أحلم بالعودة الحجة جميلة من البقعة

[أمان]

بسم الله الرحمن الرحيم



الحجة جميلة من البقعة

في أحد أزقة مخيم البقعة في الأردن كانت الحجة السبعينية جميلة تجلس
في غرفتها مستذكرة أيام الصبا في مدينتها الخليل مسقط رأسها
بعد أن جمعت أحفادها لتروي لهم القصص الخرافية التي كانت تسمعها من جدتها في الخليل، حينما كانت طفلة صغيرة.

ذكريات العيد الفلسطينية كانت حاضرة في جلستنا مع الجدة جميلة، التي وافقت على أن تأخذنا في رحلة تراثية من الطراز الفلسطيني الرفيع عبر قاطرة ذكرياتها إلى مدينة الخليل التي ولدت وترعرعت فيها، متحدثة لنا عن قصص عيد الفطر السعيد ومناسبات الفرح والابتهاج التي كانت لها طقوس وعادات وتقاليد لدى الفلسطينيين الذين هجروا من ديارهم.

وتقول الجدة: «في عيد الفطر كان الرجال يذبحون الخراف ويوزعونها على الفقراء والمحتاجين والأقارب وأهالي الأحياء البعيدة، لم نكن نعرف الحلويات التي تُقدّم في الأعياد اليوم، كانت لنا حلوياتنا الخاصة بالعيد، كالزلابيا المصنوعة من العجين المقلي بالسكر

والمطبّق المعجون بالقمح والذرة»

وتضيف الجدة السبعينية:

«في أول أيام العيد كنا نستيقظ باكراً ونلبس الثوب الفلسطيني المطرّز، أما الرجال والأطفال فكانوا يلبسون الديماية الفلسطينية التي تعبر عن عادات وتقاليدنا في أرضنا المحتلة. بعد ذلك كنا نذهب إلى المرعى لنحلب الأبقار والأغنام كي نحصل على الحليب ونصنع أكلة «الأرز بالحليب» فهي أكلتنا المفضلة في العيد».

الظروف القاسية كانت تجبر الفلاحين في فلسطين على حرمان أطفالهم من عيدية متواضعة ليشتروا بها «الملبّس والحلبة»، مكتفين يوم العيد بأكل البيض مع السمن البلدي.

العيد أيام زمان كان له طعم خاص، كما تقول الجدة جميلة، فالتماسك الأسري كان أوثق بكثير من هذه الأيام، وجولات المعايدة والتزاور كانت أحلى وأحلى، فالنساء والأطفال والرجال والشيوخ من أبناء العشيرة الواحدة كانوا يجتمعون في أول أيام العيد ليذهبوا في رحلة المعايدة على العشائر الأخرى في الحي نفسه، وعشائر الحي بأكمله كان يجتمع أفرادها رجالاً ونساءً أيضا كي يذهبوا للمعايدة على بقية الحارات والأحياء.

«تعليلة العيد» كان لها قصة أخرى، حيث الرجال يجتمعون على البيدر ليلة العيد ليتسامروا في ما بينهم، والنساء يتسامرن أيضاً في مكان بعيد عن الرجال، أما الأطفال فقد كانوا يملأون الشوارع القديمة بالتكبير والتهليل، واللعب بالحجارة وأغصان الشجر التي كانوا يصنعون منها الطواقي و«السحاسيل».

الأعراس ومناسبات أخرى






مناسبات الأفراح والبهجة في فلسطين أيام زمان لا تُعدّ ولا تحصى، كما تقول الحاجة جميلة، فمناسبة الزواج كان لها عاداتها وطقوسها، حيث كان يجتمع الرجال «ليزفوا» العريس بالأغاني الشعبية، ويصدح أحباؤه بالعزف على «الشبابة» و«اليرغول»، وتجتمع النساء في منزل العروس كي «يحنّين» شعرها وينقشن على وجهها الورد والياسمين من خلال مستحضرات التجميل البدائية. وفي يوم الزفاف كانت تخرج «الفاردة» لتزفّ العروسين بعد أن يركب العريس على الحصان أما العروس فتحمل بالهودج على الجمل وهي متشحة «بالعباءة» وبيدها «السيف».

بعد ذلك يصدح أهالي الحي بالحداء والتهليل، ويقوم أحد وجهاء الحي بمنع الجمل الذي يحمل العروس من التقدم باتجاه منزل العريس، كي يجبرها وعريسها على تناول وجبة الغداء في منزله، قبل أن يذهبا إلى بيتهما الزوجي الجديد.

أما الشاب الذي يختم القرآن الكريم، فقد كان يحظى بتكريم منقطع النظير من أهالي الحي، الذين يقيمون له حفل المولد و«زفة العريس»، وكأن من يختم القرآن كانوا ينزلونه منزلة العريس في تلك الأيام، فقد كان للقرآن وما زال مكانة خاصة في نفوس «الخلايلة».

حنين الجدة إلى أعياد أيام زمان وأفراح الصِّبا، يجعلها تذرف الدموع الحارة على الدوام، وهي تقول: «لن أنسى فلسطين، وسأعود إليها بإذن الله في يوم ماء، كنا أصحاب ملك في البلاد لكن اليهود أرغمونا على ترك أراضينا المزروعة، ولم ننقل من أمتعتنا شيئاً على أمل العودة بعد أيام».

وتضيف: «نفسي أشوف الشارع اللي فيه قريتنا، يا ريت أشاهد تراب قريتنا وحجار قريتنا وتين الصبر المزروع في حاكورتنا».

وتؤكد الجدة أم نعيم حرصها على نقش اسم الخليل وفلسطين في ذاكرة أبنائها وأحفادها على أمل العودة، قائلة: «لو وضعوا مال الدنيا بين يدي لن أفرط بأرضي».

وتختم الجدة جميلة حديثها بالقول: «أحلم بالعودة إلى الوطن في كل حين، لن أتنازل عن حقي في العودة مهما حدث، وسأبقى على أمل العودة إلى أرضي وبيتي، وإن لم أبقَ على قيد الحياة حتى يأتي هذا اليوم، فسيعيشه أبنائي وأحفادي عاجلاً أو آجلاً».

اليوم وبعد أكثر ستين عاماً ما زال حلم العودة يراقب أجيال النكبة، فهل سيُكرمون بعودة حرة وكريمة أم أن الأيام ستخذلهم؟
وهل سينتهي حق العودة إذا مات الذين خرجوا
أم أنه يتجدد في الأجيال التي تلت جيل الحجة جميلة وأترابها؟

[نسيم الوادي]

[شذى العطور]

مشكورة لا ننحرم منك

[م .نبيل زبن]

«أحلم بالعودة إلى الوطن في كل حين، لن أتنازل عن حقي في العودة مهما حدث، وسأبقى على أمل العودة إلى أرضي وبيتي، وإن لم أبقَ على قيد الحياة حتى يأتي هذا اليوم، فسيعيشه أبنائي وأحفادي عاجلاً أو آجلاً».

[اسماعيل السلاق]

سيبقى دائما وابدا لنا حلما نعمل على ان ينحقق
ولن يضيع حقنا ما دمنا نحلم بهذا الحق صباح مساء

ولكن اذا انقطع الحلم انقطع الامل .


شكرا لك اختي أمان وشكرا لحجتنا وامنا التي ندعوا الله
صباح مساء ان يتحقق حلمها وحلمنا جميعا بالعودة

[ابو سليم]