القدس في وجدان الهاشميين

م .نبيل زبن · 11-07-2010, 11:48 PM

القدس في وجدان الهاشميين .. مسيرة اعمار متواصل

تستمر المسيرة الهاشمية المتوارثة من عهد الأجداد في الحفاظ على مدينة القدس.. تلك المسيرة التي انطلقت منذ فجر النبوة ..مسؤولية دينية للمدينة التي تحتضن ثالث الحرمين الشريفين وقبة الصخرة.. معراج سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم. وتلقى ''مدينة المساجد'' اهتماما واسعا من جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي يواصل حمل مسؤولية الأمانة تجاه المدينة المقدسة ومقدساتها ... مكملا مسيرة هاشمية توارثها الإباء والأجداد في الحفاظ على عروبة المدينة وتعزيز صمود أهلها
ويرتكز الدعم الملكي المستمر لمدينة القدس، مهوى الأفئدة.. وثالث الحرمين الشريفين، برعاية شاملة للمقدسات الإسلامية والمسيحية انطلاقا من المسؤولية الدينية والتاريخية. باعتبار المسجد الأقصى قلب عقيدة المسلمين وقبلتهم الأولى ورمز فلسطين والأمة العربية والإسلامية.

وتحظى مدينة القدس بناسها ومقدساتها برعاية ملكية هاشمية، فمحطات الدعم الهاشمي لتلك المدينة متنوعة وعديدة، لتجسد تلك الرعاية الداعم الأبرز للمحافظة على هوية المدينة بأن تكون عربية وإسلامية.
كما يعكس دعوة جلالة الملك عبد الله الثاني بضرورة وضع استراتيجيات عربية موحدة لمواجهة المشروع الصهيوني بتهويد القدس وطرد أهلها، الاهتمام الأردني بعروبة المدينة المقدسة، والثوابت الأساسية التي ينطلق منها النظام السياسي في دعمه للقدس وفلسطين.
كما أمر بإنشاء الصندوق الأردني الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى المبارك بهدف توفير التمويل اللازم لرعاية المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة والمقدسات الإسلامية في القدس لضمان استمرارية أعمارها وصيانتها وتجهيزها وتوفير جميع المتطلبات اللازمة لتأكيد أهمية هذه المقدسات وحرمتها لدى المسلمين بشكل عام والهاشميين على وجه الخصوص.
وكان جلالته أول المتبرعين للصندوق بمبلغ مليون ومئة وثلاثة عشر ألف دينار، تضاف إلى مبالغ أخرى أمر بها جلالته للحفاظ على هوية القدس وطابعها العربي ولدعم صمود أهلها في وجه الاحتلال وسياسات التهويد. أكد جلالة الملك عبدالله الثاني دعم الأردن المتواصل لأبناء الشعب الفلسطيني الصامدين في مدينة القدس لتعزيز ثباتهم على أرضهم وصمودهم وتصديهم للتحديات التي تواجه عروبة المدينة وقدسيتها.

وعكست تأكيدات جلالة الملك خلال لقائه رؤساء الجمعيات والمنتديات المقدسية الأردنية بضرورة مواصلة وتكثيف الجهود من اجل المحافظة على الهوية العربية والإسلامية للقدس الشريف، المكانة الكبيرة لهذه المدينة بالنسبة للأردن والهاشميين الذين كانوا على الدوام يوجهون عنايتهم الخاصة ورعايتهم لها.
وقال جلالته: ''إن الجهود التي نقوم بها لتوفير الدعم العربي والدولي لدفع عملية السلام هدفها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف''، مؤكدا مواصلة الأردن جهوده على الصعيدين العربي والدولي لضمان حماية القدس والمقدسات وأن التصدي للأخطار والتحديات التي تواجهها مدينة القدس تتطلب من الجميع تنسيق الجهود والعمل بروح الفريق الواحد خاصة في هذه الظروف الصعبة.

كما جاءت إعادة منبر صلاح الدين إلى مكانه الطبيعي في الأقصى المبارك بأيدي وعزم الهاشميين بعد أن امتدت إليه اليد الآثمة يوم الحادي عشر من آب عام 1969 وأحرقته ، ترسم صورة أخرى من نماذج الدعم الهاشمي للمدينة ومقدساتها، حيث تبرع جلالة الملك بكافة تكاليف بناء المنبر.
ويجسد منبر صلاح الدين تاريخيا الانتصار على الفرنجة المحتلين حيث استعمله صلاح الدين الأيوبي بعد تحرير القدس عام 1187، كما يجسد فنيا التحفة الوحيدة من نوعها لأنه لا يوجد منبر مماثل في حجمه أو حجم الزخارف فيه التي تعتمد التعشيق والحفر على الخشب من كلا الجانبين.
ويشهد المسجد الأقصى ومساجد القدس عمليات صيانة ومتابعة مستمرة حيث تم بأمر من جلالة الملك عبدالله الثاني تجديد فرش مسجد قبة الصخرة المشرفة بالسجاد،لما لهذه ألاماكن المقدسة من مكانة كبيرة لدى الهاشميين والمسلمين في كل مكان.حيث تم اختيار السجاد الجديد لمسجد قبة الصخرة بمساحة تصل إلى 2000 متر مربع بعناية فائقة من حيث اللون والمواصفات تتلاءم مع طبيعة وقدسية المسجد.
وتجاوز الدعم الملكي للقدس إلى دعم المؤسسات الوقفية التي تشرف عليها وزارة الأوقاف ويتحمل الأردن نفقاتها ومصاريفها وراتب العاملين فيها بتقديم دعم مالي للمعهد العربي ومقره قرية أبو ديس في ضواحي مدينة القدس الذي واجه ضائقة مالية مما هدد بتوقف الخدمات التي يقدمها ومنها العناية ورعاية أبناء الشهداء خاصة وأبناء المنطقة المحيطة عامة.
يشار إلى أن جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال رحمه الله وضع عام 1964 حجر أساس المعهد على أرض مساحتها حوالي 200 دونم في قرية أبو ديس الفلسطينية.
وطالت المشاريع الملكي في القدس تنفيذ نظام الإنذار من الحريق في الحرم القدسي الشريف وتركيب نظام إطفاء متطور، فضلا عن صيانة مركز الإطفاء وتزويده بسيارة اطفاء جديدة ضمن الحرم القدسي.
كما قامت دائرة الأوقاف ولجنة الاعمار منذ عام تقريبا بمشاريع ضخمة في المسجد الاقصى المبارك وشملت تركيب كوابل كهربائية لقبة الصخرة، والمسجد الأقصى ولجميع أركان المسجد وتبليط ساحات المسجد الأقصى فوق الكوابل الكهربائية والممرات في الجهة الشرقية وتحديث نظام الصوتيات في المسجد الأقصى .

كما بدأت دائرة الاوقاف ولجنة الاعمار بترميم الجدار الجنوبي للمدرسة الخنثانية حيث كان في وضع خرب ومهمل جدا. فضلا عن ترميم المتحف الإسلامي وتأهيله من جديد لاستقبال الزائرين له .
الى جانب تصفيح سطح المسجد الأقصى المبارك بالخشب والرصاص وقد بدات لجنة الاعمار بهذا العمل بمساحة الف متر مربع. وتجري هذه المشاريع الحيوية تزامنا مع الاشغال القائمة مثل ترميم البلاط في ساحات المسجد والأعمال الجارية في المصلى المرواني وتكحيله وعدا عن الأروقة الغربية وترميم الأرضية الغربية لمقام الأربعين.
وتتضمن المشاريع تدريب طواقم لجنة الأعمار لترميم الزخارف والفسيفساء للمسجد الأقصى وقبة الصخرة والتي تعتبر من كنوز الأمة الإسلامية العظيمة التي أصابها التلف منذ سنين طويل تكليف المعهد المعماري للحفاظ على التراث في ايطاليا بعمل الدراسات اللازمة لفحص الزخراف ودراسة أسباب تلفها وطرق علاجها وترميمها وتدريب الكوادر اللازمة للقيام بهذه المهمة. حيث استقدمت لهذا المشروع مدير المعهد العالي لترميم الفسيفساء من ايطاليا وهو الخبير المعروف رونزو علما ان تكاليف هذا المشروع هي مليون ونصف المليون دينار.

ويتواصل الأعمار الهاشمي للأماكن الإسلامية منذ عام 1924 حينما تبرع الشريف حسين بن علي طيب الله ثراه، بمبلغ 50 ألف ليرة ذهبية شكلت الأساس لأعمار المسجد الأقصى وعدد أخر من مساجد فلسطين.
وكان المغفور له بإذن الله جلالة الملك عبد الله المؤسس هو الذي أطلق الدعوة لترميم محراب زكريا وإعادة ترميم المباني المحيطة والتي عانت من أضرار هيكلية خلال حرب عام 1948 وفي عهد المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، عملت الحكومة الأردنية عام 1952على ترميم قبة الصخرة المشرفة وفي العام 1959 بدأ الترميم الثاني للقبة الذي انتهى عام 1964 وفي عام 1969 وبعد تعرض منبر صلاح الدين في المسجد الأقصى المبارك لأضرار كبيرة، حيث جرى إعادة ترميمه.
وفي أواخر عقد الثمانينات الماضي، أصدر جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال توجيهاته بتصفيح قبة الصخرة المشرفة بحوالي 5000 قطعة ذهبية، وإعادة بناء دعامات السطح وتصليح البنية الأساسية للمبنى وتم توجيه اهتمام خاص لترميم منبر صلاح الدين، واختيار المواد التي تشبه المواد التي استعملت في بناء المنبر الأصلي قبل تعرضه للحريق
وأنفق جلالة المغفور له الملك الحسين أكثر من ثمانية ملايين دينار هي ثمن بيت له في لندن، تم بيعه لصالح الإعمار ولتمويل المشروع الذي يعد من أكثر أعمال التاريخ طموحا في التاريخ.