94- الشهيد احمد شهوان
وُلِد الشهيد القساميّ المجاهد أحمد مصطفى محمد شهوان (24 عاماً) في منطقة بطن السمين بخانيونس، في العام 1981م، وهو الأخير بعد أخوته السبعة وشقيقتيه، عاش وسط عائلةٍ معروفٌ عنها حبّ الجهاد والتضحية، فقدّمت قبله شهيدين هما الشهيد القائد محمد الذي استشهد في 17/3/1994م في كمينٍ نصبته له القوات الخاصة هو والشهيد القساميّ طه أبو مسامح، واستشهد بعده الشهيد القائد يوسف الذي استشهد في مهمةٍ جهادية في 11/3/2004م.
ترعرع الشهيد أحمد بين أحضان هذه الأسرة المجاهدة وتربّى على خلق الإسلام وقراءة القرآن وحفظ بعض سوره، وكان منذ صغره شغوفاً بقتال المحتلين، ويحاول إحضار معدّات القتال البسيطة ليشارك المجاهدين عملهم* ومما زاده حبّاً للعمل الجهاديّ استشهاد شقيقيه وابن عمه.
يقول الحاج "أبو نافذ" والد الشهيد الذي أنهكه الكبر: "أفتخر اليوم أنا وزوجتي بأنْ مَنَّ الله علينا بالشفيع الثالث لنا في الجنّة، واصطفى ابني أحمد شهيداً ليلحق بإخوانه محمد ومصطفى". وأشار إلى أنّه كان دائماً يرى في أبنائه روح الجهاد والمقاومة التي لم يكنْ ليردعهم عنها.
واصل الشهيد أحمد شهوان تعليمه، لكنّه لم يُكمِل الثانوية العامة بسبب ظروف الاعتقال من قِبَل السلطة الفلسطينية وتوجّهه إلى العمل الجهاديّ. قال شقيقه الداعية الشيخ نافذ شهوان إنّ أحمد كان طيّب القلب يحبّ الجميع، تربطه علاقاتٌ مميّزة مع جيرانه وأقرانه ومع الأجنحة العسكرية الفلسطينية خاصة كتائب الشهيد أحمد أبو الريش وألوية الناصر صلاح الدين.
وعلى إثر استشهاد شقيقه القساميّ يوسف رغب أحمد في تحصين بيت أخيه وكفالة ابنه "عبد الرحمن"، فتزوّج المرأة الصابرة المؤمنة زوجة أخيه الشهيد.
تقول زوجته الصابرة ميادة محمود شهوان (20 عاماً): "الحمد لله الذي شرّفني باستشهاد زوجي أحمد ومن قبله زوجي يوسف حتى أكون زوجة شهيدين وأنال رضا الله والشفاعة يوم اللقاء بهم إنْ شاء الله"، وتؤكّد أنّها كانت تتوقّع أنّه سيأتي اليوم الذي تودّع فيه أحمد كما ودّعت يوسف، لما رأت فيه من إقدامٍ وإصرارٍ على سير الطريق الذي سلكه أخوه يوسف ومحمد. وأكّدت الزوجة أنّها لم تمانعْ بأنْ يحلّ أحمد مكان يوسف لما رأت فيه من خلقٍ وصفات أخيه وحبّه الشديد لعبد الرحمن، وتمسّكه بذات الدرب الذي مضى من أجله زوجها الأول يوسف.
وأضافت أنّها تحمِل في أحشائها طفلاً في شهره الخامس وتتمنّى من الله أنْ يكون ذكراً حتى تسمّيه "عبد السلام" على اسم الشهيد القساميّ عبد السلام أبو موسى كما كان يرغب الشهيد، ودعت الله أنْ يقدّرها على حمل الأمانة التي في عنقها، وأنْ تُربّي طفليها حسب الوصية.
عاش أحمد في حضن البيت الجهادي المحافظ وفي مسجد فلسطين الذي يعتبر أشهر مساجد خانيونس في تقديم الشهداء من كتائب القسام، حيث تخرّج منه الشهداء القادة عبد الرحمن حمدان* نافذ شبير، جميل وادي، إسلام النبريص، بكر حمدان، معاوية روقة، بالإضافة إلى يوسف ومحمد، وسالم شهوان.
كان يظهر على أحمد حماسةٌ قوية للعمل الجهاديّ، فبدأ المشاركة بالعمل الجماهيري وكتابة الشعارات على الجدران، و دائماً ما يحضر الأسلحة الخفيفة للتدريب عليها، وبقِيَ لحوحاً في طلبه للعمل العسكريّ مع كتائب القسام إلى أنْ جاءت الانتفاضة الثانية، وصار يشارك المجاهدين في عملهم، ويتدرّب مع إخوانه في كتائب الشهيد أحمد أبو الريش، فقد فضّل الإنفاق على تدريبه من جيبه الخاص وصرف المبلغ الذي يمتلكه (1000 دينار).
في مساء يوم الأربعاء 18/5/2005م، خرج الشهيد أحمد كي يضرب العدو بصواريخ القسام وقذائف الهاون رداً على جريمة العدو الصهيوني وقتله للشهيد القساميّ أحمد برهوم في رفح، فأطلق القذيفة الأولى والثانية والثالثة، وفي الرابعة داهمت مجموعةٌ من قوات الأمن الفلسطينيّ أحمد ورفاقه ومنعوهم من مواصلة عملهم الجهاديّ، وما لبِثت المجموعة القسامية لحظات تجادل أفراد السلطة حتى باغتتهم طائرة استطلاع صهيونيّة، وأطلقت صاروخاً مباشراً عليه في الحيّ النمساوي بخانيونس، واستشهد متأثّراً بجراحه الخطيرة جداً، في ساعةٍ متأخّرة من نفس اليوم.
ووجّه الأستاذ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس تحيّاته لوالد ووالدة الشهيد وعائلة شهوان، وذلك خلال اتصالٍ هاتفيّ خاطب فيه الآلاف من الجماهير التي شاركت في حفل التأبين الذي أقامته حركة حماس للشهيد أحمد في خانيونس، ووصفه بالقائد الذي لا يرضى الذلّة، مشيراً إلى جهاد وكفاح العائلة والكرامة التي خصّهم بها الله، حيث وصف الأم بخنساء فلسطين، وزوجته بذات النورين التي استشهد زوجاها الشقيقان.