الزفة زمان.. هودج
كلنا يعرف أن زفة العروسين حلم كل عروسين ليصبحا محور اهتمام الأقارب والأصدقاء إشهارا للزواج وتوديعا لحياة العزوبية* لكن تري كيف كانت الزفة زمان؟!
لم تكن عبارة عن موكب للسيارات يتقدم سيارة العروسين في قلب شوارع العاصمة بل كانت العروس الصغيرة السن تجلس علي مقعد من الخشب المكسو بالقماش.
وإذا كانت العروس في الزفة العصرية تلوح بيديها للأقارب من نافذة السيارة فإن العروس زمان كانت تستتر وراء ستار الهودج في رحلة غير مريحة علي الإطلاق فوق جمل يهتز بها يمينا وشمالا وبجواره والدتها لا غير.
وإذا كان أقارب العروسين في الزفة العصرية يطلقون الأبواق في موكب الزفة ضمن سيارات متتالية فإن زفة زمان كانت موكبا من الجمال يسير الهويني يحمل قريبات العروس وجهازها وذهبها وسط الزغاريد.
وباختصار فإن الزفة كانت للأثرياء دون الفقراء لأن الجمال كانت ثروة قومية في حد ذاتها.. وهذه لمحة من الزفة أيام زمان.
إن أصل الزفة التي تسبق حفل الزواج هو جمل العروس علي الهودج وهو مقعد من الخشب مغطي بكساء يخفي العروس تماما.
والهودج يحمل العروس برفق وببطء دون إسراع علي الجمل وذلك رفقا بمن فيه من النساء.
وكانت زفة الهودج تتكون من عدة جمال يحمل الأول العروس وأقرب قريباتها إليها مثل الأم أو الأخت أو الصديقة وهو عبارة عن عدد من الأخشاب الرقيقة سهلة التشكيل تقوس في أعلاها علي هيئة قبة فوق منبسط من أخشاب أقوي منها كظهر سرير يتميز بالمتانة وهو عبارة عن مقعد متنقل يوضع علي ظهر الجمل تركب داخله المرأة.
ويكسو الهودج كله سواء قمته وجوانبه نسيج من الصوف أو الحرير ويزين بالألوان والزخارف المزركشة ويبطن بحيث يبرز لا أي من مكوناته الخشبية سوي بعض أطرافه كمقابض من الخارج لحمله أو إنزاله من فوق ظهر الجمل.
والهودج في مجمله شبيه بمظلة تقي من بداخلها من كل العوامل الخارجية والطبيعية والبشرية سواء البرد والريح* والبشرية رؤية الناس لمن بداخلها أو انكشاف من بداخله من حركة أو هواء.
ومن المعروف أن الحكمة من صناعة الهودج تحقيق الستر للمرأة أثناء ركوبها البعير كما أن شكله يوحي بالوجاهة لذلك كان في الماضي حكرا علي علية القوم من الصفوة والأعيان ولذا فقد يعجز عن الحصول علي زفة الهودج عامة الناس فهو من مراكب الخواص لا من مراكب الجميع.
وقد كانت صناعة صفوفه وأستاره وجميع أعماله من شئون النساء اللاتي يصنعن الأعمال اليدوية من غزل الشعر ونسج الصوف وغيرهما.
وكانت زفة الهودج عبارة عن سلسلة من الجمال يعلوها عدد من الهوادج يتقدمها هودج العروس وأمها ثم تليها عدة جمال تحمل قريبات العروس ثم جمال أخري تحمل أغراض جهاز العروس وهي عبارة عن صندوق العروس بدلا من الدولاب في الأيام الحديثة