مدينة الرملة
تقع الرملة في منتصف السهل الفلسطيني ، يعد موقعها عقدة مواصلات رئيسية عبر العصور التي مرت عليها حيث تمر غربها الطريق التي تصل شمال فلسطين بجنوبها وشرق فلسطين بغربها كما كانت تربط بلاد الشام بالبلاد المصرية وبلاد ما بين النهرين .
وقد تدعمت هذه الأهمية بوجود المدينة في منطقة غنية بالانتاج الزراعي والصناعي وكانت الرملة ومنطقتها ظهيرا حيويا لميناء يافا قبل عام سنة 1948 .
تقع مدينة الرملة على ارتفاع 75 مترا فوق سطح البحر على خط عرض 31.56 شمالا وخط طول 34.52 شرقا ضمن اقليم حوض البحر الابيض المتوسط ، وقد كانت تشرف على قضاء تبلغ مساحته 926.7 كم2 ويضم 54 قرية عربية بلغ عدد سكانها مجتمعة سنة 1945 قرابة 127 ألف نسمة .
حرصت معظم القوات التي سيطرت على بلاد الشام وبخاصة فلسطين على اتخاذها نقطة ارتكاز وانطلاق لقواتها ، فمنذ انشائها على يد الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك سنة 715م وهي مركز لجند فلسطين كما اتخذها الفرنجة مركزا لجيوشهم ، وكانت لجيوش الاتراك والألمان خلال الحرب العالمية الأولى .
تحيط بمدينة الرملة من الشرق مجموعة من التلال بمناسيب مختلفة ، تغطي سهل الرملة ترسيبات رملية حمراء تعود للحقبة الرابعة ، ويعد مناخ الرملة معتدلا يتبع مناخ حوض البحر المتوسط .
تاريخ مدينة الرملة
نشأة المدينة وتطورها :-
بنيت المدينة سنة 715 ميلادية على يد الخليفة الاموي سليمان بن عبد الملك حيث كان واليا على جند فلسطين في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك ، فقد كان سليمان يقيم قبل بنائها في مدينة اللد التي كان يغلب عليها الطابع الغير الاسلامي ، فاراد اتخاذها مركزا يتمتع بالطابع الاسلامي ، وتمت له البيعة في الرملة ، ثم بعد ذلك نقل السكان من اللد اليها ، الأمر الذي ادى الى تهدم معظم مساكن اللد بسبب رحيل اهلها الى الرملة كما يعزو البعض بسبب بنائها الى الاشراف على الطريق التجاري الهام الذي يربط الشام بمصر .
اختلف المؤرخون حول موضع المدينة فمنهم من قال بانها بنيت في موقع معمر ومنهم من يقول بانها أقيمت في مكان ليس له أي ماض تاريخي ، وجاءت تسميتها لموقعها في منطقة رملية ، او كما يعتقد البعض بان امرأة كانت تقيم في مكان بنائها فمر بها سليمان فأكرمته فسألها عن اسمها فقالت رملة فدعا مدينة الرملة باسمها ، وهذا ما تؤكده معظم المصادر التاريخية معتمدة على اسمها الذي يدل على عروبتها .
وفي قول آخر انه حيث تسلم الخليفة عمر بن الخطاب مدينة القدس ، عين علقمة بن حكيم على نصف فلسطين ، واتخذ الرملة مقرا له ، وهذا يسبق بناءها على يد سليمان بن عبد الملك بسبعين سنة كما يعتمد البعض في حججه الداعية الى ان الرملة كانت موجودة مجيء الخليفة سليمان على ورعه وقوة عقيدته الاسلامية ، اذ جعلت بعض كتب التفسير والحديث مدينة الرملة في مصاف المدن المقدسة ففي الآية الكريمة { واويناها الى ربوة ذات قرار ومعين } اعتبرت “ربوة ” هي الرملة وفي الحديث الشريف ” اكرموا الرملة ، يعني فلسطين فإنها الربوة التي قال الله فيها ” واويناها الى ربوة ذات قرار معين ” .
الرملة في صدر الاسلام :-
الرملة هي احدى المدن العظيمة التي احدثت في الاسلام فهي رابع مدينة في صدر الاسلام بعد البصرة ، والكوفة ، والفسطاط .
اتخذها سليمان بن عبد الملك مقرا له ولعائلته الى ان توفي في دابق شمال سورية ، عندما كان يقود جيوش المسلمين بعد توليه الخلافة بثلاث سنوات .
جاء تخطيط المدينة مشابها لتخطيط مدن الشام ، اذ اتخذت شكلا رباعيا ، يقسمها شارعان رئيسيان يتقاطعان في الوسط بزاوية قائمة ، واتخذت كل قبيلة حيا خاصا بها ، وتوسط المسجد ودار الامارة المدينة وانتشرت المصانع داخلها وفق نظام الاختصاص ، ويعتقد بأن المدينة بنيت من الطوب والحجارة ، وكانت تسقى من عين تجر مياهها بواسطة قناة تدعى ” بدره ” تصب في صهريج رئيسي يقع في وسط المدينة ، يستقي منه اهالي المدينة ، وبقيت هذه القناة صالحة حتى العصر العباسي ، خطت المدينة خطوات سريعة حتى عُدَّت من كبريات مدن الشام واصبحت مركزا لمقاطعة فلسطينية ، يتبعها بيت المقدس ، وبيت جبرين وغزة ، وميماس ، وعسقلان ، وارسوف ، ويافا ، وقيسارية ونابلس ، واريحا وعمان وبقيت على هذا النحو الى ان احتلها الصليبيون سنة 1099م، ذكرها العديد من الرحالة والجغرافيون والمؤلفون في كتبهم .
تأثرت المدينة بالأحداث التاريخية التي مرت على فلسطين منذ انشائها وحتى العام 1948 فقد كانت تحتل مركزا لبعض الثورات المتعددة التي قامت على الخلافة الاسلامية ، ومن بين هذه الثورات ثورة ” الموقع ” وكذلك في العام 866م حيث امتنع عامل الرملة والي فلسطين والاردن عن عدم مبايعة الخليفة المعتز بالله وغيرها من الاحادث .
وبعد انتهاء عهد الدولة الطولونية سنة 936م وقيام الدولة الاخشبندية تبعت الرملة محمد بن طفح الاخشبندي وبقيت تابعة للدولة الاخشبندية الى ان استولى عليها القرامطة فترة من الوقت ، وبعدها دخلها الفاطميون ،عنوة ودمروا الكثير من مبانيها وذلك سنة 966م .
اثناء حكم الفاطميين خضعت الرملة لآل الجراح فترة من الوقت امتدت من عام 971 هـ ولغاية 1028 م .
تعرضت المدينة لثلاثة حملات صليبية ، وكانت مدينة الرملة أحدى المدن الفلسطينية التي تنازعتها يد الافرنج والمسلمين عدة مرات خلال هذه الحملات ، وكان اول دخول للصليبيين اليها في 3 حزيران سنة 1099م بعد ان تركها خوفا من بطشهم ، واتخذها الافرنج بعد ذلك مركزا لشن هجماتهم على بقية فلسطين وبخاصة بيت المقدس فوقف المسلمون قفة مشرفة في وجه الغزاة تمثلت في المعارك التي خاضوها ضد الغزاة في معركة الرملة سنة 1101م ومعركة يازور سنة 1102م التي تعرف بمعركة الرملة الثانية ، وعلى اثرها عادت الى الفاطميين ، وفي سنة 1105حدثت معركة الرملة الثالثة بين الفاطميين والصليبيين لم يتغلب فيها أحد على الآخر ، ومما يجدر ذكره ان مدينة عسقلان كانت المركز الذي يشن منه الفاطميون حملاتهم ضد الافرنج .
عادت الرملة الى ايدي المسلمين مرة اخرى بعد معركة حطين سنة 1187م وفي سنة 1192 م جرت معركة ارسوف ، حيث دمر صلاح الدين الايوبي الرملة وعسقلان قلعة اللطرون خوفا من سيطرة الصليبين عليها مرة أخرى ولحاجة الطرفين الى الهدنة عقد صلح الرملة في 2/1/1192م الذي نص ان تكون الرملة مناصفة بين الطرفين .
وفي سنة 1197 و سنة 1204 جرى عقد صلحين آخريين بين الملك العادل والافرنج كانت بموجبها الرملة واللد مناصفة بين الطرفين وبعد ست سنوات من الهدنة عادت المدينة لحكم الفرنج الى ان استردها الظاهر بيبرس القائد المملوكي سنة 1261م ، بقيت الرملة خاضعة للمماليك حتى ظهور الدولة العثمانية وانتصارها على المماليك في معركة مرج دابق سنة 1516م ، احتلها نابليون بونابرت سنة 1799 الا انها عادت وتحررت وبقيت تحت ظل الدولة العثمانية حتى الانتداب البريطاني سنة 1948 م مع استثناء لبعض الأحداث ففي سنة 1831 احتل ابراهيم باشا مدينة الرملة بالإضافة الى عدة مدن أخرى من بلاد الشام وبقيت تحت الحكم المصري حتى سنة 1840 وبقيت كذلك حتى سنة 1918 .
سقوط مدينة الرملة في يد اليهود :-
بعد انتهاء الهدنة الأولى في تمام الساعة الثامنة من صباح الجمعة 11 حزيران سنة 1948 لتبدأ المعارك من جديد بين العرب واليهود مع تغيرات جذرية في مواقف الطرفين حيث اتخذ موقف الدفاع في حين اتخذ اليهود موقف الهجوم ( عكس الوضع قبل بداية الهدنة ) وكان هدف اليهود احتلال الرملة واللد واهمها لتوسيع حدودها في سبيل الوصول ال القدس ، وفي 12/7/1948 سقطت الرملة بايدي اليهود الذين طردوا سكانها منها وجردوهم من اموالهم والنساء من حليها ولم يبق في المدينة سوى 400 نسمة فقط .
مجموع قرى القضاء والمقدسات الموجودة في الرملة :-
لقد ذكرت احدى المصادر التاريخية بوجود تسعون قرية عربية توزعت على مساحات أراضي القضاء ، وقد احتوت هذه القرى على مجموعة كبيرة جدا من المقدسات الإسلامية التي ما زال قسم كبير منها قائما والقسم الآخر مهدوم .
كما واحتوت مدينة الرملة أيضا على مجموعة من المقدسات منها :-
المسجد الكبير ، الجامع الأبيض ، مسجد عبد الرحمن بن صديق ، زاوية الشيخ محمد القلجي ، زاوية عمران ، مصلى النبي صالح عليه السلام ، مصلى النبي روبين عليه السلام ، مصلى الفضل بن العباس ، بالإضافة الى مجموعة كبيرة جدا من المزارات والأضرحة .
مسجد ومصلى النبي روبين :-
تقع القرية على بعد 14.5 كم من الرملة مساحتها سنة 194531.002 دونم وسكانها 1420نسمة ، وتقع على الضفة الجنوبية لنهر روبين وتبعد عن البحر 3كم ، يقع بالقرية مصلى روبين الذي سجله الفلسطينيون وكان له موسما سنويا خاص يُحتفل فيه كل سنة يبدأ من الشهر الذي يصادف شهر ايلول كل سنة وينتهي الموسم بانتهائه ، وتقام فيه حلقات لذكر والأفراح ، وكان سكان القرية من قبيلة أبو صويرة المنحدرون من البدو الذين كان يعتاشون في سيناء ، معظم سكان القرية مسلمون ، كان بها مدرسة ابتدائية للبنين أسست سنة 1946 ، احتلت القرية في حزيران سنة 1948 وتم تهجير أهلها وبني على اراضيها كيبوتس بلماخيم ومستعمرة غان سويرك سنة 1450 بني مصلى النبي روبين بالقرب من مصب نهر روبين في البحر المتوسط الى الغرب من الرملة وسط 4 شجرات والنباتات البرية في القرية وله مئذنة و ثلاثة مداخل مقنطرة العقد ولا تزال بضع مصليات صغيرة مبنية بحجارة كبيرة قائمة الى الآن .
وبعد احتلال المدينة استولى اليهود على هذا المسجد والمصلى وهدمت مئذنته على أيادي مجهولين في السنوات الماضية ، التي تطل على قرى القضاء ، وما زالت حجارتها تحيط بالمبنى ، وقد حاولت مؤسسة الأقصى جاهدة على ان تقوم بترميمه واعادة بناء مئذنته إلا أنها منعت وما زالت تطالب بترميمه والحفاظ على ما تبقى منه حتى هذه الأيام .
حدود مسجد ومصلى النبي روبين :-
جنوبا : الجسر ، اراضي قرية بيت بية ، شرقا : اراضي قرية الغبية .
شمالا : ارض صرفند الخراب ، غربا : الطريق المحاذي للبصة لعيون قارة