أعاد محررون بناء لحظات التعذيب القاسية في سجون الاحتلال، واستذكروا خلال ندوة نظمتها وزارة الإعلام بالتعاون مع المجلس الأعلى للشباب والرياضة، في مركز الشهيد صلاح خلف، الذي كان في الماضي مسرحاً للتعذيب والقهر، ممارسات السجان ضد أسرى الحرية، لمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التعذيب.
ورسم محمود أبو لبادة، ونافز جوابرة، وباسل منصور، ووديع منصور، وعائد جعايصة، وعمر أبو حسن، ورائد جعايصة، وإبراهيم نصار، الأوقات العصبية التي قضوها خلال اعتقالهم قبل سنوات عديدة.
وتجول المحررون في زنازين سجن الفارعة السابق، الذي أطلقوا عليه "المسلخ"؛ لوحشية ما كانوا يتعرضون له من تنكيل وقمع وتعذيب، واستعرضوا شريط ذكريات قاتم لا زال عالقاً في الذاكرة.
وحطت ذاكرة أبو لبادة ( 68 عاماً) إلى الثاني من تشرين ثاني عام 1967، حين اعتقل في مخيم الفارعة هو و11 شاباً وتناوب جنود دورية الاحتلال على التنكيل بهم، وضربهم، والتفنن في القفز عليهم من حافة الدورية.
وقال: المسافة التي تفصل نابلس عن الفارعة لا تحتاج غير ربع ساعة، لكن جنود الاحتلال أمضوا ثلاث ساعات، وهم يضربوننا، ويوجهون إلينا الشتائم، ووضعونا فوق بعضنا البعض ككومة قش. ومن اللحظات التي لا تنسى، كيف أنهم كانوا يعطونا مياه الشرب من تحت باب حديدي، ويطلبون منا أن نضع الكأس الفارغ، ولم يكن ينتهي الأمر دون أن جرح أحدنا من الباب والتزاحم.
يضيف: خلال سنة في سجن نابلس، لم نعرف الاستحمام إلا بعد مضي ثمانية أشهر بمياه باردة، وكان السجانون يجبروننا على وضع الأغطية( البطانيات) فوق بعضها البعض، ونعود لاختيارها مرة أخرى، ويحرموننا من الجلوس عليها، وفي بعض الأحيان يطلب السجان منا في منتصف الليل أن نظل واقفين لساعتين وثلاثة أحياناً.
كان أبو لبادة شاهد عيان لنوع جديد من التعذيب، إذ أخذ واثنين من الأسرى إلى سجن صرفند، وأدخلوا إلى مكان معتم، ولم يكونوا يعرفون ليله من نهاره، وأمامهم حفرة كالقبر، وأوهموا أنهم يُساقون إلى الإعدام، عبر إطلاق رصاص حي، في الزنزانة المجاورة، وإصدار صوت بالعربية يقول: صاحبك أعطاها، انتظر دورك.
يتابع: خلال أيام الجمعة والسبت، كان الجنود يوجهون إلينا الضرب والإهانة بشكل عنيف، ودون حدود، وكنت أتمنى الموت من شدة ما لقيته.
فيما تعيش في يوميات نافز جوابرة( 62 عاما) قصص تعذيب لا تفارقه، حين اعتقل نهاية أيار 1970، وهو يدرس لامتحان الثانوية العامة، منتصف الليل، واقتيد سيراً على الأقدام إلى السجن، وفي اليوم التالي نقل إلى سجن جنين، وأخذ جنود الاحتلال يُغنون ويضحكون بالعربية جينا جينا جينا، جبنا العروس وجينا)، وسط الضرب والشتائم.
يقول: أدخلونا إلى زنازين صغيرة، وكنا فوق بعضنا البعض، فالمكان ضيق ونحن سبعة أسرى، أما غرف السجن، فكانت بطول أربعة أمتار مربعة وعرض ثمانية، وزجوا فيها 60 أسيرا، لدرجة أننا لم نستطع مد أرجلنا أو قلب جنبنا، وكنا مثل علب ( السردين).