فتح جزيرة رودس 929هـ:
لما انتشر خير التجهيزات العسكرية وما عزم عليه السلطان سليمان القانوني * خافت فرسان ردوس سوء العاقبة فأسرع رئيسهم المدعو ويليه دوليل أدم De Villiers De L'lle-adam وأرسل سفراءه إلى الباب العالي بأنه مستعد لدفع جزية سنوية للدولة قاصداً بذلك تحويل السلطان عن نيته حتى يتيسر لأوروباً إمداده إلا أن السلطان طلب منه إخلاء الجزيرة وأن يأخذ معه كافة أمواله وكل من يريد الهجرة ولما لم يقبل أقلعت الأساطيل تحمل الجنود ومدافع الحصار الضخمة 928هـ وكانت الدوننما مركبة من 300 سفينة حربية و 400 سفينة نقلية تحت قيادة القبودان ييلان مصطفى باشا وبها 1000مقاتل تحت قيادة الوزير الثاني داماد مصطفى باشا ثم خرج السلطان بجيش عظيم براً قاصداً قرضة مرمريس الواقعة بساحل الأناضول تجاه جزيرة رودس للإمداد والوقوف على حركات التجريدة.
وفي اليوم الرابع من شهر شعبان من السنة المذكورة وصلت الأساطيل إلى ساحل الجزيرة المذكورة أمام المكان المسمى الآن جم باغجه ولأجل إشغال أهالي رودس حتى تخرج العساكر بسهولة * أخذت السفن تمر أمام قلعتها الحصينة ذهاباً وجيئة فأطلق عليها المدافعون قنابل كالأمطار ولكن لم تصب السفن بشيء منها لقربها من الساحل ثم رست مع باقي السفن في فرضة أو كوزبورنو الواقعة غربي الجزيرة وأخرجت المهمات والذخائر ومدافع الحصار ثم شرع القائد عند ذلك في ترتيب نظام الحصار حول مدينة رودس وبينما كان مصطفى باشا يحاصر المدينة وصل السلطان براً مع الجيش إلى فرضة مرمريس وذهبت السفن إليه فنقلته مع الجيش إلى الجزيرة وبعد أن شاهد حصونها شرع في ترتيب أمر الحصار بنفسه.
ولما رأى متانة القلاع التي شيدها فرسان الجزيرة حول مدينتهم وما أظهروه من الشجاعة والإقدام في أمر الدفاع أصدر الأوامر المحتمة بتشديد الحصار براً وبحراً واستمراره * وتخريب قلاعهم بالمدافع * وغير ذلك من الترتيبات * واستمر الحصار مدة سبعة شهور متوالية ولما رأى الفرسان أن التضييق عليهم وتخريب قلاعهم أضرا بهم وعلموا أن السلطان لا يرجع عن منازلتهم إلا بالاستيلاء على المدينة، سيّما وأنه هو القائم بنفسه على قيادة جيوشه وأن ليس في إمكان أوروبا إمدادهم بادروا بالخضوح وطلبوا تسليم المدينة للسلطان فعند ذلك أصدر الأوامر للأساطيل والجيوش بالكف عن الحرب وأرسل إليهم زغرجي باشا رئيس اليكجرية لعقد شروط التسليم.
وفي تلك الأثناء وصلت سفن من أوروبا لمساعدة الفرسان فلما رأوها ظنوا أنهم تقووا بها وصار في إمكانهم صد أبطال العثمانيين فعادوا للمدافعة والمقاومة فأمر السلطان بزيادة التضييق والأكثار من الهجوم عليهم فلم يفلحوا فيما ظنوه بل صار لهم ضغثا على إبالة لأنهم بعد أن خسروا خسائر عظيمة عادوا وطلبوا الأمان من السلطان فأمنهم وأتى رئيسهم فلاري آدام بنفسه إلى خيمة السلطان لعقد شروط التسليم التي كان من ضمنها التصريح لكافة أمراء الفرسان المذكورين ومن تبعهم بمبارحة الجزيرة وأن يأخذوا أمتعتهم وأسلحتهم الخصوصية فقط وغير ذلك ولما تمّ عقد الشروط استولى السلطان على قلاع المدينة المذكورة في يوم 7 صفر سنة 929هـ 1522 م ودخلها جنوده* أما فرسان القديس يوحنا فإنهم ذهبوا إلى جزيرة مالطة وأمن السلطان الأهالي وصرح لهم بمعاطاة أعمالهم وإجراء رسوم دينهم بكامل الحرية.