بسم الله الرحمن الرحيم
الحجة خديجة حسين محمد يوسف الأقرع
كانت قد أتمّت الثانية عشرة من عمرها سنة النكبة
في بلدتها عجوروهي من قضاء الخليل ...
تقول : عجّور * أرضها كبيرة
مليئة بأشجار الخرّوب والزيتون وأشجار العذق
الذي كانوا يعملون من سيقانه سلالاً للذرة والزيتون
بالإضافة إلى أشجار البلوط الذي كانت تشتهر به خربتادروسيا وعمورية .
وتحكي لي كيف كان أباها
يُركبها على الجمل ويأخذها معه إلى خربة سوفيا.
بدأ أهالي عجور يستعدوا لمواجهة الصهاينة إثر وصول أهالي ( مْغَلِّسْ )
و ( تلّ الصافي ) للبلدة لاجئين .
حدث ذلك في شهر رمضان المبارك من عام النكبة .
لكننا * ولقلة السلاح وعظم المؤامرة هربنا إلى ( دروسيا )
إلى الشرق من بلدتنا * ومكثنا فيها يومين ثم اتجهنا إلى ( حلحول ) *
التي قبعنا في سهولها وآخرون منا
إتجهوا إلى بلدات أخرى ومخيمات طارئة كمخيم الدهيشة
ومخيم حلحول الذي كان قد أقيم في غرب حلحول البلدة ومخيم العرّوب.
تزوجت في بلدة الخضر
وأقمت فيها سنة ثم عدت وزوجي إلى حلحول وبقينا فيها سنتين
لنتجه إلى أريحا التي سمعنا إن وكالة الغوث تبني فيها بيوتاً للاجئين
.وظللنا حتى النكسة عام 1967
لنهرب تحت القصف الجوي وتُقسم بالله إنها رأت الجثث تتطاير على الأسلاك الشائكة
ورأت قريبتها زوجة محمود العاصي
وهي ترفع البطانيات لتكشف جثث الجنود العراقيين المُفحمة تحتها
.وتضيف * أن زوجها * كان يحمل الولدين يوسف وجمال
فيما كانت هي تقود الإبنة ولأنها كانت حامل بإبنها محمود في الشهر السادس
فقد فقدت القدرة على الإستمرار في حمل طفلها محمد فتركته
لتتمكن من اللحاق بزوجها عبدالعزيز عابد العجوري
فسألها عن طفلهما محمد * فأجابته أنها تركته عند جسر الملك حسين
فعاد مسرعاً ليُعيد طفله .
إتجهت العائلة أولاً إلى الشونة فالسلط فوادي السير *
وتقول الحاجة شاهدة العيان على النكبة
ولم نكن نسمع من المضيفين الأردنيين سوى كلمة منكوبون عنّا .
ونقلونا إلى مدارس مخيم الحسين ( رابع المخيمات من حيث الكبر في التعداد السكاني ) .
ألصقيع كاد يقتلنا * وزوجي عاد إلى أريحا * ليأتي بأبيه
. ورافقه لاجيء من بلدة الدوايمة * هو الآخر عاد من أجل أبيه
. فوجد كل منهما أباه ميتاً وبجانبهما جثة لامرأة وطفلها *
فدفنوا الجثث ولما همّوا بدفن جثة الطفل فاجأتهما طلعة جويّة *
ففرّا هاربين قبل أن يُتِمّا دفنها .
من مدارس مخيم الحسين إلى الرويشد * حيث وجدنا الخيام بانتظارنا
. وظلّ زوجي يبحث عن أمه فاطمة زيّاد وشقيقه صالح حتى وجدهما .
ومن الرويشد إلى جرش حيث أقمنا في مخيم السوف
( ألمخيم قبل الأخير في الصغر )
ولأننا لم نتحمل برده ووحله
نقلونا إلى مخيم ( داميا )
الذي كان كبيراً جداً وفيه رزقني الله بإبني محمود
ليندثر المخيم قبل معركة الكرامة .
للمنكوبين قصتان ودولتان وثورتان