قرية المجدل
(قرية القديسة مريم المجدلية) التي تقع في منتصف الساحل الغربي لبحيرة طبريا عند مصب وادي الحمام، وتبعد عن مدينة طبريا نحو 5 كيلومترات إلى الشمال. وكانت متصلة بمدينة طبرية بواسطة الطريق العام الذي كان يلتف حول شاطئ البحيرة.
عرفت المجدل سابقا باسم تيريشيا المشتقة من الكلمة اليونانية تيريشوس التي تعني "السمك المملح"، حيث كان صيادو الأسماك من بين أتباع السيد المسيح يأتون إلى المجدل لتمليح أسماكهم قبل بيعها، وكانت المجدل أشهر مدينة حول بحيرة طبريا إلى أن بنى القيصر الروماني هيرودوس مدينة طبريا قرابة العام 20 قبل الميلاد.
والمجدل كلمة آرامية بمعنى البرج والقلعة والمكان المرتفع المشرف للحراسة، وفي فلسطين أماكن كثيرة تسمى المجدل منها: مجدل عسقلان نسبة إلى آثار مدينة عسقلان وبعض القرى العربية الأخرى التي تحمل الاسم نفسه.
ولعل المجدل هي البلدة القديمة نفسها التي وردت في العهد الجديد والتي تنسب مريم المجدلية إليها ويشار إليها في التلمود باسم "مجدل نونايا" باعتبارها من مراكز صيد السمك وتمليحه.
وكانت في ايام الرومان بلدة يهودية حصينة مزدهرة ومشهورة بالحياكة والصباغة وصيد السمك، وتنسب إليها القديسة مريم المجدلية إحدى تلميذات السيد المسيح التي بقيت مخلصة له.
ويعتقد بعض المؤرخين أن مريم كانت حاضرة في قصر بيلاطس النبطي حيث سمعت الرؤساء الروحيين لليهود يطلبون دم المسيح ويعلنون الحكم عليه بالإعدام وتبعته وهو يجر صليبه بين حشود من المشاهدين المتجادلين الساخطين وشهدت صلبه القاسي المرعب.
وقد لاحظ الرحالة بوركهارت في سنة 1821 أن القرية كانت في حال رثة في أواخر القرن التاسع عشر ووصفت بأنها قرية مبنية بالحجارة في سهل تزرع أجزاء منه وقدر عدد سكانها بثمانين نسمة.
وفي الأزمنة الحديثة كانت المجدل مستطيلة الشكل ومنازلها متجمهرة معاً وان كان القليل منها متباعداً لجهة الشمال في موازاة شاطئ البحيرة وكانت مبنية بالحجارة والاسمنت والطين وكان لبعضها سقوف من الخشب والقصب مغطاة بطبقة من الطين، وكانت اصغر قرى قضاء طبريا من حيث المساحة، وكان لسكانها وجميعهم من المسلمين مقام يدعى مقام (محمد العجمي) ويقع عند المشارف الشمالية للقرية وعلى قمة الجبل القائم غربي القرية وكان ثمة بقايا قلعة "مغدلا" الصليبية (التي عرفت لاحقا بقلعة نعلا).
وعلى بعد نحو كيلومتر إلى الجنوب من القرية قريبا من شاطئ البحيرة كان ثمة حجر اسود مثقوب يذكره الرحالة العرب في أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر وكانت المعتقدات تزعم أن ثقوبه من فعل القرية النمل، ولذلك كانوا يسمونه حجر النملة.
كان اقتصاد القرية يعتمد على الزراعة وكانت تزرع فيها الحبوب والخضر والحمضيات والموز.
احتلتها العصابات الصهيونية ودمرتها وشتت أهلها وضمت أراضيها إلى مستعمرة مجدا التي أقيمت في عام 1910.
ويذكر الأرشيف الصهيوني معلومة وحيدة عن سقوط المجدل في المصادر الإسرائيلية هي أن سكانها نزحوا في 22 نيسان (ابريل) 1948. ويذكر المؤرخ الإسرائيلي بني موريس ان نزوح السكان يعزى جزئيا إلى هجوم عسكري مثلما يعزى إلى ما خلفه سقوط مدينة طبرية المجاورة في 18 نيسان (ابريل) من إضعاف للمعنويات، والمرجح أن قوات "الهاغاناه" المتمركزة في طبرية استولت على القرية بعد أيام من سقوط المدينة في أيديها.
أقامت سلطات الاحتلال عددا من المستعمرات على أراضي القرية، واهمها مستعمرة "ميغدال" التي أنشئت في سنة 1910 على أراض اشتراها المهاجرون اليهود، على بعد 1.5 كلم إلى الشمال الغربي من موقع القرية، وقد وسعت بعد سنة 1948 لإيواء المهاجرين اليهود.
تتبعثر الأنقاض في أنحاء الموقع ومثلها شوك المسيح وبضع شجرات نخيل وزيتون، والمعلم الوحيد الباقي من معالم القرية مقام محمد العجمي المهمل وهو بناء مربع الشكل وقليل الارتفاع تعلوه قبة كانت مبيضة بالكلس. أما الأرض المجاورة فيزرعها الإسرائيليون.
ظل هذا المقام مهملاً ومهجوراً إلى أن قام نشطاء الحركة الإسلامية بتنظيفه وترميمه، ويقع المقام على يسار الطريق المتجهة من صفد والطابغة إلى مدينة طبريا، وعلى حافة شاطئ سباحة مغلق تملكه شركة إسرائيلية، بالإضافة إلى بقايا الحصن الصليبي