عرابة - عكا

[م .نبيل زبن]

عرابة البطوف

عرابة قرية عربية تقع في الجليل. اسم عرابة مقتبس من كلمة رابية وتعني تلة اي قبل 20 عام كان اسمها على رابية اي علة تلة ولا تزال حتى اليوم بلدان مثل المغار و طرعان وعيلبون ينادون على قرية عرابة باسم عرابية لكن سكانها المحليون يسمونها عرابة عدد سكانها حوالي 23،000 نسمة كلهم من العرب غالبيتهم مسلمون مساحة اراضيها حوالي 31 الف دونم. عام 1976 شهدت القرية مظاهرات يوم الأرض الأول وسقط فيها الشهيد خير ياسين.من معالم عرابه او ما يربط اسمها بالبطوف هو سهل البطوف والذي يقع جنوب القريه والذي يقسمه مشروع مياه القطري والذي ينقل المياه من بحيرة طبريا إلى النقب . في سنة 2001 وبعد هبة أكتوبر سقط شهيدان بعرابه هما علاء نصار واسيل عاصله يعرف عن هذه البلد بالروح الوطنيه والحس الوطني بشبابها فمن شبابها من سجن ومن عذب ومن استشهد ويذكر ات عرابه هي بلد سكانها يعتاشون من زراعه وتجاره واعمال حره ومهن ويذر ان هي البلد الوحيده او أكثر البلاد التي تتمييز بالتجاره ( بيع البطيخ والخضار والفواكه وغرها) مما يعطي انطباع عن هذه البلد بطيب شبابها واهلها ولا يخفى عن احد من تواضع اهلها وشبابها . وكما انها متميزة بالطبيعة الخضرء والجو الفلسطيني الطاغي على نسيم هوائها بلدة صغيرة تطغوا عليها ملامح الحياة الخضراء ومعروفه ايضا على انها من اعلى نسبة المتثقفين المتعلمين في القرى المجاورة والغير مجاورة .و حاليا رئيسها علي عاصلة .

[م .نبيل زبن]

من المناسب أن ألتقي بأحد الفلاحين الذي كرّس كل حياته في فلاحة أرضه حتى أصبحت روحه التي بدونها لا يمكنه أن يعيش.
في عزبته التي أقامها وسط أرضه وبين كروم العنب والزيتون بنى له غرفتين، أمامهما حظيرة للمواشي، وعلى مساحة عشرات الدونمات كل ما لذّ وطاب من أشجار الفواكه والحمضيات على أنواعها، التقيت بالحاج حسن توفيق عاصلة (أبو سفيان) من قرية عرابة ليحدِّثني عن حياة الفلاحين وبساطتهم أيام الانجليز حتى النكبة وبعدها ورأيه في ما استجد من متغيرات.

العيلِة كُلّها كانت تنام تحت لحاف واحد ِنْسَمّيه (لحاف العيلِة)

قلت: احكيلي يابو سفيان عن طفولتك؟... أبو سفيان: صحيح كانت حياة فقر وتقشُّف بس كانت حياة هنيِّة وهاديِة، كانت العيلة كلّها، الزلمِة ومرته وولادُه يْناموا تحت لحاف واحد، نْسَمّيه (لْحافْ العيلِة). البقر كان يِباتْ بْقاعْ الدار قُدّامْهِِنْ طْوالِة للتِبِنْ والعلف، مِنْهِنْ بْتِطْلَعْ دَرجَتينْ على المصطبِة، تنام العيلِة كُلّْها بِدونْ تِهْليلْ.
كُنّا نْروحْ عَالمَدرَسِة حُفاة ولابسينْ ثوبْ طويلْ إلُه جيبِة، وِاللي إمُّه بِتْحِبُّه كانت تِعْمِلُّه جيبْتينْ. أنا مثلاً كنت محبوبْ عِند إمّي كنت لابس ثوبْ بْجيبْتينْ.
بَذكُرْ مَرَّة ما طَبّينا في الصفّْ إلا حسين الجربوني فايِتْ ولابِسْ بوطْ إحمَرْ، صُرنا نِضحَك عليه نْزَقِّفْلُه وِنقولْ: هي هي هي، لا بِسْ بْرِجْليه، قام اغتنم الفُرصَة ورَوَّحْ عالدارْ، شِلِحْ البوطْ لأبوه وقَلُّه: خُذْ البوطْ، ولادْ صَفّي عَزَّروا عَلَيّْ. ورِجِعْ الجربوني ثاني يوم عالصفّْ حافي.

اللي ما بِصيبْ الحجر بِتْصير اللُعبِة (على إمُّه)

ضِحِكْ أبو سفيان وكأنّه تذكر نادرِة وقال: كانت الناس عالبَساطَة، مرّة كنا نْراجِدْ حْجارَة، أجا واحد من لِولاد ضرب جَمَشِة طَبَّتْ بْراسْ إبن خالي حسن علي نصار، بَعِدها مْعَلّْمِة بْراسُه لليوم.. صاروا لِولادْ يِتحَزَّروا: مينْ اللي ضَرَبُه، مينْ اللي ضَرَبُه!!! وبالآخر قالوا: الفقير هو اللي ضَربُه... والفقير عِنا بِعرابِة يعني الجِنّْ اللي ساكن في لِمغارة المَسكونِة.
بذكُرْ كانت لُعبِتنا المفضَّلِة (الكورَة).. كُنّا نِعمل فريقينْ، كل واحد مِنّا حامِلْ عَصا كْبيرِة، والكورَة عِبارَة عن حجرْ مْدَوَّرْ وِمزَقْلَط. كل فريق أمامُه مُهِمِّة يِدْفِشْ الحجر تَتِصَلْ الجورَة، واللي ما بِصيبْ الحجر بِتْصير اللُعبِة (على إمُّه) يعني مَغلوب.
وتابع أبو سفيان: يعني هيك كنّا نقضّي أوقاتنا باللعب، كنا نلعب كثير لعبة (البيلْ)، نعمل فرقتين، يطلع واحد من الفرقة باتجاه الفرقة الثانية وهو يقول بيييييييل على نفس واحد، ومجبور يصل ويصيب واحد من أعضاء الفرقة الثانية. إذا انقطع نَفَسُه ووقَّفْ قولْ البيييل قبل ما يصل فِرِقْتُه بِخْسَرْ اللعبِة وفِرِقْتُه تِخسر البيلْ.

شوكْ، بِلاّن وعِذْرا وقُرْصْعَنِّة ما تْلينْ

قلت: احكيلي يابو سفيان كيف كانت أيام الحصيدِة؟... أبو سفيان: اللِّذِة كانت بأيام الحصيدِة رغم إنها مُتِعْبِة. الحجّْ حمد عوض من بلدنا كان بأيام الحصيدِة الحامْيِة يحصُد كل اليوم وهو صايِمْ. لما تِحمى الدنيا كانو الحَصّادينْ يِغنوا:
يا مْغَمِّرْ يا حَزينْ
هون دَفَنّالَكْ دَفينْ
شوكْ، بِلاّن وعِذْرا
وقُرْصْعَنِّة ما تْلينْ
هايْ الغَناني كانت تْخَفِّفْ على الحصّادينْ عناءْ الحَمّْ. كان في طريقَة للحصيدِة. الحصّادين يِتْوَزَّعوا على مارِسْ الحصيدْ ثَلاثْ أنواعْ: شاقوقْ، وعُمدِة وطَرَفْ.
الشاقوقْ: فرقة من الحصّادينْ يِشُقّوا المارِسْ بْخَطّْ دُغْري، يعني يِفْتَحوا طريقْ لتسهيلْ الشغل. العُمْدِة: كان واحد من الحصّادينْ يُحْصُدْ بالنَصّْ ويِسَمّوه عُمْدِة الحصادينْ. الطرَفْ: فرقِة حَصّادينْ تُحْصُد ذْيالْ المارِسْ. بَعْدينْ ييجوا الرَجّادينْ يُرُجْدوا.

يا جَمّال حِمْلَكْ مالْ حِبّْ النبي اعْطينا شْمالْ

قلت: شو وظيفِة الرَجّادينْ؟... أبو سفيانْ: الرَجادينْ كانوا يِحَمّْلوا الحصيدْ على الدَوابْ ويُرُجْدوه عالبيدَرْ. مَرّاتْ كان الحِمِلْ يِقَعْ نْصيرْ نْغَنّي للرجادْ (الجَمّالْ) وِنْقولْ:
يا جَمّال حِمْلَكْ مالْ
حِبّْ النبي اعْطينا شْمالْ. (القصد بالشمال – شْمالِة القمح).
كان مَسارْ الرَجْدْ مْعَلَّمْ بِنقاطْ مَعْروفِة، يعني يُِسألْ السائلْ: وين لاقاكْ الرَجّاد الفُلاني؟... يِقولْ: والله لاقاني عِندْ الزَتونِة العوجا، أو عِند خَرّوبِة أبو محمود، أو عِند الشَنّاقَة، أو فوق الخانوق بِشْوَيّْ.
قلت: ليشْ يعني خَرّوبِة أبو محمود؟.. أبو سفيان: أبو محمود كان زَلَمِة فقير الحال، يِظَلّْ قاعِد تِحتْ الخَرّوبِة وِاللّي حِمْلُه يِميلْ أو يِقَعْ، كان أبو محمود يِساعْدُه.
بعد ما الرَجّادينْ يُنُقلوا لِحْمولِة قبل صلاة الصُبِحْ عالبيدر، نْمَشّي الحمير قُدّامنا عشانْ نِنْدَلّْ على مكان الحصّادينْ. بعد الرَجْدْ كُنا نوخُذْ الحمير حَدّْ الطابونْ، هناك كانت النِسْوانْ تْكُبّْ الرمادْ (سَكَنْ الطابونْ)، يْصيرْ لِحمارْ يِتْمَرْمَغْ بالسكَنْ ومنها تْطيبْ جروحُه من مُخَلَّفات الرَجْدْ.

دوري دَيِّحْ دوري دارْ... يا حَمرَة يا امْ الرْياحْ

قلت: احكيلي يابو سفيان عن البيدرْ؟... أبو سفيان: ييجوا الحصّادينْ يِساووا طَرْحَة نْسَمّيها (طَرْحِة الكَسّارْ)، نْكَوِّم الحصيدْ بِشَكِلْ دائِري وعلى لوحْ دْراسْ من الخَشَبْ فيه قدوح من تحت فيها حجارْ سودَة مْخَرْشَمِة عَشان القَشّْ يِنْعَمْ. لوح الدراسْ بِتْجُرُّه فرسْ أو دابِّة، وبَعِد ما تِتْكَسَّرْ الطَرْحَة نُنْقُلْ القَشّْ لَخارِجْها. خَلَّصْنا الكَسّار نِنْتْقِلْ لَلنَعّامْ. نوخُذْ مِنْ الدايِرْ وِنْحُطّْ جُوّا. بَعِدْ ما تِنْعَمْ الدَرْسِة نْساويها عورَمِة، كوم واحَدْ.
واحْنا نُدرُسْ وطَرْبانينْ وِبإيدينا قامْشِة (مثل الكُرباج) والدِنيا بْتِقلي من الحَمّْ نصير نُضْرُبْ فيه عالعَرّاضَة (لوح الدْراسْ) وِنْغَنّي للفَرَسْ أو الدابِّة وِنْقولْ:
دوري دَيِّحْ دوري دارْ
يا حَمرَة يا امْ الرْياحْ

تِطْرَبْ الفرس وِتْصير تِرْمَح. وبعِدْ ما تِسْتوي الطَرْحَة (تِنْعَمْ)، ييجي الحَرّاث يِرُدّْها عَالعورَمِة، ووقتْ جمع الغَلِّة يوخُذْ رُبِعْها. بعدين ييجي شُغلْ الذَراوِة، يِجْتِمعوا الحصادينْ عِندْ هْبوبْ الهوى وِيْصيروا بِالمِذراة والشاعوبْ يِرْفَعوا من العورَمِة بِالهوى، التِبِنْ يطير على جَنبْ ولِحْبوبْ تِبْقى مَحَلّْها. بَعدينْ ييجوا النِسوانْ كنّا نْسَمّيهِنْ (التَبّاناتْ)، يِعَبّوا التِبِنْ بِشْولاتْ كْبيرِة والزلام تِرفعْها على راسْ النِسوانْ ويوخذوها على المِتْبَنْ ويِكُبّوها من طاقَة في سَقفْ التبان إسِمها (الروزَنِة) حتى يِنتْلي التَبّانْ.


سَحْبوا عَمّاتي حنيفِة وجميلِة مُركاسْ (حَطَبِة طويلِة) وطََرَّحوا سَبعْ جنود إنجليزْ

قلت: لْحِقتْ أيام الإنجليزْ؟... أبو سفيان: كنت وَلَدْ وبَذكُر منيح وحياة أبويْ كانْ يِحْكيلْنا. في كل حارَة كان عليها مُختار وحياة سيدي يوسف السماعيل (أبو فياض) أبو أبويْ، كان مُختارْ العاصْلِة، كان رَجُلْ وداهْيِة. بَتْذَكَّرْ مَرَّة راحَتْ فَسْدِة إنُّه عِند أبويْ في دُخّان وكان الدُخان ممنوع بْهذاك الوقت، أجا الجيشْ الإنْجليزي بَدُّه يِفتِّشْ البيت، قلّلهِن أبويْ: أُختي عَذْبَة بِتولِدْ وممنوعْ تْفوتوا، تْقاتَلوا مع أبويْ وِتْغَلَّبوا عليه. راحوا عَمّاتي حنيفِة وجميلِة على مُركاسْ الحطبْ، سَحْبَتْ كل وَحَدِة منهِنْ مُركاسْ (حَطَبِة طويلِة) وطََرَّحوا سَبعْ جنود. بعد المعركِة أجا سيدي المختار وعِرِفْ بِالقِصّة، قام نادى على واحد من البلد بِقولولُه (مَطَوانْ) وقَلُّه: روحْ جِبْلي حَرْذونْ.. راح المطَوانْ جاب الحرذونْ، أجا سيدي سَلَخْ الحَرذون وقَصّْ ذيلُه وجابْ ملابِسْ نِسوانْ ولَطَّخْها بالدمّْ وحطّْ الحرذون فيهِنْ ونِزِلْ على عكا عِند الدكتور أردِكيانْ وقَلُّه: شوف جنود الإنجليز شو عِملوا، فاتوا عالحُرْمِة، قَتَلوها وطَرَّحوها وهِيّاه هذا الطُرْحْ... قال أردِكيان: هذا الطُرحْ مِتْكامِلْ مِشْ أقل من أربع أشهُر... قام سيدي أخذ تقرير طبي وراحْ تْشكّى على الجنود، أجا الحاكم طلب من سيدي يِعملوا صُلحة ودَفَّعْهِنْ دِيِّة.

يِحرِقْ قَصْبة أبو اللي بِضَيِّفْ واحد من عرابِة

هزّْ أبو سفيان راسُه بافتخار وتابع: حياة سيدي المختار (أبو فياض) كان قَبضايْ. لما كانو زعامِة البلد بدْهِنْ ييجوا يِسْهروا عِند سيدي. إذا لاقوه مْوَطّي عْقالُه لَتَحتْ، عِندْ عْيونُه يِرْجَعوا من الطريق اللي أجوها، يِقولوا أبصر مين اللي قاصِد أبو فياض اليوم. وكان سيدي عليه مَزْحاتْ ثقيلِة. بَذكُر مَرِّة راحوا زَعامِة عرابِة زْيارَة عِند عبد المجيد زعيم دير حنا. قام لِمعَزِّبْ عبد المجيد فَرَدْ الصُفْرَة وجاب الأكل. قام سيدي حَطّْ الخُبِز تحت الفرشِة.. فات عبد المجيد شاف فِشْ خبز قام نادى عالعيلِة وقال: باطِلْ، هاتوا الخبز قوام.. بعد شويّْ خَبّى سيدي الخبز كمان مرَّة.. رِجع عبد المجيد لاقى الخبز خالص، قام وهو طالِعْ وعصَبي، شَبَقْ القُمْبازْ بْطرفْ المُسمارْ، أجا اطّلَعْ عالمُسمارْ وقَلُّه: دَشِّرْ، يِحرِقْ قَصْبة أبو اللي بِضَيِّفْ واحد من عرابِة... بالآخر قالولُه الحقيقَة وعن مزحِة سيدي أبو فياض وضِحكوا الموجودينْ تَشِبْعوا.

كانوا يِمَشّوا الناس حُفاة على لْواحْ الصبر

قلت: كيف كانت علاقِة الإنجليز مع الناس؟... أبو سفيان: الإنجليز كانو ظالمين كثير، كانو يِفوتوا عالِبيوت يِكُبّوا الزيت والعدس والبُرْغُلْ ويِخَرّْبوها. كانوا يِجمَعوا زلامْ البلد حدّْ البِرْكِة ويِِتركوهِن واقفين من الصُبح للمِغرِبْ، كانو يِمَشّوا الناس حُفاة على لْواحْ الصبر. كل هذا عشان كانوا يِساعدوا الثوار، ما كانو يحْتِرموا لا خْتيارْ ولا حُرمِة ولا ولد. حياة فايز نعامْنِة طَخَّوه من الطيارة وهو راكِبْ عالفرس واستشهد.

إن صرت طالِعْ عُمرَكْ ما بْتِشرَبْ شُربِة مَيّْ من هون
قلت: شو بْتُذكُر من سِنة النكبِة؟... أبو سفيان: اللي ظهر إنُّه جيش الإنقاذ أجا يْسَلِّم لِبلاد، مِشْ لحِمايِة الناس وتحرير فلسطينْ. بَذكُرْ كُنّا مْحَزّْمينْ أواعينا عشانْ نِطلَعْ جُمْعِة زَمانْ نْجَمِّعْ قُوانا ونِرجَعْ نْطُرّْ اليهود من لِبلاد. أجا قائد من جيشْ الإنقاذ كان محترم إسمُه (دِمِرْجانْ)، فَكّْ السِنْجِة عن البارودِة وقَطع لِحْبالْ عن الأواعي وقال لأبويْ: خَلّيكْ هون لو بِتظَلّْ أرملِة، ما تِطْلَعْ وتِترِكْ دارَكْ، إن صرت طالِعْ عُمرَكْ ما بْتِشرَبْ شُربِة مَيّْ من هون.
سِمِعْ مِنُّه أبويْ وِبْقينا في البلد ولما بيّنت مؤامرة وخيانِة العرب قام أبويْ وخالي علي جربوني وحياة إحمد توفيق ياسين وحياة سعيد صالح أحمد كناعنِة راحوا على الملّْ والتقوا بدَبّابِة لليهود وقالوا: إحنا بَدّْنا نْسَلِّم ونِرفع الرايِة البيضا وما بدّْنا نْحارِبْ، بعدين اللي هَجّْ هَجّْ وأخذوا اللي أخذوه عالمعتقل.

أبويْ باعْ سْنانُه الذهب وراحْ طَلَّعْ عَمّي من السجن

قلت: ليش لَقَّبوا أبوك (أبو سنان)؟... أبو سفيان: أبويْ كان مْدَلّلْ عِند أبوه وِمْلَبِّسْ كل سْنانُه 24 سِنّْ ذهب. مَرَّة حياة عمّي حسين انسَجنْ، مِسكوا عِندُه دُخان وحبَسوه، لمّا عِرِفْ أبويْ بالقصّة نِزِلْ على عكا عند الصايِغْ وباعْ سْنانُه وراحْ طَلَّعْ عَمّي من السجن. من هذاك الوقت طِلِعْ عليه إسم (أبو سنان) ولليوم قسم كبير من الناس بِنادونا دار أبو سنان.

الإرض يا حسن إن ما أعطَتكْ اهْجُرها ولكن لا تْبيعْها، إن جارت عليك لا تْجور عليها

قلت: شو سرّْ تَمسُّككْ بالأرض؟... أبو سفيان: أبويْ كان يِحبّْ الأرض كثير. كان يِشتغِلْ بعكا عِند الإنجليز ومن حِرصُه على الأرض كان يِطْلعْ بالليل من عكا بالسيارة عالناصرِة ومنها للبعينِة وهناك يِركب فَرَسْ وييجي على عرابِة عَشان يِطُلّْ على الأرض ويُحرُسها. كان يِعبِدها.
مرَّة أبويْ انحنى ظَهرُه، راح عِند الدكتور يِتْحَكّمْ قَلُّه الدكتور: إنتي خَتْيَرتْ وما عُدتْ تِقدر تِشْتغِلْ. خاف أبويْ على الأرض، أجينا عليه، لاقيناه بِخَيِّطْ خْياشْ، ما كُنّا نِسترجي نِسألُه السؤال ولا شو بْتِعمَلْ. صارْ يِقيسْ لِخْياشْ على قَدّْ ظَهرُه. لِبسْ لِخياشْ وحِمِلْ العُكّازِة ومِشي قُدّامنا، التَفت علينا وقال: اللي بِلْحَقْنيش، الليلة ما بِباتْ بِالدارْ. كان عِنّا في الأرض رُجْمِة حْجار بََدّْنا نْزُقّْها للسِنِسْلِة. قام حَطّْ إيديه ورا ظَهْرُه وشَبَكْهِنْ سوى وقال: يلاّ حُطّوا حجار على ظهري. صُرنا نْحَمّْلُه حجار ويُركُضْ عالسِنِسْلِة. كان لابِسْ لْباسْ إبيض غِدي لونُه إحمر من الترابْ وصار عَرَقُه يِمْصي. بالصُدفِة مرقت أرنبِة تَلا أبويْ، قام رفع ظَهرُه والا هو طَقّْ وسمِعنا طَقِّة ظَهرُه من بعيد، وانحلّت مُشكِلِة ظهرُه ورجِع مثل ما كان. راح أبويْ وحكى للدكتور اللي صار، ما صدّقُه.
قلت: ليش حَكيتْلي هايْ القصّة يابو سفيان؟... أبو سفيان: أبويْ تركلي وصيِّة وأنا بِنقُلها لَولادي. قللي: الإرض يا حسن إن ما أعطَتكْ اهْجُرها ولكن لا تْبيعْها، إن جارت عليك لا تْجور عليها... كان يقول دايْماً: ديرو بالْكو عالأرض وعَلّْموا ولادْكو يِتْمسّكوا فيها. عشان هيك أنا بَََقولْ لَولادي: حتى لو حَنى ظَهِركو إيّاكو والأرض.

30/10/2009

[م .نبيل زبن]

[شادي العجوري]

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .