. في الذكرى الحادية و العشرين لقيام مجموعة فلسطينية ، هي المنظمة التي عرفت باسم أيلول الأسود ، بعملية احتجاز البعثة الرياضية الصهيونية في دورة الألعاب الأولمبية قي ميونخ الألمانية عام 1972 ، و التي انتهت بقتل الرياضيين و نصف خاطفيهم ، أدلى أهرون ياريف مدير مركز الأبحاث الإستراتيجية في جامعة تل أبيب ، و الذي شغل منصب رئيس الاستخبارات العسكرية الصهيونية في تلك الفترة (فترة ميونخ) بحديث مدوّي لشبكة التلفزيون البريطانية (بي.بي.سي) في أيلول 1993 روى فيه قصة الاغتيالات التي نفّذتها (إسرائيل) و طالت عدداً من القادة الفلسطينيين في عواصم عالمية مختلفة بطلب و موافقة غولدا مئير رئيسة وزراء (إسرائيل) في تلك الفترة ، و التي استمرت لسنوات تالية ..
و رغم أن الجميع كان يدرك مسؤولية
(إسرائيل) عن تلك الاغتيالات ، إلا أن اعترافات ياريف ، أثارت ضجة كبيرة حتى في (إسرائيل) نفسها . قال ياريف : (كان هدفنا توصيل رسالة للفلسطينيين و لغيرهم ، بأن من يقتل (إسرائيلياً) سيظل مطارداً حتى في فراشه) .
و القصة ، كما رواها رئيس الاستخبارات الأسبق ، و نقلتها في حينه وكالات الأنباء و شغلت عناوين الصحف لفترة و كانت مدار تعليقات عديدة صهيونية و فلسطينية و عربية و عالمية ، هي أن غولدا مائير رئيسة الوزراء الصهيونية الشهيرة ، شكّلت فرقة اغتيالات ، بعد عملية ميونخ ، و بدأت الفرقة عملها بإشراف رئيس الموساد وقتذاك
(تسفي زامير) ، و كان على رأس الفرقة (مايك هراري) المرتزق الصهيني المعروف فيما بعد و الذي كان مقرباً من رئيس بنما السابق المعتقل في أمريكا الآن (نورييغا) .
و حسب ذكر ياريف لأسماء الذين تم اغتيالهم بحجة ميونخ ، يتضح بأن العديد منهم لم يكن له علاقة بالعمل العسكري بشكلٍ عام ، و بميونخ على وجه الخصوص ، و ربما لم يحمل بعضهم مسدساً في حياته ، و هو ما كانت تفسره المصادر الفلسطينية ، بأن عجز الموساد و فشله ، في أحيان كثيرة ، و لأسباب مختلفة عن الوصول للعسكريين ، كان يعوّض باغتيال الدبلوماسيين و الكتاب
.
و جاء ياريف بعد سنوات من الصمت ليبرر تلك الموجة الطويلة من الاغتيالات التي استمرت سنوات ، بحادث مقتل الرياضيين في ميونخ ، و هو أمر من الصعب إخضاعه لأي منطق ، إلا أن سياسة الاغتيالات هي استراتيجية ثابتة لدى قادة
(إسرائيل) يمارسونها ، في كل الظروف و كل الأوقات ، و بدون حاجة لأي مبرر .
و من الفلسطينيين الذين تم اغتيالهم حسب رواية ياريف ، و من الذين تجاهل ذكر أسماءهم ، و من الذين اغتيلوا بعد اعترافاته
:
- بعد ميونخ سجلت محاولات اغتيالات عديدة بالطرود الملغومة و من بين الذين تم استهدافهم بتلك الطرود ، ممثل منظمة التحرير في الجزائر : أبو خليل الذي أصيب بجراح ، ممثل المنظمة في طرابلس مصطفى عوض و أصيب بالشلل و العمى ، فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية في المنظمة ، هايل عبد الحميد من قادة فتح (و الذي سيستشهد فيما بعد) تسلّما طردين مفخّخين أثناء وجودهما في القاهرة ، عمر صوفن مدير الصليب الأحمر في استكهولم و فقد أصابع يديه ، عدنان أحمد من قادة اتحاد الطلبة الفلسطينيين أصيب بجراح في بون ، أحمد عبد الله و هو من نشطاء الحركة الطلابية : فقد ذراعه في كوبنهاجن .
- وائل زعيتر (1934 - 1972) ، و هو سياسي و أديب و دبلوماسي ، و ابن مؤرخ فلسطيني معروف هو عادل زعيتر عمل في العمل الإعلامي و الدبلوماسي التابع لمنظمة التحرير ، و خلال عمله ممثلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية في روما ، سجّل له نجاحه في إقامة علاقات واسعة مع النخب السياسية و الأدبية و الثقافية الإيطالية ، و استطاع أن يقدّم القضية الفلسطينية بنجاح ملحوظ للرأي العام الإيطالي ، و أسس مع قوى إيطالية مختلفة لجنة للتضامن مع القضية الفلسطينية ، و ربطته علاقات مع الحزبين الاشتراكي و الشيوعي الإيطاليين ، و ترجم (ألف ليلة و ليلة) للغة الإيطالية ، و كان صديقاً لأديب إيطاليا الكبير ألبرتو مورافيا ، وصله مايك هراري ، في 17/10/1972 بعد فترة وجيزة من عملية ميونخ ، و اغتاله في روما ، و شارك رئيس الموساد نفسه (زامير) باغتياله بإطلاق 12 رصاصة عليه من مسدسات كاتمة للصوت .
- الدكتور محمود الهمشري (1938 - 1972) ممثل منظمة التحرير في فرنسا ، و من المناضلين الأوائل في حركة فتح ، دخل في عام 1968م إلى الأرض المحتلة لتنظيم خلايا للمقاومة ، اغتيل يوم 8/12/1972م ، بواسطة شحنة ناسفة وضعت بجانب تلفون منزله ، و مثل زميله وائل زعيتر ، نجح في إقامة علاقات واسعة مع ممثلي الرأي العام الفرنسي ، و كان هدفاً سهلاً للموساد الصهيوني بحكم عمله السياسي و الدبلوماسي ، و لم يحمِه وجوده الدبلوماسي في فرنسا من قبضة الموساد . و حسب مصادر فلسطينية ، فإن الموساد استخدم حيلة غير معقدة للإيقاع به ، فقبل الاغتيال اتصل به شخص منتحلاً صفة صحافي إيطالي ، طالباً إجراء مقابلة معه ، و تم تحديد مكان اللقاء في مكتب المنظمة في باريس ، و في هذه الأثناء ، التي ضمن فيها الموساد غياب الهمشري عن المنزل ، تسلّل عملاؤه إليه ، و وضعوا عبوة ناسفة في الهاتف ، و عندما رفع الدكتور الهمشري سماعة الهاتف ليجيب عن مكالمة ، ورد على سؤال الطالب على الطرف الآخر ، بأن الدكتور الهمشري يتحدث ، ضغط عملاء الموساد على الزر القاتل ، فتفجّر الهاتف بالدكتور الهمشري ، و تسربت معلومات عن مسؤولية مايكل هراري عن اغتياله .
- باسل الكبيسي (1934 - 1973) ، العراقي أحد نشطاء حركة القوميين العرب و أحد كوادر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فيما بعد و الذي اغتيل ، بسهولة ، في باريس أيضاً (6/4/1973) بإطلاق عدة طلقات عليه ، من قبل إرهابيين ، من مسدس بريتا كاتمٍ للصوت ، و بعد استشهاده نشر رفاقه في الجبهة الشعبية رسالته التي نال عنها درجة الدكتورة في العلوم السياسية ، و هي دراسة هامة عن (حركة القوميين العرب) .
- اغتيال ثلاثة من القادة البارزين ، كمال ناصر : الناطق باسم منظمة التحرير ، كمال عدوان ، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ، محمد يوسف النجار : عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ، و ذلك في العملية التي عرفت باسم ربيع فردان يوم 10/4/1973 .
- زياد وشاحي ، اغتيل في قبرص (9/4/1973) ، و ذلك بتفخيخ سيارته .
- عبد الهادي نفاع و عبد الحميد الشيبي ، اغتيلا في روما (10/6/1973) ، بتفخيخ سيارة .
- حسين علي أبو الخير : اغتيل في نيقوسيا (25/11/1973) ، و كان ممثلاً لمنظمة التحرير في قبرص ، و استطاع عملاء الموساد اغتياله بواسطة شحنة ناسفة وضعت تحت سريره في الفندق الذي ينزل فيه ، و كان يعتبر قناة الاتصال بين المنظمة و المخابرات السوفيتية .
- موسى أبو زياد : اغتيل في نيسان 1973م في أثينا بشحنة ناسفة وضعت في غرفة فندقه .
- محمود بوضياء : و هو مواطن جزائري يعمل في صفوف منظمة التحرير اغتيل في باريس (28/6/1973) بواسطة سيارة مفخخة . و حكاية بوضياء الذي عمل في فترة من حياته مخرجاً مفجعة ، فهو كان في بيروت عام 1973 عندما وقعت عملية (ربيع فردان) التي تقل فيها ثلاثة من كبار قادة منظمة التحرير الفلسطينية التي طلبت منه ، و هو الذي يتقن اللغة الفرنسية ، أن يساعد في التحقيق مع مواطن فرنسي اسمه : إيف دي توريس كان يملك مطعماً في بيروت ، و اتضح للمحققين الفلسطينيين في قضية (ربيع فردان) أنه له علاقة بالموضوع .
و قيل إن الفرنسي كاد يعترف ، و لكن ضغوطاً من الدولة اللبنانية على جهاز الرصد الفلسطيني و اتهامه بأنه يمارس سلطات الدولة اللبنانية ، جعلته يسلم المواطن الفرنسي المتهم للحكومة اللبنانية التي أفرجت عنه بعد
24 ساعة و سمحت له بمغادرة لبنان و بعد شهر أرسل بوضياء رسالة من باريس التي وصل إليها لأصدقائه الفلسطينيين في بيروت قال فيها : "ليس من قبيل الصدفة أن أصطدم بالفرنسي دي توريس الذي حقّقت معه في بيروت في كلّ مكان أذهب إليه في باريس" . و بعد يومين من تسلّم الرسالة اغتيل بوضياء .. !
- محمود ولد صالح ، و هو أحد كوادر منظمة التحرير اغتيل في باريس (2/2/1977) .
- الدكتور عز الدين القلق ، اغتيل في باريس 2/8/1978 ، التي كان ممثلاً لمنظمة التحرير فيها ، و لينضم لكوكبة المثقفين و الدبلوماسيين الذين طاولتهم يد الموساد الطويلة ، و هو ، من جانب آخر أحد ضحايا القصور الفلسطيني في حماية الكوادر .
- إبراهيم عبد العزيز : اغتيل بتاريخ 15/12/1978 في قبرص ، و كانت له مسؤوليات تتعلق بالعمل العسكري في الأراضي المحتلة .
- علي حسن سلامة ، القائد الأمني البارز في منظمة التحرير ، اغتيل في بيروت (22/1/1979) ، و المسؤول عن عدة عمليات استهدفت المصالح الصهيونية و الغربية ، و ارتبط اسمه خطأ بمنظمة أيلول الأسود و بعملية ميونخ أيضاً .
- زهير محسن ، زعيم منظمة الصاعقة ذات الصلة الوثيقة بحزب البعث السوري ، و ممثلها في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ، اغتيل في مدينة كان الفرنسية السياحية (25/7/1979) .
- يوسف مبارك ، و هو أحد المثقفين المناضلين ، اغتيل في باريس (18/2/1980) .
- الدكتور نعيم خضر ، ممثل منظمة التحرير في بروكسل ، و هو مناضل و مثقف معروف ، اغتيل في بروكسل (1/6/1981) .
- محمد طه ، و هو أحد ضباط الأمن في حركة فتح ، اغتيل في روما (16/6/1980) .
- طارق سليم : من كوادر حركة فتح و تم اغتياله في بيروت بتفجير قنبلة (10/11/1981) .
- إلياس عطية : من كوادر حركة فتح اغتيل و زوجته (10/4/1982) .
- نزيه درويش اغتيل خارج مكتب منظمة التحرير في روما (16/6/1982) .
- عزيز مطر ، و هو طالب فلسطيني في جامعة روما ، اغتيل بإطلاق النار عليه أمام منزله في روما (17/6/1982) .
- كمال حسن أبو دلو ، نائب مدير مكتب منظمة التحرير في روما ، اغتيل في روما (17/6/1982) .
- فضل سعيد الضاني ، نائب مدير مكتب منظمة التحرير في باريس التي اغتيل فيها (23/7/1982) .
- مأمون شكري مريش ، أحد مساعدي الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد) و مكلف بالعمليات الخارجية ، تم اغتياله في أثينا (30/8/1983) .
- جميل عبد القادر أبو الرب ، مدير شركة ملاحة تجارية في اليونان ، اغتيل في أثينا (22/13/2/1983) .
- إسماعيل عيسى درويش ، من كوادر حركة فتح العاملين في القطاع الغربي المسؤول عن الأرض المحتلة ، اغتيل في روما (14/12/1984) .
- خالد نزال ، عضو اللجنة المركزية في الجبهة الديمقراطية ، اغتيل في روما (9/6/1986م) ، عندما أطلق النار عليه مسلحان على دراجة نارية على بوابة أحد الفنادق . و اتهمت عميلة أمريكية للموساد تدعى (ألن بكلي) بالتورط في حادث الاغتيال ، و حسب المصادر الفلسطينية فإن بكلي ، أصبحت عضوة في الجبهة الديمقراطية ذات التوجه اليساري و الأممي ، و تعرّفت على خالد نزال ، أحد المسؤولين العسكريين في الجبهة الديمقراطية ، و له علاقة بالعمل العسكري في الأرض المحتلة ، و عرفت ألن بكلي ، بموعد لقاء بين نزال و أعضاء من الجبهة في الأرض المحتلة سافروا للقاء نزال في العاصمة الإيطالية ، و كان من المفترض أن تحضر بكلي ، و لكن حضر بدلاً منها عميلان للموساد انتظرا نزال على باب الفندق ، فأطلقا النار عليه و فرّا على دراجتهم النارية ، ليسقط نزال شهيداً و ضحية للإرهاب الصهيوني ، و قصور الاحتياطات الأمنية الواجب اتخاذها .
- منذر جودة أبو غزالة ، قائد البحرية الفلسطينية و عضو المجلسين الثوري لحركة فتح و العسكري لمنظمة التحرير ، اغتيل في أثينا (21/10/1986) .
يتـــــــــــــبع