الركن المعنوي للجريمة ( القصد الجرمي )
بحث جامعي جميل اتمنى ان ينال اعجابكم
مقدمة :
لم يكن في المراحل التاريخية الأولى لتطور الحقوق الجزئية من شيء يسمى الركن المعنوي للجريمة فالشخص عندما يقترف فعل مادي مجرم حسب الشريعة التي تحكم مجتمعه كان يعتبر مجرما وتوقع بحقه العقوبة المقررة لذلك الجرم بل أحيانا كانت تفرض بحقه عقوبات جزافية حسب ما يريده الحاكم أو السلطة صاحبة الحق في العقاب * ودون تميز بين عاقل وبين مجنون أو إنسان وحيوان ، ولكن في المراحل التالية لتلك الحقبة أخذت التشريعات الجزائية بالتطور شيئا فشيئا فبدأت تبحث وتهتم بشخصية مقترف الجرم * حتى وصلت إلى مرحلة من التطور حددت فيها الجريمة بثلاث أركان . الركن الأول الركن الشرعي للجريمة ويتمثل بالقاعدة القانونية التي تحدد النموذج القانوني للجريمة حسب ما يضعه المشرع الركن الثاني هو الركن المادي ويتمل بالأفعال المادية المجرمة حسب ما تنص عليه القاعدة القانونية الركن الثالث الركن المعنوي للجريمة وهو الحالة النفسية والذهنية للفاعل أثناء اقترافه للجريمة . فلم تعد التشريعات الجزائية تكتفي بوجود فعل مادي مجرم لقيام المسؤولية الجزائية بحق الفاعل بل لابد من التعرف على الحالة النفسية للفاعل المرافقة لاقترافه الجرم والتي من خلالها يستطيع القاضي التعرف إلى مدى خطورة الفاعل والعقوبة المناسبة للحد من خطورته إصلاح حاله إن أمكن .
مفهوم الركن المعنوي و أهميته :
يمكننا أن نتعرف على مفهوم الركن المعنوي من خلال المثال التالي :
إذا فرضنا أنه لدينا قاتلين الأول أقدم على قتل رئيسه في العمل ليحتل موقعه الوظيفي والثاني قتل شخص آخر كان يهدده في حياته بشكل مباشر وحال ولم يكن أمامه من سبيل للمحافظة على حياته سوا أن يعاجل مهدده بضربة فقتله .
ليس من المنطقي أن نعتبر كل من القاتلين قاتلين من نفس الدرجة ونفرض بحقهم نفس العقوبة فهذا بعيد كل البعد عن منطق العدالة فالقاتل الأول تنم جريمته عن حاله نفسية وذهنية غير سليمة وليست طبيعية فالإنسان الطبيعي لا يقدم على قتل رئيسه في العمل ليتولى منصبه الوظيفي بل يثبت نفسه من خلال كفائتة وقدراته وانه أجدر من غيره بهذا المنصب ومن هنا لابد من بحث حالته النفسية والذهنية ومعالجتها بالوسائل المناسبة وعقوبته بالتأكيد ستكون مختلفة تماما عن عقوبة القاتل الثاني الذي أقدم على قتل المجني دفاعا عن النفس وهذا سلوك طبيعي لكل إنسان فكل منا يسعى للحفاظ على حياته بكل الوسائل المتاحة لديه حتى لو أقدم على قتل آخر وجميع القوانين الجزائية تحفظ له هذا الحق .
نخلص إذا إلى أنه لابد من التميز بين المسؤولية الجزائية للجناة كل حسب حالته النفسية والذهنية المرافقة لارتكابه للجرم ومن هنا يكون للركن المعنوي أهمية خاصة تتمثل في تحقيق العدالة بالعقوبات المفروض والأحكام الصادرة عن القضاء والكشف عن المجرمين الخطرين وتصنيفهم في فئات كل حسب خطورته للتميز في معاملتهم سواء في الأماكن التي يسجنون فيها أو أساليب العلاج لأن عدم التمييز في هذه الأمور ستؤدي لارتفاع درجة خطورة فئة المجرمين الأقل خطورة
يتبع