أعاد رجال في عقدهم الثامن والسابع وفتيان إحياء سنوية استشهاد محمد جمجموم وفؤاد حجازي وعطا الزير في سجن عكا قبل 82 عاماً، ورسموا خلال ندوة نظمتها وزارة الإعلام بالتعاون مع مركز التأهيل المجتمعي في مخيم الفارعة صورة لـ"الثلاثاء الحمراء"، مستذكرين حضورهم في الحكاية الشعبية، والمناهج المدرسية.
وتتبع رمضان أبو فريج، المولود عام 1927 في عرب أبو كشك حكايات الثوار والشهداء، كما نقلها له والده. فقال: جاء أهالي بلدنا خبر الزير وجمجموم وحجازي، وكان الثوار يأتون للبلد لجمع مساعدات لشراء السلاح. ولا ننسى الشهداء الثلاثة، وقصتهم في سجن عكا، وانتشار الخبر في كل البلاد، وحزن الناس عليهم.
فيما يقول محمد أمين أبو لبادة، الذي أبصر النور بعد 14 عاماً من إعدام الثلاثة، إن التاريخ منحهم جزءا مما يستحقونه، لكن الأجيال الجديدة، بدأت تسقط هذا الحق.
وكانت لأبي لبادة فرصة حضور مناظرات بين أحمد الشقيري والحاج أمين الحسيني، في بيروت، ولم ينس حضور شهداء سجن عكا لأحاديث الناس هناك، وتوقفهم عند ذكرى رحيلهم السنوية، وترديدهم للأغنية الوطنية ذائعة الصيت، التي رسمت قصتهم، وبطولتهم، وتسابقهم للموت، وعدم خوفهم من حبل المشنقة، التي نصبها المستعمر.
واستنادا لما جمعه الحاج محمد أسعد إسماعيل، المولود في السنة ذاتها، التي أعدم فيها الشهداء، فقد عرفهم من خلال الكتاب المدرسي، وحكايات والده الراحل ببلدة الكفرين المجاورة لحيفا، وما كان أستاذهم أبو نزار، ينقله لهم في صفهم الرابع.
فيما يتتبع محمد حمد منصور، الذي ولد في أم الزينات عام 1932، ونال تعليماً متقدما، وعمل أستاذاً فترات طويلة، سيرة الشهداء الثلاثة بشكل دقيق. يروي: لما كبرنا، تعلمنا في المدرسة قصيدة إبراهيم طوقان( الثلاثاء الحمراء)، ومنها: "لما تعرض نجمك المنحوس وترنحت بعرى الحبال رؤوس، ناح الأذان وأعول الناقوس فالليل أكدر والنهار عبوس، طفقت تثور عواصف وعواطف، والموت حينا طائف أو خاطف.." وعرفنا أنهم كانوا يتسابقون إلى الموت دون خوف، وناضلوا ضد بريطانيا، ودافعوا عن القدس.
يتابع: رفع الشاعر طوقان من قضية الزير وجمجموم وحجازي، لكن عادت قضيتهم وبطولتهم للتراجع مرة أخرى؛ بسبب ضعف الحركة الوطنية.
ووفق منصور، فإن الشهداء الثلاثة لم يحظوا بفرصة للظهور كغيرهم من القادة والزعماء، فالحاج أمين الحسيني كانت تنتشر صورته في معظم البيوت.
يضيف: ذاكرة الأجيال الجديدة تخلو من الكثير، كالتاريخ والأبطال والشهداء؛ والأسباب كثيرة، كالاحتلال، وسياسة التجهيل، وضعف الثقافة الوطنية، وحصر اهتمامات الشباب بقضايا بعيدة عن تاريخهم ووطنهم.
أما حافظ مصطفى خليل، الذي خرج إلى الحياة عام 1942 في قرية البرية، فدرس في الكُتّاب، ولم يكمل تحصيله بسبب النكبة، فتابع علمه في مدرسة قرية يالو، ومنها عرف القليل عن الشهداء الثلاثة، لكنه لم ير صورهم في حياته، واستمع كثيراً إلى الأغنية التي تتحدث عن بطولتهم، مثلما كانت تنتشر في الأعراس الشعبية.