الرجل الذهبيّ
تعجبني في سيرة حذيفة بن اليمان العبْسيّ تلك الشخصية المنضبطة الجادّة
التي حظيت بثقة رسول الله حتى بات كاتم سرّه وخزينة أوراقه الخاصة وأرشيفه في الرجال،
وما زلتُ أبحث في سبب إيداع رسولِ الله أسماءَ المنافقين يوم تبوك
عند حذيفة لاسيما أنه أمره ألا يفشي الأسماء لأحد، فما فائدة الأرشيف إذا لم ينتفع به !
وأحسب أنّ وراء ذلك سرّاً لم ينكشِف بعدُ !
من أعجب المواقف التي أقف لها احتراماً ، وهو الموقف الذي زادت بسببه مكانته عند رسول الله جدّاً
هو تصدّقه بدم أبيه ( اليمان واسمه حُسَيْل بن جابر)
بعد أن قتله أحد جنود المسلمين في غزوة أحد خطأً وهم لا يعرفونه ظانين
أنه أحد كفار قريش عندما اختلط الجندُ ببعضهم في كَرّة خالد بن الوليد عليهم ،
فكانت ردّة فعله : يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ، ماذا صنعتم ! قتلتم أبي !
كان الحزن يملؤه ولكنه لم يفتح للغضب منفذاً يتسلل إليه في واحدة من أصعب اللحظات
التي تنفجر فيها النفس ... وهي صفة رجل دولة يستحق أن يكون من خاصّة الخاصّة عند رسول الله .
كم أتمنّى أن أجد متسعاً من وقتٍ لأحلّل تلك الشخصية وأتتبع مواقفها
ولاسيما في فتنة مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان ...