يا طـالـب المـجــد فـي عجــور مــورده =عـــذب مـعـيــن يـروّي غــلــة فـيـنـــــا=شــــم الأنــــــوف أبــاة دام عـــزهــــــم =هـــم الأوائــل إن نــادى مـنــاديــــــنــــا=تـفـوح يـا بـاقـة الأزهـــار فـي وطـنــي =فــوح الأريـــج ونـفـح الطيــب يغـريـنـا كلمة الإدارة


مبارك .........مبارك لعجور ومنتديات عجور       »     عجور التاريخ و الحضارة - الحلقة الثانية       »     سجل الوفيات لعجور ١٣٢٠هـ -١٣٣٠هـ ١٩٠٢م - ١٩١١م       »     عجور التاريخ و الحضارة       »     ميزانية قرية عجور - 1939       »     عجور - وقوعات الزواج 1915م       »     عهد عشائر عجور بالحفاظ على اراضي عجور المشاع و عدم بيعها لل       »     اول أحصاء(حصر نفوس) موثق لسكان عجور1878م       »     أراضي عجور المشاع - حصري       »     اسماء من عجور مطلوبون للضريبة 1       »     ضريبة الانتداب البريطاني "3"       »     عجور - لجنة 18 ( اللجنة القومية لعجور)       »     أراضي عجور الحكر       »     عجور التاريخ و الحضارة-الحلقة الثالثة       »     علم النفس الاجتماعي       »     ملوك المملكة الاردنية الهاشمية       »     موسوعة صور القدس- زهرة المدائن       »     دليل الجامعات العربية و العالمية       »     روائع الشعر العالمي       »     موسوعة الاصول و القبائل العربية كاملة       »    

آخر 25 مشاركات
ملف عن الحج وما يتعلق به (الكاتـب : نور الهدى - آخر مشاركة : قلم حزين - )           »          كبرت بنتــي / قصة مؤثرة (الكاتـب : أمان - آخر مشاركة : قلم حزين - )           »          مبارك .........مبارك لعجور ومنتديات عجور (الكاتـب : م .نبيل زبن - آخر مشاركة : نور الهدى - )           »          عجور التاريخ و الحضارة - الحلقة الثانية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          سجل الوفيات لعجور ١٣٢٠هـ -١٣٣٠هـ ١٩٠٢م - ١٩١١م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور التاريخ و الحضارة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ميزانية قرية عجور - 1939 (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور - وقوعات الزواج 1915م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عهد عشائر عجور بالحفاظ على اراضي عجور المشاع و عدم بيعها لل (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          اول أحصاء(حصر نفوس) موثق لسكان عجور1878م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          أراضي عجور المشاع - حصري (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          اسماء من عجور مطلوبون للضريبة 1 (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ضريبة الانتداب البريطاني "3" (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور - لجنة 18 ( اللجنة القومية لعجور) (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          أراضي عجور الحكر (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور التاريخ و الحضارة-الحلقة الثالثة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          كيف و متى تحدثين طفلك عن التحرش ؟ (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          قصص اطفال للبنوتات الحلوين (الكاتـب : اميرة عجور - آخر مشاركة : م .نبيل زبن - )           »          علم النفس الاجتماعي (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ملوك المملكة الاردنية الهاشمية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          موسوعة صور القدس- زهرة المدائن (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          دليل الجامعات العربية و العالمية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          روائع الشعر العالمي (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          موسوعة الاصول و القبائل العربية كاملة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ضيف اليوم بصراحة (الكاتـب : Big heart - آخر مشاركة : ajoor - )





إضافة رد
قديم 09-26-2013, 09:49 AM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
Palboy
عضو برونزي
 
الصورة الرمزية Palboy
إحصائية العضو






 

Palboy غير متواجد حالياً

 


افتراضي


الفلسطينيون في عكا: معجم مصطلحات
سامي هواري

تعتبر السياسة الإسرائيلية الرسمية مدينة عكا إحدى «المدن المختلطة» ورمزاً من رموز التعايش اليهودي - العربي المشترك. و«التعايش» هو الشعار الذي تسوق المؤسسة الإسرائيلية المدينة (عكا في هذه الحالة) تحته في شتى أنحاء العالم، وتعتبره دليلاً على انفتاحها ومنحها الحقوق للأقلية العربية.
لكن المتمّعن في صيرورة الحياة، ليس في عكا فحسب بل في المدن «المختلطة» الأخرى في اللد والرملة ويافا وحيفا، يرى أن الحقيقة غير ما تظهره السلطة، وأن المخططات والميزانيات المرصودة لتكريس الهوية اليهودية ومحو الصلة بين هذه المدن والعرب الفلسطينيين قد بلغت مبلغاً عظيماً. وحتى نفهم الأمر على حقيقته، علينا أن نعود قليلاً إلى الماضي، لنستذكر بعضاً من تسلسل الأحداث التاريخية التي قادتنا إلى هنا. ونحن، إذ نتحدث عن مدينة عكا فإننا نعتبرها – على خصوصيتها ومميزاتها – مثالاً ينسحب على أخواتها.
وصلت موجات من المهاجرين اليهود الجدد إلى مدينة عكا واستوطن القادمون البيوت العربية المهجورة، بينما تبعت هذه البيوت – من الناحية الرسمية القانونية – القيّم على أملاك الغائبين الذي حوّلها لاحقاً إلى «سلطة التطوير» – التي تتبع «دائرة أراضي إسرائيل»، ونحن نشهد حالياً موجة من خصخصة هذه البيوت والعقارات، لمن يدفع فيها سعراً أعلى. أما الجزء الآخر من الأملاك والعقارات الواقع في عكا القديمة، فلم يتم الانتهاء من إجراءات تسويقه وبيعه حتى الآن. ولم يكن حال الأوقاف الإسلامية التي تشكل جزءاً كبيراً من أراضي ومباني المدينة بأفضل حال، إذ تم تحويلها - بعد مصادرتها - إلى القيّم على أملاك الغائبين و«سلطة التطوير» ومن ثم إلى شركة تطوير عكا القديمة، التي تستغلها أحسن استغلال وتجني من ورائها الأموال الطائلة، من دون أن يكون للمسلمين أية فائدة منها، اللهم إلا رسوم «الإيجار» البخسة.

ويخضع المواطنون العرب القاطنون في البيوت العربية الكائنة في عكا القديمة – وجزء آخر منهم يسكن بيوتاً في المنطقة المعروفة بالمدينة الانتدابية – لسلطة شركة «عميدار» الحكومية المختصة بالإسكان، والتي تتفنن في جعل الحياة والسكن من أصعب المهام عليهم. ونتيجة لتهجير الفلسطينيين ولموجات الهجرة اليهودية إلى المدينة، تغيّر الميزان، وأصبح اليهود أكثرية في المدينة. ولكن بما أن المدينة تعتبر محطة للمهاجرين اليهود الجدد، الذين ما أن تستقر بهم الحال حتى يتركوها ويبحثوا عن مدن أفضل حالاً، ونتيجة لعادات العرب في الإكثار من الأولاد، وعودة البعض من الذين تم تهجيرهم إلى القرى إلى عكا، فقد وصلت نسبة السكان العرب في عكا، طبقاً لمعطيات العام 2007 إلى 30%، وهو أمر يؤرق مضاجع المؤسسة الإسرائيلية المحلية والحكومية، ويدفعها إلى بذل المزيد من الجهود ورصد الميزانيات والمبادرة إلى وضع الخطط والخرائط لتثبيت وتقوية «يهودية» عكا، والى منع «سيطرة» العرب وزحفهم عليها.
حصون عكا.

حصون عكا.
وتشمل جهود «تقليم» الوجود العربي في عكا مجالات وحقولاً شتى، تقوم بها مؤسسات وأشخاص مختلفون، يساعدهم في ذلك التشرذم في الموقف العربي وأزمة القيادة التي تعصف – حتى اليوم وبالرغم من مرور أكثر من نصف قرن على النكبة – بالمجتمع العربي العكي. بل إن بعض القيادات العربية تساهم – فعلياً – في تمكين المؤسسة الإسرائيلية من تنفيذ مخططاتها.
وحتى نوضح مقدار ما يعانيه الفلسطينيون في عكا من تعسف وظلم، نضع، في هذه العجالة، قاموس مصطلحات وتعريفات نرنو من ورائه للوصول إلى لغة متفق عليها وإلى فهم واضح للواقع، عسى أن يتحول هذا القاموس المختصر المتواضع إلى مرجع في مصطلحات التعامل مع المدن المختلطة عامة، وإلى خريطة تؤدي إلى فهم المنطق السائد في التعامل مع العرب أثناء محاولات إخضاعهم.

تعريفات ومصطلحات


عدد السكان: يصل عدد سكان عكا إلى نحو 50 ألفًا، ثلثهم من العرب.

عكا القديمة: لؤلؤة أثرية تاريخية، يتم تسويقها بهدف جذب السياح الأجانب، يسكنها قرابة الـ 8000 مواطن عربي. عرفت عكا القديمة بتاريخها المجيد وبوقوفها بوجه المحتلين داحرة إياهم أمام أسوارها المنيعة. وقبل سنوات اعترفت منظمة «اليونسكو» الأممية بعكا القديمة أثراً إنسانياً عالمياً، وبعد هذا الاعتراف ارتفعت أسعار العقارات والبيوت داخل الأسوار بشكل كبير، مما جعلها محط أنظار المتمولين والشركات السياحية والعقارية الكبرى. ويأتي هذا الاهتمام على حساب السكان الذين يعانون من محاولات التهجير، سواء بالترغيب أو الترهيب.

المدينة الانتدابية: هي الجزء المعروف، أيضًا، باسم «عكا الجديدة»، وهو قلب عكا المدني. بني هذا الحي الجديد (وكان يحمل اسم حي الرشادية) خارج الأسوار، بعد أن سمحت السلطات العثمانية بذلك. وتطور خلال فترة الانتداب البريطاني، وشمل عدداً من الشوارع والبيوت في أنحاء متفرقة من المدينة، إضافة إلى عدد من المؤسسات والمباني العامة (منها جامع اللبابيدي، والكنيسة الانجيلية العربية، وسينما الأهلي). وكان هذا الجزء منظما وجميلا والبيوت التي بنيت فيه كانت على مستوى عال من الجمال والهندسة، وهناك عدد من البيوت لم يحظ أصحابها بالسكن فيها، فقد انتهى العمل فيها متزامناً مع وقوع النكبة.
بلدية عكا: مع أن ثلث السكان في مدينة عكا هم من العرب إلا أن هذه النسبة غير ممثلة في بلدية عكا وأقسامها، فلا نجد حتى اليوم عربياً بوظيفة مدير قسم، كما أن المواطنين العرب لا يحصلون على نسبتهم من ميزانية البلدية. ويبلغ عدد الأعضاء العرب في بلدية عكا ثلاثة (من 19).

شركة تطوير عكا القديمة: شركة حكومية - بلدية تهتم بالسياحة في عكا. تسيطر هذه الشركة على الكثير من العقارات – خاصة الأوقاف الإسلامية التي تم تسليمها لها بناء على تعديل في قانون أملاك الغائبين – والتي تجني من خلال تأجيرها أو من رسوم الدخول إليها الأموال الكثيرة. لهذه الشركة تأثير كبير وحقيقي على مجريات الحياة في عكا القديمة، فهي تعتبر «البلدية الحقيقية» للمدينة القديمة، فهي تقوم بوضع الخطط وتنفيذها، وتقوم على ترميم وصيانة الأبنية التاريخية في عكا القديمة، وتسوق المدينة في دول العالم، وتقوم على صقل هوية ومميزات المدينة من خلال الأيام الدراسية والمهرجانات التي تبادر إليها وتشارك فيها، ومن خلال الحملات الإعلانية التي تطلقها، ومن خلال متابعة نشاطات الشركة يظهر أنها تعمل على إبراز الجانب اليهودي لعكا وعلى تجاهل وطمس التاريخ والآثار العربية والإسلامية.

شركة عميدار: شركة الإسكان القومية، وهي شركة حكومية تسيطر (من خلال موقعها كمديرة لأملاك دائرة أراضي إسرائيل) على الأغلبية الساحقة من البيوت العربية في عكا القديمة، وجزء من البيوت في المدينة الانتدابية. وهي التي تحدّد المواصفات التي يتم وفقها ترميم البيوت، وهي التي تحدد هوية المقاول الذي يقوم بالترميم، وتقوم على جباية رسوم الإيجار وغيرها من الرسوم. تقوم هذه الشركة بتنفيذ سياسة المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة التي تتعلق بالفلسطينيين من سكان البيوت التي تديرها.
«الاستثمار في الحجر لا في البشر»: تشهد المدينة القديمة في عكا مشاريع تطويرية - سياحية جمة، تتجاهل جميعها المواطنين العرب وتراثهم وتاريخهم.

حي بساتين الرمل (بربور): هو حي عربي يقع على المدخل الجنوبي لمدينة عكا. تسكنه عائلات فلسطينية بنت بيوتها (من الصفيح) قبل قيام دولة إسرائيل، على أراضيها الخاصة – ولدى السكان الوثائق التي تثبت ملكيتهم للأرض – وقد منعتهم السلطات من بناء بيوت جديدة، أو تطوير بيوتهم القائمة. تتجاهل هذه السلطات السكان، فلا يحظون بالخدمات الأساسية. وتتوالى الخطط البلدية والحكومية عليهم من اجل اقتلاعهم من أراضيهم. وآخرها خطة بناء سكة الحديد من حيفا إلى «كرمئيل»، والتي سوف يتم من خلالها السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي ومصادرتها. في السنوات الأخيرة، قام الباحث والمحاضر في تخطيط المدن د. يوسف جبارين – بالتعاون مع السكان بقيادة لجنتهم – بوضع خريطة بديلة لتخطيط وبناء الحي، تم تقديمها للبلدية بهدف تبنيها واعتمادها، إلا أن البلدية ووزارة الإسكان الإسرائيلية رفضتا الخريطة.
حي وولفسون: هو حي يقع في قلب مدينة عكا، تحده من الشرق محطة القطارات ومن الجنوب محطة الباصات المركزية، وهو على الرغم من ذلك حي مهمل. بني في الخمسينيات وبدأ كحي مخصص للقادمين اليهود الجدد، ومع الوقت سكنه العرب، ومع ازدياد عدد العرب في الحي هجره اليهود، حتى أصبح العرب أكثرية فيه (80%). أبنية الحي وساحاته مهملة والبنية التحتية فيه بحاجة إلى تجديد واستثمارات كبيرة. في السنوات الأخيرة، وضمن جهود تهويد المدينة، تم إسكان عشرات من طلاب المدرسة الدينية - العسكرية «يشيفات هيسدر» في بيوت تابعة لشركة عميدار الحكومية للإسكان، وتم افتتاح المدرسة الدينية في قلب الحي.
محتلون وفلسطينيون وشوارع مبلطة.

محتلون وفلسطينيون وشوارع مبلطة.
حي رقم 10: تسلمت شركة تطوير عكا القديمة إدارة «حي رقم 10» وهو حي سكني تطل بيوته على السور الغربي للمدينة والبحر، وهو منظر طبيعي خلاب قلما نجد مثله. بادرت الشركة إلى تنفيذ مشروع (pilot) تم خلاله انتقاء عدد من البيوت في الحي وترميمها، بينما أثبتت أبحاث قام بها طلاب من معهد التخنيون أن الشركة لم تشرح بشكل واضح للسكان ماهية الترميم وتسببت لهم بالكثير من المصاعب والمشكلات. إضافة لذلك، فإن عدم الثقة بخطوات الشركة تغذيه مطالبتها السكان بمبالغ خيالية مشاركة منهم في الترميم (فعلى سبيل المثال، بلغت نفقات ترميم البيت الذي تقطنه عائلتا شعيب ومسلماني 2*5 مليون شيكل!!).
يعاني هذا الحي وطبعاً مستشرياًٍ للغاية من إخلاء سكانه العرب وبيع العديد من بيوتهم، بالإضافة فقد تم «تخصيص» عدد من البيوت التي تم ترميمها بمبالغ طائلة لجمعية «أياليم» التي تعنى بتهويد الجليل والمدن المختلطة.
تغيير أسماء الشوارع والحارات في عكا القديمة: يرى المتجول في شوارع وأزقة وحارات عكا القديمة العجب، فاللافتات تحمل من الأسماء ما لا يمتّ بصلة إلى المدينة وسكانها وتاريخهم، أو هو ذو صلة ضعيفة. فعلى سبيل المثال، هناك شارع ماركو بولو (وهو السوق العمومية)، وكذلك ساحة فينيسيا (وهي ساحة الصيادين)، إضافة إلى شارع بولدوين الثاني وشارع يوليوس قيصر ورصيف الرمبام (وهو ميناء عكا)، وهناك العشرات من هذه النماذج. وقد تبين أن أغلب المسارات السياحية والمركزية في عكا القديمة قد تمت إعادة تسميتها - في غفلة من أهلها ومن القادة العرب المحليين - بهدف جذب السياح، بحسب ما قيل لنا. أما نحن، فنظن أن وراء تغيير الأسماء أهدافاً أخرى، منها تغيير هوية المدينة ونسخ ومسخ تاريخها ومنحها تاريخاً جديداً، إضافة إلى محاولة قطع أو إضعاف الصلة بين السكان الفلسطينيين وبين المدينة التي أحبوها.
ونحن إذ نسرد هذا الجانب من قضية عكا القديمة، نقول إننا لم نوفّه هو وجوانب أخرى حقها من البحث، بل إننا نطالب بتعميق وتكثيف البحث ونشر الأبحاث الموجودة والتي تصب في خانة فهم هذه التحولات.

خريطة مشكلات السكان العرب في عكا

1 ـ العنصرية وانهيار ما يسمى بالتعايش العربي - اليهودي: تحطمت - في أيام معدودة من شهر تشرين الأول/ أكتوبر العام 2008 - أسطورة كاذبة دأبت المؤسسة الإسرائيلية وكثير من العرب السذج أو ممن هم من غير ذلك، على تغذيتها وربما الإبحار في محيطات الأمل بشأنها، ألا وهي كون عكا مدينة «مختلطة» أو كونها مدينة «التعايش المشترك». فعلى وقع حجارة المئات من اليهود الذين هاجموا البيوت والعائلات الفلسطينية، وقاموا بطردها وإحراق البيوت والسيارات، بانت الحقيقة المرعبة، وهي أن الكراهية تجاه العرب متفشية في عكا، تماماً مثلما هي متفشية في سائر المناطق. وأن رفضهم كمواطنين متساوين ورفض إسكانهم في الأحياء ذات الأغلبية اليهودية هو المبدأ الذي يطبق، أما ما دون ذلك فهو الشاذ.

2 ـ تدهور الوضع الاجتماعي – الاقتصادي: تعاني أكثرية السكان الفلسطينيين من وضع اجتماعي - اقتصادي متدنٍ، وتعمل غالبيتهم في أعمال لا تكاد تسد رمقهم. فخلال الأزمات الاقتصادية المتلاحقة أقفلت في مدينة عكا العشرات من المصانع والورش وسرح المئات من عمالها، إضافة إلى إخراج المكاتب والهيئات البلدية والحكومية من عكا القديمة.

3 ـ تدهور جهاز التعليم العربي وانجازاته: يعاني جهاز التعليم العربي في عكا من مشكلات بنيوية وفي الانجازات. فبعد سنوات كانت عكا فيها مركزا تعليميا يفد إليه سكان القرى المجاورة، يخرج – على مدار السنوات الأخيرة – الطلبة الفلسطينيون للتعلم في حيفا وفي عدد من القرى المجاورة. ويلاحظ المراقبون أن نسبة قليلة من الطلبة يتابعون تعليمهم العالي، ونادرا ما يتعلمون التخصصات المطلوبة والتي تضمن مستقبلا مهنيا محترما. إضافة إلى ذلك، فإن مشكلات الكثافة الطلابية والنقص في الملاعب والإمكانيات (مختبرات ومكتبات .. الخ) لا تكاد تعد.

4 ـ انعدام الفعاليات غير المنهجية: على الرغم من العدد الكبير من الفنانين والمبدعين العكيين، على اختلاف مشاربهم واهتماماتهم الفنية، إلا أن مؤسسات رعاية الشبيبة والمراكز الثقافية البلدية والحكومية تكاد تكون معدومة أو هي معدومة الفعاليات والتأثير، ويكون تأثير ذلك قاتلاً في أبناء الشبيبة القادمين من عائلات ذات خلفية اقتصادية - اجتماعية ضعيفة، فنراهم الأسرع في الانزلاق والانحدار نحو البطالة وتعاطي الكحول والمخدرات، مما يكون له أكبر الأثر في تفكك نسيج المجتمع العكي.

5 ـ أزمة الإسكان - تغيير طبيعة المدينة: يعاني السكان الفلسطينيون من خطة محكمة لتهجيرهم من مدينتهم. فبعد اعتراف «اليونسكو» بالمدينة كأثر إنساني عالمي، ارتفعت أسعار العقارات فيها، وتوالت العروض المغرية حينا ووسائل الاحتيال والتلاعب من اجل إخراجهم من بيوتهم حينا آخر. إضافة إلى ذلك، فإن هناك جهودا كثيرة من اجل تغيير طبيعة المدينة وتاريخها، ابتداء من تغيير أسماء الشوارع والحارات فيها، مرورا بإقرار الخارطة الهيكلية فيها – بدون إشراك أو علم المواطنين العرب – وانتهاء بخصخصة المباني العامة والتاريخية وبيعها لمن يدفع أعلى الأثمان.

المؤسسات العربية في عكا والجمعيات الأهلية
رغم ضعف التكافل الاجتماعي وتقلقل المبنى الاجتماعي للعرب في عكا، إلا أن المدينة حظيت بعدد من المؤسسات والمنظمات التي تعمل في المجتمع العربي ولمصلحته، وتقوم بتنظيم العديد من الفعاليات والمشاريع الثقافية والاجتماعية والفنية، ومن هذه المنظمات نذكر على سبيل المثال لا الحصر: جمعية الياطر، ومؤسسة الأسوار، وجمعية السنديانة، وجمعية النساء العكيات، وسرية الكشافة الإسلامية، ونادي الكشافة الأرثوذكسية، وجمعية عكا بلدي، ومجموعة العكاوية، إضافة إلى المدارس الابتدائية والثانوية.
توفر هذه المؤسسات شريحة قيادية – اجتماعية وثقافية – تقوم بدور هام في الحفاظ على الوجود والطابع العربي في مدينة عكا، وقد أثبتت هذه القيادة فعاليتها في أثناء الأحداث العنصرية العنيفة التي اجتاحت المدينة.


صحافي وناشط اجتماعي ومن مؤسسي جمعية الياطـر- عكا







رد مع اقتباس
قديم 09-26-2013, 09:50 AM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
Palboy
عضو برونزي
 
الصورة الرمزية Palboy
إحصائية العضو






 

Palboy غير متواجد حالياً

 


افتراضي


الفلسطينيون في عكا: معجم مصطلحات
سامي هواري

تعتبر السياسة الإسرائيلية الرسمية مدينة عكا إحدى «المدن المختلطة» ورمزاً من رموز التعايش اليهودي - العربي المشترك. و«التعايش» هو الشعار الذي تسوق المؤسسة الإسرائيلية المدينة (عكا في هذه الحالة) تحته في شتى أنحاء العالم، وتعتبره دليلاً على انفتاحها ومنحها الحقوق للأقلية العربية.
لكن المتمّعن في صيرورة الحياة، ليس في عكا فحسب بل في المدن «المختلطة» الأخرى في اللد والرملة ويافا وحيفا، يرى أن الحقيقة غير ما تظهره السلطة، وأن المخططات والميزانيات المرصودة لتكريس الهوية اليهودية ومحو الصلة بين هذه المدن والعرب الفلسطينيين قد بلغت مبلغاً عظيماً. وحتى نفهم الأمر على حقيقته، علينا أن نعود قليلاً إلى الماضي، لنستذكر بعضاً من تسلسل الأحداث التاريخية التي قادتنا إلى هنا. ونحن، إذ نتحدث عن مدينة عكا فإننا نعتبرها – على خصوصيتها ومميزاتها – مثالاً ينسحب على أخواتها.
وصلت موجات من المهاجرين اليهود الجدد إلى مدينة عكا واستوطن القادمون البيوت العربية المهجورة، بينما تبعت هذه البيوت – من الناحية الرسمية القانونية – القيّم على أملاك الغائبين الذي حوّلها لاحقاً إلى «سلطة التطوير» – التي تتبع «دائرة أراضي إسرائيل»، ونحن نشهد حالياً موجة من خصخصة هذه البيوت والعقارات، لمن يدفع فيها سعراً أعلى. أما الجزء الآخر من الأملاك والعقارات الواقع في عكا القديمة، فلم يتم الانتهاء من إجراءات تسويقه وبيعه حتى الآن. ولم يكن حال الأوقاف الإسلامية التي تشكل جزءاً كبيراً من أراضي ومباني المدينة بأفضل حال، إذ تم تحويلها - بعد مصادرتها - إلى القيّم على أملاك الغائبين و«سلطة التطوير» ومن ثم إلى شركة تطوير عكا القديمة، التي تستغلها أحسن استغلال وتجني من ورائها الأموال الطائلة، من دون أن يكون للمسلمين أية فائدة منها، اللهم إلا رسوم «الإيجار» البخسة.

ويخضع المواطنون العرب القاطنون في البيوت العربية الكائنة في عكا القديمة – وجزء آخر منهم يسكن بيوتاً في المنطقة المعروفة بالمدينة الانتدابية – لسلطة شركة «عميدار» الحكومية المختصة بالإسكان، والتي تتفنن في جعل الحياة والسكن من أصعب المهام عليهم. ونتيجة لتهجير الفلسطينيين ولموجات الهجرة اليهودية إلى المدينة، تغيّر الميزان، وأصبح اليهود أكثرية في المدينة. ولكن بما أن المدينة تعتبر محطة للمهاجرين اليهود الجدد، الذين ما أن تستقر بهم الحال حتى يتركوها ويبحثوا عن مدن أفضل حالاً، ونتيجة لعادات العرب في الإكثار من الأولاد، وعودة البعض من الذين تم تهجيرهم إلى القرى إلى عكا، فقد وصلت نسبة السكان العرب في عكا، طبقاً لمعطيات العام 2007 إلى 30%، وهو أمر يؤرق مضاجع المؤسسة الإسرائيلية المحلية والحكومية، ويدفعها إلى بذل المزيد من الجهود ورصد الميزانيات والمبادرة إلى وضع الخطط والخرائط لتثبيت وتقوية «يهودية» عكا، والى منع «سيطرة» العرب وزحفهم عليها.
حصون عكا.

حصون عكا.
وتشمل جهود «تقليم» الوجود العربي في عكا مجالات وحقولاً شتى، تقوم بها مؤسسات وأشخاص مختلفون، يساعدهم في ذلك التشرذم في الموقف العربي وأزمة القيادة التي تعصف – حتى اليوم وبالرغم من مرور أكثر من نصف قرن على النكبة – بالمجتمع العربي العكي. بل إن بعض القيادات العربية تساهم – فعلياً – في تمكين المؤسسة الإسرائيلية من تنفيذ مخططاتها.
وحتى نوضح مقدار ما يعانيه الفلسطينيون في عكا من تعسف وظلم، نضع، في هذه العجالة، قاموس مصطلحات وتعريفات نرنو من ورائه للوصول إلى لغة متفق عليها وإلى فهم واضح للواقع، عسى أن يتحول هذا القاموس المختصر المتواضع إلى مرجع في مصطلحات التعامل مع المدن المختلطة عامة، وإلى خريطة تؤدي إلى فهم المنطق السائد في التعامل مع العرب أثناء محاولات إخضاعهم.

تعريفات ومصطلحات


عدد السكان: يصل عدد سكان عكا إلى نحو 50 ألفًا، ثلثهم من العرب.

عكا القديمة: لؤلؤة أثرية تاريخية، يتم تسويقها بهدف جذب السياح الأجانب، يسكنها قرابة الـ 8000 مواطن عربي. عرفت عكا القديمة بتاريخها المجيد وبوقوفها بوجه المحتلين داحرة إياهم أمام أسوارها المنيعة. وقبل سنوات اعترفت منظمة «اليونسكو» الأممية بعكا القديمة أثراً إنسانياً عالمياً، وبعد هذا الاعتراف ارتفعت أسعار العقارات والبيوت داخل الأسوار بشكل كبير، مما جعلها محط أنظار المتمولين والشركات السياحية والعقارية الكبرى. ويأتي هذا الاهتمام على حساب السكان الذين يعانون من محاولات التهجير، سواء بالترغيب أو الترهيب.

المدينة الانتدابية: هي الجزء المعروف، أيضًا، باسم «عكا الجديدة»، وهو قلب عكا المدني. بني هذا الحي الجديد (وكان يحمل اسم حي الرشادية) خارج الأسوار، بعد أن سمحت السلطات العثمانية بذلك. وتطور خلال فترة الانتداب البريطاني، وشمل عدداً من الشوارع والبيوت في أنحاء متفرقة من المدينة، إضافة إلى عدد من المؤسسات والمباني العامة (منها جامع اللبابيدي، والكنيسة الانجيلية العربية، وسينما الأهلي). وكان هذا الجزء منظما وجميلا والبيوت التي بنيت فيه كانت على مستوى عال من الجمال والهندسة، وهناك عدد من البيوت لم يحظ أصحابها بالسكن فيها، فقد انتهى العمل فيها متزامناً مع وقوع النكبة.
بلدية عكا: مع أن ثلث السكان في مدينة عكا هم من العرب إلا أن هذه النسبة غير ممثلة في بلدية عكا وأقسامها، فلا نجد حتى اليوم عربياً بوظيفة مدير قسم، كما أن المواطنين العرب لا يحصلون على نسبتهم من ميزانية البلدية. ويبلغ عدد الأعضاء العرب في بلدية عكا ثلاثة (من 19).

شركة تطوير عكا القديمة: شركة حكومية - بلدية تهتم بالسياحة في عكا. تسيطر هذه الشركة على الكثير من العقارات – خاصة الأوقاف الإسلامية التي تم تسليمها لها بناء على تعديل في قانون أملاك الغائبين – والتي تجني من خلال تأجيرها أو من رسوم الدخول إليها الأموال الكثيرة. لهذه الشركة تأثير كبير وحقيقي على مجريات الحياة في عكا القديمة، فهي تعتبر «البلدية الحقيقية» للمدينة القديمة، فهي تقوم بوضع الخطط وتنفيذها، وتقوم على ترميم وصيانة الأبنية التاريخية في عكا القديمة، وتسوق المدينة في دول العالم، وتقوم على صقل هوية ومميزات المدينة من خلال الأيام الدراسية والمهرجانات التي تبادر إليها وتشارك فيها، ومن خلال الحملات الإعلانية التي تطلقها، ومن خلال متابعة نشاطات الشركة يظهر أنها تعمل على إبراز الجانب اليهودي لعكا وعلى تجاهل وطمس التاريخ والآثار العربية والإسلامية.

شركة عميدار: شركة الإسكان القومية، وهي شركة حكومية تسيطر (من خلال موقعها كمديرة لأملاك دائرة أراضي إسرائيل) على الأغلبية الساحقة من البيوت العربية في عكا القديمة، وجزء من البيوت في المدينة الانتدابية. وهي التي تحدّد المواصفات التي يتم وفقها ترميم البيوت، وهي التي تحدد هوية المقاول الذي يقوم بالترميم، وتقوم على جباية رسوم الإيجار وغيرها من الرسوم. تقوم هذه الشركة بتنفيذ سياسة المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة التي تتعلق بالفلسطينيين من سكان البيوت التي تديرها.
«الاستثمار في الحجر لا في البشر»: تشهد المدينة القديمة في عكا مشاريع تطويرية - سياحية جمة، تتجاهل جميعها المواطنين العرب وتراثهم وتاريخهم.

حي بساتين الرمل (بربور): هو حي عربي يقع على المدخل الجنوبي لمدينة عكا. تسكنه عائلات فلسطينية بنت بيوتها (من الصفيح) قبل قيام دولة إسرائيل، على أراضيها الخاصة – ولدى السكان الوثائق التي تثبت ملكيتهم للأرض – وقد منعتهم السلطات من بناء بيوت جديدة، أو تطوير بيوتهم القائمة. تتجاهل هذه السلطات السكان، فلا يحظون بالخدمات الأساسية. وتتوالى الخطط البلدية والحكومية عليهم من اجل اقتلاعهم من أراضيهم. وآخرها خطة بناء سكة الحديد من حيفا إلى «كرمئيل»، والتي سوف يتم من خلالها السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي ومصادرتها. في السنوات الأخيرة، قام الباحث والمحاضر في تخطيط المدن د. يوسف جبارين – بالتعاون مع السكان بقيادة لجنتهم – بوضع خريطة بديلة لتخطيط وبناء الحي، تم تقديمها للبلدية بهدف تبنيها واعتمادها، إلا أن البلدية ووزارة الإسكان الإسرائيلية رفضتا الخريطة.
حي وولفسون: هو حي يقع في قلب مدينة عكا، تحده من الشرق محطة القطارات ومن الجنوب محطة الباصات المركزية، وهو على الرغم من ذلك حي مهمل. بني في الخمسينيات وبدأ كحي مخصص للقادمين اليهود الجدد، ومع الوقت سكنه العرب، ومع ازدياد عدد العرب في الحي هجره اليهود، حتى أصبح العرب أكثرية فيه (80%). أبنية الحي وساحاته مهملة والبنية التحتية فيه بحاجة إلى تجديد واستثمارات كبيرة. في السنوات الأخيرة، وضمن جهود تهويد المدينة، تم إسكان عشرات من طلاب المدرسة الدينية - العسكرية «يشيفات هيسدر» في بيوت تابعة لشركة عميدار الحكومية للإسكان، وتم افتتاح المدرسة الدينية في قلب الحي.
محتلون وفلسطينيون وشوارع مبلطة.

محتلون وفلسطينيون وشوارع مبلطة.
حي رقم 10: تسلمت شركة تطوير عكا القديمة إدارة «حي رقم 10» وهو حي سكني تطل بيوته على السور الغربي للمدينة والبحر، وهو منظر طبيعي خلاب قلما نجد مثله. بادرت الشركة إلى تنفيذ مشروع (pilot) تم خلاله انتقاء عدد من البيوت في الحي وترميمها، بينما أثبتت أبحاث قام بها طلاب من معهد التخنيون أن الشركة لم تشرح بشكل واضح للسكان ماهية الترميم وتسببت لهم بالكثير من المصاعب والمشكلات. إضافة لذلك، فإن عدم الثقة بخطوات الشركة تغذيه مطالبتها السكان بمبالغ خيالية مشاركة منهم في الترميم (فعلى سبيل المثال، بلغت نفقات ترميم البيت الذي تقطنه عائلتا شعيب ومسلماني 2*5 مليون شيكل!!).
يعاني هذا الحي وطبعاً مستشرياًٍ للغاية من إخلاء سكانه العرب وبيع العديد من بيوتهم، بالإضافة فقد تم «تخصيص» عدد من البيوت التي تم ترميمها بمبالغ طائلة لجمعية «أياليم» التي تعنى بتهويد الجليل والمدن المختلطة.
تغيير أسماء الشوارع والحارات في عكا القديمة: يرى المتجول في شوارع وأزقة وحارات عكا القديمة العجب، فاللافتات تحمل من الأسماء ما لا يمتّ بصلة إلى المدينة وسكانها وتاريخهم، أو هو ذو صلة ضعيفة. فعلى سبيل المثال، هناك شارع ماركو بولو (وهو السوق العمومية)، وكذلك ساحة فينيسيا (وهي ساحة الصيادين)، إضافة إلى شارع بولدوين الثاني وشارع يوليوس قيصر ورصيف الرمبام (وهو ميناء عكا)، وهناك العشرات من هذه النماذج. وقد تبين أن أغلب المسارات السياحية والمركزية في عكا القديمة قد تمت إعادة تسميتها - في غفلة من أهلها ومن القادة العرب المحليين - بهدف جذب السياح، بحسب ما قيل لنا. أما نحن، فنظن أن وراء تغيير الأسماء أهدافاً أخرى، منها تغيير هوية المدينة ونسخ ومسخ تاريخها ومنحها تاريخاً جديداً، إضافة إلى محاولة قطع أو إضعاف الصلة بين السكان الفلسطينيين وبين المدينة التي أحبوها.
ونحن إذ نسرد هذا الجانب من قضية عكا القديمة، نقول إننا لم نوفّه هو وجوانب أخرى حقها من البحث، بل إننا نطالب بتعميق وتكثيف البحث ونشر الأبحاث الموجودة والتي تصب في خانة فهم هذه التحولات.

خريطة مشكلات السكان العرب في عكا

1 ـ العنصرية وانهيار ما يسمى بالتعايش العربي - اليهودي: تحطمت - في أيام معدودة من شهر تشرين الأول/ أكتوبر العام 2008 - أسطورة كاذبة دأبت المؤسسة الإسرائيلية وكثير من العرب السذج أو ممن هم من غير ذلك، على تغذيتها وربما الإبحار في محيطات الأمل بشأنها، ألا وهي كون عكا مدينة «مختلطة» أو كونها مدينة «التعايش المشترك». فعلى وقع حجارة المئات من اليهود الذين هاجموا البيوت والعائلات الفلسطينية، وقاموا بطردها وإحراق البيوت والسيارات، بانت الحقيقة المرعبة، وهي أن الكراهية تجاه العرب متفشية في عكا، تماماً مثلما هي متفشية في سائر المناطق. وأن رفضهم كمواطنين متساوين ورفض إسكانهم في الأحياء ذات الأغلبية اليهودية هو المبدأ الذي يطبق، أما ما دون ذلك فهو الشاذ.

2 ـ تدهور الوضع الاجتماعي – الاقتصادي: تعاني أكثرية السكان الفلسطينيين من وضع اجتماعي - اقتصادي متدنٍ، وتعمل غالبيتهم في أعمال لا تكاد تسد رمقهم. فخلال الأزمات الاقتصادية المتلاحقة أقفلت في مدينة عكا العشرات من المصانع والورش وسرح المئات من عمالها، إضافة إلى إخراج المكاتب والهيئات البلدية والحكومية من عكا القديمة.

3 ـ تدهور جهاز التعليم العربي وانجازاته: يعاني جهاز التعليم العربي في عكا من مشكلات بنيوية وفي الانجازات. فبعد سنوات كانت عكا فيها مركزا تعليميا يفد إليه سكان القرى المجاورة، يخرج – على مدار السنوات الأخيرة – الطلبة الفلسطينيون للتعلم في حيفا وفي عدد من القرى المجاورة. ويلاحظ المراقبون أن نسبة قليلة من الطلبة يتابعون تعليمهم العالي، ونادرا ما يتعلمون التخصصات المطلوبة والتي تضمن مستقبلا مهنيا محترما. إضافة إلى ذلك، فإن مشكلات الكثافة الطلابية والنقص في الملاعب والإمكانيات (مختبرات ومكتبات .. الخ) لا تكاد تعد.

4 ـ انعدام الفعاليات غير المنهجية: على الرغم من العدد الكبير من الفنانين والمبدعين العكيين، على اختلاف مشاربهم واهتماماتهم الفنية، إلا أن مؤسسات رعاية الشبيبة والمراكز الثقافية البلدية والحكومية تكاد تكون معدومة أو هي معدومة الفعاليات والتأثير، ويكون تأثير ذلك قاتلاً في أبناء الشبيبة القادمين من عائلات ذات خلفية اقتصادية - اجتماعية ضعيفة، فنراهم الأسرع في الانزلاق والانحدار نحو البطالة وتعاطي الكحول والمخدرات، مما يكون له أكبر الأثر في تفكك نسيج المجتمع العكي.

5 ـ أزمة الإسكان - تغيير طبيعة المدينة: يعاني السكان الفلسطينيون من خطة محكمة لتهجيرهم من مدينتهم. فبعد اعتراف «اليونسكو» بالمدينة كأثر إنساني عالمي، ارتفعت أسعار العقارات فيها، وتوالت العروض المغرية حينا ووسائل الاحتيال والتلاعب من اجل إخراجهم من بيوتهم حينا آخر. إضافة إلى ذلك، فإن هناك جهودا كثيرة من اجل تغيير طبيعة المدينة وتاريخها، ابتداء من تغيير أسماء الشوارع والحارات فيها، مرورا بإقرار الخارطة الهيكلية فيها – بدون إشراك أو علم المواطنين العرب – وانتهاء بخصخصة المباني العامة والتاريخية وبيعها لمن يدفع أعلى الأثمان.

المؤسسات العربية في عكا والجمعيات الأهلية
رغم ضعف التكافل الاجتماعي وتقلقل المبنى الاجتماعي للعرب في عكا، إلا أن المدينة حظيت بعدد من المؤسسات والمنظمات التي تعمل في المجتمع العربي ولمصلحته، وتقوم بتنظيم العديد من الفعاليات والمشاريع الثقافية والاجتماعية والفنية، ومن هذه المنظمات نذكر على سبيل المثال لا الحصر: جمعية الياطر، ومؤسسة الأسوار، وجمعية السنديانة، وجمعية النساء العكيات، وسرية الكشافة الإسلامية، ونادي الكشافة الأرثوذكسية، وجمعية عكا بلدي، ومجموعة العكاوية، إضافة إلى المدارس الابتدائية والثانوية.
توفر هذه المؤسسات شريحة قيادية – اجتماعية وثقافية – تقوم بدور هام في الحفاظ على الوجود والطابع العربي في مدينة عكا، وقد أثبتت هذه القيادة فعاليتها في أثناء الأحداث العنصرية العنيفة التي اجتاحت المدينة.


صحافي وناشط اجتماعي ومن مؤسسي جمعية الياطـر- عكا







رد مع اقتباس
قديم 09-26-2013, 09:52 AM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
Palboy
عضو برونزي
 
الصورة الرمزية Palboy
إحصائية العضو






 

Palboy غير متواجد حالياً

 


افتراضي


الحيـاة فـي عكــا
حسن أبو رقبة
الذكريات جزء من التاريخ الشخصي وأحياناً العام، ومجموع الذكريات هي تاريخ الوطن، بما فيها من أزهار وأشواك. ونبدأ بالولادة في عكا فلسطين في 28/1/1929، وبالدراسة عند الخوجة حُسُن في حي القلعة داخل الأسوار، ثم عند الراهبة مَرتا في كنيسة اللاتين، ثم الدراسة الابتدائية والإعدادية في مدارس الحكومة.
كان الأستاذ محمد الأمين مدير المدرسة الابتدائية قوي الشخصية. ويشرف أيضاً على بيت الطلبة الداخليين فوق السور وخان الشاوردة، أما مدير الإعدادية فكان الأستاذ سامي عيد من بعقلين في لبنان، خريج الجامعة الأميركية، وهو قوي الجسم، حازم في الإدارة. وكان معهما مجموعة من الأساتذة منهم: محمود الشلبي، عبد الرحمن قباني، الشاعر ناصر عيسى، أمين موافي، رفيق اللبابيدي، الشيخ موسى طبري، عبد الله حسون، محمد النحوي، محمد صادق رستم، وغيرهم، والمدارس الابتدائية جميعها داخل الأسوار.

مقاهٍ وأعياد وفنون
والدي كان يملك حصة في قهوة أبو رقبة في ساحة الليمان ـ ساحة المدينة القديمة الرئيسية، وبيتنا في حي القلعة كان يضم العائلة الكبيرة كلها. وقبيل الحرب العالمية الثانية بنى عمي الحاج عبد اللطيف بناية في عكا الجديدة خارج الأسوار وقرب حديقة البلدية، وخلال الحرب سكنها أفراد العائلة جميعاً.
أذكر في عكا سينما رويال وسينما البرج داخل الأسوار وسينما الأهلي في عكا الجديدة. كما أذكر احتفالات عكا بعيد المولد النبوي حيث يتوافد أهالي القرى المجاورة مع شعرائهم ليحتفلوا مع أهالي عكا بالدبكة والسيف والترس، وكانت المدينة تتزين بالأعلام الفلسطينية وفرق كشافة نادي أسامة وكشافة النادي الأرثوذكسي وكشافة النادي القومي تطوف الشوارع احتفالاً، وكذلك أبناء الطرق الصوفية براياتهم وصنوجهم، وتعيش عكا ثلاثة أيام في عيد كبير متواصل.

أما الأعياد الدينية الأخرى فكانت تجد أيضاً عناية كبيرة، وأهم ما أذكره هنا أن كشافة نادي أسامة كانوا يشكلون طوق حراسة في كنيسة ساحة عبود أثناء صلاة عيد الميلاد تضامناً مع الإخوة المسيحيين، كما أن كشافة النادي الأرثوذكسي كانوا يشكلون حراسة لجامع الجزار وغيره في أثناء صلاة عيدي الأضحى والفطر، تضامناً وتأكيداً للوحدة الوطنية.

أما باقي الجمهور فيقضي الأعياد في حديقة البلدية مع الطعام والأراكيل، أو في منطقة مقبرة النبي صالح أو في المقبرة الإسلامية شرق المدينة حيث تُنصب المراجيح في ساحتها السفلية قرب طريق عكا ـ حيفا، وبقربها الشحّوظة التي يقصدها المعيدون مشياً أو على ظهور الحمير للنزهة وتناول الخس والتوت، وبعد الشحّوظة تل نابليون أو تل الفخار الذي كان مقصداً أيضاً للمشاة حيث يتناولون أطيب خس، وخضاراً أخرى مثل الفول الأخضر والحَبلّق.

أما عصراً فكان الشاطئ الغربي يستقبل المتنزهين، فتجلس النسوة على الصخور ورمال الشاطئ يتنعمن بجمال المياه وأمواج البحر الخفيفة في حين يتنزه الرجال والشبان على الشارع الغربي المطل على مجلس النساء، ويتناثر الباعة على الشارع والشاطئ معاً. أذكر في عكا تعدد المقاهي، ومنها مقهى البحر قرب ميناء عكا، وكان بعهدة عمي الحاج عبد اللطيف وإلى جانبه حمام البحر الوحيد وهو بعهدته أيضاً، وكانت تقام حفلات متعددة في مقهى البحر ليلاً للملاكمة وللتمثيل، حيث تعرض الفرق الأجنبية وخاصة المصرية مسرحياتها، وأذكر منها مسرحية فؤاد الجزائرلي (بحبح) وحفلة الملاكمة مع الدببة وفيما بينها، وهناك حوالي عشرة مقاه أخرى موزعة في داخل الأسوار. أما خارج السور فكانت توجد مقاهي حابو وغرناطة وحديقة البلدية. وهناك سينما (البرج) فوق السور الجنوبي. أما سينما رويال المجاورة لمقهى البحر فكانت تعرض الأفلام العربية والأجنبية الصامتة، ثم جاءت الأفلام المتكلمة. كما كانت تقام حفلات غنائية هناك أذكر من بطلاتها المطربة فتحية أحمد والمطربة نازك. وكان في عكا خارج السور سينما الأهلي، وهي أحدث دور السينما، وأقيمت فيها عدة حفلات غنائية لفريد الأطرش ومحمد الكحلاوي وغيرهما، وكان عمي الحاج يتعهد معظم أفلام عبد الوهاب وفريد الأطرش فيها. وفي الأعياد كان بعض المتنزهين يزورون حديقة البهجة لعائلة بيضون شمال عكا، وقصر العجم مدفن البهاء ومزار البهائيين قرب الحديقة.


شارع عند بحر عكا.
كان النشاط الثقافي والكشفي والرياضي متميزاً في عكا آنذاك، ويمثله نادي أسامة والنادي الأرثوذكسي والنادي القومي بالدرجة الأولى، إلى جانب عدة نواد وفرق رياضية مثل نادي عمر ونادي الروضة. في تلك السن المبكرة كانت تدهشني بعض التقاليد والمشاهد منها: احتفال عكا الديني بعيد المولد النبوي في جامع الجزار حيث أجلس إلى جانب أصدقائي أو عائلتي على سجاد الجامع نستمع للمولد ثم نقبّل الشعرة الشريفة التي يمررها على المصلين الشيخ سعدو قيّم الجامع، ثم تُرش علينا العطور، وبعدها نستلم هدايا الملبس التي توزع على الجميع. وهناك احتفال عكا بتوديع الحجاج الذي كان يحضره معظم أهل المدينة، فيجتمع الحجاج في جامع الجزار بملابس الإحرام البيضاء حيث تجري قراءة القرآن والمولد النبوي وتلاوة الأناشيد، ثم يتوجه الجميع سيراً باتجاه البوابة الشرقية ترافقهم جموع أهل عكا مع فرق المتصوفين براياتهم العالية وصنوجهم، وبعض كشافة المدينة وشيوخها حتى الوصول إلى محطة سكة الحديد، حيث ينقلهم القطار باتجاه حيفا، ثم السعودية. وأذكر أيضاً بشكل خاص جماعة الإحسان في عكا ويشترك فيها رجالات المدينة، وشعارها (العكاوي لا يشحذ والغريب لا ينقطع) فكانوا يجمعون التبرعات بأنفسهم أيام العطل والأعياد ويوزعونها بانتظام على المحتاجين كالعائلات المستورة والسجناء المطلق سراحهم وغيرهم. وأذكر أيضاً صلاة التراويح في رمضان، ثم حلقات الذكر في بعض الجوامع، ومنها الجامع الزيتوني بقيادة الشيخ محمود اللبابيدي، وكذلك التسابق إلى أداء صلاة الفجر في جامع الجزار ثم زيارة المقابر قبل العودة إلى مكتبة الجامع للدراسة. وفي نهاية كل سنة كان يقام مهرجان رياضي في عكا لجميع مدارس الجليل وحيفا على أرض ملعب «الفرقة» يُعدها ويشرف على تنفيذها المديران سامي العيد ومحمد الأمين مع أستاذ الرياضة محمود شلبي وبقية المعلمين. لا بد من ذكر شهرة عكا بالأسماك وكذلك بالحلويات التي برع فيها أبو صلاح سعد الدين وأبناء ضيف الله وخاصة في الأعياد الإسلامية والمسيحية. وفي منتصف شعبان حيث تقدم حلويات نصف شعبان الخاصة، وهي من اليقطين والقرع وبأشكال عديدة جذابة يتم بيعها بالجملة والمفرق إلى القرى المجاورة وإلى السكان إضافة إلى الكنافة والبقلاوة وحلاوة الجبن والشعيبيات والسحلب والعوامات والمشبك والمدلوقة وغيرها.

التظاهرات الوطنية
في المناسبات الوطنية كوعد بلفور كانت المظاهرات الشعبية والطلابية تجوب شوارع المدينة، وأذكر اشتراكي صغيراً في عدة مظاهرات، وكذلك أذكر أن سجن عكا كان مخصصاً لتنفيذ أحكام الإعدام بالمجاهدين كل يوم ثلاثاء وخاصة خلال ثورة فلسطين الكبرى 1936 ـ 1939 ولا تغيب عن ذاكرتي جنازة الشهيد فخري الجاك مرقة وكان عاملاً في أحد الكاراجات ويتنقل بالسيارة بين بيروت وعكا، وقد كُلف بتهريب بعض الأسلحة حيث ألقي القبض عليه وحُكم بالإعدام، ونُفذ الحكم وتسلمت الجماهير جثمانه، وشيّعته في جنازة لم أشهد مثلها من قبل، حيث خرج أبناء المدينة والقرى المجاورة لتشييعه مع فرق الكشافة المسيحية والإسلامية ورجال الدين الإسلامي والمسيحي حيث حمل هؤلاء البساط الأحمر في مقدمة الجنازة تكريماً للشهيد، وكان البوليس البريطاني يواكب الجنازة عن بُعد دون أن يتصدى لها، وبالفعل كانت جنازة تليق بالشهداء.

وفي الوقت نفسه أذكر أن قتل الخونة من الجواسيس وسماسرة بيع الأراضي كان يجري بين حين وآخر، وكان القتيل من هؤلاء يُنقل على ظهر (طمبر) يجرها حمار يرافقها الأطفال بقولهم (الخائن نجّس الطمبر) حتى المقبرة حيث يتم دفنه خارجها تحقيراً له.

ومما أذكره عن تلك الثورة قرارات منع التجول التي تفرضها سلطة الانتداب البريطانية فتُغلق الأسواق كلها وتحبس الناس في بيوتهم عقاباً لأصحابها، كما أذكر ما حدث إثر مقتل أحد المتهمين بالتعامل مع الإنكليز في ساحة اللومان حيث أعلن منع التجول وتم تكسير زجاج ومحتويات المقاهي الثلاثة في ساحة اللومان الرئيسية ومنها قهوتنا.
وأحياناً كنا كالأطفال نضع على رؤوسنا ما يشبه الخوذة، فهي صحن نحاسي برباط مطاطي لوقاية الرأس عندما نتوجه لإلقاء الأحجار على الدوريات الإنكليزية في شوارع عكا، كما أذكر بعد ذلك إنشاء فرقة السلام الفلسطينية التابعة للمعارضة والشيخ أسعد الشقيري المتفاهمة مع بريطانيا، وكان أفراد هذه الفرقة يرتدون الطربوش الأحمر، نكاية بقرار قيادة الثورة لجميع السكان بارتداء الكوفية والعقال حماية للفلاحين الثوار من تمييزهم عن غيرهم عند حضورهم إلى المدن الفلسطينية، وقد التزم جميع السكان بأوامر القيادة قبل ظهور فرقة السلام المذكورة العاملة مع الإنكليز والمجهزة بأسلحة منهم.

وأذكر في الحرب العالمية الثانية قيام الطيران الألماني بقصف مخزن استراتيجي للبنزين للجيش البريطاني في عكا شرق حديقة البلدية وعلى طريق حيفا ـ صيدا مما أشعل حريقاً كبيراً اضطرنا للنزوح مؤقتاً من منزلنا القريب، احتياطاً وخوفاً من امتداده. كما شملت نفس الغارة إلقاء قنبلة طائرة من النوع الثقيل جداً أصابت قسماً من منزل قريبنا أحمد أبو رقبة شمال عكا، وهو المنزل الذي استضاف فيه في ما بعد الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة الذي كان آنذاك لاجئاً سياسياً في القاهرة.


راجع: أزهار وأشواك: مذكرات ضابط فلسطيني، بيروت 2010.







رد مع اقتباس
قديم 09-26-2013, 09:53 AM رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
Palboy
عضو برونزي
 
الصورة الرمزية Palboy
إحصائية العضو






 

Palboy غير متواجد حالياً

 


افتراضي


الحيـاة فـي عكــا
حسن أبو رقبة
الذكريات جزء من التاريخ الشخصي وأحياناً العام، ومجموع الذكريات هي تاريخ الوطن، بما فيها من أزهار وأشواك. ونبدأ بالولادة في عكا فلسطين في 28/1/1929، وبالدراسة عند الخوجة حُسُن في حي القلعة داخل الأسوار، ثم عند الراهبة مَرتا في كنيسة اللاتين، ثم الدراسة الابتدائية والإعدادية في مدارس الحكومة.
كان الأستاذ محمد الأمين مدير المدرسة الابتدائية قوي الشخصية. ويشرف أيضاً على بيت الطلبة الداخليين فوق السور وخان الشاوردة، أما مدير الإعدادية فكان الأستاذ سامي عيد من بعقلين في لبنان، خريج الجامعة الأميركية، وهو قوي الجسم، حازم في الإدارة. وكان معهما مجموعة من الأساتذة منهم: محمود الشلبي، عبد الرحمن قباني، الشاعر ناصر عيسى، أمين موافي، رفيق اللبابيدي، الشيخ موسى طبري، عبد الله حسون، محمد النحوي، محمد صادق رستم، وغيرهم، والمدارس الابتدائية جميعها داخل الأسوار.

مقاهٍ وأعياد وفنون
والدي كان يملك حصة في قهوة أبو رقبة في ساحة الليمان ـ ساحة المدينة القديمة الرئيسية، وبيتنا في حي القلعة كان يضم العائلة الكبيرة كلها. وقبيل الحرب العالمية الثانية بنى عمي الحاج عبد اللطيف بناية في عكا الجديدة خارج الأسوار وقرب حديقة البلدية، وخلال الحرب سكنها أفراد العائلة جميعاً.
أذكر في عكا سينما رويال وسينما البرج داخل الأسوار وسينما الأهلي في عكا الجديدة. كما أذكر احتفالات عكا بعيد المولد النبوي حيث يتوافد أهالي القرى المجاورة مع شعرائهم ليحتفلوا مع أهالي عكا بالدبكة والسيف والترس، وكانت المدينة تتزين بالأعلام الفلسطينية وفرق كشافة نادي أسامة وكشافة النادي الأرثوذكسي وكشافة النادي القومي تطوف الشوارع احتفالاً، وكذلك أبناء الطرق الصوفية براياتهم وصنوجهم، وتعيش عكا ثلاثة أيام في عيد كبير متواصل.

أما الأعياد الدينية الأخرى فكانت تجد أيضاً عناية كبيرة، وأهم ما أذكره هنا أن كشافة نادي أسامة كانوا يشكلون طوق حراسة في كنيسة ساحة عبود أثناء صلاة عيد الميلاد تضامناً مع الإخوة المسيحيين، كما أن كشافة النادي الأرثوذكسي كانوا يشكلون حراسة لجامع الجزار وغيره في أثناء صلاة عيدي الأضحى والفطر، تضامناً وتأكيداً للوحدة الوطنية.

أما باقي الجمهور فيقضي الأعياد في حديقة البلدية مع الطعام والأراكيل، أو في منطقة مقبرة النبي صالح أو في المقبرة الإسلامية شرق المدينة حيث تُنصب المراجيح في ساحتها السفلية قرب طريق عكا ـ حيفا، وبقربها الشحّوظة التي يقصدها المعيدون مشياً أو على ظهور الحمير للنزهة وتناول الخس والتوت، وبعد الشحّوظة تل نابليون أو تل الفخار الذي كان مقصداً أيضاً للمشاة حيث يتناولون أطيب خس، وخضاراً أخرى مثل الفول الأخضر والحَبلّق.

أما عصراً فكان الشاطئ الغربي يستقبل المتنزهين، فتجلس النسوة على الصخور ورمال الشاطئ يتنعمن بجمال المياه وأمواج البحر الخفيفة في حين يتنزه الرجال والشبان على الشارع الغربي المطل على مجلس النساء، ويتناثر الباعة على الشارع والشاطئ معاً. أذكر في عكا تعدد المقاهي، ومنها مقهى البحر قرب ميناء عكا، وكان بعهدة عمي الحاج عبد اللطيف وإلى جانبه حمام البحر الوحيد وهو بعهدته أيضاً، وكانت تقام حفلات متعددة في مقهى البحر ليلاً للملاكمة وللتمثيل، حيث تعرض الفرق الأجنبية وخاصة المصرية مسرحياتها، وأذكر منها مسرحية فؤاد الجزائرلي (بحبح) وحفلة الملاكمة مع الدببة وفيما بينها، وهناك حوالي عشرة مقاه أخرى موزعة في داخل الأسوار. أما خارج السور فكانت توجد مقاهي حابو وغرناطة وحديقة البلدية. وهناك سينما (البرج) فوق السور الجنوبي. أما سينما رويال المجاورة لمقهى البحر فكانت تعرض الأفلام العربية والأجنبية الصامتة، ثم جاءت الأفلام المتكلمة. كما كانت تقام حفلات غنائية هناك أذكر من بطلاتها المطربة فتحية أحمد والمطربة نازك. وكان في عكا خارج السور سينما الأهلي، وهي أحدث دور السينما، وأقيمت فيها عدة حفلات غنائية لفريد الأطرش ومحمد الكحلاوي وغيرهما، وكان عمي الحاج يتعهد معظم أفلام عبد الوهاب وفريد الأطرش فيها. وفي الأعياد كان بعض المتنزهين يزورون حديقة البهجة لعائلة بيضون شمال عكا، وقصر العجم مدفن البهاء ومزار البهائيين قرب الحديقة.


شارع عند بحر عكا.
كان النشاط الثقافي والكشفي والرياضي متميزاً في عكا آنذاك، ويمثله نادي أسامة والنادي الأرثوذكسي والنادي القومي بالدرجة الأولى، إلى جانب عدة نواد وفرق رياضية مثل نادي عمر ونادي الروضة. في تلك السن المبكرة كانت تدهشني بعض التقاليد والمشاهد منها: احتفال عكا الديني بعيد المولد النبوي في جامع الجزار حيث أجلس إلى جانب أصدقائي أو عائلتي على سجاد الجامع نستمع للمولد ثم نقبّل الشعرة الشريفة التي يمررها على المصلين الشيخ سعدو قيّم الجامع، ثم تُرش علينا العطور، وبعدها نستلم هدايا الملبس التي توزع على الجميع. وهناك احتفال عكا بتوديع الحجاج الذي كان يحضره معظم أهل المدينة، فيجتمع الحجاج في جامع الجزار بملابس الإحرام البيضاء حيث تجري قراءة القرآن والمولد النبوي وتلاوة الأناشيد، ثم يتوجه الجميع سيراً باتجاه البوابة الشرقية ترافقهم جموع أهل عكا مع فرق المتصوفين براياتهم العالية وصنوجهم، وبعض كشافة المدينة وشيوخها حتى الوصول إلى محطة سكة الحديد، حيث ينقلهم القطار باتجاه حيفا، ثم السعودية. وأذكر أيضاً بشكل خاص جماعة الإحسان في عكا ويشترك فيها رجالات المدينة، وشعارها (العكاوي لا يشحذ والغريب لا ينقطع) فكانوا يجمعون التبرعات بأنفسهم أيام العطل والأعياد ويوزعونها بانتظام على المحتاجين كالعائلات المستورة والسجناء المطلق سراحهم وغيرهم. وأذكر أيضاً صلاة التراويح في رمضان، ثم حلقات الذكر في بعض الجوامع، ومنها الجامع الزيتوني بقيادة الشيخ محمود اللبابيدي، وكذلك التسابق إلى أداء صلاة الفجر في جامع الجزار ثم زيارة المقابر قبل العودة إلى مكتبة الجامع للدراسة. وفي نهاية كل سنة كان يقام مهرجان رياضي في عكا لجميع مدارس الجليل وحيفا على أرض ملعب «الفرقة» يُعدها ويشرف على تنفيذها المديران سامي العيد ومحمد الأمين مع أستاذ الرياضة محمود شلبي وبقية المعلمين. لا بد من ذكر شهرة عكا بالأسماك وكذلك بالحلويات التي برع فيها أبو صلاح سعد الدين وأبناء ضيف الله وخاصة في الأعياد الإسلامية والمسيحية. وفي منتصف شعبان حيث تقدم حلويات نصف شعبان الخاصة، وهي من اليقطين والقرع وبأشكال عديدة جذابة يتم بيعها بالجملة والمفرق إلى القرى المجاورة وإلى السكان إضافة إلى الكنافة والبقلاوة وحلاوة الجبن والشعيبيات والسحلب والعوامات والمشبك والمدلوقة وغيرها.

التظاهرات الوطنية
في المناسبات الوطنية كوعد بلفور كانت المظاهرات الشعبية والطلابية تجوب شوارع المدينة، وأذكر اشتراكي صغيراً في عدة مظاهرات، وكذلك أذكر أن سجن عكا كان مخصصاً لتنفيذ أحكام الإعدام بالمجاهدين كل يوم ثلاثاء وخاصة خلال ثورة فلسطين الكبرى 1936 ـ 1939 ولا تغيب عن ذاكرتي جنازة الشهيد فخري الجاك مرقة وكان عاملاً في أحد الكاراجات ويتنقل بالسيارة بين بيروت وعكا، وقد كُلف بتهريب بعض الأسلحة حيث ألقي القبض عليه وحُكم بالإعدام، ونُفذ الحكم وتسلمت الجماهير جثمانه، وشيّعته في جنازة لم أشهد مثلها من قبل، حيث خرج أبناء المدينة والقرى المجاورة لتشييعه مع فرق الكشافة المسيحية والإسلامية ورجال الدين الإسلامي والمسيحي حيث حمل هؤلاء البساط الأحمر في مقدمة الجنازة تكريماً للشهيد، وكان البوليس البريطاني يواكب الجنازة عن بُعد دون أن يتصدى لها، وبالفعل كانت جنازة تليق بالشهداء.

وفي الوقت نفسه أذكر أن قتل الخونة من الجواسيس وسماسرة بيع الأراضي كان يجري بين حين وآخر، وكان القتيل من هؤلاء يُنقل على ظهر (طمبر) يجرها حمار يرافقها الأطفال بقولهم (الخائن نجّس الطمبر) حتى المقبرة حيث يتم دفنه خارجها تحقيراً له.

ومما أذكره عن تلك الثورة قرارات منع التجول التي تفرضها سلطة الانتداب البريطانية فتُغلق الأسواق كلها وتحبس الناس في بيوتهم عقاباً لأصحابها، كما أذكر ما حدث إثر مقتل أحد المتهمين بالتعامل مع الإنكليز في ساحة اللومان حيث أعلن منع التجول وتم تكسير زجاج ومحتويات المقاهي الثلاثة في ساحة اللومان الرئيسية ومنها قهوتنا.
وأحياناً كنا كالأطفال نضع على رؤوسنا ما يشبه الخوذة، فهي صحن نحاسي برباط مطاطي لوقاية الرأس عندما نتوجه لإلقاء الأحجار على الدوريات الإنكليزية في شوارع عكا، كما أذكر بعد ذلك إنشاء فرقة السلام الفلسطينية التابعة للمعارضة والشيخ أسعد الشقيري المتفاهمة مع بريطانيا، وكان أفراد هذه الفرقة يرتدون الطربوش الأحمر، نكاية بقرار قيادة الثورة لجميع السكان بارتداء الكوفية والعقال حماية للفلاحين الثوار من تمييزهم عن غيرهم عند حضورهم إلى المدن الفلسطينية، وقد التزم جميع السكان بأوامر القيادة قبل ظهور فرقة السلام المذكورة العاملة مع الإنكليز والمجهزة بأسلحة منهم.

وأذكر في الحرب العالمية الثانية قيام الطيران الألماني بقصف مخزن استراتيجي للبنزين للجيش البريطاني في عكا شرق حديقة البلدية وعلى طريق حيفا ـ صيدا مما أشعل حريقاً كبيراً اضطرنا للنزوح مؤقتاً من منزلنا القريب، احتياطاً وخوفاً من امتداده. كما شملت نفس الغارة إلقاء قنبلة طائرة من النوع الثقيل جداً أصابت قسماً من منزل قريبنا أحمد أبو رقبة شمال عكا، وهو المنزل الذي استضاف فيه في ما بعد الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة الذي كان آنذاك لاجئاً سياسياً في القاهرة.


راجع: أزهار وأشواك: مذكرات ضابط فلسطيني، بيروت 2010.







رد مع اقتباس
إضافة رد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:50 PM بتوقيت عمان

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
[ Crystal ® MmS & SmS - 3.6 By L I V R Z ]
mess by mess ©2009