عرض مشاركة واحدة
قديم 04-16-2011, 06:56 PM رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


الإستبداد وأنواعه ...


أولا : لا يوجد مستبد عادل:

1 ـ لا يوجد مستبد عادل لأنه لا يجتمع الأستبداد (وهو من أفظع أنواع الظلم ) مع العدل . المستبد لا يظلم فرداً فقط ، بل يظلم شعباً.

2 ـ وحتى يستكين الشعب لظلمه لابد للمستبد من أرغام الشعب وارهابه حتى لا يطالب بحقوقه . ولكي يتم للمستبد ارغام الناس وأرهابهم لابد له ان يستحوذ وحده دون بقية الشعب على القوة المسلحة العسكرية ( الجيش ) والمدنية ( البوليس ) وان تأتمر هذه القوات المسلحة بأمره بحيث تكون مستعدة على الأنقضاض على من يعترض على سلطانl;ن المستبد .

3 ـ ولكي يستحوذ وحده على القوات المسلحة لابد ان تكون بيده مقاليد الثروة كي ينفق منها على قواته المسلحة ، وكي يمنح ويمنع كيفما أراد ، يغترف منها ليعطي أعوانه ويمنع المعارضة من حقوقهم حتى يستكينوا لسلطانه .

4 ـ إذن الأستبداد افظع أنواع الظلم، ولا يمكن أن يجتمع العدل والاستبداد ، ولا يمكن للمستبد ـ أي مستبد ـ ان يكون عادلاً ، سواء كان عمر بن الخطاب أو عمر بن البشير. الفارق فى الدرجة ـ درجة الظلم ـ وليس فى النوعية ـ الظلم نفسه .

ثانيا : لا يوجد مستبد عاقل :

1 ـ أيضا لا يوجد مستبد ( عاقل ) لأنه لا يجتمع الأستبداد مع (التعقل ).

ـ

2 ـ التعقل هو البحث عن الصواب بالرجوع الى الضمير الانسانى والفطرة النقية داخل كل فرد من بنى آدم ، والتعقل بهذا يتناقض مع (الهوى) الذى يجعل الانسان يختار لنفسه ما يهواه تلبية لغرائزه ونزواته وأنانيته . ولذا يأتى الهوى فى السياق القرآنى مرتبطا بالكفر والفسوق والعصيان بينما يؤدي التعقل إلى الإيمان بالله جلا وعلا واليوم الآخر وإلى اجتناب الظلم لأن عواقب الظلم وخيمة تلحق بالظالم في الدنيا والآخرة .

3 ـ وأدنى درجات التعقل هي إدراك العواقب التى تلحق بالظالم في الدنيا ، إذ يخلق له أعداءاً وطالبي ثأر لا تحلو الحياة بالمواجهة معهم ، هذه العداوة التى يخلقها المستبد تضطره لأن يقف متحسبا متحفزا على خط المواجهة والدفاع عن نفسه وظلمه . ولا يمكن ان تستقيم حياة سعيدة هانئة لمن يعيش في توتر وقلق وخوف من الحاضر والمستقبل . لذلك فأدنى درجات التعقل أن يبتعد الانسان عن ظلم الآخرين وأن يعيش مسالماً للناس فيحيا حياة آمنة هادئة وسعيدة بلا توتر ولا قلق ..

4 ـ وأعظم درجات التعقل هى التحسب لليوم الآخر املاً في النجاة من عذاب الجحيم والتمتع بالخلود في الجنة . هذا التحسب لليوم الآخر هو التقوى في القرآن الكريم .والتقوى هى ألاّ يظللم الإنسان ربه جل وعلا فيتخذ مع الله شريكاً في عقيدته وعبادته . والاّ يظلم البشر في تعامله معهم .

5 ـ والتعقل بكل درجاته ينافي الأستبداد .

فالمستبد المتطرف الخالى من التعقل يصل به طغيانه لأدعاء الألوهية صراحة او ضمناً . يكفي انه يستنكف أن يكون مساءلاً أمام شعبه ، وبذلك ينتحل صفة الألوهية ، لأن الله جل وعلا هو وحده الذي (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) ( الأنبياء 23 ). يكفي ان المستبد ينفرد بالأمر ولا تبديل لأوامره ، وهذا تأليه له لأن الله جل وعلا وحده هو الذى (لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ) (الأنعام 115 )( الكهف 27 )(مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ)( ق 29 ).ولا نقاش لأوامر المستبد فهو( الزعيم الملهم )،أي الملهم بالوحي ، الذي هو على صواب دائماً ، أي المعصوم من الخطأ . وهذه أيضا صفات الألوهية .

والمستبد الأقل درجة في التعقل يقتصر ظلمه على الناس ، ويكتشف انه في النهاية لم يظلم الناس فقط ، بل ظلم نفسه ، أذ عاش في قلق وخوف من الأنتقام والموت يظن أنه لن يموت ، ثم يموت وهو يحمل على كاهله اوزاراً ظلم بها شعباً يتكون من ملايين من البشر ..

إذن لا يوجد مستبد عادل او عاقل.

ثالثا : ولكن يوجد مستبد ذكى أو غبى .فالذكاء غير العقل .

1 ـ الذكاء هو المهارة الفكرية في التخطيط لعمل شىء بإحكام ودقة ، وقد يكون هذا الشيئ عملاً صالحاً او عملاً شريراً فاسداً ، فالذكاء سلاح محايد قابل للأستعمال في الخير أوالشر. هناك مؤمن صالح يستخدم ذكاءه في الخير ، وقد يستخدمه حين يدفع عن نفسه مكائد العدو المعتدي . وهناك ظالم يستخدم ذكاءه في إيذاء وظلم الناس وخداعهم .

2 ـ والظالم الذكي درجات ، اقلها ذلك النصاب الذي يخدع الأبرياء والسّذج من الناس ويستغل فيهم غريزة الطمع لكي يستولي على أموالهم. وبذكائه يبيع للضحية الترام. ولكن يظل هذا النصّاب الذكى الماكر خفيف الظّل ـ في الدرجة الدنيا من الظلم ، لأنه يخدع أفرادا ، ويسلب منهم مالا يتعيش منه ، دون أن يتعدى الى القتل وسفك الدماء .

3 ـ ولكن هناك من يصل به ذكاؤه إلى خداع الجماهير بالملايين ويسفك دماءهم فى حروب لا داعى لها ، ويسلب أموالهم عن رضا أو إكراه ، إذ يتلاعب بأغلى ما يعتزّ به البشر،أى الانتماء الى القوم (القومية) أوالمكان (الوطن ) أوالدين أوقيمة العدل.هذا المحتال النصاب شديد الذكاء يستطيع ان يخدع شعباً بأكمله وان يقوم بتنويمه مغناطيسياً ليسير خلف ذلك النصاب المحتال تحت شعار الدين ليؤسس دولة دينية مذهبية ( حذفت للرقابة ) أو تحت شعار القومية الوطنية كما تأسست النازية في المانيا والنظم القومية العربية كالناصرية في مصر والبعث فى سوريا والعراق ، أو تحت شعار العدالة وحقوق العمال الضائعة كما حدث في النطم الشيوعية ..

وفى كل تلك الحركات ينجلي الوضع عن حاكم مستبد ظالم لشعبه محتال نصاب شديد الذكاء، لم يخدع فرداً أو أفرادا ولكن خدع شعباً وشعوباً .

4 ـ اذن لا يوجد مستبد عادل او عاقل ، ولكن قد يوجد مستبد ذكي أوغبى

وتتنوع درجات الذكاء كما تتنوع درجات الغباء في محيط الأستبداد. والمقياس هنا في تعامل المستبد مع المناخ فى عصره ، وتعامله ـ بالمنح أوالمنع ـ مع اتباعه وخصومه والأغلبية الصامتة من الشعب .

رابعا : المستبد عالى الذكاء:

1 ـ المستبد الأعلى في الذكاء يعمل على استدامة السلطة في حياته وفي ورثته بأقل قدر ممكن من الاخطار.

2 ـ هذا المستبد شديد الذكاء يفهم طبيعة عصره والمناخ الثقافى الذى يعيش فى محيطه ، ومدى تأثير ذلك المناخ على سلطته التى يتمناها مطلقة وأبدية. بذكائه يفهم أن ثقافة عصرنا هى الديمقراطية وحقوق الانسان ، وهى ثقافة تغلغلت فى أوربا وأمريكا حتى وصلت النخاع ، ولكنها فى المنطقة التى يعيش فيها لم تصل بعد الى أحشاء شعبه ولم تصل إلا لمجرد السطح داخل المثقفين فقط ، ولم تتغلغل الى الأعماق بعد فى الأغلبية الصامتة الساكنة ، ولذلك يستمر وجود الاستبداد لأن ثقافته مستمرة، ولكن عاجلا أو آجلا ستذوب ، ولذا فهو يراعى هذا فى حدود استبداده .

وهو يدرك أيضا إن ثقافة الديمقراطية وحقوق الانسان لا تتغلغل بنفس الدرجة بين طبقات شعبه ، فالأغلبية الصامتة لا تزال ضحية ثقافة الاستعباد والاستبداد ترى من حق المستبد أن يظلم وعليها الصبر والطاعة ، وهى ترفع المستبدين السابقين الى مرتبة الأبطال وتمنحهم التقديس والتأليه وتعتبر نقدهم عيبا إن لم يكن كفرا. ولهذه الأغلبية الصامتة (علماؤها ) ووعاظها الذين يتولون التوجيه والتثقيف ، وليس لديهم علم أو مقدرة على البحث ،بل فقط القدرة الهائلة على خدمة المستبد وتطويع الأغلبية الصامتة للخضوع له باسم الدين الأرضى السائد والمتحكم .المستبد بذكائه يغدق على خدمه من وعّاظ السلاطين بنفس القدر الذى لا يثق فيه بالمثقفين الأحرار الساعين للاصلاح والتغيير.

وهو يعلم أن الأقلية المثقفة هى التى تتخللها ثقافة الديمقراطية وحقوق الانسان ، وهى التى تخرج منها جماعات المعارضة التى تسعى الى ان تشاركه فى السلطة وفى الثروة.لذا يعمل على اجتذاب الأغلبية الصامتة اليه ليواجه بهم الأقلية المعارضة.

وبذكائه يعلم أيضا أن الأقلية الأخرى التى تسعى فى ركابه ـ وهم أعوانه أ تنافقه وتوافقه لتشاركه السلطة والثروة ، وهى معه طالما ظلّ فى السلطة ومستعدة للتخلى عنه لتركع للسلطان القادم ،بل تلعنه قربانا لرضى السلطان القادم .

وبهذا الفهم للمناخ الذى يعيش فيه تتحدد سياسة المستبد الذكى لكى يستمر فى السلطة بأقل قدر من المخاطر .

2 ـ لذا يأخذ على أيدي أتباعه ليكونوا أقل فساداً وأقل تجبراً لأنه الذي يتحمل اخطاءهم وخطاياهم .ولا يبالغ فى إعطائهم ـ ليس فقط لكى لا يثير حفيظة المعارضة ـ ولكن أيضا لكى لا يتنمر أولئك الأتباع عليه حين تزيد ثرواتهم ويتزايد سلطانهم ويصبحون مراكز قوى داخل النظام يغتصبون بعض سلطانه وسلطاته ضده ويتآمرون عليه بما حصلوا من قوة وثروة منه.

3ـ وهو يحصر خصومته مع المعارضة في أطار المعارضة السياسية فقط لا يتعداها بالتدخل فى مجالات الفكر والعقيدة والرأى للمخالفين له فى الرأى والفكر والعقيدة، أى ألا يفرض رأيه وفكره ومذهبه الدينى على الناس مكتفيا بولائهم السياسى له .

4ـ وفى ميدان السياسة يحدد سقفاً أعلى لاستبداده يتيح قدرا معقولا لحرية المعارضة فى القول وفى الفعل ، أى يسمح لهم بحرية القول لتفريغ شحنات الغضب و التنفيس أولا بأول بالقول بدلا من اللجوء للعنف والثورة ، وهى الخط الأحمر الممنوع الوصول اليه .( حذفت للرقابة )

5 ـ وهويسمح ببعض الحرية في الحركة والمعارضة السلمية ، مثل التظاهر والاعتصامات، مع العمل على حل المشكلات التي يتم التظاهر والاعتصام بسببها بطريقة لا تمس هيبته ،بل تزيد من محبته وقبوله لدى الناس بأن يبدو لهم أنه الذى يسهر على رعاية مصالحهم ولا يتوانى فى التصدى لأى مشكلة تزايد بها المعارضة السياسية عليه .

6ـ ثم لا يستخدم القضاء السياسى والاستثنائى فى عقاب خصومه إلا فى الضرورة القصوى ، بل ينأى بصرح القضاء عن شبهة الاستغلال السياسى ، ويجعله متفرغا لاقرار العدل بين الناس ، ويجعل أحكامه مهابة ومحترمة حتى لو طالت بعض أتباعه من أصحاب النفوذ ، بل إنه فى ذكائه يضحى ببعض أتباعه لو تجاوزوا الحد باحالتهم للقضاء ، ويستغل ذلك سياسيا فى الدعاية لنظامه ، ومدى حرصه على العدل.

7ـ وهو يحرص على ألا يكون نهما فى إكتناز المال وفى سرقة مال الشعب ، بل يستخدم جزءا مما ينهبه فى التبرع لمشروعات خيرية تأسيا بملوك المخدرات فى كولومبيا وغيرها الذين يقومون بأعمال البرّ فى بلادهم ليكسبوا تعاطف ملايين الفقراء .

.....يتبع
بقلم : احمد صبحى منصور







رد مع اقتباس