الفنان التشكيلي عبد الرؤوف العجوري
الفنان التشكيلي الفلسطيني ( عبد الرؤوف العجوري) من مواليد مخيم جباليا بقطاع غزة عام 1977، خضع لمجموعة دورات في الفن التشكيلي والخط العربي، حاصل على شهادة بكالوريوس فنون جميلة من جامعة الأقصى، يعمل في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني كمشرف فني في برنامج الفنون بغزة، وهو عضو مؤسس في مجموعة التقاء للفن المعاصر، له مساهمات في ميادين النحت بالإضافة لميادين التصوير التعبيري الملون، ومساهم في مجموعة من المعارض الفردية والجماعية داخل أسوار الوطن الفلسطيني وخارجه.
لوحاته التصويرية مسكونة الهموم الإنسانية، وذاتية الفنان ومعاناته الحسيّة، وطريقته في توصيف مسارات معاناته المرتسمة فوق محيا الوجوه التعبيرية التي يصورها، حافلة بتجليات الحزن والألم، والمفارقات التشكيلية التي تحملها، لا تغادر مخدع طفولته وذكرياتهـ وتعكس دواخله المتراكمة في مخيلته وحدسه، والراسمة لها جسور تفاعل شخصي مع واقعه المقيم في مخيم جباليا، باعتباره مسكنه ومكان إقامته، والذي له فيه ذكريات لا تمحى، طفولة قلقة وحائرة، تنتظر قدرها الذي لا مفر منه، والمحمول بدروب معاناته الفردية المرتقبة والمستمرة.
ولحيزه الجغرافي، في كثير من لوحاته، مكانه للوسط البيئي الذي يعيش ما بين ظهرانيه، وفيها ثمة تذكرة وعبور سردي، وفسحة ممكنة لتعبير، ويأخذ الصبار شكل التحدي والمقدرة على مواجهة الحياة، والصمود في رمزية الرؤى والتشكيل، وما يحمله ذلك الكائن النباتي من جذور فلسطينية عميقة في حيز الواقع والمخيلة من فقه الدلالات والمعاني، وتعبير صريح عما يجول في ذهن الفنان من تراكمات الزمن العابر.
كما نجد في لوحاته، متسعاً لتصورات تبسيطية لمواضيع الطبيعة الصامتة، في طريقته الوصفية المشدودة للحداثة التعبيرية بالفن، لا تخلو بدورها من إحساس بالطفولة، ومحاكاة رسوم الأطفال في سنوات عمره الفائت، تشدو جلسة هنا وهناك، خارجة عن أكاديمية التصوير والرسم الملون، تعيش لحظات طفولتها وطفولته ومساحة طموحه وحلمه، الحبلى بالتهويمات الشكلانية، لعناصره ومفرداته التشكيلية الموزعة كطبقات لونية متداخلة فوق سطوح الخامات المستعملة.
النحت التشكيلي الموصول بحداثة تعبيرية، ومسكونة بتجريدية الوقع والصدى والرؤى البصرية، المتجلية في ملامس السطوح والكتل والتجاويف، وإحساسه بلعبة الكتلة والفراغ، تجد لها في مدوناته التشكيلية، فسحة لتأليف الرؤى والتجليات الذاتية، السابحة في أتون التجريبية المشروعة للفنان في اختبار قدراته، وتدوين مقاماته المسرودة في أشكال أشبه بدمى، وأحجار مقطوعة للتو من منجمها الشكلي.
أعماله بلا أدنى شك، تدخل في متن الحداثة التعبيرية، تلوذ بالاتجاهات التجريدية المفتوحة على حيز المساحة والخط واللون، ومعانقة الكتل الشكلية والفراغ وتمازجها، في أوصاف مليئة بالبساطة والتحوير، وتلتزم خطها الذاتي المحملة بالأنا الشخصية لفنان يعيش دوامة طفولته وتجاربه الشخصية، غير مكترثة بالأيديولوجية، ولا شجون المعانات الواقعية للشعب العربي الفلسطيني المحكوم بواقع الاحتلال الصهيوني البغيض.
لوحاته ومنحوتاته، معنية بالمتعة الفردية، الآنية والتجريبية المهمومة بمقولة "الفن للفن" ومنحازة لخيارها التشكيلي المدقعة خصوصيتها وفرديتها، التي تكشف هوية الفنان وطريقته في رسم معالم أكاديميته وهوايته، ونزوعه السلبي وانطواءه في جدران المتعة الذاتية في الوصف والتأليف البصري وحسب، وعدم تناوله المواضيع الساخنة في حياة شعبنا العربي الفلسطيني، بل تُكرس حدود نزواته ومغامراته الوصفية لعناصره ومفرداته المنضوية في متن نصوصه البصرية المتوالدة من فردية الفنان، وإحساسه الشخصي بالأماكن والشخوص والأشياء.