يا طـالـب المـجــد فـي عجــور مــورده =عـــذب مـعـيــن يـروّي غــلــة فـيـنـــــا=شــــم الأنــــــوف أبــاة دام عـــزهــــــم =هـــم الأوائــل إن نــادى مـنــاديــــــنــــا=تـفـوح يـا بـاقـة الأزهـــار فـي وطـنــي =فــوح الأريـــج ونـفـح الطيــب يغـريـنـا كلمة الإدارة


مبارك .........مبارك لعجور ومنتديات عجور       »     عجور التاريخ و الحضارة - الحلقة الثانية       »     سجل الوفيات لعجور ١٣٢٠هـ -١٣٣٠هـ ١٩٠٢م - ١٩١١م       »     عجور التاريخ و الحضارة       »     ميزانية قرية عجور - 1939       »     عجور - وقوعات الزواج 1915م       »     عهد عشائر عجور بالحفاظ على اراضي عجور المشاع و عدم بيعها لل       »     اول أحصاء(حصر نفوس) موثق لسكان عجور1878م       »     أراضي عجور المشاع - حصري       »     اسماء من عجور مطلوبون للضريبة 1       »     ضريبة الانتداب البريطاني "3"       »     عجور - لجنة 18 ( اللجنة القومية لعجور)       »     أراضي عجور الحكر       »     عجور التاريخ و الحضارة-الحلقة الثالثة       »     علم النفس الاجتماعي       »     ملوك المملكة الاردنية الهاشمية       »     موسوعة صور القدس- زهرة المدائن       »     دليل الجامعات العربية و العالمية       »     روائع الشعر العالمي       »     موسوعة الاصول و القبائل العربية كاملة       »    

آخر 25 مشاركات
ملف عن الحج وما يتعلق به (الكاتـب : نور الهدى - آخر مشاركة : قلم حزين - )           »          كبرت بنتــي / قصة مؤثرة (الكاتـب : أمان - آخر مشاركة : قلم حزين - )           »          مبارك .........مبارك لعجور ومنتديات عجور (الكاتـب : م .نبيل زبن - آخر مشاركة : نور الهدى - )           »          عجور التاريخ و الحضارة - الحلقة الثانية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          سجل الوفيات لعجور ١٣٢٠هـ -١٣٣٠هـ ١٩٠٢م - ١٩١١م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور التاريخ و الحضارة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ميزانية قرية عجور - 1939 (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور - وقوعات الزواج 1915م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عهد عشائر عجور بالحفاظ على اراضي عجور المشاع و عدم بيعها لل (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          اول أحصاء(حصر نفوس) موثق لسكان عجور1878م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          أراضي عجور المشاع - حصري (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          اسماء من عجور مطلوبون للضريبة 1 (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ضريبة الانتداب البريطاني "3" (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور - لجنة 18 ( اللجنة القومية لعجور) (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          أراضي عجور الحكر (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور التاريخ و الحضارة-الحلقة الثالثة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          كيف و متى تحدثين طفلك عن التحرش ؟ (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          قصص اطفال للبنوتات الحلوين (الكاتـب : اميرة عجور - آخر مشاركة : م .نبيل زبن - )           »          علم النفس الاجتماعي (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ملوك المملكة الاردنية الهاشمية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          موسوعة صور القدس- زهرة المدائن (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          دليل الجامعات العربية و العالمية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          روائع الشعر العالمي (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          موسوعة الاصول و القبائل العربية كاملة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ضيف اليوم بصراحة (الكاتـب : Big heart - آخر مشاركة : ajoor - )


العودة   منتديات عجور - بيت كل العرب > المنتدى الاسلامي > قسم القران الكريم والسنة النبوية المطهرة
قسم القران الكريم والسنة النبوية المطهرة كل ما يختص بالقران والسنة النبوية
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث



إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-11-2013, 09:29 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
محمد بنات أبو بلال
عضو متألق
إحصائية العضو






 

محمد بنات أبو بلال غير متواجد حالياً

 


I15 هداية الحيارى...في أجوبة اليهود والنصارى...


هداية الحيارى...في أجوبة اليهود والنصارى..

--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..وبعد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
هداية الحيارى
ابن القيم الجوزية
مقدمة الكتاب
الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام ديناً، ونصب لنا الدلالة على صحته برهاناً مبيناً، وأوضح السبيل إلى معرفته واعتقاده حقاً يقيناً، ووعد من قام بأحكامه وحفظ حدوده أجراً جسيماً، وذخر لمن وافاه به ثواباً جزيلاً وفوزاً عظيماً، وفرض علينا الانقياد له ولأحكامه، والتمسك بدعائمه وأركانه، والاعتصام بعراه وأسبابه.
فهو دينه الذي ارتضاه لنفسه ولأنبيائه ورسله وملائكة قدسه، فبه اهتدى المهتدون وإليه دعا الأنبياء والمرسلون.
أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون ، فلا يقبل من أحد ديناً سواه من الأولين والآخرين ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين .
شهد بأنه دينه قبل شهادة الأنام ، وأشاد به ورفع ذكره وسمى به أهله وما اشتملت عليه الأرحام، فقال تعالى: شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم * إن الدين عند الله الإسلام .
وجعل أهله هم الشهداء على الناس يوم يقوم الأشهاد، لما فضلهم به من الإصابة في القول والعمل والهدى والنية والاعتقاد، غذ كانوا أحق بذلك وأهله في سابق التقدير ، فقال وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج، ملة أبيكم إبراهيم، هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير .
وحكم سبحانه بأنه أحسن الأديان، ولا أحسن من حكمه ولا أصدق منه قبلا فقال: ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا .
الأديان قبل البعثة
.........................
وكيف لا يميز من له أدنى عقل يرجع إليه بين دين قام أساسه وارتفع بناؤه على عبادة الرحمن، والعمل بما يحبه ويرضاه مع الإخلاص في السر والإعلان، ومعاملة خلقه بما أمر به من العدل والإحسان، مع إيثار طاعته على طاعة الشيطان، وبين دين أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار بصاحبه في النار.
أسس على عبادة النيران، وعقد الشركة بين الرحمن والشيطان، وبينه وبين الأوثان.
أو دين أسس بنيانه على عبادة الصلبان والصور المدهونة في السقوف والحيطان، وأن رب العالمين نزل عن كرسي عظمته فالتحم ببطن أنثى وأقام هناك مدة من الزمان، بين دم الطمث في ظلمات الأحشاء تحت ملتقى الأعكان، ثم خرج صبياً رضيعً يشب شيئاً فشيئاً ويبكي وأكل ويشرب ويبول وينام ويتقلب مع الصبيان، ثم أودع في المكتب بين صبيان اليهود يتعلم ما ينبغي للإنسان هذا وقد قطعت منه القلفة حين الختان، ثم جعل اليهود يطردونه ويشردونه من مكان إلى مكان، ثم قبضوا عليه وأحلوه أصناف الذل والهوان، فعقدوا على رأسه من الشوك تاجاً من أقبح التيجان، وأركبوه قصبة ليس لها لجام ولا عنان، ثم ساقوه إلى خشبة الصلب مصفوعاً مبصوقاً على وجهه وهم خلفه وأمامه وعن شمائله وعن الأيمان.
ثم أركبوه ذلك المركب الذي تقشعر من القلوب مع الأبدان، ثم شدت بالحبال يداه ومع الرجلان، ثم خالطهما تلك المسامي التي تكسر العظام وتمزق اللحمان وهو يستغيث: يا قوم ارحموني! فلا يرحمه منه إنسان هذا وهو مدير العالم العلوي والسفلي الذي يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن ثم مات ودفن في التراب تحت صم الجنادل والصوان ، ثم قام من القبر وصعد إلى عرشه وملكه بعد أن كان ما كان فما ظنك بفروع هذا أصلها الذي قام عليه البنيان.
أو دين أسس بنيانه على عبادة الآل المنحوت بالأيدي بعد نحت الأفكار من سائر أجناس الأرض على اختلاف الأنواع والأصناف والألوان، والخضوع له والتذلل والخرور سجوداً الى الأذقان، لا يؤمن من يدين به بالله ولا ملائكته ولا كتبه ولا رسله ولا لقائه يوم يجزى المسي بإساءته والمحسن بالإحسان.
أو دين الأمة الغضبية الذين انسلخوا من رضوان الله كانسلاخ الحية من قشرها، وباؤا بالغضب والخزي والهوان، وفارقوا أحكام التوراة ونبذوها وراء ظهورهم واشتروا بها القليل من الأثمان، فترحل عنهم التوفيق وقارنهم الخذلان واستبدلوا بولاية الله وملائكته ورسله وأوليائه ولاية الشيطان؟ أو دين أسس بنيانه على أن رب العالمين وجود مطلق في الأذهان، لا حقيقة له في العيان، ليس بداخل في العلم ولا خارج عنه، ولا متصل به ولا منفصل عنه، ولا محايث ولا مباين له ، لا يسمع، ولا يرى، ولا يعلم شيئا من الموجودات ولا يفعل ما يشاء، لا حياة له، ولا قدرة، ولا إرادة، ولا اختيار، ولم يخلق السموات والأرض في ستة أيام بل لم تزل السموات والأرض معه وجودها مقارن لوجوده، لم يحدثها بعد عدمها ولا له قدرة على إفنائها بعد وجودها، ما أنزل على بشر كتاباً، ولا أرسل إلى الناس رسولاً، فلا شرع يتبع، ولا رسول يطاع، ولا دار بعد هذه الدار، ولا مبدأ للعالم ولا معاد، ولا بعث ولا نشور، ولا جنة ولا نار، إن هي إلا تسعة أفلاك وعشرة عقول، وأربعة أركان وأفلاك تدور، ونجوم تسير، وأرحام تدفع، وأرض تبلغ وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون ؟.
وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ضد له ولا ند له، ولا صاحبة له ولا ولد له، ولا كفؤ له، تعالى عن إفك المبطلين، وخرص الكاذبين، وتقدس عن شرك المشركين، وأباطيل الملحدين.
كذب العادلون به سواه وضلوا ضلالاً بعيداً.
وخسروا خسراناً مبيناً ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون * عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون .
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفوته من خلقه وخيرته من بريته.
وأمينه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده: ابتعثه بخير ملة وأحسن شرعة.
وأظهر دلالة وأوضح حجة، وأبين برهان إلى جميع العالمين نسهم وجنهم عربهم وعجمهم حاضرهم وباديهم، الذي بشرت به الكتب السالفة، وأخبرت به الرسل الماضية، وجرى ذكره في الأقصار في القرى والأمصار والأمم الخالية، ضربت لنبوته البشائر من عهد آدم أبي البشر، إلى عهد المسيح أبن البشر، كلما قام رسول أخذ عليه الميثاق بالإيمان به والبشارة بنبوته حتى انتهت النبوة إلى كليم الرحمن، موسى بن عمران فأذن بنبوته على رؤوس الإشهاد بين بني إسرائيل معلنا بالأذان جاء الله من طور سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من جبال فاران .
إلى أن ظهر المسيح ابن مريم عبد الله ورسوله وروحه وكلمته التي ألقاها إلى مريم فأذن بنبوته آذاناً لم يؤذنه أحد مثله قبله، فقام في بني إسرائيل مقام الصادق الناصح وكانوا لا يحبون الناصحين فقال: إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد، فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين .
تالله لقد أذن المسيح آذاناً أسمعه البادي والحاضر، فأجابه المؤمن المصدق وقامت حجة الله على الجاحد الكافر.
الله أكبر، الله أكبر عما يقول فه المبطلون ويصفه به الكاذبون، وينسبه إليه المفترون والجاحدون، ثم قال : أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ند له ولا كفؤ له، ولا صاحبة له ولا ولد له، بل هو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، ثم رفع صوته بالشهادة لأخيه وأولى الناس به بأنه عبد الله ورسوله، وانه أركون العالم، وانه روح الحق الذي لا يتكلم من قبل نفسه إنما يقول ما يقال له وانه يخبر الناس بكل ما اعد الله لهم ، ويسوسهم بالحق، ويخبرهم بالغيوب ويجيئهم بالتأويل، ويوبخ العالم على الخطيئة، ويخلصهم من يد الشيطان، وتستمر شريعته وسلطانه إلى آخر الدهر وصرح في آذانه باسمه ونعته وصفته وسيرته حتى كأنهم ينظرون إليه عياناً، ثم قال حي على الصلاة خلف إمام المرسلين وسيد ولد آدم أجمعين، حي على الفرح بإتباع من السادة في إتباعه، والفلاح في الدخول في زمرة أشياعه، فأذن وأقام وتولى وقال: لست ادعكم كالأيتام، وسأعود واصلي وراء هذا الإمام، هذا عهدي إليكم إن حفظتموه دام لكم الملك إلى آخر الأيام.
فصلى الله عليه من ناصح بشر برسالة أخيه عليهما افضل الصلاة والسلام، وصدق به أخوه ونزهه عما قال فيه وفي أمه أعداؤه المغضوب عليهم من الإفك والباطل وزور الكلام، كما نزه ربه وخالقه ومرسله عما قال فيه المثلثة عباد الصليب، ونسبوه إليه من النقص والعيب والذم.
(أما بعد) فإن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه وتبارك اسمه وتعالى جده ولا اله غيره جعل الإسلام عصمة لمن لجا إليه، وجنة لمن استمسك به وعض بالنواجذ عليه، فهو حرمه الذي من دخله كان من الآمنين، وحصنه الذي من لجأ إليه كان من الفائزين، ومن انقطع دونه كان من الهالكين.
وأبى أن يقبل من أحد ديناً سواه، ولو بذل في المسير إليه جهده واستفرغ قواه، فأظهره على الدين كله حتى طبق مشارق الأرض ومغاربها، وسار مسير الشمس في الأقطار.
وبلغ إلى حيث انتهى الليل والنهار، وعلت الدعوة الإسلامية وارتفعت غاية الارتفاع والاعتلاء.
بحيث صار أصلها ثابت وفرعها في السماء فتضاءلت لها جميع الأديان، وجرت تحتها الأمم منقادة بالخضوع والذل والإذعان، ونادى المنادي بشعارها في جو السماء بين الخافقين: اشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله صارخاً بالشهادتين، حتى بطلت دعوة الشيطان، وتلاشت عبادة الأوثان، واضمحلت عبادة النيران، وذل المثلثة عباد الصلبان، وتقطعت الأمة الغضبية في الأرض كتقطع السراب في القيعان، وصارت كلمة الإسلام العليا، وصار له في قلوب الخلائق المثل الأعلى، وقامت براهينه وحججه على سائر الأمم في الآخرة والأولى، وبلغت منزلته في العلى والرفعة الغاية القصوى، وأقام لدولته ومصطفيه أعوانا وأنصارا نشروا ألويته وأعلامه، وحفظوا من التغيير والتبديل حدوده وأحكامه، وبلغوا إلى نظرائهم كما بلغ إليهم من قبلهم، حلاله وحرامه، فعظموا شعائره، وعلموا شرائعه، وجاهدوا أعداءه بالحجة والبيان حتى استغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ، وعلا بنيانه المؤسس على تقوى من الله ورضوان، إذ كان يناء غيره مؤسساً على شفا جرف هار.
فتبارك الذي رفع منزلته، وأعلى كلمته، وفخم شانه، وأشاد بنيانه، وأذل مخالفيه ومعانديه، وكبت من يبغضه ويعاديه، ووسمهم بانهم شر الدواب، واعد لهم إذا قدموا عليه اليم العقاب، وحكم لهم بانهم اضل سبيلا من الانعام، اذ استبدلوا الشرك بالتوحيد، والضلال بالهدى، والكفر بالاسلام، وحكم سبحان لعلماء الكفر وعباده حكماً يشهد ذوو العقول بصحته ويرونه شيئاً حسناً، فقال تعالى قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا * أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا * ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا .
فأين يذهب من تولى عن توحيد ربه وطاعته، ولم يرفع رأساً بأمره ودعوته، وكذب رسوله واعرض عن متابعته، وحاد عن شريعته، ورغب عن ملته واتبع غير سنته، ولم يستمسك بعهده، ومكن الجهل من نفسه، والهوى والعناد من قلبه، والجحود والكفر من صدره ، والعصيان والمخالفة من جوارحه؟ فقد قابل خبر الله بالتكذيب، وأمره بالعصيان، ونهيه بالارتكاب، يغضب الرب وهو راض، ويرضي وهو غضبان، يحب ما يبغض ، ويبغض ما يحب، ويوالي من يعاديه ، ويعادي من يواليه، يدعو إلى خلاف ما يرضى، وينهى عبداً إذا صلى قد اتخذ إلهه هواه، وأضله الله على علم فاصمه وابكمه واعماه، فهو ميت الدارين، فاقد السعادتين، قد رضى بخزي الدنيا وعذاب الآخرة، وباع التجارة الرابحة بالصفقة الخاسرة، فقلبه عن ربه مصدود، وسبيل الوصول الى جنته ورضاه وقربه عنه مسدود، فهو ولي الشيطان وعدو الرحمن، وحليف الكفر والفسوق والعصيان .
قد رضي المسلمون بالله رباً وبالاسلام ديناً وبمحمد رسولاً، ورضي المخذول بالصليب والوثن الهاً، وبالتثليث والكفر ديناً ، وبسبيل الضلال والغضب سبيلاً، اعصى الناس للخالق الذي لا سعادة له الا في طاعته، واطوعهم للمخلوق الذي ذهاب دنياه وأخراه في طاعته ، فاذا سئل في قبره من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ قال: هاه ، هاه لا ادري.
فيقال: لا دريت، ولا تليت، وعلى ذلك حييت ، وعليه مت، وعليه تبعث ان شاء الله، ثم يضرم عليه قبره ناراً، ويضيق عليه كالزج في الرمح الى قيام الساعة .
واذا بعثر ما في القبور، وحصل ما في الصدور، وقام الناس لرب العالمين، ونادى المنادي وامتازوا اليوم أيها المجرمون ثم رفع لكل عابد معبوده الذي كان يعبده ويهواه، وقال الرب تعالى وقد أنصت له الخلائق : اليس عدلاً مني ان اولى كل انسان منكم ما كان في الدنيا يتولاه؟ فهناك يعلم المشرك حقيقة ما كان عليه، ويتبين له سوء منقلبه وما صار اليه، ويعلم الكفار انهم لم يكونوا اولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ، وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون .
ولما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم كان أهل الارض صنفين: اهل الكتاب، وزنادقة لا كتاب لهم.
وكان اهل الكتاب افضل الصنفين، وهم نوعان: مغضوب عليم ، وضالون.
فالامة الغضبية هم اليهود: اهل الكذب والبهت والغدر والمكر والحيل، قتلة الانبياء واكلة السحت – وهو الربا والرشا – اخبث الامم طوية، وأرداهم سجية وابعدهم من الرحمة، واقربهم من النقمة، عادتهم البغضاء، وديدنهم العداوة والشحناء، بيت السحر والكذب والحيل، لا يرون لمن خالفهم في كفرهم وتكذيبهم من الانبياء حرمة، ولا يرقبون في مؤمن الا ولا ذمة، ولا لمن وافقهم عندهم حق ولا شفقة، ولا لمن شاركهم عندهم عدل ولا نصفة، ولا لمن خلطهم طمأنينة ولا أمنة، ولا لمن استعملهم عندهم نصيحة، بل أخبثهم بيهودي على الحقيقة، أضيق الخلق صدوراً، واظلمهم بيوتاً وأنتنهم أفنية، واوحشهم سجية، تحيتهم لعنة ، ولقاؤهم طيرة، شعارهم الغضب، ودثارهم المقت.
والصنف الثاني: المثلثة أمة الضلال وعباد الصليب، الذين سبوا الله الخالق مسبة ما سبه اياها احد من البشر ، ولم يقروا بانه الواحد الاحد الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً احد، ولم يجعلوه اكبر من كل شئ، بل قالوا فيه ما تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا ، فقل ما شئت في طائفة اصل عقيدتها: إن الله ثالث ثلاثة وان مريم صاحبته وان المسيح ابنه، وانه نزل عن كرسي عظمته والتحم ببطن الصاحبة، وجرى له ما جرى الى ان قتل ومات ودفن.
فدينها عبادة الصلبان، ودعاء الصور المنقوشة بالاحمر والاصفر في الحيطان، يقولون في دعائهم: (يا والدة الإله ارزقينا، واغفري لنا وارحمينا).
فدينهم شرب الخمور واكل الخنزير، وترك الختان، والتعبد بالنجاسات، واستباحة كل خبيث من الفيل الى البعوضة، والحلال ما حلله القس، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه، وهو الذي يغفر لهم الذنوب، وينجيهم من عذاب السعير.
فهذا حال من له كتاب، واما من لا كتاب له: فهو بين عابد أوثان ، وعابد نيران، وعابد شيطان، وصابئ حيران ، يجمعهم الشرك، وتكذيب الرسل، وتعطيل الشرائع، وانكار المعاد وحشر الاجساد، لا يدينون للخالق بدين، ولا يعبدونه مع العابدين، ولا يوحدونه مع الموحدين.
فأمة المجوس منهم تستفرش الامهات والبنات والاخوات، دع العمات والخالات، دينهم الزمر، وطعامهم الميتة، وشرابهم الخمر، ومعبودهم النار، ووليهم الشيطان، فهم أخبث بني آدم نحلة، وأرداهم مذهباً، وأسوأهم اعتقاداً.
وأمة زنادقة الصابئة وملاحدة الفلاسفة لا يؤمنون بالله ولا ملائكته ولا كتبه ولا رسله ول لقائه، ولا يؤمنون بمبدأ ولا معاد، وليس للعالم عندهم رب فعال بالاختيار لما يريد قادر على كل شيء عالم بكل شئ، آمر، ناه، مرسل الرسل، ومنزل الكتب، ومثيب المحسن ، ومعاقب المسيء، وليس عند نظارهم إلا تسعة أفلاك وعشرة عقول وأربعة أركان، وسلسلة ترتبت فيها الموجودات هي بسلسلة المجانين أشبه منها بمجوزات العقول.
(وبالجملة) فدين الحنفية – الذي لا دين لله غيره بين هذه الاديان الباطلة – التي لا دين في الارض غيرها – أخفى من السها تحت السحاب، وقد نظر الله إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم الا بقايا من اهل الكتاب فاطلع الله شمس الرسالة في حنادس تلك الظلم سراجاً منيراً، وانعم بها على اهل الارض نعمة لا يستطيعون لها شكورا، واشرقت الارض بنورها اكمل الاشراق، وفاض ذلك النور حتى دعم النواحي والافاق، واتسق قمر الهدى اتم الاتساق، وقام دين الله الحنيف على ساق.
فلله الحمد الذي انقذنا بمحمد صلى الله عليه وسلم من تلك الظلمات، وفتح لنا به باب الهدى فلا يغلق الى يوم الميقات، وارانا في نوره اهل الضلال وهم في ضلالهم يتخبطون، وفي سكرتهم يعمهون، وفي جهالتهم يتقلبون، وفي ريبهم يترددون، يؤمنون ولكن بالجبت والطاغوت يؤمنون، ويعدلون ولكن بربهم يعدلون، ويعملون ولكن ظاهراً من الحياة الدنيا، وهم عن الآخرة غافلون، ويسجدون ولكن للصليب والوثن والشمس يسجدون ويمكرون وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون * فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون الحمد لله الذي أغنانا بشريعته التي تدعو إلى الحكمة والموعظة الحسنة، وتتضمن الأمر بالعدل والاحسان، والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي ، فله المنة والفضل على ما انعم به علينا وارهنا به على سائلا الامم واليه الرغبة ان يورعنا شكر هذه النعمة ، وان يفتح لنا ابواب التوبة والمغفرة والرحمة، فاحب الوسائل الى المحسن التوسل اليه باحسانه والاعتراف له بان الامر كله محض فضله وامتنانه، فله علينا النعمة السابغة كما له علينا الحجة البالغة.
نبوء له بنعمه علينا، ونبوء بذنوبنا وخطايانا وجهلنا وظلمنا وإسرافنا في امرنا، فهذه بضاعتنا التي لدينا، لم تبق لنا نعمه وحقوقها وذنوبنا حسنة نرجو بها الفوز بالثواب والتخلص من اليم العقاب، بل بعض ذل يستنفد جميع حسناتنا، ويستوعب كل طاعتنا هذا لو خلصت من الشوائب، وكانت خالصة لوجهه واقعة على وفق امره، وما هو والله الا التعلق بأذيال عفوه وحسن الظن به، واللجأ منه إليه والاستعاذة به منه والاستكانة والتذلل بين يديه، ومد يد الفاقة والمسكنة اليه، بالسؤال والافتقار اليه في جميع الاحوال ، فمن اصابته نفحة من نفحات رحمته أو وقعت عليه نظرة من نظرات رأفته انتعش من بين الأموات وأناخت بفنائه وفود الخيرات، وترحلت عنه جيوش الهموم والغموم والحسرات….
واذا نظرت إلي نظرة راحم في الدهر يوما انني لسعيد
ومن بعض حقوق الله على عبده رد الطاعنين على كتابه ورسوله ودينه ومجاهدتهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان.
معرفة اليهود لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم حق المعرفة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
وأما اليهود فقد كان علماؤهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، قال ابن اسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن شيخ من بني قريظة، قال : هل تدري عما كان اسلام اسد وثعلبة ابني شعبة واسد بن عبيد ، لم يكونوا من بني قريظة ولا النضير كانوا فوق ذلك ؟ فقلت : لا ، قال فانه قدم علينا رجل من الشام من اليهود يقال له ابن الهيبان فاقام عندنا، والله ما رأينا رجلا يصلي خيرا منه، فقدم علينا قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، فكنا اذا قحطنا وقل علينا المطر نقول يا ابن الهيبان اخرج فاستسق لنا ، فيقول : لا والله حتى تقدموا أمام مخرجكم صدقة، فنقول : كم؟ فيقول صاع من تمر، أو مدين من شعير، فنخرجه ، ثم يخرج الى ظاهر حرتنا ونحن معه نستسقي، فوالله ما يقوم من مجلسه حتى تمطر ويمر بالشعاب، قد فعل ذلك مرة ولا مرتين ولا ثلاة، فحضرته الوفاة واجتمعنا اليه، فقال : يا معشر يهود! اترون ما اخرجني من ارض الخمر والخمير الى ارض البؤس والجوع؟ قالوا انت اعلم، قال : فاني انما خرجت اتوقع نبي قد اظل زمانه، هذه البلاد مهاجرة ، فاتبعوه ولا يسبقن اليه غيركم اذا خرج، يا معشر اليهود فانه يبعث بسفك الدماء وسبي الذراري والنساء ممن يخالفه فلا منعكم ذلك منه ، ثم مات ، فلما كانت الليلة التي فتحت فيها قريظة، قال أولئك الثلاثة الفتية وكانوا شبانا أحداثا: يا معشر اليهود والله انه للذي ذكر لكم ابن الهيبان، فقالوا ما هو به ، قالوا : بلى والله انه لصفته، ثم نزلوا واسلموا وخلوا اموالهم واهليهم قال ابن اسحق: وكانت اموالهم في الحصن مع المشركين فما فتح ردت عليهم.
وقال ابن اسحاق: حدثني صالح بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن محمود بن لبيد، قال كان بين أبياتنا يودي فخرج على نادي قومه بني عبد الاشهل ذات غداة فذكر البعث والقيامة والجنة والنار والحصاب والميزان، قال ذلك لاصحاب وثن لا يرون أن بعثا كائن بعد الموت وذلك قبيل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: ويحك يا فلان ! وهذا كائن ، ان الناس يبعثون بعد موتهم الى دار فيها جنة ونار يجزون باعمالهم ؟! قال : نعم ، والذي يحلف به ، لوددت ان حظي من تلك النار ان توقدوا اعظم تنور في داركم فتحمونه ثم تقذفوني فيه ثم تطبقون علي واني انجو من النار غدا، فقيل : يا فلان ما علامة ذلك؟ قال: نبي يبعث من ناحية هذه البلاد واشار بيده نحو مكة واليمن، قالوا : فمتى نراه؟ فرمى بطرفته فرآني وانا مضطجع بفناء باب اهلي وانا احدث القوم ، فقال ان يستنفذ هذا الغلام عمره يدركه، فما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم وانه لحي بين اطهرنا، فآمنا به وصدقناه وكفر به بغيا وحسدا، فقلنا يا فلان الست الذي قلت ما قلت واخبرتنا به ؟! قال ليس به.
قال ابن اسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال: حدثني اشياخ منا قالوا: لم يكن احد من العرب اعلم بشان رسول الله صلى الله عليه وسلم منا، كان معنا يهود وكانوا اهل كتاب وكنا اصحاب وثن ، وكنا بلنا منهم ما يكرهون قالوا ان نبياً مبعوثاً الان قد اظل زمانه نتبعه فنقتلكم قتل عاد وارم، فلما بعث الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم اتبعناه وكفروا به ففينا وفيهم انزل الله عز وجل وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين .
وذكر الحاكم وغيره عن ابن ابي نجيح عن على الازدي، قال كانت اليهود تقول: اللهم ابعث لنا هذا النبي يحكم بيننا وبين الناس.
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما : كانت يهود خيبر تقاتل غطفان، فلما التقوا هزمت يهود خيبر فعاذت اليهود بهذا الدعاء ، فقالت: اللهم انا نسألك بحق محمد النبي الامي الذي وعدتنا ان تخرجه لنا في ىخر الزمان الا نصرتنا عليهم ، قال فكانوا اذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كفروا به فانزل الله عز وجل وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا يعني بك يا محمد فلعنة الله على الكافرين .
يستفتحون أي يستنصرون.
وذكر الحاكم وغيره ان بني النضير لما اجلوا من المدينة اقبل عمرو بن سعد فاطاف بمنازلهم فراى خرابها ففكر ثم رجع الى بني قريظة فوجدهم في الكنيسة فنفخ في بوقهم فاجتمعوا، فقال الزبير بن باطا: يا ابا سعد اين كنت منذ اليوم فلم نرك – وكان لا يفارق الكنيسة وكان يتاله في اليهودية قال: رايت اليوم عبراً اعتبرنا بها، رايت اخواننا قد جلوا بعد ذلك العز والجلد والشرف الفاضل والعقل البارع، قد تركوا اموالهم وملكها غيرهم وخرجوا خروج ذل، ولا والتوراة ما سلط هذا على قوم قط له بهم حاجة، وقد اوقع قبل ذلك بابن الاشرف في عزة بنيانه في بيته امنا، وأوقع بابن سنينة سيدهم ، واوقع ببني قينقاع فاجلاهم وهم جل اليهود وكانوا اهل عدة وسلاح نجدة – حصرهم النبي عليه السلام ، فلم يخرج انسان منهم راسه حتى سباهم ، فكلم فيهم فتركهم على ان اجلاهم من يثرب.
يا قوم قد رايتم ما رايتم فاطيعوني وتعالوا نتبعع محمداً ، فوالله انكم لتعلمون انه نبي وقد بشرنا به وبامره ابن الهيبان وابو عمرو بن حواس، وهما من اعلام اليهود جاءوا من بيت المقدس يتوفان قدومه وامرانا باتباعه وامرانا ان نقرئه منهما السلام ثم ماتا على دينهما ودفناهما بحرتنا ، فاسكت القوم فلم يتكلم منهم متكلم ، فاعاد هذا الكلام ونحوه وخوفهم بالحرب السباء والجلاء، فقال الزبير بن باطا: قد والتوراة قرات صفته في كتاب التوراة التي انزلت على موسى ليس في المثاني التي احدثنا ، فقال له كعب بن اسد : ما يمنعك يا ابا عبد الرحمن من اتتباعه؟ قال: انت ، قال : ولم فوالتوراة ما حلت بينك وبينه قط؟ قال الزبير: بل انت صاحب عهدنا وعقدنا فان اتبعته اتبعناه وان ابيت ابينا فاقبل عمرو بن سعد على كعب فذكر ما تقاولا في ذلك الى ان قال كعب : ما عني في ذلك الا ما قلت ، ما تطيب نفسي ان اصير تابعاً.
وهذا المانع هو الذي منع فرعون من اتباع موسى، فانه لما تبين له الهدى عزم على اتباع موسى عليه السلام ، فقال له وزيره هامان : بنا انت اله تعبد تصبح تعبد ربا غيرك قال : صدقت.
وذكر ابن اسحاق عن عبد الله بن ابي بكر ، قال : حدثت عن صفية بن حيي انها قالت : كنت احب ولد ابي اليه والى عمي ابي ياسر فما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة غدوا عليه ثم جاءا من العشى ، فسمعت عمي يقول لابي اهو هو قال : نعم والله ، قال اتعرفه وتثبته ، قال نعم، قال : فما في نفسك منه ، قال عدواته والله ما بقيت.
فهذه الامة الغضيبة معروفة بعداوة الانبياء قديماً واسلافهم وخيارهم ، قد أخبرنا الله سبحانه عن اذاهم لموسى ونهانا عن التشبه بهم في ذلك قال : يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها .
واما خلفهم فهم قتلة الانبياء : قتلوا زكريا وابنه يحيى وخلقاً كثيراً من الانبياء ، حتى قتلوا في يوم سبعين نبياً واقاموا لاسوق في اخر النهار كانهم لم يصنعوا شيئاً.
واجتمعوا على قتل المسيح وصلبه فصانه الله من ذلك واكرمه ان يهينه على ايديهم ، والقى شبهه على غيره فقتلوه وصلبوه.
وراموا قبل خاتم النبيين مراراً عديدة والله يعصمه منهم.
ومن هذا شانهم لا يكبر عليهم اختيار الكفر على الايمان لسبب من الاسباب التي ذكرنا بعضها او سببين او اكثر.
لا غرابة في جحد النصارى رسالة محمد وقد سبوا الله...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد ذكرنا اتفاق امة الضلال وعبادة الصليب على مسبة رب العالمين اقبح مسبة ، على ما يعلم بطلانه بصريح العقل ، فان خفي عليهم ان هذا مسبة لله مع ان العق يحكم ببطلانه وبفساده من اول وهلة ، لم يكثر على تلك العقول السخيفة ان تسب بشراً ارسله الله ، وتجحد نبوته ، وتكابر ما دل عليه صريح العقل من صدقه وصحة رسالته ، فلو قالوا فيه ما قالوا لم يبلغ بعض قولهم في رب الارض والسموات الذي صاروا به ضحة بين جميع اصناف بني ادم.
فانه اطبقت على ان الاله الحق – سبحانه عما يقولون – صلب وصفح وسمر ووضع الشوك على راسه ودفن في التراب ، ثم قام في اليوم الثالث وصعد وجلس على عرشه يدبر امر السموات والارض ، لا يكثر عليها ان تطبق على جحد نبوة من جاء بسبها ولعنها ومحاربتها وابداء معايبها والنداء على كفرها بالله ورسوله ، والشهادة على براءة المسيح منها ومعاداته لها ثم قاتلها واذلها واخرجها من ديارهم وضرب عليها الجزية ، واخبر انها من اهل الجحيم خالدة مخلدة لا يغفر الله لها وانها شر من الحمير ، بل هي شر الدواب عند الله.
وكيف ينكر لامة اطبقت على صلب معبودها والهها ثم عمدت الى الصليب فعبدته وعظمته ، وكان ينبغي لها ان تحرق كل صليب تقدر لى احراقه ، وان تهينه غاية الاهانة اذ صلب عليه الهها الذي يقولون تارة : انه الله ، وتارة يقولون انه ابنه ، وتارة يقولون ثالث ثلاثة؟ فجحدت حق خالقها وكفرتت به اعظم كفر وسبته اقبح مسبة ، ات تجحد حق عبده ورسوله وتكفر به.
وكيف يكثر على امة قالت في رب الارض والسموات انه ينزل من السماء ليكلم الخلق بذاته لئلا يكون لهم حجة عليه ، فااراد ان يقطع حجتهم بتكليمه لهم بذاته لترتفع المعاذير عمن ضيع عهده بعد ما كلمه بذاته؟ فهبط بذاته من السماء ، والتحم في بطن مريم ، فاخذ منها حجاباً ، وهو مخلوق من طريق الجسم ، وخالق من طريق النفس ، وهو الذي خلق جسمه وخلق امه ، وامه كانت قبله بالناسوت ، وهو كان من قبلها باللاهوت ، وهو الاله التام ، والانسان التال ، ومن تمام رحمته تبارك وتعالى على عباده انه رضي باراقة دمه عنهم على خشبة الصليب ، فمكن اعداءه اليهود من نفسه ليتم سخطه عليهم، فاخذوه وصلبونه وصفعوه وبصقوا في وجهه ، وتوجوه بتاج من الشوك على راسه وغار دمه في اصبعه لانه لو وقع منه شيء الى الارض ليب كلما كان على وجهها ، فثبت في موضع صلبه النوار.
ولما لم يكن في الحكمة الازلية ان ينتقم الله من عبده العاصي الذي ظلمه او استهان بقدره لاعتلاء منزلة الرب وسقوط منزلة العبد اراد سبحانه ان ينتصف من الانسان الذي هو اله مثله ، فانتصف من خطيئة ادم بصلب عيسى المسيح الذي هو اله مساو له في الالهية ، فصلب ابن الله الذي هو الله في الساعة من يوم الجمعة.
هذه الفاظهم في كتبهم .
فامة اطبقت على هذا في معبودها؟! كيف يكثر عليها ان تقول في عبده ورسوله انه ساحر وكاذب وملك مسلط ونحو هذا؟ ولهذا قال بعض ملوك الهند : اما النصارى فان كان اعداؤهم من اهل الملل يجاهدونهم بالشرع فانا ارى جهادهم بالعقل ، وان كنا لا نرى قتال احد لكنى استثني هؤلاءالقوم من جميع لعالم ؟ لانهم قصدوا مضادة العقل وناصبون العداوة وشذوا عن جميع مصالح العالم الشرعية والعقلية الواضحة ، واعتقدوا كل مستحيل ممكناً ، وبنوا من ذلك شرعاً لا يؤدي الى صلاح نوع من انواع العالم ، ولكنه يصير العاقل اذا شرع به اخرق ، والرشيد سفيهاً ، والحسن قبيحاً ، والقبيح حسناً لان من كان في اصل عقيدته التي جرى نشؤه عليها الاساءة الى الخلاق والنيل منه ، وسبه اقبح مسبة ، ووصفه بما يغير صفاته الحسنى ، فاخلق به ان يستسهل الاساءة الى مخلوق ، وان يصفه بما يغير صفاته الجميلة ، فلو لم تجب مجاهدة هؤلاء القوم الا لعموم اضرارهم التي لا تحصى وجوهها كما يجب قبل الحيوان المؤذي بطبعه لكانوا اهلا لذلك أ. هـ.
والمقصود ان الذي اختاروا هذه المقالة في رب العالمين على تعظيمه تنزيهه واجلاله ووصفه بما يليق به ، هم الذين اختاروا عبادة صور خطوها بايديهم في الحيطان مزوقة بالاحمر والاصفر والازرق ، لو دنت منها الكلاب لبالت عليها ، واعطوها غاية الخضوع والذل والخشوع والبكاء وسالوها المغفرة والرحمة والرزق والنصر ، هم الذين اختاروا التكذيب بخاتم الرسل على الايمان به وتصديقه واتباعه ، الذين نزهوا بطارقتهم وبتاركتهم عن الصاحبة والولد ونحلوهما للفرد الصمد… هم الذي انكروا نبوة عبده وخاتم رسله.
صلاة النصارى إستهزاء بالمعبود...
.............................................
والذين اختاروا صلاة يقوم اعبدهم وازهدهم اليها ، والبول على ساقه وافخاذه فيستقبل الشرق ثم يصلب على وجهه ويعبد الاله المصلوب ، ويستفتح الصلاة بقوله : يا ابانا انت الذي في السموات تقدس اسمك وليات ملكك ولتكن ارادتك في السماء مثلها في الارض اعطنا خبزنا الملايم لنا.
ثم يحدث من هو الى جانبه ، وربما سال عن سعر الخمر والخنزير وعما كسب في القمار وعما طبخ في بيته ، وربما احدث وهو في صلاته ، ولو اراد لبال في موضعه ان امكنه ، ثم يدعو تلك الصورة الي هي صنعة يد الانسان.
فالذين اختاروا هذه الصلاة على صلاة من اذا قام الى صلاته طهر اطرافه وثيابه وبدنه من النجاسة ، واستقبل بيته الحرام ، وكبر الله وحمده وسبحه ، واثنى عليه بما هو اهله ، ثم ناجاه بكلامه المتضمن لافضل الثناء عليه وتحميده وتمجيده وتوحيده ، وافراده بالعبادة والاستعانة وسؤاله اجل مسئول وهو الهداية الى طريق رضاه التي خص بها من انعم الله عليه دون طريق الامتين : المغضوب عليهم وهم اليهود ، والضالين وهم النصارى ، ثم اعطى كل جارحة من الجوارح حظها من الخشوع والخضوع والعبودية مع غاية الثناء والتمجيد لله رب العالمين ، لا يلتفت عن معبوده بوجهه ولا قلبه ، ولا يكلم احداً كلمة ، بل قد فرغ قلبه لمعبوده واقبل عليه بقلبه ووجهه ، ولا يحدث في صلاته ، ولا يجعل بين عينيه صورة مصنوعة يدعوها ويتضرع اليها.
فالذين اختاروا تلك الصلاة التي هي في الحقيقة استهزاء بالمعبود لا يرضاها المخلوق لنفسه فضلا ان يرضى بها الخالق على هذه الصلاة التي لو عرضت على من له ادنى مسكة من عقل لظهر له التفاوت بينهما.
هم الذين اختاروا تكذيب رسوله وعبده على الايمان به وتصديقه.
فالعاقل اذا وازن بين ما اختاروا ورغبوا فيه وبين ما رغبوا عنه تبين له ان القوم اختاروا الضلالة على الهدى والغي على الرشاد ، والقبيح على الحسن ، والباطل على الحق ، وانهم اختاروا من العقائد ابطلها ، ومن الاعمال اقبحها.
واطبق على ذلك اساقفهم وبتاركهم ورهبانهم فضلا عن عوامهم وسقطهم.
ولم يقل احد من المسلمين ان ما ذكرتم من صغير وكبير وذكر وانثى وحر وعبد وراهب وقسيس كلهم تبين له الهدى ، بل اكثرهم جهال بمنزلة الدواب السائمة ، معرضون عن طلب الهدى فضلاً عن تبينه لهم ، وهم مقلدون لرؤسائهم وكبرائهم وعلمائهم – وهم اقل القليل وهم الذين اختاروا الكفر على الايمان بعد تبين الهدى.
واي اشكال يقع للعقل في ذلك ؟ فلم يزل في الناس من يختار الباطل ، فمنهم من يختاره جهلا وتقليداً لمن يحسن الظن به ، ومنهم من يختاره مع علمه ببطلانه كبراً وعلواً ، ومنهم من يختاره طمعاً ورغبة في ماكل او جاه او رياسة، ومنهم من يختاره حسداً وبغياً ومنهم من يختاره محبة في صورة وعشقاً ، ومنهم من يختاره خشية ، ومنهم من يختاره راحة ودعة ، فلم تنحصر اسباب اختيار الكفر في حب الرياسة والمأكلة.







رد مع اقتباس
قديم 02-11-2013, 09:48 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
شذى العطور
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية شذى العطور
إحصائية العضو






 

شذى العطور غير متواجد حالياً

 


افتراضي




جزاك الله خير على الطرح القيم والمهم..
سلمت يمنآك .
لاعدمنآ هذا الأنتقآء المميز..

بإنتظارجديدك بكل شوق
ودي ووردي








رد مع اقتباس
إضافة رد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:34 PM بتوقيت عمان

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
[ Crystal ® MmS & SmS - 3.6 By L I V R Z ]
mess by mess ©2009