وفي شهر جمادى الأولى سنة 585هـ تجمعت أعداد كبيرة من صليبي أوروبا في إنجلترا وأبحروا بأسطول مكون من 53 سفينة، حتى وصلوا إلى ميناء لشبونة، فأسرع سانشو لاستقبالهم والاتفاق معهم على الاستيلاء على مدينة شلب في مقابل أن يحصل الصليبيون على ذخائر المدينة، وكانت خطة الهجوم محاصرتها برًا وبحرًا، وفي يوم 4 جمادى الآخرة 585هـ أطبقت الجيوش الصليبية والبرتغالية برًا وبحرًا على المدينة في حصار محكم.
كانت مدينة شلب كما قلنا شديدة التحصين، عالية الأسوار، أهلها شديدو المراس، فقاوموا العدوان البرتغالي الصليبي مقاومة عنيفة وقوية جعلت اليأس يتسرب إلى قلوب الصليبيين، فالمدينة صامدة رغم الهجمات المتواصلة وقذائف المجانيق التي تقذف من البر ومن البحر، وحاول صليبيو أوروبا حفر أنفاق تحت أسوار المدينة ولكنهم فشلوا بسبب اليقظة الإسلامية لأهل المدينة، وبعد حوالي شهر من الهجوم الشديد والدفاع المستميت قرر «سانشو» تغيير إستراتيجية الهجوم وذلك بقطع إمدادات المياه عن المدينة وذلك بالاستيلاء على مصدر المياه الوحيد لها وهو بئر كبير اسمه «القراجه».
مع ذلك ظل المقاومون في صمود كامل رغم انقطاع إمدادات المياه والغذاء عنهم، ولكن مع انتشار الأوبئة داخل المدينة بسبب كثرة القتلى تحت هجمات وقذائف المنجنيق، قرر أهلها التفاوض على الاستسلام والخروج بأقل خسائر، وأرسلوا وفدًا منهم بهذا العرض على «سانشو» الذي وافق على الفور، ولكن صليبيي أوروبا غضبوا من هذا العرض فأعطاهم سانشو مبلغًا كبيرًا من المال مقابل جهودهم.
وفي يوم 19 رجب 585هـ ـ 3 سبتمبر 1189م، فتحت مدينة شلب أبوابها أمام الصليبيين، ولكن الأوروبين لم يحترموا الاتفاق فعاثوا في الأرض فسادًا ونهبًا وسلبًا وتقتيلاً مدفوعين بحقدهم الصليبي المعروف، فغضب الملك البرتغالي «سانشو» من ذلك وأمر جنوده بطرد الصليبيين من المدينة ومن البرتغال، كلها فرحلوا عنها متوجهين إلى الشام وهم يلعنون البرتغاليين وملكهم.
وكان سقوط شلب ضربة قوية للأندلس عمومًا وغربها خصوصًا لأن بسقوطها وهي عاصمة الغرب الأندلسي سقط عدد كبير من القلاع والحصون المجاورة.