عرض مشاركة واحدة
قديم 08-07-2011, 02:26 AM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


حبكة
الحبكة في العربية من حبك الثوب أي أحكم نسجه، وكانت الحبكة عند أرسطو تدل عليها الكلمة التي تعني أسطورة mythos لأن المسرحيات كانت مستمدة عادة من هذا النبع الميثولوجي، والترجمة الفرنسية للحبكة Fable تشير إلى شيء قريب من ذلك قد يعني حكاية خرافية أو رمزية. أما الكلمة الإنجليزية فتشير ابتداء من القرن السادس عشر وعصر الطباعة إلى قطعة أرض، ثم إلى وصفها وتحديد أبعادها، وقطعة الأرض هذه قد يملكها شخص واحد بدلا من أن تكون ملكية جماعية كما هي الحال في الحبكات "الأسطورية" الموروثة .

وتختلط كلمة حبكة في بعض الكتابات بكلمة عقدة Complication وتعني دفع التعقيدات في الأحداث إلى ذروتها لكي تحل بعد ذلك في النهاية، ولكن ليس شرطا أن تترادف الحبكة مع تعقيد وحله، وتشجع الكلمة الفرنسية intrigue التي تستخدم بمعنى حبكة على شيوع هذا الترادف، لأنها تعني تسلسل الأحداث وتعقدها اللذين يؤديان إلى خاتمة. وهي بذلك تعني نوعا خاصا من الحبكات.

وقد ميز الشكلانيون الروسبين المادة الخام القصصية الأساسية Fabula أي مجموع الأحداث المروية في السرد، والحبكة Syuzhet التامة، أي القصة كما تحكى بالفعل عن طريق ربط الأحداث معا بالتقديم والتأخير، فالمادة القصصية هي ماذا حدث بالفعل والحبكة هي كيف أصبح القارئ واعيا بما حدث أي نظام ظهور الأحداث في العمل الأدبي نفسه سواء على النحو التقليدي من حيث الترتيب الزمني أو على نحو استرجاعي(فلاش باك) أو في وسط الأشياء. فالحبكة بمعنى ترتيب الأحداث هي إجراء يقوم به الخطابالروائي، فهو الذي يحول الأحداث إلى حبكة والخطاب هنا هو نمط العرض، والحبكة هي القصة كما صنعها الخطاب. وليس ترتيب العرض بالضرورة هو نفس ترتيب المنطق الداخلي الطبيعي للقصة، لأن وظيفة ترتيب العرض توكيد أحداث بعينها أو نزع التوكيد عنها، وتفسير بعض الأحداث وإغفال تفسير أحداث أخرى، وتركها لاستنتاج القارئ، والتقديم المباشر لأحداث والحكي الموجز عن أحداث أخرى. فالمؤلف يستطيع ترتيب الأحداث على أنحاء متغايرة، وكل ترتيب يؤدي إلى حبكة مختلفة، ويمكن بناء كثير من الحبكات من القصة الواحدة نفسها. ويرى الناقد والروائي إي. إم. فورستر E.M. Forester أن تعريف الحبكة ماثل في التأكيد على السببية داخل التعاقب الزمني. فالقول "مات الملك ثم ماتت الملكة" قصة أما "مات الملك ثم ماتت الملكة من الحزن" فهو حبكة. ولكن هذا التعريف ينطبق على الحبكات الروائية كما كان ينطبق على الحبكات في السرد التراثي. ولم تعد للسببية مكانتها القديمة في الروايات الحداثيةوما بعد الحداثيةوقد أوضح أرسطو أن نطاق السببية يختلف من البداية حيث يبدو كل شيء ممكنا إلى الوسط حيث تصبح الأشياء محتملة، إلى النهاية حيث تتجلى الضرورة. ولكن مفهوم البداية والوسط والنهاية لا ينطبق على الأفعال الواقعية، على القصة بل على القصة بعد أن يجسدها الخطاب(الحبكة). فهذه الحلقات المتتابعة لا معنى لها في الواقع، بل تكتسب المعنى تبعا للخطاب، فأين نضع نقطة البداية؟ إن الميلاد ليس بداية والموت ليس نهاية، والتوجه إلى قلب الأشياء قرار تحكمي يتعلق بالخطاب، بالفن لا بالحياة.

وفي الرواية الحداثية تغيرت آلية الحبكة. فبدلا من أن تكون الأحداث متسلسلة ذات نتائج على نحو جذري تغير الوضع، ولم يعد من المفترض صياغة سؤال عما سيحدث ولا تقديم إجابة عنه، فالأشياء ستظل كما هي عموما، ولم تعد المسألة حسم الأحداث على نحو سعيد أو تعيس بل الكشف عن وضع للأمور، ولم يعد للترتيب الزمني دلالة كبيرة في حبكات الكشف وإماطة اللثام، كما لم تعد الأحداث تلعب الدور الرئيسي، فالحبكات الحداثية تتجه نحو الشخصية بقدر متزايد، فأفعال الشخصية غير السببية غير الدافعة إلى الأمام ستكشف عن ملامح من الشخصية وعن معاناتها. فالمبدأ المنظم هنا هو إمكان الحدوث في أفعال وأحداث مفككة عرضية يربطها تواز أسطوريأو مجاز تصويريوتغيب الحبكة من قص شريحة الحياة Slice of life * Tranche de vie الذي يقدم الحياة في عريها وتدفقها الحشوي وبواعثها الأولية دون تنظيم.



حبكة فرعية
حبكة ثانوية أو صغيرة الحجم في تمثيلية أو عمل قصصي قد تكون في تضاد مع الحبكة الرئيسية، أو قد تعمل على إضاءتها إضاءة أقوى أو قد تكون في موازاتها واهية الصلة بها.



حبكة مقابلة
موضوع أو فكرة ثانوية في تمثيلية أو رواية يستعمل إما كتنويع على نفس الموضوع الرئيسي أو كمقابل مضاد له. وتلك الحبكة الفرعية تتكون من فعل ذي صلة بالموضوع الرئيسي رغم انفصاله وتميزه.

وتظهر الكثير من الحبكات الفرعية في عدد من مسرحيات شيكسبير مثل هاملت والملك لير وهنري الرابع. وفي المسرحية الأخيرة تعتبر أفعال فولستاف وصحبه حبكة فرعية بينما الحبكة الرئيسية هي إخماد تمرد سياسي.

وفي هاملت يعتبر الصراع بين ليارتيس وهاملت حبكة مضادة بالنسبة إلى الصراع الأساسي بين هاملت وكلوديوس. وفي الملك لير تحدد الشخصية الرئيسية في الحبكة المضادة (إدموند) نتيجة الفعل الرئيسي.



حتمية آلية
- مذهب فلسفي يقول بأن كل الوقائع والأحداث تحددها علل خارجية، وأن النتائج والمعلولات تحكمها قوانين طبيعية. ويذهب دعاته إلى أن الاختيارات والقرارات الإنسانية تتحكم فيها مصادر خارجية، وأن إرادة الإنسان ليست حرة أو قادرة على الفعل.

- وترتبط تلك الحتمية الآلية بالمذهب الطبيعي في الأدب فهما يقولان بأن كل ما يفكر فيه الإنسان ويفعله ويقوله تمليه الوراثة والبيئة، وأن ليس للإنسان سيطرة على الوراثة والبيئة.



حداثة أدبية
ليست النزعة الحداثية في الأدب مرادفة للأدب المعاصر، فالمعاصرة تشير إلى الزمن في حياد، أما "المودرنزم" أو الحداثة فتشير إلى الحساسية والأسلوب اللذين يصدران أحكاما على ما سبقهما من أدب، ويهدفان إلى أنه يحلا محله.

ويصعب عادة على القراء فهم ذلك الأدب حتى أصبحت الصعوبة علامة عليه. فهو يبدو ضد كل الأساليب والمواضعات الفنية المتوارثة، فكيف يكون من الممكن تعريف تلك النزعة العصرية في الأدب؟ قد يكون من الأوفق أن نبدأ بتمييزها باعتبارها تحولا عن كل ما سبق.. أنها قول: "لا" على وجه قاطع شامل، يرمي في وجه أساليب الإدراك والوجدان المألوفة، فتلك النزعة غضبة لا تهدأ ضد ما استقر من مواضعات أدبية. واتساقا مع ذلك لن تقيم أسلوبا سائدا تتميز به، فلو فعلت ذلك لتناقضت مع ما بدأت به وكفت عن أن تكون حداثة، وأصبحت شيئا مقفلا عتيقا.فهي نزعة تختلف عما سبقها من محاولات تجديدية في أنها تأخذ على عاتقها أن تختلف مع ما سبقها دون أن تصل إلى انتصار. فعليها أن تصارع المدارس والأساليب الفنية القديمة دائما… لكي لا تنتصر. فأعمال تلك النزعة الأدبية تقوم على التجريب، وتعتبر العرف الأدبي المألوف قيدا مضجرا، وما يدافع عنه الأدب الرائج خداعا ونفاقا، وتتمرد على الطرق المقرة المفروضة تقليديا في الكتابة الأدبية. وكتاب تلك النزعة لا يهدفون إلى الوصول إلى قالب يتفق عليه الجميع. فهم يرون في الشك والريبة من جانب الكاتب تجاه الأخلاقيات القاطعة التي توجه العمل الروائي مثلا علامة من علامات الصحة. وقد يصل الأمر بالروائي أو القصاص أو الشاعر أن يتخذ من القيم السوقية الموقرة للمجتمع المحترم موقفا هازئا، ويعلق الحكم عليها ولا يصل إلى اتخاذ موقف محدد، كما يعمد إلى القيام بتجارب على الإحساسات وارتياد معايير لم تتشكل بعد.

ولا نجد عند تلك النزعة احتفاء بما يمتلئ به الأدب، الذي تعتبره قديما، من حكمة الأجيال السابقة التي تتهادى على طرقها المعبدة، بل نجد احتفاء بالهاوية والأعماق المعتمة الوعرة. فهنا نجد الكاتب يقترح ويستكشف الأسلوب الحداثي الفذ "للخلاص"، وهو خلاص تقوم به ذات الفرد من أجل نفسها لكي تتحرر من ذاتها الجاهزة أيضا في غمرة ما تتحرر منه.







رد مع اقتباس