علَّم الأجيال في البعنة ومجد الكروم وحيفا، وكان معروفاً بالمعلِّم الحازم في عقابه لطلابه. كانت إلو هيبِة بِتميَّز فيها وشخصيّة قوية، ويا ويلو اللي يعلَقْ من الطلاب.. كان يوكُلْ مِنّو فَلقَة منيحَة، ورَغم هيكْ نال الاحترام والتقدير من الأهالي ومن الطلاب.
الأستاذ غصوب نجيب خازن (أبو رياض 77عاماً) من قرية البعنة وحالياً يِسكُن في حيفا. أصرّْ أن ألتقيه في مطعم السنديان على قِمِّة جبل الكرمل في حيفا بقوله: القعدِة بدها تْطول ولازم تكون مُريحَة.
كنت أروح عَ المدرسِة حامِلْ محفظة وِبْقَلبها لوحْ صغير وقَلَمْ حَجَرْ وِكْتابْ قِراءَة ودَفتَرينْ ثَلاثِة
قلت لابو رياض: إحْكيلي عن طفولْتك وكيف كْبِرتْ تعلّمت.. قال: خْلِقتْ في البعنِة واتعلّمت في المدرسِة الابتدائية في البعنِة (كانت في المعصرة ببيت حنا الياس)، علّموني أربع معلّمين: المدير عيسى الصالح من الرامة، والاستاذ توفيق الماضي من إجْزِمْ، والاستاذ نمر اسماعيل تيتي (أبو حسن) من البعنة، والاستاذ ستر الله من الكابري.
كنت أروح عَ المدرسِة حامِلْ محفظة تِعْمَلها إمّي زَيّْ (المُخلاةْ)، وِبْقَلبها لوحْ صغير وقَلَمْ حَجَرْ، وِكْتابْ قِراءَة، ودَفتَرينْ ثَلاثِة، بَذكُر من ولاد صَفّي عبد العزيز أمّون وعبد الرحمن وعبد المجيد من دير الأسد ومحيي الدين علي من البعنِة. في الصف الخامِسْ انتَقَلتْ على مدرسِة انجليزيِة في حيفا إسِمها (سانت لوكسْ)، كان التعليم بِالإنجليزي، ومِنْ جُمْلِة لِمعَلّمين كان سامي جَرايسي وإميلْ حبيبي، وبعدها انتقلت لمدرسِة السيلزيان للصف الثاني عَشَرْ.
وَقَّفْ نوحْ إبراهيم على قُصِّة بيتنا وصار يقول: تَعيشْ المرأة العربيِة إسلام ومسيحيِّة
قلت:شو كمان بْتُذكُرْ بِطُفولْتَكْ يابو رياض؟..قال:هَذيكْ المَرَّة ذَكَّرني إبن صَفّي محيي الدين علي (أبو محمد) بِالشاعِرْ نوحْ ابراهيم لَمّا إجا عَ البِعنِة سِنة الـ37. كان عُمري سبعْ سنينْ وبَذُكْرو مْنيحْ مْنيحْ.. كان عُمْرو 25 سِنِة وإلو لِحْيِه سودَة، أجا عِنّأ ودَعينا كُلّْ البلد.. وَقَّفْ عِنّا على قُصِّة البيتْ وصار يدعو للثورَة ضد الإنجليزْ وكان يِقول:
تَعيشْ المرأة العربيِة إسلام ومسيحيِّة
باعَتْ لي أساوِرْها وِاشْتَرَتْ بُنْدُقِيِّة
كُنتْ قاعِد بين الموجودينْ وْعَدِنّو الإشي إسّا قُدّامي، في الثورَة كانوا كثار من البعنِة مثل: ابراهيم الياس (أبو حنا)، ومصطفى بكري، وعادل نجيب خازن وغيرهِن، كانو يِنزَلوا على مجد لِكروم يُضُربوا على الكامب ويِرجَعوا.... وكان الجُمهورْ يِعيدْ مِنْ وَرا نوحْ ابراهيم، وبَذكُرْ مِنْهِنْ إحمد طلال بدران وأخوه محمد (محمد كان من لِكبار في البلد وطِلِعْ عَ لبنان بعدين)، ومحيي الدين محمود علي.
مونتجامري احتلّْ بيتنا وقَعَدْ فيه مع جْنودو
بعد الاجتماع تْعَشّو نوح ابراهيم وجَماعتو عند سيدي نمر خازن موسى. بعد يومين أجا قائِد الجيش الانجليزي في الشمال (مونت جامْري) - اللي كَسَرْ الألمان بعدين في الحرب العالميِّة الثانيِة-، وسلّموه مسؤوليِّة قمع الثورَة الفلسطينية في الشمال. أجا مونت جامري وسألْ أبوي: ليشْ إنتو مع الثورَة؟...قلّو أبويْ: إحنا اللي بيتنا مَفتوحْ في البلد وهذا واجبنا.
بعد أسبوع احتلّْ مونت جامري بيتنا وقَعَدْ فيه مع جْنودو... بَذكُرْ كان مَعهِن خنازير، يُضُرْبوا الخنزير على راسو ويِذبَحوه،..كانت تُمرُقْ طيارة الإسْتِكشاف من فوق بيتنا، وِاللي فيها يِلوّحوا بِمحرَمِة حَمْرَه، ويومها ضَربَتْ الطيّارَة صاروخْ على دير الأسد وقَتلَتْ واحَدْ من الثُوار.. وبعدين سْمِعنا إنّو نوح ابراهيم انْقَتَلْ بين شفاعمِرْ وطمرَة.
بَذكُرْ كمانْ في الـ39 كانت معركِة اللياتْ اللي استَشْهَدْ فيها محمد درويشْ (أبو علي) من البِعنِة، قالوا إنّو الطيّارَة ضَرْبَتْ عليه أزانْ وقَتلَتو.
فلسطين بلادنا وِالإنجليز كْلابنا
وتابع أبو رياضْ: بَذكُرْ وأنا بِالصف الثاني أجا على مدرسِة البعنِة قائد من الثوار إسمو لِصْفَحْ راكِبْ على حْصانْ، وصارْ يِحَمِّسْ بِالشباب ويقول:فلسطين عربيِّة.. وبعد ما راحْ أخذ بولص حنا بولُص طلاب المدرسة وداروا في البلد يِهِتفوا: فلسطين بلادنا.....وِالإنجليز كْلابنا.. بعدينْ دْريتْ إنّو الانجليزْ قتلوا لِصفَحْ بِوادي العمود
اليهود حَطّوا قُنْبُلِة كبيرِة في مطعم خالِد ابن الوليد بِشارِع الملوك وِانقَتَلْ يومها 25 واحَدْ
وتابع الاستاذ غصوب: بِنَفسْ السِنِة في آخر الـ47 بِدْيَتْ المُناوَشاتْ، وْحَطّوا اليهود قُنْبُلِة كبيرِة في مطعم خالِد ابن الوليد بِشارِع الملوك، وِانقَتَلْ يومها 25 واحَدْ مِنْهِن بسّام الخازِن اللي كان مدير مينا حيفا (والِدْ الصحفي المعروف جهاد الخازن في لندن).. وفي مطلع الـ48 سكّرت المدارس وهَرَبنا من حيفا وِارجِعت عَ البعنِة.
قلت:وكيف بِدي مشوارَكْ في التعليمْ؟..قال: بِسِنة 1950 عَلّمت في مجد لِكروم سِنتين، وانتقلت عَلّمت في البعنِة لَسِنة الـ62، بعده قدّمت امتحان في القنصلية الامريكية ونجحت، وسافرت على جامعة فلوريدا في أميركا واتعلّمت موضوع التاريخ. رجِعت في الـ66 وعلّمت في مجد الكروم، وكانت مديرِة المدرسة لِمعلّمة جورجيت أُكيان من الرامِة، وانتقلت كمان مرّة عَ البعنِة. وِبْنَفسْ السِنِة انتقَلتْ أشتغِل مدير مدرسِة في حيفا لـ 1995، وِطلِعتْ عَ التَقاعُدْ.
اللي كان يِضَبِّطْ التاءْ المَرْبوطَة مِنْ التاءْ المفتوحَة يِحُطّوه معلِّمْ
قلت: يعني مِشْ هْوَيِّن الواحَدْ يصير معلِّم؟.. قال: لأ مِشْ زَيّْ مَنْتي مْفَكِّرْ.. اللي كان بَدّو يصير مْعَلِّم كان يِعمَلْ امتِحانْ، إذا كان يِضَبِّطْ التاءْ المَرْبوطَة مِنْ التاءْ المفتوحَة يِحُطّوه معلِّمْ مِنْ الصف الأوَّلْ للسابِعْ.. بقى معاشْ لِمعَلِّم العربي نُصّْ معاشْ لِمعَلِّم اليهودي..بَذكُرْ أنا كُنت آخُذْ ثلاثينْ ليرَة في الشهر وِمعلِّم يهودي بَعِرفوا يوخُذْ سِتّين ليرَة. رغم كُلّْ هاذا التعليمْ كان منيحْ.
مَرّة في طالِبْ أصلو من شعب إسموووو...(بَلاشْ نْقولْ إسمو)...
قلت: كنت معلِّم قاسي والطُلاّب تخافْ مِنَّك وِالفَلَقَة اللي كنت تِعمِلها مَشهورَة!!.. قال:المَزْبوطْ الفَلَقَة كانت دايْماً حاضْرِة، كنت أعمل الفلقة عَ الإجْرينْ، والأهالي كانوا يوافقوني.. في واحَدْ بلا ذِكِرْ أسماءْ هَرَبْ من المدرسِة بين الزتون في الأصْعَة (أرض)، بَسّْ شافني صارْ وِجهو إصفَرْ ومِنْ الخوف عِمِلْها بِبَنطَلونو.
هاي الشِدِّة جابَتْ نتائج منيحة، وبَذكُرْ في الـ1968 حصلت البِعنِة على أعلى مُعَدَّلْ بِإمتحانات الثوامِن الحكوميِّة القُطريِّة. مَرّة في طالِبْ أصلو من شعب إسموووو...(بَلاشْ نْقولْ إسمو) أقُللو: أُقْعُدْ هونْ.. ما يْرُدّْ، قُمت قَتَلتو قَتْلِة منيحَة، وظَلّْ حاقِدْ عليّْ لَفَترَة طَويلِة، بَعدينْ أجوا إخِوْتو عَ المَدرسِة وقالولي: مِشْ لازِمْ تُضُربو هَالقَدِّ يا أُستاذ غصوب!!.. قُلتِلْهِنْ: هيكْْ بِطْلَعْ شاطِرْ وِمْرَبّى وبِبَطِّلْ يِعيدها.
إبن عمّي لبيب خازن راح اشتَرى بارودِة عتيقَة مْهورْبِة نوعْها (إفْ إمّْ fm )
وتابع أبو رياض كلامو وكأنو بِعيشْ هَذيكْ الأيام وقال: لما صارت التَحَرُّكات في الـ48 صارت الناس تروح عَسوريا ولِبنان تِشتري سلاحْ، ومِن الجُمْلِة بَتْذَكَّر إبن عمّي لبيب خازن راح اشتَرى بارودِة عتيقَة مْهورْبِة موديل (إفْ إمّْ fm )، وصار يِجَرِّبها في الشجرة، يِطُخّْ عَ الشجرة ..الرصاصَة تِصَلْ الشجرة وِتْوَقِّفْ مَحَلّها.
أنا كان معي بارودِة (توميجان) سريعْ الطَلَقاتْ.. كُنّا نْروحْ نُحْرُسْ في منطقة الليات حَدّْ مجد لِكروم مع جيش الانقاذ، وكان القائد علينا إسمو علّوشْ، ومَعو مَدفَعين جَبَليّات، ومعاه أكَمّْ جُندي من اليمن والسعوديِّة راخْيينْ اللِّحى ولابْسين شَنطاتْ.
الليلِة إنتي ونعيم الطالب وياسين بكري بِتناموا حَدّْ عامودْ الزَتون بِالسَقْعَة للصُبِحْ
بَذكُرْ مَرَّة كنت أحْرُسْ وكان معي ياسين بكري ونعيم الطالِبْ من البِعنِة، كانت الحِراسِة على أهل البلد بِالدورْ، وِاللي بُحْرُسِشْ كان عَلّوشْ يِبعَثْ وراه، ومن الجُمْلِة مَرَّة بَعَثْْ وًرايْ وقَللي: ليشْ ما جيت عَ الحِراسِة؟.. جاوبت:كنت مريضْ قال:الليلِة إنتي ونعيم وياسين بِتناموا حَدّْ عامودْ الزَتون بِالسَقْعَة للصُبِحْ.
ومرّة كنت واقِفْ مع جَماعَة حَدّْ بُوّابِة بولِصْ جنب بيت عيسى القُدسيِّة أجا عليهِن محمد حسن بكري (أبو حسن) حامِلْ بارودِة وِسمِعتو بِقولْ:مين مُستَعِدّْ يِروحْ معايْ نْفِكّْ الطوقْ عَنْ عكا!!، راحْ أبو حسن واستَشهَدْ وهو يْقاتِلْ على سورْ عكا.
كانوا يِطَعمونا نوعْ حبوبْ اللي كانوا يِقَدّموه لَلبَقَرْ زَيّْ الكَرْسَنِّة
قلت: وبعدين شو صارْ؟.. قال: آخر المطاف بعثَت إسرائيل الجيش لاحتلال الجليل.. جيش الإنقاذ انسَحَبْ في الليلْ بدون مقاوَمِة، وترَكْنا لَحالْنا عَ الليّات.. قُمنا تَرَكنا الحِراسِة ورَوَّحْنا عَ البيتْ. ثاني يوم فاتَتْ فِرْقِة مْدَرَّعات عَ البِعنِة، وطلبوا من الناس تِتْجَمَّع بين الديرْ وِالبِعْنِة، وكُلّْ واحَدْ عِندو سْلاحْ يِجيبو مَعاه، وطَلَبوا من أربَعْ أشخاص من البَلَدينْ يِروحوا يِمَللوا مَيّْ مِنْ العينْ وقَوَّسوهِنْ بين الزَتون.. وِباقي الناس شَرَّقَتْ نَواحي الرامِة، ومن هُناكْ حَمَّلونا في الباصات وأخَذونا على مَركِزْ بوليصْ نهلال، وكان كُلّْ واحَدْ يِنزَلْ من الباص يوكُلْ شَلاليطْ بِبَطنو بِوِجْهو وفي كُلّْ محَلّْ بِجِسمو.. حَطّونا بِخْيامْ (كيجات)، وكان الأكِلْ هُناك (جِلْمانِة) يعني نوعْ حبوبْ اللي كانوا يِقَدّموه لَلبَقَرْ زَيّْ الكَرْسَنِّة، يِعملوها شورَبَه مع شقْفِة خُبِزْ صغيرِة ويْقَدمولنا ايّاها..وقَعَدنا أوَّل يومين بَلا أكِلْ. بَذكُرْ واحَدْ من بَلَدنا..... بلا ذِكِرْ أسامي: صار يِصَرِّخْ وِيْقولْ يَمّأ بَطْني .. يَمّا بَطني.. بَدّي أموتْ من الجوعْ..بَعدينْ جابوا سيّارَة فيها خُبِزْ عَسْكَرْ، وصاروا يِرموا الخُبز من فوق الشريطْ، والمُعتَقلينْ هَجَموا عَ الخُبِزْ من الموت.
كان القَمِلْ في المُعْتَقَلْ مَلانْ بروسنا وِبْأواعينا.. تِرْفَعْ قَبِّة القميصْ تْلاقيها مَلانِة قَمِلْ..
صَفَنْ أبو رياضْ وهَزّْ راسو وقال: كانت أيام صِعْبه .... والله بَذكُرْ واحَدْ من كُفرِعْنانْ يا حَرامْ، كان يِصَلّي حَدّْ الشريطْ وِمْوَطّي راسو.. حارِسْ السجن فَكَّرو بَدّو يُهْرُبْ، قام طَخّو وْقَتَلو.
كُنّا قاعدين في خْيامْ بِعِزّْ الشِتا، ولَكُلّْ واحَدْ أعطو أواعي مْمَزَّعَة وِمْدَبَّغَة بِدْهانْ، عَلامِة الأسرْ. كانوا يوخْذونا بالنهارْ على الأشغالْ وِالمِغْرِبْ نِرجَعْ عَ المُعْتَقَلْ، وِاللي كان يِحاوِلْ يُهْرُبْ يِطُخّوه، نْظَلّْ طولْ النهارْ بَلا أكِلْ، ومن الجوع نوكُلْ خَرّوبْ.
كان مَعْنا في المعتقل أبو سعود وأبو غازي الأسدي الله يِرحمهِن يْصيروا يِحدو وِيقولوا شِعِرْ أشياء مُحْزِنِة، وِتصيرْ الناسْ تِبكي.
كان القَمِلْ في المُعْتَقَلْ مَلانْ بروسنا وِبْأواعينا، القمِلْ كان عِندْ الكُلّْ واللي بِقول غير شِكِلْ كَلامو مِشْ صَحيحْ، كنت تِرْفَعْ قَبِّة القميصْ تْلاقيها مَلانِة قَمِلْ..كل واحَد مِنّا راح عَ المعتقل بَلا لِحيِة ، رَوَّحْ بْلِحْيِة مْقَمّْلِة وأنا مِنهِنْ.
أشكُرْ مدير المُعتقل على المُعامَلِة الحسنِة.. من خَدَمْ وأكِلْ وراحَة
بآخر شهرين في المُعتقل سألوا مين من المعتقلين مِتْعَلِّمْ مُسْتَعِدّْ يِشتغِلْ في المكتَبِة.. قلتِلهِن: أنا بَعرِفْ أكتب وأقرأ إنجليزي.. ورُحت اشتَغَلت أنا وميخائيل الياس، وصُرنا نِطْبَعْ أسامي المعتقلين بِالإنكليزي. ومَرَّة وِصْلتْ رِسالِة مْعَنْوَنِة بْخَطّْ إيدْ مِنْ قائِدْ مَصري كان مُعتَقَلْ إسمو (سيف النصر جمال)، بُشْكُرْ قيادِة المعتقَلْ بِقول فيه أشكُرْ مدير المُعتقل على المُعامَلِة الحسنِة.. من خَدَمْ وأكِلْ وراحَة.
وانا في المعتقل في رَسائِلْ بيني وبين أخوي شُكري عن طريق الصليب لِحْمَرْ بَعِدني مِحْتفِظْ فيهِنْ لليوم
وتابَعْ أبو رياض:كنّا في المعتقل مِشْ عارفين شو مصيرْ أهلنا في البعنِة، وكمان في البلد مش عارفين مصيرنا. وانا في المعتقل في رَسائِلْ بيني وبين أخوي شُكري عن طريق الصليب لِحْمَرْ، بَعِدني مِحْتفِظْ فيهِنْ لليوم.
قلت:طيِّب وكيف الناسْ دَبَّرت حالها وبِقْيَتْ؟.. قال أبو رياض: يَعني الناس كُلّها عانَتْ من الفقر وِالتِشريدْ. حَكالي واحَدْ كان مع النازْحينْ في لِبنانْ إنّو شافْ واحد من عكّا بِقُلولو (العَكّي) طِلِعْ مع اللي طِلعوا عَ لِبنان.. كان يِوَقِّفْ مع اللاجئين بِالدورْ عَشانْ يوخُذْ الأعاشِة (الراشِنْ) من الصليب لِحمَرْ، هذا العكي كان أغنى واحَدْ بِعكّا، كان يِشتري كُلّ الزيت ولِحبوبْ من الفلاحينْ.
كان الفلاح اللي بَدّو يبيع زيتو وقَمْحو يِصادروا الغلِّة ويِشتروه بْرُبعْ الثمَنْ
وتابع أبو رياض:رْجِعنا من المعتقل وبِديت مرحَلِة الحُكم العسكري، كان ممنوع التَنقُّلْ من محلّْ لَمحلّْ إلاّ بْتصريحْ، واللي كان ضد سياسِة الحكومِة يُقْعُد بِالبيت بَلا شُغُلْ.. أهل البعنِة كانو يِشتِغلوا بِالمحاجِرْ ولِفْلاحَة، كانت حياة فُقُرْ، حتى الفلاح اللي بَدّو يبيع زيتو وقَمْحو يِصادروا الغلِّة ويِشتروه بْرُبعْ الثمَنْ.
أهل البعنِة كانو مْناضِلين والحزب الشيوعي مِتْرَئِّسْ.. أجو اليهود أعطوا أغلب الناسْ هويّات حَمرا مؤقّتِة، وبَذكُرْ الحزب الشيوعي بِقيادِة حنا نقّارَة رفَعْ دَعْوى وْدَفَعْ كُلّْ واحد من أهل البِعنِة ثلاثْ ليرات وِرْبِحنا الدعوى في محكمة العدل، وأخذنا هويّات زَرْقا.
يَعني إسّا بَدَّكْ تْبَكّيني وِتْْنَزِلّي دَمِعتي!!
قلت:كيف بِتْحِسّْ لمّا بِتشوف طُلاّبك وأهل بلدك اللي بِحبّوك؟..قال والغَصّة بْحَلْقو: شو بَحِسّْ!!!! يا زَلَمِة.... يَعني إسّا بَدَّكْ تْبَكّيني وِتْْنَزِلّي دَمِعتي!!... فتح الاستاذ غصوب دفتر صغير طالو من جُزْدانو وقَللي: شوف هون بَسَجِّلْ أسامي الناسْ اللي بَعرِفْهِنْ عَشان ما أنساهِنْ...هاذا إسم (محيي الدين محمد المحمود) بَعدو عايِشْ، وهذا إسم عبداللة محمد العابد وسعيد أخوه وعلي العابد اللي استشهد في الـ48، وخَواتْهِنْ نظميِّة اللي تجوّزت في فراضيِة، وعليا ونجيِّة...شوف هذا إسم نوح إبراهيم.
المزبوطْ اللي بَعّدني عن البعنِة لَحيفا الشغُلْ، ولِولاد.. صَرلي بحيفا أربعين سِنِة بَسّْ حنيني وحُبي للبعنِة وأهلها عايِشْ بِقلبي دايْماً.
15/02/2008