البترول للعمل فيها، رغم المخاطر التي كانت تعترضهم للوصول إليها. فالطريق إلى الكويت لم تكن ممهدة، وغير مسموح للعبور إليها عن طريق نقاط العبور الحدودية، إذ كانت آنذاك مستعمرة بريطانية، ولم تكن هناك وسيلة واحدة للدخول الا بطرق غير شرعية عبر صحراء البصرة الواسعة بواسطة الأدلاء من تلك المنطقة. كانت الرحلة محفوفة بالمخاطر، ولكن شظف العيش دفع بالشباب إلى المغامرة والسفر مهما كلف الأمر، وكان الشباب يسافرون في مجموعات ليشد بعضهم إزر بعض، ويصلون الى الكويت بإذن الله تعالى سالمين.
ورغم هذا كانت فكرة السفر عند الشباب مروعة تثير الفزع والحزن لأهاليهم، ولهذا كان الاهل يودعون ابنائهم بالبكاء، وكان الحزن يخيم على أهلهم وأقاربهم، ويبقون كذلك حتى تصلهم الأخبار بوصول أولادهم الى الكويت سالمين. كما سافر في تلك الحقبة العديد من أبناء قلقيلية الى السعودية. وبعد ان يكتب الله لهم التوفيق بالعمل، كانوا يرسلون إلى أهاليهم ما تيسر من المال الذي ساعد الى حد ما على رفع مستوى المعيشة، وساعد على اكمال المئات من الشباب دراستهم الجامعية، وتشجير البيارات وحفر الآبار الارتوازية وشراء سيارات النقل التجاري.
واشتغل بعض شباب قلقيلية في "الحرس الوطني" الذي تم تشكيله بهدف حماية البلدة، وبادر آخرون الى استصلاح ما تبقى لهم من ارض جبلية، فقلعوا الصخور وردموا ارضها بالتراب وزرعوا ما استصلحوا من مساحات، بمختلف انواع الاشجار والخضروات. وشرعوا في حفر العديد من الآبار الارتوازية بطرق يدوية بدائية، وباع كثيرون منهم حُليْ نسائهم وساهموا في مشاريع حفر الآبار. واشتروا المضخات والانابيب لري البساتين والبيارات الجديدة، وشكلوا ما يشبه الجمعيات التعاونية الزراعية الصغيرة بعضها مازال قائما حتى الآن.
وما هي الا بضعة سنين بعد انقضاء غمامة "رودوس" حتى اصبح لاهالي قلقيلية عشرات البيارات من البرتقال، واكثر من ثلاثين بئرا ارتوازيا. واخذوا يصدرون انتاجهم من البرتقال الى الدول العربية.
وفي هذا الصدد يقول الجنرال "غلوب" باشا قائد الجيش الأردني السابق:
" ... كانت قلقيلية قد قاست كثيرا من خط الهدنة. فهي مدينة صغيرة في السهل الساحلي محاذية لسفوح أواخر التلال، وعلى مسافة 300 ياردة من المدينة تبدأ بساتين الليمون التي تنتشر على مدى النظر حتى البحر. واهالي قلقيلية او اباؤهم من قبلهم هم الذين غرسوا بساتين الليمون هذه غدت تشكل مورد رزقهم الوحيد. ثم جاءت الهدنة وخططت الحدود بين بيوت المدينة الصغيرة وبساتينها. فغنم اليهود جميع البساتين وترك سكان قلقيلية مقعدين في بيوتهم محرومين معزولين. ومما يزيدهم شقاءً انهم في ايام الخريف يستطيعون ان يروا اليهود على مسافة 300 ياردة وهم يقطفون بساتينهم. وقد نشأت في جميع انحاء المنطقة، شمالي وجنوبي وغربي قلقيلية، مستعمرات إسرائيلية جديدة ونمت نمو الفطر وسط البساتين، انها مجموعات من البيوت البيضاء تذكرك بمزارع ضخمة لتربية الدجاج مؤلفة من صفوف من الاقفاص الصغيرة البيضاء. وفي ذلك السهل ايضا وعلى بضعة اميال من قلقيلية توجد كبرى قواعد الجيش الإسرائيلي، كما ان المطار لا يبعد الا ثلاثة او اربعة اميال، فترى الطائرات عنده تقلع وتهبط طوال النهار. اما من الجهة الشرقية من قلقيلية فتمتد سلسلة الجبال الفلسطينية التي لا تعبرها سوى طرقات ضيقة كثيرة المنعطفات تضطر الى المرور عليها كل امدادات ترسل من قبل الجيش العربي لو تعرضت المدينة الصغيرة الى اعتداء.
ولكن اهل قلقيلية كانوا اصحاب عزم واقدام، فبعد ان قضوا الفترة الاولى في خيبة مريرة، شرعوا في العمل من جديد. لقد غنمت اسرائيل كل أراضيهم الخصبة، فلم يبق لديهم سوى تلك التلال الصخرية الجرداء شرقي المدينة، فامعنوا فيها حفرا وتمهيدا وبنوا فيها المدرجات، كي يؤمنوا لانفسهم مورد رزق جديد، مستعيضين به عن ذاك الذي فقدوه، بالرغم من وجود الخطر الذي تشكله هذه المستعمرات اليهودية النامية دون انقطاع وهي جدّ قريبة
ولم يقتنع أهل قلقيلية بان ثمار بياراتهم وارضهم الواقعة امام نظرهم لم تعد ملكا لهم. وقام الكثير من رجالها باعمال كثيرة متنوعة وخطرة، لانقاذ أطفالهم من الجوع، ومقاومة الواقع الجديد وتحدي كل ما فرضته الاقدار على اهل البلدة. فكانوا يتسللون إلى أراضيهم المحتلة لجني ثمار بياراتهم التي حرموا من وصولها، وكان يحملون "شوال" البرتقال على ظهورهم لمسافات طويلة ويتعرضون لمخاطر القتل من اجل أن يحصلوا على بعض القروش يشترون بها ما يملؤون به بطون أسرهم الخاوية.
وقد ساهم الموقع المتميز لقلقيلية في تطور استخدامات الأرض المتعددة فيها عندما كانت فلسطين وحدة سياسية واحدة من حيث موقعها المتوسط الرابط بين المدن الفلسطينية الواقعة في مختلف الاتجاهات الجغرافية وما بينها، وقد ساعد في ذلك وجود سكة للحديد غربي المدينة في ذلك الحين. وبعد نكبة عام 1948م أصبحت قلقيلية مدينة حدودية فريبة من القرى الفلسطينية المدمرة، او التي هجرها اهلها هربا بأرواحهم بعد المذابح التي قامت بها العصابات الصهيونية لإجبار الفلسطينيين على مغادرة بيوتهم وأراضيهم. واستقر المقام بهؤلاء المهجرين في قلقيلية لقربها من قراهم، ولحلمهم بالعودة يوما ما إلى ديارهم التي هجروها قسراَ تحت تهديد القتل والتدمير. واضطربت اوضاع اهل قلقيلية مثلها مثل كل القرى والبلدات والمدن الفلسطينية المنكوبة، فمسجدها الوحيد ومدرسة البنات ومدرسة الذكور التي كان يختلط فيها الابتدائي والاعدادي والثانوي تحولت كلها الى ملاجئ للمهاجرين الهاربين من المعارك ومن المجازر. وكان نصيب قلقيلية من اللاجئين كبيرا فاق طاقتها على استيعابهم في بيوتها.
وأصبحت قلقيلية من أكثر مدن فلسطين نمواً من حيث تعداد السكان، فقد حلَّ فيها الآلاف من ابناء القرى والبلدات المجاورة التي احتلت عام 1948م، حيث ضاعفت من عدد السكان في ذلك الوقت. وكان هؤلاء المهجرين من قرى يافا ومنطقة أجليل والساحل المحاذي لقلقيلية، وهم: أهالي كفر سابا، وبيار عدس، ومسكة، وأجليل، وسيدنا علي، وعرب ابو كشك، وابو لبدة، وابو ملوح، والشوبكي، وابو حق، وسلمه وغيرهم. البعض منهم استقر وما زال يعيش فيها حتى الآن، والبعض الآخر مر بها ورحل عنها بسبب قلة الرزق وشحة موارد المياه فيها وتابع طريقه نحو المدن الداخلية الاخرى وباتجاه دول الشتات. فأهل البلدة كانوا يعتمدون بالاساس على ما كانوا يجنوه من بياراتهم ومن زراعة ارضهم الواقعة غرب سكة الحديد، ومن تربية المواشي، ومن التجارة مع الطيرة والطيبة ويافا وتل ابيب واللد والرملة. لكن الهزيمة افقدتها كل هذه الموارد، وأصبحت حالة اهلها متساوية في الفقر الشديد الى حد كبير مع حالة اللاجئين الذين وفدوا اليها.
في تلك الفترة ظهر جوع حقيقي في بيوت اهل البلدة وفي صفوف اللاجئين. ولولا كميات التمر الكبيرة التي قدمتها الحكومة العراقية لهلك قسم من السكان. واذا كان فوج القوات العراقية الذي وصل اليها بقيادة سعيد القرشي لم يفعل الكثير في الدفاع عن اراضيها، فالتمر العراقي الذي قدمه بكميات كبيرة للبلدة ساهم في انقاذ فقرائها، مهاجرين وأنصار، من موت شبه محتم. وأتاح لصغارها فرصا للعمل. فقد اشتغل اولاد البلدة في جمع بذور"عجم" التمر وبيعها للأفران، التي صارت تعمل على تلك البذور بدلا من الحطب
. ومثلت المساعدات الدولية المورد الرئيسي لرزق الناس وتموينهم، ومنحت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين بطاقات اعاشة" كروت مؤن" ومساعدات تموينية طارئة وثابتة، وكانت حصة ابن البلد (غير المهاجر) تساوي نصف حصة اللاجئ الاصيل من كميات التموين المصروفة لهم. وأستوطن الكثير من هؤلاء اللاجئين قلقيلية فزاد عدد سكانها.
ومن عشائر كفر سابا التي استوطنت قلقيلية: آل ولويل، وجبر، وبدير، وسويلم، والنجار، وعلان، والبلاسمه، والعرباس، وداود، وعليان، والخطيب وغيرهم
ومن عشائر أجليل: أبو اسنينه، وفضيله.
ومن الشيخ مونس : نصر الله، ابو ديه، وشلويت، والمصاطفه.
ومن بيار عدس : آل النيص، ومشرفه.
ومن مسكه : آل الشبيطي، والجيوسي، ومصلح، وابو طاحونه.
ومن سلمه : آل سويدان .
ومن سيدنا علي : آل الدلو، والنبريصي، والقرم.
ومن فجه : آل ابو يمن، وآل الدماطي.
هذا وقد بلغ عدد سكان قلقيلية عام 1961م نحو 9 آلآف نسمة، شكل اللاجئون منهم نحو 3 آلآف نسمة، أي ثلث عدد السكان.
وبعد حرب عام 1967م، واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، فتحت إسرائيل اسواق العمل الاسرائيلي امام العمالة الفلسطينية الرخيصة، ونظرا لقرب قلقيلية من مراكز العمل الاسرائيلية، فقد وفد إليها الآلاف من المواطنين الفلسطينيين من أجزاء متفرقة من الضفة الغربية، وقطاع غزة للإقامة في قلقيلية، ومن ثم الانتقال إلى داخل إسرائيل للعمل في المشاريع الإسرائيلية، وما زال العديد منهم يتخذ من قلقيلية مقرا للإقامة الدائمة له منذ سبعينات القرن الماضي.
وقد أصبحت قلقيلية معبرا ومكان جذب لمختلف الأنشطة الاقتصادية، فأضحت مركزا تجاريا كبيرا، حيث يؤمه متسوقين من وراء الخط الأخضر، وتخصصت قلقيلية ببعض الأنشطة الاقتصادية عن غيرها من المدن الفلسطينية، فغدت مركزاً رئيسياً لتجارة الأثاث والأدوات المستعملة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وكانت المحصلة النهائية ان موقع قلقيلية الجغرافي كان له تاثير ايجابي على جذب السكان وتطور الخدمات المرافقة لهذا الجذب من زيادة العمران، والتوسع في النشاط التجاري والصناعي والزراعي وغيره
وتحيط بقلقيلية أراضي قرى كلٍ من حبلة، النبي الياس، عزون، جيوس، فلامية. وتضم محافظة قلقيلية 35 من التجمعات السكانية، أكبرها من حيث عدد السكان بلدة عزون، تليها بلدة حبلة







رد مع اقتباس
قديم 05-17-2013, 05:08 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


التطور الإداري لقلقيلية:
1.العهد الروماني:
رغم قلة المعلومات التاريخية عن التقسيمات الإدارية في فلسطين عامة قبل الفتح الإسلامي إلا أن المصادر تشير إلى أن فلسطين في العهد الروماني كانت تقسم إلى ٣ أقسام أو ولايات: فلسطين الأولى والثانية والثالثة (الصحراوية)، في حين كان جزء من شمال فلسطين - سهل عكا ومنطقة حيفا - يتبعان ولاية فينيقيا.
وقد ذكرت قلقيلية في هذه التقسيمات في منطقة فلسطين الأولى من قضاء رأس العين والمعروف باسم انتباترس (antipatris)، وكان يتبع هذا القضاء إدارياً 10 قرى في مقدمتها قلقيلية.
2. عهد الدولة الإسلامية:
بعد أن تم الفتح الإسلامي لبلاد الشام في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، قسمت بلاد الشام إلى اربعة أجناد وهي: حمص، دمشق، الأردن، وفلسطين. وكان جند فلسطين يضم المناطق الوسطى الجنوبية من فلسطين الحالية، وقسماً من شرق الأردن. وكانت اللد قصبة هذا الجند، وبالتالي كانت قلقيلية في إطار هذا الجند. وظل هذا التقسيم معمولاً به طيلة فترة الدولة الأموية والعباسية مع تعديلات في قصبة هذا الجند بين خليفة وآخر.
3. الدولة الفاطمية:
أصبحت قلقيلية إحدى نواحي كور (ناحية) كفر سابا.

4. الدولة المملوكية:
حظيت جلجوليا المجاورة بمكانة بارزة وأصبح لها مركزاً متقدماً في المنطقة، وكانت قلقيلية واحدة من أعمال جلجوليا في هذا العهد. وفي هذه الفترة برز علماء قلقيلية ممن انتقلوا إلى مركز المنطقة جلجوليا لممارسة التعليم، ومنهم شمس الدين محمد بن أحمد القلقيلي.
5. الدولة العثمانية:
مع بداية العهد العثماني، قسمت الشام إلى ثلاث ولايات منها ولاية فلسطين، والتي قسمت بدورها إلى خمسة سناجق (ألوية) وهي القدس، غزة، صفد، نابلس، واللجون. فكانت قلقيلية تتبع سنجق نابلس.
وفي عام 1660م تشكلت ولاية أخرى في بلاد الشام وهي ولاية صيدا، والتي ضم إليها بعض أجزاء فلسطين.
وأخذ الولاة بسبب نفوذهم وقوتهم يتدخلون في أمور كل المناطق الفلسطينية، بحيث اعتبرت معظم التجمعات السكنية بما فيها قلقيلية في إطار ولاية صيدا ونفوذها. ويذكر أن والي الشام (دمشق) - والتي كانت فلسطين تتبعها - اضطر إلى طلب المساعدة من سليمان باشا والي صيدا بعد أن أخفق في مواجهة ثورة أبي عودة الجيوسي في صوفين في القرن التاسع عشر.
في عام 1864م صدر قانون تشكيل الولايات العثمانية وتم بموجبه تقسيم بلاد الشام إلى ولايتين، هما سوريا (دمشق) وحلب، وكانت فلسطين كلها تتبع ولاية دمشق، وجعلت متصرفية كان مركزها القدس، وقسمت المتصرفية إلى أقضية وهي الخليل، غزة، اللد، نابلس والسامرة، الشقيف، حوران، الغور الشرقي، وسرعان ما تحولت نابلس وعكا إلى ألوية (متصرفيات) ضمن ولاية دمشق. وطيلة هذه الفترة كانت قلقيلية ناحية من نواحي نابلس. وفي عام 1867م تشكلت ولاية بيروت بضم ولايتي طرابلس وصيدا، وفي عام 1888م ضم العثمانيون إلى ولاية بيروت ألوية عكا ونابلس والشام واللاذقية. وكانت قلقيلية أحد نواحي مركز اللواء نابلس.
وفي عام 1893م استحدث قضاء جديد في سنجق نابلس، وهو قضاء "بني صعب"، واصبحت قلقيلية مركزا لناحية الحرم، نسبة الى حرم سيدنا علي، ويرتبط به قرى (اجليل، ومسكة، وكفر سابا، والطيرة، وجلجوليا، وام خالد، ووادي الحوارث، والحرم "سيدنا علي"، فضلا عن قلقيلية نفسها
6. عهد الانتداب البريطاني:
لم تشهد قلقيلية في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين تطوراً إدارياً مذكوراً، بل كانت سياسة الانتداب تتعمد إبقاء قلقيلية على ما هي عليه ووقف عملية تطورها وحرمانها من المستحقات الإدارية نتيجة لمقاومة أهالي المنطقة للانتداب البريطاني، وتصديهم لمحاولات الاستيلاء على أراضي المنطقة لضمها للمستعمرات اليهودية.
وظلت قلقيلية فترة الانتداب تعامل كقرية من قرى قضاء طولكرم رغم الزيادة في التعداد السكاني وتطورها العمراني والزراعي، واقتصر تعامل قلقيلية كتجمع سكاني كبير خلال تلك الفترة على التواجد العسكري المكثف
7. العهد الأردني:
بعد أن ضمت الضفة الغربية للأردن في إطار المملكة الأردنية الهاشمية بعد نكبة عام 1948







رد مع اقتباس
قديم 05-17-2013, 05:16 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


المعارك التي شارك فيها أبناء قلقيلية

1948-1967
***
فلسطين أرض بلا شعب.. لشعب بلا أرض".. عبارة ظل اليهود يرددونها مع بداية سنوات النكبة، وكأنهم بذلك قد حلوا المعادلة التي يصعب حلها، ولكنهم تناسوا مع زعمهم هذا أن فلسطين أرض بها شعب، ولسنا في معرض إثبات ذلك، فحقيقة وجود الشعب الفلسطيني على أرض فلسطين لا يستطيع أحد أن ينكرها، إلا إذا استطاع أن ينكر معها حقيقة وجود الشمس والهواء.. هذا الشعب له تاريخه، ولها ثقافاته وعاداته وتقاليده ولهجته وأغانيه وطبائعه، وقبل كل ذلك له عقيدته التي استمد منها قدسية الأرض التي يعيش عليها. الا انه وبعد خمسين عاما من قيام دولة إسرائيل اعترف المؤرخون الإسرائيليون "الجدد" بان الدولة العبرية لم تقم على "ارض بلا شعب لشعب بلا ارض"، بل قامت على حساب وجود ومصير شعب فلسطين. واعترفوا بان كفاح الحركة الصهيونية العالمية من اجل انقاذ يهود اوروبا من مذابح النازيين، و"حرب الاستقلال" التي خاضتها، كانت حربا شرسة مدمرة ضد مجتمع آخر متكامل. ارتكبت خلالها مجازر متنوعة بشعة، قتل فيها آلاف المدنيين الأبرياء من الفلسطينيين، ودمرت مئات القرى والبلدات الفلسطينية، وتم اقتلاع وتهجير وتشريد و"نكبة" شعب آخر وتبديد هويته الوطنية. وكأن الفلسطينيين هم الذين ارتكبوا المجازر بحق اليهود في أوروبا وساقوهم الى معسكرات الاعتقال الجماعي وأوقدوا لهم المحارق

إلا ان الأحداث الرهيبة التي تعرضوا لها في الفترة الواقعة ما بين تشرين 1947 وأيار 1948 كانت حاسمة في تحديد مستقبلهم وتقرير مصير ارضهم وهويتهم وتوجهاتهم. حيث أدت الى بدء مرحلة مؤلمة وقاتمة من تاريخهم، وقادت بتواطؤ من سلطات الانتداب البريطاني في فلسطين الى تدمير مجتمعهم واقتلاعهم من ارضهم ومدنهم وقراهم، وتسليمها لمجتمع جديد من المستوطنين المهاجرين اليهود. تم استحضارهم على مدى ثلاث عقود من الزمن "العشرينات والثلاثينات والأربعينات" من مجتمعات وثقافات ولغات وعادات مختلفة ووطنتهم في فلسطين
قرار التقسيم رقم 181:
ففي تاريخ 1949/11/29م اصدرت منظمة الامم المتحدة القرار رقم 181 الذي يوصي بوضع خطة لتقسيم فلسطين بين العرب واليهود، وإنشاء نظام دولي خاص لمدينة القدس تحت إشراف الأمم المتحدة. اختيرت المناسبة لاحقاً يوماً عالمياً للتضامن مع الشعب الفلسطيني.

ويدعو قرار التقسيم إلى:
- تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وجزء منها تحت الوصاية الدولية تتولى إدارته الأمم المتحدة ، بحيث يكون ما يقارب 56% منها لليهود .
- تصبح الدولتان مستقلتان بعد فترة انتقالية تدوم سنتين، ابتداء من أول أيلول 1947م والموافقة على دستور كل منهما وتوقيع معاهدة اقتصادية وإقامة اتحاد اقتصادي وتوحيد الرسوم الجمركية والنقد .
- كما نص قرار التقسيم على تنظيم الهجرة اليهودية إلى فلسطين

أعطى قرار التقسيم 55% من أرض فلسطين للدولة اليهودية، وشملت حصّة اليهود من أرض فلسطين على وسط الشريط البحري (من إسدود إلى حيفا تقريبا، ما عدا مدينة يافا) وأغلبية مساحة صحراء النّقب (ما عدا مدينة بئر السبع وشريط على الحدود المصري). ولم تكن صحراء النّقب في ذاك الوقت صالحة للزراعة ولا للتطوير المدني، واستند مشروع تقسيم الأرض الفلسطينية على أماكن تواجد التّكتّلات اليهودية بحيث تبقى تلك التكتّلات داخل حدود الدولة اليهودية.
وقد أيّدت الولايات المتحدة الامريكية وروسيا والدول الاوروبية مشروع تقسيم فلسطين، ومارست الادارة الأمريكية ضغوطاً شديدة على وفود الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة للحصول على ثلثي الأصوات من أجل اصدار شهادة الميلاد للدولة الجديدة، ولإقرار قرار التقسيم.
ووافقت على القرار 33 دولة منها امريكا وروسيا والدول الاوروبية وبعض دول امريكا اللاتينية.
وصوت ضد القرار13 دولة وهي:
(أفغانستان وكوبا ومصر واليونان والهند وايران والعراق ولبنان والباكستان والمملكة العربية السعودية وسورية وتركيا واليمن)
وامتنعت عن التصويت 10 دول وهي:
(الأرجنتين وتشيلي والصين وكولومبيا والسلفادور والحبشة وهندوراس والمكسيك والمملكة المتحدة ويوغسلافيا)

وجاء قرار التقسيم في حينه ليرسّم وجود الكيان الصهيوني على ارض فلسطين، ولتستمد منه قوات "الهجناة" و"شتيرين" و "الارغون الشرعية الدولية في شن هجمات قوية وحشية على القرى العربية، لاقتلاع سكانها من ارضهم وارغامهم على الهرب من بيوتهم وهجرة وطنهم، وللانطلاق لاستكمال سيطرتها على المناطق التي أعطاها لها قرار التقسيم وتوسيعها بأكبر قدر مستطاع من الارض. وتحولت الهجمات في كثير من الاحيان الى مذابح قامت بها قوات الارغون بقيادة مناحيم بيغن، وارتكبت مجازر بشعة بحق العديد من القرى العربية وسكانها المدنيين الفلسطينيين.
وحرصت السلطات البريطانية في تلك الفترة على عدم التدخل لوقف تلك المذابح، وسهلت بصيغة وأخرى وقوع بعضها.
رفض العرب مشروع التقسيم، لكن الصهيونية والقوى الداعمة لها صممت على إقامة الدولة اليهودية في فلسطين بناء في قرار التقسيم، مما حدا بالدول العربية للسعي لحماية فلسطين منشأة الحرب الأولى بين الجيوش العربية الخمسة التابعة لمصر وسوريا والأردن والعراق ولبنان من جهة والقوات الصهيونية من جهة، فيما عرف بحرب 1948.

وكانت الجامعة العربية في 1947/9/16م قد قررت تقديم أقصى ما يمكن من الدعم العاجل لأهل فلسطين في حال إقرار التقسيم.
هبَّ العرب من خلال جيش الإنقاذ وجيش الجهاد المقدس للدفاع عن فلسطين ضد جيش الصهاينة الذي بلغ عدده حوالي 67 ألف مقاتل مقابل 24 ألف مقاتل للجيش العربيين مجتمعين، وبالطبع مع فارق التدريب ونوعية الأسلحة لصالح الصهاينة.
حرب عام 1948م
عندما تأكد لزعماء اليهود من نية انسحاب بريطانيا في يوم 1948/5/15م، قرروا في تل أبيب في يوم 1948/5/14م أن يطبقوا الجزء الخاص بإنشاء دولة يهودية كما ورد في قرار التقسيم، حيث تم تشكيل برلمان وطني كممثل للشعب اليهودي والحركة الصهيونية العالمية، وأعلن "داڤيد بن غوريون" قيام دولة يهودية في فلسطين تسمى دولة إسرائيل، وشكل حكومة مؤقتة لها، واعترف بها كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي على الفور وتقرر فتح باب الهجرة لكل يهود العالم للكيان الجديد.
انسحبت القوات البريطانية يوم 1948/5/15م مخلفة لليهود كامل عتادها وأسلحتها، وكانت الهاغاناه قد أكملت استعداداتها للاستيلاء على أكبر كساحة ممكنة من فلسطين، وأعلنت التعبئة العامة بين القوات الصهيونية منذ مطلع نيسان 1948. وكانت لدى الصهاينة خطط مدروسة قامت بتطبيقها وكانت تسيطر على كل منطقة تنسحب منها القوات البريطانية، في حين كان العرب في حالة تأزم عسكري بسبب التأخر في القيام بإجراءآت فعّالة لبناء قوة عربية نظامية تدافع عن فلسطين، وخلال شهر ونصف نجحت القوات الصهيونية باحتلال مساحات تفوق الجزء المخصص لإسرائيل حسب قرار التقسيم، وأصبحت جاهزة لمواجهة أي هجوم عربي محتمل. وخرجت اعداداً كبيرة من الفلسطينيين من مدنهم وقراهم بسبب ما مارسته العصابات الصهيونية ضدهم من حرب إبادة وترويع بهدف إجبارهم على ترك بيوتهم والفرار من وجه الفظاعة والوحشية. فقد وصل عدد المجازر التي ارتكباها الصهاينة الى 470 مجزرة، مما دبّ الرعب في قلوبهم واجبرهم على الفرار بأرواحهم.
بالنسبة للعرب، فقد دخلت الجيوش العربية ولكن أقل بكثير مما كان متوقعاً وبدون خطة واضحة، وقد أجمع رؤساء أركان الجيوش في ذلك الوقت على أن جيوشهم غير جاهزة لخوض حرب.
عند منتصف ليلة 1948/5/15م دخلت الجيوش العربية على فلسطين، ورغم النواقص التي عانتها إلا أنها حققت بعض النجاحات في الأيام الأولى لدخولها، مما دعا أمريكا لأن تطلب من مجلس الأمن إصدار قرار لوقف إطلاق النار.
فقد سيطر الجيش المصري على منطقة النقب وخليج العقبة، وسيطر الجيش السوري على الجليل حتى جنوب بحيرة طبريا، ووقف الجيش اللبناني غير يعبد عن عكا، وسيطر الجيش العراقي على قلب فلسطين وامتدت خطوطه إلى قلقيلية وطولكرم وجنين وحدود تل أبيب، كما سيطر الجيش الأردني على غور الأردن الجنوبي ومنطقة القدس ورام الله والرملة حتى التقى بالجيش العراقي والمصري، ولكن سرعان ما توقف اندفاع الجيوش العربية وجاءت الهدنة الأولى لتغير الأوضاع وتقلب الموازين.

أعلنت أمريكا وبريطانيا أن الحالة في فلسطين تهدد السلم العالمي، وضغطتا على الدول العربية وبذلتا الوعود، فقبلت جامعة الدول العربية قرار مجلس الأمن رقم 50 بتاريخ 1948/5/29م القاضي بوقف إطلاق النار لمدة 4 أسابيع، وقد نص القرار كذلك على منع الأطراف من تحصين مواقعها الراهنة وإلا يعزز قواته الراهنة، فتقيد العرب ببنود القرار، لكن هذه الهدنة كانت بالنسبة لاسرائيل مجرد وقف لإطلاق النار لتحقيق انجازات أكبر على مسرح العمليات فأتاحت هذه الهدنة لإسرائيل إعادة تنظيم قواتها وتدريبها، كما وصلت إلى إسرائيل خلال الهدنة كميات كبيرة من الأسلحة، عاد الجانبان للقتال يوم 1948/7/9، لكن مجلس الأمن ما لبث أن أصدر قراراً آخر بالهدنة الثانية مدة 54 يوم 1948/7/15م، بدأت عملياً يوم 11948/7/18م بعد أن تمكنت إسرائيل خلال الأيام العشرة من احتلال مساحات أخرى من الأرض.
لم يحدد المجلس زمناً لهذه الهدنة على أمل أن تتحول إلى هدنة دائمة، وقد أنهمك الوسيط الدولي السويدي "الكونت فولك برنادوت" في تلك الفترة في إعداد خارطة لفلسطين عازماً على تعديل قرار التقسيم، فأعد مشروعاً عرف باسم "مشروع الكونت برنادوت"، والذي تضمن خطة لإنشاء منطقة مجردة من السلاح، وتحديد خط الهدنة، وإجراء بعض التعديلات على الحدود والأراضي المتداخلة، واقترح مبدأ التعويض للفلسطينيين. لكن الإسرائيليين لم يعجبهم المشروع فقاموا باغتياله في القدس يوم 1948/9/17م على يد مسلحين من الجناح اليميني المتطرف. وعقب مصرعه عينت الامم المتحدة رالف جونسون بانتش خلفاً له.
مجدداً تابعت إسرائيل خرق الهدنة رغم قبولها لها، ونظمت هجوماً على القوات المصرية في الفالوجة يومي 27-28/ 1948/7م لكنه أحبط وهاجمت عراق المنشية وأخفقت في السيطرة عليها، ولكنها نفذت عدة عمليات على طريق النقب أدت على احتلاله والوصول إلى مرفأ "أم الرشراش" الذي سماه الإسرائيليون بعد ذلك "ميناء إيلات" وهو من خليج العقبة.
قام الطيران الإسرائيلي يوم 1948/10/15م بقصف مطار العريش وغزة وبيت حانون والمجدل والفالوجة لإخراج القوات المصرية من المعركة، وفي اليوم التاسع عشر من نفس الشهر، احتلت القوات الإسرائيلية الحليقات وأصبح بإمكانها التقدم نحو الجنوب مما دفع القوات المصرية لإخلاء المجدل خوفاً من التطويق.
وفي 1948/12/29م أصدر مجلس الأمن مجدداً قرراً بوقف إطلاق النار، وأعلنت بريطانيا أنها ستقوم بمساعدة مصر إن لم تلتزم إسرائيل بالهدنة، وبعد هذا توقفت الاشتباكات واستمر الصراع السياسي حتى انتهي الأمر بعقد اتفاقات هدنة دائمة فردية فيما عرف باتفاقيات رودس، وكانت هذه نهاية الحرب في تلك الفترة. وتمت الاتفاقية برعاية الأمم المتحدة في جزيرة رودس في شباط 1949.
اتفاقيات رودس عام 1949م:
وقد جاءت هذه الاتفاقية بعد اتفاقيات الهدنة في أعقاب حرب 1948، وكانت هذه الاتفاقيات في الواقع تكريسا لنتائج حرب الـ 1948م. ففي أواخر ذلك العام وافقت اسرائيل على توقف القتال مع العرب. وطلبت الأمم المتحدة من الأطراف المعنية عقد جولة جديدة من المفاوضات تنجم عنها اتفاقيات يكون هدفها تحديد خط الهدنة وإنشاء مناطق مجردة من السلاح. وقد وافقت الدول العربية على هذا العرض واختيرت جزيرة رودس مكانا محايداً لهذه المفاوضات.

وتوجه الوفد الاسرائيلي الى جزيرة "رودس Rhode[]، للتفاوض مع الوفود العربية في بداية عام 1949م، وعقدت اتفاقات هدنة دائمة سميت باتفاقية رودس، بين دول المواجهة العربية كل على حدة، من جانب، وإسرائيل من الجانب الأخر، وتحت إشراف الأمم المتحدة، ممثلة بالوسيط الدولي الأمريكي "رالف جونسون بانتش"، وأُستثني الفلسطينيون من المشاركة الرسمية المباشرة في تلك المفاوضات، وكأن الأمر لا يعنيهم، وتولى ممثلوا الدول العربية التفاوض بالنيابة عنهم. واعتبرت أمريكا وبريطانيا مصر مركز الثقل في الموقف العربي، لذا فقد حاولتا عزلها ليصبح بالإمكان توقيع الاتفاقية مع دول المواجهة الأربع. وكان لهما ذلك، فجاءت اتفاقية الهدنة المصرية – الإسرائيلية لتكون الأولى ضمن اتفاقيات رودس.
واصرّت اسرائيل، في حينه، على التفاوض مع كل طرف على انفراد وكان لها ما أرادت. ولعب "بانتش" دورا توفيقيا ادى الى توقيع اتفاقية الهدنة بين مصر وإسرائيل في 1949/2/24م. وهذه الاتفاقية أولى اتفاقيات الهدنة من حيث الترتيب الزمني للتوقيع. وأعقبت هذه الاتفاقية اتفاقيات مماثلة مع لبنان بتاريخ 1949/3/23م، وسوريا بتاريخ 1949/7/20م، وقعت على الحدود في اطار اجتماعات ممثلين عسكريين من كلا البلدين مع ممثلي اسرائيل. اما بالنسبة للاردن فقد تم توقيع الاتفاقية مع الجانب الاسرائيلي بتاريخ 1949/4/3م
وفي إطارها تم ضم منطقة المثلث إلى إسرائيل ومن ضمنها اراضي قلقيلية الزراعية الخصبة الواقعة غربي سكّة الحديد، والتي تقدر بنحو 28 الف دونم، بينما ضُمَّت قلقيلية (البلد) وباقي مدن الضفة الغربية إلى الأردن.
ومنذ ذلك التاريخ، وحتى مؤتمر مدريد عام 1991م اصرَّت اسرائيل على اعتماد صيغة رودس "مفاوضات مباشرة وثنائية" في العلاقات والمفاوضات مع الدول العربية. ورفضت الاعتراف بوجود شعب اسمه الشعب الفلسطيني، وظلت ترفض الجلوس مع اي طرف فلسطيني. وعندما بدأت مفاوضات رودس في شباط عام 1949م، كانت اسرائيل قد استولت على أراض تتجاوز الحدود التي رسمها قرار التقسيم (رقم 181) للدولة اليهودية. وفي المفاوضات رفضت اسرائيل الانسحاب منها. واية دراسة متأنية للاتفاقات التي وقعتها الدول العربية مع إسرائيل في تلك الفترة، تبين أنها كانت اقرب الى اتفاقات سلام بين الدول العربية الموقعة واسرائيل. فقد نصت على عدم استعمال القوة العسكرية من أي طرف في تسوية مشكلة فلسطين، وأكَّدت على منع قوات الفريقين من القيام باي عمل حربي ضد الفريق الاخر
ومن الجدير بالذكر ان اتفاقيات الهدنة اللبنانية والسورية لم تكن أكثر من اتفاقيات لوقف إطلاق النار، وقعت على الحدود في إطار اجتماعات ممثلين عسكريين من كلا البلدين مع ممثلي إسرائيل.
أما اتفاقيات الهدنة الأردنية والمصرية فكان من أهم نتائجها ان اصبحت اسرائيل امرأ واقعا، وسيطرت على مساحات تفوق ما نص عليه قرار تقسيم فلسطين، وإحتلت من فلسطين كامل السهل الساحلي بإستثناء قطاع غزة الذي سيطر عليه المصريون، وأصبحت مناطق القدس الشرقية والضفة الغربية جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية. وضُمَّت إلى إسرائيل مساحة تزيد عن نصف مليون دونم من الأراضي الخصبة من المثلث، كما ضُمَّ النقب بشماله وجنوبه وشرقه إلى الكيان الصهيوني. ونتج عن ذلك نزوح عشرات الآلاف من سكان هذه المناطق، وأصبح خط الهدنة يمتد نحو 530 كم من جنوبي طبريا في الشمال حتى خليج العقبة.
وفي 1949/5/12م تم قبول اسرائيل عضوا في هيئة الامم المتحدة، وصوت الى جانبها 37 دولة، كانت على رأسها أمريكا والاتحاد السوفيتي ودول أوروبا وبعض الدول من امريكا الجنوبية، بينما صوت ضد القرار 12 دولة منها بعض الدول العربية والإسلامية والهند وبورما وأثيوبيا، وامتنعت 9 دول عن التصويت، وهي بريطانيا وبلجيكا والدنمارك والسويد وتركيا واليونان والبرازيل والسلفادور وسيام (تايلند)
وفي نفس العام تم إنتخاب أول كنيست إسرائيلي وأختير حاييم وايزمن الزعيم الصهيوني كأول رئيس لدولة إسرائيل.
واستنادا الى الوقائع التي ذكرناها آنفا يمكن تلخيص اسباب الهزيمة كالاتي:
(المؤامرة الدولية، والمتمثلة أساسا في موافقة هيئة الأمم المتحدة على مشروع التقسيم والاعتراف بحدود اسرائيل خارج حدود التقسيم، الغدر البريطاني بالتواطؤ مع امريكا، والجرائم الصهيونية ضد الفلسطينيين، ضعف الدول العربية، والخلافات بين مصر وسوريا، غياب القيادة الفلسطينية عن ارض المعركة، ضعف مستوى التدريب وتدني تسلحّ الجيوش العربية وقلّة عددها وعُدّتها، وعدم وجود قيادة موحدة لهذه الجيوش، وخيانة بعض الضباط العرب وقياداتهم)

المعارك التي خاضها او شارك فيها أهالي قلقيلية من عام 1948-1967م:
لقد خاض اهل قلقيلية وابناء القرى المجاورة لها المعارك الدفاعية المتنوعة، في مواجهة هجمات التشكيلات العسكرية اليهودية، واهمها معارك : الطيرة، بيارعدس، قلمانيا، كفار سابا، رامات هاكوفيش، وعين ورد، وفلامية، ومعارك البيارات وبخاصة بيارة الداعور. وكيف صمدوا في اطار الجهاد المقدس والفتوة والنجادة وجيش الانقاذ مع القوات العراقية التي كانت ترابط في محيطها.
أدرك أهالي قلقيلية ومنذ البداية أن نجاح المشروع الصهيوني يعتمد في الأصل والنهاية على الأرض، ولذلك رفضوا كل الإغراءات لبيع أي شبر من أراضيهم وتصدوا لكل الأعمال العدوانية التي قام بها سكان المستعمرات اليهودية للاستيلاء على أراضيهم وأراضي القرى المجاورة بالقوة. وقد شعر سكان قلقيلية بخطر التوسع الصهيوني منذ صدور قرار التقسيم. فاخذوا يستعدون للدفاع عن بلدتهم وجمعوا مبالغ كبيرة من المال واشتروا بها السلاح والذخيرة وجندوا بها المناضلين، ووصل عدد هؤلاء في مدة قصيرة قرابة الفا ومائتين (1*200 مقاتل مسلح تعاونوا فيما بينهم على حراسة أراضيهم وردَّ العدوان عنها، وأسهموا في الدفاع عن القرى المجاورة وخاضوا معارك كثيرة، من أهمها معركة قلنسوة، وعين ورد، وبيار عدس والطيرة وخربة حانوتا وكفر سابا. وشنوا في بعض الحالات هجمات معاكسة على المستعمرات الصهيونية، التي كان ينطلق العدوان منها مثل "رمات هاكوفيش" و "قلمانيا (او كلمانيا)".
ففي الاول من شباط عام 1948م دمروا جسرا كبيرا من جسور السكة الحديدية، كان يقوم على نهر العوجا، بين راس العين وملبس. وكان المناضلون من ابناء القرى الاخرى نسفوا الجسور الاخرى الواقعة على السكة نفسها في مواضع عديدة، فتوقفت المواصلات اليهودية بين تل ابيب والمستعمرات الكائنة في شمال فلسطين
من المعارك التي شارك فيها أهالي قلقيلية بعد قرار التقسيم:
1. معركة قلنسوة

ومن المعارك الهامة التي جرت بعد قرار التقسيم بقليل (معركة قلنسوة) التي تبعد عن قلقيلية الى جهة الشمال الغربي زهاء عشرة كيلومترات. هاجم اليهود قلنسوة وقد هب أبناء قلقيلية مع من خف لنجدتها من ابناء المدن والقرى المجاورة مثل طولكرم والطيبة وغيرها. وقد اشتبكوا مع اليهود في موضع بين قلنسوة والطيرة، وهاجم العرب مستعمرة "عين ورد Eyn Wared" فاحتلوا بعض منازلها، وقد بلغ عددهم يومئذٍ ثلاثمائة (300) مناضل، وقد حضر المعركة عدد من رجال نابلس وطولكرم، منهم سليمان طوقان، وهاشم الجيوسي، وفائق عنبتاوي. ولولا تدخل الجيش البريطاني لقضى المناضلون على تلك المستعمرة.
وفي الاول من شباط 1948م دمر المناضلون من قلقيلية جسراً على نهر العوجا بين رأس العين وملبس، كما نسف غيرهم من المجاهدين جسوراً أخرى.

2. معركة بيار عدس:
وقعت معركة بيار عدس الأولى بتاريخ 26 شباط، تبعتها معركة أخرى في اليوم التالي 27 شباط من عام 1948م. اشترك فيهما عددا من المناضلين من قلقيلية، عندما هاجم اليهود من سكان رمات غان وكفار سابا وغيرها من المستعمرات قرية بيار عدس فهب رجال قلقيلية وغيرهم لنجدتها واشتبكوا مع القوات اليهودية، وقتل فيها عدد غير قليل من الطرفين وكانت معركة حاميه، ولم يحدث نتيجتها ربح يذكر للعرب بسبب تدخل الانجليز لصالح اليهود، واستشهد في كلتا المعركتين عددا من المناضلين.

وكان من بين الذين استشهدوا من قلقيلية الشهيد عبد اللطيف عبد الرحمن الحاج حسن لباط بتاريخ 1948/2/27م والشهيد محمد قاسم محمد حسن العلي في 1948/2/28م. وكان قد استشهد قبل نحو شهرين من هذه المعركة في بيار عدس زكي محمود مصطفى خدرج - 1947/12/24م
3. معارك "رمات هاكوفيش":

***

المعركة الاولى:
حدثت معركة رمات هاكوفيتش الأولى بتاريخ 1948/4/6م، وفيها هاجم المناضلون من قلقيلية المستعمرة (وتقع إلى جهة الشمال الغربي من قلقيلية) ولم يشتبكوا فيها مع اليهود في قتال جدي، حيث كانت المعركة من قبيل جس النبض، قتل فيها مجاهد من قلقيلية، وهو الحاج عبد الفتاح خُدرُج، الذي انطلت عليه خدعة اليهود، حيث أوهموه بأنهم أفراد الجيش العراقي الذين كان ينتظرهم لاستلام السلاح منهم، لتوزيعه على المناضلين، فقام من موقعه ولوح لهم بالتحية، فاقتربوا منه كثيرا وأحاطوا به وأمطروه بوابل من الرصاص. وقتل في الواقعة أيضا ضابط يهودي.
المعركة الثانية:
حدثت بتاريخ 1948/9/25م عندما قام اليهود بهجوم شديد على قلقيلية وجوارها بقصد استرداد الأراضي التي ثبت العرب فيها من أراضي هاكوفيتش ونجحوا في ذلك، فاستنجد المجاهدون بالسرية العراقية التي كانت ترابط بقرب قلقيلية فلم يستجيبوا لهم. فتقدم المناضلون نهاراً وهاجموا اليهود في هاكوفيتش واستردوا بعض الأراضي التي خسروها، وأثناء ذلك جاءهم القائد العراقي نور الدين محمود باشا انجادهم وأمرهم بالكف عن القتال. وبينما كان راجعا الى قلقيلية ويهم بالدخول الى مركز الشرطة فيها، اطلق اليهود النار عليه وعلى البلدة كلها من مدافعهم الرشاشة التي كانوا قد ركزوها في رمات هاكوفيش، عندئذٍ غير القائد رايه، وأصدر أمره الى رجال المدفعية العراقية بقصف المواقع الإسرائيلية، واخذ المجاهدون من قلقيلية والمناطق المجاورة والجيش العراقي بالتقدم واحتلوا الجزء الذي كان قد تبقى بيد اليهود، وقد استشهد في هذه المعركة احد عشر مجاهدا من قلقيلية وعددا آخر من الجنود العراقيين
المعركة الثالثة:
حاول المناضلون العرب اعادة احتلال هاكوفيتش نفسها فهاجموها ثلاثة مرات، ولكنهم لم ينجحوا وسقط عدد من الشهداء في هذه المعركة التي وقعت في 1948/10/1م.
المعركة الرابعة:
قام لواء جفعاتي الإسرائيلي في يوم 1949/1/2م في الحادية عشرة ليلاً بالهجوم على قرية الطيرة من الشمال، فتصدي له مناضلو القرية القليلون، ولكن الإسرائيليين تغلبوا عليهم، وقامت قوة أخرى إسرائيلية باحتلال التلال الثلاثة شرق رامات هكوفتش، وفي الفجر شنت القوات العراقية هجوماً معاكساً وتمكنت من استرداد بعض المواقع، ولكن وصول نجدات للصهاينة أوقف هذا الهجوم وحوله إلى مجرد مناوشات.
المعركة الخامسة:

وقبل منتصف ليل 1949/1/3م عادت المناوشات بين العرب واليهود في هذا القطاع، عندما قام اليهود رغم الهدنة بمهاجمة قرية الطيرة واشترك في هذا الهجوم فوجان من مقاتليهم يقدر عددهم بـ 500 مقاتل فصمد المجاهدون من ابناء هذه القرية الذين لم يزد عددهم عن الثلاثين مقاتلا، وهرع العراقيون لنجدتهم بمدافعهم ، لكن كان اليهود من الكثرة، بحيث تغلبوا على المناضلين، فدحروهم الى الوراء واحتلوا التلال الثلاثة الواقعة الى الشرق من هاكوفيش وسقط من العراقيين في هذه المعركة تسعة شهداء ومن مناضلي قلقيلية والطيرة مثل هذا العدد. وتعقب اليهود المقاتلين العرب المنهزمين على ذراعين: ذراع نجح في تقدمه حتى وصل الى نقطة امام محطة قلقيلية، وآخر بدا زحفه في اتجاه الطيرة الا انه عاد فانسحب خشية ان يتورط في قتال في شوارعها. هكذا كان الوضع آخر الليل. وعندما انبثق فجر اليوم التالي (1/3) قام العرب بهجوم معاكس فاستردوا موضعين من مجموعة "قلمانيا"، وموضعا ثالثا من مجموعة "هاكوفيش"، ومع ذلك ظل اليهود محتفظين بمعظم المرتفعات التي احتلوها في الليلة السابقة، وبهذا سيطروا على طريق طولكرم قلقيلية سيطرة تامة.
عندئذٍ تم تعزيز القوة العراقية بسريتين أُخريين: سرية مشاة وأخرى مدرعات، ارسلهما العقيد نجيب الربيعي من كفر قاسم، وكذلك فعل اليهود الذين قووا صفوفهم. فوقف الفريقان وجها لوجه، يبغي كل منهما القضاء على الآخر.
فكان العرب في الطيرة وقلقيلية وكفر سابا وجلجولية وطول جبهتهم 10 كيلومترات يقودهم الرئيس الاول الركن شاكر محمود شكري آمر الفوج الاول الآلي، ومعه سرية المناضلين الفلسطينيين ومئتان من الحرس الوطني تابعون لبلدية طولكرم.
وكان اليهود في مسكة ورمات هاكوفيش وقلمانيا وفي الكينا الشمالية والكينا الجنوبية وبيار موسى.
وكان العرب يهدفون إلى الى استرداد التلال القائمة أمام "رمات هاكوفيش" والمواقع الاستراتيجية الهامة الواقعة في منطقتي كفر سابا وقلمانيا.
وأما اليهود فكانوا يهدفون الى احتلال قلقيلية، التي حصنها سكانها تحصينا تاما، حتى أصبحت على استعداد لقتال الشوارع.
المعركة السادسة:

مرّ اليومان الثالث والرابع من شهر كانون ثاني في هدوء تام، قضاها كل فريق متحسساً مواضع القوة والضعف عند الفريق الآخر، ومعداً نفسه للنزال. وفي اليوم الخامس، قام العراقيون بهجوم مصطنع على المواقع اليهودية في جلجولية، ليوهموا اليهود انهم بقصدون مهاجمتهم في ذلك القطاع بينما كانوا في الحقيقة يستهدفون مهاجمتهم في رمات هاكوفيش، وتمكنت سرية مؤلفة من 200 مقاتل، نصفهم عراقيون والنصف الآخر فلسطينيون من احتلال معظم المواقع اليهودية القائمة في تلك المنطقة من ابادة حامية يهودية مؤلفة من 30 مقاتلا، وخسر العراقيون ستة شهداء آخرين، الا ان (تل كوفيش نفسه) فقد ظلت حاميته فيه، وكانت هذه عبارة عن سريتين وكان اليهود قد حصنوه، وعززوا حاميته بالمدافع المضادة للدبابات.
وزار الجبهة صباح اليوم السادس اللواء نور الدين محمود باشا قائد القوات العراقية والعقيد الركن نجيب الربيعي آمر اللواء، الذي قرر تعزيز القوة العراقية بقوات اضافية واسلحة مساندة، وهكذا كان. فقد ارسلت سرية من سرايا اللواء الخامس الى الميدان، لكن هذه السرية لم تشترك في القتال لان تل هاكوفيش كان قد سقط بيد العرب. فقد كان المجاهدون العرب قد زحفوا صوب تل هاكوفيش صباح ذلك اليوم، وما كاد النهار ان ينتصف حتى كان التل محاطا بالعرب من ثلاث جهات.
ولكي يخفف اليهود من ضغط العرب على تل هاكوفيش راحوا يقصفون قلقيلية بنيران مدافعهم. وراح العراقيون بالمقابل بقصف قلمانيا وكفر سابا ورمات هاكوفيش نفسها بنيران مدافعهم، بشكل متواصل.
المعركة السابعة:

وفي صباح اليوم التالي 1949/1/7 استطاعت كتيبة عراقية معززة بالمدافع والمدرعات مفاجأة المواقع الجنوبية للعدو وطردت منها قوات "يفتاح"، ومن ثم أخذت تركز القصف المدفعي على المواقع الشمالية وعلى مستعمرة كليمانية ورامات هكوفتش، وفي المساء تمكن العراقيون من استعادة جميع الأماكن التي احتلها العدو.
حاول قائد لواء جفعاتي استرداد هذا الموقع ليلاً لكن العراقيين أنزلوا به خسائر فادحة أجبرته على الانسحاب في الساعة الرابعة والنصف من صبيحة ذلك اليوم وسقط التل وبعض المواقع القريبة من مستعمرة هاكوفيش بيد العرب.
وظلت تلك المواقع تحت سيطرة العرب حتى وقعت اتفاقية "رودس" مع الجانب الاردني في الثالث من نيسان 1949م، حيث أُمِرَ الجيش العراقي بالانسحاب من هذه المنطقة الى ما وراء خطوط الهدنة الجديدة.

وقد نجم عن اتفاقية "رودس" سقوط معظم قرى المثلث والطريق التي تربط قلقيلية بطولكرم بيد اليهود بدون حرب، نتيجة التلاعب والتحريف الذي تم على خرائط التقسيم.
وتعتبر معركة رمات هاكوفيش آخر معركة قام بها الجيش العراقي قبل انسحابه من فلسطين، وقد خاض غمارها العراقيون بمشاركة ابناء قلقيلية والطيرة. جنبا الى جنب.
ولم تنقطع الاشتباكات بين العرب واليهود في هاكوفيتش طيلة معظم أيام حرب 1948م وأوائل عام 1949م، وسقط في هذه المعركة شانها شان كل المعارك الاخرى التي خاضها اهالي قلقيلية كثير من أبناء قلقيلية كان منهمھ :
محمد إبراهيم عنان أبو خضر (قتل في كوفيتش في 1948/2/18م)؛ ومناور مصطفى الشاكر من جيوس (وكان طنيباً عند آل السبع في قلقيلية وقتل في كوفيتش في 1948/4/21م)؛ ومحمد حسن مصطفى نوفل (قتل في كوفيتش بانفجار قنبلة يدوية في 1948/5/16م).
كما استشهد من مناضلي قلقيلية في معركة كوفيش في شهر كانون ثاني عام 1949م: عبد الكريم نمر عبد الله جابر نزال، وصبحي محمد حسن هرش نزال، ومحمد الشيخ حسين صالح صبري، وعبد الرحيم محمود احمد عوينات (البم)، وسميح صبري، عمر حسين نزال، ومحمد عبد الفتاح أبو شاهين.

وقتل في قلقيلية نتيجة القصف المدفعي وإطلاق الرصاص في تلك الفترة:
محمد فارس احمد أبو علبه في 1948/6/19م (بانفجار قنبلة في داره)؛ ووليد محمد نايف الجرمي في 1948/10/10م، وفيصل خليل إبراهيم عناية في عام 1948م؛ وأولاد يوسف خليل حسن ماضي زيد (وهم: محمد وتيسير وخليل وبنت بانفجار قنبلة في الدار بتاريخ 1948/9/19م)؛ وكامل محمد سليمان جعيدي (قتل خطأ برصاصة طائشة في 1948/8/14م)؛ وناجي محمود صالح الحوراني (قتل برصاصة طائشة وراء بيته في 1949م)، ويحيى عبد الرحيم محمد حمد جعيدي (قتل قرب السكة عندما عبر الحدود بعد عام 1948م)؛ وحسن محمد الخاروف عبد الله حسن (قتل في خلة دار أبو خدرج)؛ وصالح أسعد مصطفى سعاده (قتل برصاصة طائشة في 1948/5/16م)؛ وعبد الرحيم محمود سعيد أبو الذره (قتل على البيادر الجنوبية بقذيفة طائرة في عام 1948م)؛ وعبد الله أمين عبد الله قواس (قتل في التسلل عبر الحدود في عام 1949م)

وقتل في قلقيلية نتيجة القصف المدفعي الإسرائيلي لها في ذلك اليوم 1949/1/3م علي محمود يوسف طه نزال، وحسني احمد إبراهيم موافي، واحمد محمد قاسم موافي، وقد قتل هؤلاء قرب منزل محمود يوسف طه.
ويذكر المؤرخ الفلسطيني عارف العارف انه زار بغداد والتقى بتاريخ 1953/12/13م العقيد الركن شاكر محمود شكري، آمر الفوج الآلي الذي أدار هذه المعركة، وسأله عن اخبار معركة رمات هاكوفيش، فاجاب بقوله "..ان هذه المعركة كانت خير دليل على تعاون الفلسطينيين والعراقيين، وعلى الجرأة والإخلاص والروح العالية التي يتحلى بها اهالي قلقيلية، وفي مقدمتهم رئيس البلدية السيد عبد الرحيم السبع" .. الى ان قال: " غنمنا في هذه المعركة ثمانية مدافع وتسعة وعشرين رشاشا واربع قاذفات من طراز فيات واربعة الاف طلقة ومقادير لا باس بها من البنادق والرشاشات ومن الأعتدة والذخائر" .. واضاف: "ان خسائر العرب في هذه المعركة كانت 17 شهيدا و45 جريحا، بينما قتل من اليهود في اليوم الأخير من المعركة (1949/1/16م) خمسة وسبعون والكثير من الجرحى، هذا بالإضافة الى الثلاثين الذين قتلوا عند بدء المعركة"
4. معارك كفر سابا:
المعركة الاولى:
في اليوم الثالث عشر من ايار عام 1948م، هاجم اليهود بلدة الطيرة فهب أهالي قلقيلية لنجدتها، ولكنهم ما كادوا يشتبكون مع اليهود، حتى تبين لهم أن الهجوم على الطيرة ما كان آلا بقصد تغطية الهجوم على كفر سابا العربية. وفعلاً، ففي نفس الوقت الذي هاجم فيه اليهود قرية الطيرة، هاجم اليهود كفر سابا فاحتلوها ولم يواجهوا اية مقاومة تذكر لأن المجاهدين من قلقيلية كانوا قد توجهوا إلى الطيرة وانطلت الخدعة عليهم. ولما علم المجاهدون باحتلال اليهود لقرية كفر سابا عادوا بسرعة من الطيرة وتقدموا إلى كفر سابا محاولين استرجاعها، فأصلوهم اليهود بوابل من الرصاص فقتل عدد منهم وفشلوا في استرجاعها. واسشهد في هذه المعركة خمسة مناضلين من ابناء قلقيلية وهم: محمد محمود حامد زهران، وعبد الله مصطفى الحاج عيسى شريم، وراغب علي الحوتري، وأسعد سليمان ابو سعدة، وأحمد يونس عبد الله الحاج حمدان .
المعركة الثانية:

حاول أهالي قلقيلية بعد احتلال اليهود لكفر سابا بخمسة أيام استردادها فهاجموها في 1948/5/18م كما هاجمها في اليوم نفسه عدد آخر من أبناء القرى المجاورة يساندهم رجال الإنقاذ من مدينة حماة، فقتل عدد من المهاجمين من قلقيلية وقراها، ولم ينجحوا في استردادها، فارتدوا الى الوراء، وجاء بعد قليل عدد من رجال المدفعية الأردنية وقصفوا اليهود المحصنين فيها بمدافعهم من بنيامين، إلا أن هذا القصف ايضا الذي لم يدم أكثر من ربع ساعة باء بالفشل، اذ كان اليهود قد حصنوا كفر سابا تحصينا كاملا.
واستشهد من قلقيلية محمد عبد الرحمن حسن جباره، وعبد الفتاح مصطفى سعاده، وعبد الرحيم إدريس أبو حبله، وشاكر عوينات محمود عوينات (وقد ذكر ولده عبد الله أن اباه قتل في 1948/5/13م وبقيت جثتة في البيارات مدة خمسة أيام، حتى تمكن ذووه من إحضاره ودفنه يوم 1948/5/18م)[16]. وجرح في المعركة صالح البلقيس محمود صالح جباره.
وكان قد قتل في ارض كفر سابا قبل شهرين من التاريخ المذكور حسين علي حسين أبو نجيم الشنطي بانفجار لغم في 1948/3/18م .
5. معركة بيارة الداعور:
تقع بيارة الداعور جنوب بنيامين إلى الغرب الجنوبي من قلقيلية، أحتلها اليهود على اثر احتلالهم لقرية كفر سابا في 1948/5/13م، وصمم الشيخ احمد محمد الداعور استعادتها، واستعان بالقيادة العراقية في المنطقة فتقدم ومعه جماعه من المناضلين من قلقيلية وجنود من الجيش العراقي بقيادة احمد النعيمي وهاجموا اليهود الموجودين في البيارة، فانسحبوا منها واحتل العرب صباحاً البيارة وقتل اثناء المعركة احد اليهود وكان مختبئاً بين الذرة وابقى العرب فيها حامية من خمسة (5) أشخاص، وبعد الظهر هاجمها اليهود مرة أخرى واحتلوها بعد قصفها بالمدفع وانسحبت حاميتها، وتقدم الملازم العراقي نجيب ومئات من الجنود والمتطوعين من قلقيلية في اليوم التالي وهاجموها واحتلوها وقتل في هذه المعركة محمد رشيد محمد أبو خدرج، وبقي العرب فيها ثلاثة أسابيع حتى جاءت الأوامر من القيادة العراقية العليا بالانسحاب من تلك المنطقة إلى ما وراء سكة الحديد، فانسحبوا واستولى عليها اليهود في اليوم التالي
استمرار الاعتداءات الإسرائيلية:
وفي في 18 حزيران 1948م قصفت طائرتان إسرائيليتان قلقيلية بالقنابل وهدمت داراً وقتلت شخصاً واحداً هو محمد فارس احمد أبو علبه حيث أصيب بقنبلة انفجرت في الدار، وكانت سرية عراقية في مركز الشرطة لم تتحرك ولم تطلق رصاصه واحدة، مما شجع اليهود على التغلغل في احياء البلدة، وراحوا يجوبون شوارعها، وهدموا بعض منازلها، ومن المباني التي اصيبت باضرار بالغة كانت دار البلدية التي خرقت قذيفة سقفها.

الحروب بعد اتفاقية رودس عام 1949م:
وفي 29 حزيران عام 1949م، وبعد مضي اقل من ثلاثة شهور على توقيع اتفاقيات رودس، أقدم بعض اليهود المسلحين، على قتل أربعة أشخاص من قلقيلية كانوا يعملون في أراضيهم، في المنطقة المحتلة المجاورة لسكة الحديد في منطقة شمال-غرب قلقيلية، حيث طلبوا منهم وكانوا خمسة أشخاص مغادرة أراضيهم والعودة الى بيوتهم، وما كادوا يبتعدون قليلاً عنهم باتجاه قلقيلية، حتى أمطروهم بوابل من الرصاص، فقتلوا أربعة منهم، ونجا الخامس وهو المرحوم أحمد إبراهيم موافي (والد الأستاذ عبد اللطيف - أبو وهيب)، حيث ألقى بنفسه على الأرض عند إطلاق الرصاص، ولم يصب بأي أذى، وبعد انصراف اليهود الذين ارتكبوا هذه الجريمة، نهض من مكانه وعاد سالماً إلى أهله، وقام بإخبار أهل البلدة بما حدث، فذهبت مجموعة من أهالي البلدة، وأحضرت جثث الشهداء. وقد حدثت هذه المجزرة على الرغم من وجود سرية من الجيش العربي في مركز شرطة قلقيلية، التي لم تحرك ساكنا، ولم تطلق رصاصة واحدة على اليهود، بسبب الأوامر الصادرة لها من الجنرال "غلوب" باشا الإنجليزي قائد الجيش الأردني آنذاك

أما الشهداء فكانوا: عادل يونس عمر حسين نزال؛ زكي عبد الكريم حامد موافي؛ سعيد سليم حامد موافي؛ حسن خليل حامد موافي.
استمرار الاشتباكات:
لم تنقطع الاشتباكات بين أهالي قلقيلية، وسكان المستعمرات المجاورة بعد رسم الحدود في اتفاقية رودس عام 1949م، بل ازدادت ضراوة لان الجيش الإسرائيلي اخذ يشارك فيها. وخلال السنوات الأولى من قيام دولة إسرائيل 1948-1956م، لم يسلِّم كل سكان قلقيلية رجالا ونساء مواطنين ولاجئين بنتائج الهزيمة. واحتفظوا بأسلحتهم النارية وحاول من لم يكن يملك سلاحا امتلاكه، وأخفوها عن عيون رجال المباحث والشرطة الذين وصلوا لاحقا للبلدة كممثلين للحكومة الاردنية، وركزوا عملهم مع حاميتها العسكرية في البحث عن السلاح وجمعه. وشكلت الحكومة الأردنية الحرس الوطني في قلقيلية من أبناء حمايلها وكان عدد أفراده (200) مرابطاً، من كل حامولة (50) فرداً، وكان لكل فرقة منهم قائد حرس وقسمت المواقع على الحدود الى أربعة أقسام: موقع حراسة آل داود غربي قلقيلية، وموقع حراسة آل شريم جنوب غرب البلدة، وموقع حراسة آل نزال شمال وشمال شرق قلقيلية، وموقع حراسة آل زيد جنوب وجنوب شرق قلقيلية.
ولم يقتنع اهالي قلقيلية بان ثمار بياراتهم وارضهم الواقعة امام انظارهم لم تعد ملكاً لهم. وقام الكثير من رجالها بأعمال كثيرة متنوعة وخطرة، لانقاذ اطفالهم من الجوع ومقاومة الواقع الجديد وتحدي كل ما فرضته الاقدارعلى اهل البلدة. وامتهن بعضهم العمل العسكري ضد المحتلين. وامتهن آخرون مهنة التسلل الى اراضي قلقيلية المحتلّة - التي منحتها اتفاقيات رودس مجانا لاسرائيل - "للسرقة" من ثمار بياراتهم التي حرموا من الوصول اليها.
وكانت أعمال التسلل تحدث رغم وجود الحرس الذين كانوا يتلقون الأوامر من السلطات الاردنية بمنع المتسللين. وكان الحرس من أبناء البلدة يتساهلون أول الأمر مع إخوانهم المتسللين مقدرين ظروفهم، وقُتِل الكثيرون منهم وهم ذاهبون لجلب بقرة او حصان او بعض الملابس ومواسير المياه، ونهب كل ما كانت تطوله ايديهم داخل المستعمرات ومن قلب بيوتها. وكانوا يبيعوها باعتبارها مسروقة بابخس الاثمان، وبالكاد كانت تساوي ثمن كمية من الطحين تكفي لسد جوع الاطفال بضعة ايام او اسابيع. وكان رد فعل الاسرائيليين قصفهم للبلدة بالقذائف.
وكان الذي اشترى سلاحا قبل النكبة واحتفظ به بعدها ولم يمتهن التسلل يقوم بتأجير سلاحه الى المتسللين لإسرائيل.
وطبعا لم تكن مهمة التسلل الليلي الى اسرائيل سهلة على الاطلاق ولم تكن دائما موفقة وناجحة. فقد شددت السلطات الاردنية تحت ضغط اسرائيل على المتسللين، وصارت تقدم من يلقى عليه القبض متلبساً للمحاكمة ويعاقب عليها القانون بالسجن. وتزداد فترة السجن اذا كان المتسلل يملك سلاحا وكانت العقوبة تصل الى بضع سنين اذا تم استخدمه. وكثيرا ما فاقت البلدة على اصوات اشتباكات مسلحة بين ابنائها المتسللين مع كمائن القوات الاسرائيلية وحراس المستعمرات.

لقد ازعج المجاهدون والمتسللون من اهل بلدتنا على مدى اكثر من خمس سنوات سكان المستعمرات المجاورة ازعاجا كبيرا وخربوا منشأآتها وقتلوا العديد من سكانها ومن قوات حرس الحدود وبثوا الخوف والقلق والرعب في نفوسهم. في حينه لم تستسلم الحكومة الاسرائيلية امام مواقف وسلوك اهل البلدة العدواني و"التخريبي". فرفعت من وتيرة ضغطها على الحكومة الاردنية للتحمل مسؤولياتها في حماية الحدود وفقا لاتفاقات الهدنة التي وقعت بين الطرفين. وكانت يوميا تقدم تقاريرها وشكواها للجان الهدنة والرقابة الدولية المنتشرة على الحدود بين الطرفين وكانت تطالبها باعادة المسروقات. ولم تكن تتورع عن توجيه نيران مدافعها وشاشاتها الثقيلة ضد مراكز الشرطة والجيش بجانب قصفها المتكرر لمنازل البلدة ودمر الكثير من منشآتها ومبانيها، كما راحت تتصيد ابنائها عند اقترابهم من الحدود، وقتل قناصتها عددا من شبابها ونسائها واطفالها، ومنعت اصحاب الاراضي في كثير من الاحيان من الوصول الى بساتينهم الواقعة على خطوط التماس. ولاحقا اتبعت القوات الاسرائيلية نهجا هجوميا وراحت تطارد المتسليين الى أطراف البلدة فقامت بغارات كثيرة على بعض بيوتها وآبارها. ولم يكتم الإسرائيليون غيظهم من فشلهم في كسر شوكة سكان قلقيلية، فكان لا يمر شهر دون حدوث إطلاق رصاص عبر الحدود ثم تطور الأمر بعد ذلك إلى عبور قوات إسرائيلية وقيامها بأعمال هجومية على مواقع في المنطقة العربية. ولاحقا اتبعت القوات الاسرائيلية نهجا هجوميا وراحت تطارد المتسليين الى إطراف البلدة، وقامت بغارات كثيرة على بعض بيوتها وآبارها.
وفي الاجتماع الذي جرى على الحدود في يوم 1953/6/5م، بين العرب واليهود بتنسيق الوسيط الدولي، والذي حضره يومئذٍ موشيه دايان ممثلاً للجانب الإسرائيلي، واحمد طوقان ممثلاً للجانب ألأردني، للبحث في الشكوى التي قدمها اليهود ضد العرب، بدعوى تكرار تعديهم على المستعمرات اليهودية. حينها هدد ديان بقوله: ".. إني سأحرث قلقيلية حرثا اذا اقدم سكانها على مقاتلتنا"
وفي شهر تموز من عام 1954م عبرت وحدة عسكرية إسرائيلية الحدود الى قلقيلية وتقدمت شرقاً نحو معسكر للجيش الأردني قرب عزون، ومرت بمواطن من قلقيلية اسمه رافع عبد العزيز عمر حسين نزال وكان يعمل "ناطورا" في حقل بطيخ شرق صوفين فقتلته، وواصلت تقدمها وهاجمت المعسكر الأردني على حين غرَّة وقتلت عدداً من الجنود وأحرقت وأتلفت عدداً من خيام المعسكر وعادت أدراجها إلى المنطقة المحتلة عن طريق فلامية .
  • نسف مركز الشرطة عام 1956م:
مع ارتفاع وتيرة الضغوط الإسرائيلية في حينه على الحكومة الاردنية الضعيفة حديثة التكوين كان رجال الشرطة والخيالة والجيش الأردني يشددون الخناق على المتسللين الذين لم يتوفر لعائلاتهم مصدر رزق آخر. ورفعت المحاكم العسكرية من مستوى الأحكام بحق كل من يُلقى القبض علية متسللا.
ورغم كل هذه الإجراءات ظلت المناوشات الواسعة بين اهالي قلقيلية وسكان المستعمرات وقوات حرس الحدود الإسرائيلية متواصلة حتى عام 1956م، واقتنعت القيادة الإسرائيلية بان هجمات الردع المحدودة التي كانت تقوم بها قوات جيش الدفاع الإسرائيلي من حين لآخر ضد البلدة غير كافية لردع اهالي قلقيلية ولم توقف أعمالهم. فقررت القيام بعملية هجومية واسعة ضد البلدة والمؤسسات الحكومية الأردنية، التي لم تقم (حسب ادعاء اسرائيل) بواجباتها كما ينبغي ووفق رغباتها.
وفي يوم الخميس بتاريخ 1956/10/10م بدأت إسرائيل بتجميع قواتها وراء خط الهدنة من الجهة الشمالي والغربية من قلقيلية. وقد رصد هذه التحركات احد الضباط من على مبنى مركز شرطة قلقيلية وقام بإخبار المسؤولين العسكريين في الجيش الاردني المتواجدين في قلقيلية، ووجهاء الحمايل وقوات الحرس الوطني للاستعداد للعدوان الاسرائيلي في تلك الليلة.
ففي الساعة العاشرة مساءاً من ذلك اليوم تسللت باتجاه قلقيلية من الجهة الشمالية والغربية مفرزة من الجيش الإسرائيلي تقدر بكتيبة مشاة تساندها مدفعية ميدان، مع تركيزها القصف على مركز الشرطة شمال البلدة على طريق طولكرم، وفوجئت القوات المهاجمة بمقاومة الحرس الوطني بقيادة الضابط خنفور سليمان، والمسلحين من أهالي البلدة، مما أحبط الهجوم وتراجع القوات الإسرائيلية بعد ان تكبدت بعض الخسائر.
شعر سكان قلقيلية ان هدف العدوان هو مركز الشرطة، فزادوا قوتهم فيه وحشدوا عددا كبيرا من المقاتلين هناك. وكانت القوات الإسرائيلية قد قامت قبل الساعة التاسعة ليلاً بقطع أسلاك الاتصالات العسكرية بين قلقيلية وعزون لعزل البلدة، ومنع الاتصال بينها وبين مقر الحرس الوطني، ولغّمت بعض الطرق، في الوقت الذي تحشَّدت فيه قوة كبيرة في المستعمرات القريبة.
وبعد الساعة الحادية عشرة ليلاً عاود المعتدون بكتيبة المشاة الى البلدة بعد تمهيد مدفعي كثيف، وفشل هذا الهجوم ايضا وتراجع المعتدون لما لاقوه من مقاومة عنيفة من الاهالي المقاتلين والحرس الوطني والجيش الأردني، وبعد ان تكبد بعض الخسائر.
وبعد الساعة الثانية عشر ليلاً عاد المعتدون ثانية بكتيبة المشاة تحت حماية الدبابات بعد ان مهدوا للهجوم بنيران المدفعية الميدانية، وهاجموا قلقيلية من ثلاث اتجاهات (الشمالية والغربية والشرقية) وتمكنوا من الوصول الى مركز الشرطة واحتلاله، ودارت معركة حامية الوطيس بين القوات المهاجمة والمدافعين عن المركز، فقضوا على المناضلين الذين كانوا هناك وعلى عدد من أفراد الحرس الوطني، الذين كانوا يرابطون في تلك المنطقة في خنادقهم، بعد أن داستهم الدبابات. كما قتل العديد من المساجين الموجودين داخل السجن بسبب رفض قائد المركز المسمى "ابو مشهور" إطلاق سراحهم قبيل المعركة، فقامت القوات الاسرائيلية بنسف المركز على من فيه.
وقتل في معركة المركز عند خروجه من المدرعة احد ضباط القوة الإسرائيلية المقتحمة للمركز واسمه "ادوارد" وهو يهودي من أصل انجليزي برتبة ملازم أول.

وتابعت القوات الإسرائيلية تقدمها عبر شوارع البلدة بينما استبسل الحرس الوطني وأفراد الحامية النظامية في الدفاع عن مواقعهم المحيطة بالبلدة، واستشهد الكثيرين منهم، لكنهم استطاعوا قتل اعداداً كبيرة من القوات المهاجمة، من ضمنهم قائدها البريجادير جنرال قائد سلاح المدرعات واسمه "بيرمي"، الذي اقام له رفاقه بعد احتلال البلدة عام 1967م، نصبا تذكاريا مكان مقتله في "تلة صوفين".
ويروي محمد عبد الهادي طه (المعروف في قلقيلية باسم أبو نضال الميكانيكي، والذي كان يعمل ميكانيكيا في قيادة الحرس الوطني في نابلس) ان وحدة من الجيش الأردني بقيادة "محمد الخصاونة" المتمركزة في منطقة عزون، تحركت للمساعدة في التصدي للعدوان، ولكنها اصطدمت بالألغام التي زرعتها القوات الاسرائيلية المتسللة مسبقا فدُمِّرت بعض آلياتها. كما ان الطائرات الاسرائيلية ضربت القوة الأردنية المتقدمة بالقنابل، فدمرت لها ناقلتان للجنود، على الطريق بين قرية النبي الياس وعزون شرقي قلقيلية (مقابل عزبة الطبيب من الجهة الشمالية للشارع)، واستشهد كل من كان فيها وكان من بينهم ضابط ملاحظة المدفعية الأردني "غازي الكباريتي"
. وكان المار بالطريق يرى الجثث المحروقة، وأجزاء من جثث القتلى، مبعثرة هنا وهناك.
وتحركت قوات من الحرس الوطني من القيادة في نابلس، لنجدة السرية الموجودة في مركز قلقيلية. وتوجهت الكتيبة التاسعة المتمركزة في سيلة الظهر بقيادة الضابط "سلامة عتيق" لنجدة الوحدات العسكرية الأردنية المشتبكة مع القوات الإسرائيلية في قلقيلية. لكن غلوب باشا قائد الجيش الأردني في ذلك الوقت، اصدر اوامره لهذه القوات بعدم التقدم، والانسحاب الى مواقعها، وطلب في الوقت ذاته من الوسيط الدولي التدخل لانسحاب اسرائيل الى ما وراء خطة الهدنة.
وكانت المدفعية الأردنية قد قصفت القوات المهاجمة وكبَّدتها بعض الخسائر، وقامت قرب عزون معركة ثانية ومثلها في صوفين بظاهر قلقيلية الشرقي. وقد ابلى الجيش الاردني بلاءاً حسنا وضرب القوات المهاجمة بمدفعيتة من عزون وقتل العديد منهم.
ومع اشراقة صباح اليوم التالي، انسحب القوات الإسرائيلية من قلقيلية بعد ان عاثت في البلدة تخريبا وتدميرا

وقد تمكن احد المحاربين وهو علي الشنطي من اعطاب دبابة إسرائيلية بقذائف مدفعه من عيار رطلين، الذي كان منصوبا بالقرب من دار الحداد شمال مستشفى الوكالة، وكانت آخر امتداد عمراني لقلقيلية في ذلك الوقت. كما استبسل في المعركة امين محمد الحداد، الذي صعد على ظهر الدبابة الاسرائيلية والقى فيها قنبلة يدوية.
ويروي الدكتور نافع الحسن – المحاضر في الجامعة الامريكية في جنين – انه رأى بأم عينيه الملك حسين ينزل من دبابة عسكرية عند مستشفى الوكالة مع إشراقة صباح اليوم التالي للمعركة، وكان قد جاء ليتفقد الجرحى والقتلى، واخذ يواسي والد احد القتلى بفقيده والذي كان ملقاً على رصيف المستشفى.

(كان عمر الدكتور نافع آنذّاك 11 عاما)
كما جاء الى قلقيلية صبيحة اليوم التالي فوزي المُلقي رئيس وزراء الأردن، للاطلاع عن كثب على المعركة التي جرت في مركز البوليس، والذي نسفته القوات الإسرائيلية بعد اقتحامها له على اثر المعركة التي جرت تلك الليلة

وقد استشهد قرابة سبعين رجلا من سكان قلقيلية ومن القرى المجاورة، ومقاتلا من الشيخ مونِّس، بالإضافة الى العديد من جنود الجيش الأردني وافراد الحرس الوطني، الذين هبّوا لنجدتها والدفاع عنها، كما مُنيَتْ البلدة بخسائر مادية كبيرة.
وقد كتب موشي ديان وزير الدفاع الاسرائيلي في مذكراته ان حرب المركز عام 1956م في قلقيلية كانت من اجل التغطية على العدوان الثلاثي (اسرائيل، فرنسا، بريطانيا) على مصر.

وقد استشهد في معركة المركز من الجيش الاردني وافراد الحرس الوطني التالية اسماءهم:
- ابراهيم عبد الكريم غانم - احمد ذيب شوبكي - احمد عبد الله عبد القادر - احمد علي محمود - احمد محمود عيسى - اسماعيل يوسف العموري - انطون جريس نعيمات - حامد محمد حمد المهدي -حسن يوسف ابوصالح -حسني يوسف نادي -حمدان قاسم محمود -خليل يوسف سرحان -سرور حامد الخطيب -سعد مراد الصالح -صالح سليم الخطاطبه -عباس حسين سليمان -عبدالقادر علي الزغلول -عبد الله مصطفى محمد - عبد الرحيم سعيد المصري -عبدالكريم محمد منصور -علي يوسف احمد - عليان خلف العظامات -غازي مذكور الكباريتي -فارس احمد محمود شتيوي -قاسم سليم محمود -محمد الحج حسين عثمان -محمد جبر احمد -محمد عبد القادر حجه -محمد فتوح عوده -محمد محمد حمدان احمد -محمد موسى حسين فلين -محمود ابراهيم برهم -محمود ابراهيم عيد -محمود محمد عبد الرحمن -مسعود عوده طه -وجيه يوسف حمدان -يوسف عوض الطواحا.

وقد استشهد العديد من المناضلين والمدنيين من أهالي قلقيلية في تلك الليلة، وهم:
أحمد أمين عبد الله قواس، وشقيقه حسن أمين عبد الله قواس، وأمين محمد سليمان العبد حداد، واحمد محمد الشيخ حسين صالح صبري، وعبد الفتاح الشنطي، وعبد الفتاح نمر يوسف يحيى الشنطي، وعبد الفتاح نمر عرابي نزال، نمر يوسف حسين نزال (أستشهد هؤلاء في الخنادق قرب المركز)، وعدنان محمود عبد الرحمن صالح أبو صالح داود (أستشهد في الخندق غربي قلقيلية في جبهة آل داود في حي جعيدي، وكان المذكور جنديا في الجيش الاردني، وإقامته في الزرقاء، وكان قد جاء لزيارة أهله قبل الهجوم بيوم واحد، ولما دعا داعي الجهاد، أسرع إلى الجبهة واستلم رشاشاً وأصلى العدو برصاصه حتى كتبت له الشهادة)، وعبد الفتاح عبد الرحيم عبد السلام جعيدي، ابراهيم قاسم صالح داود، عيسى موسى شلويت سمحان، فهمي عوض عبد الله عامر، عدنان محمد الشيخ عمر صبري، وجيه يوسف عبد الكريم أبو سليمان الحنيني، وجيه يوسف الشيخ علي صبري، احمد محمد الشيخ حسين صبري، ويوسف سعيد عيسى حساين (استشهد داخل المركز وكان سجيناً) ومحمد المزيوي.
كما استشهد في البيوت: زريفه عبد الرحمن داود أرملة يونس عمر نزال، وفاطمة عثمان محمد هلال (وهي زوجة محمود محمد محمود هلال وتعرف باسم فاطمه السويركي).
  • نسف محطات البنزين في شهر ايـار 1965م
بعد مرور اقل من تسعة أشهر على نسف الآبار الارتوازية، تسللّت في يوم 1965/5/27م قوة عسكرية الى قلقيلية حوالي الساعة العاشرة ليلا واتجهَت نحو محطة محروقات أبو عمشة للمحروقات (ملك الأخوين ناجي ورفيق نزال)، ومحطة راجي الشنطي للمحروقات (ملك محمد درويش الشنطي)، ووضعت الألغام حول مضخات الوقود (بنزين وسولار) وانسحبت القوة الإسرائيلية، فانفجرت الألغام في المضخات واشتعلت فيها النيران، وارتفعت السنة اللّهب الى عنان السماء، وأضاءت المنطقة، ومما قلل من حجم الكارثة هو ان محابس خزانات الوقود التي تكون عادة تحت الارض كانت مغلقة باحكام، فلم تصلها النيران.

نسف آبار المياه في شهر ايلول 1965م:
وبعد ثلاثة أشهر فقط، عاودت اسرائيل اعتدائها على قلقيلية، حيث هاجمت وحدة كوماندوز إسرائيلية آبار قلقيلية الارتوازية بتاريخ 1965/9/5م ونسفت احدى عشر بئراً منها، وعادت أدراجها إلى داخل حدود المنطقة المحتلة. وتستخدم هذه الآبار لريْ بيارات البرتقال ومزارع الخضار والأشجار الأخرى المثمرة. ويستخرج الماء من هذه الآبار بواسطة ماتورات ديزل.
وقد اطلقت القوات الاردنية المرابطة في المنطقة عيارات نارية كثيفة، كان صدى أزيزها يدّوي في سكون الليل.
وقد وتعرضت المزارع والأشجار الحمضية لخطر الجفاف في ذلك الموسم، لولا وجود بعض الآبار الأخرى لم تنسف فأسقى الناس مزارعهم منها، كما سارع أصحاب الآبار التي لم تتضرر مضخة الماء فيها الى استئجار تراكتورات لتشغيل المضخة وسحب الماء.
وقد احتجت الحكومة الأردنية على هذا العدوان للأمم المتحدة، وقدمت مساعدات مالية لأصحاب الآبار لإعادة إصلاحها، وقد تم إصلاحها في غضون أشهر.
وهدفت العملية الإسرائيلية الى ردع المتسللين، وتذكير اهالي قلقيلية بقوة إسرائيل وجبروتها.

وقد استشهد احد المواطنين في هذا الاعتداء وهو عبد الله احمد حيلوز. وكان المرحوم طالبا في السنة الاولى بجامعة دمشق، وقد اتى لزيارة اهله في العطلة الصيفية. وعندما سمع نسف احد الابار وهو بئر عبد الله الخوجة القريب من منزله، صعد السلّم متوجها الى سطح المنزل ليرى ما حدث، فاصابه قناص اسرائيلي في بطنه، ونقل الى المستشفى وكانت الإصابة مميتة، واسلم الروح بعد اقل من ساعة.
واذكر ان رفاقه في جامعة دمشق من أردنيين وفلسطينيين وسوريين جاءوا الى قلقيلية، وقدموا التعازي لاهل الفقيد، واتجهو الى المقبرة في شبه مسيرة رافقهم فيها اهالي البلدة وهم يكبرون ويهللون ويحملون لافته كتب عليها: "لك الخلد.... ولنا الثأر يا عبد الله"، ووضعت اللافتة وسعف النخيل على قبر الشهيد، والقى رفاقه كلمات اشادوا فيها بطيب خلق الشهيد، وعاهدوا الله ان يثأروا للشهيد من الاعداء.
كما اصيب بجروح في هذه العملية المجاهد محمود محمد زهران (الاشوح)، واستشهد بتاريخ 1965/9/14، اثناء عودته من عملية عسكرية داخل الوطن المحتل.

الشهيد محمود محمد زهران (الاشوح)
1965-1924






رد مع اقتباس
قديم 05-17-2013, 05:16 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


المعارك التي شارك فيها أبناء قلقيلية

1948-1967
***
فلسطين أرض بلا شعب.. لشعب بلا أرض".. عبارة ظل اليهود يرددونها مع بداية سنوات النكبة، وكأنهم بذلك قد حلوا المعادلة التي يصعب حلها، ولكنهم تناسوا مع زعمهم هذا أن فلسطين أرض بها شعب، ولسنا في معرض إثبات ذلك، فحقيقة وجود الشعب الفلسطيني على أرض فلسطين لا يستطيع أحد أن ينكرها، إلا إذا استطاع أن ينكر معها حقيقة وجود الشمس والهواء.. هذا الشعب له تاريخه، ولها ثقافاته وعاداته وتقاليده ولهجته وأغانيه وطبائعه، وقبل كل ذلك له عقيدته التي استمد منها قدسية الأرض التي يعيش عليها. الا انه وبعد خمسين عاما من قيام دولة إسرائيل اعترف المؤرخون الإسرائيليون "الجدد" بان الدولة العبرية لم تقم على "ارض بلا شعب لشعب بلا ارض"، بل قامت على حساب وجود ومصير شعب فلسطين. واعترفوا بان كفاح الحركة الصهيونية العالمية من اجل انقاذ يهود اوروبا من مذابح النازيين، و"حرب الاستقلال" التي خاضتها، كانت حربا شرسة مدمرة ضد مجتمع آخر متكامل. ارتكبت خلالها مجازر متنوعة بشعة، قتل فيها آلاف المدنيين الأبرياء من الفلسطينيين، ودمرت مئات القرى والبلدات الفلسطينية، وتم اقتلاع وتهجير وتشريد و"نكبة" شعب آخر وتبديد هويته الوطنية. وكأن الفلسطينيين هم الذين ارتكبوا المجازر بحق اليهود في أوروبا وساقوهم الى معسكرات الاعتقال الجماعي وأوقدوا لهم المحارق

إلا ان الأحداث الرهيبة التي تعرضوا لها في الفترة الواقعة ما بين تشرين 1947 وأيار 1948 كانت حاسمة في تحديد مستقبلهم وتقرير مصير ارضهم وهويتهم وتوجهاتهم. حيث أدت الى بدء مرحلة مؤلمة وقاتمة من تاريخهم، وقادت بتواطؤ من سلطات الانتداب البريطاني في فلسطين الى تدمير مجتمعهم واقتلاعهم من ارضهم ومدنهم وقراهم، وتسليمها لمجتمع جديد من المستوطنين المهاجرين اليهود. تم استحضارهم على مدى ثلاث عقود من الزمن "العشرينات والثلاثينات والأربعينات" من مجتمعات وثقافات ولغات وعادات مختلفة ووطنتهم في فلسطين
قرار التقسيم رقم 181:
ففي تاريخ 1949/11/29م اصدرت منظمة الامم المتحدة القرار رقم 181 الذي يوصي بوضع خطة لتقسيم فلسطين بين العرب واليهود، وإنشاء نظام دولي خاص لمدينة القدس تحت إشراف الأمم المتحدة. اختيرت المناسبة لاحقاً يوماً عالمياً للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
ويدعو قرار التقسيم إلى:
- تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وجزء منها تحت الوصاية الدولية تتولى إدارته الأمم المتحدة ، بحيث يكون ما يقارب 56% منها لليهود .
- تصبح الدولتان مستقلتان بعد فترة انتقالية تدوم سنتين، ابتداء من أول أيلول 1947م والموافقة على دستور كل منهما وتوقيع معاهدة اقتصادية وإقامة اتحاد اقتصادي وتوحيد الرسوم الجمركية والنقد .
- كما نص قرار التقسيم على تنظيم الهجرة اليهودية إلى فلسطين
أعطى قرار التقسيم 55% من أرض فلسطين للدولة اليهودية، وشملت حصّة اليهود من أرض فلسطين على وسط الشريط البحري (من إسدود إلى حيفا تقريبا، ما عدا مدينة يافا) وأغلبية مساحة صحراء النّقب (ما عدا مدينة بئر السبع وشريط على الحدود المصري). ولم تكن صحراء النّقب في ذاك الوقت صالحة للزراعة ولا للتطوير المدني، واستند مشروع تقسيم الأرض الفلسطينية على أماكن تواجد التّكتّلات اليهودية بحيث تبقى تلك التكتّلات داخل حدود الدولة اليهودية.
وقد أيّدت الولايات المتحدة الامريكية وروسيا والدول الاوروبية مشروع تقسيم فلسطين، ومارست الادارة الأمريكية ضغوطاً شديدة على وفود الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة للحصول على ثلثي الأصوات من أجل اصدار شهادة الميلاد للدولة الجديدة، ولإقرار قرار التقسيم.
ووافقت على القرار 33 دولة منها امريكا وروسيا والدول الاوروبية وبعض دول امريكا اللاتينية.
وصوت ضد القرار13 دولة وهي:
(أفغانستان وكوبا ومصر واليونان والهند وايران والعراق ولبنان والباكستان والمملكة العربية السعودية وسورية وتركيا واليمن)
وامتنعت عن التصويت 10 دول وهي:
(الأرجنتين وتشيلي والصين وكولومبيا والسلفادور والحبشة وهندوراس والمكسيك والمملكة المتحدة ويوغسلافيا)
وجاء قرار التقسيم في حينه ليرسّم وجود الكيان الصهيوني على ارض فلسطين، ولتستمد منه قوات "الهجناة" و"شتيرين" و "الارغون الشرعية الدولية في شن هجمات قوية وحشية على القرى العربية، لاقتلاع سكانها من ارضهم وارغامهم على الهرب من بيوتهم وهجرة وطنهم، وللانطلاق لاستكمال سيطرتها على المناطق التي أعطاها لها قرار التقسيم وتوسيعها بأكبر قدر مستطاع من الارض. وتحولت الهجمات في كثير من الاحيان الى مذابح قامت بها قوات الارغون بقيادة مناحيم بيغن، وارتكبت مجازر بشعة بحق العديد من القرى العربية وسكانها المدنيين الفلسطينيين.
وحرصت السلطات البريطانية في تلك الفترة على عدم التدخل لوقف تلك المذابح، وسهلت بصيغة وأخرى وقوع بعضها.
رفض العرب مشروع التقسيم، لكن الصهيونية والقوى الداعمة لها صممت على إقامة الدولة اليهودية في فلسطين بناء في قرار التقسيم، مما حدا بالدول العربية للسعي لحماية فلسطين منشأة الحرب الأولى بين الجيوش العربية الخمسة التابعة لمصر وسوريا والأردن والعراق ولبنان من جهة والقوات الصهيونية من جهة، فيما عرف بحرب 1948.
وكانت الجامعة العربية في 1947/9/16م قد قررت تقديم أقصى ما يمكن من الدعم العاجل لأهل فلسطين في حال إقرار التقسيم.
هبَّ العرب من خلال جيش الإنقاذ وجيش الجهاد المقدس للدفاع عن فلسطين ضد جيش الصهاينة الذي بلغ عدده حوالي 67 ألف مقاتل مقابل 24 ألف مقاتل للجيش العربيين مجتمعين، وبالطبع مع فارق التدريب ونوعية الأسلحة لصالح الصهاينة.
حرب عام 1948م
عندما تأكد لزعماء اليهود من نية انسحاب بريطانيا في يوم 1948/5/15م، قرروا في تل أبيب في يوم 1948/5/14م أن يطبقوا الجزء الخاص بإنشاء دولة يهودية كما ورد في قرار التقسيم، حيث تم تشكيل برلمان وطني كممثل للشعب اليهودي والحركة الصهيونية العالمية، وأعلن "داڤيد بن غوريون" قيام دولة يهودية في فلسطين تسمى دولة إسرائيل، وشكل حكومة مؤقتة لها، واعترف بها كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي على الفور وتقرر فتح باب الهجرة لكل يهود العالم للكيان الجديد.
انسحبت القوات البريطانية يوم 1948/5/15م مخلفة لليهود كامل عتادها وأسلحتها، وكانت الهاغاناه قد أكملت استعداداتها للاستيلاء على أكبر كساحة ممكنة من فلسطين، وأعلنت التعبئة العامة بين القوات الصهيونية منذ مطلع نيسان 1948. وكانت لدى الصهاينة خطط مدروسة قامت بتطبيقها وكانت تسيطر على كل منطقة تنسحب منها القوات البريطانية، في حين كان العرب في حالة تأزم عسكري بسبب التأخر في القيام بإجراءآت فعّالة لبناء قوة عربية نظامية تدافع عن فلسطين، وخلال شهر ونصف نجحت القوات الصهيونية باحتلال مساحات تفوق الجزء المخصص لإسرائيل حسب قرار التقسيم، وأصبحت جاهزة لمواجهة أي هجوم عربي محتمل. وخرجت اعداداً كبيرة من الفلسطينيين من مدنهم وقراهم بسبب ما مارسته العصابات الصهيونية ضدهم من حرب إبادة وترويع بهدف إجبارهم على ترك بيوتهم والفرار من وجه الفظاعة والوحشية. فقد وصل عدد المجازر التي ارتكباها الصهاينة الى 470 مجزرة، مما دبّ الرعب في قلوبهم واجبرهم على الفرار بأرواحهم.
بالنسبة للعرب، فقد دخلت الجيوش العربية ولكن أقل بكثير مما كان متوقعاً وبدون خطة واضحة، وقد أجمع رؤساء أركان الجيوش في ذلك الوقت على أن جيوشهم غير جاهزة لخوض حرب.
عند منتصف ليلة 1948/5/15م دخلت الجيوش العربية على فلسطين، ورغم النواقص التي عانتها إلا أنها حققت بعض النجاحات في الأيام الأولى لدخولها، مما دعا أمريكا لأن تطلب من مجلس الأمن إصدار قرار لوقف إطلاق النار.
فقد سيطر الجيش المصري على منطقة النقب وخليج العقبة، وسيطر الجيش السوري على الجليل حتى جنوب بحيرة طبريا، ووقف الجيش اللبناني غير بعيد عن عكا، وسيطر الجيش العراقي على قلب فلسطين وامتدت خطوطه إلى قلقيلية وطولكرم وجنين وحدود تل أبيب، كما سيطر الجيش الأردني على غور الأردن الجنوبي ومنطقة القدس ورام الله والرملة حتى التقى بالجيش العراقي والمصري، ولكن سرعان ما توقف اندفاع الجيوش العربية وجاءت الهدنة الأولى لتغير الأوضاع وتقلب الموازين.
أعلنت أمريكا وبريطانيا أن الحالة في فلسطين تهدد السلم العالمي، وضغطتا على الدول العربية وبذلتا الوعود، فقبلت جامعة الدول العربية قرار مجلس الأمن رقم 50 بتاريخ 1948/5/29م القاضي بوقف إطلاق النار لمدة 4 أسابيع، وقد نص القرار كذلك على منع الأطراف من تحصين مواقعها الراهنة وإلا يعزز قواته الراهنة، فتقيد العرب ببنود القرار، لكن هذه الهدنة كانت بالنسبة لاسرائيل مجرد وقف لإطلاق النار لتحقيق انجازات أكبر على مسرح العمليات فأتاحت هذه الهدنة لإسرائيل إعادة تنظيم قواتها وتدريبها، كما وصلت إلى إسرائيل خلال الهدنة كميات كبيرة من الأسلحة، عاد الجانبان للقتال يوم 1948/7/9، لكن مجلس الأمن ما لبث أن أصدر قراراً آخر بالهدنة الثانية مدة 54 يوم 1948/7/15م، بدأت عملياً يوم 11948/7/18م بعد أن تمكنت إسرائيل خلال الأيام العشرة من احتلال مساحات أخرى من الأرض.
لم يحدد المجلس زمناً لهذه الهدنة على أمل أن تتحول إلى هدنة دائمة، وقد أنهمك الوسيط الدولي السويدي "الكونت فولك برنادوت" في تلك الفترة في إعداد خارطة لفلسطين عازماً على تعديل قرار التقسيم، فأعد مشروعاً عرف باسم "مشروع الكونت برنادوت"، والذي تضمن خطة لإنشاء منطقة مجردة من السلاح، وتحديد خط الهدنة، وإجراء بعض التعديلات على الحدود والأراضي المتداخلة، واقترح مبدأ التعويض للفلسطينيين. لكن الإسرائيليين لم يعجبهم المشروع فقاموا باغتياله في القدس يوم 1948/9/17م على يد مسلحين من الجناح اليميني المتطرف. وعقب مصرعه عينت الامم المتحدة رالف جونسون بانتش خلفاً له.
مجدداً تابعت إسرائيل خرق الهدنة رغم قبولها لها، ونظمت هجوماً على القوات المصرية في الفالوجة يومي 27-28/ 1948/7م لكنه أحبط وهاجمت عراق المنشية وأخفقت في السيطرة عليها، ولكنها نفذت عدة عمليات على طريق النقب أدت على احتلاله والوصول إلى مرفأ "أم الرشراش" الذي سماه الإسرائيليون بعد ذلك "ميناء إيلات" وهو من خليج العقبة.
قام الطيران الإسرائيلي يوم 1948/10/15م بقصف مطار العريش وغزة وبيت حانون والمجدل والفالوجة لإخراج القوات المصرية من المعركة، وفي اليوم التاسع عشر من نفس الشهر، احتلت القوات الإسرائيلية الحليقات وأصبح بإمكانها التقدم نحو الجنوب مما دفع القوات المصرية لإخلاء المجدل خوفاً من التطويق.
وفي 1948/12/29م أصدر مجلس الأمن مجدداً قرراً بوقف إطلاق النار، وأعلنت بريطانيا أنها ستقوم بمساعدة مصر إن لم تلتزم إسرائيل بالهدنة، وبعد هذا توقفت الاشتباكات واستمر الصراع السياسي حتى انتهي الأمر بعقد اتفاقات هدنة دائمة فردية فيما عرف باتفاقيات رودس، وكانت هذه نهاية الحرب في تلك الفترة. وتمت الاتفاقية برعاية الأمم المتحدة في جزيرة رودس في شباط 1949.
اتفاقيات رودس عام 1949م:
وقد جاءت هذه الاتفاقية بعد اتفاقيات الهدنة في أعقاب حرب 1948، وكانت هذه الاتفاقيات في الواقع تكريسا لنتائج حرب الـ 1948م. ففي أواخر ذلك العام وافقت اسرائيل على توقف القتال مع العرب. وطلبت الأمم المتحدة من الأطراف المعنية عقد جولة جديدة من المفاوضات تنجم عنها اتفاقيات يكون هدفها تحديد خط الهدنة وإنشاء مناطق مجردة من السلاح. وقد وافقت الدول العربية على هذا العرض واختيرت جزيرة رودس مكانا محايداً لهذه المفاوضات.
وتوجه الوفد الاسرائيلي الى جزيرة "رودس Rhode، للتفاوض مع الوفود العربية في بداية عام 1949م، وعقدت اتفاقات هدنة دائمة سميت باتفاقية رودس، بين دول المواجهة العربية كل على حدة، من جانب، وإسرائيل من الجانب الأخر، وتحت إشراف الأمم المتحدة، ممثلة بالوسيط الدولي الأمريكي "رالف جونسون بانتش"، وأُستثني الفلسطينيون من المشاركة الرسمية المباشرة في تلك المفاوضات، وكأن الأمر لا يعنيهم، وتولى ممثلوا الدول العربية التفاوض بالنيابة عنهم. واعتبرت أمريكا وبريطانيا مصر مركز الثقل في الموقف العربي، لذا فقد حاولتا عزلها ليصبح بالإمكان توقيع الاتفاقية مع دول المواجهة الأربع. وكان لهما ذلك، فجاءت اتفاقية الهدنة المصرية – الإسرائيلية لتكون الأولى ضمن اتفاقيات رودس.
واصرّت اسرائيل، في حينه، على التفاوض مع كل طرف على انفراد وكان لها ما أرادت. ولعب "بانتش" دورا توفيقيا ادى الى توقيع اتفاقية الهدنة بين مصر وإسرائيل في 1949/2/24م. وهذه الاتفاقية أولى اتفاقيات الهدنة من حيث الترتيب الزمني للتوقيع. وأعقبت هذه الاتفاقية اتفاقيات مماثلة مع لبنان بتاريخ 1949/3/23م، وسوريا بتاريخ 1949/7/20م، وقعت على الحدود في اطار اجتماعات ممثلين عسكريين من كلا البلدين مع ممثلي اسرائيل. اما بالنسبة للاردن فقد تم توقيع الاتفاقية مع الجانب الاسرائيلي بتاريخ 1949/4/3م
وفي إطارها تم ضم منطقة المثلث إلى إسرائيل ومن ضمنها اراضي قلقيلية الزراعية الخصبة الواقعة غربي سكّة الحديد، والتي تقدر بنحو 28 الف دونم، بينما ضُمَّت قلقيلية (البلد) وباقي مدن الضفة الغربية إلى الأردن.
ومنذ ذلك التاريخ، وحتى مؤتمر مدريد عام 1991م اصرَّت اسرائيل على اعتماد صيغة رودس "مفاوضات مباشرة وثنائية" في العلاقات والمفاوضات مع الدول العربية. ورفضت الاعتراف بوجود شعب اسمه الشعب الفلسطيني، وظلت ترفض الجلوس مع اي طرف فلسطيني. وعندما بدأت مفاوضات رودس في شباط عام 1949م، كانت اسرائيل قد استولت على أراض تتجاوز الحدود التي رسمها قرار التقسيم (رقم 181) للدولة اليهودية. وفي المفاوضات رفضت اسرائيل الانسحاب منها. واية دراسة متأنية للاتفاقات التي وقعتها الدول العربية مع إسرائيل في تلك الفترة، تبين أنها كانت اقرب الى اتفاقات سلام بين الدول العربية الموقعة واسرائيل. فقد نصت على عدم استعمال القوة العسكرية من أي طرف في تسوية مشكلة فلسطين، وأكَّدت على منع قوات الفريقين من القيام باي عمل حربي ضد الفريق الاخر
ومن الجدير بالذكر ان اتفاقيات الهدنة اللبنانية والسورية لم تكن أكثر من اتفاقيات لوقف إطلاق النار، وقعت على الحدود في إطار اجتماعات ممثلين عسكريين من كلا البلدين مع ممثلي إسرائيل.
أما اتفاقيات الهدنة الأردنية والمصرية فكان من أهم نتائجها ان اصبحت اسرائيل امرأ واقعا، وسيطرت على مساحات تفوق ما نص عليه قرار تقسيم فلسطين، وإحتلت من فلسطين كامل السهل الساحلي بإستثناء قطاع غزة الذي سيطر عليه المصريون، وأصبحت مناطق القدس الشرقية والضفة الغربية جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية. وضُمَّت إلى إسرائيل مساحة تزيد عن نصف مليون دونم من الأراضي الخصبة من المثلث، كما ضُمَّ النقب بشماله وجنوبه وشرقه إلى الكيان الصهيوني. ونتج عن ذلك نزوح عشرات الآلاف من سكان هذه المناطق، وأصبح خط الهدنة يمتد نحو 530 كم من جنوبي طبريا في الشمال حتى خليج العقبة.
وفي 1949/5/12م تم قبول اسرائيل عضوا في هيئة الامم المتحدة، وصوت الى جانبها 37 دولة، كانت على رأسها أمريكا والاتحاد السوفيتي ودول أوروبا وبعض الدول من امريكا الجنوبية، بينما صوت ضد القرار 12 دولة منها بعض الدول العربية والإسلامية والهند وبورما وأثيوبيا، وامتنعت 9 دول عن التصويت، وهي بريطانيا وبلجيكا والدنمارك والسويد وتركيا واليونان والبرازيل والسلفادور وسيام (تايلند)
وفي نفس العام تم إنتخاب أول كنيست إسرائيلي وأختير حاييم وايزمن الزعيم الصهيوني كأول رئيس لدولة إسرائيل.
واستنادا الى الوقائع التي ذكرناها آنفا يمكن تلخيص اسباب الهزيمة كالاتي:
(المؤامرة الدولية، والمتمثلة أساسا في موافقة هيئة الأمم المتحدة على مشروع التقسيم والاعتراف بحدود اسرائيل خارج حدود التقسيم، الغدر البريطاني بالتواطؤ مع امريكا، والجرائم الصهيونية ضد الفلسطينيين، ضعف الدول العربية، والخلافات بين مصر وسوريا، غياب القيادة الفلسطينية عن ارض المعركة، ضعف مستوى التدريب وتدني تسلحّ الجيوش العربية وقلّة عددها وعُدّتها، وعدم وجود قيادة موحدة لهذه الجيوش، وخيانة بعض الضباط العرب )
المعارك التي خاضها او شارك فيها أهالي قلقيلية من عام 1948-1967م:
لقد خاض اهل قلقيلية وابناء القرى المجاورة لها المعارك الدفاعية المتنوعة، في مواجهة هجمات التشكيلات العسكرية اليهودية، واهمها معارك : الطيرة، بيارعدس، قلمانيا، كفار سابا، رامات هاكوفيش، وعين ورد، وفلامية، ومعارك البيارات وبخاصة بيارة الداعور. وكيف صمدوا في اطار الجهاد المقدس والفتوة والنجادة وجيش الانقاذ مع القوات العراقية التي كانت ترابط في محيطها.
أدرك أهالي قلقيلية ومنذ البداية أن نجاح المشروع الصهيوني يعتمد في الأصل والنهاية على الأرض، ولذلك رفضوا كل الإغراءات لبيع أي شبر من أراضيهم وتصدوا لكل الأعمال العدوانية التي قام بها سكان المستعمرات اليهودية للاستيلاء على أراضيهم وأراضي القرى المجاورة بالقوة. وقد شعر سكان قلقيلية بخطر التوسع الصهيوني منذ صدور قرار التقسيم. فاخذوا يستعدون للدفاع عن بلدتهم وجمعوا مبالغ كبيرة من المال واشتروا بها السلاح والذخيرة وجندوا بها المناضلين، ووصل عدد هؤلاء في مدة قصيرة قرابة الفا ومائتين (1*200 مقاتل مسلح تعاونوا فيما بينهم على حراسة أراضيهم وردَّ العدوان عنها، وأسهموا في الدفاع عن القرى المجاورة وخاضوا معارك كثيرة، من أهمها معركة قلنسوة، وعين ورد، وبيار عدس والطيرة وخربة حانوتا وكفر سابا. وشنوا في بعض الحالات هجمات معاكسة على المستعمرات الصهيونية، التي كان ينطلق العدوان منها مثل "رمات هاكوفيش" و "قلمانيا (او كلمانيا)".
ففي الاول من شباط عام 1948م دمروا جسرا كبيرا من جسور السكة الحديدية، كان يقوم على نهر العوجا، بين راس العين وملبس. وكان المناضلون من ابناء القرى الاخرى نسفوا الجسور الاخرى الواقعة على السكة نفسها في مواضع عديدة، فتوقفت المواصلات اليهودية بين تل ابيب والمستعمرات الكائنة في شمال فلسطين
من المعارك التي شارك فيها أهالي قلقيلية بعد قرار التقسيم:
1. معركة قلنسوة
ومن المعارك الهامة التي جرت بعد قرار التقسيم بقليل (معركة قلنسوة) التي تبعد عن قلقيلية الى جهة الشمال الغربي زهاء عشرة كيلومترات. هاجم اليهود قلنسوة وقد هب أبناء قلقيلية مع من خف لنجدتها من ابناء المدن والقرى المجاورة مثل طولكرم والطيبة وغيرها. وقد اشتبكوا مع اليهود في موضع بين قلنسوة والطيرة، وهاجم العرب مستعمرة "عين ورد Eyn Wared" فاحتلوا بعض منازلها، وقد بلغ عددهم يومئذٍ ثلاثمائة (300) مناضل، وقد حضر المعركة عدد من رجال نابلس وطولكرم، منهم سليمان طوقان، وهاشم الجيوسي، وفائق عنبتاوي. ولولا تدخل الجيش البريطاني لقضى المناضلون على تلك المستعمرة.
وفي الاول من شباط 1948م دمر المناضلون من قلقيلية جسراً على نهر العوجا بين رأس العين وملبس، كما نسف غيرهم من المجاهدين جسوراً أخرى.
2. معركة بيار عدس:
وقعت معركة بيار عدس الأولى بتاريخ 26 شباط، تبعتها معركة أخرى في اليوم التالي 27 شباط من عام 1948م. اشترك فيهما عددا من المناضلين من قلقيلية، عندما هاجم اليهود من سكان رمات غان وكفار سابا وغيرها من المستعمرات قرية بيار عدس فهب رجال قلقيلية وغيرهم لنجدتها واشتبكوا مع القوات اليهودية، وقتل فيها عدد غير قليل من الطرفين وكانت معركة حاميه، ولم يحدث نتيجتها ربح يذكر للعرب بسبب تدخل الانجليز لصالح اليهود، واستشهد في كلتا المعركتين عددا من المناضلين.
وكان من بين الذين استشهدوا من قلقيلية الشهيد عبد اللطيف عبد الرحمن الحاج حسن لباط بتاريخ 1948/2/27م والشهيد محمد قاسم محمد حسن العلي في 1948/2/28م. وكان قد استشهد قبل نحو شهرين من هذه المعركة في بيار عدس زكي محمود مصطفى خدرج - 1947/12/24م
3. معارك "رمات هاكوفيش":

***
المعركة الاولى:
حدثت معركة رمات هاكوفيتش الأولى بتاريخ 1948/4/6م، وفيها هاجم المناضلون من قلقيلية المستعمرة (وتقع إلى جهة الشمال الغربي من قلقيلية) ولم يشتبكوا فيها مع اليهود في قتال جدي، حيث كانت المعركة من قبيل جس النبض، قتل فيها مجاهد من قلقيلية، وهو الحاج عبد الفتاح خُدرُج الذي انطلت عليه خدعة اليهود، حيث أوهموه بأنهم أفراد الجيش العراقي الذين كان ينتظرهم لاستلام السلاح منهم، لتوزيعه على المناضلين، فقام من موقعه ولوح لهم بالتحية، فاقتربوا منه كثيرا وأحاطوا به وأمطروه بوابل من الرصاص. وقتل في الواقعة أيضا ضابط يهودي.
المعركة الثانية:
حدثت بتاريخ 1948/9/25م عندما قام اليهود بهجوم شديد على قلقيلية وجوارها بقصد استرداد الأراضي التي ثبت العرب فيها من أراضي هاكوفيتش ونجحوا في ذلك، فاستنجد المجاهدون بالسرية العراقية التي كانت ترابط بقرب قلقيلية فلم يستجيبوا لهم. فتقدم المناضلون نهاراً وهاجموا اليهود في هاكوفيتش واستردوا بعض الأراضي التي خسروها، وأثناء ذلك جاءهم القائد العراقي نور الدين محمود باشا انجادهم وأمرهم بالكف عن القتال. وبينما كان راجعا الى قلقيلية ويهم بالدخول الى مركز الشرطة فيها، اطلق اليهود النار عليه وعلى البلدة كلها من مدافعهم الرشاشة التي كانوا قد ركزوها في رمات هاكوفيش، عندئذٍ غير القائد رايه، وأصدر أمره الى رجال المدفعية العراقية بقصف المواقع الإسرائيلية، واخذ المجاهدون من قلقيلية والمناطق المجاورة والجيش العراقي بالتقدم واحتلوا الجزء الذي كان قد تبقى بيد اليهود، وقد استشهد في هذه المعركة احد عشر مجاهدا من قلقيلية وعددا آخر من الجنود العراقيين
المعركة الثالثة:
حاول المناضلون العرب اعادة احتلال هاكوفيتش نفسها فهاجموها ثلاثة مرات، ولكنهم لم ينجحوا وسقط عدد من الشهداء في هذه المعركة التي وقعت في 1948/10/1م.
المعركة الرابعة:
قام لواء جفعاتي الإسرائيلي في يوم 1949/1/2م في الحادية عشرة ليلاً بالهجوم على قرية الطيرة من الشمال، فتصدي له مناضلو القرية القليلون، ولكن الإسرائيليين تغلبوا عليهم، وقامت قوة أخرى إسرائيلية باحتلال التلال الثلاثة شرق رامات هكوفتش، وفي الفجر شنت القوات العراقية هجوماً معاكساً وتمكنت من استرداد بعض المواقع، ولكن وصول نجدات للصهاينة أوقف هذا الهجوم وحوله إلى مجرد مناوشات.
المعركة الخامسة:
وقبل منتصف ليل 1949/1/3م عادت المناوشات بين العرب واليهود في هذا القطاع، عندما قام اليهود رغم الهدنة بمهاجمة قرية الطيرة واشترك في هذا الهجوم فوجان من مقاتليهم يقدر عددهم بـ 500 مقاتل فصمد المجاهدون من ابناء هذه القرية الذين لم يزد عددهم عن الثلاثين مقاتلا، وهرع العراقيون لنجدتهم بمدافعهم ، لكن كان اليهود من الكثرة، بحيث تغلبوا على المناضلين، فدحروهم الى الوراء واحتلوا التلال الثلاثة الواقعة الى الشرق من هاكوفيش وسقط من العراقيين في هذه المعركة تسعة شهداء ومن مناضلي قلقيلية والطيرة مثل هذا العدد. وتعقب اليهود المقاتلين العرب المنهزمين على ذراعين: ذراع نجح في تقدمه حتى وصل الى نقطة امام محطة قلقيلية، وآخر بدا زحفه في اتجاه الطيرة الا انه عاد فانسحب خشية ان يتورط في قتال في شوارعها. هكذا كان الوضع آخر الليل. وعندما انبثق فجر اليوم التالي (1/3) قام العرب بهجوم معاكس فاستردوا موضعين من مجموعة "قلمانيا"، وموضعا ثالثا من مجموعة "هاكوفيش"، ومع ذلك ظل اليهود محتفظين بمعظم المرتفعات التي احتلوها في الليلة السابقة، وبهذا سيطروا على طريق طولكرم قلقيلية سيطرة تامة.
عندئذٍ تم تعزيز القوة العراقية بسريتين أُخريين: سرية مشاة وأخرى مدرعات، ارسلهما العقيد نجيب الربيعي من كفر قاسم، وكذلك فعل اليهود الذين قووا صفوفهم. فوقف الفريقان وجها لوجه، يبغي كل منهما القضاء على الآخر.
فكان العرب في الطيرة وقلقيلية وكفر سابا وجلجولية وطول جبهتهم 10 كيلومترات يقودهم الرئيس الاول الركن شاكر محمود شكري آمر الفوج الاول الآلي، ومعه سرية المناضلين الفلسطينيين ومئتان من الحرس الوطني تابعون لبلدية طولكرم.
وكان اليهود في مسكة ورمات هاكوفيش وقلمانيا وفي الكينا الشمالية والكينا الجنوبية وبيار موسى.
وكان العرب يهدفون إلى الى استرداد التلال القائمة أمام "رمات هاكوفيش" والمواقع الاستراتيجية الهامة الواقعة في منطقتي كفر سابا وقلمانيا.
وأما اليهود فكانوا يهدفون الى احتلال قلقيلية، التي حصنها سكانها تحصينا تاما، حتى أصبحت على استعداد لقتال الشوارع.
المعركة السادسة:
مرّ اليومان الثالث والرابع من شهر كانون ثاني في هدوء تام، قضاها كل فريق متحسساً مواضع القوة والضعف عند الفريق الآخر، ومعداً نفسه للنزال. وفي اليوم الخامس، قام العراقيون بهجوم مصطنع على المواقع اليهودية في جلجولية، ليوهموا اليهود انهم بقصدون مهاجمتهم في ذلك القطاع بينما كانوا في الحقيقة يستهدفون مهاجمتهم في رمات هاكوفيش، وتمكنت سرية مؤلفة من 200 مقاتل، نصفهم عراقيون والنصف الآخر فلسطينيون من احتلال معظم المواقع اليهودية القائمة في تلك المنطقة من ابادة حامية يهودية مؤلفة من 30 مقاتلا، وخسر العراقيون ستة شهداء آخرين، الا ان (تل كوفيش نفسه) فقد ظلت حاميته فيه، وكانت هذه عبارة عن سريتين وكان اليهود قد حصنوه، وعززوا حاميته بالمدافع المضادة للدبابات.
وزار الجبهة صباح اليوم السادس اللواء نور الدين محمود باشا قائد القوات العراقية والعقيد الركن نجيب الربيعي آمر اللواء، الذي قرر تعزيز القوة العراقية بقوات اضافية واسلحة مساندة، وهكذا كان. فقد ارسلت سرية من سرايا اللواء الخامس الى الميدان، لكن هذه السرية لم تشترك في القتال لان تل هاكوفيش كان قد سقط بيد العرب. فقد كان المجاهدون العرب قد زحفوا صوب تل هاكوفيش صباح ذلك اليوم، وما كاد النهار ان ينتصف حتى كان التل محاطا بالعرب من ثلاث جهات.
ولكي يخفف اليهود من ضغط العرب على تل هاكوفيش راحوا يقصفون قلقيلية بنيران مدافعهم. وراح العراقيون بالمقابل بقصف قلمانيا وكفر سابا ورمات هاكوفيش نفسها بنيران مدافعهم، بشكل متواصل.
المعركة السابعة:
وفي صباح اليوم التالي 1949/1/7 استطاعت كتيبة عراقية معززة بالمدافع والمدرعات مفاجأة المواقع الجنوبية للعدو وطردت منها قوات "يفتاح"، ومن ثم أخذت تركز القصف المدفعي على المواقع الشمالية وعلى مستعمرة كليمانية ورامات هكوفتش، وفي المساء تمكن العراقيون من استعادة جميع الأماكن التي احتلها العدو.
حاول قائد لواء جفعاتي استرداد هذا الموقع ليلاً لكن العراقيين أنزلوا به خسائر فادحة أجبرته على الانسحاب في الساعة الرابعة والنصف من صبيحة ذلك اليوم وسقط التل وبعض المواقع القريبة من مستعمرة هاكوفيش بيد العرب.
وظلت تلك المواقع تحت سيطرة العرب حتى وقعت اتفاقية "رودس" مع الجانب الاردني في الثالث من نيسان 1949م، حيث أُمِرَ الجيش العراقي بالانسحاب من هذه المنطقة الى ما وراء خطوط الهدنة الجديدة.
وقد نجم عن اتفاقية "رودس" سقوط معظم قرى المثلث والطريق التي تربط قلقيلية بطولكرم بيد اليهود بدون حرب، نتيجة التلاعب والتحريف الذي تم على خرائط التقسيم.
وتعتبر معركة رمات هاكوفيش آخر معركة قام بها الجيش العراقي قبل انسحابه من فلسطين، وقد خاض غمارها العراقيون بمشاركة ابناء قلقيلية والطيرة. جنبا الى جنب.
ولم تنقطع الاشتباكات بين العرب واليهود في هاكوفيتش طيلة معظم أيام حرب 1948م وأوائل عام 1949م، وسقط في هذه المعركة شانها شان كل المعارك الاخرى التي خاضها اهالي قلقيلية كثير من أبناء قلقيلية كان منهم&ordf :
محمد إبراهيم عنان أبو خضر (قتل في كوفيتش في 1948/2/18م)؛ ومناور مصطفى الشاكر من جيوس (وكان طنيباً عند آل السبع في قلقيلية وقتل في كوفيتش في 1948/4/21م)؛ ومحمد حسن مصطفى نوفل (قتل في كوفيتش بانفجار قنبلة يدوية في 1948/5/16م).
كما استشهد من مناضلي قلقيلية في معركة كوفيش في شهر كانون ثاني عام 1949م: عبد الكريم نمر عبد الله جابر نزال، وصبحي محمد حسن هرش نزال، ومحمد الشيخ حسين صالح صبري، وعبد الرحيم محمود احمد عوينات (البم)، وسميح صبري، عمر حسين نزال، ومحمد عبد الفتاح أبو شاهين.
وقتل في قلقيلية نتيجة القصف المدفعي وإطلاق الرصاص في تلك الفترة:
محمد فارس احمد أبو علبه في 1948/6/19م (بانفجار قنبلة في داره)؛ ووليد محمد نايف الجرمي في 1948/10/10م، وفيصل خليل إبراهيم عناية في عام 1948م؛ وأولاد يوسف خليل حسن ماضي زيد (وهم: محمد وتيسير وخليل وبنت بانفجار قنبلة في الدار بتاريخ 1948/9/19م)؛ وكامل محمد سليمان جعيدي (قتل خطأ برصاصة طائشة في 1948/8/14م)؛ وناجي محمود صالح الحوراني (قتل برصاصة طائشة وراء بيته في 1949م)، ويحيى عبد الرحيم محمد حمد جعيدي (قتل قرب السكة عندما عبر الحدود بعد عام 1948م)؛ وحسن محمد الخاروف عبد الله حسن (قتل في خلة دار أبو خدرج)؛ وصالح أسعد مصطفى سعاده (قتل برصاصة طائشة في 1948/5/16م)؛ وعبد الرحيم محمود سعيد أبو الذره (قتل على البيادر الجنوبية بقذيفة طائرة في عام 1948م)؛ وعبد الله أمين عبد الله قواس (قتل في التسلل عبر الحدود في عام 1949م)
وقتل في قلقيلية نتيجة القصف المدفعي الإسرائيلي لها في ذلك اليوم 1949/1/3م علي محمود يوسف طه نزال، وحسني احمد إبراهيم موافي، واحمد محمد قاسم موافي، وقد قتل هؤلاء قرب منزل محمود يوسف طه.
ويذكر المؤرخ الفلسطيني عارف العارف انه زار بغداد والتقى بتاريخ 1953/12/13م العقيد الركن شاكر محمود شكري، آمر الفوج الآلي الذي أدار هذه المعركة، وسأله عن اخبار معركة رمات هاكوفيش، فاجاب بقوله "..ان هذه المعركة كانت خير دليل على تعاون الفلسطينيين والعراقيين، وعلى الجرأة والإخلاص والروح العالية التي يتحلى بها اهالي قلقيلية، وفي مقدمتهم رئيس البلدية السيد عبد الرحيم السبع" .. الى ان قال: " غنمنا في هذه المعركة ثمانية مدافع وتسعة وعشرين رشاشا واربع قاذفات من طراز فيات واربعة الاف طلقة ومقادير لا باس بها من البنادق والرشاشات ومن الأعتدة والذخائر" .. واضاف: "ان خسائر العرب في هذه المعركة كانت 17 شهيدا و45 جريحا، بينما قتل من اليهود في اليوم الأخير من المعركة (1949/1/16م) خمسة وسبعون والكثير من الجرحى، هذا بالإضافة الى الثلاثين الذين قتلوا عند بدء المعركة"
4. معارك كفر سابا:
المعركة الاولى:
في اليوم الثالث عشر من ايار عام 1948م، هاجم اليهود بلدة الطيرة فهب أهالي قلقيلية لنجدتها، ولكنهم ما كادوا يشتبكون مع اليهود، حتى تبين لهم أن الهجوم على الطيرة ما كان آلا بقصد تغطية الهجوم على كفر سابا العربية. وفعلاً، ففي نفس الوقت الذي هاجم فيه اليهود قرية الطيرة، هاجم اليهود كفر سابا فاحتلوها ولم يواجهوا اية مقاومة تذكر لأن المجاهدين من قلقيلية كانوا قد توجهوا إلى الطيرة وانطلت الخدعة عليهم. ولما علم المجاهدون باحتلال اليهود لقرية كفر سابا عادوا بسرعة من الطيرة وتقدموا إلى كفر سابا محاولين استرجاعها، فأصلوهم اليهود بوابل من الرصاص فقتل عدد منهم وفشلوا في استرجاعها. واسشهد في هذه المعركة خمسة مناضلين من ابناء قلقيلية وهم: محمد محمود حامد زهران، وعبد الله مصطفى الحاج عيسى شريم، وراغب علي الحوتري، وأسعد سليمان ابو سعدة، وأحمد يونس عبد الله الحاج حمدان .
المعركة الثانية:
حاول أهالي قلقيلية بعد احتلال اليهود لكفر سابا بخمسة أيام استردادها فهاجموها في 1948/5/18م كما هاجمها في اليوم نفسه عدد آخر من أبناء القرى المجاورة يساندهم رجال الإنقاذ من مدينة حماة، فقتل عدد من المهاجمين من قلقيلية وقراها، ولم ينجحوا في استردادها، فارتدوا الى الوراء، وجاء بعد قليل عدد من رجال المدفعية الأردنية وقصفوا اليهود المحصنين فيها بمدافعهم من بنيامين، إلا أن هذا القصف ايضا الذي لم يدم أكثر من ربع ساعة باء بالفشل، اذ كان اليهود قد حصنوا كفر سابا تحصينا كاملا.
واستشهد من قلقيلية محمد عبد الرحمن حسن جباره، وعبد الفتاح مصطفى سعاده، وعبد الرحيم إدريس أبو حبله، وشاكر عوينات محمود عوينات (وقد ذكر ولده عبد الله أن اباه قتل في 1948/5/13م وبقيت جثتة في البيارات مدة خمسة أيام، حتى تمكن ذووه من إحضاره ودفنه يوم 1948/5/18م. وجرح في المعركة صالح البلقيس محمود صالح جباره.
وكان قد قتل في ارض كفر سابا قبل شهرين من التاريخ المذكور حسين علي حسين أبو نجيم الشنطي بانفجار لغم في 1948/3/18م .
5. معركة بيارة الداعور:
تقع بيارة الداعور جنوب بنيامين إلى الغرب الجنوبي من قلقيلية، أحتلها اليهود على اثر احتلالهم لقرية كفر سابا في 1948/5/13م، وصمم الشيخ احمد محمد الداعور استعادتها، واستعان بالقيادة العراقية في المنطقة فتقدم ومعه جماعه من المناضلين من قلقيلية وجنود من الجيش العراقي بقيادة احمد النعيمي وهاجموا اليهود الموجودين في البيارة، فانسحبوا منها واحتل العرب صباحاً البيارة وقتل اثناء المعركة احد اليهود وكان مختبئاً بين الذرة وابقى العرب فيها حامية من خمسة (5) أشخاص، وبعد الظهر هاجمها اليهود مرة أخرى واحتلوها بعد قصفها بالمدفع وانسحبت حاميتها، وتقدم الملازم العراقي نجيب ومئات من الجنود والمتطوعين من قلقيلية في اليوم التالي وهاجموها واحتلوها وقتل في هذه المعركة محمد رشيد محمد أبو خدرج، وبقي العرب فيها ثلاثة أسابيع حتى جاءت الأوامر من القيادة العراقية العليا بالانسحاب من تلك المنطقة إلى ما وراء سكة الحديد، فانسحبوا واستولى عليها اليهود في اليوم التالي
استمرار الاعتداءات الإسرائيلية:
وفي في 18 حزيران 1948م قصفت طائرتان إسرائيليتان قلقيلية بالقنابل وهدمت داراً وقتلت شخصاً واحداً هو محمد فارس احمد أبو علبه حيث أصيب بقنبلة انفجرت في الدار، وكانت سرية عراقية في مركز الشرطة لم تتحرك ولم تطلق رصاصه واحدة، مما شجع اليهود على التغلغل في احياء البلدة، وراحوا يجوبون شوارعها، وهدموا بعض منازلها، ومن المباني التي اصيبت باضرار بالغة كانت دار البلدية التي خرقت قذيفة سقفها.
الحروب بعد اتفاقية رودس عام 1949م:
وفي 29 حزيران عام 1949م، وبعد مضي اقل من ثلاثة شهور على توقيع اتفاقيات رودس، أقدم بعض اليهود المسلحين، على قتل أربعة أشخاص من قلقيلية كانوا يعملون في أراضيهم، في المنطقة المحتلة المجاورة لسكة الحديد في منطقة شمال-غرب قلقيلية، حيث طلبوا منهم وكانوا خمسة أشخاص مغادرة أراضيهم والعودة الى بيوتهم، وما كادوا يبتعدون قليلاً عنهم باتجاه قلقيلية، حتى أمطروهم بوابل من الرصاص، فقتلوا أربعة منهم، ونجا الخامس وهو المرحوم أحمد إبراهيم موافي (والد الأستاذ عبد اللطيف - أبو وهيب)، حيث ألقى بنفسه على الأرض عند إطلاق الرصاص، ولم يصب بأي أذى، وبعد انصراف اليهود الذين ارتكبوا هذه الجريمة، نهض من مكانه وعاد سالماً إلى أهله، وقام بإخبار أهل البلدة بما حدث، فذهبت مجموعة من أهالي البلدة، وأحضرت جثث الشهداء. وقد حدثت هذه المجزرة على الرغم من وجود سرية من الجيش العربي في مركز شرطة قلقيلية، التي لم تحرك ساكنا، ولم تطلق رصاصة واحدة على اليهود، بسبب الأوامر الصادرة لها من الجنرال "غلوب" باشا الإنجليزي قائد الجيش الأردني آنذاك
أما الشهداء فكانوا: عادل يونس عمر حسين نزال؛ زكي عبد الكريم حامد موافي؛ سعيد سليم حامد موافي؛ حسن خليل حامد موافي.
استمرار الاشتباكات:
لم تنقطع الاشتباكات بين أهالي قلقيلية، وسكان المستعمرات المجاورة بعد رسم الحدود في اتفاقية رودس عام 1949م، بل ازدادت ضراوة لان الجيش الإسرائيلي اخذ يشارك فيها. وخلال السنوات الأولى من قيام دولة إسرائيل 1948-1956م، لم يسلِّم كل سكان قلقيلية رجالا ونساء مواطنين ولاجئين بنتائج الهزيمة. واحتفظوا بأسلحتهم النارية وحاول من لم يكن يملك سلاحا امتلاكه،
وشكلت الحكومة الأردنية الحرس الوطني في قلقيلية من أبناء حمايلها وكان عدد أفراده (200) مرابطاً، من كل حامولة (50) فرداً، وكان لكل فرقة منهم قائد حرس وقسمت المواقع على الحدود الى أربعة أقسام: موقع حراسة آل داود غربي قلقيلية، وموقع حراسة آل شريم جنوب غرب البلدة، وموقع حراسة آل نزال شمال وشمال شرق قلقيلية، وموقع حراسة آل زيد جنوب وجنوب شرق قلقيلية.
ولم يقتنع اهالي قلقيلية بان ثمار بياراتهم وارضهم الواقعة امام انظارهم لم تعد ملكاً لهم. وقام الكثير من رجالها بأعمال كثيرة متنوعة وخطرة، لانقاذ اطفالهم من الجوع ومقاومة الواقع الجديد وتحدي كل ما فرضته الاقدارعلى اهل البلدة. وامتهن بعضهم العمل العسكري ضد المحتلين. وامتهن آخرون مهنة التسلل الى اراضي قلقيلية المحتلّة - التي منحتها اتفاقيات رودس مجانا لاسرائيل - "للسرقة" من ثمار بياراتهم التي حرموا من الوصول اليها.
وكانت أعمال التسلل تحدث رغم وجود الحرس الذين كانوا يتلقون الأوامر من السلطات الاردنية بمنع المتسللين. وكان الحرس من أبناء البلدة يتساهلون أول الأمر مع إخوانهم المتسللين مقدرين ظروفهم، وقُتِل الكثيرون منهم وهم ذاهبون لجلب بقرة او حصان او بعض الملابس ومواسير المياه، ونهب كل ما كانت تطوله ايديهم داخل المستعمرات ومن قلب بيوتها. وكانوا يبيعوها باعتبارها مسروقة بابخس الاثمان، وبالكاد كانت تساوي ثمن كمية من الطحين تكفي لسد جوع الاطفال بضعة ايام او اسابيع. وكان رد فعل الاسرائيليين قصفهم للبلدة بالقذائف.
وكان الذي اشترى سلاحا قبل النكبة واحتفظ به بعدها ولم يمتهن التسلل يقوم بتأجير سلاحه الى المتسللين لإسرائيل.
وطبعا لم تكن مهمة التسلل الليلي الى اسرائيل سهلة على الاطلاق ولم تكن دائما موفقة وناجحة.
لقد ازعج المجاهدون والمتسللون من اهل بلدتنا على مدى اكثر من خمس سنوات سكان المستعمرات المجاورة ازعاجا كبيرا وخربوا منشأآتها وقتلوا العديد من سكانها ومن قوات حرس الحدود وبثوا الخوف والقلق والرعب في نفوسهم. في حينه لم تستسلم الحكومة الاسرائيلية امام مواقف وسلوك اهل البلدة العدواني و"التخريبي". فرفعت من وتيرة ضغطها على الحكومة الاردنية للتحمل مسؤولياتها في حماية الحدود وفقا لاتفاقات الهدنة التي وقعت بين الطرفين. وكانت يوميا تقدم تقاريرها وشكواها للجان الهدنة والرقابة الدولية المنتشرة على الحدود بين الطرفين وكانت تطالبها باعادة المسروقات. ولم تكن تتورع عن توجيه نيران مدافعها وشاشاتها الثقيلة ضد مراكز الشرطة والجيش بجانب قصفها المتكرر لمنازل البلدة ودمر الكثير من منشآتها ومبانيها، كما راحت تتصيد ابنائها عند اقترابهم من الحدود، وقتل قناصتها عددا من شبابها ونسائها واطفالها، ومنعت اصحاب الاراضي في كثير من الاحيان من الوصول الى بساتينهم الواقعة على خطوط التماس. ولاحقا اتبعت القوات الاسرائيلية نهجا هجوميا وراحت تطارد المتسليين الى أطراف البلدة فقامت بغارات كثيرة على بعض بيوتها وآبارها. ولم يكتم الإسرائيليون غيظهم من فشلهم في كسر شوكة سكان قلقيلية، فكان لا يمر شهر دون حدوث إطلاق رصاص عبر الحدود ثم تطور الأمر بعد ذلك إلى عبور قوات إسرائيلية وقيامها بأعمال هجومية على مواقع في المنطقة العربية. ولاحقا اتبعت القوات الاسرائيلية نهجا هجوميا وراحت تطارد المتسليين الى إطراف البلدة، وقامت بغارات كثيرة على بعض بيوتها وآبارها.
وفي الاجتماع الذي جرى على الحدود في يوم 1953/6/5م، بين العرب واليهود بتنسيق الوسيط الدولي، والذي حضره يومئذٍ موشيه دايان ممثلاً للجانب الإسرائيلي، واحمد طوقان ممثلاً للجانب ألأردني، للبحث في الشكوى التي قدمها اليهود ضد العرب، بدعوى تكرار تعديهم على المستعمرات اليهودية. حينها هدد ديان بقوله: ".. إني سأحرث قلقيلية حرثا اذا اقدم سكانها على مقاتلتنا"

وفي شهر تموز من عام 1954م عبرت وحدة عسكرية إسرائيلية الحدود الى قلقيلية وتقدمت شرقاً نحو معسكر للجيش الأردني قرب عزون، ومرت بمواطن من قلقيلية اسمه رافع عبد العزيز عمر حسين نزال وكان يعمل "ناطورا" في حقل بطيخ شرق صوفين فقتلته، وواصلت تقدمها وهاجمت المعسكر الأردني على حين غرَّة وقتلت عدداً من الجنود وأحرقت وأتلفت عدداً من خيام المعسكر وعادت أدراجها إلى المنطقة المحتلة عن طريق فلامية .
  • نسف مركز الشرطة عام 1956م:
.
رغم كل هذه الإجراءات ظلت المناوشات الواسعة بين اهالي قلقيلية وسكان المستعمرات وقوات حرس الحدود الإسرائيلية متواصلة حتى عام 1956م، واقتنعت القيادة الإسرائيلية بان هجمات الردع المحدودة التي كانت تقوم بها قوات جيش الدفاع الإسرائيلي من حين لآخر ضد البلدة غير كافية لردع اهالي قلقيلية ولم توقف أعمالهم. فقررت القيام بعملية هجومية واسعة ضد البلدة والمؤسسات الحكومية الأردنية، التي لم تقم (حسب ادعاء اسرائيل) بواجباتها كما ينبغي ووفق رغباتها.
وفي يوم الخميس بتاريخ 1956/10/10م بدأت إسرائيل بتجميع قواتها وراء خط الهدنة من الجهة الشمالي والغربية من قلقيلية. وقد رصد هذه التحركات احد الضباط من على مبنى مركز شرطة قلقيلية وقام بإخبار المسؤولين العسكريين في الجيش الاردني المتواجدين في قلقيلية، ووجهاء الحمايل وقوات الحرس الوطني للاستعداد للعدوان الاسرائيلي في تلك الليلة.
ففي الساعة العاشرة مساءاً من ذلك اليوم تسللت باتجاه قلقيلية من الجهة الشمالية والغربية مفرزة من الجيش الإسرائيلي تقدر بكتيبة مشاة تساندها مدفعية ميدان، مع تركيزها القصف على مركز الشرطة شمال البلدة على طريق طولكرم، وفوجئت القوات المهاجمة بمقاومة الحرس الوطني بقيادة الضابط خنفور سليمان، والمسلحين من أهالي البلدة، مما أحبط الهجوم وتراجع القوات الإسرائيلية بعد ان تكبدت بعض الخسائر.
شعر سكان قلقيلية ان هدف العدوان هو مركز الشرطة، فزادوا قوتهم فيه وحشدوا عددا كبيرا من المقاتلين هناك. وكانت القوات الإسرائيلية قد قامت قبل الساعة التاسعة ليلاً بقطع أسلاك الاتصالات العسكرية بين قلقيلية وعزون لعزل البلدة، ومنع الاتصال بينها وبين مقر الحرس الوطني، ولغّمت بعض الطرق، في الوقت الذي تحشَّدت فيه قوة كبيرة في المستعمرات القريبة.
وبعد الساعة الحادية عشرة ليلاً عاود المعتدون بكتيبة المشاة الى البلدة بعد تمهيد مدفعي كثيف، وفشل هذا الهجوم ايضا وتراجع المعتدون لما لاقوه من مقاومة عنيفة من الاهالي المقاتلين والحرس الوطني والجيش الأردني، وبعد ان تكبد بعض الخسائر.
وبعد الساعة الثانية عشر ليلاً عاد المعتدون ثانية بكتيبة المشاة تحت حماية الدبابات بعد ان مهدوا للهجوم بنيران المدفعية الميدانية، وهاجموا قلقيلية من ثلاث اتجاهات (الشمالية والغربية والشرقية) وتمكنوا من الوصول الى مركز الشرطة واحتلاله، ودارت معركة حامية الوطيس بين القوات المهاجمة والمدافعين عن المركز، فقضوا على المناضلين الذين كانوا هناك وعلى عدد من أفراد الحرس الوطني، الذين كانوا يرابطون في تلك المنطقة في خنادقهم، بعد أن داستهم الدبابات. كما قتل العديد من المساجين الموجودين داخل السجن بسبب رفض قائد المركز المسمى "ابو مشهور" إطلاق سراحهم قبيل المعركة، فقامت القوات الاسرائيلية بنسف المركز على من فيه.
وقتل في معركة المركز عند خروجه من المدرعة احد ضباط القوة الإسرائيلية المقتحمة للمركز واسمه "ادوارد" وهو يهودي من أصل انجليزي برتبة ملازم أول.
وتابعت القوات الإسرائيلية تقدمها عبر شوارع البلدة بينما استبسل الحرس الوطني وأفراد الحامية النظامية في الدفاع عن مواقعهم المحيطة بالبلدة، واستشهد الكثيرين منهم، لكنهم استطاعوا قتل اعداداً كبيرة من القوات المهاجمة، من ضمنهم قائدها البريجادير جنرال قائد سلاح المدرعات واسمه "بيرمي"، الذي اقام له رفاقه بعد احتلال البلدة عام 1967م، نصبا تذكاريا مكان مقتله في "تلة صوفين".
ويروي محمد عبد الهادي طه (المعروف في قلقيلية باسم أبو نضال الميكانيكي، والذي كان يعمل ميكانيكيا في قيادة الحرس الوطني في نابلس) ان وحدة من الجيش الأردني بقيادة "محمد الخصاونة" المتمركزة في منطقة عزون، تحركت للمساعدة في التصدي للعدوان، ولكنها اصطدمت بالألغام التي زرعتها القوات الاسرائيلية المتسللة مسبقا فدُمِّرت بعض آلياتها. كما ان الطائرات الاسرائيلية ضربت القوة الأردنية المتقدمة بالقنابل، فدمرت لها ناقلتان للجنود، على الطريق بين قرية النبي الياس وعزون شرقي قلقيلية (مقابل عزبة الطبيب من الجهة الشمالية للشارع)، واستشهد كل من كان فيها وكان من بينهم ضابط ملاحظة المدفعية الأردني "غازي الكباريتي". وكان المار بالطريق يرى الجثث المحروقة، وأجزاء من جثث القتلى، مبعثرة هنا وهناك.
وتحركت قوات من الحرس الوطني من القيادة في نابلس، لنجدة السرية الموجودة في مركز قلقيلية. وتوجهت الكتيبة التاسعة المتمركزة في سيلة الظهر بقيادة الضابط "سلامة عتيق" لنجدة الوحدات العسكرية الأردنية المشتبكة مع القوات الإسرائيلية في قلقيلية. لكن غلوب باشا قائد الجيش الأردني في ذلك الوقت، اصدر اوامره لهذه القوات بعدم التقدم، والانسحاب الى مواقعها، وطلب في الوقت ذاته من الوسيط الدولي التدخل لانسحاب اسرائيل الى ما وراء خطة الهدنة.
وكانت المدفعية الأردنية قد قصفت القوات المهاجمة وكبَّدتها بعض الخسائر، وقامت قرب عزون معركة ثانية ومثلها في صوفين بظاهر قلقيلية الشرقي. وقد ابلى الجيش الاردني بلاءاً حسنا وضرب القوات المهاجمة بمدفعيتة من عزون وقتل العديد منهم.
ومع اشراقة صباح اليوم التالي، انسحب القوات الإسرائيلية من قلقيلية بعد ان عاثت في البلدة تخريبا وتدميرا
وقد تمكن احد المحاربين وهو علي الشنطي من اعطاب دبابة إسرائيلية بقذائف مدفعه من عيار رطلين، الذي كان منصوبا بالقرب من دار الحداد شمال مستشفى الوكالة، وكانت آخر امتداد عمراني لقلقيلية في ذلك الوقت. كما استبسل في المعركة امين محمد الحداد، الذي صعد على ظهر الدبابة الاسرائيلية والقى فيها قنبلة يدوية.
ويروي الدكتور نافع الحسن – المحاضر في الجامعة الامريكية في جنين – انه رأى بأم عينيه الملك حسين ينزل من دبابة عسكرية عند مستشفى الوكالة مع إشراقة صباح اليوم التالي للمعركة، وكان قد جاء ليتفقد الجرحى والقتلى، واخذ يواسي والد احد القتلى بفقيده والذي كان ملقاً على رصيف المستشفى.
(كان عمر الدكتور نافع آنذّاك 11 عاما)
كما جاء الى قلقيلية صبيحة اليوم التالي فوزي المُلقي رئيس وزراء الأردن، للاطلاع عن كثب على المعركة التي جرت في مركز البوليس، والذي نسفته القوات الإسرائيلية بعد اقتحامها له على اثر المعركة التي جرت تلك الليلة
وقد استشهد قرابة سبعين رجلا من سكان قلقيلية ومن القرى المجاورة، ومقاتلا من الشيخ مونِّس، بالإضافة الى العديد من جنود الجيش الأردني وافراد الحرس الوطني، الذين هبّوا لنجدتها والدفاع عنها، كما مُنيَتْ البلدة بخسائر مادية كبيرة.
وقد كتب موشي ديان وزير الدفاع الاسرائيلي في مذكراته ان حرب المركز عام 1956م في قلقيلية كانت من اجل التغطية على العدوان الثلاثي (اسرائيل، فرنسا، بريطانيا) على مصر.
وقد استشهد في معركة المركز من الجيش الاردني وافراد الحرس الوطني التالية اسماءهم:
- ابراهيم عبد الكريم غانم - احمد ذيب شوبكي - احمد عبد الله عبد القادر - احمد علي محمود - احمد محمود عيسى - اسماعيل يوسف العموري - انطون جريس نعيمات - حامد محمد حمد المهدي -حسن يوسف ابوصالح -حسني يوسف نادي -حمدان قاسم محمود -خليل يوسف سرحان -سرور حامد الخطيب -سعد مراد الصالح -صالح سليم الخطاطبه -عباس حسين سليمان -عبدالقادر علي الزغلول -عبد الله مصطفى محمد - عبد الرحيم سعيد المصري -عبدالكريم محمد منصور -علي يوسف احمد - عليان خلف العظامات -غازي مذكور الكباريتي -فارس احمد محمود شتيوي -قاسم سليم محمود -محمد الحج حسين عثمان -محمد جبر احمد -محمد عبد القادر حجه -محمد فتوح عوده -محمد محمد حمدان احمد -محمد موسى حسين فلين -محمود ابراهيم برهم -محمود ابراهيم عيد -محمود محمد عبد الرحمن -مسعود عوده طه -وجيه يوسف حمدان -يوسف عوض الطواحا.
وقد استشهد العديد من المناضلين والمدنيين من أهالي قلقيلية في تلك الليلة، وهم:
أحمد أمين عبد الله قواس، وشقيقه حسن أمين عبد الله قواس، وأمين محمد سليمان العبد حداد، واحمد محمد الشيخ حسين صالح صبري، وعبد الفتاح الشنطي، وعبد الفتاح نمر يوسف يحيى الشنطي، وعبد الفتاح نمر عرابي نزال، نمر يوسف حسين نزال (أستشهد هؤلاء في الخنادق قرب المركز)، وعدنان محمود عبد الرحمن صالح أبو صالح داود (أستشهد في الخندق غربي قلقيلية في جبهة آل داود في حي جعيدي، وكان المذكور جنديا في الجيش الاردني، وإقامته في الزرقاء، وكان قد جاء لزيارة أهله قبل الهجوم بيوم واحد، ولما دعا داعي الجهاد، أسرع إلى الجبهة واستلم رشاشاً وأصلى العدو برصاصه حتى كتبت له الشهادة)، وعبد الفتاح عبد الرحيم عبد السلام جعيدي، ابراهيم قاسم صالح داود، عيسى موسى شلويت سمحان، فهمي عوض عبد الله عامر، عدنان محمد الشيخ عمر صبري، وجيه يوسف عبد الكريم أبو سليمان الحنيني، وجيه يوسف الشيخ علي صبري، احمد محمد الشيخ حسين صبري، ويوسف سعيد عيسى حساين (استشهد داخل المركز وكان سجيناً) ومحمد المزيوي.

كما استشهد في البيوت: زريفه عبد الرحمن داود أرملة يونس عمر نزال، وفاطمة عثمان محمد هلال (وهي زوجة محمود محمد محمود هلال وتعرف باسم فاطمه السويركي).
  • نسف محطات البنزين في شهر ايـار 1965م
بعد مرور اقل من تسعة أشهر على نسف الآبار الارتوازية، تسللّت في يوم 1965/5/27م قوة عسكرية الى قلقيلية حوالي الساعة العاشرة ليلا واتجهَت نحو محطة محروقات أبو عمشة للمحروقات (ملك الأخوين ناجي ورفيق نزال)، ومحطة راجي الشنطي للمحروقات (ملك محمد درويش الشنطي)، ووضعت الألغام حول مضخات الوقود (بنزين وسولار) وانسحبت القوة الإسرائيلية، فانفجرت الألغام في المضخات واشتعلت فيها النيران، وارتفعت السنة اللّهب الى عنان السماء، وأضاءت المنطقة، ومما قلل من حجم الكارثة هو ان محابس خزانات الوقود التي تكون عادة تحت الارض كانت مغلقة باحكام، فلم تصلها النيران.

نسف آبار المياه في شهر ايلول 1965م:
وبعد ثلاثة أشهر فقط، عاودت اسرائيل اعتدائها على قلقيلية، حيث هاجمت وحدة كوماندوز إسرائيلية آبار قلقيلية الارتوازية بتاريخ 1965/9/5م ونسفت احدى عشر بئراً منها، وعادت أدراجها إلى داخل حدود المنطقة المحتلة. وتستخدم هذه الآبار لريْ بيارات البرتقال ومزارع الخضار والأشجار الأخرى المثمرة. ويستخرج الماء من هذه الآبار بواسطة ماتورات ديزل.
وقد اطلقت القوات الاردنية المرابطة في المنطقة عيارات نارية كثيفة، كان صدى أزيزها يدّوي في سكون الليل.
وقد وتعرضت المزارع والأشجار الحمضية لخطر الجفاف في ذلك الموسم، لولا وجود بعض الآبار الأخرى لم تنسف فأسقى الناس مزارعهم منها، كما سارع أصحاب الآبار التي لم تتضرر مضخة الماء فيها الى استئجار تراكتورات لتشغيل المضخة وسحب الماء.
وقد احتجت الحكومة الأردنية على هذا العدوان للأمم المتحدة، وقدمت مساعدات مالية لأصحاب الآبار لإعادة إصلاحها، وقد تم إصلاحها في غضون أشهر.
وهدفت العملية الإسرائيلية الى ردع المتسللين، وتذكير اهالي قلقيلية بقوة إسرائيل وجبروتها.
وقد استشهد احد المواطنين في هذا الاعتداء وهو عبد الله احمد حيلوز. وكان المرحوم طالبا في السنة الاولى بجامعة دمشق، وقد اتى لزيارة اهله في العطلة الصيفية. وعندما سمع نسف احد الابار وهو بئر عبد الله الخوجة القريب من منزله، صعد السلّم متوجها الى سطح المنزل ليرى ما حدث، فاصابه قناص اسرائيلي في بطنه، ونقل الى المستشفى وكانت الإصابة مميتة، واسلم الروح بعد اقل من ساعة.
واذكر ان رفاقه في جامعة دمشق من أردنيين وفلسطينيين وسوريين جاءوا الى قلقيلية، وقدموا التعازي لاهل الفقيد، واتجهو الى المقبرة في شبه مسيرة رافقهم فيها اهالي البلدة وهم يكبرون ويهللون ويحملون لافته كتب عليها: "لك الخلد.... ولنا الثأر يا عبد الله"، ووضعت اللافتة وسعف النخيل على قبر الشهيد، والقى رفاقه كلمات اشادوا فيها بطيب خلق الشهيد، وعاهدوا الله ان يثأروا للشهيد من الاعداء.
كما اصيب بجروح في هذه العملية المجاهد محمود محمد زهران (الاشوح) واستشهد بتاريخ 1965/9/14، اثناء عودته من عملية عسكرية داخل الوطن المحتل.

الشهيد محمود محمد زهران (الاشوح)
1965-1924






رد مع اقتباس
قديم 05-17-2013, 05:32 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


حرب "الأيام الستة" عام 1967م:
شهدت المنطقة مجموعة من الأحداث التي أدت في مجملها إلى عودة الصراع في المنطقة من جديد، كما تجسدت فيما عرف بأزمة ايار 1967م، وأهم هذه التطورات هي:
- مشروعات اسرائيل بخصوص نهر الأردن.
- اطماع اسرائيل في التوسع والسيطرة على المزيد من الأراضي العربية
- تطور أعمال المقاومة الفلسطينية.
- تصاعد الغارات الثأرية الاسرائيلية بالتدريج، الأمر الذي دفع بسوريا إلى تقديم شكوى إلى مجلس الأمن.

وبينما كانت الأمم المتحدة مشغولة بحالة التوتر بين سوريا واسرائيل، قامت إسرائيل بشن هجوم واسع على قرية السموع (قضاء الخليل) في 13 تشرين ثاني 1966 بدعوى أن الفدائيين كانوا قد شنّوا ثلاث عشرة غارة انطلاقا من الأراضي الأردنية.
- تحول معظم نشاط الفدائيين بعد حادث السموع وما تلاه من إجراءات لتحديد نشاطهم في الأردن إلى سوريا. وتعد الغارة الجوية على ضواحي دمشق يوم 7 نيسان 1967 والمعارك التي دارت بين الطائرات السورية والاسرائيلية في ذلك اليوم نقطة تحول في مجريات الأحداث التي أدت إلى تفجر الأزمة وجرت مصر الى الصراع. وعلى أثر هذا العدوان خولت لجنتا الدفاع والشؤون الخارجية التابعتان للكنيست الاسرائيلي الحكومة في التاسع من ايار 1967 سلطات القيام بعمليات عسكرية أخرى ضد سوريا. وفي 13 ايار وصلت معلومات الى المسؤولين في مصر بأن إسرائيل تحشد على حدود سوريا قوات مسلحة كبيرة يصل قوامها من حوالي 11 لواء الى 13 لواء وأن عملا عدوانيا سيوجه إلى سوريا ابتداء من 17 أيار 1967.

- اتخذت الحكومة المصرية ابتداء من 14 ايار 1967 سلسلة من الاجراءات تحركت بمقتضاها القوات العسكرية المصرية إلى سيناء. وفي 17 ايار طلب وزير الخارجية المصري من الأمين العام للأمم المتحدة سحب قوات الطوارئ الدولية من إقليم الجمهورية العربية المتحدة وقطاع غزة، ووافق الأمين العام على هذا الطلب. وفي 22 ايار أعلن الرئيس عبد الناصر أن القوات المصرية قد استعادت مراكزها في منطقة شرم الشيخ، وانه لن يسمح بالملاحة في خليج العقبة لأى سفينة تحمل العلم الاسرائيلي، أو أي سفينة اخرى تحمل مواد إستراتيجية لميناء إيلات.
تلاحقت الأحداث بعد ذلك بسرعة: ففي 30 ايار تم توقيع معاهدة دفاع مشترك بين مصر والأردن وفي الثاني من حزيران (2/6) تشكلت وزارة الطوارئ وفي 4 حزيران وقع العراق اتفاقية دفاع مشترك مع مصر والأردن، وفي الخامس من حزيران قامت اسرائيل بالعدوان على مصر وسوريا والأردن، ودخلت المنطقة مرحلة جديدة من الأحداث والتطورات.
بداية الحرب:
هاجمت إسرائيل في يوم 5 حزيران 1967م دول المواجهة العربية (مصر والأردن وسوريا)، باستخدام سلاحها الجوي المتفوق أولا ضد سلاح الطيران المصري والسوري على غفلة من الجيوش العربية، ونجاحهم بتدمير الطائرات والمطارات المصرية والسورية في غضون ساعات، بينما كانت الطائرات العربية جاثمة على ارض مطاراتها، ثم تقدم جيشهم البري المعزز بالدبابات والمصفحات نحو قطاع غزة وسيناء والضفة الغربية وهضبة الجولان السورية، وشنّهم هجوم واسع على الجيوش العربية وهزيمتهم للعرب شرّ هزيمة، واحتلالهم للمناطق المذكورة خلال ستة أيام فقط.

أما قلقيلية فقد تعرضت في حوالي الساعة العاشرة والنصف صباحا من يوم الاثنين 1967/6/5م للقصف المدفعي الإسرائيلي المكثف، والذي كان يستهدف المساكن الآهلة بالسكان، ومراكز الدفاع المدني الذي كان يتواجد في مدرسة البنات الثانوية (مدرسة أبو علي إياد حاليا). وتوقف القصف بعد العصر، وقد رأيت جثثًا لستة عشرا شهيدا وضعت في احد صفوف المدرسة الابتدائية (ملك يحيى عودة- حاليا مجمع أبو بدير التجاري)، وقد عرفت منهم: المرحوم فتحي الشنطي، شقيق الحاج زكي الشنطي، والمرحوم عدنان شاهين - الذي كان يبيع البرّاد عند المدارس. وقام أهالي البلدة وعلى عجل بحفر القبور ودفن الموتى قبل عودة القصف الإسرائيلي من جديد. وخلال فترة وقف إطلاق النار فرّ الكثير من السكان الى القرى المجاورة طلبا للامان. وبعد غروب الشمس عاودت القوات الإسرائيلية قصف المدينة من جديد، تبعه قصف الطائرات لمركز المدينة. وكنا نسمع طلقات مدفع القرنين تدوي من حين لآخر. وتقع منطقة القرنين شرقي قرية كفر لاقف على طريق نابلس.
وقد نجم عن القصف الاسرائيلي للبلدة مقتل الكثير من أبنائها، بالإضافة الى العديد من الجنود الأردنيين المرابطين في معسكر صوفين، وعلى امتداد الطريق المؤدي الى واد عزون.

ورغم ضعف الإمكانيات من حيث العدد والعُدّة، التي لا تقارن بما لدى اسرائيل في ذلك الوقت، فقد استبسلت القوات الأردنية المرابطة في قلقيلية، وقوات الحرس الوطني في الدفاع عن قلقيلية، واستطاع مدفع القرنين قصف بعض المواقع الإسرائيلية الواقعة بالقرب من تل ابيب.
وفي صبيحة اليوم التالي 1967/6/6م وبعد مقتل العديد من الناس نتيجة القصف الإسرائيلي، وتدمير الكثير من المنازل دب الرعب والهلع في أهالي البلدة، بدأت أفواج من أهالي قلقيلية بالنزوح إلى القرى الشرقية المجاورة طلبا للامان، ونقلت بعض سيارات الشحن الفارين بأرواحهم من أهالي البلدة الى مدينة نابلس. وعند خروجنا من قلقيلية اتجهنا الى منطقة صوفين على شارع نابلس، وكانت القوات الأردنية ترابط في منطقة صوفين وتنتشر على امتداد الشارع الرئيسي، فاخذ الرجال النساء يدعون للجنود ان يحميهم الله وينصرهم على أعدائهم. وكانت الروح المعنوية للجيش الاردني عالية جدا، لدرجة اني سمعت احد الجنود يصيح قائلا، وبكل ثقة واطمئنان: "ان شاء الله.. بكرة وبعده.. في تل ابيب!". واذكر انه عندما وصلنا الى مركز شرطة رفيديا، استوقف سيارتنا ضابط شرطة اردني وطلب من السائق وهو المرحوم "سعيد سويلم – ابو نعيم، العودة الى قلقيلية، فاجابه ابو نعيم ان قلقيلية قد دمّرت نتيجة القصف الاسرائيلي، وقتل العشرات من اهلها، ولا مجال للعودة اليها. وبعد اخذٍ ورد ّسمح لنا الضابط بدخول مدينة نابلس، وأقمنا في المدرسة العائشية. وقد علمنا ونحن في نابلس ان السيارة التي كانت خلفنا، قد تعرّضت للقصف من طائرة إسرائيلية، وقتل العديد من ركابها.
وفي اليوم الثالث للحرب مرّت طائرة حربية اسرائيلية من وسط مدينة نابلس وكنا نقف في طابور طويل لشراء الخبز وألقت بالمناشير التي تناثرت هنا وهناك في ارجاء البلد. وبدأت الكشّافة وافراد الحرس الوطني والشرطة بجمع المناشير وتمزيقها، واستطعت التقاط وقراءة احداها، وإذا بها تدعو باسم جيش الدفاع الاسرائيلي، جنود وضبّاط الجيش الأردني لالقاء السلاح والاستسلام، والنجاة بأرواحهم، ولا فائدة من المقاومة، لأن جيش الدفاع قادم لا محالة.
وفي اليوم الرابع للحرب في يوم 10 حزيران عام 1967م، دخلت القوات الإسرائيلية الى مدينة نابلس من الجهة الشرقية، واعتقد الناس انها قوات عربية جاءت للدفاع عن المدينة، واخذوا يهتفون باعلى اصوتهم لتحية هذه القوات، وما لبثوا ان ادركوا امنهم قد خدعوا، وانها قوات اسرائيلية محتلة وليست قوات عربية. ، واشتبكت القوات الاسرائيلية مع وحدة من الجيش الاردني كانت في منطقة وادي التفاح غرب نابلس. ورغم استبسال الجنود الاردنيين، الذين ضربوا اروع الأمثال في البطولة والفداء، سقطت مدينة نابلس في ايدي الاحتلال الاسرائيلي، وتم احتلال كامل مناطق الضفة الغربية.
وبعد سقوط نابلس استطاعت القوات الإسرائيلية دخول قلقيلية من الجهة الشرقية، ولم ينسى موشيه ديان ما فعله أبناء قلقيلية في سنوات 1948-1956م، ولم ينسى وعيده لاهالي قلقيلية عام 1953م عندما قال (سأحرث قلقيلية حرثا)، ومكَّنه انتصاره من ترجمته على ارض الواقع. فقد حاول جنود الاحتلال الإسرائيلي تدمير قلقيلية وحتى إزالتها عن الوجود، عندما قاموا فور دخولهم قلقيلية بتهجير أهلها قسراً، وأمعنوا في حرث البلدة وتخريبها، فدمّروا وأصابوا أكثر من نصف بيوتها، وقاموا بنهب محتوياتها، وأحرقوا العديد من منازلها، وطرد الجيش الإسرائيلي ما تبقى من سكانها، وأخرجوهم من بيوتهم بالقوّة، وحملوهم بالباصات إلى رفيديا ونابلس، وقتلوا بعض كبار السن المقعدين، الذين لم يستطيعوا الخروج من بيوتهم، ومات البعض الآخر جوعا وعطشا.
إلا أن إصرار أهالي قلقيلية على العودة، والظروف السياسية المواتية في تلك الحقبة، حالت دون استكمال تنفيذ المخطط الذي سبق وهدّد به "ديـَّان". وبناءاً على طلب رئيس بلديتها الحاج حسين عبد الله صبري وأخيه القاضي الشيخ سعيد عبد الله صبري (قاضي القدس الشرعي آنذاك)، ورئيس بلدية نابلس السيد (حمدي كنعان)، والسيد محمد يوسف رضا (مدير مكتب وكالة الغوث في نابلس)، وبعض الشخصيات الفلسطينية، تم عقد اجتماع مع سفير الولايات المتحدة الأمريكية وبعض سفراء الدول الأجنبية في القدس، وبحضور موشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلي، واحتجّوا على هذا العمل، وطالبوا بإيقاف أعمال الهدم وإرجاع أهالي قلقيلية إلى بلدتهم، فاتصل هؤلاء السفراء بحكوماتهم للضغط على إسرائيل في هذا الاتجاه، وبعد تدخل مباشر من أمريكا اوقفت اسرائيل أعمال الهدم، وسمحت لأهالي قلقيلية بالعودة لبلدهم، فعاد أكثرهم، وذلك بعد نحو شهر من التشريد، وبعدما قرر ديان مع نفسه ضمّ قلقيلية وكل الضفة الغربية لاسرائيل، سمح لأهالي قلقيلية بالعودة اليها، بينما بقي 15% من اهالي قلقيلية كنازحين في الاردن.
وقّدمت وكالة الغوث مساعدات مالية لأهالي قلقيلية (20 قرشا لكل شخص)، تم تسليمها من خلال بلدية قلقيلية. اما بالنسبة للبيوت التي تضررت من جراء الهدم الكلي او الجزئي او الحرق، والتي وصل عددها الى 812 بيتا، فقد قدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بعض التعويضات لأصحاب هذه البيوت، وقد بلغت وفقا للسجلات الرسمية نحو 37*500 دينار أردني بأسعار عام 1967م. وقام الناس بإعادة بناء بيوتهم المتضررة، وما هي الا عدة اشهر حتى عمرت البلدة من جديد، وعاد الكثير ممن رحلوا إلى شرق الأردن بواسطة الصليب الأحمر إلى بلدتهم، بعد ان استقرّت الأوضاع، وشعر الناس ببعض الأمان.

ومن بين الذين استشهدوا في حرب الأيام الستة عام 1967م:
طاهر مصطفى حسن نوفل، عمر عبد القادر فيومي، وصبري يوسف حسين أحمد أبتلي، ومحمد الشيخ عارف حربيه المسكاوي (قتل هؤلاء قرب منزل عبد الكريم يوسف حسن قبعه شمال غرب قلقيلية بانفجار قذيفه في حرب حزيران في يوم 5 أو 6 من عام 1967م).
علي حسن "حجول" علي ابو حسنين، سفيان علي حسن حجول، عبد الفتاح داود الشنطي الغزاوي، محمد قاسم محمد أبو الذهب قاسم الشنطي (أستشهد هؤلاء بقذيفة طائرة أصابت السيارة التي كانوا يستقلوناه في طريقهم الى نابلس وهم راحلين قرب الفندق وجرح آخرون كانوا في السيارة منهم فاروق عبد الرحيم محمد السبع، ويعقوب علي حوتري وابنه راغب وبنت رشيد سليمان أبو نجيم شنطي).

محمد عبد الرحيم عبد السلام جعيدي، حسنه الشنطي، وشخص من عائلة كلبونه من نابلس وهو اخ سائق السيارة التي كانوا يستقلونها) . ابن ذياب "الاخرس" عبد فضيله (من أجليل قتل بقذيفة وهو في الجبال)؛ مشهور احمد حسين حسن العلي (على طريق نابلس بقذيفة طائرة)؛ محمد أحمد حسين السمان (أستشهد في حديقة بيت درويش مصطفى خضر عفانه في حي آل زهران غرب قلقيلية)؛ سعده محمد دوله (زوجة خليل ابو يمن استشهدت في بيتها بانفجار قذيفة مدفع) . فتحي عفيف نمر يوسف الشنطي (استشهد بانفجار قذيفة سقطت في بيته)؛ احمد محمد ابو صلاح (من الخيريه بانفجار قذيفة في بيته)؛ ومحمد عرباس والد ابو زياد عبد الرحمن عرباس (استشهد بشظايا انفجار قنبله في شارع بيت سعيد ناصر قزوح "حي نزال")؛ حمزة محمود محمد الحجار (أستشهد في مدرسة البنات الثانوية جنوب قلقيلية نتيجة قصف المدرسة بالمدفعية والطائرات حيث كانت مقراً للدفاع المدني في تاريخ 5/6/1967م)؛ قائمقام قلقيلية من عائلة ابو زنط من نابلس (أستشهد في نفس الموقع السابق وكان مسؤولاً عن الدفاع المدني واستشهد معه سته اخرون)؛ سامي سعيد حسين محمد قراقع (أستشهد في بيته بقذيفة مدفع وعمره يقارب الثلاثين عاماً)؛ عدوان عبد الله يوسف نصار، عبد الرحمن محمد خليل حماد (أستشهد على باب مخبز فتوح في حي آل زيد الجنوبي عن عمر يناهز 80 عاماً ودفن في داره، وكان أحد الجنود اليهود قد اطلق الرصاص عليه)؛ سعاد حسين ابتلي زوجة عبد الحفيظ محمد حسين قراقع (قتلت في مدرسه كانت تقيم فيه بنابلس عندما اقتحم الجنود المدرسه وأخذوا يطلقون الرصاص عشوائياً داخل شباك المنزل، فقتلت وقتل غيرها وجرح حسين داود جعيدي وشفي بعد ذلك)؛ خديجة محمود محمد شاهين وابنها (زوجة صالح عبد الله ابو ذياب، وأبنها عدنان من زوجها الاول (استشهد في معركة كوفيش) محمد عبد الفتاح شاهين، قتلت هي وأبنها في البيت بانفجار قذيفة مدفع)؛ عادل محمود جعيدي وشقيقته (قتلا في البيت بشظايا قذيفة مدفع)، الشيخ أحمد حسن خليل الباز (قتل في بيته بانفجار قذيفة مدفع سقطت على البيت عن عمر يناهز 65 عاماً وهو يقرا القران)؛ هاشم محمد محمود بروق الأقرع الملقب "قوطش" (قتل بقرب مركز شرطة نابلس الشرقي حيث كان سجيناً هناك قبل الحرب، وعندما نشبت الحرب عام 1967م هرب من السجن فأطلق الجنود الرصاص عليه فقتل والقيت جثته على شارع نابلس القدس جنوب بلاطه ودفن قريباً من الرصيف هناك)، رياض احمد محمود الحاج حسن لباط، عبد الله فارس احمد ابو علبه، وحسن محمد عبد الرحمن حمد جباره (أستشهد الثلاثة في جبل المكبر في القدس وكانوا من أفراد الجيش الاردني)؛ غالب عطيه عبد الرزاق جرار (من صانور ومقيم في قلقيلية وأمه بنت الشيخ حامد نزال، أستشهد في بلدة الجيب نواحي القدس وكان جندياً في الجيش الاردني ودفن في احد بيوت القدس في قبر سطحي، الى ان سمح اليهود لاهالي قلقيلية بالعودة الى بلدهم، حيث نقل الى قلقيلية في سيارة (بكب) المرحوم نمر علي الشنطي (ابو السعيد) ودفن فيها بعد اكثر من شهر من استشهاده)، فاطمة عبد الكريم احمد داود جعيدي (قتلت في نابلس وجرح زوجها حسين داود عمر جعيدي)، وكان زوجها جندياً أردنيا فأطلق النار على اليهود من مبنى مدرسة كان اللاجئون قد نزلوا فيها واكثرهم من اهالي قلقيلية، فاقتحم الجنود المدرسة واطلقوا الرصاص على الناس المتواجدين فيها)؛ فتحي محمد محمود بركات (من قلقيلية وسكان نابلس استشهد بوادي التفاح بنابلس برصاص الجيش الإسرائيلي.).
وقد توفي في حرب حزيران عام 1967م عدد من كبار السن جوعاً وعطشاً عرف منهم: صفيه درويش شنطي "زوجة سعيد محمد عبد الله شنطي" (توفيت في مغارة في خلة نوفل)؛ ومريم الحاج درويش شنطي "ام رشيد ابو نجيم" (وكانت مقعده وبقيت في بيتها وخرج اهلها فتوفيت جوعاً وعطشاً)؛ عزيزة حسين عبد الرحمن عميش (زهران) "زوجة خضر عفانة" (بقيت في بيتها ولم تخرج مع أهلها لكبر سنها وعجزها عن الحركة، ولما عاد الناس الى قلقيلية لم يعثروا عليها وفقدت)؛ بشير نمر عبد حسن سليمان داود، بكر عبد نور، محمود صالح احمد داود، زوجة محمود صالح احمد داود وهي "بنت محمد الحجار" (كان هؤلاء الأربعة مقعدين ورحل الناس ولم يأخذوهم معهم أثناء الحرب وبقوا في بيوتهم فماتوا عطشاً وجوعاً)؛ شيخه عبد الله حسن سليمان داود (وجدت مقتولة في بيت أخيها توفيق حيث لم تغادر البيت يوم الاحتلال فقتلوها وقد دفنت بعد شهرعندما عاد الناس للبلدة).
الأسباب المباشرة لهزيمة الجيوش العربية في حرب الأيام الستة:
كان انتصار إسرائيل في معاركها في عام 1967م راجعاً إلى عدة أسباب منها:
1. استخدام إسرائيل لعنصر المفاجأة في ضرب القوات العربية، حيث لم يتوقع العرب هجوماُ عند الفجر، لكن إسرائيل نفذت الهجوم في هذا الوقت، مما أفقد العرب توازنهم وسبب خسائر فادحة في صفوف القوات العربية.
2. تفوق القوات الإسرائيلية المسلحة بأفضل الأسلحة الغربية الحديثة وخاصة سلاح الطيران الإسرائيلي، الذي سيطرت به إسرائيل على ميادين القتال في جبهات مختلفة.
3. المساندة الكاملة والدعم العسكري والاقتصادي غير المحدود من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية لإسرائيل.
4. نقص التدريب الجيد والأسلحة المتطورة في صفوف الجيوش العربية
5. استهتار العرب بقوة إسرائيل وتفوقها العسكري.







رد مع اقتباس
قديم 05-17-2013, 05:34 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي














رد مع اقتباس
إضافة رد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:21 PM بتوقيت عمان

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
[ Crystal ® MmS & SmS - 3.6 By L I V R Z ]
mess by mess ©2009