عرض مشاركة واحدة
قديم 02-04-2012, 05:28 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي


1- الفنان مصطفى الحلاج

الفنان الفلسطيني الراحل مصطفى الحلاج
غضب ذات يومٍ الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي حين غاب جسد المفكر إدوارد سعيد!، متسائلاً إن كان "علينا" أن نَسْتَقِلَّ طائرةً كي "نزورَ أَحبَّتنا"، بين عواصمِ دولِ العالمْ!؛ إلى جبرا إبراهيم جبرا في بغداد، وكنفاني والحلاج في دمشق، ومحمد القيسي وشموط في عمان، وناجي العلي في منفاه اللندني، فـ "طوبى للغرباء"!.
وفي رحيل الأحبة؛ نستذكرُ الفنان مصطفى الحلاج، ابن سلمة يافا، صاحب جدارية "ارتجالات الحياة"، الأطول في عالم فن الجرافيكي، والتي تعدُ ملحمةً "حلاّجيةً" تؤرخُ مسيرة الشعب الفلسطيني منذُ كنعانَ الأول، وصولاً إلى رحلة الشتات!، مُتَضَمِّنةً تراثاً أسطورياً جمع الحضارة الكنعانية إلى جوار الفرعونية والآشورية، وحضارات البحر الأبيض المتوسط.
الحلاج المثقف الموسوعي الذي يتقنُ "اللهجة المُخَيَّماتِيَّةْ"، قضى نصفَ عمره، يَكِدُّ لإنجاز مشروع الجدارية، البالغ طولها (114) متراً، وعرضها نصف متر، وتضم (126) جزءً، إلا أنها احترقت، واحترق معها في مشهدٍ أعادَ إلى الأذهان موت الحلاج المتصوف، الذي أُحرق في بغداد عاصمة الخلافة العباسية!.




مشروع الحلاج: الواقِع المُؤَسْطَرْ

يُطِلُّ مشروع الحلاج إلى نافذةِ الحاضر عبر التاريخ السحيق، مسترجعاً رحلةَ الوطن والشتات، الثورة والانكسار، الحياة والموت، الحرية والعبودية، وثنائيات جاءَت ضِمْنَ لَوْنَيْ الأبيض والأسود، عزلاً جرافيكياً، وحفراً مدروساً، يَضِجُّ بالإيحاءات الدلالية (السيميولوجية) والأسطورية.
ولوحات المشروع – المتصلة فيما بينها – تفيضُ رموزاً تَصِلُ المُخيّلةَ بالواقع؛ فالأحصنة المُطأطِئَةُ رؤوسها ترمزُ إلى سوءِ الوضعِ العربي، والأحصنةُ الجامحةُ ثورةٌ، فيما صياحُ الديك يرمزُ إلى فجرٍ لا احتلال فيه، فيما نجد أن المتواليات – اللوحات تُنظَّم عبر روابط تجسدُ الموت؛ التوابيت، المقابر، فرسانُ الثورةِ المعلقين على أعوادِ المشانق، جمهرة الفلاحات المصريات النواحات، والحياة ممثلةً في القمر، الابتهال بمولودٍ جديد، وسكينةُ عشقٍ تجمعُ مُحِبَّيْن.
ولم ينسَى الحلاج اللاجئ رمزية المفاتيح، الراسخة في ذهننا المعاصر بمفهوم العودة، والمعاناة التي تجسدت في الصلبان، بينما رمز إلى الغزاة برجال يهبطون من عِلٍ رافعين المظليات الشتوية!.
وَتتآلف اللوحات – الجدراية مستخدمةً الحيوانات لإبراز الموروث الشعبي، الذي وَظَّف منه الحلاج الديك، الطاووس، الحوت، الماعز، الأبقار، الأحصنة، الثيران ، القطط، ، الثعابين، الكلاب، الذئاب، والتنين.




سلاح الفن في المعركة!

يقول الحلاج "درست النحت لأنني من خلاله أستطيع أن أرى الشيء من 360 درجة، الرسم تراه من زاوية واحدة، لكن بعد تخرجي والتحاقي بالثورة الفلسطينية، صرت في ترحال والنحت يحتاج إلى استقرار وإلى مكان ولذلك اخترت الحفر".
ويتابع صاحب "الارتجالات" "إن الرسم أو الفن التشكيلي هو أداة عالمية تخترق جميع الحواجز ما بين الأمم فاخترت هذه الطريق لكي تكون مجساً شعبياً في التعبير عن نفسي وبدأت أشحذ هذه الأداة، أروضها أطورها خلال عشر سنوات لكي يصل الخاص بالعام".‏
ويوضح شيخ التشكيليين الفلسطينيين أنه "حين يعبر عن نفسهِ، مشاكله الخاصة، انفعالاته الخاصة"، يكون قد عبر عن شعبه وعن كل من هم في موقعه"، مضيفاً "وبذلك مددت أغصاني في بحر مشاعر شعبنا على المستوى الأفقي الرأسي من خلال الفلكلور بشتى فروعه... والتاريخ والميثالوجيا، وبكل شيء حتى كدت أن أتنفس جميع تلك الأشياء (وحقيقة لحظت أن كل من يعيش المنفى يستيقظ التراث بداخله حياً متدفقاً يضرب جذوره ويمتد في المستقبل عن طريق الأجيال)". [من حوار مع الحلاج أجراه الدكتور زياد علي، جريدة الأسبوع الأدبي، دمشق، العدد 845 تاريخ 8/2/2003] .
الحلاج: بطاقة هوية
ولد الفنان مصطفى الحلاج سنة 1938م، في قرية سلمة من أعمال يافا، ولجأ مع أسرته إلى مصر عام 1948م.
وفي كلية الفنون الجميلة بالقاهرة درس النحت وتخرج عام 1963م، ثم أتم دراسته في مراسم الدراسات العليا بالأقصروتخرج منها 1968م، وتنقل بعد دراسته مع طواف الثورة ليستقر به المقام في دمشق، ليؤسس مرسم الفنان ناجي العلي، المكان الذي مثلَ مشغلاً خاصاً بهِ.
أقام العديد من المعارض الفردية في البلدان العربية والأجنبية، كما شارك في المعارض الجماعية في كل من القاهرة، دمشق، .بغداد، الرباط، الجزائر تونس، عمان، الشارقة، أمستردام.
حاز على جوائز عربية وعالمية، منها جائزة النحت بالقاهرة عام 1968م، جائزة الحفر بينالي الاسكندرية عام 1968م ، . ذهبية الحفر في مهرجان المحرس / تونس 1997 م، جائزة الحفر بنغلادش ، الجائزة الأولى في الحفر بينالي اللاذقية المحبة - سوريا - عام 1999 م.
وإلى جانب الفن والنحت والرسم، كتب الحلاج الشعر، وقارب الموسيقى، ونظم للفضاء المسرحي التصاميم السينوغرافية، واهتم بالأزياء، فكان مبدعاً وفناناً موسوعيًّا، ينهلُ من التاريخ، التراث، الواقع، ليقدمَ فناً متجذراً بالأرضِ والإنسان.
تُوفيَ الحلاج في مشغلهِ (مرسم ناجي العلي)، في دمشق، بتاريخ 15/12/2002م، وذلك إثرَ حريقٍ التهمَ أغلبَ أعمالهِ، لاسيما جداريته (ارتجالات الحياة)، فحاول أن ينتزعها، إلا أنه لم يستطع، ورغم ذلك .. فجداريته لم تَمُتْ، حيث صوًّرَ مقربون منه، جزء كبير من الارتجالات، على الفيديو.
ـــــــــــــــــــــــــــــ







رد مع اقتباس