تل الترمس - غزة

[م .نبيل زبن]

تل الترمس


حديثة تقع الى الجنوب الشرقي من القسطينة، والى الشمال الشرقي من مدينة غزة، وتبعد عنها 38كم، وترتفع 75م عن سطح البحر. تبلغ مساحة اراضيها 11508دونما، تحيط بها اراضي قرى بعلين، صميل، الجلدية، والسوافير الشرقية، القسطينة، والمسمية الصغيرة، وتل الصافي. وقدر عدد سكانها عام 1922(384)نسمة. وفي عام 1945(760)نسمة. ويوجد بها جامع ، وكان طلابها يدرسون في مدرسة القسطينة، وتوجد بها خربة الطراطير، كما يوجد بها موقع اثري يحتوي على فخاريات وبئر قديمة. قامت المنظمات الصهيونية المسلحة بهدم القرية وتشريد اهلها البالغ عددهم عام 48(882)نسمة، وكان ذلك في 9/ 7/ 1948 ويبلغ مجموع اللاجئين من هذه القرية في عام 1998 حوالى(5414) وأقيمت على اراضيها مستعمرة (تموريم)عام 1954.

[م .نبيل زبن]

يطرب الكثيرون لحديث الحاج عبد اللطيف عودة الله 81 سنة وهو يروي قصة قريته "تل الترمس" التي ضاعت في نكبة فلسطين قبل 63 سنة .
عندما هاجر عبد اللطيف "أبو علي" كان شابا واليوم وهن جسده النحيل لكن ذاكرته لازالت خضراء بتفاصيل الحكاية من طالعها .
يلازم حجرة الضيافة في منزله المتواضع بمخيم المغازي وهو مستعد دوما للحديث عن النكبة وتحليل الموقف الميداني والسياسي في حرب سنة 1948 .
يأسف كثيرا على "حياة الصادقين" كما يسميها وخيرات الأرض المسلوبة ويتهم الأنظمة العربية والانتداب البريطاني بتسليم الوطن لليهود .

حياة صدق

تقفز الكلمات من عينيه المجهدتين خلف منظاره الطبي وهو يعود بالذاكرة ثلاثة وستين سنة فيحدد موقع قريته الجغرافي 38 كم شمال شرق غزة .
وأضاف:"الحياة كانت حلوة والناس عايشيين على طبيعتهم بضمير ويسكن قريتنا 808 فرد ومساحتها 11505 دونم" .
وأشار أن قريته تشتهر بزراعة القمح والشعير والعدس والذرة والسمسم وأن جده كان يملك 200 دونم ويفلح 200 دونم أخرى بالأجرة .
عاش عبد اللطيف حياة هانئة برفقة 3 أشقاء وشقيقة واحدة يعد هو أكبرهم سنا حتى بدأ اليهود في إقامة مستوطنة على أرض القرية سنة 1946 .
وتضم قرية تل الترمس مساحات واسعة من أرض خصبة لزراعة الحبوب بأنواعها .

الأيام الأخيرة

وقعت اشتباكات مطلع سنة 1947 بين اليهود والفلسطينيين كان يتدخل فيها الجيش البريطاني دائما لنصرة اليهود .
ويرى الحاج عبد اللطيف أن استشهاد القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني في معركة القسطل قبيل النكبة خيّب آمال الفلسطينيين بعد رحيل قائد المقاومة آنذاك .
يعود بجسده للوراء مؤكدا على درجة الهلع التي أصابت الفلاحين البسطاء بعد سماع أخبار مجزرة دير ياسين التي ارتكبتها العصابات الصهيونية حين قتلت وجرحت المئات من المدنيين العزل .
بعد شروع العصابات الصهيونية بمهاجمة القرى والمدن العربية تدخّلت الجيوش العربية بقيادة الملك عبد الله والقائد الأعلى "جلوب باشا" –كما قال.
ويعرّف الحاج عبد اللطيف "جلوب باشا" بأنه قائد عسكري ومستشرق يجيد العربية .

يوم النكبة

تناهت إلى أسماعه أخبار اشتباكات في قرية "تل الصافي" شرق قريته وسقوطها في يد عصابات اليهود .
أشهر سبابته محذرا:"مارسوا مؤامرة فقد كانوا يهاجموا القرى الشرقية حتى يدفعوك للهجرة إلى الغرب وترك أرضك" .
ويقارن بين عتاد العصابات الصهيونية المدعومة من الانجليز والجيوش العربية مضيفا:"أذكر أن مصر دفعت بـ20 ألف جندي والأردن 4 آلاف وسوريا 6 آلاف والبقية من سوريا والسعودية" .
انتشرت أنباء مجزرة دير ياسين في كافة فلسطين وتحدث الناس عن قيام العصابات الصهيونية ببقر بطون الحوامل وقتل الأطفال واغتصاب النساء .
وأكد أبو علي أن معظم الفلسطينيين خافوا على أعراضهم فهاجروا دون تفكير في مصيرهم.

رحلة الهجرة

بدأت رحلة الهجرة لأسرة عبد اللطيف بترك القرية والتوجه لقرية بيت جبرين المجاورة "25 كيلو عن قريته" حيث مكثوا هناك 3 أسابيع أمضوها في كروم الزيتون .
تناصح المهاجرون بالتوجه إلى قرية "كراتيه" حيث يرابط الجيش المصري طلبا للامان فمضت أسرته حتى وصلت قرية "سكريّه" وباتت ليلتها هناك ثم نقلت جزء من متاعها لقرية "كراتيه" قبل أن يهاجم اليهود القرية ويحتلوها .
يبدو الحاج عبد اللطيف فخورا ببطولة الجيش المصري عند هذا الجزء من القصة فيضيف:"تجمع الجيش المصري في كراتيه وعندها أحضر الصليب الأحمر جدتي من قريتنا المحتلة وزوجة أبي وابنها لكن المصريين لم يحركوا ساكنا !" .
عادت أسرته لقرية بيت جبرين ولم تمكث أكثر من يومين ثم عادت لمدينة المجدل حيث سكنتها أسبوعين في كروم الزيتون .
في سماء المجدل حلّقت طائرات إسرائيلية وقصفت أهدافا من بينها أحد المقاهي في قرية الجورة وأخرى في المجدل قبل أن يهاجموا المجدل ويحتلوها .
كانت جموع المهاجرين ومن بينهم عبد اللطيف تزيد من تقدمها باتجاه الجنوب تفاعلا مع خطة اليهود لاحتلال قرية قرية ثم التقدم لأخرى .
وبقيت بلدة الفالوجا صامدة أمام العصابات الصهيونية بوجود الجيش المصري حتى جاءته أوامر الانسحاب فانسحب من "حمامة واسدود والمجدل" وصولا إلى غزة .

لحظات صعبة

مضت أسرة عبد اللطيف مهاجرة فتركت المجدل ومرت بقرية نعليا ومنها إلى هربيا ثم بيت لاهيا وجباليا وغزة ليلا وفي الصباح استقرت في دير البلح .
وأضاف:"كنت أرى في الطريق ليلا مشهدا سيئا فالكل مهاجر باتجاه الجنوب هربا بروحه" .
بدأت رحلة هجرته فعاش برفقة أقاربه في دير البلح 3 شهور وبعدها حصل من الأمم المتحدة على بطاقة مساعدات للاونروا وخيمة نصبها في مخيم المغازي .

أسباب النكبة

يخوض الحاج عبد اللطيف "أبو علي" نقاشات سياسية مع محاوريه كاشفا عن معلومات تاريخية سبقت يوم النكبة فيشدد على خطورة أبرز قادة الصهاينة "هرتزل" ومفاوضاته مع السلطات العثماني عبد الحميد .
وأضاف:"بعد مجيء الانتداب ساعد الانجليز اليهود بالسلاح وثبّتوا المصرين في غزة والأردنيين بالضفة ولم يكن للفلسطيني مقومات الكفاح " .
واليوم يحزن على ضياع أجمل أيام عمره التي عاشها بين أهله وأقاربه وفي أرضه وماله-كما قال .
أما أصعب ما وقع له في النكبة فقال عنه:"ترك الوطن بدون مستقبل! فليس هناك كارثة مثل كارثة فلسطين!"
ويرى أن العصابات الصهيونية جلبت اليهود من كل بقاع الأرض لاستيطان فلسطين وأن عودة فلسطين مرتبطة أساسا بتحرر العرب من التبعية الاقتصادية لأمريكا وأوروبا –كما قال .
وأكد أن إسرائيل مستوطنة كبيرة زرعت لخدمة المصالح الغربية في المنطقة منوّها لأهمية الوعي الفلسطيني لاسترجاع الوطن مستقبلا

[م .نبيل زبن]

كانت القرية قائمة على تل قليل الارتفاع في السهل الساحلي. وكان وادي المرج يمر عبر تخومها الجنوبية. وكانت طرق فرعية تربطها بالقرى المجاورة، وبطريق عام يؤدي إلى المجدل في الجنوب الغربي. واستناداً إلى سكانها، فقد أنشئت تل الترمس منذ ما يزيد على قرن من الزمن. ويبدو أن اسمها يدل على الحياة النباتية في المنطقة المحيطة بها.
كان سكانها، وجميعهم من المسلمين، يبنون منازلهم بالطوب، وعلى التل في بداية الأمر. ثم توسعت القرية إلى خارج موقعها الأصلي، في اتجاه الشرق والغرب. وكان فيها مسجد، وكانت تشارك قرية قسطينة، التي تبعد عنها نحو 1.5 كيلومتر إلى الشمال الشرقي، في مدرسة بلغ عدد التلامذة المسجلين فيها 160 تلميذاً في أواسط الأربعينات. وكانت الزراعة عماد اقتصاد القرية. وكان سكانها يزرعون الحبوب والخضروات والفاكهة. في 1944- 1945، كان ما مجموعه 154 دونماً مخصصاً للحمضيات والموز، و 10328 دونماً للحبوب، و 627 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين. وكان إلى جانبها خربة فيها بئر قديمة.
بينما كانت الهدنة الأولى في الحرب تشارف على نهايتها، كانت القوات الإسرائيلية على الجبهة الجنوبية تخطط لهجوم كبير إلى الجنوب من الرملة وفي اتجاه النقب، أطلقت عليه اسم عملية أن - فار. ومن المرجح أن تكون تل الترمس سقطت في بداية هذه العملية، أي في 9-10 تموز - يوليو 1948 تقريباً، على يد الكتيبة الأولى من لواء غفعاتي. وربما كان سكانها ضمن أقلية من سكان المنطقة ممن طردوا خلال هذه العملية- عبر شريط تسيطر إسرائيل عليه- في اتجاه غزة، لا شرقاً في اتجاه الخليل.
أقيمت مستعمرة تيموريم (127125) على أراضي القرية، في سنة 1954. وتنتشر أنقاض المنازل في أرجاء الموقع، ويشاهد قرب الموقع آجام من نبات الصبار وأشجار الجميز والكينا التي تنمو هناك. أما الأراضي في المنطقة المجاورة فيستغلها المزارعون الإسرائيليون