يا طـالـب المـجــد فـي عجــور مــورده =عـــذب مـعـيــن يـروّي غــلــة فـيـنـــــا=شــــم الأنــــــوف أبــاة دام عـــزهــــــم =هـــم الأوائــل إن نــادى مـنــاديــــــنــــا=تـفـوح يـا بـاقـة الأزهـــار فـي وطـنــي =فــوح الأريـــج ونـفـح الطيــب يغـريـنـا كلمة الإدارة


مبارك .........مبارك لعجور ومنتديات عجور       »     عجور التاريخ و الحضارة - الحلقة الثانية       »     سجل الوفيات لعجور ١٣٢٠هـ -١٣٣٠هـ ١٩٠٢م - ١٩١١م       »     عجور التاريخ و الحضارة       »     ميزانية قرية عجور - 1939       »     عجور - وقوعات الزواج 1915م       »     عهد عشائر عجور بالحفاظ على اراضي عجور المشاع و عدم بيعها لل       »     اول أحصاء(حصر نفوس) موثق لسكان عجور1878م       »     أراضي عجور المشاع - حصري       »     اسماء من عجور مطلوبون للضريبة 1       »     ضريبة الانتداب البريطاني "3"       »     عجور - لجنة 18 ( اللجنة القومية لعجور)       »     أراضي عجور الحكر       »     عجور التاريخ و الحضارة-الحلقة الثالثة       »     علم النفس الاجتماعي       »     ملوك المملكة الاردنية الهاشمية       »     موسوعة صور القدس- زهرة المدائن       »     دليل الجامعات العربية و العالمية       »     روائع الشعر العالمي       »     موسوعة الاصول و القبائل العربية كاملة       »    

آخر 25 مشاركات
ملف عن الحج وما يتعلق به (الكاتـب : نور الهدى - آخر مشاركة : قلم حزين - )           »          كبرت بنتــي / قصة مؤثرة (الكاتـب : أمان - آخر مشاركة : قلم حزين - )           »          مبارك .........مبارك لعجور ومنتديات عجور (الكاتـب : م .نبيل زبن - آخر مشاركة : نور الهدى - )           »          عجور التاريخ و الحضارة - الحلقة الثانية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          سجل الوفيات لعجور ١٣٢٠هـ -١٣٣٠هـ ١٩٠٢م - ١٩١١م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور التاريخ و الحضارة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ميزانية قرية عجور - 1939 (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور - وقوعات الزواج 1915م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عهد عشائر عجور بالحفاظ على اراضي عجور المشاع و عدم بيعها لل (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          اول أحصاء(حصر نفوس) موثق لسكان عجور1878م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          أراضي عجور المشاع - حصري (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          اسماء من عجور مطلوبون للضريبة 1 (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ضريبة الانتداب البريطاني "3" (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور - لجنة 18 ( اللجنة القومية لعجور) (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          أراضي عجور الحكر (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور التاريخ و الحضارة-الحلقة الثالثة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          كيف و متى تحدثين طفلك عن التحرش ؟ (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          قصص اطفال للبنوتات الحلوين (الكاتـب : اميرة عجور - آخر مشاركة : م .نبيل زبن - )           »          علم النفس الاجتماعي (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ملوك المملكة الاردنية الهاشمية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          موسوعة صور القدس- زهرة المدائن (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          دليل الجامعات العربية و العالمية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          روائع الشعر العالمي (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          موسوعة الاصول و القبائل العربية كاملة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ضيف اليوم بصراحة (الكاتـب : Big heart - آخر مشاركة : ajoor - )


العودة   منتديات عجور - بيت كل العرب > الاقسام الأردنيه > قسم جلالة الملك المفدى والعائلة الهاشمية
قسم جلالة الملك المفدى والعائلة الهاشمية قسم خاص بحياة وانجازات جلالة الملك وجميع ابناء العائلة الهاشمية
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث



إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-16-2011, 01:04 PM رقم المشاركة : 71
معلومات العضو
أمان
عضو ملكي
 
الصورة الرمزية أمان
إحصائية العضو






 

أمان غير متواجد حالياً

 


افتراضي



* ومنذ ذلك الحين بدأ التشابك والتصعيد.
- هذا واقع أكيد: لقد ازداد التوتر على توالي الأسابيع : الحرب الإذاعية، حرب البلاغات، هجمات رجال المفاومة تضاعفت حدتها كان يسقط القتلى من كل جانب. كان هنالك خسائر يومية جسيمة تقريباً في المعدات. إلا أن أمراً واحداً كان يدهشني. فالطائرات السورية التي كانت تسقطها المطاردات الإسرائيلية والقتلى العرب سواء في سورية أو الأردن، كل ذلك كان يبدو وكأنه قد أبقى الرئيس عبد الناصر فاتر الهمة غير مكترث. ولكن ماذا حل إذن بميثاق الدفاع السوري المصري؟ . لماذا لبثت الحدود الإسرائيلية المصرية هادئة؟ ماذا حل بالتضامن العربي الذي أطنب رئيس الدولة المصري في الإشادة به وتحبيذه؟ . لقد لفت نظره إلى ذلك. حتى (لفاؤه) السوريون أصبحوا قلقين. وأعلموه بذلك. فقد كانت دمشق ترغب بأي ثمن أن تجر القاهرة إلى نزاع مسلح.
في (15) مايو (أيار) قرر عبد الناصر وضع سائر القوات المسلحة لبلاده في حالة إنذار وأمر بإجراء مناورات ضخمة في سيناء " لتخفيف الضغط على الحدود السورية الإسرائيلية " التي حشدت فيها تل أبيب قوات كبيرة. واستوجب عبد الناصر في (19) منه، رحيل جنود الخوذات الزرقاء التابعين للأمم المتحدة فأصبح هذا الرحيل نافذاً في (21) منه. ثم جاء قرار القاهرة القاضي بإغلاق مضايق تيران التي تفضي إلى ميناء إيلات الإسرائيلي. فاعتبرت الدولة اليهودية هذا التصرف عملاً حربياً.
تلقيت نبأ هذا القرار بذهول في صباح (22) فهذا الإجراء الذي يفتقر إلى التروي والتفكير ليس من شأنه إلا أن يقود إلى النكبة، إلى الكارثة. لأن العرب لم يكونوا مستعدين للحرب إذ لا يوجد بينهم أي تنسيق ولا أي تعاون ولا أية قوة مشتركة ولا أية خطة! ولكنني كنت متيقناً بأنه : إذا كان لا بد للحرب من أن تنشب، وهذا ما كان يزداد جلاء ووضوحاً كل يوم، فلنكن البادئين بالهجوم. أما إذا ما هاجمتنا إسرائيل فإنني لن أقف مكتوف اليدين، وستنحاز قواتي إلى جانب الشعوب العربية. ولقد صرح ابن عمي زيد بن شاكر الذي كان يقود أحد ألويتي المدرعة، في حديث صحفي أدلى به وقتئذ : " إذا لم يشترك الأردن في هذه الحرب، فإن حرباً أهلية ستنشب في الأردن ". لقد شعرت في قرارة نفسي بأنني مرتبط اً وثيقاً بميثاق الدفاع العربي الموقع في القاهرة في عام 1964، حتى ولو بدا أنه لم يعش إلا على الورق آنئذ، ولم يكن يعقل أن لا تحترم بلادي التزاماتها وتوقيعاتها وهي التي كانت دوماً تأخذ مكانها في المراكز العسكرية الأمامية في حروب التحرير منذ خمسين سنة. فهذه الحرب المحتملة تخص فلسطين التي كان الأردن يدير جزءاً كبيراً منها. كنت إذن معنياً إلى أقصى الحدود بهذا النزاع الوشيك الوقوع.
كان الأردن أكثر شعوب المنطقة تعرضاً للخطر من جراء الطول الزائد لحدوده المشتركة مع إسرائيل. كان لدي حقاً أسلحة ومعدات وجيش ممتاز ومدرب خير تدريب، ولكن بنسبة أقل من أعدائنا. عبثاً طلبت معونة العراقيين والسعوديين لتوحيد جهودنا في جبهة واحدة، فلم يأت شيء من الشرق. كنت أعرف إذن قبل نهاية شهر أيار (مايو) 1967 بأنني سوف أبقى وحدي للدفاع عن خط قتال يمتد من البحر الأحمر حتى بحيرة طبريا. هذه " التعبئة العامة " لجيوش ميدان القتال، لم تمنع جيراني السوريين من ارتكاب اعتداء على أرضي بينما كان من الأفضل أن يركزوا طاقتهم نحو الهدف المشترك! .
ولما غدا حواري مع دمشق مستحيلاً، التفت نحو القاهرة التي بدت لي أكثر انفتاحاً وتقبلاً للآراء والأفكار. فبعثت في 25 أيار (مايو) إلى العاصمة المصرية، برئيس أركان حربي الجنرال عامر خماش. إستقبل طبعاً بأدب، ولكن لم يجر إطلاعه على شيء ولا على أي اعداد. ولم يستطع مقابلة أي من القادة المصريين، باعتبار ان عبد الناصر نفسه كان (مشغولاً جداً)، فلم يبق هنالك إذن سوى حل وحيد فقط من أجل احتمال معرفة ما يجري إعداده من جانب البلاد العربية وهو : أن أذهب شخصياً إلى القاهرة.
إطلعت على رغبتي هذه، سفير مصر في عمان الذي نقل طلبي إلى حكومته. وفي اليوم التالي الواقع في 29 أيار (مايو) وردني جواب عبد الناصر :
" تعالوا إلى القاهرة بأسرع وقت تستطيعون! ".
كان ذلك الخطوة الأولى. في اليوم الثلاثين من أيار (مايو) طرت سراً إلى مصر، وكان يرافقني رئيس وزرائي والجنرال خماش نفسه، وشخصان آخران. إرتديت لهذه المناسبة بزة القتال التي لم تفارقني طوال عدة أسابيع، واعتمرت قبعتي ذات الشعار الملكي، وعلقت مسدسي بحزامي. لم يصحبني أي حرس أما النيابة لبضع ساعات فقد أمنها أخي الأمير محمد في غياب ولي العهد الأمير حسن الذي كان في أكسفورد. إستلمت أجهزة قيادة طائرة كارافيل مدينة تابعة لخطزطنا الجوية الوطنية، وبعد طيران لم تتخلله أية مضايقات، هبطت في مطار الماظة القريب من القاهرة حيث كان الرئيس المصري ينتظرني، يحيط به رئيس وزرائه والفريق علي عامر رئيس (القيادة العربية المشتركة) التي كان من المفروض وجودها! كان الاستقبال حاراً ودياً. كان يقف المصورون إنقاذاً للمظهر الخارجي! وقبل أسبوع كانت إذاعة القاهرة تشتمني. وكان عبد الناصر يتجاهلني تقريباً. واليوم تظاهر باعتقالي وهو يمزح أمام الجميع، الأمر الذي أثار ضحكنا الشديد. وهكذا تسير السياسة . . . .







رد مع اقتباس
قديم 05-16-2011, 01:04 PM رقم المشاركة : 72
معلومات العضو
أمان
عضو ملكي
 
الصورة الرمزية أمان
إحصائية العضو






 

أمان غير متواجد حالياً

 


افتراضي



* أعتقد بأنه قد قيل كل شيء وكتب كل شيء عن حرب الأيام الستة. حتى انكم أنتم بالذات أصدرتم كتاباً في هذا الموضوع هو (حربي مع إسرائيل) فمما لا شك فيه، والإسرائيليون يعترفون بذلك، أن الأردنيين كانوا أكثر المقاتلين خلقاً للمصاعب والمشقات في مواجهة الأعداء، وأنه، بين سائر الجيوش العربية، كان جيشكم هو الذي قاتل أفضل قتال.
- عندما انسحبت قوات الأمم المتحدة من قطاع غزة، كان لا بد أن يكون المرء أعمى حتى لا يدرك بأننا ألقينا بأنفسنا في فم الذئب وأن الحرب مع إسرائيل قد غدت لا مناص منها. وعلى توالي الأسابيع كان الموقف يتدهور. حدث أولاً العدوان الإسرائيلي على قرية السموع في نهاية عام 1966، ثم التوتر المفاجئ على خطوط الهدنة السورية في آذار (مارس) ونيسان(أبريل) من عام 1967، مع الاشتباك الجوي العنيف في السابع من نيسان (أبريل). كان قد أمسى واضحاً، منذ قرابة خمسة أعوام، بأنه إذا لم يُفعل شيء، فإننا سائرون على خط مستقيم نحو نزاع مسلح. لقد نشرت
( كتاباً أبيض) حول الموضوع منذ صيف عام 1962 عنوانه "الأردن والقضية الفلسطينية والعلاقات العربية" ولقد شرح هذا الكتاب وجهة النظر الأردنية حول ضرورة إنشاء وحدة حقيقية وما يتسم به هذا الأمر من طابع حيوي بالنسبة إلى العالم العربي. كانت هذه الوحدة في نظري أساسية. إذ من المستحيل أن ندعم مطالبنا، إذا لم نجمع شملنا وتتوثق صلاتنا. وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر بيني وبين عبد الناصر، وعلى الرغم من اللقاءات والمعانقات العلنية، ومن الخصومات الجديدة، فقد كنت أشد من ناصره حماسة وحرارة شعور، عندما قرر دعوة القمة العربية الأولى فجر عام 1964. لقد ساندته في اللقاءات التالية التي تمت في الإسكندرية في أيلول (سبتمبر) من عام 1964، ثم في الدار البيضاء في أيلول (سبتمبر) من عام 1965. ولقد جرى استعراض كل قضايانا في هذه اللقاءات: مياه نهر الأردن، وعمليات منظمة التحرير الفلسطينية ضد إسرائيل انطلاقاً من أراضينا، والحرب المحتدمة الأوار في اليمن بين مصر والعربية السعودية إلخ. كنت أعرف بأن أقل استفزاز سيكون مناسبة للإسرائيلين لمفاجأتنا وشن حرب خاطفة وقائية ضدنا. وهذا ما لبث أن تبدى. كان ينبغي أن لا نعطيهم حجة يتذرعون بها لإشعال هذه الحرب، وإذا كان بعض العرب قد فهمني، فإن الآخرين لم يصغوا إلي.

ومنذ نهاية القمة العربية الثالثة في الدار البيضاء، تدهور الوضع بصورة خطيرة. ومرة أخرى كانت مصر هي المتسببة في ذلك: كانت القاهرة في نزاع علني مع العربية السعودية حول موضوع اليمن الذي كانت الحرب فيه لا تنتهي، ومع الأردن حول موضوع منظمة التحرير الفلسطينية وعلاقاتي معها، ومنذ ذلك الحين أصبح في حكم المؤكد أن القمة العربية الرابعة سوف لن تنعقد ، خلافاً لما كان متوقعاً.

منذ عام 1966، أمسكت شخصياً إدارة الحكومة الأردنية بيدي وكنت أنا، ولا أحد سواي، هو الذي قرر إغلاق مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في سائر الأراضي الأردنية، كان لا بد لي من التحكم في توجيه هذه الحركة التي كانت تزداد إنفلاتاً وتملصاً من رقابتي، وقد أتاح لي هذا الإجراء الذي اتخذته ، إشرافاً أفضل على الوضع الداخلي في الأردن . لقد بدأ رجال المنظمة، وإنني هنا أزن كلماتي، في ممارسة التخريب على نطاق واسع، كان هدفهم الأساسي هو محاولة فصل شعبينا في الضفتين الشرقية والغربية لنهر الأردن، ليتسنى لهم السيطرة عليهما بصورة أفضل لهم، ولتضخيم أعدادهم ، عمد زعماء المنظمة إلى إدخال أي كان في صفوفهم، حتى الأشخاص الذين كانوا ينتسبون إلى جماعات سياسية أو إلى أحزاب محظورة عندنا. كانوا يجندون بشكل خاص من الذين ينتسبون إلى الحركات الشيوعية أو اليسارية التي كانت تتكاثر فئاتها. كانت هنالك واقعة قد أضحت في نظري تزداد ثبوتاً ويقيناً وهي أنه: بتدهور علاقاتنا مع مصر وسورية، وبنشاطات المنظمة فوق أراضينا ، غدا مستقبل الأردن، مرة أخرى، في خطر ، ومعه قضية الملكية أو النظام الملكي .
لقد سبق لي الحديث عن عدوان السموع في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 1966 بحجة " الانتقام من النشاط افرهابي لمنظمة التحرير الفلسطينية" هذا الحادث الذي اشتهر ويا للأسف قد وقع مثله مرات عديدة ضد المخيمات والقرى الفلسطينية المجاورة لإسرائيل. أما قرية السموع هذه التي يبلغ عدد سكانها أربعة آلاف، فكانت تتألف بشكل خاص من أسر اللاجئين الفلسطينيين الذين كان الإسرائيليون يتهمونهم بإيواء المناضلين القادمين من سورية . إستغرقت العملية أربع ساعات ولقد سبق لي القول بأنه بعد رحيل الإسرائيليين، جرى تعداد واحد وعشرين قتيلاً وسبعة وثلاثين جريحاً من الرجال والنساء والأطفال، أدينت إسرائيل بعنف من قبل الأمم المتحدة بأكثرية أربعة عشر صوتاً ضد صوت واحد .وللمرة الأولى ضم الأمريكان صوتهم إلى أصوات الفرنسيين والروس والإنكليز.







رد مع اقتباس
قديم 05-16-2011, 01:05 PM رقم المشاركة : 73
معلومات العضو
أمان
عضو ملكي
 
الصورة الرمزية أمان
إحصائية العضو






 

أمان غير متواجد حالياً

 


افتراضي



ولكن الأمر الأخطر، جاء من أصدقائي العرب: إذ بدلاً من أن يحملوا على إسرائيل، انا علي يهاجمونني! لأنني عارضت أن يقوم رجال أحمد الشقيري زعيم منظمة التحرير الفلسطينية وقتئذٍ ، بشن عملياتهم انطلاقاً من الأردن .
ومنذ ذلك الحين، لم يعد من الممكن إلا أن يسوء الوضع ويتدهور ليس بين العرب فحسب، بل مع إسرائيل أيضاً. ولم يخف وصفي التل الذي اغتيل في القاهرة بعد بضع سنين، ما كان يعتلج في نفسه من مشاعر عندما أجاب على الاتهامات الموجهة إلى الأردن خلال مؤتمر صحفي عقده في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 1966، إذ قال بشكل خاص بأن هجوم السموع الذي كان من الواجب أن يتيح للقيادة العربية الموحدة أن تختبر فعاليتها قد برهن بأن هذه القيادة غير موجودة إلا على الورق. وأنها كانت إخفاقاً تاماً، كان الأردن خلال هذا الهجوم ينتظر المعونة الجوية من الجمهورية العربية المتحدة التي كانت مسئولة عن منطقة الدفاع هذه ، ولكن هذه المعونة لم تأت أبداً. وأخيراً، كان قد تقرر أثناء مؤتمرات

القمة العربية التي عقدت حديثاً، أن كل عملية للمنظمة انطلاقاً من أي بلد عربي، يجب عرضها، قبل التنفيذ على القيادة العربية الموحدة لتتولى تقييمها، وهذا ما لم يحدث. فقد كنت متصلباً بالنسبة لهذه النواحي التي كنت اعتبرها على جانب عظيم من الأهمية. إذ بالإضافة إلى سورية ومصر، كان علي أن أواجه خصماً عربياً جديداً لايقل عنهما، لأنه كان متواجداً عندنا: ألا وهو المنظمة. كانت الشعارات تتطاير في كل اتجاه . أما الشعار الذي كان أكثر إيلاماً لنفسي فقد كان القول:" قبل تحرير تل أبيب ينبغي تحرير عمان" .
غدت الحرب لا مفر منها. ولعل مما يبعث على العجب أنها لم تنشب إلا بعد مضي ستة أشهر، الجميع يذكر أهم تواريخ وأهم أحداث ربيع عام 1967. وإنني أستعيدها لا لشيء إلا للذكرى: (7) نيسان (أبريل) ، المعركة الجوية العنيفة بين طائرات الميراج الإسرائيلية والميج السورية. (15) أيار (مايو) أذاع نائب رئيس الجمهورية العربية المتحدة المشير عبد الحكيم عامر، أمراً يومياً يتطابق مع الذكرى التاسعة عشرة لاستقلال إسرائيل والعرض العسكري الضخم الذي جرى في القدس المحتلة: كان هذا العرض العسكري تحدياً واستفزازاً ، فرفض عدد كبير من الدبلوماسيين الأجانب حضوره. في (18) أيار قبل أوثانت السكرتير العام للأمم المتحدة، جلاء قوات الطواريء الدولية من قطاع غزة دون إستشارة لمجلس الأمن، واستلمت مراكزها فوراً، القوات الفلسطينية والمصرية، في الحادي والعشرين منه، بعث إلينا السوريون بسيارة ملآى بالمتفجرات كان مقرراً لها أن تنفجر في قلب عمان، ولكنها انفجرت في الرمثا على حدودنا فادت إلى مصرع واحد وعشرين أردنياً، الأمر الذي أرغمنا على قطع علاقاتنا مع دمشق. وفي الثالث والعشرين من (أيار) (مايو) زار عبدالناصر سيناء وقرر إغلاق مضايق تيران، وبذلك غدا خليج العقبة محاصراً وميناء إيلات الإسرائيلي مشلول الحركة. وفي الثلاثين منه كان لقائي مع عبدالناصر الذي سمي فيما بعد (بالمصالحة) ، ووقعت خلاله مع الرئيس المصري معاهدة الدفاع المشترك، وقد طافت صور تبادل العناق بيني وبين عبدالناصر ، سائر أنحاء العالم، إلا أن بعضهم بقي متشككاً فيما يختص بهذه اللقاءات وهذا الفيض من العواطف الدافقة، وإني أخطئوهم.
عدت إلى عمان في مساء الثلاثين ولكن مع شخص مزعج إلى جانبي هو أحمد الشقيري رئيس المنظمة. فقد رجاني عبدالناصر أن أعيده إلى عمان معي فاضطررت إلى الموافقة على ذلك . ومنذ ذلك الحين غدا القتال أمراً محتوماً. بدأ الهجوم الإسرائيلي فجر الخامس من حزيران (يونيو) . كنت شخصياً في عداد الأهداف المقصودة، لأن الطائرات الإسرائيلية ، في موجات أثر موجات، لم تقصف عمان والأهداف المدنية والعسكرية فيها فحسب، بل أن عدداً كبيراً من الطائرات، بعد أن حددت موقع قصري الذي يظهر واضحاً من بعيد، لقيامه على أحد تلال عمان السبعة ، ألقت قنابلها عليه بقصد قتلي وقتل مساعدي وأعضاء حرسي. ولم يكن القصر مستهدفاً فحسب، بل حتى مكتبي أصيب بصاروخ كان من المحتمل أن يقتلني لو كنت داخله. لقد كانوا مزودين بما يحتاجون من معلومات لهذه الغاية .
طوال عدت أيام قاتل شعبي بشجاعة وتصميم . فقد كانوا الأردنيون في نظر العالم، أشد المحاربين بسالة وإقداماً بين سائر العرب. وإنني لفخور بذلك، فخور غاية الفخر. ولكن كان علينا ان نسلم بالأمور التي تبدو جلية واضحة للعيان. فليس في مقدورنا أن نقاوم وحدنا تقريباً في الجبهة الشرقية. لم يأتي أي عون ولا أي دعم ، فسقطت القدس ثم أريحا والخليل ونابلس ورويداً رويداً وقعت الضفة الغربية لنهر الأردن بأسرها في قبضة الإسرائيليين . فقد نسفوا الجسور وقسمونا إلى شعبيين متمايزين . وفي الثامن من حزيران (يونيو) بعد أربعة أيام من بداية المعارك أبلغت السكرتير العام للأمم المتحدة بموافقتي على إيقاف إطلاق النار الذي قرره مجلس الأمن . وماذا كنت أستطيع أن أفعل غير ذلك ؟
أصبح إيقاف إطلاق النار نافذ المفعول بعد ظهر ذلك اليوم، لأن بعض جنودي رفضوا إلقاء السلاح وصمموا على مواصلة الجهاد ببطولة حتى النهاية . وانتهت حرب الأيام الستة هذه بالنسبة إلينا بعد أن سلبت منا القدس ، أغلى وأعز








رد مع اقتباس
قديم 05-16-2011, 01:06 PM رقم المشاركة : 74
معلومات العضو
أمان
عضو ملكي
 
الصورة الرمزية أمان
إحصائية العضو






 

أمان غير متواجد حالياً

 


افتراضي



المدن الأردنية على قلبي، وجردنا من الضفة الغربية لنهر الأردن .
بلا راحة ولا نوم ولا طعام تقريباً، بعد أن غدوت الزعيم العربي الوحيد الذي إشترك بنفسه في الحرب ، قررت في مساء يوم الثامن من حزيران (يونيو) أن أخاطب شعبي العزيز من على موجات إذاعة عمان . وهذا هو الخطاب:
" لقد قاتلنا ببطولة وشرف ولسوف يعترف العرب فيما بعد بالدور الذي لعبه الأردن في هذا النزاع. لقد دافع جنودنا عن كل شبر من أراضينا بدمائهم الزكية الغالية التي لم تجف بعد ، والتي ستحتفظ بلادنا بآثارها وسماتها . إنهم لم يخشوا التفوق الجوي المطلق للعدو الذي شل بالمباغته و المفاجأة الطيران المصري الذي كنا نعتمد عليه. والآن فإن ما وقع قد وقع . وإن قلبي ليتفطر حسرة وأملاً عندما أفكر في جميع من فقدنا من جنودنا الذين سقطوا صرعى والذين هم أعز علي من نفسي. أيها الأخوة . يبدو انني انتسب إلى أسرة الذين أراد الله لهم العذاب وبذل التضحيات التي لا نهاية لها لأمتهم، إن النكبة التي أصابتنا لأعظم مما يستطيع المرء تصوره. ولكن مهما بلغت جسامتها فلا ينبغي ، أيا كان الثمن ، أن تضعف من تصميمنا على استرداد ما فقدناه . وأخيراً إذا كان المجد لم يجزكم خير الجزاء ، فليس مرد ذلك إلى نقص في الشجاعة ولكن لأن هذه كانت إرادة الله. كان الله مع شعبنا الآن " . لقد ندر أن تأثرت في حياتي ، تأثري وأنا أخاطب شعبي . كنت على وشك البكاء ولكن كان لابد أن أمضي في خطابي إلى نهايته . كنت أعرف أن شعبي كان يذرف الدموع ، كان يبكي قتلاه وآلامه . وكان يبكي من أجل بلاده . ولم تكون هذه هي المرة الأخيرة ، ويا للأسف. أما الضيف المزعج أحمد الشقيري، الذي غادر الأردن عند إغلاق مكاتب المنظمة ليلجأ إلى دمشق أولاً ، ثم إلى القاهرة ، فقد رحل من عمان في الثالث من حزيران (يونيو) قبل يومين من نشوب الحرب، للذهاب إلى القدس وهنالك عقد مؤتمراً صحفياً وتفوه بكلمات مشئومة خدمت الدعاية الإسرائيلية . ثم عاد في الخامس من حزيران إلى عمان. وفي اليوم التالي يوم الثلاثاء السادس من حزيران، غادرنا فجأة إلى سورية " ليطلب غلى دمشق أن تساعدنا بأكثر مما فعلته حتى الآن". ولم نر وجهه أبداً.







رد مع اقتباس
قديم 05-16-2011, 01:07 PM رقم المشاركة : 75
معلومات العضو
أمان
عضو ملكي
 
الصورة الرمزية أمان
إحصائية العضو






 

أمان غير متواجد حالياً

 


افتراضي



* ماهي العبر والدروس التي تستخلصونها من هذه الحرب بعد أن اندملت الجروح بفعل السنين. لقد أفاض الناس في الحديث مؤخراً بأن حرب عام 1967 كانت حربكم . في حين أن حرب عام 1973 لم تكن تعنيكم .





- سوف أجيبكم على سؤالكم على دفعتين.
أولاً: سوف أحملكم على الدهشة والحيرة، ولكنني قلت ذلك مرات عديدة: ان هذا النزاع الدامي المميت الشرس الضاري سوف يبقى في نظري (حرباً مزعومة) ولا شيء غير ذلك، لم أقاتل في أية لحظة ضمن شروط حرب حقيقية ، ولم أشعر في أي وقت بوجود هذه الحرب، إنني كما تعلم لم أعلن الحرب ابداً على إسرائيل ولم (أحاربها) أبداً بالمعنى الصحيح لهذه العبارة، فلم أزد على أنني كنت أرد كل اعتداءات أعدائنا، كما كنت أفعل منذ عام 1956 أي منذ حوالي عشرين عاماً.

إن السلام في بلادنا غير موجود. ولم ير النور إطلاقاً . فقد فرضت علينا الهدنة حقاً في عام 1948 بعد إنشاء دولة إسرائيل. ولكن ما هي الهدنة؟ انها ليست السلام. وهي لم تكن السلام أبداً. ما أكثر ما أستهتر بالهدنة. وخرقها في أغلب الأحيان، أولئك الذين يقيمون في مواجهتنا . إن تعداد ذلك سيكون من الصعب اجراؤه!
لم يتحقق السلام أبداً. وكما تبدو الأحداث اليوم، فإن السلام ما زال بعيد المنال!، حتى بعد مقررات قمة الرباط في تشرين الأول (أكتوبر) من عام 1974 وبعدما أجرته الأمم المتحدة مؤخراً من التصويت المتكرر، لا بد من إيجاد حل عادل، وإلا فلن يكون هنالك سلام .
نعم في حزيران 1967 ارتكبنا أخطاءاً وخسرنا حرباً فرضت علينا واستخلصنا منها العبر والدروس التي تجلت على الأقل بعد مضي بضعة أشهر على حرب حزيران عام 1967 ، خلال العدوان الإسرائيلي في الحادي والعشرين من آذار (مارس) 1968، على الشونة والكرامة، في الضفة الشرقية لنهر الأردن. كان ردنا الانتقامي الخاطف على القوات الاسرائيلية قد أحال ما أسمته إسرائيل (بالعملية البوليسية البسيطة) إلى إشتباك عسكري تام نجمت عنه خسائر فادحة مني بها المعتدون وكانوا لا يتوقعونها ومع ذلك كانوا يفوقوننا في العدد والطائرات ووسائل نقل الجنود وهو ماكنا لا نملكه، لقد عرفنا كيف نستخلص توقعها من حلفائنا . وعرفنا أننا إذا لم نعتمد على أحد، قاتلنا قتالاً أفضل، وهذا مما لا يتطرق إليه الشك، ولو اتكلنا على المساعدة فلسوف لن تأتي على العموم أبداً! وانني في مركز يتيح لي أن أعرف ذلك جيداً.

أكرر القول بأننا ارتكبنا أخطاءاً منذ ثماني سنوات، وفي رأيي أن أول هذه الأخطاء هو أننا لم ننظم قواعد ومناهج عملياتنا العسكرية تبعاً لإمكانياتنا الخاصة، فمنذ سنين كانوا يحدثوننا عن القيادة العربية الموحدة، وعن القائد العام لسائر الجيوش العربية، وعن معونة شعوبنا الشقيقة الخ... وقد اعتمدنا على ذلك ، وهو أمر طبيعي . وما كان ينبغي علينا أن نفعل، فلو لم نعتمد على هذه المعونة الخارجية المحتملة، لكانت (حربي) مع إسرائيل قد اتخذت مجرى آخر تماماً. مافي ذلك أدنى شك. عندما ينتظر الغطاء الجوي الذي كنت أنتظره، فإنه لا بد لي من أن أقاتل بالأسلوب الذي انتهجته في القتال، ولو عرف رجالنا منذ البداية أنه لا يمكنهم تلقي أية معونة، لا من مصر، ولا من سورية، ولا من العراق، لكانت اختلفت استراتيجيتنا عما كانت عليه، ولبقيت القدس في حوزتنا حتى اليوم، لأنه طوال الأيام القليلة لهذه الحرب الخاطفة، كنا دوماً نراعي احلال المصلحة العربية في المكان الأول، واضعين مصلحتنا الخاصة في المحل الثاني من الأهمية . وهكذا كنت افهم معنى التضامن، إلا أن الجميع ويا للسف لم يتقيد بنفس القاعدة التي انتهجتها.
لم تأت المساندة الخارجية ، وتلاشت بتوالي الساعات والأيام المعونة المطلوبة التي وعدنا بها . فاضطررنا أن نتصرف بأسلوب الحركات التلقائية وأن نبتدع الحلول البديلة في اللحظة الأخيرة . كنا إلى حد ما نرتجل ارتجالاً، في حين أن اشتباكاً عسكرياً في هذه الأهمية لا يعالج بالارتجال.
في اليوم الثالث ، عندما اضطررنا أن نتحقق من أن أحداً سوف لن يخف لمساعدتنا، كان الوقت قد فات، كانت إمكاناتنا أقل بكثير مما كنا نستهلك من أسلحة ومعدات . وكانت المقايسة بين القوات غير متوازنة إطلاقاً . فمنعنا هذا العائق منعاً باتاً من افشال وإيقاف تقدم العدو واحباط خططه، كان في مواجهتنا جيش مدرب خير تدريب، موحد ومسلح بالعزم والتصميم، لا يعتمد سوى على نفسه، ولا يتكل على مساعدة أحد، أما هنا ، فقد كنا نعول على التضامن العربي وعلى المعونة التي وعدنا بها منذ أشهر والتي كنت أنتظرها بلا طائل ! ولعل الذي كان أشق على النفس وأقسى، هو ليس الساعات ولا الأيام التي تلت الهزيمة ، وغنما الأشهر التي كانت تمضي، الأشهر التي كانت تثقل كاهلي، وتحمل إلي العناء والاعياء سواء من الناحية المادية أو الجسمية، كان لابد لي من المقاومة والصمود، كنت أشعر بأن أعصابي على وشك الانهيار والانفجار. وكنت أحس بأن صحتي قد تمكر بي في أية لحظة وتتلاشى مقاومتها . وهذا ما كان لا ينبغي أن يحدث. كان علي أن أبقى صلباً متيناً لأواصل قيادة بلادي حسبما كان شعبي يتوقع مني، ومثلما كنت أرجو وأتمنى . فسافرت كثيراً خلال هذه الأشهر التي تلت العدوان الإسرائيلي ، ودافعت بإيمان وقوة عن قضية شعبي.







رد مع اقتباس
قديم 05-16-2011, 01:07 PM رقم المشاركة : 76
معلومات العضو
أمان
عضو ملكي
 
الصورة الرمزية أمان
إحصائية العضو






 

أمان غير متواجد حالياً

 


افتراضي


مرة أخرى ذهبت غلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك بعد مضي ثلاثة أسابيع على نشوب القتال، وألقيت خطاباً أمام المحفل الدولي الكبير، كنت مقتنعاً بأن الجيش الأردني قد قاتل قتالاً أفضل مما فعلته سائر الجيوش العربية التي كانت متواجدة في المعركة، كانت تعليقات الصحف تثبت لي ذلك وكنت سعيداً من جراء هذا . كانت بلادي هي التي ذاقت النصيب الأوفى من الآلام والنكبات خلال هذا العدوان فخسرت أكبر عدد من الرجال والمعدات والأراضي. كنت إذن
أحس بأنني أكثر الناس جدارة بالتحدث باسم القضية العربية . وهذا ما فعلته من صميم قلبي . ربما أيضاً تحت تأثير الإنفعال النفسي والتعب والعناء من هذه الحرب . اقترحت من علياء هذا المنبر، عقد اجتماع عاجل لمؤتمر قمة عربي فووفق على عقد هذا الاجتماع في نهاية الصيف، وهو موعد متأخر جداً في رايي. كان يجب أن نضرب الحديد حامياً متوقداً وليس بعد مضي ثلاثة أشهر على نشوب الحرب، عندما تكون الأذهان قد تطرق إليها النسيان...

انتهزت الفرصة التي أتيحت لي للتواجد في الغرب، فقابلت عظماء هذا العالم في طريق عودتي. بدأت بالرئيس جونسون. وإذا كان قد أبدى لي بالغ اللطف وأكثر من العبارات الودية، وكان شديد الاصغاء والالتفات إلى أقوالي، فقد أظهر لي بعض الحنق إزاء مصر، والكثير من التبرم نحو إسرائيل التي كانت في الربيع قد أكدت له بأنها سوف لن تتخذ أية مبادرة عسكرية، وفي أوروبا كانت أولى زياراتي مخصصة لرئيس وزراء العمال هارولد ويلسون الذي كان هو أيضاً بالغ المودة تجاهي ومدركاً واعياً للموقف كما يظهر على حقيقته. أما الرأي العام الانكليزي ، فقد كان معادياً لنا بلا شك ، وكان يتجلى ذلك في الأحاديث وفي الخطابات وفي مقالات الصحف، إلا أن رئيس الوزراء وجورج براون وزير الخارجية قد أعربا لي عن الكثير من التعاطف والمشاركة الوجدانية. وإنني اعتقد بأنه قد جرى بيننا تفاهم أكيد، وهذا هو الأساس
أماأفضل لقاءاتي في الغرب واحلفها بالفائدة والخصب، وأكثرها إيجابية، فقد كان بلا ريب لقائي بالرئيس شارل ديغول، الرجل الكبير العظيم الذي كان يعرف تمام المعرفة مشكلة الشرق الأوسط وقضية العرب بشكل خاص. لقد كنت دوماً أكن لهذا الجندي الكبير أحر الاعجاب، وانني أعتقد بأنه كان يعرب لي كلما قابلته عن تعاطفه الوجداني إن لم اقل عن محبته. كانت أقواله تأخذ طريقها المباشر إلى قلبي. كان يعرف اختيار الكلمات الصحيحة والنغمات التعبيرية التي تفيض بالصدق والإخلاص ولا سيما هذه العبارة التي سوف لن أنساها أبداً:
" إذا كان من حق إسرائيل أن تعيش بسلام وأمان ، فإن الأردن بكل تأكيد
يستحق ذلك سواء بسواء".
بقي علي أيضاً أن أقابل الرجل الأخير الذي كنت لا أعرفه لأنني لم أذهب أبداً إلى بلاده بحكم أنني لم أكن أقاسمه آراءه ومعتقداته ألا وهو الرئيس الروسي نيقولاي بودغورني . وقد حدد موعد الزيارة في الثاني من تشرين الأول (أكتوبر).
ولكن قبل أن ألتقي بالزعماء الروس الذين هاجمتهم بعنف طوال الخمس عشرة سنة من حكمي الملكي، أردت أن أقابل جمال عبدالناصر الذي خرج من هذه الحرب مثخناً بالجراح، وفاقداً للكثير من هيبته ونفوذه، والذي كف عن التحامل علي مباشرة بهجماته. لم يكن في مؤتمر القمة في الخرطوم الذي انعقد فيما بين التاسع والعشرين من آب (أغسطس) والأول من أيلول (سبتمبر) إلا ظلاً لما كانت عليه شخصيته القديمة، وقد كدت من ناحية أخرى أن لا أصل إلى القاهرة في الثلاثين من أيلول 1967 هذا، من جراء رداءة الأحوال الجوية التي كانت سائدة فوق البحر الأبيض المتوسط الشرقي من قبرص إلى مصر مروراً ببيروت وعمان. استلمت قيادة الطائرة من رئيس الطيارين وأقلعت باتجاه القاهرة التي كان مطارها مغلقاً ومدى الرؤية فيه لا تتجاوز مائتي متر ، وهبطنا بأقل الخسائر .
لقد اتسمت المحادثات التي أجريتها مع الرئيس المصري بطابع غاية في الود والحرارة . لأول مرة تواجدت في مواجهة رجل آخر حلو الحديث لطيف المعشر ودود حسن الالتفات، ودار الحديث بيننا حول ما أسميناه ( بالموقف العربي) . كان هنالك خمس نقاط أساسية وجوهرية بالنسبة إلينا:
1. الاعتراف بحق العيش بسلام وأمان لكل دولة في هذه المنطقة بما في ذلك إسرائيل.
2. الاتفاق على وضع حد لحالة الحرب وللحرب نفسها.
3. فتح الطرق الملاحية الدولية للجميع بما في ذلك قناة السويس.
4. انسحاب إسرائيل مع سائر الأراضي العربية التي احتلتها خلال حرب حزيران.
5. التسوية النهائية لقضية اللاجئين الفلسطينيين المحزنة والاعتراف بحق هؤلاء الرجال والنساء بالعودة إلى أراضيهم .
وبديهي أن النقطتين الأخيرتين لا تتعلقان بنا فحسب، بل بأولئك الذين يتواجدون في مواجهتنا أيضاً ... بعض هذه النقاط وردت في القرار الأمريكي الروسي ولكنها لم تؤخذ بعين الاعتبار من جراء بعض المتطرفين العرب الذين كانوا يفضلون تدابير أكثر صرامة وأسرع تنفيذاً. ومع ذلك حتى الجزائريين الذين كانوا يسلكون طريقاً أشد صلابة مما انتهجناه، قد بذلوا لي بعض التشجيع عندما التقيت بزعمائهم، بعد قليل منمغادرتي القاهرة فقد وافق الرئيس بومدين أن يدعنا أنا وعبد الناصر ، لنحاول تحقيق ما اقترحناه موضحاً لنا في الوقت نفسه بأنه لا يؤمن بذلك أبداً . وعلى أثر هذه الاتصالات و اللقاءات المتتالية بين زعماء الدول العربية، ونتيجة للجهود التي بذلناها ، ظهرت مهمة الدكتور جونار يارنج أثر قرار اتخذه مجلس الأمن بالاجماع في تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 1967.
في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) كنت في موسكو: قابلت فيها السيدين بودغورني و كوسيجين. وكان الاستقبال ودياً جداً ومرة أخرى أكد لي الروس الدعم الذي سوف يبذلونه للشعوب العربية أيا كانوا. كنت في موقف مبهم بعض الشيء. لأنني كنت لا أشارك المصريين والسوريين والعرراقيين نفس الحماسة التي تتقد في صدورهم إزاء الكرملين . كان الروس يعرفون بأنني لا أكن لهم وداً. وكان ما زال عالقاً في كل ذاكرة خطابي الأول في الأمم المتحدة في عهد خروتشوف. ولكنني حاولت تبديد سوء التفاهم الذي كان طوال سنوات، يؤثر على العلاقات بين بلدينا. عدت إذن راضياً جداً عن زيارتي الأولى لموسكو وعن موقف الزعماء الروس إزاء بلادي. فقد بدا أنهم يعرفونها جيداً أو أنهم ميالون لمساعدتها مع وضع القضية العقائدية جانباً.
نعم إن بعض جروح عام 1967 قد اندملت بعض الشيء، كما قلت ، ولكن بعضها الآخر ما زال ينزف دماً ولفترة زمنية سيطول مداها.
ولكن ثمة نقطة لست أتفق وإياك إطلاقاً عليها، عندما قلت بأن عام 1967 كان حربي وأن عام 1973 لم يكن مثل ذلك . فمنذ سنين كانت جميع المعارك التي خاضتها الشعوب العربية هي معاركي. كانت جميعها تعنيني. وكانت كلها تجتذب اهتمامي، سواء وقعت في الشرق الأوسط أو في أي طرف من الأراضي الإسلامية.


لقد قاتل الهاشميون منذ أربعة أجيال ، في سبيل نفس القضية ونفس الهدف والغاية. لقد كان الشريف حسين في مكة أول من رفع الراية ، ثم جاء بعده جدي الملك عبد الله ، وتلاه والدي الملك طلال . أما انا فاني من أبناء الجيل الرابع الذي قاتل في سبيل نفس القضية ونفس الهدف والغاية، إن كل الحروب والمعارك لا تتشابه والوسائل المستخدمة للدفاع أو الهجوم لا تتماثل أيضاً.

كانت حرب عام 1967 وحرب عام 1973 مختلفتين تمام الاختلاف فالمعتدون والمعتدى عليهم لم يعودوا كما كانوا عليه في الماضي، وهذا بديهي ومع ذلك فهاتان الحربان كانتا حرباي . ولو أن المواقع على الأرض لم تتحرك بالنسبة للأردن .

إن جدي الأعلى مدفون في القدس كما تعلم، أما جدي الملك عبد الله، فقد لقي مصرعه في القدس بين ذراعي، إن هذه المدينة هي مدينتنا لأكثر من سبب، ومنذ ثمانية أعوام والمسلمون في العالم أجمع ملوك وجنود وأغنياء وفقراء ينتظرون لكي يقيموا الصلاة من جديد في المسجد الأقصى الذي يمثل الشيء الكثير في أعيننا .







رد مع اقتباس
قديم 05-16-2011, 01:08 PM رقم المشاركة : 77
معلومات العضو
أمان
عضو ملكي
 
الصورة الرمزية أمان
إحصائية العضو






 

أمان غير متواجد حالياً

 


افتراضي



* لقد قيل وكتب بأن حرب الأيام الستة هذه قد أجهدتكم معنوياً وجسمياً وأنكم لم تعرفوا النوم طوال كل أيام القتال. ما هي بالنسبة إليكم وإلى شعبكم النتائج المباشرة لهذه الحرب وانعكاساتها على الصعيد الداخلي ؟

- لست أن فحسب، بل ان رجالي وشعبي خرجوا جميعاً مجهدين من هذه الحرب، مزعزعين مثخنين بالجراح. لم يكن من السهل كفكفة سائر الدموع وإطفاء كل الرماد الذي ما يزال حاراً، وإزالة جميع ما تراكم من أنقاض. ولكن مرة أخرى، لقد فعلت البلاد ذلك بشجاعة ونبل ووقار، كما كان يفعل الأردنيون دوماً في الظروف المماثلة.

لقد سقطت القدس في صباح السابع من حزيران، فاحتلها الإسرائيليون مع قبة الصخرة وسائر الأماكن المقدسة الروحية كما احتلوا بيت لحم ونابلس ورام الله والخليل، لقد دافعنا بضراوة عن كل متر مربع من هذه الأرض مضحين بحياة المئات والآلاف من الرجال. وانني اعتقد بأن من المستحيل أن يفعل غيرنا أكثر مما فعلنا، رجالي أيضاً لم تغمض لهم جفون طوال هذه الليالي. وبعد ثلاثة أيام من المعارك الضارية التي كانوا يقاتلون فيها رجلاً مقابل خمسة رجال، اضطروا، وقد نال منهم التعب المرهق، إلى التراجع مرفوعي الرؤوس. ليس لدي ما ألوم قواتي عليه. وانني لعلى يقين من أن المراقبين الأجانب قد أعربوا بوضوح عن آرائهم حول الطريقة التي حاربت بها الجيوش العربية ولا سيما الأردنيين الذين كانوا في نظرهم خير من قاتل منهم.
تدهورت اقتصادياً البلاد إلى الحضيض. فقد خسرنا كل شيء. وكان علينا أن نبدأ من الصفر. ولكن ليس هذا الذي يستطيع إيقافنا. ولقد أقمنا







رد مع اقتباس
قديم 05-16-2011, 01:09 PM رقم المشاركة : 78
معلومات العضو
أمان
عضو ملكي
 
الصورة الرمزية أمان
إحصائية العضو






 

أمان غير متواجد حالياً

 


افتراضي




الدليل على ذلك. وللمرة الأولى لعب التضامن العربي ذروة أدواره. فإذا كان قد غاب عنا أثناء القتال فقد ساعدنا مساعدات ضخمة طوال السنوات التالية. إذ إلى جانب المعونة التقليدية التي كان يقدمها الغرب إلينا كالولايات المتحدة وبريطانيا العظمى، فقد كنا نعتمد على الإمدادات التي كانت تزودنا بها كبرى الدول العربية المنتجة للبترول ولا سيما العربية السعودية والكويت وليبيا، التي أنشأت في أيلول 1967 صندوقاً خاصاً من أجل الدول التي اشتركت في الحرب وخاصة الأردن ومصر وسورية، يبلغ مقداره (135) مليوناً من الجنيهات الاسترلينية. منها أربعون مليوناً خصصت للأردن. وقد أعاننا الأشقاء العرب أيضا في سبيل مئات الآلاف من النازحين الذين يقيمون في ضيافتنا.
لقد استمرت لحسن الحظ بعض صناعاتنا في العمل في حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) ولا سيما الفوسفات الذي صدرنا منه حوالي مليون طن في عام 1967 ومليون و (150) ألف طن في السنة التي تلتها. وإذا كنا قد تركنا مزارعنا وأراضينا الخصبة في الغرب، فإن مناجمنا ومستخرجاتها واقعة في الضفة الشرقية من نهر الأردن. وهذا ما عوض علينا بعض الشيء، فقداننا لفواكهنا ولموارد سياحتنا التي عادت علينا بعشرين مليون جنيه استرليني في عام 1966، وهو مبلغ مهم بالنسبة إلى بلد صغير كبلدنا.

ثم هناك مشكلة السلاح. فقد فقدنا الطيارات والدبابات والأسلحة الثقيلة والخفيفة. وغدا من الضرورات المستعجلة أن نحصل على بديل لها. وكنت على استعداد لأن أتلقى السلاح من أية جهة كانت، سواء من الشرق أو من الغرب، ذهبت إلى موسكو في تشرين الأول (أكتوبر) ولم يخف عني الذين تحدثت غليهم من المسؤولين بأنني إذا كنت في حاجة إلى شيء، فهم تحت تصرفي ، تقرباً إلي واكتساباً لمرضاتي، إلا أنني فضلت الاستمرار في التزود بالسلاح من أولئك الذين كانوا يدعمونني دوماً، فعوضني الانكليز ببعض طائرات الهنتر و دبابات السنتوريون، وأسلمتني الولايات المتحدة طائرات من طراز ستار فايتر وبعض الأسلحة المختلفة.
وهكذا بعد مضي ثلاث سنوات، كان لدي جيش كامل العدد والعدة حسن التدريب، يملك بشكل خاص (310) من الدبابات من طراز باتون و سانتوريون، وعشرين طائرة هوكر هنتر وثماني عشرة ستار فايتر، كما جهزت البلاد بنظام دفاعي من الصواريخ. كان علي أن أكافح للحصول على كل هذه المعدات لأن العقول كانت ما تزال مستعرة اللهيب، وكان الجميع يتحدثون عن حرب جديدة في حين أنني بين عامي 1968،1969 لم أتلق سوى نصف التجهيزات التي كنت أنتظرها . إلا أن حدة التوتر خفت لحسن الحظ بعض الشيء . وابتعدت أصوات الجزمات العسكرية.

بعد أن نهضت اقتصاديات البلاد من كبوتها، وجهز الجيش من جديد، كانت هنالك مهمة من نوع خاص وعلى جانب أعظم من الخطورة ، تنتظرني، وكنت في ذلك العهد لا أدري أنها سوف تستغرقني سنوات عديدة، ألا وهي تحرير الأراضي المحتلة، لم يكن من المعقول أن ننال هذا التحرير بالقوة، ولقد اعترتني الدهشة عندما سمعت عبدالناصر يحبذ مثلي أن نحقق هذه التحرير بالطرق الدبلوماسية . كنت أرى أن مما لا شك فيه بأن المفاوضة هي الوسيلة الوحيدة لاسترداد أراضينا. لذلك كان لابد لنا من التلاقي وبحث هذا الموضوع بهدوء وبمعزل عن الانفعال فاقترحت عقد مؤتمر قمة جديد نتداول فيه بشكل خاص في الموقف المشترك الواجب اتخاذه إزاء إسرائيل. كانت الدولة اليهودية على استعداد للتحدث مباشرة معي ومعي وحدي، ولكنني لم أكن راغباً في الانفراد والانشقاق عن الشعوب العربية الأخرى التي وقعت ضحية العدوان في حزيران (يونيو) . لهذا كان لا بد من توحيد قضيتنا وإعداد خطة مشتركة. وهذا ما أدى إلى لقاء الخرطوم الذي قاطعته الجزائر وسورية. وانني أكتفي من البلاغ النهائي الصادر عن هذه القمة بهذه الفترة الهامة:
" قرر ملوك ورؤساء الدول العربية توحيد جهودهم السياسية على الصعيدين الدولي والدبلوماسي لإزالة آثار العدوان الإسرائيلي والحصول على انسحاب قوات العدوان الإسرائيلية من الأراضي العربية المحتلة في الخامس من حزيران. وسيتم
ذلك ضمن نطاق المباديء الأساسية التي تعتمدها الدول العربية وهي : لا صلح مع إسرائيل، ولا اعتراف بإسرائيل ، ولا مفاوضة معها، وتأكيد حقوق الشعب الفلسطيني في أراضيه".
لقد وجهت إلينا انتقادات مريرة من جراء ما اتصف به هذا النص من الصلابة والحزم ولكنه كان الوسيلة الوحيدة لتأكيد إرادتنا التي لا تتزعزع في البقاء متحدين مصممين.
وجاءت فيما بعد مهمة يارينج، وهو رجل يتصف بالنباهو والذكاء، كنا نبدوا أننا نتقدم بخطوات متثاقلة . ولكن مع تراجع الزمن، يدرك المرء اليوم أنه طوال كل هذه السنين التي أعقبت حرب حزيران 1967، كنا نراوح في مكاننا لا نريم وندور حول دائرة لا نتجاوزها.
ومع ذلك ، على الرغم من تدمير جزء كبير من طاقتنا العسكرية ، وعلى الرغم مما أصاب اقتصادنا من معوقات في هذا الصيف من عام 1967، فقد كانت هنالك مشكلة مهمة، وفي منتهى الأهمية أيضاً وهي : المشكلة الإنسانية الخاصة بالإبقاء على حياة الشعب الفلسطيني . قبل عدوان حزيران ، كان عندنا في الأردن بمعناه المحصور، أي في الضفة الشرقية من نهر الأردن، حوالي خمسمائة ألف لاجيء فلسطيني، انضم غليهم مائة وخمسون الفا هربوا من الضفة الغربية، كانت أحوالهم المعيشية مقلقة، غير مستقرة، إن لم نقل إنها كانت لا تلائم حاجات البشر . وقد ركزت سائر جهودي لكي يتسنى لهؤلاء الناس الذين أقصوا عن ديارهم ، العيش على توالي الأشهر ثم السنين، بكرامة وبصورة طبيعية . ومن أجل ذلك كنت في حاجة إلى المال . إلى المال الكثير، ولئن كانت المعونات تردنا من القارات الخمس ومن المؤسسات الخيرية، فقد كانت هزيلة تبعث على السخرية ، في مواجهة ضخامة المشكلة، وكان هذا البطء لا يروق للاجئين وزعمائهم، ومنهم ياسر عرفات الذي جعل يزداد وزناً وأهمية، يضاف إلى ذلك أن زعيم فتح وزعيم منظمة التحرير آنئذ أحمد الشقيري، كانا يستغلان وصول اللاجئين الجدد والعاطلين عن العمل الجدد لإلحاقهم في منظماتهما الفدائية وتدريبهم وتسليحهم







رد مع اقتباس
قديم 05-16-2011, 01:10 PM رقم المشاركة : 79
معلومات العضو
أمان
عضو ملكي
 
الصورة الرمزية أمان
إحصائية العضو






 

أمان غير متواجد حالياً

 


افتراضي



استعداداً للضربات التي كانا يعتزمان القيام بها في المستقبل. كنا نسير على مهل نحو تصعيد لا سبيل إلى معالجته وتفاديه، بلغ ذروته القصوى في أيلول عام 1970، وهو تاريخ أسود وشهر من الحداد في حياتي.
كان الفلسطينيون قد وطدوا العزم على استرداد أراضيهم التي احتلت ظلماً وعدواناً في أقرب وقت يتيسر لهم : كان لهم أقارب في الجانب الآخر من نهر الأردن، كان لهم أولاد وبيوت وبساتين تمثل تمثل سنين عديدة، إن لم نقل أجيالاً من الجهود والتضحيات، كانت سورية تدعمهم دعماً فعالاً، وهذا ما كنا نعرفه قبلاً، وكان يساندهم العراق أيضاً الذي كان له خمسة عشر ألف جندي يرابطون في الأردن باستمرار منذ الحرب، وقد كان الفدائيون بمباركة من دمشق وبغداد ، يجتازون الحدود الجديدة للقيام بضرباتهم ومناوشة العدو بعملياتهم. وقد حدث ما لا بد من حدوثه.
كانت إجراءات إسرائيل الانتقامية ملطخة بالدماء في شباط من عام 1968، وقد ألح علي بعض قوادي العسكريين أن أتولى بشكل أكثر فعالية. رقابة وتوجيه هؤلاء الفدائيين . الذين بدأوا يتمادون في التصرف على هواهم في الأردن، وقد صرح وزير داخليتي وقتئذ بشكل خاص بأن:" الأردن مصمم على أن يضرب بقبضة فولاذية كل الذين يقدمون لإسرائيل بأعمالهم، الحجج والأعذار للعدوان على وطننا".
كان علينا أن لا نصطدم وجهاً لوجه مع الفدائيين. ولكن كنا مصممين على الاحتفاظ بزمام الموقف في أيدينا.



ثم وقعت الغارة على الكرامة في آذار (مارس) من عام 1968 من قبل القوات اليهودية ، كان الاشتباك دموياً من الجانبين خسائر في الأرواح البشرية، تدمير للمعدات، وكان دفن الشهداء من الفدائين مناسبة لقيام مظاهرة ضخمة. مؤيدة لهم ، وبداية ولا شك، لنواة من المقاومة أكثر رسوخاً وأمتن بنياناً، وما من شك في أن المنظمة التي كان الفدائيون يجاهدون تحت لوائها كانت تلفت النظر

بروعتها حقاً، كانت حسنة التجهيز، جيدة التدريب، وقد قاتلت في معركة الكرامة إلى جانب القوات الأردنية ببسالة وفعالية، ولكن لا بد لي من الاعتراف بأن من الصعب علي أن أمارس رقابتي وتوجيهي على جنود لا نستطيع تمييزهم من غيرهم في الأردن حيث توجد قوانين، وحكومة لجميع المواطنين مهما كانت أصولهم وأجناسهم ومعتقداتهم . هذه القوانين واجبة التطبيق على الجميع بلا استثناء. لم أكن أرغب في دولة ضمن دولة.

هؤلاء الفدائيون الذين كانت سورية تتولى تسليحهم وتجهيزهم وإطعامهم وإيواءهم ودفع مرتباتهم ، كان أصدقاؤهم في دمشق والقاهرة يبعدونهم بلباقة عن أراضيهم. فقد ألغت سورية كل عمل فدائي انطلاقاً من حدودها ، أي من الجولان . كانت دمشق ترتاب بشكل خاص في منظمة فتح التي كانت تعتبرها مزعجة جداً، فكان الفدائيون، دون أن يطردوا من سورية "يوجهون" نحو لبنان والأردن فينطلقون منهما للقيام بعملياتهم ضد الدولة اليهودة. وهذا ما كنت أرفضه، وما زلت حتى اليوم أرفضه.

إنني لا أحتاج إلى دروس في القومية والوطنية أتلقاها من احد فإذا كان أحد يعتبر وقتئذ، وما زال يعتبر الآن، بأنه أكثر قومية عربية مني، فليبرهن على ذلك في بلده نفسها، وليس باتخاذ الأردن أرضاً للتجارب.

إزداد عدد الفدائين شهراً بعد شهر في الأردن ولا سيما في المدن، وأصبحت عمان معقلاً لهم، كانوا يتجولون في شوارع العاصمة وأسلحتمهم في أيديهم يتحدون السكان وأفراد جيشي، في تشرين الأول (أكتوبر) من عام 1968، بلغ التوتر بين جيشي والفدائيين ذروته، كانت الاشتباكات والخطب وبلاغات محطات الإذاعة كلها كانت تحض وتحرض على الهيجان والفوران، ولقد وقع ويا للأسف ما كان لا بد من وقوعه والذي كنت أخشاه.







رد مع اقتباس
قديم 05-16-2011, 01:10 PM رقم المشاركة : 80
معلومات العضو
أمان
عضو ملكي
 
الصورة الرمزية أمان
إحصائية العضو






 

أمان غير متواجد حالياً

 


افتراضي


* لقد قابلتم ياسر عرفات عدة مرات بين عامي 1968و1970. أما كنتم أنتم الاثنان تستطيعان إيقاف هذا التصعيد.



- بالطبع ، فقد أجرينا عدة محادثات أنا وياسر عرفات طوال هذه الأشهر الحرجة. وعقدت اتفاقيات مع الفدائيين ، اعترفوا بموجبها ، في الفترة الأولى ، بسلطة الجيش الأردني. ولكن الجميع كان يعرف بأن منظمة التحرير الفلسطينية ليست هي التي تسلّح الفدائيين فحسب ، بل كان هنالك أيضاً جماعات أخرى عير معروفة إلا قليلاً في ذلك العهد ، ثم ازدادت أهميتها بالتدريج فيما بعد. لقد أجريت محادثات ودية جداً وإيجابية مع ياسر عرفات في شباط من عام 1969. ولكن ما العمل عندما ترفض القوات طاعة رؤسائها وتقرر تشكيل مجموعات أخرى أشد اضطراماً واحتداماً وأكثر تصميماً. كنت راغباً في قبول القرار رقم (242) الصادر عن مجلس الأمن الدولي. وكانت محادثاتي مع نيكسون الذي كان قد دخل البيت الأبيض قبل قليل ، قد رسخت رغبتي التي كانت رغبة العرب جميعاً ، وهي العمل على حمل إسرائيل على احترام المقررات التي كانت الأمم المتحدة قد اتخذتها منذ مدة غير بعيدة.


ولكن الدبلوماسية بطيئة ، والضحايا الأبرياء للعدوان الإسرائيلي لم تعد تقبل الانتظار. كان الفلسطينيون تواقين إلى أن يستردوا بالسلاح ما جردوا منه ظلماً في عام 1967. فازداد التوتر تفاقماً في الأردن في عام 1969 هذا ، ولا سيما في العاصمة عمان. كانت المظاهرات واستعراضات القوة والنداءات إلى التمرد والشعارات المعادية للأردن وزعمائه ، يتوالى ظهورها في كل يوم.

إزاء خطورة الموقف في نهاية الصيف ، عينت خالي الشريف ناصر قائداً عاماً لقواتنا المسلحة ، ومحمد رسول الكيلاني وزيراً للداخلية. كانا رجلين يتصفان بالصرامة والفعالية والوطنية ، ويعرفان تمام المعرفة ما أتوقع منهما ، وهو إعادة الهدوء إلى داخل أرضينا ، والقيام بالمراقبة المشددة الدقيقة للحدود مع إسرائيل.

لقد سبق لي القول: بأن الصعوبة تكمن في أن الفدائيين كانوا شيعاً وأحزاباً. فالاتفاقيات التي تعقد مع بعضهم لا يعني بها الآخرون. والالتزامات التي توقعها قوة ثالثة ، ترفضها مجموعة أخرى. كنت احتفظ بعلاقات مجاملة مع ياسر عرفات. ولكن القرارات التي كنا نتخذها معاً ، كانت تتجاهلها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، التي يتزعمها الدكتور جورج حبش ، والجبهة الديمقراطية الشعبية لتحرير فلسطين التي كان يترأسها نايف حواتمه. هاتان الحركتان المتطرفتان إلى أقصى حدود التطرف ، كانتا تناديان بأعلى الأصوات على كل من يودّ الاستماع بأنه: "قبل تحرير فلسطين ، ينبغي تحرير عمان".
ولكي يعرفوا بأنفسهم ، ويعترف بهم الناس ، كانت هاتان المجموعتان تستخدمان أكثر الأساليب مسرحية واستلفاتاً للنظر ، كتحويل الطائرات إلى خطوط سيرها.
ولقد تعرضوا حتى إلى أسرتي ، ولا سيما زوجتي الأميرة منى. فقد أوقفوها بينما كانت تستقل سيارتها في شوارع عمان قبل قليل من حلول عيد الميلاد وأطلق سراحها حرسي الخاص بعد بضع ساعات.
في بداية شباط (فبراير) من عام 1970 قمت بزيارة عبد الناصر في القاهرة للتباحث معه في الموقف الداخلي الذي كان سائداً في بلدي ، واستطلاع رأيه بشأنه. كان الرئيس المصري ما يزال محتفظاً بكل هالة النفوذ التي كان يتمتع بها في العالم العربي وكانت نصائحه ومشوراته مسموعة ومأخوذا بها. ولكن إذا كان قد نصحني سراً وبعيداً عن الأنظار الفضولية ، بأن التزم جانب الحزم إزاء الفدائيين ، فلم يكن في مقدوره أن يفعل ذلك في خطاباته ، لأن هذا كان سيثير الاستهجان في سائر العالم الإسلامي وعندما عدت إلى عمان في العاشر من شباط (فبراير) كنت أعلم أنه كان لي في شخص الرئيس المصري ، صديق يتعاطف معي وجدانياً ، ولكن ليس حليفاً رسمياً في أية حال. كنت أعرف أنني وحيد ، وحيد أكثر من أي وقت مضى. وأن أقل خطوة عائرة ضد المنظمات سوف تكلفي استثارة غضب الشعوب الشقيقة وقطع المعونات المهمة التي كانت تمدني بها ليبيا والكويت ولا سيما منذ عام 1967.
في هذا اليوم اتخذ محمد رسول الكيلاني قراراً بمنع حمل السلاح في سائر الأراضي الأردنية وأجرى رقابة جديدة على كافة السيارات المدنية.. فاعتبر الفلسطينيون التدابير التي اتخذها وزير الداخلية بمثابة استفزاز حربي. كانوا يرفضون بأي ثمن الموافقة على التخلي عن أسلحتهم. وكان لا بد لي من استخدام كل ما أملكه من أساليب الإقناع خلال حديث مع الزعماء الفلسطينيين ، جرى في منزل رئيس الوزراء بهجت التلهوني ، للتوصل إلى تنازلات متبادلة ، فتقوم الحكومة بتجميد مقررات الوزير بعض الوقت ، شريطة أن يضع الفدائيون حداً لتجاوزاتهم.
في الرابع عشر من شباط (فبراير) وخلال مؤتمر صحفي ، أعلنت بشكل خاص ، أن مقررات وزير الداخلية قد كانت خطأ يعود إلى عدم الإحاطة بالموضوع ، وقلت: بكل إخلاص ، لم أكن أتوقع ردود الفعل هذه بعض صدور القرار الحكومي القاضي بمنع حمل السلاح. ربما حدث انقطاع في الاتصالات ، فالحكومة لا تريد من الفدائيين أن لا يحملوا سلاحهم ، إنما تود فقط موقفاً يتسم بالتنسيق والتنظيم. عل كل حال فغن قرارات الوزير سوف يجري تجميدها...".
بعد عشرة أيام أعفيت محمد رسوم الكيلاني من منصبه فاعتبر كل جانب أن ما حدث كان نصراً له ، وبدا كل من الطرفين أنه قد كسب المعركة. ولكن الحرب ، ماذا حل بها؟ هل ابتعدت؟ هل زالت معالمها؟ لا ويا للأسف. فقد تبع ذلك فترة هدوء قصيرة تغمرها الكآبة ويلفها القلق: فترة لم تدم سوى أربعة أشهر.
في صباح التاسع من تموز (يوليو) كان زيد الرفاعي مساعدي في القصر ، والذي غدا فيما يعد ، رئيساً للوزراء ، قد استيقظ مبكراً جداً على قعقعة الأسلحة الأتوماتيكية. فاتصل هاتفياً بابن عمي زيد بن شاكر لمعرفة ما كان يحدث. فأبلغه الأخير بأن الفدائيين كانوا يطلقون النار على المقر العام للمخابرات. فذهب إلى هناك على عجل ماراً تحت النيران المتشابكة الصادرة من جال جيشي ومن الفدائيين ، واستطاع كيفما اتفق أن يدخل إلى دار وأن يتصل بي هاتفياً منها لإبلاغي وتحذيري. وعلى الرغم من توسلاته إلي لكي أبقى حيث كنت أقيم في الحمّر ، فقد اندفعت في سيارة مع القائد العام لجيشي وعدد قليل من الحرس ، لنرى رأي العين ما كان يجري إذ كان أيضاً من مقتضيات مهنتي أن أتواجد حيث تدعو الحاجة إلي حتى ولو كان ثمة خطر ، وأي خطر كان سائداً في هذا اليوم!.







رد مع اقتباس
إضافة رد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:07 AM بتوقيت عمان

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
[ Crystal ® MmS & SmS - 3.6 By L I V R Z ]
mess by mess ©2009