زرنوقة
كانت القرية تقوم على رقعة مستوية من الأرض في السهل الساحلي الأوسط، وتصلها طرق فرعية بالطريق العام المؤدي إلى الرملة. في أواخر القرن التاسع عشر، كانت زرنوقةقرية مبنية بالطوب، وفيها حدائق مسيجة بالصبار. كان سكان زرنوقة كلهم من المسلمين. وكانت القرية على شكل شبه المنحرف، مع اعتبار جانبها الغربي القاعدة الكبرى في شبه المنحرف. وقد نشطت حركة البناء بوتيرة متسارعة في أواخر عهد الانتداب، من جراء الازدهار الاقتصادي. وكان في القرية عيادة طبية، ومدرسة ابتدائية للبنين أسست في سنة 1924، ثم تحولت في سنة 1942 إلى مدرسة ابتدائية مكتملة كان يؤمها 252 تلميذاً في أواسط الأربعينات. وكانت تدرب تلامذتها على أصول الزراعة العلمية، بما في ذلك تربية الدواجن والنحل، في أرض مساحتها 6 دونمات، ألحقت بها. ثم أنشئت مدرسة ابتدائية للبنات في سنة 1943، وكان عدد التلميذات فيها 65 تلميذة.
كانت الزراعة عماد اقتصاد القرية، ولا سيما زراعة الفاكهة والحمضيات. وكانت الحمضيات وسواها من الأشجار المثمرة تحيط بزرنوقة من الجهات كلها، وتروى بمياه الآبار. وكانت الأشجار أكثر عدداً في الشمال والشمال الغربي، حيث حفرت الآبار. في 1944- 1945، كان ما مجموعه 2070 دونماً مخصصاً للحمضيات والموز، و 2266 دونماً للحبوب، و 1189 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين. وكان يقام في زرنوقة سوق أسبوعية كل يوم سبت، كانت بضائع التجار القادمين من يافا واللد والرملة تسوق فيهيا.
احتل جنود إسرائيليون من لواء غفعاتي القرية "شبه المهجورة" في 27 أيار - مايو 1948، في سياق عملية براك؛ وذلك استناداً إلى المؤرخ الإسرائيلي بني موريس. وقد سجلت الفظائع التي ارتكبت خلال عملية الاحتلال في رسالة بعث بها إلى صحيفة " عال همشمار"، الناطقة بلسان حزب مبام اليساري؛ وكان أحد المشاركين في العملية قد اطلع كاتب الرسالة على هذه الوقائع: أخبرني الجندي كيف فتح أحد الجنود باب منزل وأطلق النار من رشاش ستن على رجل مسن وعلى امرأة وطفل في رشقة واحدة، وكيف أخذوا العرب من المنازل وأوقفوهم في الشمس طوال النهار، جياعاً عطاشاً، إلى أن سلموا 40 بندقية. وقد زعم العرب أن لا أسلحة عندهم، وفي نهاية المطاف طردوا من القرية في اتجاه يبنة.
في تلك الآونة، نقلت صحيفة" نيويورك تايمز" عن مصادر إسرائيلية قولها إن زرنوقة والقبيبة احتلتا بعد قتال دام أربع ساعات. وكتب موريس يقول إن القرية "لم تزل على علاقة حسن جوار بالييشوف"، وإن منازلها تعرضت - مع ذلك - بعد احتلالها للنهب والتخريب على يد الجنود والمزارعين المقيمين في المستعمرات المجاورة. وقد دمرت القرية تدميراً تاماً في حزيران - يونيو. في آب - أغسطس، تقدم كيبوتس شِلّر المجاور من سلطات الاستيطان اليهودي بطلب إذن يتعلق بأراضي زرنوقة، "ليتم نقلها على أيدينا بصورة دائمة، تكملة لحصتنا من الأرض." ولا يذكر موريس هل منح الكيبوتس هذا الإذن أم لا، لكنه يشير إلى أن مهاجرين جدداً كانوا حلوا، في 27 أيار - مايو 1949، في موقع القرية المدمرة.
في أواخر سنة 1948، أنشئت مستعمرة زرنوقا (130143) في موقع القرية. وقد صارت الآن ضاحية على مشارف رحوفوت (132145)، التي كانت أسست في سنة 1890. وفي وقت لاحق، توسعت مستعمرة غان شلومو (131142)، التي أنشئت أصلاً في سنة 1927، لتحتل جزءاً من أراضي القرية. كذلك توسعت مستعمرة غبتون (131144) التي أنشئت في سنة 1933، ومستعمرة غفعت بينر (131141) التي أنشئت في سنة 1928، فاحتلتا بعض أراضي القرية؛ وهما تختلطان الآن بضواحي رحوفوت.
غلبت منازل المستعمرات الإسرائيلية على الموقع، الذي ينبت فيه شجر التوت ونبات الصبار. أما المنازل القليلة الباقية من القرية، فيشغلها يهود، أو هي مسيجة وتستعمل مستودعات للتخزين. أحد المنازل المسيجة مبني بالأسمنت، وله شرفة واسعة مسقوفة يعتمد سقفها على عمودين. أما الأراضي المحيطة، فيستخدمها الإسرائيليون للزراعة