عرض مشاركة واحدة
قديم 02-21-2012, 03:23 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
iaad
عضو هام
 
الصورة الرمزية iaad
إحصائية العضو






 

iaad غير متواجد حالياً

 


افتراضي


ثم -أيُّها الإخوةُ في اللهِ!- إنَّ منزلةَ السُّنَّةِ في الإسلامِ مَنزلةٌ عُظمَى، وهي جزءٌ مِن فِطرةِ الناسِ التِي عاشُوها، وألِفُوها، وأنِسُوا بها، فلا يَستطيعُ أحدٌ أن يُنكِرَ -أو أنْ يَستنكِرَ- السُّنَّةَ ومكانَتَها ومنزلَتَها؛ لِذلِكَ: فإنَّ التركيزَ على منزلةِ السُّنَّةِ لا يَكونُ بين أهلِ السُّنَّةِ؛ فإنَّ أهلَ السُّنةِ بها مُؤمِنون، ولها مُطمئِنُّون، وإليها داعُون، وبها عامِلون، وبِأنوارِها مُنتنَوِّرُون مُنوِّرُون. ولكنْ: ما الواجبُ ذِكرُه والتذكيرُ به بين أهلِ السُّنةِ؟ الواجبُ ذِكرُه والتذكيرُ به بينَ أهلِ السُّنة -أيُّها الإخوةُ في اللهِ!- هو بعضٌ مِن الملامِحِ التي قَد يَكونونَ مُخطِئين فِيها، أو غَيرِ فاهِمينَ لها أو مُستوعِبينَ حَقائِقَها.
وأضرب على ذَلكَ أمثلةً حيويَّةً واقعيَّةً نعيشُها، ونَعتادُها، ونحياها -صباحَ مَساءَ، وليلَ نهارَ-؛ لعلَّها تُوَعِّي قلوبَنا، وتُفهِّمُنا -أكثرَ وأكثرَ- ما الواجبُ علينا سُلوكُه تُجاه هذه السُّنة النبويَّة المبارَكة.
أمَّا أوَّلُ ذلِكَ: فَلْنعْلَمْ أنَّنا إذا أطلقْنا كلمةَ »السُّنَّة« فإنَّها لا تعني -فَقَط- الأمْرَ المستَحَبَّ المُستَحْسَنَ. كَثيرٌ من الناسِ إذا قُلتَ له: ( هَذِه سُنَّة )، يَقولُ لكَ: ( إذًا: هَذا شَيءٌ مُستحَبٌّ، مُستَحْسَنٌ )! هذا غَلطٌ شَنيعٌ! فإنَّ مِنَ السُّنةِ سُنَّةً واجبةً؛ المتخلِّفُ عنها آثمٌ؛ كما أنَّ المُطبِّقَ لها مَأجور. إذًا: الفاعِلُ لَها مأجورٌ، والتَّاركُ لها آثِمٌ مَأزُور. هذِهِ واحدةٌ.

أمَّا الأُخرَى الَّتِي تُرافِقُها: أنَّ بعضَ الناسِ يَفهمُها فهمًا -حتَّى- أدْنَى مِن هذا الفَهم! تقـولُ لَه: ( افْعَلْ كَذا )، يقولُ لكَ: ( إنَّه سُنَّة )!! كأنَّ لِسانَ حالِهِ يَقولُ: إذًا لا أفعَلُها (!) آلسُّنةُ أُمِر بِها وبِاتِّباعِها لِكي تُفعلَ أم لكي تُتركَ؟! الجوابُ الحقُّ الواضحُ، الذي عليهِ النُّورُ لائِح: أنَّ السُّنةَ سُنَّةٌ لِكي تُفعَلَ. لِذلكَ: قَـولُ بعضِ الناسِ عندما تأمُـرُه بِسُنَّةٍ؛ يقولُ لكَ: ( إنها سُنَّة )! يعني: لا أريدُ أنْ أفعلَها (!) إذا كانت سُنَّةً، وكنتَ مؤمنًا بها أنَّها سُنةٌ؛ فالأصلُ أنْ تفعلَها -بِغَضِّ النظرِ أنَّها سُنَّة مُستحبَّة، أو سُنَّة واجبة-.
بل إنَّني أقولُ: الصَّحابةُ -رِضِيَ اللهُ -تعالى-عَنْهم- وهُم أعظـمُ مَن وَطِئَ الحَصا بعدَ الأنبياءِ -عامةً-، وبعد سيِّدِهم ومُقدَّمِهِم رسولِنا الكَريم -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-خاصَّةً-، هؤلاءِ الصَّحابةُ الأبرارُ، والأئمةُ الأطهارُ -رَحمَهُم اللهُ -تَعالى- أجمَعينَ-، هَؤلاءِ عِندمـا كانتْ تُذكَـرُ بين أيْدِيهمْ سُنَّةٌ؛ هَل كانوا يَقولونَ: ( هَذه سُنَّة واجبةٌ، أم سُنَّة مُستحبَّة )؟! لَم يَكن ذلك -البتةَ- قائمًا في أذهانِهم، ولا مُتخيَّلًا في أعيُنِهم؛ وإنَّما كانوا كما قال بعضُ كُتَّاب هذا العَصـر -كلمةً حَسنةً- قالَ: ( لَم يَكن الصحابةُ في تلقِّيهِم عن النبيِّ -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- إلَّا قائمينَ على ما يُقالُ فيه منهجُ التلقِّي للتَّنفيذ «؛ قال لَهم رسولُ اللهِ -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: ( افْعَلوا )؛ يَفعَلون، ( اتْرُكُوا )؛ يَترُكُون. نَعم، قد يتخلَّف بعضُهم عن أمرٍ؛ لأنَّه لم يستوعِبْه، أو لأنه عنده إشكالٌ، أو لأنه عندَه تردُّد في معرفةِ التَّطبيقِ، أمَّا أنْ يكونَ تردُّد مع العلمِ والبيان؛ فلم يَكنْ هذا يكن -قطُّ- مِن مُجمل أصحابِ رسولِ الإسلامِ -عليهِ أفْضَلُ الصَّلاةِ وأتَمُّ التَّسليمِ-. هذِه واحِدة.







رد مع اقتباس