بلا ضجيج تمر مواكب العاشقين إلى الوطن، بدمهم يكتب على طريق النصر ، خطوة فخطوة ، تاريخ الشعب ، يرفضون موت القدر .
تمتد قاماتهم جذورا لشجر الزيتون ، يغنون للأرض نشيد الحماس وأنشودة الفرح ، نفس الميلاد وبسمة الجسد، قلب في عمق التراب كجذع سنديانة عتيقة.
أيها الطائر المسافر في عتمة الصبح، حاضنا من الوطن حفنة من التراب ، أيها الداخل عبر الحدود طالبا عون البحر، يحمل صدرك سهما إلى كل الأفئدة، يقلع خصر سنبلة الريح، وجدائل طفلة سمراء، وأحلام الفقراء.
يا فراشة كبرت في جرح الغياب، وعاشت عميقا في انفجار المنافي تبني المواعيد للقاء يجيء مع الصباح ، ترسم رعشة الوطن في وداع ضاعت ذكراه في ضجيج الرحيل.
كل الرحيل اغتراب مالح ، وكان رحيلك وحده غيما وحزنا وشاطئا يبلل ثوب حصاه، وقلبا يخفق نزف الوجع.
كنت فينا الطريق إلى الحلم، وعلى امتداده حاربت من أراد اغتصاب الحياة جوهرنا، ومن أراد وأد القيم والمثل الكفاحية.
تصديت بضميرك لكل من تآمر وتكبر، بينما كان أطفال فلسطين يتعلمون الصمود والتحدي.
وقفت بصلابة في وجه من حاول أن يغمض عينيه عن الحقائق، وفي وجه القيادات التي اسكرتها نشوة المناصب والامتيازات، عشت فقيرا ومت فقيرا ، لكن رصيدك الحقيقي أنك حي في كل بيت فلسطيني، وفي كل ضمير شريف ، ولا أحد يستطيع أن يغلق نوافذ ذاكرته في وجه مسيرة أحمد حسن اليماني، من مختلف الهويات، ومهما كانت مرجعيته السياسية.
ايها الصبح الواقف على قدميه لحظة الاحتضار، لم تمت، ما تزال نورس الأفق وغريد الحدائق. يا ابن فلسطين الذي يمتد على طريق الوطن ، كنت تعلم أنهم حاربوا بالبيان والفصاحة ، وحاربت بالكلمة الحرة والرصاص، قامروا بالحلم، فسددت بالدم.
ايها الشيخ المجاهد إلى أين تسافر وما تزال تضم رائحة البرتقال وتحضن حكايا الشوق.
يا ضمير الثورة... أين انتصبت وأين انكسرت؟
ماذا أبقوا لك .. وماذا أبقوا فيك؟