عرض مشاركة واحدة
قديم 10-25-2010, 12:50 AM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
اسماعيل السلاق
عضو ماسي
إحصائية العضو






 

اسماعيل السلاق غير متواجد حالياً

 


افتراضي


(8) حكاية الفأرة



كان يا مكان، في قديم الزمان، وسالف العصر والأوان.
فأرة صغيرة، بالاختباء خبيرة، نحيلة
الجسم، قليلة اللحم والشحم، قصيرة الذيل مهدودة الحيل.
وكانت تعيش في دكان إسكافي، يصنع حذاءً للحافي.
ومرة.. عندما عتم الليل وظهر نجم سهيل، خرجت الفأرة من الدكان على حذر، لتغيّر ما بنفسها من كدر.
وفجأة.. التقت فأرة سمينة، تمشي بطمأنينة، ذيلها طويل وجفنها كحيل.
وبعد السلام والكلام، سألت الفأرة السمينة صديقتها النحيلة: ما لي أراك هزيلة وبإطعام نفسك بخيلة؟
فردّت الفأرة النحيلة بحسرة: دعيني بهمي، ولا تزيدي غمّي، قالت: افتحي لي قلبك وسأقف بصفك، هيا تكلّمي وعن أسرارك أعلمي. تنهّدت النحيلة بيأس، وقالت: لا بأس، سأحكي حكايتي، وأشكو شكايتي. أنا يا صديقة، أحيا بلا رفيقة، هناك في الدكان، أسرح في أمان، أعيش على الرف، وأقفز فوق الدف، لا أرى سوى السّندان، وأربعة حيطان، أستيقظ على صوت المطارق، وأنام بعد أن يغلق الإسكافي الباب ويفارق، طعامي زيت المِسَن، ومن طعمه أكاد أجن.
ضحكت السّمينة من هذا الكلام، وقالت بلهجة خالية من الاحترام، أنت يا فأرة جاهلة وبأمور الحياة متساهلة، كيف ترضين بهذا العيش، وترغبين بأن يصبح لك كُريش؟ هيا اهجري الدكان، انسيه وقولي: كان. ولنمضِ إلى الحلواني، لنأكل ما نشتهي من الصواني، ستفطرين الجوز، وتتغدّين اللوز، وعند المساء، سيحضر العشاء، رقائق بالفستق الحلبي، وأخرى بالقيمق واللبي، تعالي يا صغيرة.. تعالي يا أميرة.
دخلت الفأرتان حانوت الحلواني، وارتسمت في عيني الصغيرة الأماني، اليوم.. ستصبح سمينة وسيكون الكرش لها أحلى زينة.
ستنسى لحس الزيت، ولن تتذكره حتى بكلمة –يا ليت- ماذا ستأكل الآن ووقت الفطور قد حان؟ هل تبدأ بالجوز أم باللوز، بالفستق أم بالبندق؟!
التفتت حائرة، فلمحت في زاوية الحانوت جوزة، كانت أشهى من موزة.
قالت الصغيرة لنفسها: سأبدأ الآن بأكلها، وركضت المسكينة إليها، وقد أعمى الجوع عينيها، وما إن قربت رأسها منها، حتى سمعت صوت طخ.. وإذ بها في الفخ.
فنطت وحطت وصاحت وناحت.
سمعت السمينة الصوت، فأيقنت بأنه الموت. ركضت تستطلع الخبر، فوجدت حديد المصيدة قد دخل في الوبر.
قالت الصغيرة بصوت مخنوق، لماذا لم تنبهيني لوجود المصيدة؟ قالت: كي لا تشعري بأنّك مقيدة.
قالت: لقد خدعتني، وبجهلك قتلتني، ذكرت الجوز واللوز، والفستق والبندق، ونسيت أن الخطر محدق بنا وأن المصائد من حولنا.
آه.. يا طعم الزيت، ليتني قنعت بك.. يا ليت.
كنت في أمان، أعيش باطمئنان، في ذلك الدكان.
صدق من قال: القناعة كنز لا يفنى.
وماتت المسكينة ة حزينة.







رد مع اقتباس