أيـــام زمـــان
( الأستاذ محمد العناتي - أبو أمجد)
.
سقــى الله أيامـــاً خــلـت *** كــان النــاس فـيهـا متآخيـــنا
يأكلون الزيت والزيتون خير نعـمةٍ *** ويشربون الحلــيب والـلبنَ شاكرينا
فلا أثاثـاً فاخراً يشتـــرى ،بل *** فراشُ صوفٍ على الأرض نائــميــنا
ولا هرمــوناً في لـب فاكــهةٍ *** ولكن كان الطعام طازجــاً للآكليــنا
ولا ثلاجــةً للطعامِ موجودةٌ، بـل *** سلـةُ بوصٍ في السـقف واضعيــنا
وكانت المرأة تغسل الثياب بأيديـها *** فــلا غســالةً موجودةٌ ولا مكيـنا
فلا مروحـةً ولا مكيف هواءٍ ، بـل *** هواءٌ منعـشٌ مـن ربِّ العالمــينا
يشـفـي الصـدور مـن كـل داءٍ *** فلا ضغـطاً هنــاك ولا سكرِيـــنا
وكانـت المدفـأة نار حطبٍ ، كـم *** شويـنا فيـها بلوطاً وأقراص العجينا
فَشُـربَةُ ماءٍ من شربةٍ منقوشـةٍ *** تردُّ الروح للـظـمأ الـشـاربـيــنا
وكان الـناس في الحـيِّ أسـرةً *** يتقاسـمونَ الخـبزَ في حـبٍّ آمـنيـنا
وإذا هبَّت الريـح على بعضـهم *** رأيـت الـكل يركـض إليـه مسرعيـنا
وكانت الأعـراس ذات طعـمٍ شهيٍّ *** يتجمـع النـاسُ من كـلّ المياديـنا
وتتهـادى النِّساء في الرقص حُسناً *** كأغصـانِ وردٍ تموجُ في البسـاتينا
ويصـطفُّ الشباب في دبكةٍٍ شماليةٍ *** تتمايلُ أجسامهم كورد الرياحـيــنا
ويسمـعُ صـوت السامِرِ من بعيدٍ *** فتغـردُ لـهُ حورُ السمـاءِ مُغنـيـنا
وكانت الولائم خرافـاً وغنـماً، لا *** حـبَّةَ كيكٍ من بـاقـي الطـحـيـنا
وكان المـرءُ يوفـرُ قوت أهـله *** بفلاحـةِ أرضـهِ وانتـاج الزارعيـنا
وقد لبـس النـاسُ الثيابَ قطنـاً *** موشاةً بالحريـر من دودة الصــينا
فلا لباسـاً يشـفُ عمـا تحتـه *** ولا جنزاً ضيِّقاً يغـري المـراهقيـنا
فلا تظنونني أحـبُّ الرجوع خلفاً *** فهذه ذكرى تبيـن تـراثَ ماضــينا
وتبـدلَ أُسلـوبُ الحياة فجـأةً *** وأصبحـت العـادات والقـيم غائبيـنا
فاليوم النساءُ كاسِياتٍ عارِياتٍ *** يظهرن المفاتن فيجعلن الشبابَ مجانينا
وتفـرَّق الأهل بعـد الوفـاق بُعداً *** وأصبـح النزاع بينهم خبراً يقـينا
وأصـبحَ الغـلاء وحشاً مخيفاً *** وارتفعت الأسعارُ في العشرة خمسيـنا
وانتشـر الفقر في البـلاد قاطبةً *** وأصبحَ الشبابُ عن العمل عاطليـنَا
فعمَّ الثـراءُ فئــةً محـدودةٍ *** وأصـبح النـاس في فقـرٍ مهيــنا
فيا ربِّ أصـلح ولاةََ أمـورنا *** وسدد خطـاهم نحـو الخـير فيــنا
واجعل البلاد سخـاءً رخـاء *** واجعـل الخـيرَ والنـما في أراضيـنا
..
.