الكرسي الشهيد
كثيرة هي الأجساد التي سلبها الشلل القدرة على الحركة* وكثيرة هي الكراسي التي تحمل أجساد المقعدين *لكن كرسيا واحدا منها تفرَّد *ربما أحسن ذلك الكرسي أول الأمر بالفضل على من جلس عليه *لكن ما لبث أن صار يحس انه محمول لا حامل ومحرَّك لا محرِّك كان الكرسي يحس انه يحس انه لا يمشي على الأرض بل يطير بصاحبه في جو السماء لما يجد لديه من همة لم تجد لها غاية دون الجنة * فطرق ما استطاع من أبوابها* فا هو الكرسي يمضي بصاحبه إلى مجالس العلم والدعوة يرجو أن يهدي الله بكلماته من يكون سببا في دخوله الجنة وها هو يسعى على الأرامل والأيتام والفقراء يرجو برعايتهم الجنة وكم كان يغار من صاحبه وهو يجد الناس يغفلون عن كونه جالسا على كرسي
إنهم لم يكونوا يرونه مقعدا تمشي به العجلات بل كان يجلونه إجلال من أوتي بسطة في الجسم ومشي على قدميه بالخير إليهم وها هو صاحبه يطرق أبواب الجنة بالجهاد وطلب الشهادة وصناعة المجاهدين والشهداء الذين انغرست فلسطين في قلوبهم حين نسيت الأمة القدس والأقصى *فندبوا أنفسهم للجهاد وكان الشيخ رائدهم
كان الكرسي يتساءل: كيف لرجل مقعد أن يقود حركة جهاد؟ وكان الكرسي يخترق عقل الشيخ وهو يستحضر المواقف ويتصور المواقع ويعد العدة ويستصفي الرجال كان عقله ميدان الإعداد والتخطيط والتنفيذ
حول الكرسي تنبت قامات كبيرة ونُسجت مجرة من المجاهدين والشهداء يهتدي بها السائرون في عتمة الحياة*لم يتعب الكرسي من الحركة بالشيخ المقعد ذي الهمة العالية ولم تزد السنوات الكرسي إلا شبابا صار كأنه جزء من جسد الشيخ وصار يحبه حب العضو للجسد وكان مما يشغل بال الكرسي: ماذا سأفعل إذا رحل الشيخ عن هذه الحياة؟هل سأوضع في متحف الجهاد ليقال:هذا كرسي الشيخ الراحل؟؟!