يا طـالـب المـجــد فـي عجــور مــورده =عـــذب مـعـيــن يـروّي غــلــة فـيـنـــــا=شــــم الأنــــــوف أبــاة دام عـــزهــــــم =هـــم الأوائــل إن نــادى مـنــاديــــــنــــا=تـفـوح يـا بـاقـة الأزهـــار فـي وطـنــي =فــوح الأريـــج ونـفـح الطيــب يغـريـنـا كلمة الإدارة


مبارك .........مبارك لعجور ومنتديات عجور       »     عجور التاريخ و الحضارة - الحلقة الثانية       »     سجل الوفيات لعجور ١٣٢٠هـ -١٣٣٠هـ ١٩٠٢م - ١٩١١م       »     عجور التاريخ و الحضارة       »     ميزانية قرية عجور - 1939       »     عجور - وقوعات الزواج 1915م       »     عهد عشائر عجور بالحفاظ على اراضي عجور المشاع و عدم بيعها لل       »     اول أحصاء(حصر نفوس) موثق لسكان عجور1878م       »     أراضي عجور المشاع - حصري       »     اسماء من عجور مطلوبون للضريبة 1       »     ضريبة الانتداب البريطاني "3"       »     عجور - لجنة 18 ( اللجنة القومية لعجور)       »     أراضي عجور الحكر       »     عجور التاريخ و الحضارة-الحلقة الثالثة       »     علم النفس الاجتماعي       »     ملوك المملكة الاردنية الهاشمية       »     موسوعة صور القدس- زهرة المدائن       »     دليل الجامعات العربية و العالمية       »     روائع الشعر العالمي       »     موسوعة الاصول و القبائل العربية كاملة       »    

آخر 25 مشاركات
ملف عن الحج وما يتعلق به (الكاتـب : نور الهدى - آخر مشاركة : قلم حزين - )           »          كبرت بنتــي / قصة مؤثرة (الكاتـب : أمان - آخر مشاركة : قلم حزين - )           »          مبارك .........مبارك لعجور ومنتديات عجور (الكاتـب : م .نبيل زبن - آخر مشاركة : نور الهدى - )           »          عجور التاريخ و الحضارة - الحلقة الثانية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          سجل الوفيات لعجور ١٣٢٠هـ -١٣٣٠هـ ١٩٠٢م - ١٩١١م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور التاريخ و الحضارة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ميزانية قرية عجور - 1939 (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور - وقوعات الزواج 1915م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عهد عشائر عجور بالحفاظ على اراضي عجور المشاع و عدم بيعها لل (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          اول أحصاء(حصر نفوس) موثق لسكان عجور1878م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          أراضي عجور المشاع - حصري (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          اسماء من عجور مطلوبون للضريبة 1 (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ضريبة الانتداب البريطاني "3" (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور - لجنة 18 ( اللجنة القومية لعجور) (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          أراضي عجور الحكر (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور التاريخ و الحضارة-الحلقة الثالثة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          كيف و متى تحدثين طفلك عن التحرش ؟ (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          قصص اطفال للبنوتات الحلوين (الكاتـب : اميرة عجور - آخر مشاركة : م .نبيل زبن - )           »          علم النفس الاجتماعي (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ملوك المملكة الاردنية الهاشمية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          موسوعة صور القدس- زهرة المدائن (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          دليل الجامعات العربية و العالمية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          روائع الشعر العالمي (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          موسوعة الاصول و القبائل العربية كاملة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ضيف اليوم بصراحة (الكاتـب : Big heart - آخر مشاركة : ajoor - )





إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-19-2013, 01:59 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
م .نبيل زبن
المؤسس
 
الصورة الرمزية م .نبيل زبن
إحصائية العضو







 

م .نبيل زبن غير متواجد حالياً

 


افتراضي كفر ياسيف - عكا


كفر ياسيف


تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها


رحلة في عباب ذاكرة سعد طنوس بنا (100 عام) وزوجته ذيبة (90 عامًا) من كفرياسيف
ما يميّز زاويتنا "ذاكرة وطن" أنها تستحوذ في مضامينها ليس الجانب السردي للرواية التاريخية الفلسطينية وما حدث من تطورات كتبت كثيرا هنا وهناك فحسب، فربما يسأل البعض، ما علاقة الحوار الشخصي الذي تجريه "الحقيقة" مع ضيوف الزاوية عن حياتهم اليومية ومشاعرهم، وطبيعة معيشتهم البسيطة، ولكن بطبيعة الحال يرى كاتب الزاوية، إن بساطة الناس وصدقهم، التي تظهر جليًا مع هذا الجيل وهي نتاج الحياة الفلاحية القديمة الأصيلة الصادقة، هذه الروح الطيبة التي تحلّى بها أجدادنا هي جزء من نمط حياة شعبنا بعاداته وتقاليده الجميلة التي نعتز ونفخر بها.
في هذا اللقاء الممتع، نصولُ ونجولُ مع الزوجين المعمِّرين سعد طنوس بنا (ابو حنا) وزوجته ذيبة في عباب ذاكرتهما ليحدِّثانا بتلقائية عن حقبات تاريخية عاصراها منذ طفولتهما مرورا بمرحلة الشباب الأولى في عهد الانتداب البريطاني إلى مرحلة النكبة وما بعدها، يتحدثان بسلاسة ووضوح دون رتوش، وهو ما نفتقده عند أبناء جيلنا اليوم.

أنا يا سيدي عمري 100 سنة وسبِعْ أشهر وزوجتي 90
لما دخلت صالون البيت وأدرك أبو حنا أنني الشخص الذي سيجري المقابلِة معاه، قعد على حيلُه وقال بابتسامِة عريضة: "أنا حاضر... بَسْ قُللي.. أسئْلتَكْ صِعبِة؟.... قلت:لا لا لا، بدّي تحكيلي عن حالَكْ وكأني واحد من أولادك أو أحفادك، قدّيش عمرك ع زيادِة يا بو حنا 70 ولا 80؟..... قال ابو حنا باستغراب: "شوووو.... أنا يا سيدي عمري 100 سنة وسبِعْ أشهر، يعني من مواليد 1912 أنا عاصرت الإنجليز والحرب العالمية الأولى والثانية".... إم حنا قاطعت الكلام وقالت: "أنا ذيبِة، عمري 90 سنِة، أهلي كان يجيهن ولاد ويموتوا، بقي في الحياة بس أنا وأختي فهيمِة".... قلت: تعالي يا إم حنا هون جنب أبو حنا وشاركينا.... إم حنا: "أنا بَقُلَّكْ أشعار قديش بَدَّكْ".... قلت بمزاح: "يعني يابو حنا بينك وبين إم حنا عشر سنين وكيف وافقَتْ وقِبْلَتك؟.... ضحك أبو حنا وقال: " هيكْ قولَكْ!!.. ذيبِة من دار جريس كانوا أصدقائنا وجيرانْنا".... كعادتها لم تستأذن إم حنا لتنال حق الكلام قاطعت وقالت: "إمي إسمها فضَّة وخالتي إسمها جوهَرة... شوف أنا بَقُلَّكْ أشعار قدّيشْ بَدَّكْ".... قلت: آه كمان شوي كمان شويْ.... قلت: احكيلي عن طفولْتك بحلوها ومُرّْها، عن شقاوِة الطفولِة والمدرسِة..... تَدَخَّلتْ إم حنا كالعادِة وقالتْ: "العلم في الصغرِ كالنقش بالحجرِ".... غضب أبو حنا وقال: "استنّي شويْ شو دَخَلْ الشعر وهذا الحكي"... نسي أبو حنا السؤال وقال: "شو قلت إنتي شو سألتْ؟....
قلت: عن طفولتك يابو حنا، إذا صعب عليك تتذكّر إسا بعطي إم حنا تقرأ الشعر؟.....قال: "كنت وَحْداني لأهلي وإلي أُختْ إسمها مريم، بَكْبُرْها بعشر سنوات والحمد لله بعدها عايْشِة، أنا سعد وهي مريم".

في كفرياسيف كُلّْها ولا واحد كان يِبْطَحْني
واسترسل أبو حنا ورَفَعْ حَواجْبُه وقال بنبرة قويِّة: "وهايْ أنا، أنا اللي شايِفْني بَباطِحْ وما كان حدى يِبْطَحْني".... قلت مازحا: لالالا يا عمي، أنا جسمي على بَتِّة وما بقدر أباطح.... جاوب أبو حنا بِخفِّة ظل وضحك بصوت عالي: "أنا على عِلْمي إنَّكْ جايْ تْباطِحْ، قالولي إنُّه في واحد جايْ يِباطْحك، حضِّر حالك".... قلت: أنا مِتْنازِلْ وِمْسَلِّمْ.... أبو حنا: "يا زَلَمِة، بَتْرَخّالَكْ".... في هذه اللحظات، نسينا أنا وأبو حنا موضوع اللقاء وتبادَلنا المزاح والنكات والضحكات، ثم حاولت العودِة لموضوع اللقاء وقلت: شو أكثر إشي بيجي عَبالَك يا بو حنا من فترة الشباب.... رفع أبو حنا حَواجْبُه كمان مرّة وقال: "شايِف كفرياسيف كُلّْها، ولا واحد قِدِرْ يِبْطَحْني، أحُطْ رِجْلي من ورا الشخص وأوَقّْعُه على طولُه وأركب فوقُه".

كانت كفرياسيف مُتمدِّنة ومتعلِّمة غير شكل عن باقي البلاد
قلت: شو كان أبوك يشتغل؟... أبو حنا: "وضِعْنا كان جيد ومش محتاجين حدى، أبويْ كان عِندُه أرضَيات مناح وزتون وعنب وتين وكل شي، وهاي عِندي عشر ولاد ساكنين بسِتْ دونمات حوالي، سبع ولاد وثلاث بنات".... إم حنا: "زَيّْ أيوب النبي، كان عِندُه عشر ولاد".... قلت: إحْكيلي عن تعليمك وطفولتك أكثر؟.... أبو حنا: "كانت مدرسة كفرياسيف (يني) الوحيدِة بالمنطقة، وولاد القرى ييجوا يتعلّموا فيها، أنا كنت غَلْباوي، عُمري 12 أو 13 سنة، كثير غَلَبِة بين الشباب وكل جيلي بخاف منّي، هاي مرّة تباطَحتْ مع واحد، عارَكْني مُدِّة طويلِة، من قهري منُّه، حَطّيتْ رِجلي وراه ورَقَعْتُه بالأرض وهات حدى يِقْدر يقيمْني عنُّه".... قلت: يعني هاي الرجولِة المُبكِّرِة عندك هي أكثر ما تتذكَّرُه بْطفولتك، بس احكيلي أكثر عن الحياة يابو حنا وشو الحلو فيها؟..... قاطعت إم حنا وقالت لأحد أحفادها: "فوت جِبْلي الدفتر الأخضر".... ابو حنا: " استني شوي يا إم حنا، إسا وقت الشعِرْ!!!؟.. كان الوقت يا سيدي غير عن اليوم، كانت حياة بساطة، صدِّقني كان أيام لذيذِة وهداة بال، محبِة بين الناس وفش فرق بين مسلم ومسيحي، إخوان من القلب وعلاقات صداقة، ما بذكُر حتى طوشِة وحدِة حَصلت، كانت كفرياسيف مُتمدِّنة ومتعلِّمة تختلف عن باقي البلاد الأخرى".... إم حنا: "هاي جيراننا الإسلام لليوم عَسَلْ مثل الإخوة، بزماننا ما اختلفنا مع بعض، قَضّينا عمرنا أصدقاء بالأفراح والأتراح".

إم حنا: تعلمت العربي في العشرينات من المعلمة فدوى بسيط
وتابعت إم حنا دون أن تنتظر السؤال: "تِسمَع شعر؟".... قلت: من وين تعلّمتي الشعر؟.... قالت: "من المدرسِة".... قلت: كانت إم حنا أشطر منّك يابو حنا؟..... ابو حنا: "كانت من الأوائل في المدرسة وأشطر منّي، بس أنا كنت أشطر بالمرجلِة، كانوا يقولوا بَسْ سعد طنوس بالبلد، ما كان حدى يقدر يبطحني".... قلت: يلاّ تفضلي يا إم حنا.
مالي مَرِضتُ وكم أقاسي من ألم ورقدتُ في مَهدي وكم أشكو وكم أواه من وجع أراهُ أصابني فهتفتُ يا أماه قالت لي نعمجاءت على عجلٍ بلون شاحبٍ وحنين صوت هاج من قلب لثملثمتُ حدودي رحمة ومحبة وجاءت تجيء بما يخفف لي الألم عادت تسليني بعذب حديثها وتقُصُّ من خبر البلاد مع الأممحتى سمعتُ على السلالم ضجة وكلام اشخاص فوقعًا للقدم
هذا أبي وبجنبه رجل أتى هو ذا الطبيب لكي يعالجني قَدِمْ
قاس الحرارة وجسّ نبضي بعدها ورجا لي البرء السريع من السقم حضر الدواء فشربته ووجدته مرًا ولكن بيد أمي فيه كشف للغمم

قلت: بتتذكري هذا الشعر من المدرسة؟.... إم حنا: "نعم من المدرسة، تِسمَع كمان؟".... قلت: كمان شوي، بس قوليلي مين كان معلمة اللغة العربية؟..... إم حنا: "تعلمت العربي في العشرينات من المعلمة فدوى بسيط من كفرياسيف" .... قلت: كيف كانت طفولتك؟.... إم حنا: "ما كان إلي إخوة، أنا وأختي وبس، أبويْ كان رجل متديِّن".

في الانتداب البريطاني عاشت الناس أحسن بمائة مرة من العهد التركي
أبو حنا: "شوف.. البريطانيين كانوا يعاملوا المسيحيين منيح، كانت بريطانيا دولة مستعمرة، وعاشت الناس أحسن بمئة مرة من العهد التركي.. تركيا ما كانت تفتح مدارس وتعلِّم الناس وما كان في شغل. مثلا في كفرياسيف فتحوا دار الستّات (كنيسة إنجيلية)".... إم حنا: "بذكُر أسماء ثلاثة من الستات، كنا نْروح يوم الأحد ونسمع وعظ ودروس بالدين".
كانت إم حنا طيلة اللقاء تُقلِّب صفحات دفْترها الأخضر اللي كتبت عليه بخط إيدها الشعر وملاحظات لا تخلو من النكات والفوازير والسوالف عن أيام زمان.. وبين الحين والآخر كنت أطلب منها أن تترك الدفتر لتركِّز معي في موضوع المقابلة ولكن كما يبدو وكأن هذا الدفتر عبارة عن تلخيص من أيام الطفولة والشباب..... وتابعت إم حنا: "تسمع كمان شعر؟".... قلت: يلا هاتي نسمع.... قالت:
إذا ما سرت في الطريق فامشِ على سنن الكمال والاحتشام
ولا تتلفتي يمنى ويسرى وسيري في الطريق إلى الأمام
فإما تبصري فيه زحاما فلا يصدفك شيء في الزحام
ومرّي بين إسراع ومهل وصدّي السمع عن لغو الكلام
كذلك فاسلكي في كل سير سبيل المجد يا بنت الكرام

اشتغلت مراقب طيران عند الإنجليز (اير ووتش)
قلت: بعد ما خلّصت المدرسة شو عملت؟.... أبو حنا: "خلّصت الصف السادس، وفي أول شبابي اشتغلت عند الإنجليز (اير ووتش) يعني مُراقب طيران"... قلت: مش فاهم، شو يعني؟.... أبو حنا: " لما صار عمري 19 عام كنت اشتغل على لحدود بين لبنان وفلسطين مراقب طيران لمدّة 15 سنة، كنت أطلع عالسطح أراقب حركة الطيران في الجو بالناضور، وإذا شفت طائرة غريبة كنت أبلِّغ عنها للسلطات. مرّة أجو خمس طائرات ألمانية على الساحل بين لحدود اللبناني ونهريا وأعطيت إخبارية للسلطات في حيفا، وبعد ربع سيعة طلعت طائرات انجليزي وعلى الفور انسحبت الطائرات الألمانية. كنت أخذ بالأول سِتْ ليرات، وترَقّيت من نفر لشاويش وارتفع معاشي لـ15 ليرة من بين كل مراقبين الطيارات".

بزمن الإنجليز اشتغلت بوظيفة محترمة في الرفينري ولما أجوا اليهود نزلوني لعامل بسيط
قلت: كنت متزوّج؟.... أبو حنا: "لا، أنا تزوّجت لما صار عمري 29 سنة".... إم حنا: "خلّفنا عشر اولاد، مثل أيوب، البنات: اليزابيث وسارة، والأولاد: حنا، برنابا، غطاس، طنوس، ستيفانوس، بولس وداود".... قلت: رقصتوا وفرحتوا؟.... أبو حنا: "إحنا متدينين ما مْنُرقُص، بس ترانيم روحيِّة".... إم حنا: "لا منغني ولا مْنُرقُص".... قلت: أسماء الأولاد والبنات ترمز إلى شخصيات دينية؟.... أبو حنا: "نعم، نشكر الله، إننا بيت متدينين الكل بصلي ومتدين".... قلت: "شو اشتغلت قبل سن الـ29؟.... أبو حنا: "اشتغلت بفبركة الكبريت في عكا، واشتغلت ببابور الزيت عالموسم، واستقر معي الحال في الرفينري (مصافي البترول) واشتغلت هناك حوالي عشرين سنة، بس الصراحة أنا كنت فِتِحْ وشاطر بحياتي، ولأني الوحيد في العائلة مع أختي، كان أبويْ مدلَّلْني".... قلت: لْحقت مذبحة الرفينري؟.... أبو حنا: "بالصدفة يومها ما كنت بالشغل، بزمن الإنجليز في الرفينري كنت أعمل بوظيفة محترمة ولما أجوا اليهود نزلوني لعامل بسيط"....بعد عشرين سنة تركت الرفينري وفتحت في البلد دكانة لخمس سنين واشتغل معي توفيق العتر".

يِسقيك يا سَقّى ومن غيري تترأى
إم حنا: "وأنا كمان اشتغلت بفبركة الكازوز في عكا، وكنت أجيب الميّ عن العين على راسي، كان السقّا يبيع الميّ للأغنياء في البيوت.... في واحد شِرِبْ ميّْ وما كان بدُّه يدفع للسقّى مصاري للسقّا، قال:
يِسقيك يا سَقّى ومن غيري تترأى
ياللي سقيتني الميّ من غير حقّها
شو جاوبُه؟ قال: هنيئا يا سيدي يا ابن الأجاويدي
حُطّْ الشِلِن بايدي تأسْمَعلُه طَقَّه

إم حنا ودفترها الأخضر
قلت: احكيلي يا إم حنا كيف طلبك أبو حنا؟.... إم حنا: "أجا هو بحالُه حكى مع أهلي" ... قلت: كنتي راضية بالعريس؟.... ضحكت إم حنا وقالت: "تقريبا"، لم تكترث إم حنا للحوار الدائر، فتحت الدفتر، قالت كنت أحب أقرأ بالكتاب، وبدأت تقرأ في دفترها ما جمعته وكتبته بخط يدها:
الاحتماء بالربّْ خير من الذهب الصافي
لسانك حصانك إن خُنتُه خانك وإن صُنتُه صانك
وانتقلت لتسأل فزّورة هنا ونكتة هناك وتقول: "إشي له ثلاث أعين ورجل واحدة.... شو هو؟"..... ضحكنا وأوضحت لها عجزي عن الإجابة.... قالت: "الرمزور".... ورغم محاولات الرجوع إلى الحوار، إلا أن إم حنا تابعت وقالت: "إسمع إسمع، في واحد عِمِلْ مشكلة، راح عالمحكمة يحاكموه، سألُه الحاكم: شو إسمك؟.. قال: خضر، إسم إمّك؟.. قال: خضرَة، إسم أبوك؟.. قال:خضّور.. وين ساكن؟.. قال: في الِخضيرة، شو بْتشتغل؟.. قال: بالخُضرَة، قال الحاكم: حَكمَت المحكمة عليك سنة خَضْرَة، رَوِّحْ عالبيت، براءة". ضحكنا جميعا وتابعت إم حنا دون توقف قراءة الفوازير والأمثلة الشعبية، وبصراحة استغربتْ قدرة إم حنا على حفظ كل هذا الكلام في مثل هذا الجيل، وخلال أقل من ساعتين كان صالون البيت مليء بالأبناء والأحفاد وقالت: "أشكر الرب صار عنا أكثر من 100 من الأولاد والأحفاد".

في النكبة قعدنا عند دار صباغ في يركا أسبوع ورجعنا عالبيت
قلت: كيف مرّت النكبة عليكو؟.... أبو حنا: "طْلِعت لحالي مع زوج أختي أبو أسعد من البلد بس بدأت المناوشات على مرج عيون ونمت ليلِة وحدِة بس، سمعت إنُّه في هدنِه، ورجِعتْ ماشي بسبب الكلام اللي سمعناه من اللبنانيين: يا خون اللي تركتوا بلادكو وهربتوا.... كثار اللي راحوا على لبنان وضلّوا هناك، ولما فاتوا اليهود على كفرياسيف أخذت إم حنا وطلعت عند عائلة من دار صباغ في يركا وقعدنا عندهن اسبوع ورجعنا".
وانتقلت إم حنا لدفترها مرّة أخرى وقالت: "كنا واحنا صغار نغني ونقول: "سي سنب سي سنب راح عمّي عا حلب
جاب شقفِة عجينِة، حطيتها ورا الصندوق
والصندوق ما لُه مفتاح والمفتاح بالطاحونِة
والطاحونِة مْسكّرِة، فيها ميّْ مْعكّْرِة
هون مقص وهون مقص والعرايِسْ تُرقُص رقص

أحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم
قلت: اتركي الدفتر شويّ يا إم حنا، مرق قرن من العمر على أبو حنا وتسعين سنة على إم حنا شو الرسالة اللي بدكو توصلوها للأحفاد؟.... قال أبو حنا بصوت خافت حزين: "ربّيت عشر ولاد، كانوا طائعين ومناح وما أتعبونا وما احتجنا بحياتنا حدى رغم الأوضاع الصعبة اللي واجهتنا بعد النكبة، بنصح الكل يعيشوا بسلام وصبر وحب ومخافة الرب، وكما قال المسيح: أحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم".... إم حنا: "بطلب منهن يوخذوا مننا كل اللي علمناه ويقتدوا فينا أن يبتعدوا عن الشرّْ".....وسارعت إم حنا بالقراءة مجددا من الدفتر وسارعتُ أنا بإقفال هذا الحوار الممتع مع هذه العائلة الطيبة التي تعكس روح وطبيعة حياة مجتمع بأسره الممزوج بالبساطة والحب والكفاح، قلت للأحفاد أن يحافظوا على كتاب الجدّة الأخضر واستأذنت.







رد مع اقتباس
قديم 04-19-2013, 10:29 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ابو ايهم السراحنة
المدير العام
 
الصورة الرمزية ابو ايهم السراحنة
إحصائية العضو






 

ابو ايهم السراحنة غير متواجد حالياً

 


افتراضي








رد مع اقتباس
إضافة رد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:00 AM بتوقيت عمان

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
[ Crystal ® MmS & SmS - 3.6 By L I V R Z ]
mess by mess ©2009