تأملات في معنى سورة الفلق
هل تمعنّا حقا في المعاني التي تحتويها سورة الفلق؟
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
(قل أعوذ برب الفلق * من شر ما خلق * ومن شر غاسق إذا وقب * ومن شر النفاثات في العقد * ومن شر حاسد إذا حسد).
(قل أعوذ برب الفلق)
أعوذ تعني ألجأ إلى أو أعتصم وأستجير .
رب تعني مالك الشئ ومُربيه
الفلق تعني الصبح وتعني الخلق.
ولكن هل يكفي هذا المعنى؟
هل قدّرنا الله سبحانه وتعالى حق قدره مع أول آية؟
نعم هو فالق الإصباح وهو فالق الحب والنوى ولكن هناك معانٍ أكثر غفلنا عنها؟
فهو الذي يفلق الحب والنوى لتصبح نباتات تنمو.
وهو الذي يفلق الأرض عن النبات عند نموه من البذر.
وهو الذي يفلق الأرض عند الزلازل.
وهو الذي يفلق نواة الذرة لينبعث منها طاقة فوق تصور البشر.
وهو الذي يفلق خلايا الكائنات إلى نصفها عند تكَوُن خلايا اللقاح والبويضة والحيوانات المنوية (كلها تحتوي على نصف عدد الكروموزومات).
وهو الذي يفلق الخلايا عند تكون الجنين لتتضاعف أعداد الخلايا وتصبح أعضاء نامية.
وهو الذي يفلق الخلايا ليكبر الصغير نباتا كان أو حيوانا.
وهو الذي يفلق خلايا جسم الكائنات يوميا عند نموها لتتساقط أوراق الشجر وبصيلات الشعر والخلايا الميته من سطح الجسم .
وهو الذي يفلق الخلايا لتكون خلايا سرطانية سريعة الإنفلاق (تُكَوِن الورم) وسط خلايا أخرى بطيئة الإنفلاق .
وهو الذي يبطئ أو يوقف الانفلاق في خلايا أخرى لتتوقف عن النمو وتضمر بعض الأعضاء.
(من شر ما خلق)
من شر كل ما يسئ مِن ما خَلَقه الله.
وهنا أيضا نقص في التفسير،
ويفهم الكثير أننا نستعيذ بالله (نلجأ ونعتصم به عز وجل) من شر كل مخلوقٍ كالشياطين أو دواب الأرض كالثعابين والعقارب أو نباتٍ سامّ .
أو من عمل شرٍ كالسحر والكيد والكذب والسرقة وجور العِباد وهتك الأمن والأعراض وغيرها من أعمال الاجرام.
ولكن نسينا أن هناك من الخير الذي حبانا به الكثير من ما يمكن أن ينقلب شراً إن لم نعرف حق الله فيه.
فماذا عن شر مال الإنسان ( وهو خير وحلال) إذا ما استخدمه في غير ما فيه رضاء الله كالميسر والمسكرات والمخدرات والربا والأسهم المحرمة؟
وماذا عن شر هذا المال إن لم يخرج الإنسان زكاته فينقلب نقمة عليه ُيحرَق به جنبه وجبهته.
وماذا عن شر سيارة اشتراها الفرد بحلال ماله ومشى بها في أرض الله بالكبر والبطر فكانت سببا في هلاك نفسه وهلاك الناس.
وماذا عن الولد إن لم يحسن الإنسان تربيته فينقلب إلى مصدر شرٍ لنفسه ووالديه ومجتمعه برفقة السوء أو انحرافٍ أخلاقي أوارتكاب جريمة فيتحول فرح العائلة الى هَمٍّ وغمّ يومي في مراكز الشرطة والمحاكم؟
وماذا عن الزوجة أو الزوج إن لم يستقم أحدهما ويخاف الله فيؤذي باقي العائلة بما يعمل وقد ينشئ جيلا لا خير فيه من المتشبهين بغير المسلمين يكون هلاكا وضياعا للمجتمع.
وماذا عن علم تعلمه أحدنا بحلال ماله فسخَّر هذا العلم في ما لا يرضي الله بالتجارة في المحرمات أو بالنصب على عباد الله بطرق لا يعلم حدودها إلا الله.
وماذا عن شر سلطة أو مسؤولية أوكلت للفرد لم يراع الله فيها فيسئ في استغلالها كننفوذٍ أو وسيلة للثراء أو عدم الإنصاف بين من هم تحت إمرته.
فيمكن أن ينقلب كل خير أنعم به الله علينا الى شرٍ إن لم نراع فيه الله ونخاف غضبه.
(ومن شر غاسق إذا وقب)
شر عكس الخير
غاسق ما يخرج ليلاً من هوام، كشياطين الإنس والجن والحيات والعقارب (شر الليل) ،
أو من القمر حين يختفي .
وقب دخل ظلامه في كل شئ.
(ومن شر النفاثات في العقد)
وشر النفاثات هو السحر الذي تقوم به الساحرة حين تتنفث (تنفخ) في كل عقدة تعقدها في خيط أو ما شابه عند ما تقرأ عليها الطلاسم. كما يمكن أن يكون من تذهب الى الساحر فيطلب منها أن تنفث في كل عقدة يعقدها .
وقد يكون السحر للتفريق بين الزوجين،
أو تسخير فرد لخدمة شخص ما أو القيام بعملٍ مّا لا يقوم به عادة برضاه كاالهيام بفرد معين.
أو منع زواج فرد معين من آخر.
أو عمل تعويذة تعلق في المنزل أو في عنق طفل صغير بحجة حمايته من الناس (والله هو الحافظ).
أو القيام بما لا يرضي الله من الأعمال المنهي عنها.
)ومن شر حاسد إذا حسد)
وشر الحاسد لا يمكن انكاره فشرّه إمّا بالمكيدة أو قد يتسبب الحاسد بإصابة المحسود أو ما يملك بالعين .
والعين (بقصد أو بغير قصد) هو تنبيه الشيطان الى النعمة ليتلفها وذلك بعدم ذكر اسم الله سبحانه وتعالى عند الإعجاب بالشئ.
وقد تكون هذه النعمة صحة أو حسن شكلٍ أو ولد أو طبع حسن أو مال وافرٍ أو سكَنٍ أو زرع .
وقد يحيك الحاسد من المكائد عند ذوي السلطان والمسؤلين بالنميمة والكذب ما يكون سبباً في زوال نعمة المحسود والغضب عليه وظلمه وإهدار ما قدمه أو قام به من جهد بدون وجه حق. وكم من نعم زالت بسبب الحسد.
08-02-2012, 12:28 AM
/mn.gif){kind=icon}
تأملات في معنى سورة الفلق
العرض العادي
